المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نماذج من الذين أحياهم الله


نائل أبو محمد
08-05-2009, 08:44 AM
الحمد لله الذي له ملك السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البشير النذير الداعي إلى الله بأذنه على بصيرة السراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم النشور والمصير وسلم تسليما..

أما بعد

أيها الناس إتقو الله تعالى وتفكروا في آياته الدالة على كمال قدرته لتزدادوا بذلك إيمانا بالله وتعظيما له وعبادة فلقد خلق الله السموات والأرض وما بينهما بما في ذلك الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والبحار والأنهار خلق ذلك كله في ستة أيام على أكمل وجه وأتم نظام ولو شاء لخلقها كلها في لحظة واحدة كما قال جل ذكره )إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشئ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (النحل:40) وقال تعالى )وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) (القمر:50) ولكنه تعالى خلقها في ستة أيام لحكمة إقتضت ذلك وربك يخلق ما يشاء ويختار ولقد خلق الله الإنسان من سلالة من طين خلق منها آدم ثم جعل نفسه من سلالة من ماء مهين ) مَاءٍ دَافِقٍ)(الطارق: من الآية6) )يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ) (الطارق:7) ثم يستقر في قرار مكين لا يعتليه شمس ولا هواء ولا حر ولا برد يطوّره الله تعالى في ظلمات ثلاث ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة الغشاء أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك فإذا تمت هذه الأيام وهي أربعة أشهر أرسل الله تعالى إليه الملك الموكّل بالأجنة فنفخ فيه الروح فأصبح إنسانا بعد أن كان جمادا فتبارك الله أحسن الخالقين ولقد أرى الله تعالى عباده من آيات قدرته ما يكون آية للموقنين وعبرة للمعتبرين لقد الله عيسى بن مريم من أم بلا أب وأقدره على النطق في المهد فتكلم بكلام من أفصح كلام البشر وأبينه قال وهو في المهد ) إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً)(مريم: من الآية30) )وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً) (مريم:31) )وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً) (مريم:32) )وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً) (مريم:33) فما أبلغ هذا الكلام وأفصحه وما أهمه موضوعا وأعظمه من صبي في المهد ولقد أخبر الله تعالى عنه أي عن عيسى بن مريم أنه يخلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله فينفخ فيه فيكون طيراً يطير بإذن الله وعلى هذا جاءت الآية فيها قراءتان فيكون طيراً بإذن الله فيكون طائراً بإذن الله ويستفاد من هاتين القراءتين أنه يكون طيرا يطير بالفعل ولكن بإذن الله وأخبر أن عيسى يبرئ الأكمه وهو الذي يولد مطوس العين والأبرص بإذن الله تعالى وأخبر أنه يوحي الموتى ويخرجهم من قبورهم بإذن الله تعالى كل شئ بإذن الله الحياة بإذن الله والموت بإذن الله والمرض بإذن الله والبرء بإذن الله وكل شئ فبأمر الله) أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(لأعراف: من الآية54) ولقد قصّ علينا الله علينا في سورة البقرة خمسة حوادث كلها تتضمن إحياء الموتى في هذه الدنيا فأولها قصة بني إسرائيل حين قالوا لنبيهم موسى ) لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً )(البقرة: من الآية55) هكذا يقولون عتوا وعنادا وطغيانا ) لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً )(البقرة: من الآية55) فعاقبهم الله ) فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَة)(البقرة: من الآية55) فماتوا جميعا ثم بعثهم الله من بعد موتهم وفي هذا يقول الله تعالى يخاطب بني إسرائيل )وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (البقرة:55) )ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة:56) والقصة الثانية في شأن قتيل من بني إسرائيل أيضا قتله إبن عم له فإتهموا به قبيلة أخرى وخاصموهم فيه فأمرهم موسى بوحي من الله أن يذبحوا بقرة ويضربوا القتيل بجزء منها ففعلوا بعد التعنت والمراجعات وما كادوا يفعلون فضربوه ببعضها فأحياه الله تعالى وأخبر عن قاتله وفي هذا يقول الله تعالى )وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة:72) )فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (البقرة:73) حيأ هذا القتيل صار حياً بعد أن فارقته الحياة وقال إن الذي قتله فلان حيأ بإذن الله عز وجل والقصة الثالثة في قوم نزل في ديارهم وباء فخرجوا من ديارهم وهو ألوف حذرا من الموت فأراهم الله عز وجل أنه لا مفر من قدره فأماتهم ليعلم العباد قوة سلطانه ونفوذ قدرته ثم أحياهم ليستكملوا آجالهم وفي هذا يقول الله عز وجل )أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) (البقرة:243)والقصة الرابعة في رجل مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها قد تهدم بنائها ويبست أشجارها فاستبعد أن تعود على ما كانت عليه من العمران والسكان وقال ) أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا )(البقرة: من الآية259) فأراه الله تعالى آية في نفسه تدل على قدرة الله فأماته الله مائة سنة وكان معه حمار وطعام وشراب فمات الحمار وتمزقت أوصاله ولاحت عظامه وبقي الطعام والشراب لم يتغير واحد منهما لم يتغير الطعام ولا الشراب لا بنقص ولا طعم ولا لون ولا رائحة مدة مائة سنة نحن نعلم أن الطعام والشراب يتغير في أيام وربما يتبخر الماء ولا يبقى له أثر ولكن طعام هذا الرجل وشرابه بقي مائة سنة لم يتغير والشمس تطهره والرياح تتعاقب عليه لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير فبعث الله تعالى ذلك الرجل بعث الله ذلك الرجل بعد موته وأراه طعامه وشرابه لم يتغير مع طول هذه المدة وأراه الحمار فنظر إلى عظام الحمار المتفرقة في الأرض يركب بعضها بعضا كل عظم في محله ويكسوها الله تعالى لحما وفي هذا يقول الله تعالى )أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّه)(البقرة: من الآية259) يعني لم يتغير ) فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شئ قَدِيرٌ)(البقرة: من الآية259) سبحانه وبحمده ، أما القصة الخامسة ففي إبراهيم الخليل حين سأل الله تعالى أن يريه كيف يحي الموتى فأمره الله تعالى أن يأخذ أربعة من الطير فيقطعهن أجزاء فيقفرقها على الجبال التي حوله على كل جبل جزءا من هذه الطيور ثم يناديهن وحينئذ تلتئم هذه الأجزاء المفرقة في الجبال بعضها إلى بعض ويأتين إلى إبراهيم مشيا لا طيرانا وبهذا يقول الله تعالى )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة:260) أيها المؤمنون هكذا يقص الله علينا في كتابه ومن أصدق من الله قيلا هكذا يبيّن لنا جل وعلا كيف يحي الموتى بعد أن فارقت أرواحهم أجسادهم هذه النماذج من إحياء الله الموتى في الدنيا آيات على البعث يوم القيامة وما أهون ذلك على الله عز وجل ما أهون ذلك على من يقول للشئ كن فيكون قال الله تعالى )وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه)(الروم: من الآية27) وقال تعالى )مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ)(لقمان: من الآية28) وقال تعالى )فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ) (النازعـات:13) )فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) (النازعـات:14) )إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ) (يّـس:53) وقال تعالى ) وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شئ قَدِيرٌ)(النحل: من الآية77) الله أكبر زجرة واحدة صيحة واحدة كلمح البصر أو هو أقرب كل من في بطن الأرض يخرجون على ظهرها بلحظة واحدة كلمح البصر أو هو أقرب فما أعظم قدرة الله عز وجل إن الله على كل شئ قدير فسبحانه من إله عليم قادر زجرة واحدة يخرج بها الناس أحياءا من قبورهم ذكورا وإناثا كبارا وصغارا متقدمين في الموت ومتأخرين )قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ) (الواقعة:49) )لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) (الواقعة:50) لا يتخلف منهم أحد في مثل لمح البصر أو هو أقرب ) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شئ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً)(فاطر: من الآية44) اللهم أرزقنا التفكر في آياتك اللهم أرزقنا التفكر في آياتك والتذكر بها اللهم ارزقنا الإنتفاع بما أنزلت من وحيك وما قدرته من قضائك اللهم أغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم اللهم صلي وسلم على وبارك على عبدك ورسولك وخليلك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره وأشكره على نعمه وأذكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا فبلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده ونصح لأمته وتركهم على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فكان إماماً للمتقين وقدوةً للسالكين وحجةً على عباد الله أجمعين. اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد

أيها الناس فإننا في الجمعة الماضية تكلمنا على شئ مما يتعلق بالجنائز في حملها وفي إيصالها إلى المقبرة وفي الصلاة عليها وإننا الآن نتكلم على ما يتعلق بالقبور فالقبور هي دار الأموات هي دور الأموات كما أن القصور دور الأحياء والفرق بين الديار عظيم جداً )انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) (الاسراء:21) الآخرة أكبر درجاتٍ من الدنيا وأكبر تفضيلاً من الدنيا الآخرة إما أن تكون الدار فسيحة مد البصر يفتح فيها باب إلى الجنة فيأتي صاحبها من روح الجنة ونعيهما وإما أن تكون حفرة من النار يفتح لصاحبها باب إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها أنظروا الفرق بين هذه الدور وبين ديار الآخرة وكم من إنسان في الدنيا في قصور منعم ولكنه في قبره في جحيم معذب وكم من إنسان في الدنيا في دار ضيقة لكنه في القبر في رياض من رياض الجنة إن هذه القبور أيها المؤمنون إن شرورها وجحيمها في داخلها لا في ظاهرها وإن كثيرا من الناس يظنون أن الظاهر إذا تفاخروا فيه كان ذلك فخرا لصاحب القبر و والله ما هو فخر له وإنما فخر صاحب القبر في جليسه من عمله إذا كان عمله صالحاً إن بعض الناس يخدعون أنفسهم إنهم يجعلون علامات القبور وهي التي تسمونها النصائل يجعلونها مصبوبة الأسمنت المسلح يصبونها ويرفعونها حتى يتميز القبر عن ما حوله من القبور وإن هذا خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو دليل على ضعف عقل صاحبه الذي وضعه وعلى قلة علمه بدين الله عز وجل إن النصيلة مها كبرت ومهما زخرفت ومهما كانت من الأسمنت المسلح أو من الحديد أو من الذهب أو من الفضة لا تنفع صاحب القبر شيئا ولكن صاحب الدنيا الذي وضعها هو الذي يأثم بها إذا خالف بها أمر الله ورسوله قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأبي الهياج ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تدع صورة أو تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته إنتبه أيها الحي إنتبه إلى قوله ولا قبرا مشرفا إلا سويته القبر قد يكون مشرفا بترابه فيعلو على ما حوله من القبور وقد يكون مشرفاً بنصيلته الكبيرة الطويلة العريضة التي يراها الإنسان من حين أن يدخل من باب المقبرة والنبي عليه الصلاة والسلام بعث علي بن أبي طالب إذا رأى قبرا مشرفا أن يسويه ببقية القبور هذا ما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وهذا ما عهد به أصحابه إلى التابعين ومن بعدهم وهو قد وصلنا الآن ولا حجة لنا في مخالفته فيا أخي المسلم يا أخي الحي أتدري لعلك تكون من أصحاب القبور قبل أن تغيب شمسك فيكون هذا القبر المشرف الذي وضعته بيدك أو وضع بأمرك يكون عليك إثم مخالفة السنة فيه ويكون الويل عليك إجعل نصيلة قبر أبيك أو أخيك أو قريبك أو صديقك إجعله كقبر غيره لا تميزه على قبور أخرى فتكون مخالفا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إن ذلك لا ينفعك ولا ينفع ميتك ولكنك تخالف به هدي النبي صلى الله عليه وسلم فأتق الله في أمرك القبور دور الأموات القبر فيما كان داخل هذه القبور لا ما في كان ظاهرها وإن بعض الناس يكتب على النصيلة كتابة لا حاجة إليها لقد رأيت نصيلة كتب عليها سورة الفاتحة من أين جاءتنا هذه البدعة؟ ولهذا من رأى منكم نصيلة مكتوب عليها شئ من القرآن فإن كان يعرف صاحبها فليتصل به ليزلها وإن لم يعرف صاحبها فإنه يزيلها هو بنفسه من أجل أن يكون ذلك من إزالة هذه البدعة ، القرآن لا يكتب على نصائل القبور ولا يكتب على جدران الأحياء القرآن أعظم من أن يكون نقوشا على جدار أو على نصيلة ، فإن بعض الناس يكتب أيضا لا يكتب قرآنا ولكنه يكتب زائدا على قدر الحاجة يكتب اللهم أغفر لفلان إبن فلان المتوفى في يوم كذا في شهر كذا في سنة كذا كأنما يريد أن يكتب تاريخا عن وفاته ولو تيسر له أن يكتب تاريخا عن حياته ، إذا أردت أن تعرف متى مات كريمك فقيد ذلك عندك في الدفتر لا تجعله على النصيلة فإنه لا فائدة من ذلك ، اللهم إلا ما ذكر لي أنه في بعض البلدان تكون الأرض شحيحة قليلة فيكتب تاريخ الميت من أجل أنهم حددوا مدة معينة لنبشه حتى يعرفوا متى ينبش وهذا الحمد لله غير موجود عندنا فلا حاجة إلى ذكر التاريخ وإن في نفسي شيئا من كتابة إسم الميت فقط على النصيلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يكتب على القبر ونهى أن يجفف القبر ونهى أن يبنى على القبر ونهى أن يجلس على القبر فجمع صلى الله عليه وسلم بين النهيين النهي عن الإساءة إلى القبور بالجلوس عليها والنهي عما يكون سبباً وذريعةً للغلو فيها من البناء والكتابة والتشريف وأقول إن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عام لم يخصص منه شئ ولهذا كان بعض أخواننا من أهل العلم كانوا يذموننا بالسكوت عن هذه الكتابة ويقولون إنكم تقرون الكتابة على القبور مع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها ولكنني أرجو إذا كانت الكتابة بقدر الحاجة الإسم فقط أن لا يكون في ذلك بأس كما هو رأي شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله وإن كان بعض مشايخنا وإخواننا المعاصرين لنا يرون أن الكتابة مكروه بكل حال وداخلة في النهي في كل حال وعلى هذا فإنما أتيت بذلك من أجل تقللوا الكتابة ما أمكن وإذا كان بالإمكان أن تقتصروا على الوسم فهو أفضل مع أنني أقول وأكرر ملاحظة النصيلة بحيث لا تكون مشرفة على ما سواها متميزة كما سمعتم حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو ثابت في صحيح مسلم ، أسأل الله تعالى أن يديم على هذه البلاد أصل التوحيد وثمرته وفائدته فإننا والحمد لله في بلادنا هذا أبعد الناس عن الغلو في القبور ولكن أول الشر شرارة وربما يبين لا سيما مع الجهل وعدم العلم وعدم السؤال أسال الله أن يفتح علينا علما نافعا وأن يرزقنا العلم بما علمنا إنه جواد كريم ، واعلموا أيها المؤمنون أن خير الهدي هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه رضي الله عنهم وأنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها وأننا متى حدنا عن طريق السلف الصالح فإننا بقدر ما نحيد عنه نقع في مخالفته ونبعد عن السنة فعليكم بسنة من مضى ولا تلتفتوا لسنة من بقي إذا كانت مخالفة لسنة من مضى وأعني بمن مضى الصحابة والتابعين لهم بإحسان اللهم أغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وأنصرنا على القوم الكافرين اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين عباد الله )إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم وأشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

مصدر النقل : http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_404.shtml