المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ يوسف أبو سنينة من المسجد الأقصى بتاريخ 30/4/2004م وفق 11 ربيع أول 1425 هجري


admin
05-13-2009, 10:08 AM
تاريخ الخطبة: 11 ربيع أول 1425 وفق 30/4/2004م
عنوان الخطبة: يأس الأمّة من مؤتمر القمّة
الموضوع الرئيسي: العلم والدعوة والجهاد
الموضوع الفرعي: المسلمون في العالم
اسم الخطيب: يوسف بن عبد الوهاب أبو سنينه

ملخص الخطبة
1- أزمة ضعف الثقة بالله تعالى. 2- بين يدي مؤتمر القمة. 3- توقع فشل مؤتمر القمة وبيان أسباب ذلك. 4- الإرهاب الأمريكي. 5- لا عزة إلا بالإسلام. 6- سنة الله في الجبابرة الظالمين.

الخطبة الأولى
أمّا بعد: فيا عباد الله، إنّ الأزمة عندنا ليست أزمة مال أو ثروة، وإنما هي أزمة عدم الثقة بالله تبارك وتعالى والاعتماد عليه، ولو أننا وثقنا بالله وتوكلنا عليه لهانت علينا الدنيا وما فيها. نحن الآن نتحدث عن الثقة في مجتمع ضعفت فيه الثقة بالله، فهذا يقول: مالي، وذك يقول: سلطاني، وذلك يقول: صيتي وجاهي، وليس فيهم من يقول: إنِ الحكم إلا لله، فأصبح الواحد منا يقول: ماذا سأصنع غدا؟ متى يأتيني رزقي؟ ماذا أفعل لأولادي وقد كثروا؟ ماذا أفعل لأعباء الحياة وقد زادت؟ ماذا أصنع بمظاهر الحياة وقد ثقل كاهلها على عاتقي؟ ألم نقرأ قول الله تبارك وتعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ http://www.alminbar.net/images/mid-icon.gif مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ http://www.alminbar.net/images/mid-icon.gif إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الذاريات:56-58]؟! فاعتمدوا ـ أيها المؤمنون ـ على الله، ولا تعتمدوا على غيره أبدًا، فعندئذ لن تفلحوا.
أيها المؤمنون، يستعدّ الملوك والرؤساء والقادة العرب لعقد مؤتمر القمة المؤجل من شهر آذار، والجميع يعلم أن المؤتمر قد أجل بسبب الخلافات الحادة بين أعضاء الوفود، والتي لم تتفق على صيغة موحدة لإدانة جريمة اغتيال الشيخ أحمد ياسين رحمه الله تعالى وأسكنه فسيحَ جناته، والكل يعلم أن أمريكا قد مارست ضغوطَها على بعض القادة العرب لتمييع الموقف وعدم عقد المؤتمر في موعده المحدد، وها هم سيجتمعون ثانية، ويسبق اجتماعهم اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي رحمه الله، وها أنتم تسمعون يوميا عن قوافل الشهداء من أبناء شعبنا تتسابق على ثرى فلسطين المسلمة دون أن يستنكر أحد هذه المجازر البشعة، فهل ينجح هذا المؤتمر؟! هل تصدر قرارات على قدر المسؤولية؟! والجواب معروف سلفا، فلن يكون المؤتمر كذلك وذلك لأسباب منها:
أولاً: استمرار الخلافات حول الدور الأمريكي سواء بالنسبة لما يحدث من مجازر دموية في العراق أو في الساحة الفلسطينية.
ثانيا: تأكيد الزعماء العرب وعلى لسان رئيس الجامعة العربية أنهم لا يزالون يتمسكون بالسلام كخيار استراتيجي، دون أي تحفظ على ممارسات الاحتلال ضدّ شعبنا ومقدساته.
ثالثاً: استمرار التهديد الإسرائيلي باغتيال القيادات السياسية والعسكرية على حدّ سواء، دون أيّ ردّ فعل صارم.
رابعاً: الخلافات الحادة بين الدول العربية حول ماهية الإرهاب وسبل محاربته، والخلط بين الإرهاب والنضال والدفاع عن المقدسات.
خامساً: التهديدات الأمريكية لعدد من الدول العربية وبخاصة السعودية وسوريا بأنهما يرعيان الإرهاب.
سادساً: تراجع المواقف الإسلامية لدى العديد من القادة العرب وارتمائهم في أحضان أمريكا وبريطانيا دون الالتفات إلى مصالح الأمة أو الدفاع عنها.
إننا لا نعوّل على مؤتمر القمّة القادم لأنه كسابق المؤتمرات، بل إنه أسوأ حالا، فعالمُنا لا يزال يعيش في فرغ قاتل وضعف كبير وضياع وانقسام لا حدود له، أعداؤنا ينهشون جسدَ الأمة بطول البلاد وعرضها، أمريكا تعدّ العدة للقيام بمجازر وحشية لتصفية ما تبقّى من مقاومين في مدينة النجف العراقية، وتستعدّ لارتكاب المجازر في مدينة الفلوجة، أمريكا التي زعمت أنها جاءت لتحرير العراق، فإذا بها تبطش به بطشا شديدا، فقد جاءت لاستعمار أرض الرافدين، أمريكا تعمل لتغيير أنظمة الحكم في السعودية ومصر وسوريا، فها هي التفجيرات التي حدثت مؤخّرا إنما نتجت عن المخابرات المركزية الأمريكية رغم أنّ القاعدة قد نفت نفيا قاطعا أنها تقِف وراءها، الأمر الذي دفع بوزير الخارجية السعودي إلى تهديد واشنطن بأنّ علاقات بلاده ستشهد انحسارا إن هي استمرّت في اتهامها بدعم الإرهاب على حد قوله.
أمريكا هي التي تقدم الدعمَ لسياسة الفصل العنصري التي تعتزم إسرائيل تنفيذها في قطاع غزة، وتؤيد النهج الإسرائيلي المعادي لحقّ اللاجئين بالعودة إلى ديارهم، ورغم كل ذلك فلم نسمع تصريحا لأيّ زعيم عربي بالتهديد لتعريض المصالح الأمريكية لخطر المقاطعة العربية أو الإسلامية إزاء مواقفها الإرهابية في العراق والداعمة لإرهاب الدولة في أرض فلسطين، لم نسمع بيانا واحدا من القادة العرب يهدد بأن سياسة إسرائيل العدوانية ستواجه بالرد الحاسم كقطع العلاقات الدبلوماسية مثلا.
هذا هو الواقع المزري لأمتنا لأننا نلهث وراء السراب، ويصرّ قادة العرب على تجاهل الإسلام كحل وحيد لكل الهزائم والذل الذي نحياه، فمتى يدرك هؤلاء أن عزة المسلمين لا تكون إلا بالسير على منهج الله دستورا ونظام حياة؟! متى يدرك القادة والحكام أن لا سبيل للخلاص إلا بإقامة دولة الإسلام، وأن الظلم لن يكون وأن الله سبحانه وتعالى سوف ينتقم من الظالمين؟! ألم نتعلم ـ أيها المؤمنون ـ من كتاب الله تبارك وتعالى ومن سنته في الأمم الماضية كيف عاقب الطغاة والظالمين؟! ماذا حل بالنمرود؟! ماذا فعل بفرعون وهامان وقارون؟! ماذا حل بأبرهة الأشرم وأبي جهل وأمثالهم؟!
الله سبحانه وتعالى عاقب النمرود عقابا أليما عندما قال: أنا أحيي وأميت، لم يرسل إليه قاذفات القنابل الثقيلة، ولا الأساطيل المدمرة، إنما أرسل إليه بعوضة دخلت في أذنه وأخذت تصنّ في مطئه، فكان لا يفيق إلا إذا ضرب بالنعال على أم رأسه. وفي يوم بدر وقف أبو جهل العنيد يعربد في الميدان وهو يطوّح بسيفيه في الفضاء، فمن الذي قتله؟ هل قتله عمر؟! إذا لكان القتل مشرّفا، هل قتله علي أو الزبير أو سعد أو خالد أو القعقاع؟! والجواب: لا، يقول عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: بينما أنا قائم يوم بدر إذ جاءني غلام لم يتجاوز العاشرة من عمره، قال لي: يا عماه، أهاذا هو أبو جهل؟! فقلت له: ولماذا تسأل عنه أيها الغلام؟ قال: قد عاهدت الله إن رأيته لأقتلنه لأنه يبغض رسول الله، إن الذي قتل أبا جهل غلام لم يبلغ الحلم، ولم يجر عليه القلم، وضرب أبا جهل فخر صريعا على الأرض.
سبحانك يا رب، وأنت تؤدّب الملوك الظالمين، وأنت تؤدّب الجبابرة يوم نام أحدهم على فراش الموت، هذا يقيس نبضه، وذاك يقيس ضغطه، وذاك يحلل بوله، وهذا ينشّط قلبه، وعلى حين غفلة من هؤلاء وهؤلاء دخل ملك الموت بإذن من الله تبارك وتعالى، اخترق قيادة الجيش ولم يأبه بسلاح الطيران ولا سلاح المشاة، وجثم على صدره، وأودع الروح إلى خلاقها، ليقف بين يدي من يقول: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الأنعام:94]، بين يدي من يقول: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًاhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [مريم:95].
إلهنا ومولانا:
ما في الوجود سواك رب فيعبد كلا ولا مولى هناك فيقصد
يا من له عنت الوجوه بأسرها رهَبا وكل الكائنات توحد
أنت الإله الواحد الحق الذي كل القلوب له تقر وتشهد
أخي المسلم:
دع المقادير تجري في أعنتها ولا تبيتنّ إلا خالي البال
ما بين غمضة عين وانتباهاتها يغيّر الله من حال إلى حال
توجّهوا ـ أيها المسلمون ـ إلى الله تبارك وتعالى، وادعو الله وأنتم موقنون بالاستجابة، فيا فوز المستغفرين، استغفروا الله.

الخطبة الثانية
لم ترد.