admin
09-04-2009, 05:51 PM
خطبة وصلاة الجمعة للشيخ عكرمة صبري من المسجد الأقصى المبارك بتاريخ 4/9/2009م وفق 14 رمضان 1430 هجري
الجمعة الثانية في رمضان
<EMBED height=44 width=612 src=http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/2009-09-04-1430-09-14.wav>
الخطبة الأولى الحمد لله ... الحمد لله إذ لم يأتني اجلي = حتى اكتسبت من الاسلام سربالا ( الحمد لله رب العالمين ) سورة الفاتحة الآية 1 . ( الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات زالنور ، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ) سورة الانعام الآية 1 . ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا " سورة الكهف الآية 1 . ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، نصر عبده ، وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده لا شيء قبله ولا شيء بعده القائل " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرةً باذن الله ، والله مع الصابرين " . سورة البقرة الآية 249 . اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام ، واحفظنا بعزك الذي لا يضام ، واكلأنا بعنايتك في الليل والنهار ، في الصحاري والآجام . ونشهد ان سيدنا وحبيبنا وقائدنا وشفيعنا محمداً عبد الله ونبيه ورسوله سيد الأنبياء والمرسلين واما العادين وقدوة العاملين صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين المبجلين ، وصحابته الغر الميامين المحجلين ، ومن تبعهم وخطا وربهم واقتفى أثرهم واستن سنتهم الى يوم الدين من علماء تجويد القرآن الكريم وعلماء ضبط المصحف الشريف ، وعلماء العقيدة والتوحيد ، وعلماء الفقه والتشريع ، وعلماء مصطلح الحديث ، وعلماء اللغة العربية والتصريف ، ومن كل عالم عامل قدم خدمة للإسلام والمسلمين . أيها المسلمون _ أيها الصائمون _ يا أبناء أرض الإسراء والمعراج أرض المحشر والمنشر ، يا من تخطيتم حواجز الاحتلال العسكرية الظلمة ، أيها المحتشدون في رحاب المسجد الأقصى المبارك إن زحفكم الى الأقصى لصلوات العشاء والتراويح ، إن زحفكم الى الأقصى لصلوات الفجر ، إن زحفكم الى الأقصى لصلاة الجمعة الأولى ولصلاة الجمعة الثانية هذا اليوم ... هو الرد العملي على الطامعين بالأقصى فحماك الله يا أقصى أيها المسلمون - أيها الصائمون - يا من وفدتم من أنحاء فلسطين الحبيبة المباركة هذه الجمعة الثانية من شهر رمضان المبارك لعام 1430 ه فطوبى لمن صلى الجمعة في المسجد الأقصى المبارك في هذا الشهر الفضيل فيكون المصلي قد جمع ثلاث فضائل : الجمعة لها فضيلة ، والأقصى له فضيلة ، والصوم له فضيلة . فاحرصوا أيها الصائمون على الصلاة يوم الجمعة في الأقصى المبارك . وعليه نقول : بنبغي على كل مرابط في فلسطين ، أرض الاسراء والمعراج أن يشد الرحال الى الأقصى وان يتوجه الى مدينة القدس ، فإن منع من الوصول الى الأقصى بسبب الحواجز العسكرية ولأي سبب من الاسباب فإنه يصلي حيث يمنع ، وله ثواب مساو لمن صلى في الأقصى ، وبهذا أفتي . أيها المسلمون - أيها الصائمون – يا أحباء الأقصى احرصوا على التردد . والصلاة في رحاب الأقصى : في لواوينه وفي أروقته وفي ساحاته فكلها أقصى ، وفي رمضان وفي غير رمضان ، فأنتم المعادلة السليمة الصحيحة على أرض الواقع ، فأنتم حماته بعد الله العلي القدير ، فهنيئاً لكم وطوبى لكم، وحماك الله يا أقصى . أيها المسلمون – أيها الصائمون – يا أبناء أرض الإسراء والمعراج خلال هذا الاسبوع تطل علينا ذكرى غزوة بدر الكبرى التي وقعت في السنة الثانية للهجرة / 623 م ، فإن احياءها لا يكون بسردها التاريخي ، وانما بتحليل عدد من المواقف التي لها علاقة بحال المسلمين لاحقاً ومستفيلاً . فمن هذه المواقف ان المسلمين قد أصيبوا بالرهبة والتخوف ووقعوا في امتحان عصيب حينما فرض اهل قريش القتال عليهم ، فقال الصحابة " يا رسول الله، هلا ذكرت لنا القتال فنستعد ؟ ! " وهذا دليل على ان المسلمين لم يكونوا مهيئين للقتال حين خروجهم من المدينة المنورة ، كما أن رسولنا الأكرم محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم بالقتال الا حين أوصى الله له بمكائد أهل قريش وذلك بعد خروج المسلمين من المدينة المنورة . فأخذ أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما في تشجيع الصحابة ورفع معنوياتهم وتهيآتهم للمعركة المقبلة ، ووقف المقداد بن الاسود من المهاجرين قائلاً " يا رسول الله ، امض لما أمرك الله ، فو الله لا نقول لك كما قال بنو اسرائيل لموسى : اذهب أنت وربك فقائلا انا ههنا قاعدون ، ولكن فقول لك : اذهب أنت وربك فقائلا إنا معكما مقاتلون " أيها المسلمون – أيها الصائمون لم تكن المواقف مجرد أقوال ومقترحات وتنظيرات بل كانت تترجم الى أعمال وأفعال ... وعكس ذلك كان المنافقون والطابور الخامس واليهود في المدينة المنورة يطلقون الإشاعات ويمنون أنفسهم ان ينقض أهل قريش على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى صحابته العزل من السلاح فيقول عز وجل " ويمكرون ويمكر الله ، والله خير الماكرين " . سورة الأنفال الآية 30. لقد خاب ظنهم وطاش سهمهم ، وكانت النتيجة ان انتصر المسلمون يإيمانهم وثباتهم وبوحدة صفهم ، فكان الله معهم ويرعاهم ، فيقول عز وجل " ولقد نصركم الله ببدر فأنتم أذلة ، فاتقوا الله لعلكم تشكرون " . أيها المسلمون – أيها الصائمون لقد طبق رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم مبدأ الشورى في معركة بدر الكبرى ، وذلك حينما لاحظ الصحابي الجليل الحباب بن المنذر الأنصاري رضي الله عنه ، الذي كان مشهوراً بصواب الرأي ، أن المسلمين قبيل معركة بدر عسكروا في مكان منخفض من أراضي منطقة بدر ، وأن هذا الموقع لا يصلح للقتال من الناحية الفنية العسكرية . فقال الحباب: يا رسول الله ، أهذا منزل أنزله الله ليس لنا نتقدم عنه او نتأخر أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : بل هو الرأي والحرب والمكيدة . فقال الحباب : يا رسول الله ليس هذا بمنزله – أي أن هذا الموقع غير مناسب – فانهض بالناس حتى تأتي ادنى ماء من القوم فقال عليه الصلاة والسلام ( لقد أشرت بالرأي ) . أيها المسلمون – أيها الصائمون على ضوء ذلك فقد عسكر المسلمون في المكان الاستراتيجي المناسب الذي اقترحه الحباب بن المنذر الأنصاري . وهكذا فإن ديننا الاسلامي العظيم يقرر مبدأ الشورى بل أوجب الشورى في شؤون الدولة كلها فيقول عز وجل في سورة آل عمران " وشاورهم في الأمر " . الآية 159 ، ويقول سبحانه وتعالى في سورة الشورى " وأمرهم شورى بينهم " الآية 38 . حيث توجد في القرآن الكريم سورة خاصة باسم سورة الشورى . هذه الشورى العملية الواقعية التي تخلو من الأنظمة القائمة في العالم العربي والاسلامي في هذه الأيام ، " نسوا الله فنسيهم ، ان المنافقين هم الفاسقون " . سورة التوبة الآية 67 وصدق الله العظيم فالاستبداد هو السائد في عالمنا العربي والاسلامي !! أيها المسلمون – أيها الصائمون لقد برز وتبلور الاعتماد على النفس وذلك ما حصل قبيل معركة بدر حين توجه رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم بالدعاء الى الله رب العالمين قائلاً " اللهم هذه قريش قد أتت بخيلائها تحاول ان تكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني ... " إلى آخر الدعاء ... وكان ( عليه الصلاة والسلام) رافعاً يديه إلى السماء مستقبلاً القبلة ملحاً في الدعاء حتى سقط رداؤ عنه . فكان توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الله العلي القدير أولاً وقبل كل شيء طالباً منه العون والتوفيق والنصر والتأييد ، ثم اعتمد ثانياً على نفسه ضمن الامكانات المحدودة المتوفرة لديه وقتئذ . أيها المسلمون – أيها الصائمون فلم يتوجه للفرس ولا للروم ليطلب المساعدة منهم أي لم يكن ( عليه الصلاة والسلام ) تابعاً لأي من الدولتين الكبيرتين وقتئذ ، ولم يتذلل لأي منهما كما لم يتنازل عن أي حق من حقوقه المشروعة ، والله سبحانه وتعالى يقول " أيبتغون عندهم العزة ، فإن العزة لله جميعا ً " . سورة النساء الآية 139 . ويقول عز وجل في آية أخرى " ولله العزة ولسوله للمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ". سورة ( المنافقون ) الآية 8 وعليه فالذي يلجأ الى الدول الاستعمارية فإنه يفقد العزة ويكون منافقاً تابعاً ذليلاً صغيراً محتضراً فاقد الإرادة . أيها المسلمون – أيها الصائمون لقد تبلورت المساواة العملية والواقعية في معركة بدر بين القائد وجنده بأن وقف الرسول صلى الله عليه وسلم وكبار الصحابة رضي الله عنهم في مقدمة معركة بدر ولم يتخلفوا عن الواجب ولم يختبؤا في بيةتهم ولم يجلسوا في بروج عاجية . وسبق أن بدأ ( عليه الصلاة والسلام ) في تعديل وترتيب الصفوف قبيل معركة بدر فشاهد أحد الصحابة واسمه سواد بن غزية رضي الله عنه قد خرج عن الصف فوخزه بقضيب كان بيده ، وقال له: استقم باسواد . فقال سواد : أوجعتني يا رسول الله ، وقد بعثت بالحق والعدل فأقدني من نفسك . أي أريد ان اقتض منك بسبب ضربك لي فكشف الرسول صلى الله عليه وسلم عن بطنه فقال له : استقد يا سواد . فلم يغضب منه ولم يعتقله ولم يعذبه . فما كان من سواد إلا ان عانق الرسول صلى الله عليه وسلم وقتل بطنه . فقال ( عليه الصلاة والسلام ) : ما حلك على ذلك يا سواد. فقال سواد : يا رسول الله ، قد حصل ما ترى ، فأردت أن يكون آخر العهد أن يمس جلدي جلدك . فدعا له بخير ونال سواد الشهادة قي معركة بدر . هذه هي المساواة الحقيقية وهذه هي المحبة الايمانية لا نفاق فيها ولا تزلف ولا تذلل . إنها كرامة المؤمن ، انها عزة المؤمن . لذا كان النصر حليفهم . أيها المسلمون – أيها الصائمون هذه بعض المواقف من معركة بدر الكبرى الحافلة بالدروس والعبر والعظات فتحققت الشورى والاعتماد على النفس بعد الله عز وجل ، والصراع العقدي بين الايمان والكفر ، والمساواة بين القائد وجنده ، والانضباطية والطاعة الايمانية للقائد ، والوحدة في الصف والجهاد . فكان الله عز وجل معهم ونصرهم على أعدائهم فيقول سبحانه وتعالى وكان حقاً علينا نصر المؤمنين". سورة الروم الآية 7 ويقول أيضاً " ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " سورة محمد ( القتال ) الآية 7 . صدق الله العظيم ادعوا وأنتم موقنون بالاجابة فيا فوز المستغفرين . الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا وحبيبنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدن ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم . وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم ، في العالمين انك حميد مجيد . أيها المصلون قبل البدء بالخطبة الثانية نقدم التهاني والتبريكات للمعلمين والمعلمات والطالبات ولأولياء الأمور بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد متمنيت لهم النجاح والتوفيق أيها المسلمون – أيها الصائمون – يا أخوة الايمان في كل مكان أتناول في هذه الخطبة موضوعاً خطيراً ، ويستشري في خطره يوماً بعد يوم، ألا وهو موضوع ( المستوطنات ويهودية الدولة ) فالمستوطنات قائمة غير قاعدة ، وهي مستمرة حيث رصد لها مؤخراً خمس وعشرون مليون شيكل لاستكمال المشاريع الاستيطانية ولمصادرة ما تبقى من الأراضي ، وذلك بالإضافة الى المليار وامئتي مليون دولار ميزانية القدس للتهويد ، ثم يقولون: نريد تجميد الاستيطان !! ويتجاهلون المستوطنات وهي السرطانية القائمة جميعها غير شرعية وغير قانونية والملاحظ ان التناغم في موضوع تحميد الاستيطان يهدف الى ايقاع ما تبقى من الدول العربية للاعتراف بإسرائيل وللتطبيع معها . وهذه لعبة مكشوفة للقاصي والداني لتصفية القضية الفلسطينية وللقفز عليها وسبق ان اصدرنا فتوى شرعية بعدم مشروعية جميع المستوطنات التي مزقت البلاد وشتتت العباد . ويتوجب على الأنظمة القائمة في العالم العربي والاسلامي ان تتحمل مسؤولياتها في فلسطين والقدس والأقصى . أيها المسلمون – أيها الصائمون – يا أبناء أرض الإسراء والمعراج ان الشق الآخر من الموضوع الخطير هو ما يطلق عليه ( يهودية الدولة ) الذي يسير بخطوات عدوانية متسارعة !! لنسمع مؤخراً بان هذا الموضوع هو شأن اسرائيلي داخلي !! فكيف يكون ذلك ، وكيف سيقابل رب العالمين من يقول هذا الكلام ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم " . سورة الشعراء الآيتان 88 و 89 . لأن هذا الكلام الإنهزامي يعني ضمناً الموافقة على ترحيل مليون ونصف عربي من أراضيهم وبيوتهم ومساكنهم في الخط الأخضر . ويعني أيضاً الموافقة على تبادل الأراضي وعلى الوطن البديل ، ونؤكد على الفتوى الشرعية التي أصدرناها بأن الوطن البديل مرفوض شرعاً لأنه إقرار بالتنازل عن أرض فلسطين ، كما أن تبادل الأراضي مرفوض شرعاً أيضاً لأنه صورة من صور التنازل ، وهو اعتراف بالأمر الواقع وغير الشرعي أصلاً . ونؤكد على الفتوى الشرعية التي تحرم تحريماً قاطعاً بيع الأراضي والبيوت ، وأن السمسار أو البائع يكون خارجاً عن الملة ومفارقاً لجماعة المسلمين ، لا يغسل ولا يكفن ولا يصلي عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ، والله سبحانه وتعالى يقول " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " . سورة النساء الآية 141 ويقول عز وجل " وللع العزة ولرسوله وللمؤمنين ولمن المنافقين لا يعلمون " . سورة ( المنافقون ) الآية 8 وسيبقى حقنا الشرعي قائماً إلى يوم الدين لا تنازل عنه ولا تفاوض عليه . " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " . سورة الشعراء الآية 227 . أيها المصلون – أيها الصائمون الساعة ساعة استجابة فأمنوا من بعدي : اللهم احم المسجد الأقصى من كل سوء . اللهم آمنا في آوطاننا . وفرج الكرب عنا . اللهم اجعل لنا من كل هم فرجل ، ومن كل ضيق مخرجا ، ومن كل فاحشة سترا ، ومن كل عسر يسرا . اللهم اجعل هذا الشهر الفضيل شهر يمن وخير على المسلمين . اللهم هيء من يوحد المسلمين . ويحذو حذو صلاح الدين . اللهم ارحم شهدائنا ، وشاف جرحانا ، وفك قيد أسرانا . اللهم وحد صفوف المسلمين واحقت دماءهم . الله يا الله يا أمل الحائرين ويا نصر المستضعفين ، ندعوك بكل اليقين اعلاء شأن المسلمين بالحق والنصر المبين . اللهم انا نسألك توبة نصوحا : توبة قبل الممات ، وراحة عند الممات ، ورحمة مغفرة بعد الممات . اللهم انصر الاسلام والمسلمين ، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين . اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، الاحياء منهم والأموات . إنك قريب مجيب الدعوات. " وأقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، ولذكر الله اكبر ، والله يعلم ما تصتعون " . سورة العنكبوت الآية 45 . 14 رمضان المبارك 1430 ه 4 / 9 / 2009 م د . عكرمة صبري يوم الجمعة
الجمعة الثانية في رمضان
<EMBED height=44 width=612 src=http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/2009-09-04-1430-09-14.wav>
الخطبة الأولى الحمد لله ... الحمد لله إذ لم يأتني اجلي = حتى اكتسبت من الاسلام سربالا ( الحمد لله رب العالمين ) سورة الفاتحة الآية 1 . ( الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات زالنور ، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ) سورة الانعام الآية 1 . ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا " سورة الكهف الآية 1 . ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، نصر عبده ، وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده لا شيء قبله ولا شيء بعده القائل " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرةً باذن الله ، والله مع الصابرين " . سورة البقرة الآية 249 . اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام ، واحفظنا بعزك الذي لا يضام ، واكلأنا بعنايتك في الليل والنهار ، في الصحاري والآجام . ونشهد ان سيدنا وحبيبنا وقائدنا وشفيعنا محمداً عبد الله ونبيه ورسوله سيد الأنبياء والمرسلين واما العادين وقدوة العاملين صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين المبجلين ، وصحابته الغر الميامين المحجلين ، ومن تبعهم وخطا وربهم واقتفى أثرهم واستن سنتهم الى يوم الدين من علماء تجويد القرآن الكريم وعلماء ضبط المصحف الشريف ، وعلماء العقيدة والتوحيد ، وعلماء الفقه والتشريع ، وعلماء مصطلح الحديث ، وعلماء اللغة العربية والتصريف ، ومن كل عالم عامل قدم خدمة للإسلام والمسلمين . أيها المسلمون _ أيها الصائمون _ يا أبناء أرض الإسراء والمعراج أرض المحشر والمنشر ، يا من تخطيتم حواجز الاحتلال العسكرية الظلمة ، أيها المحتشدون في رحاب المسجد الأقصى المبارك إن زحفكم الى الأقصى لصلوات العشاء والتراويح ، إن زحفكم الى الأقصى لصلوات الفجر ، إن زحفكم الى الأقصى لصلاة الجمعة الأولى ولصلاة الجمعة الثانية هذا اليوم ... هو الرد العملي على الطامعين بالأقصى فحماك الله يا أقصى أيها المسلمون - أيها الصائمون - يا من وفدتم من أنحاء فلسطين الحبيبة المباركة هذه الجمعة الثانية من شهر رمضان المبارك لعام 1430 ه فطوبى لمن صلى الجمعة في المسجد الأقصى المبارك في هذا الشهر الفضيل فيكون المصلي قد جمع ثلاث فضائل : الجمعة لها فضيلة ، والأقصى له فضيلة ، والصوم له فضيلة . فاحرصوا أيها الصائمون على الصلاة يوم الجمعة في الأقصى المبارك . وعليه نقول : بنبغي على كل مرابط في فلسطين ، أرض الاسراء والمعراج أن يشد الرحال الى الأقصى وان يتوجه الى مدينة القدس ، فإن منع من الوصول الى الأقصى بسبب الحواجز العسكرية ولأي سبب من الاسباب فإنه يصلي حيث يمنع ، وله ثواب مساو لمن صلى في الأقصى ، وبهذا أفتي . أيها المسلمون - أيها الصائمون – يا أحباء الأقصى احرصوا على التردد . والصلاة في رحاب الأقصى : في لواوينه وفي أروقته وفي ساحاته فكلها أقصى ، وفي رمضان وفي غير رمضان ، فأنتم المعادلة السليمة الصحيحة على أرض الواقع ، فأنتم حماته بعد الله العلي القدير ، فهنيئاً لكم وطوبى لكم، وحماك الله يا أقصى . أيها المسلمون – أيها الصائمون – يا أبناء أرض الإسراء والمعراج خلال هذا الاسبوع تطل علينا ذكرى غزوة بدر الكبرى التي وقعت في السنة الثانية للهجرة / 623 م ، فإن احياءها لا يكون بسردها التاريخي ، وانما بتحليل عدد من المواقف التي لها علاقة بحال المسلمين لاحقاً ومستفيلاً . فمن هذه المواقف ان المسلمين قد أصيبوا بالرهبة والتخوف ووقعوا في امتحان عصيب حينما فرض اهل قريش القتال عليهم ، فقال الصحابة " يا رسول الله، هلا ذكرت لنا القتال فنستعد ؟ ! " وهذا دليل على ان المسلمين لم يكونوا مهيئين للقتال حين خروجهم من المدينة المنورة ، كما أن رسولنا الأكرم محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم بالقتال الا حين أوصى الله له بمكائد أهل قريش وذلك بعد خروج المسلمين من المدينة المنورة . فأخذ أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما في تشجيع الصحابة ورفع معنوياتهم وتهيآتهم للمعركة المقبلة ، ووقف المقداد بن الاسود من المهاجرين قائلاً " يا رسول الله ، امض لما أمرك الله ، فو الله لا نقول لك كما قال بنو اسرائيل لموسى : اذهب أنت وربك فقائلا انا ههنا قاعدون ، ولكن فقول لك : اذهب أنت وربك فقائلا إنا معكما مقاتلون " أيها المسلمون – أيها الصائمون لم تكن المواقف مجرد أقوال ومقترحات وتنظيرات بل كانت تترجم الى أعمال وأفعال ... وعكس ذلك كان المنافقون والطابور الخامس واليهود في المدينة المنورة يطلقون الإشاعات ويمنون أنفسهم ان ينقض أهل قريش على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى صحابته العزل من السلاح فيقول عز وجل " ويمكرون ويمكر الله ، والله خير الماكرين " . سورة الأنفال الآية 30. لقد خاب ظنهم وطاش سهمهم ، وكانت النتيجة ان انتصر المسلمون يإيمانهم وثباتهم وبوحدة صفهم ، فكان الله معهم ويرعاهم ، فيقول عز وجل " ولقد نصركم الله ببدر فأنتم أذلة ، فاتقوا الله لعلكم تشكرون " . أيها المسلمون – أيها الصائمون لقد طبق رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم مبدأ الشورى في معركة بدر الكبرى ، وذلك حينما لاحظ الصحابي الجليل الحباب بن المنذر الأنصاري رضي الله عنه ، الذي كان مشهوراً بصواب الرأي ، أن المسلمين قبيل معركة بدر عسكروا في مكان منخفض من أراضي منطقة بدر ، وأن هذا الموقع لا يصلح للقتال من الناحية الفنية العسكرية . فقال الحباب: يا رسول الله ، أهذا منزل أنزله الله ليس لنا نتقدم عنه او نتأخر أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : بل هو الرأي والحرب والمكيدة . فقال الحباب : يا رسول الله ليس هذا بمنزله – أي أن هذا الموقع غير مناسب – فانهض بالناس حتى تأتي ادنى ماء من القوم فقال عليه الصلاة والسلام ( لقد أشرت بالرأي ) . أيها المسلمون – أيها الصائمون على ضوء ذلك فقد عسكر المسلمون في المكان الاستراتيجي المناسب الذي اقترحه الحباب بن المنذر الأنصاري . وهكذا فإن ديننا الاسلامي العظيم يقرر مبدأ الشورى بل أوجب الشورى في شؤون الدولة كلها فيقول عز وجل في سورة آل عمران " وشاورهم في الأمر " . الآية 159 ، ويقول سبحانه وتعالى في سورة الشورى " وأمرهم شورى بينهم " الآية 38 . حيث توجد في القرآن الكريم سورة خاصة باسم سورة الشورى . هذه الشورى العملية الواقعية التي تخلو من الأنظمة القائمة في العالم العربي والاسلامي في هذه الأيام ، " نسوا الله فنسيهم ، ان المنافقين هم الفاسقون " . سورة التوبة الآية 67 وصدق الله العظيم فالاستبداد هو السائد في عالمنا العربي والاسلامي !! أيها المسلمون – أيها الصائمون لقد برز وتبلور الاعتماد على النفس وذلك ما حصل قبيل معركة بدر حين توجه رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم بالدعاء الى الله رب العالمين قائلاً " اللهم هذه قريش قد أتت بخيلائها تحاول ان تكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني ... " إلى آخر الدعاء ... وكان ( عليه الصلاة والسلام) رافعاً يديه إلى السماء مستقبلاً القبلة ملحاً في الدعاء حتى سقط رداؤ عنه . فكان توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الله العلي القدير أولاً وقبل كل شيء طالباً منه العون والتوفيق والنصر والتأييد ، ثم اعتمد ثانياً على نفسه ضمن الامكانات المحدودة المتوفرة لديه وقتئذ . أيها المسلمون – أيها الصائمون فلم يتوجه للفرس ولا للروم ليطلب المساعدة منهم أي لم يكن ( عليه الصلاة والسلام ) تابعاً لأي من الدولتين الكبيرتين وقتئذ ، ولم يتذلل لأي منهما كما لم يتنازل عن أي حق من حقوقه المشروعة ، والله سبحانه وتعالى يقول " أيبتغون عندهم العزة ، فإن العزة لله جميعا ً " . سورة النساء الآية 139 . ويقول عز وجل في آية أخرى " ولله العزة ولسوله للمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ". سورة ( المنافقون ) الآية 8 وعليه فالذي يلجأ الى الدول الاستعمارية فإنه يفقد العزة ويكون منافقاً تابعاً ذليلاً صغيراً محتضراً فاقد الإرادة . أيها المسلمون – أيها الصائمون لقد تبلورت المساواة العملية والواقعية في معركة بدر بين القائد وجنده بأن وقف الرسول صلى الله عليه وسلم وكبار الصحابة رضي الله عنهم في مقدمة معركة بدر ولم يتخلفوا عن الواجب ولم يختبؤا في بيةتهم ولم يجلسوا في بروج عاجية . وسبق أن بدأ ( عليه الصلاة والسلام ) في تعديل وترتيب الصفوف قبيل معركة بدر فشاهد أحد الصحابة واسمه سواد بن غزية رضي الله عنه قد خرج عن الصف فوخزه بقضيب كان بيده ، وقال له: استقم باسواد . فقال سواد : أوجعتني يا رسول الله ، وقد بعثت بالحق والعدل فأقدني من نفسك . أي أريد ان اقتض منك بسبب ضربك لي فكشف الرسول صلى الله عليه وسلم عن بطنه فقال له : استقد يا سواد . فلم يغضب منه ولم يعتقله ولم يعذبه . فما كان من سواد إلا ان عانق الرسول صلى الله عليه وسلم وقتل بطنه . فقال ( عليه الصلاة والسلام ) : ما حلك على ذلك يا سواد. فقال سواد : يا رسول الله ، قد حصل ما ترى ، فأردت أن يكون آخر العهد أن يمس جلدي جلدك . فدعا له بخير ونال سواد الشهادة قي معركة بدر . هذه هي المساواة الحقيقية وهذه هي المحبة الايمانية لا نفاق فيها ولا تزلف ولا تذلل . إنها كرامة المؤمن ، انها عزة المؤمن . لذا كان النصر حليفهم . أيها المسلمون – أيها الصائمون هذه بعض المواقف من معركة بدر الكبرى الحافلة بالدروس والعبر والعظات فتحققت الشورى والاعتماد على النفس بعد الله عز وجل ، والصراع العقدي بين الايمان والكفر ، والمساواة بين القائد وجنده ، والانضباطية والطاعة الايمانية للقائد ، والوحدة في الصف والجهاد . فكان الله عز وجل معهم ونصرهم على أعدائهم فيقول سبحانه وتعالى وكان حقاً علينا نصر المؤمنين". سورة الروم الآية 7 ويقول أيضاً " ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " سورة محمد ( القتال ) الآية 7 . صدق الله العظيم ادعوا وأنتم موقنون بالاجابة فيا فوز المستغفرين . الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا وحبيبنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدن ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم . وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم ، في العالمين انك حميد مجيد . أيها المصلون قبل البدء بالخطبة الثانية نقدم التهاني والتبريكات للمعلمين والمعلمات والطالبات ولأولياء الأمور بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد متمنيت لهم النجاح والتوفيق أيها المسلمون – أيها الصائمون – يا أخوة الايمان في كل مكان أتناول في هذه الخطبة موضوعاً خطيراً ، ويستشري في خطره يوماً بعد يوم، ألا وهو موضوع ( المستوطنات ويهودية الدولة ) فالمستوطنات قائمة غير قاعدة ، وهي مستمرة حيث رصد لها مؤخراً خمس وعشرون مليون شيكل لاستكمال المشاريع الاستيطانية ولمصادرة ما تبقى من الأراضي ، وذلك بالإضافة الى المليار وامئتي مليون دولار ميزانية القدس للتهويد ، ثم يقولون: نريد تجميد الاستيطان !! ويتجاهلون المستوطنات وهي السرطانية القائمة جميعها غير شرعية وغير قانونية والملاحظ ان التناغم في موضوع تحميد الاستيطان يهدف الى ايقاع ما تبقى من الدول العربية للاعتراف بإسرائيل وللتطبيع معها . وهذه لعبة مكشوفة للقاصي والداني لتصفية القضية الفلسطينية وللقفز عليها وسبق ان اصدرنا فتوى شرعية بعدم مشروعية جميع المستوطنات التي مزقت البلاد وشتتت العباد . ويتوجب على الأنظمة القائمة في العالم العربي والاسلامي ان تتحمل مسؤولياتها في فلسطين والقدس والأقصى . أيها المسلمون – أيها الصائمون – يا أبناء أرض الإسراء والمعراج ان الشق الآخر من الموضوع الخطير هو ما يطلق عليه ( يهودية الدولة ) الذي يسير بخطوات عدوانية متسارعة !! لنسمع مؤخراً بان هذا الموضوع هو شأن اسرائيلي داخلي !! فكيف يكون ذلك ، وكيف سيقابل رب العالمين من يقول هذا الكلام ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم " . سورة الشعراء الآيتان 88 و 89 . لأن هذا الكلام الإنهزامي يعني ضمناً الموافقة على ترحيل مليون ونصف عربي من أراضيهم وبيوتهم ومساكنهم في الخط الأخضر . ويعني أيضاً الموافقة على تبادل الأراضي وعلى الوطن البديل ، ونؤكد على الفتوى الشرعية التي أصدرناها بأن الوطن البديل مرفوض شرعاً لأنه إقرار بالتنازل عن أرض فلسطين ، كما أن تبادل الأراضي مرفوض شرعاً أيضاً لأنه صورة من صور التنازل ، وهو اعتراف بالأمر الواقع وغير الشرعي أصلاً . ونؤكد على الفتوى الشرعية التي تحرم تحريماً قاطعاً بيع الأراضي والبيوت ، وأن السمسار أو البائع يكون خارجاً عن الملة ومفارقاً لجماعة المسلمين ، لا يغسل ولا يكفن ولا يصلي عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ، والله سبحانه وتعالى يقول " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " . سورة النساء الآية 141 ويقول عز وجل " وللع العزة ولرسوله وللمؤمنين ولمن المنافقين لا يعلمون " . سورة ( المنافقون ) الآية 8 وسيبقى حقنا الشرعي قائماً إلى يوم الدين لا تنازل عنه ولا تفاوض عليه . " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " . سورة الشعراء الآية 227 . أيها المصلون – أيها الصائمون الساعة ساعة استجابة فأمنوا من بعدي : اللهم احم المسجد الأقصى من كل سوء . اللهم آمنا في آوطاننا . وفرج الكرب عنا . اللهم اجعل لنا من كل هم فرجل ، ومن كل ضيق مخرجا ، ومن كل فاحشة سترا ، ومن كل عسر يسرا . اللهم اجعل هذا الشهر الفضيل شهر يمن وخير على المسلمين . اللهم هيء من يوحد المسلمين . ويحذو حذو صلاح الدين . اللهم ارحم شهدائنا ، وشاف جرحانا ، وفك قيد أسرانا . اللهم وحد صفوف المسلمين واحقت دماءهم . الله يا الله يا أمل الحائرين ويا نصر المستضعفين ، ندعوك بكل اليقين اعلاء شأن المسلمين بالحق والنصر المبين . اللهم انا نسألك توبة نصوحا : توبة قبل الممات ، وراحة عند الممات ، ورحمة مغفرة بعد الممات . اللهم انصر الاسلام والمسلمين ، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين . اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، الاحياء منهم والأموات . إنك قريب مجيب الدعوات. " وأقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، ولذكر الله اكبر ، والله يعلم ما تصتعون " . سورة العنكبوت الآية 45 . 14 رمضان المبارك 1430 ه 4 / 9 / 2009 م د . عكرمة صبري يوم الجمعة