المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ يوسف أبو سنينة من المسجد الأقصى بتاريخ 12/11/2004م وفق 29 رمضان 1425 هجري


admin
05-13-2009, 11:41 AM
<EMBED style="WIDTH: 482px; HEIGHT: 44px" src=2004-11-12.wma width=482 height=44 type=audio/x-ms-wma>

تاريخ الخطبة: 29 رمضان 1425 وفق 12/11/2004م
عنوان الخطبة: قراءة في السياسة الأمريكية
الموضوع الرئيسي: العلم والدعوة والجهاد
الموضوع الفرعي: المسلمون في العالم
اسم الخطيب: يوسف بن عبد الوهاب أبو سنينه

ملخص الخطبة
1- أبرز حدثين معاصرين. 2- دلالات تجديد الرئاسة للرئيس بوش. 3- ضرورة التنبه لمخاطر السياسة الأمريكية. 4- القضية الفلسطينية. 5- توديع رمضان. 6- من سنن العيد. 6- وفاة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات.

الخطبة الأولى
أيها المسلمون، حدثان بارزان استقطبا اهتمام العالم هذه الأيام، أولهما: فوز الرئيس الأمريكي، والثاني: القضية الفلسطينية في أعقاب مرض ووفاة الرئيس الفلسطيني، ونتناول الموضوعين أو الحدثين من منطلق مفهومنا الإسلامي لتطوّر الأحداث والتي لا يمكن أن نغفل عن تداعياتهما على القضايا الإسلامية بصفة عامة والقضية الفلسطينية المركزية بصفة خاصة.
إن فوز الرئيس الأمريكي الحالي بفترة رئاسة ثانية لمدة أربع سنوات أخرى من حكمه الملطّخ بدماء المسلمين له تداعيات وانعكاسات على القضايا الإسلامية، نبينها هنا لتدرك الأمة الإسلامية أبعاد ومخاطر السياسة الأمريكية الراهنة.
إن نجاح الرئيس الأمريكي يبين مدى تأثير اللوبي الصهيوني والمسيطر على الدوائر الرسمية الحاكمة في الولايات المتحدة سيما في وزارتي المالية والدفاع، فقد جاء فوز الرئيس الأمريكي نتيجة لأصوات اليهود والمؤيدين لسياسته المنحازة والمؤيدة بلا تحفظ لإسرائيل، سواء بالنسبة للفلسطينيين أو لسائر الدول العربية والإسلامية.
تغير المفاهيم داخل المجتمع الأمريكي وتحوله إلى مجتمع عنصري حاقد تجاه من يخالف سياسة التوسع والهيمنة الأمريكية.
إعطاء الضوء الأخضر لمواصلة حملات القمع وملاحقة دعاة الإسلام في أفغانستان واستمرار سياسة العدوان المسلح الواسع والوحشي ضد الشعب العراقي تحت ذريعة مساعدة الحكومة العراقية لاستعادة الأمن وإرساء قواعد الحرية والديمقراطية.
استمرار التهديدات المبطنة والعلنية لكل من سوريا وإيران بهدف الضغط على حزب الله المناوئ لسياسة إسرائيل التوسعية.
استمرار الضغط على حكومة السودان للقبول بتعدد الأديان للدستور السوداني وعدم اعتماد الإسلام كدستور واحد للدولة.
إن على أمتنا الإسلامية التنبه لمخاطر السياسة الأمريكية والتي جلبت الدمار والويلات للشعوب الإسلامية خلال السنوات الأربع الماضية. إن على أمتنا الإسلامية عدم إعطاء الفرصة للإدارة الأمريكية الجديدة لتطويع الحكومات والشعوب الإسلامية لسياسة الانفتاح والتطبيع مع الكيان الصهيوني أعداء الإسلام.
أيها المسلمون، افتحوا آذانكم جيدا لما أقول، إن فلسطين كانت على مر الأزمنة والعصور محط أنظار الغزاة بحكم قداستها وموقعها الإستراتيجي، إن إسلامية فلسطين مرتبط ارتباطا وثيقا بقدسية ومكانة المسجد الأقصى المبارك، هذا المسجد الذي تشهدون فيه صلاة الجمعة الأخيرة من رمضان، هذا المسجد الذي تشد إليه الرحال، هذا المسجد الذي شرفه الله بشرف إسراء ومعراج نبينا ورسولنا وقائدنا وقدوتنا محمد عبد الله ورسوله، هذا المسجد الذي يحاول الغزاة السيطرة عليه وتغيير معالمه وطمس هويته الإسلامية، لكن أنى لهم ذلك، خسئوا برباطكم، خسئوا بالتفافكم حوله.
فالقضية الفلسطينية لم ولن ترتبط بزعيم أو قائد لأن الأساس الذي نحكم به على القيادات أيا كانت هي الإيمان الصادق والجهاد الفعلي لتحرير هذه البقاع، لقد قيض الله لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب فتح بيت المقدس في السنة الخامسة عشرة للهجرة، ونجح القائد المسلم قطز والظاهر بيبرس بدحر الغزاة التتار وهزيمتهم في عين جالوت في فلسطين في القرن الثالث عشر الميلادي، وجاء الغزو الصليبي الحاقد والذي تتجدد معالمه هذه الأيام، غير أن الله قيض لهذه الأمة ولهذه البلاد القائد صلاح الدين الأيوبي لتحريرها من قبضة الغزاة.
نعم أيها المسلمون، التاريخ يسجل في صفحات من نور عطاء وتضحيات وجهاد الأيدي المتوضئة والقلوب الطاهرة، ففلسطين لن تتحرر بالشعارات والهتافات، إن شعبنا اليوم مطالب بتوحيد الصفوف وجمع الشمل ورفض حلول الاستسلام، لا نريد من فلسطين أن تتحول إلى صومال ثانية ولا إلى السودان، هذا هو الرهان رهان الأعداء على إحداث صراع فلسطيني فلسطيني ليتسنى لهم إملاء شروط الاستسلام.
إن عزتنا تكمن في إسلامنا، وقوتنا تكمن بوحدتنا، وتحرير بلادنا لن يكون إلا بإقامة دولة الإسلام، فلتتحد السواعد ولتتحد القلوب في كل بقاع المسلمين.

الخطبة الثانية
عباد الله، جاء شهر رمضان فالتفتنا جميعا إلى عبادة الله، وعشنا أياما مباركة تتنزل علينا الرحمة وتعمنا السكينة وتغشانا المغفرة وتحفنا الملائكة ويذكرنا الله فيمن عنده، حتى انجلت بصائرنا وذهب ما ران على قلوبنا، وتعلمنا لذة الخضوع لله رب العالمين، وأخرجنا الصدقات للفقراء والمساكين، واليوم نودع رمضان، وأذكركم بإخراج صدقات الفطر، وكما أفتى أهل العلم أن قيمتها ثمانية شواقل، ومن أراد مصلحة الفقير والمحتاج وأحب الزيادة فله من الله الأجر والثواب.
عباد الله، رمضان في أوقاته الأخيرة، أراه الآن يجهز نفسه ليصعد إلى الله، ربح فيه من ربح، وخسر فيه من خسر. السلام عليك يا شهر رمضان، السلام عليك في الأولين والآخرين، السلام عليك في الملأ الأعلى إلى يوم الدين، سلام عليك يوم وصلت أرحامنا، سلام عليك يوم طهرت نفوسنا، سلام عليك يوم جمعت شملنا، سلام عليك وعلى التراويح، سلام عليك وعلى ليلة القدر. وبعدك يا رمضان تحزن المساجد وتطفأ المصابيح وتنفطع صلاة التراويح، ونعود إلى العادة وتقل العبادة.
عباد الله، شهر رمضان شهر القرآن، وكما تعملون أن البيت الذي يقرأ فيه القرآن يتسع لأهله ويكثر خيره وتحضره الملائكة وتطرد منه الشياطين، وقد ورد في الحديث القدسي: ((إني لأهم بالقوم عذابا فأستمع إلى أصوات طفل يقرأ القرآن فأدفع عنهم العذاب)).
عباد الله، باع قوم جارية قبيل رمضان، فلما وصلت عند المشتري قال لها: هيئي لنا ما يصلح للصوم، فقالت: لقد كنت قبلكم لقوم كل زمانهم رمضان.
فتذكروا ـ أيها المؤمنون ـ أن الله رب لجميع الشهور، رمضان وشوال وغيرهما، وتذكروا صيام الأيام الستة من شوال، قال فيهما رسولنا http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif: ((من صام رمضان وأتبعه بست من صيام شوال فكأنما صام الدهر كله)).
فاتقوا الله عباد الله، وأكثروا من التهليل والتكبير، ولا تنسوا صلة أرحامكم ومساعدة الأسر المحتاجة والفقيرة، وإياكم والمعاصي وارتكاب الذنوب بعد شهر رمضان، وقوموا بعمارة مساجدكم في كل الأوقات.
ونوجه عناية المسلمين إلى أن صلاة العيد ستقام بإذن الله تعالى في هذا المسجد المبارك في تمام الساعة السادسة والأربعين دقيقة صباحا.
فاخرجوا من بيوتكم رافعين أصواتكم بالتكبير والتهليل، ارفعوها إلى عنان السماء، هزوا بها أرجاء الفضاء، فلا كبير ولا عظيم إلا الله، والبسوا أحسن ثيابكم، وقبل أن تأتوا إلى المسجد تناولوا شيئا من التمر أو الماء أو اللبن كما فعل رسولنا الأكرم، واستحضروا عظمة الله في قلوبكم، وعليكم بالسكينة والوقار، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.
عباد الله، وقف عمر بن العزيز رضي الله عنه بعد الصلاة يوم العيد فقال: اللهم إنك قلت وقولك الحق: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifإِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الأعراف:56]، فإن كنت من المحسنين فارحمني، وإن لم أكن من المحسنين قلت: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًاhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الأحزاب:43] فارحمني، وإن لم أكن من المؤمنين فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة فاغفر لي، وإن لم أكن مستحقا لشيء من ذلك فأنا صاحب مصيبة وقد قلت: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifالَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ http://www.alminbar.net/images/mid-icon.gif أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [البقرة:156، 157].
أيها المؤمنون، يقول الله تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifكُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [آل عمران:185].
يوم أمس فارق الدنيا رجل من رجال فلسطين مودعا هذه الدنيا بما فيها من آلام وويلات حلت بأبناء شعبنا المسلم، عزيز على الناس أن يفارقهم قادتهم دون أن يحققوا آمالهم، ولكن أقدار الله العظيم ضمن مشيئته سبحانه وتعالى أتت بالأجل قبل نيل الأمل، لذا فإن شعبنا الفلسطيني الصامد الصابر ينعى القائد ياسر عرفات لجميع من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد كما قال رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif: ((كفى بالموت واعظا))، وقال: ((اذكروا هادم اللذات ومفرق الجماعات)). إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.