المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ عكرمة صبري من المسجد الأقصى بتاريخ 12/8/2005م وفق 7 رجب 1426 هجري


admin
05-15-2009, 09:58 AM
<EMBED src=2005-08-12.wma width=612 height=44 type=audio/x-ms-wma>

تاريخ الخطبة: 7 رجب 1426 وفق 12/8/2005م
عنوان الخطبة: رضا الله عن العبد
الموضوع الرئيسي: الإيمان, العلم والدعوة والجهاد
الموضوع الفرعي: المسلمون في العالم, حقيقة الإيمان
اسم الخطيب: عكرمة بن سعيد صبري

ملخص الخطبة
1- مرتبة الرضا من أسمى المراتب الإيمانية وأرفعها. 2- غاية المسلم الحق رضا الله عنه. 3- السعادة في رضا الله. 4- لوازم الرضا . 5- من صفات الصادقين تقديم رضا الله على رضا الجميع. 6- المستوطنات الإسرائيلية حق غير مشروع. 7- الإجراءات الاحتلالية بحق القدس وأهله.

الخطبة الأولى
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة براءة: http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifوَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [التوبة:100].
أيها المسلمون، سئل أحد الصالحين عن أمنيته في هذه الحياة الدنيا؟ فأجاب: أملي أن يرضى الله عني. وسئل آخر من الصالحين: ما غاية الرضا؟ فأجاب: أن لا تفرح بما أقبل من متاع دنياك، ولا تأسى على ما أدبر منها، ولا تمكّن التسويف من قلبك؛ فإنه سبيل الضلال.
أيها المسلمون، لقد عَدَّ علماء التوحيد مرتبة الرضا من أسمى المراتب الإيمانية وأرفعها، واستدلّوا بقول رسولنا الأكرم http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif: ((اتّقِ المحارم تكن أعبد الناس، وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا، وأحِبَّ للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا، ولا تكثر الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب)).
نعم أيها المسلمون، لقد أوضح حبيبكم محمد http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif بأن الذي يرضى بما قسم الله له يكون أغنى الناس؛ لأنه أعظمهم سرورًا واطمئنانًا، وأبعدهم عن الهمّ والحزن والسخط والضجر والتبرُّم؛ إذ ليس الغنى بكثرة المال، إنما يكون بغنى القلب والإيمان والرضا. والمعلوم أن القناعة كنز لا يفنى.
أيها المسلمون، يُعدّ الرضا من أسباب سعادة المؤمن وطمأنينته في الدنيا وفي الآخرة، وأن السخط سبب الشقاء في الدنيا والخسارة في الآخرة، لقول رسولنا الأكرم عليه أفضل الصلاة: ((ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله له، ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله تعالى، ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله تعالى له)).
أيها المسلمون، لقد هذَّب رسولنا الأكرم http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif سلوك أصحابه الكرام رضي الله عنهم، وغرس في قلوبهم الرضا بالله تعالى ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif نبيًّا ورسولاً، فاطمأنّت قلوبهم، وهدأت نفوسهم، ورضي الله عنهم، للحديث الشريف: ((من قال إذا أصبح وأمسى: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif رسولاً؛ كان حقًّا على الله أن يرضيه)). فكان الصحابة رضوان الله عليهم يكرّرون هذا الحديث الشريف صباحًا ومساءً، مُعْرِبِين عمّا تُكنّه قلوبهم المؤمنة من نعيم الرضا بالله عز وجل والتسليم. فاحرصوا ـ أيها المسلمون ـ على تكرار هذا الحديث النبوي الشريف، فقولوا: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif رسولاً؛ يرضى الله عنكم.
أيها المسلمون، إنه من لوازم الرضا بالله تعالى ربًّا الرضا بكل أفعاله في شؤون خلقه من إعطاء ومَنْع، وخَفْض ورَفْع، وضرّ ونفْع، ووصْل وقطْع. ومن لوازم الرضا بالإسلام دينًا أن يتمسّك المسلم بأوامره، وأن يبتعد عن نواهيه، وأن يستسلم لأحكامه، ولو كان في ذلك مخالفة لهوى نفسه ومعارضة لمصالحه الخاصة وأموره الدنيوية. ومن لوازم الرضا بسيدنا محمد http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif نبيًّا ورسولاً أن يتخذ من شخصه مَثَلاً أعلى وأسوة حسنة، فيتبع هديه، ويقتفي أثره، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من ولده ووالده والناس أجمعين)). حينئذ فإن المسلم يتذوّق طعم الإيمان وحلاوة اليقين، لقول الرسول الكريم: ((ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا)).
أيها المسلمون، إن المؤمن هو الذي يحرص على التماس رضا الله، سواء رضي الناس عنه أو سخطوا، حينئذ فإن الله ربّ العالمين يتولاّه ويرعاه، ويحميه من شرار الناس وعداواتهم؛ لأن المسلم الصادق ينبغي أن يكون ملتزمًا بأوامر الله، ومجتنبًا نواهيه. وعلى العكس من ذلك فإن المسلم إذا سعى إلى رضا الناس بما يغضب رب العالمين فإن الله عزّ وجل يتخلّى عنه، ويسلمه للناس، وبمعنى آخر: إذا كانت أقواله وأفعاله وتصرّفاته مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية بهدف إرضاء الناس ومداراتهم فإن الله سبحانه وتعالى يسخط عليه، ويتخلى عنه، ويكله إلى الناس.
أيها المسلمون، هناك أحاديث نبوية شريفة في هذا المجال، فيقول رسولنا الأكرم http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif: ((من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس))، وفي حديث آخر: ((من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس)). فنقول للذي يحاول أن يرضي الناس رغم مخالفته لأحكام ديننا العظيم نقول له: فمن الذي يحميك من غضب الله العزيز الجبار؟! http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifيَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ http://www.alminbar.net/../images/mid-icon.gif إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [الشعراء:88، 89].
أيها المسلمون، إن الذي يرغب في الجمع بين محبة الله ومحبة الناس له، فعليه أن يلتزم بقول رسولنا الأكرم http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif: ((ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس)). ويؤخذ من هذا الحديث النبوي الشريف بأن محبة الله للإنسان مَنُوطة بالتزام أوامر الله عزّ وجل، والابتعاد عن المحرمات والشبهات في المأكل والملبس والمسكن وسائر شؤون الحياة، كما أن محبة الناس للإنسان تأتي من خلال المعاملة الحسنة لهم وعدم أكل أموالهم، والإعراض والعزوف عما في أيديهم. وأن لا يطمع الإنسان بأموال الناس والتي ليست من حقّه. حينئذ يحبه الله ويحبه الناس أيضًا. أما إذا تعارضت محبة الله مع محبة الناس فيجب على المسلم أن يرجّح محبة الله على محبة الناس له.
نعم أيها المسلمون، إن المؤمن يسعى في هذه الدنيا لينال رضا الله عزّ وجل، وذلك بقبول الله لأعماله، ولكن لا يتحقّق ذلك إلا إذا كان المسلم نفسه راضيًا عن ربه، أي مستسلمًا للذي خلقه، وراضيًا بثواب الله عزّ وجل وبجنته، أي قانعًا برضا الله ورحمته، حينئذ يكون الرضا متبادلاً بين الإنسان وخالقه، لقوله سبحانه وتعالى: http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [المجادلة:22]، وهذه قمّة العلاقة الإيمانية بين الله تعالى والإنسان.
جاء في الحديث الشريف: ((إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة. يقولون: لبيك ربّنا وسعديك. فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك. فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك. قالوا: يا رب، وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحلّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا)).


الخطبة الثانية
أيها المصلون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج، تكرّرت تصريحات المسؤولين لدى السلطات الإسرائيلية المحتلة بشأن القدس واللاجئين والمستوطنات، مما يؤكد أنهم لا يريدون حلاًّ ولا سلامًا، أما القدس فيزعمون بأنها عاصمة أبدية لهم بشقّيها الغربي والشرقي، وأنها غير خاضعة للتفاوض. ونقول: إن مدينة القدس بشقّيها الغربي والشرقي هي وقف إسلامي، ولا مجال للتفاوض عليها، كسائر مناطق فلسطين.
أما موضوع اللاجئين فقد سبق أن أصدرنا فتوى شرعية بضرورة عودتهم إلى ديارهم، فهو حق شرعي لهم، وأن حقّهم غير قابل للمُسَاومة.
وأما المستوطنات فهي غير شرعية؛ لأنها مقامة على أرض مُغْتَصَبة، وأن المستوطنين يمثلون الاحتلال، والاحتلال مرفوض شرعًا.
أيها المصلون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، أما مسجدنا الأقصى المبارك فإن التشديدات الاحتلالية حول القدس وداخلها تهدف إلى محاصرته، وعَرْقَلة وصول المصلّين إليه، وحرمان مئات الآلاف من المسلمين الصلاة في الأقصى، والسؤال: من الذي يُعاقَب: المعتدِي أم المعتدَى عليه؟! إن اليهود والمتطرّفين هم الذين يهدّدون بالاعتداء على الأقصى المبارك، فلماذا هذه التشديدات على المصلين المسلمين؟!
إننا نرفض هذه الإجراءات الاحتلالية بحق القدس وأهلها، وبحق أهل فلسطين بشكل عام. وان هذه الإجراءات الظالمة لتؤكّد على الأطماع المبيّتة تجاه مسجدنا المبارك.
أيها المصلون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، نذكّركم بشدّ الرحال بعد غد الأحد 14/8/2005، وهو اليوم الذي أعلن عنه اليهود المتطرّفون بأنهم سيقتحمون الأقصى، فمن واجب كل مسلم التوجّه إلى الأقصى؛ لأنه مهدّد بالأخطار، وأن حمايته واجب علينا، وسبق أن عاهدنا الله رب العالمين على حمايته، ولنجدّد هذا العهد، فردِّدوا من بعدي ـ أيها المصلون ـ وقولوا: نقسم بالله العظيم أن نحمي الأقصى من أي اعتداء عليه.
أيها المصلون، اعلموا أن الدنيا خُلِقت لكم، ولكنّكم خُلِقتم للآخرة، وأن الله عز وجل قد أعطاكم الدنيا لتطلبوا بها الآخرة، ولم يعطها لكم لتركنوا إليها، واعلموا أنكم بين يدي الله موقوفون، وبأعمالكم تحاسبون، وسيعلم الذين ظلموا أي مُنقلب ينقلبون.