المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ محمد حسين من المسجد الأقصى بتاريخ 8/4/2005م وفق 30 صفر 1426 هجري


admin
05-13-2009, 01:05 PM
<EMBED style="WIDTH: 482px; HEIGHT: 44px" src=2005-04-08.wma width=482 height=44 type=audio/x-ms-wma>

تاريخ الخطبة: 29 صفر 1426 وفق 8/4/2005م
عنوان الخطبة: عزّ المسلمين في التأسي بالمصطفى الأمين
الموضوع الرئيسي: العلم والدعوة والجهاد, قضايا في الاعتقاد
الموضوع الفرعي: الاتباع, المسلمون في العالم
اسم الخطيب: محمد أحمد حسين

ملخص الخطبة
1- أهمية الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم. 2- موقف المسلمين اليوم من الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم. 3- التأسّي طريق السيادة والعزّة والتمكين. 4- منزلة بيت المقدس. 5- خطورة تملّك اليهود أراضي القدس. 6- تحذير اليهود من العبث بالمسجد الأقصى.

الخطبة الأولى
عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم وطاعته، وأحذّركم وإيّاي من عصيانه ومخالفة أمره؛ لقوله تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [فصلت:46].
أما بعد: فيقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifلَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًاhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الأحزاب:21].
أيها المسلمون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، هذه الآية الكريمة أصل كبير ومبدأ أعظم في التأسّي والاقتداء برسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif في أقواله وأفعاله وأحواله، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته، فلا مجال للعجز ولا للخوف والهَلَع في نفس من تأسّى بأحوال رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif وسار على سنّته. وإن خير اقتداء بالنبي http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif وبعثته هو الاقتداء بهديه، والأخذ بسنّته، والسير على طريقته، والله يقول: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifقُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ http://www.alminbar.net/images/mid-icon.gif قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [آل عمران:31، 32].
أيها المسلمون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، أين تقف الأمة اليوم من هدي النبي http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif؟! وهل اقتدت الأمّة وتأسّت بهذا الهدي؟! أظنه لا يختلف اثنان أن الأمة بعيدة كل البُعْد عن منهاج ربّها وهدي نبيّها، منذ أن أعرضت عن هدايات الله، واتبعت سُبُل الشيطان، وكانت تريد تنحية دستور الإسلام عن حكم الأمة، واستبدالها الذي هو أدنى بالذي هو خير، مُقلّدة في ذلك دول الغرب وأعداء الإسلام.
لقد سادت أمتكم يوم اتبعت سنة نبيكم عليه الصلاة والسلام، وسارت على هدي كتاب الله، فكانت دولة الإسلام الأولى في المدينة المنورة يقودها النبي http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif على هدي من الله وكتابه، وتبعه الصحابة الكرام في دولة الخلافة الراشدة التي زكّاها النبي http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif، وأوصى من يأتي بعدهم باتباع سنتهم وانتهاج منهجهم؛ لقوله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif: ((أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمّر عليكم عبد، وإنه مَن يَعِش بينكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين، عضّوا عليها بالنَّواجِذ، وإيّاكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة)).
أيها المسلمون، أيّ بدعة وأيّ ضلال تعيشه الأمة وقد تنكّرت هدي الله وسنة نبيّها، وهجرت كتاب ربها، وتنكّرت لسيرة أسلافها؟! فصدق فيهم قول ربنا: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى http://www.alminbar.net/images/mid-icon.gif قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا http://www.alminbar.net/images/mid-icon.gif قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [طه:124-126].
فهذا حال أمّتكم وما تعانيه من ضيق الحياة شاهدٌ ناطقٌ وصورةٌ حيّةٌ على جزاء من أعرض عن ذكر الله، فلم يَعُد لنا وزنٌ سياسيّ ولا اقتصاديّ ولا قوّة تهابها الأمم، لا بل غدت ديار المسلمين نهبًا للأمم المستعْمِرَة وميدانًا لاختبار ما أنتجته آلة الدمار العسكرية لدى الأمم الغازِية، وأشدّ من ذلك أصبحت مسرحًا لتطبيق مبادئ الحكم الكافرة، وميدانًا للثقافات والأفكار الغريبة عن شعوب أمّتكم من أجل إبعادها عن عزّتها وسرّ قوّتها ونهضتها، وتشويه صورة الإسلام من خلال شعارات برّاقة وسراب خادع يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا.
أيها المسلمون، إن الاقتداء بالرسول http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif هو الذي مَكّن سلف هذه الأمة في الأرض، وتمكّنوا من غلبة أعداء الله والدين، وأمسكوا بأيديهم زمام العزّة والسيادة، فلم تمض بضعُ عقودٍ من الزمان حتى بسطت دولة الإسلام نفوذها من المحيط الأطلسي غربًا حتى حدود الصين شرقًا. فهذا قُتَيبة الباهِلي وقد توغّل في بلاد الصين يحذّره أحد أصحابه من هذا التوغّل بقوله: "لقد أوغلت في بلاد الترك يا قُتَيبة، والحوداث تُقبل وتُدبر"، فأجابه قُتَيبة وقد ملأ الإيمان جوارحه: "بثقتي بنصر الله توغّلتُ، وإذا انقضت المدّةُ لم تنفع العُدّة".
ومن أجوبة الخلفاء الراشدين المسلمين المشهورين حينما تردهم كتب القياصرة: "الجواب ما تراه دون أن تسمعه، لأسُيّرنّ لك جيشًا أوّله عندك وآخرة عندي".
وهذا ما فعله هارون الرشيد مع نقفور ملك الروم، والمعتصم أغاث امرأة مسلمة تعرّض لها أحد جنود الروم فاستغاثت: وامعتصماه! فلبّى الخليفة نداءها بعزّة الإيمان ومسؤولية السلطان. فكم هي ملايين الاستغاثات التي تنطلق من حناجر أطفال ونساء المسلمين اليوم، ولا تجد من يغيث!
أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، دون التأسّي برسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif في القول والعمل والتزام الإسلام عقيدة وفكرًا ولاء وعملا وتحقيقًا وتطبيقًا لن تكون للمسلمين عزّة، ولن تقوم لهم دولة، وواقع المسلمين خير دليل على هذا القول.
لقد آن الأوان لأبناء الإسلام اليوم أن ينهجوا نهج الذين سبقوا في التزام الإسلام والثبات على مبادئه وتعاليمه، وبهذا السلوك وبتأييد من الله نرجع خير أمة أُخرِجت للناس. ورضي الله عن الفاروق عمر حيث قال: (نحن قوم أعزّنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزّة بغير ما أعزّنا الله به أذلّنا الله)، والله يقول: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifالَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًاhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [النساء:139]، وقال رسول الله: ((تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله)).

الخطبة الثانية
أيها المسلمون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج، توجيه المسلمين عند وقوع البلاء والابتلاء بملازمة بيت المقدس والسكن فيه ومجاورة المسجد الأقصى المبارك، فقد روى الصحابي الجليل ذو الأصابع http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif قال: قلت: يا رسول الله، أين تأمرنا إن ابتلينا بعدك بالبقاء؟ قال: ((عليك ببيت المقدس؛ فلعلّه أن ينشأ لك ذرّية يغْدُون إلى ذلك المسجد ويروحُون)). فأيّ بلاء أعظم وأيّة مصيبة أكبر من وقوع القدس أسيرة الاحتلال ورهينة التهويد الزاحف إليها بوتيرة متسارعة تحت سمع وبصر عرب قحطان وعدنان ومن يزعمون أنهم من أتباع محمد عليه الصلاة والسلام في دنيا المسلمين؟!
لقد نشطت الكثير من الجمعيات اليهودية من خلال سماسرة السوق بتسريب العقارات العربية إلى أيدي المستوطنين المستعمرين؛ لزرع البُؤَر الاستعمارية في قلب المدينة المقدّسة؛ لتضييق الخناق على أهلها الشرعيين. كما تلتقي هذه المحاولات مع المخطّط الرسمي لسلطات الاحتلال بمضاعفة البناء في المستعمرات المحيطة بالمدينة، خاصة من الجهة الشرقية والشمالية للمدينة. ولعلّ ما أعلنت عنه بلدية الاحتلال بهدم العديد من المنازل في رأس البستان من أرض سلوان وتشريد سكّانها في سابقة غريبة وخطيرة بمحاكمة الحَجَر نيابة عن البَشَر يصبّ في مخطط التهويد المتسارع للمدينة المقدّسة.
أيها المسلمون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج، إن تنفيذ هذه المخططات يهدّد مصير القدس، ويغيّر طابعها العربي والإسلامي، ويزيد من أخطار العبث بمقدّساتها، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث المساجد التي تُشدّ إليها الرحال ومحور معجزة الإسراء والمعراج بنبينا عليه أفضل الصلاة والسلام. وإزاء تهديد المنظمات اليهودية وعصابات المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى نؤكد على ما يأتي:
أولاً: إن المسجد الأقصى المبارك هو مسجد إسلامي بكل أرضه ومُصلّياته ومَصَاطِبه وأرْوِقَته وجدرانه، لا حَقّ لأحد غير المسلمين فيه.
ثانيًا: إن المسجد الأقصى جزء من عقيدة المسلمين يرتبط بمعجزة الإسراء والمعراج، وهو محور هذه المعجزة التي تشكّل جزءًا من العقيدة الإسلامية.
ثالثًا: يرتبط المسجد الأقصى بعبادة المسلمين، حيث هو قبلتهم الأولى، وفي سمائه فُرِضت الصلاة، لهذا كله فإن المسلمين في هذه الديار وخارجها لن يسمحوا لكائنٍ مَن كان أن يمسّ عقيدتهم أو يدنّس مسجدهم، وقد شرّفهم الله أن يكونوا المرابطين في ديار الإسراء والمعراج، وأن ينهضوا بشرف السِّدَانة والرعاية لهذا المسجد المبارك.
كما نحمّل سلطات الاحتلال تَبِعَات أيّ اعتداء على المسجد من قبل المستوطنين والمتطرفين اليهود، خاصة وقد أعلنت هذه السلطات على لسان مسؤول أمني أنها لن تسمح بوصول المتطرّفين اليهود إلى أبواب المسجد بعد غد الأحد.
كما نهيب بأبناء هذه الديار المباركة على حراسة المسجد الأقصى المبارك واليقظة العالية، وتحمّل المسؤولية في المحافظة على قُدسيّة المسجد من أن يعبث بها عابث، أو يمسّها طامع، أو ينفذ إليها حاقد.