المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ محمد حسين من المسجد الأقصى بتاريخ 24/6/2005م وفق 17 جمادي الأول 1426 هجري


admin
05-15-2009, 09:33 AM
<EMBED src=2005-06-24.wma width=612 height=44 type=audio/x-ms-wma>

تاريخ الخطبة: 17 جمادي الأول 1426 وفق 24/6/2005م
عنوان الخطبة: كيف نحافظ على القدس؟
الموضوع الرئيسي: الرقاق والأخلاق والآداب, العلم والدعوة والجهاد
الموضوع الفرعي: الكبائر والمعاصي, المسلمون في العالم, فضائل الأزمنة والأمكنة
اسم الخطيب: محمد أحمد حسين

ملخص الخطبة
1- من فضائل بيت المقدس. 2- واجبنا تجاه القدس. 3- وسائل تهويد القدس. 4- خطورة المخدرات على الفرد والمجتمع. 5- صور من الإجراءات القمعية اليهودية.

الخطبة الأولى
عباد الله، أوصيكم وإياي بتقوى الله العظيم وطاعته، وأحذّركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره؛ لقوله تعالى: http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [فصلت:46].
أيها المسلمون، أيها المُرابِطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، روى الإمام أحمد رحمه الله عن الصحابي الجليل ذي الأصابع http://www.alminbar.net/../images/radia-icon.gif قال: قلت: يا رسول الله، أين تأمرنا إن ابتُلِينا بالبقاء بعدك؟ قال: ((عليك ببيت المقدس؛ فلعلّه أن يُنْشِئ اللهُ لك ذُرّية يغدون إلى ذلك المسجد ويروحون)). إنه نور النبوّة يخترقُ الزمانَ والمكانَ مُخْبِرًا هذه الأمةَ المجيدة أنّ القدس ومسجدها وأكنافها مَوْئلُ المسلمين وملاذهم عند وقوع البلاء والابتلاء, فأرضها أرض الرباط والصبر والجهاد, وهذا ما حَدّثَ به التاريخُ منذ الفتح الإسلامي لهذه الديار المباركة.
أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، إن المحافظة على القدس بهويتها الإسلامية ووجهها العربي يحتاج إلى موقف إسلامي وعربي فاعل، لا يقتصر على عقد الندوات والمؤتمرات وإصدار البيانات والتوجيهات التي تدعو لنصرة القدس وأهلها، ثم لا يتبع ذلك عملٌ مَلْمُوس يوقف إجراءات التهويد الزاحفة بوَتِيرة مُتسارِعة على المدينة وأهلها، من خلال جدران الفصل العنصري السياسي الذي يحيط بالقدس إحاطة السِّوار بالمِعْصَم، ومن خلال صفقات البيع المشبوهة في باب الخليل وغيره من الأماكن في البلدة القديمة وخارج أسوارها؛ للاستيلاء على مزيد من العقارات العربية؛ لإسكان المستوطنين، والتحكّم بالأحياء العربية بإحكام القبضة عليها؛ تمهيدًا لتهجير أهلها وإفراغ المدينة من سُكّانها الشرعيين.
وإذا كنا نطالب العربَ والمسلمين بموقف عملي لحماية المدينة المقدّسة، والقيام بهذا الواجب الديني والأخلاقي والتاريخي، فإننا في الوقت نفسه نطالب كل مسؤول في هذه الديار أن يجعل القدس هاجِسَه، وأن يجعلها في أولويات اهتمامه فعلاً لا قولاً، وعملاً يمسّه أبناء القدس في مناحي حياتهم؛ لتثبيتهم وتعزيز صمودهم في هذه المدينة المستغيثة بمن يسير على منهج الأوائل والذين سبقوا من الفاتحين العظام والمحرّرين الأُبَاة, مِصْداقًا لقوله تعالى: http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifوَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [الحديد:16], جاء في الحديث الشريف عن أسماء بنت الصديق رضي الله عنهما قالت: قال رسول الله http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif: ((إني على الحوض حتى أنظر من يَرِدُ عليّ منكم، وسيؤخذ ناسٌ من دوني، فأقول: يا ربّ، منّي ومن أمّتي! فيقال: هل شعرت بما عملوا بعدك، والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم)) رواه البخاري.
نعوذ بالله أن نرجع على أعقابنا، أو نُفتن في ديننا، فيا فوز المستغفرين، استغفروا الله، وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

الخطبة الثانية
الحمد لله الهادي إلى الصراط المستقيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله أحبّ لعباده أن يعملوا لدينهم ودنياهم؛ حتى يفوزوا بنعم الله، وينالوا رضوانه، وأشهد أنّ سيدنا محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون, اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن سار على منهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.
وبعد: أيها المسلمون، كي نحافظ على القدس عربية إسلامية لابدّ من التمسّك بعقاراتها وأملاكها بعيدة عن أهداف التهويد، وذلك بإعمار هذه العقارات وإشغالها بالسكّان الذين لا يُفرّطون بهذه العقارات مهما كانت المُغْرِيات المادّية، ومهما حاول سَماسِرُة السوق تزيين تَسْريبها من خلال الصفقات المشبوهة الخاسرة التي تعود على صاحبها بالإثم والخسران في الدنيا والآخرة، وليكن شعار أهلنا في القدس أنهم على ثَغْرةً من ثُغُور الإسلام، فلا تُؤتيّن من قِبَلِك.
وبهذه العزيمة يكون الرباط والثبات في هذه المدينة المقدّسة التي جعلها الله بوّابة الأرض إلى السماء ليلة أُسرِي بعبده وحبيبه المصطفى من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بارك الله فيه، وبارك حوله، وجعله قبلة المسلمين الأولى، وثالث مسجد تُشدّ إليه الرِّحالُ في الإسلام، فقال عليه الصلاة والسلام: ((لا تُشدّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)). هذا المسجد المبارك الذي يتعرّض في هذه الأيام إلى محاولات المَسّ به من قِبَل المنظّمات اليهودية المتطرّفة الحالِمَة بإقامة الهيكل المزعوم مكانه، والساعية إلى فرض واقع جديد فيه، وتساعدها جهاتٌ رسميّة في حكومة الاحتلال ومؤسساتها.
أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج، إن محاولات الجهات الأمنيّة الإسرائيلية تضييق الخِنَاق على المسجد الأقصى المبارك من خلال تركيب أَسْيِجَة أمنية متطوّرة على جدرانه وأَرْوِقَته، ورَصْدِ آلات تصوير تحته بذرائع الأمن والحماية من اعتداءات محتملة من قبل المتطرّفين اليهود، وهي محاولات جادّة لأحكام السيطرة على المسجد الأقصى والتدخّل في شؤونه كلها، وهذا ما رفضته الأوقافُ الإسلامية والمسلمون في هذه الديار منذ الأيام الأولى للاحتلال، وترفضه هذه الأيام.
إن حماية المسجد الأقصى المبارك تكون خارج نطاق المسجد ومكوناته بما يُحَافظ عليه مسجدًا للمسلمين وحدهم، وهو قرار ربّاني لا يقبل النقض أو الاستئناف إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifوَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [يوسف:21].
أيها المسلمون، أيها المُرابِطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، ولكي نحافظ على أخلاق المُرابِطين في هذه الديار المقدسة وسائر الأراضي المباركة لابد من محاربة الآفات والأمراض الاجتماعية التي تفتك بأجسام وأخلاق أبناء هذه الأرض الطاهرة، ولعل من أخطر هذه الآفات آفةَ المخدرات التي ابتُلِي بها كثير من أبناء مدينة القدس، وانتشر ضررُها بنسب متفاوتة في سائر أرجاء الوطن من خلال المتاجرين بأخلاق أبناء الأمة والمتعاطين لها.
وإن ما تقوم به الهيئات المعنيّة بمكافحة هذه الآفة والأخذ بيد المُتعاطِين لهذه السموم لتُخلّصهم من بلائها لهي جهود خَيّرة ومشكورة تستدعي مؤازرة الجميع؛ ليكون وطن الرباط مهد الإسراء والمعراج نظيفًا من هذه السموم، مُعافًى من بلائها. فالله يقول: http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [البقرة:172]، ويقول أيضًا: http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifالَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [الأعراف:157], والمخدرات بجميع أنواعها هي من الخبائث التي يحرم تعاطيها والاتّجار بها، وفي الحديث الشريف عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (نهى رسول الله http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif عن كل مُسكِر ومُفْتِر) رواه أحمد وأبو داود.
أيها المسلمون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج، إن مدينة القدس قد ابتُلِيت بقسط وافِر من الإجراءات الاحتلالية منذ الأيام الأولى للاحتلال، ومن ذلك إعلان توحيدها وضمّها كعاصمة للكيان الإسرائيلي، وبسْط القوانين الإسرائيلية على الأرض والسكّان، والشروع في بناء المستعمرات الاستيطانية كحزام لفصل المدينة عن محيطها العربي الفلسطيني، وتوسيع حدود بلدية الاحتلال سعيًا لتحقيق وتكريس واقع القدس الكبرى بصيغة يغلب عليها التَّهْوِيد الزاحف على المدينة ومؤسّساتها، وقد عمل الاحتلال على إضعاف المؤسسات الصحية والاجتماعية والتعليمية والثقافية في المدينة المقدسة، وذلك لربط هذه المناحي بمؤسّساته التي تخدم الهدف المركزي للاحتلال بتهويد المدينة وتكريسها عاصمة لكيانه الاحتلالي.
والحاجزُ شاهد على البلاء الذي أصاب هذه الديار وأهلها جَرّاء ممارسات الاحتلال الصهيوني الاستيطاني، والذي يعمل جاهدًا لاقتلاع أهل هذه الديار من أرضهم بشتى الوسائل والأساليب التي ورثها عن الدول الاستعمارية التي احتلت هذه الديار إثر سقوط دولة الخلافة الإسلامية بعد الحرب الكونية الأولى.
أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج، قد يقول قائل: إن هذه الإجراءات التي نشير إليها قد تَمّت خلال السنوات الأولى للاحتلال، فلماذا نذكرها اليوم؟ الجواب على ذلك: أن هذه الإجراءات وإن مضى عليها عقدين أو ثلاثة عقود من الزمان فهي إجراءات باطلة تَمّت في ظل القوة وفي ظل التنكُّر لكل القوانين والمواثيق والأعراف الدولية التي لا تُضْفِي أي شرعيّة على إجراءات الاحتلال ولا تغيّر أوضاع الأرض والسكّان الخاضعين للاحتلال، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ليكون أبناء القدس بخاصّة وفلسطين عامّة على بيّنة من هذا، فلا يُسلّموا بهذه الإجراءات، بل يصرّوا على بطلانها، ويعملوا على وقفها؛ صَوْنًا لحقوقهم، وتمسّكًا بأرضهم.
وصدق الله العظيم القائل: http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifفَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [إبراهيم:47].