المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السنّة وحي من عند الله وهي المصدر الثاني للإسلام...والدليل القرآن


سليم
09-26-2009, 02:39 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السنّة وحي من عند الله...والدليل القرآن
جاء هذا المقال ردًا على فئة كثر نشاطها في الآونة الأخيرة أطلقت على نفسها "أهل القرآن" أو "القرآنيون", وهم ينكرون السنّة جملة وتفصيلًا, ولا يعتبرونها مصدرًا من مصادر التشريع في الإسلام.
وردت الحكمة في القرآن الكريم في تسعة عشرآية من آياته ,ومنها ما كان معرفًا ومنها غير معرف ومنها ما اقترن بالكتاب أو اقترن بغير الكتاب ومنها ما جاء منفردًا بلا اقتران.
ومن هذه الآيات ما كان في حق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ومنها ما كان في حق غيره من الرسل والأنبياء أو من البشر.
وما كان في حق رسولنا الكريم ونبينا الأمين عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم جاء في ثماني آيات,وفي حق سيدنا عيسى عليه السلام في ثلاث آيات ,وفي حق سيدنا داوود عليه السلام في آيتين,وفي حق سيدنا إبراهيم في آية واحدة,وفي حق الأنبياء جميعًا في آية واحدة,وفي حق لقمان الحكيم في آية واحدة,وفي حق البشر عامة في ثلاث آيات,وأما الآيات في حق سيد البشر وإمام الأنبياء عليه الصلاة والسلام هي:
1." رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ "/البقرة129.
2. "كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ "/البقرة151.
3." وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "البقرة231
4. "لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ "/آل عمران164
5. "وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً " النساء113
6." . ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً "/الإسراء 39
7." . وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً"/الأحزاب34 َ.
8." . هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ "/الجمعة2.
وأما الآيات في حق سيدنا عيسى عليه السلام هي:
9." وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ "/آل عمران48
10." .إ ِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ/المائدة 110
11." . وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ"/الزخرف 63
والآيات في حق سيدنا داوود هي:
12." فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ/البقرة 251
13." . وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ"/ص 20.
والآية في حق سيدنا إبراهيم وآله هي:
14." أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً"/النساء 54
وأما في حق الأنبياء جميعًا هي:
15." إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ/آل عمران 81
وفي حق لقمان الحكيم هي:
16 . "وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ "لقمان12.
وفي حق البشر أجمعين هي:
17 ." يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ"/البقرة269.
18." ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "/النحل125
19." حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ"/القمر5
ولكل معناها ,وهذا المعنى يعتمد على السياق وبحق من نزلت,ولبيان المعنى في كل آية سوف أعرض المعنى اللغوي أولاً:
معنى الحكمة لغة:الحكمة مشتقة من الحُكْم ويعني المنع لأنّها تمنع صاحبها من الوقوع في الغلط والضلال، ومن هذا قيل للحاكم بين الناس حاكِمٌ، لأنه يَمْنَعُ الظالم من الظلم, ومنه سميت الحديدة التي في اللجام وتجعل في فم الفرس، حَكَمَة.
ولهذا أيضًا قيل هي النبوة لأن النبوة تمنع صاحبها من الزيغ والضلال وهو منع إلهي وليس من صنع البشر كالحكماء الذي قد يحجب عن صاحبه لسبب ما.
والحكمة إتقان العلم وإجراء الفعل على وفق ذلك العلم، فلذلك قيل: نزلت الحكمة على ألسنة العرب، وعقول اليونان، وأيدي الصينيين.
وفسرت الحكمة بأنّها معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه بما تبلغه الطاقة، أي بحيث لا تلتبس الحقائق المتشابهة بعضها مع بعض ولا يغلط في العلل والأسباب.
وقد كانت الحكمة تطلق عند العرب على الأقوال التي فيها إيقاظ للنفس ووصاية بالخير، وإخبار بتجارب السعادة والشقاوة، وكليات جامعة لجماع الآداب.
وقد كانت لشعراء العرب عناية بإبداع الحكمة في شعرهم وهي إرسال الأمثال، كما فعل زُهير في الأبيات التي أولها «رأيت المنايا خبط عشواء» والتي افتتحها بمَنْ ومَنْ في معلقته.
وأما معاني الحكمة كما جاءت في آيات الكتاب المبين فهي ترددت بين المعنى اللغوي والإصطلاحي ومعان أخرى سوف أثبتها في مكانها,وسوف أبدأ في الآيات التي نزلت في حق الأنبياء والبشر ثم أعرج على الآيات في حق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بالبيان والتفصيل:
مما لا شك فيه وواضح وضوح الشمس أن الآيات في حق البشر ولقمان الحكيم جاءت فيها الحكمة على المعنى الآتي:
فقوله تعالى:" ." يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ"/البقرة269,قال إبن عاشور في تفسيرها:" هي مجموع ما أرشد إليه هدي الهداة من أهل الوحي الإلهي الذي هو أصل إصلاح عقول البشر، فكان مبدأ ظهور الحكمة في الأديان، ثم ألحق بها ما أنتجه ذكاء العقول من أنظارهم المتفرّعة على أصول الهدى الأول".
وقال أيضًا:" والخيرُ الكثير منجّر إليه من سداد الرأي والهدي الإلهي، ومن تفاريع قواعد الحكمة التي تعصم من الوقوع في الغلط والضلال بمقدار التوغّل في فهمها واستحضار مهمها؛ لأنّنا إذا تتبّعنا ما يحلّ بالناس من المصائب نجد معظمها من جرّاء الجهالة والضلالة وأفن الرأي".اهـ
وأما قوله تعالى:" ." ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "/النحل125,فالحكمة المقصودة هنا هي المعرفة المُحكمة، أي الصائبة المجرّدة عن الخطأ، فلا تطلق الحكمة إلا على المعرفة الخالصة عن شوائب الأخطاء وبقايا الجهل في تعليم الناس وفي تهذيبهم.
وقوله تعالى:" ." حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ"/القمر5,فقصد بالحكمة: إتقان الفهم وإصابة العقل. والمراد هنا الكلام الذي تضمن الحكمة ويفيد سامعه حكمة.
وأما قوله تعالى في سورة لقمان:" "وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ", فهي أيضًا الحكمة التي أشرنا إليها آنفًا في حق البشر, حيث أن لقمان لم يكن نبيًا وإنما رجلًا صالحًا ألهمه الله الفهم وإصابة العقل وإتقان العمل,والدليل على أنه لم يكن نبيًا قول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام:" لم يكن لقمان نبيئاً ولكن كان عبداً كثير التفكر حسنَ اليقين أحبَّ الله تعالى فأحبه فمنَّ عليه بالحكمة".
وأما قوله تعالى في سورة آل عمران:" إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ",فقد قال المفسرون وعلماء القرآن على أن المقصود بالحكمة هنا هي تفصيل الوحي المقروء وذلك لان الحديث عن الأنبياء ,فهم أوتوا الكتب ومن قبلها النبوة.
فمثلًا قال الرازي فيها:" الكتاب هو المنزل المقروء والحكمة هي الوحي الوارد بالتكاليف المفصلة التي لم يشتمل الكتاب عليها".اهـ
وأما الآية في آل إبراهيم عليه السلام من سورة النساء:" ." أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً",تعريف (الكتاب): تعريف الجنس، فيصدق بالمتعدّد، فيشمل صحف إبراهيم، وصحف موسى، وما أنزل بعد ذلك. والحكمة: النبوءة، والملك: هو ما وعد الله به إبراهيم أن يعطيه ذرّيته وما آتى الله داوود وسليمان وملوكَ إسرائيل".
وأما الآيات في حق سيدنا داوود عليه السلام فهي تبدو أكثر من واضحة فالمقصود بالحكمة النبوة , فالله سبحانه وتعالى لم يعطه الملك وحسب بل وزاده النبوة.
وآيات الحكمة في حق سيدنا عيسى عليه السلام فتعددت معانيها حسب السياق, ففي سورة آل عمران حيث يقول الله تعالى:" ." وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ", هنا لا يمكن أن تكون الحكمة هي النبوة لأن النبوة لا تُعلّم بل تؤتى من فضل الله,وأما آية سورة المائدة في قوله تعالى:" إ ِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ", فهي تحمل نفس المعنى لورود التعليم ,ومما قاله بعض المفسرين:" الحكمة:جميع ما علمه من أمور الدين، وقيل: سنن الأنبياء عليهم السلام، وقيل: الصواب في القول والعمل، وقيل: إتقان العلوم العقلية".
وأما في سورة الزخرف:" . وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ",هنا لم يرد تعلم عيسى عليه السلام بل هو جاء بالحكمة وعلى هذا فهي تعني حقائق من الأخلاق الفاضلة والمواعظ والتي علمهم إياها.
وبعد أن عرضت الحكمة في حق الرسل والأنبياء والبشر سوف نرى الآن معًا معاني الحكمة في حق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام:
1.الآية رقم 129 من سورة البقرة:" ." رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ",هذه بينت أمورًا عدة منها:
ا.أن رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام قد بعثه اللهَ من العرب وهم قوم أميّ للناس جميعًا وليس للعرب فقط كما قالت فئة من اليهود ,والدليل قوله تعالى:" رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً",ولم يقل لهم.
ب.وأن النبي عليه الصلاة والسلام يتلو آيات الله أي يتلو القرآن,والتلاوة هي القراءة عن كتاب أو غيبًا,كما ويعلّم المسلمين هذا القرآن:" وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ".
ج.وأنه عليه الصلاة والسلام كما بعلّمهم القرآن يعلّمهم الحكمة :" وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ",والحكمة معطوفة على الكتاب وهذا يدل على أن الحكمة هي غير الكتاب,فهي شيء أخر,ولكن ما هو هذا الشيء الأخر؟.
لايشك أحد من المسلمين أن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام هو المعلّم الأول للمسلمين, وهو الذي كان على عاتقه تفصيل وبيان هذا القرآن,وهذا البيان وذلك التفصيل كان بألفاظه العربية الفصيحة وهي غير ألفاظ القرآن المعجز ببلاغته.
ألفاظه عليه الصلاة والسلام هي أقواله ومن أقواله بيّن لنا أفعالًا,مثل قوله عليه الصلاة والسلام:"صلّوا كما رأيتموني أصلّي",وقوله أيضًا:"خذوا عني مناسككم لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ",فهو قال أقوالًا وفعل أفعالًا وأمرنا أن نقوم بالفعل كما قام به.
د.الآية ذكرت أمرًا هامًا وهو تعليم المسلمين الكتاب والحكمة:" وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ",فتعليم المسلمين القرآن هو من باب التبليغ,وكما القرآن كذلك الحكمة,فالحكمة أي أقواله وأفعاله هي من باب التبليغ أيضًا,ولا يكون التبليغ إلا بأمر الدين,وقد اصطلح إطلاق السنة على أقواله وأفعاله.
وإليكم أقوال بعض المفسرين لهذه الآية:
1.الرازي:" واختلف المفسرون في المراد بالحكمة ههنا على وجوه. أحدها: قال ابن وهب قلت لمالك: ما الحكمة؟ قال: معرفة الدين، والفقه فيه، والاتباع له. وثانيها: قال الشافعي رضي الله عنه: الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو قول قتادة، قال أصحاب الشافعي رضي الله عنه: والدليل عليه أنه تعالى ذكر تلاوة الكتاب أولاً وتعليمه ثانياً ثم عطف عليه الحكمة فوجب أن يكون المراد من الحكمة شيئاً خارجاً عن الكتاب، وليس ذلك إلا سنة الرسول عليه السلام".اهـ
2.الخازن:" واختلف المفسرون في المراد بالحكمة ها هنا فروى ابن وهب قال: قلت لمالك ما الحكمة. قال: المعرفة بالدين والفقة فيه والاتباع له. وقال قتادة: الحكمة هي السنة وذلك لأن الله تعالى ذكر تلاوة الكتاب وتعليمه ثم عطف عليه الحكمة فوجب أن يكون المراد بها شيئاً آخر وليس ذلك إلاّ السنة. وقيل الحكمة: هي العلم بأحكام الله تعالى التي لا يدرك علمها إلاّ ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم والمعرفة بها منه. وقيل الحكمة: هي الفصل بين الحق والباطل",اهـ
3.إبن عاشور:" والحكمة العِلم بالله ودقائق شرائعه وهي معاني الكتاب وتفصيل مقاصده، وعن مالك: الحكمة معرفة الفقه والدين والاتباع لذلك، وعن الشافعي الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلاهما ناظر إلى أن عطف الحكمة على الكتاب يقتضي شيئاً من المغايرة بزيادة معنى".اهـ
4.متولي الشعراوي:" وإذا كان الكتاب هو القرآن الكريم فإن الحكمة هي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ".اهـ
والآيات التالية:
*."كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ"/البقرة151.
*. "لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ "/آل عمران164
*. هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ "/الجمعة2.
لها نفس التفسير من حيث ورود تعليم الحكمة بجانب تعليم القرآن,وأما آية رقم 231 من سورة البقرة:" *." وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "البقرة231,ففيهل دليل على أن الحكمة هي السنّة,فقوله تعالى:" وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ" يدل دلالة واضحة لا ريب فيها أن الحكمة أنزلها الله وهي غير الكتاب لعطفها عليه والعطف يفيد التغاير, والمتتبع لآيات القرآن التي ورد فيها التنزيل ومشتقاته يجد أنها جاءت في أمرين:
1.إنزال الملائكة,كما في قوله تعالى:"تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ".
2.الوحي
وهنا لا مجال في أن تكون الملائكة هي القصد,فالمقصود إذن هو الوحي,والكتاب ذكر وعطف الحكمة عليه فتكون الحكمة هي أيضًا من وحي الله ,والوحي غير الكتاب هو السنّة وبما أن السنّة وحي فيجب الأخذ بها واتباعها والتقييد بها, وكل من ينكر السنّة ينكر الوحي المتمثل بالسنّة المنزلة على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
والآية رقم 113 من سورة النساء: "وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً " ذُكر فيها التنزبل فهي كما آية 231 من سورة البقرة.
والآية رقم 34 من سورة الأحزاب:" . وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً, هذه الاية جاءت في نساء النبي عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهن جميعًا,وذكر الحكمة بعد آيات الله معطوفة عليها وفي العطف تغاير وهذا يسوقنا إلى أن الحكمة هي غير القران المتلوّ, وما هو غير القرآن المتلوّ وفي بيت النبوة ما هو إلا السنّة,ولهذا فإن المسلمين كانوا يرجعون في أمور حياتهم وخاصة الخاصة منها لنساء النبي أمهات المؤمنين لأخذ الأحكام الشرعية المتعلقة بأمور حياتهم, وفي الآية أمر وتوكيد ,وهذا يؤدي بنا إلى أن السنّة هي مصدر تشريعي واجب ووجوبه في القرآن , وكل ما هو واجب في الإسلام واجب إتباعه ولا يمكن تركه وفي تركه ترك جزء من الإسلام , وفي ترك جزء من الإسلام كالأخذ ببعض القرآن والكفر ببعضه,يقول الله تعالى:"أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ".
وأما آية رقم 39 من سورة الإسراء:" . ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً", فالحكمة هنا تعني النبوة لا، النبوة هي أعلى مراتب الحكمة ,والحكمة هنا يمكن أن تكون معرفة الله ,ومعرفة الله من قِبل الأنبياء هي من باب أولى أحق من غيرهم من البشر والحكماء,والدليل على هذا هو قوله تعالى في نفس الآية:" وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ" فهي قرينة على أن المقصود بالحكمة هي معرفة الله أو حتى النبوة.
وخلاصة الكلام أن السنّة وحي من عند الله وهي بمثابة المصدر الثاني في التشريع الإسلامي, وكل من يُنكرها يُنكر طودًا شامخًا وعامودًا سامقًا في الدين الإسلامي,وحقيق عليه أن يجدد إيمانه لأن نبذها وإنكارها وإجحادها يؤدي إلى الضلال ,لأن الله سبحانه تعالى ربط الكتاب بالحكمة_أي السنّة_ وأن القوم كان قبل هذا لفي ضلال مبين,يقول الله تعالى:" هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ",وهذا كمثل جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام:" تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ".
وطاعة الرسول من طاعة الله كما جاء في القرآن:" مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ",وكما قال رب العزة:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ",وقوله عز من قائل:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ",وقول العليّ القدير:"فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا", وقوله تعالى:" فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا وقوله تعالى:"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ".
فلولا طاعة الرسول واجبة لما عطفها على طاعة الله ,ولما عطف الرد إلى الرسول,ولما عطف قضاء الرسول على قضاء الله, فالله عز وجل لم يقل أطيعوا الله فقط,ولم يقل ردوه إلى الله فحسب,ولم يقل إذا قضى الله وسكت.
فاعتبروا يا أولي الألباب

admin
09-26-2009, 02:22 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

معنى (الحكمة)

جزاك الله كل خير أخي سليم على هذا الجمع الجميل والتفسير المنير لآيات القرآن الكريم، بودي أن أدلو بدلوي في هذا الباب في معنى (الحكمة) في القرآن الكريم، وسأستخدم النهج الرياضي في هذه المسائلة، أي (التعويض) عندما أطبق فهمي لمعنى (الحكمة) بأن أضع المعنى مكان كل كلمة حكمة جاءت في القرآن الكريم.

أولا: يجب التفريق بين (حكمة الله) وبين (حكمة العباد) فلكل منهما معنى يختلف.

ثانياً: بالنسبة لحكمة الله، ومن أسماء الله (الحكيم)، فأنا ارى أن معناها أن الله يعلم أفضل من كل المخلوقات مجتمعين من أول الخلق لآخر الخلق اين يضع فضله وعطاءه ورزقه، فعطاء الله خير، وقلة عطاء الله خير، ومنع عطاء الله خير، ووحده الله يعلم الخير، أما نحن البشر، فقد نرى هذا الخير أو قد نرى جزءاً منه، وقد لا نراه بتاتا، ولكن على المؤمن أن يدرك أن الخير موجود حتى لو لم يراه.

ثالثاً: بالنسبة لحكمة العباد، فأنا أرى أن معناها هو (أن نستشعر وحدانية الله وعظمته في كل ما نسمع ونرى)، فالسماوات والأرض سخرها الله للإنسان، يقول عز وجل (أَلَم تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُم نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) (لقمان31: 20). وأعظم تسخير هو أن نرى عظمة الله في بديع صنعته في السماوات والأرض

رابعاً: إرتباط الحكمة بالآيات والأنبياء والرسل والكتب هو إرتباط وثيق، ذلك أن المقصد من الآيات في الكون هو أن تدلنا على الله ووحدانيه وعظمته، وكذلك الأنبياء والمرسلين والكتب إنما بعثوا لتذكيرنا بهذه الحقيقة.

فمثلا إن أنا نظرت للتفاحة، فعلي أن أقول سبحان الله، ما أعظم خلق الله، فتدلني التفاحة على الله ووحدانيته في صنعته وتدبيره وخلقه، سبحانه وتعالى، وهذه هي الحكمة، يقول عز وجل (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَد أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُواْ الأَلْبَابِ) (البقرة2: 269).

والله سبحانه وتعالى أعلم

سليم
09-27-2009, 12:18 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

معنى (الحكمة)

جزاك الله كل خير أخي سليم على هذا الجمع الجميل والتفسير المنير لآيات القرآن الكريم، بودي أن أدلو بدلوي في هذا الباب في معنى (الحكمة) في القرآن الكريم، وسأستخدم النهج الرياضي في هذه المسائلة، أي (التعويض) عندما أطبق فهمي لمعنى (الحكمة) بأن أضع المعنى مكان كل كلمة حكمة جاءت في القرآن الكريم.

أولا: يجب التفريق بين (حكمة الله) وبين (حكمة العباد) فلكل منهما معنى يختلف.

ثانياً: بالنسبة لحكمة الله، ومن أسماء الله (الحكيم)، فأنا ارى أن معناها أن الله يعلم أفضل من كل المخلوقات مجتمعين من أول الخلق لآخر الخلق اين يضع فضله وعطاءه ورزقه، فعطاء الله خير، وقلة عطاء الله خير، ومنع عطاء الله خير، ووحده الله يعلم الخير، أما نحن البشر، فقد نرى هذا الخير أو قد نرى جزءاً منه، وقد لا نراه بتاتا، ولكن على المؤمن أن يدرك أن الخير موجود حتى لو لم يراه.

ثالثاً: بالنسبة لحكمة العباد، فأنا أرى أن معناها هو (أن نستشعر وحدانية الله وعظمته في كل ما نسمع ونرى)، فالسماوات والأرض سخرها الله للإنسان، يقول عز وجل (أَلَم تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُم نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) (لقمان31: 20). وأعظم تسخير هو أن نرى عظمة الله في بديع صنعته في السماوات والأرض

رابعاً: إرتباط الحكمة بالآيات والأنبياء والرسل والكتب هو إرتباط وثيق، ذلك أن المقصد من الآيات في الكون هو أن تدلنا على الله ووحدانيه وعظمته، وكذلك الأنبياء والمرسلين والكتب إنما بعثوا لتذكيرنا بهذه الحقيقة.

فمثلا إن أنا نظرت للتفاحة، فعلي أن أقول سبحان الله، ما أعظم خلق الله، فتدلني التفاحة على الله ووحدانيته في صنعته وتدبيره وخلقه، سبحانه وتعالى، وهذه هي الحكمة، يقول عز وجل (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَد أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُواْ الأَلْبَابِ) (البقرة2: 269).

والله سبحانه وتعالى أعلم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله كل الخير أخي الشيخ خالد على تالتعليق المثمر...وزادك الله من علمه وفتح عليك فتوح العارفين.

سليم
09-27-2009, 12:20 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعترض بعض الناس على ما ذكرت في مسائل متعددة,وكان الرد على اعتراضه كما يلي:

المسألة الأولى:
لم أقتصر على آيات الحكمة التي تدعم قولي كون الحكمة هي السنّة, ولهذا تطرقت إلى الحكمة ومواطنها في القرآن في حق النبي عليه الصلاة والسلام وحق غيره من الأنبياء والبشر,وقصدت من هذه رد قول قائل:"لقد جاءت الحكمة في القرآن في حق غير الرسول عليه الصلاة والسلام وغير هذا المعنى.
والآيات التي ذكرتُها في حق نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كافية في بيان معنى الحكمة ومع هذا فقد عرضت معانيها المتعددة.
وأجيبك عن سؤالك _في أن الحكمة تُعطى لرسل وغيرهم من البشر, فكيف تكون الحكمة هي السنّة ؟؟؟؟؟؟_بسؤال أخر وسأجيب عن السؤال حتى لا يعتبر تهربًا,ما معنى الروح في القرآن؟,والجواب جاءت الروح في القرآن الكريم بمعان كثيرة منها:
1.سر الحياة كما في قوله تعالى:"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً "
2. جبريل عليه السلام كما في قوله تعالى:"تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ "
3.الوحي ما في قوله تعالى:"يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ",فالروح من الألفاظ المشتركة أي التي تشترك في أكثر من معنى,والمعنى الصواب يكون حسب سياق النص وحيثياته, والحكمة أيضًا من الألفاظ المشتركة حيث لها أكثر من معنى , وكل حسب موقعه وسياقه,ومن معاني الحكمة:
1.الأحكام المحكمة التي لا يتطرق إليها النسخ والفساد.
2. معرفة الحقائق على ما هي عليه دون غلط ولا اشتباه.
3.النبوة.
4. السنة.
5.والحكمة إتقان العلم وإجراء الفعل على وفق ذلك العلم.
والذي يفرض المعنى هو السياق وليس هناك داعٍ لإعادة ما ذكرتُ آنفًا.
المسالة الثانية:
وسؤالك:"ما رأيك بحديث النخيل؟
أخي الكريم مع إحترامي لك فهذا الحديث أُتخذ كمسمار جحا للأسف.
أخي الاكريم ما يجب مراعاته وملاحظته التفريق بين أفعال الرسول عليه الصلاة والسلام أي يجب أن نراعي أن الفعل الذي قام به من باب التبليغ والتشريع أو أنه من باب أخر,لأن أفعال الأنبياء كافة لا تخرج عن هذين الأمرين.
فالرسول عليه الصلاة والسلام في قصة النخيل لم يأمرهم بحكم شرعي ووجب عليهم التقييد به,وإنما من باب النصيحة والخبرة, والدليل هو ما أُستهل به الحديث :"لو لم تفعلوا", وعقب الحديث :"أنتم أعلم بأمور دنياكم", فحديث النخيل يدخل تحت هذا الباب.
ودليل أخر على أفعال الرسول في أمور غير تشريعية ما حصل في معركة بدر حيث نزل النبي صلى الله عليه وسلم بحافة الوادي الدنيا من جهة المدينة، وكان منزل المشركين بالعدوة القصوى التي من جهة مكة، فنزلوا على أول بئر وصلوا إليه، وجاء النبي ونزل عند أول بئر، وفي هذه الحالة جاء الحباب بن المنذر ، وقال: "يا رسول الله! أمنزل أنزلكه الله فلا قول لأحد، أم هي الحرب والمكيدة؟ قال: لا. بل هي الحرب والمكيدة,فقال الحباب حينها:" الرأي عندي أن نذهب ونتقدم إلى آخر بئر فننزل عليها، ونبني لنا حوضاً نملأه ماءً فنكون على ماء ولا ماء للعدو", فنزل الرسول عليه الصلاة والسلام عند رأي الحباب, وكذلك نزوله في غزوة الأحزاب _الخندق_ عند رأي سلمان الفارسي رضي الله عنه عندما اقترح حفر الخندق,رغم أن الرسول رأي وبعض الصحابة أن يبقوا في المدينة, فهذه أمور الدنيا والرأي فيها رأي أهل الخبرة والصنعة وهذا واضح من كلام الحباب عندما قال للرسول عليه الصلاة والسلام:"أمنزل أنزلكه الله فلا قول لأحد" يعني وبكل وضوح وصراحة أهو وحي أم غير ذلك, فإن كان وحيًا فلا خيرة لنا فيما قضى الله وإلا الرأي والمشورة.
المسألة الثالثة:
وسؤالك:"هل كان صلى الله عليه وسلم يأخذ بالاسباب ام لا؟؟
والجواب:طبعًا وما كان للرسول إلا أن يأخذ بالأسباب التي اودعها الله في مخلوقاته, وهذا واضح جلي في أول غزوة _عمل مادي_ قام به فأعدّ العدة وجيّش الجيوش رغم علمه بنصر الله له.
المسألة الرابعة:
الآية:"وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ", حقيقة لم أدرك سبب إستشهادك بهذه الآية , فالآية وتفسيرها في واد وما نحن بصدده في واد أخر,وهاك تفسيرها:"وقد دلّت الآية على أن الشُّورى مأمور بها الرسُول صلى الله عليه وسلم فيما عبّر عنه بـ(ـالأمر) وهو مُهمّات اللأمّة ومصالحها في الحرب وغيره، وذلك في غير أمر التَّشريع لأنّ أمر التَّشريع إن كان فيه وحي فلا محيد عنه، وإن لم يكن فيه وحي وقلنا بجواز الاجتهاد للنَّبي صلى الله عليه وسلم في التَّشريع فلا تدخل فيه الشورى لأنّ شأن الاجتهاد أن يستند إلى الأدلّة لا للآراء، والمجتهد لا يستشير غيره إلاّ عند القضاء باجتهاده. كما فعل عُمر وعُثمان."اهـ
يعني بإختصار الشورى والمشورة في غير أمور التشريع والتبليغ.
المسألة الخامسة:
وإيرادك هذه الآية:وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى", فالذي أراه أنها تدعم قولي وتنقض رأيك, فالرسول عليه الصلاة والسلام نطق بالقرأن وغير القرآن , ولم يرد عنه أنه نطق بضلالة حتى وقبل أن يأتيه الوحي ويؤمر بالصدع,هذه واحدة ,وأما الثانية ومن منطلق إعتبارنا أن السنّنة وحي فيكون عدم نطقه بالهوى في القرآن وأمور التشريع التي قالها بألفاظه.
ثم لاحظ أنه ذكر النطق بصيغة المضارع, فلم يقل وما نطق عن الهوى, بل قال الله:"وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى" أي ما نطق عنه وما سوف ينطق عنه ما هو إلا وحي يوحى.
وبعد هذا وما يحضرني الآن أن السنّة وحي ما أُثرعنه أن رجلا سأله صلى الله عليه وسلم عن إتيان النساء في أدبارهن أو إتيان الرجل امرأته في دبرها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم حلال ، فلما ولى الرجل دعاه أو أمر به فدعي ، فقال : كيف قلت في أي الخربتين وفي أي الخرزتين أو في أي الخصفتين أمن دبرها في قبلها فنعم ، أم من دبرها في دبرها فلا ، إن الله لا يستحي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن",فهذا يدل على أنه تلقى الوحي بحرمة هذا الفعل فدعا الرجل وبلّغه بلفظه عليه الصلاة والسلام:"إن الله لا يستحي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن".

نائل أبو محمد
09-10-2010, 02:25 AM
الجمعة 2 شوال 1431

نائل أبو محمد
10-06-2010, 05:11 PM
الأربعاء 28 شوال 1431