المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ يوسف أبو سنينة من المسجد الأقصى بتاريخ 30/9/2005م وفق 26 شعبان 1426 هجري


admin
05-15-2009, 10:20 AM
<EMBED src=2005-09-30.wma width=612 height=44 type=audio/x-ms-wma>

تاريخ الخطبة: 26 شعبان 1426 وفق 30/9/2005م
عنوان الخطبة: رمضان والأقصى
الموضوع الرئيسي: الرقاق والأخلاق والآداب
الموضوع الفرعي: فضائل الأعمال
اسم الخطيب: يوسف بن عبد الوهاب أبو سنينه

ملخص الخطبة
1- قدوم رمضان. 2- التحذير من المعاصي. 3- أحوال السلف في رمضان. 4- حياة المؤمن كلها رمضان. 5- ملاحظات صادرة عن دائرة الأوقاف. 6- مكر الحكومة الإسرائيلية.

الخطبة الأولى
نحن اليوم في السادس والعشرين من شهر شعبان، فالشهر قد انقضى عنكم أكثره، ودنا رحيله، شاهد للمحسنين بما قدَّموا من عمل صالح، وبما أخلصوا فيه من متَّجر رابح، وهو شاهد على المفرِّطين بأوزارهم. أظلكم الموسم الذي هو أعظم منه غنيمة وسعادة، وأوفر منه في طلب الحسنى وادخار الزيادة، http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifشَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [البقرة:185]، تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، ويُصَفَّد فيه كل مارد شيطان، فأعدّوا لقدومه عُدَّة، واسألوا الله تعالى التوفيق إلى أن تكملوا العِدَّة، والحذر الحذر من التفريط والإهمال، والتكاسل عن صالح الأعمال، فهمّة الصالحين فيه القيام والصيام، والكف عن فضول الكلام، والسلامة من جميع الآثام، والاشتغال بذكر الملك العلاّم، وهمة الغافلين التلذّذ بألوان الطعام، وتضييع أوقاته بالغفلة والمنام، وسيتبين لكم يوم الفصل الأوضح أي الفريقين أسلم وأربح.
إذا العشرون مِن شعبان ولَّتْ فواصِل شُرْبَ ليلـك بالنهارِ
ولا تشربْ بـأقْدَاح صِغَـار فإن الوقتَ ضاق على الصِّغَارِ
عباد الله، من أراد الله به خيرًا حبَّب إليه الإيمان، وزيّنه في قلبه، وكرَّه إليه الكفر والفسوق والعصيان، فصار من الراشدين، ومن أراد به شرًّا خلَّى بينه وبين نفسه، فاتبعه الشيطان، فحبَّب إليه الكفر والفسوق والعصيان، فكان من الغاوين. فالحذر الحذر ـ يا عباد الله ـ من المعاصي، فكم سلبت من نعم، وكم جلبت من نقم، وكم خرّبت من دِيَار، وكم أخلت دَيَّارًا من أهلها فما بقي منهم أحد، كم أخذت من العصاة بالثأر، كم محت لهم من آثار.
عباد الله، أين أحوالنا اليوم من أحوال السلف الصالح؟! كان دهرهم كله رمضان، ليلهم قيام، ونهارهم صيام. باع قوم من السلف جارية، فلما قرب شهر رمضان رأتهم يتأهّبون له ويستعدّون بالأطعمة وغيرها، فسألتهم فقالوا: نتهيّأ لصيام رمضان، فقالت: وأنتم لا تصومون إلا رمضان؟! لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان، ردّوني عليهم.
عباد الله، الدنيا كلها شهر صيام المتقين، يصومون فيه عن الشهوات والمحرمات، فإذا جاءهم الموت فقد انقضى شهر صيامهم، واستهلّوا عيد فطرهم. من صام اليوم عن شهواته أفطر عليها بعد مماته، ومن تعجّل ما حرَّم الله عليه قبل وفاته عُوقِب بحرمانه في الآخرة وفواته، اقرؤوا قوله تعالى: http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifوَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [الأحقاف:20]. وقد ورد في الحديث الشريف قول رسول الله http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif: ((من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة، ومن لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة))، وفي حديث آخر: ((لو يعلم العباد ما في رمضان لتمنّت أمتي أن يكون رمضان السنة كلها)).
وكان السلف الصالح يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلّغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبّل منهم الصيام.
يا ذا الذي ما كفَاهُ الذنبُ في رجب حتى عصى ربَّه في شهر رمضانِ
لقد أظلَّـك شهرُ الصوم بعدهُمـا فلا تصيّره أيضًا شهر عِصْيـانِ
واتْلُ القـرآنَ وسبِّحْ فيه مجتهـدًا فـإنه شهرُ تسبيـحٍ وقـرآنِ
يا معشر التائبين، صوموا عن شهوات الهوى لتدركوا عيد الفطر يوم اللقاء، لا يطولنّ عليكم الأمل باستبطاء الأجل، فإن معظم نهار الصيام قد ذهب، وعيد اللقاء قد اقترب.
إلهنا ومولانا أنت الملك الكريم، وكل معبود سواك باطل، إليك رغب القاصدون، وابتغوا إليك الوسائل، وها نحن ببابك واقفون، وبكرم جودك عارفون، نشكو إليك مرض القلوب، فأنت الشافي والمعافي، نسألك دواء الغفلة، ونستعين بك على إصلاح النفوس، فقد طال تَجَافِيها، ونلتجئ إليك في دفع شرِّها يا رب العالمين.
عباد الله، انظروا إلى قيام السلف الصالح في قيام رمضان، قال السائب بن يزيد: لما جمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس لقيام رمضان قدم أبي بن كعب وتميما الداري يصليان بالناس، فكان القارئ يقرأ بالمائتين، وكنا نعتمد على العصي من طول القيام، ولا ننصرف إلا في بزوغ الفجر. وروى عبد الله بن أبي بكر عن أبيه رضي الله عنهم قال: كنا ننصرف من قيام رمضان فنستعجل الخدم بالطعام مخافة أن يطلع الفجر. وكان الشافعي رضي الله عنه يختم في رمضان ستين ختمة.
تعبوا والله قليلا، واستراحوا كثيرا، وتبوّؤوا من رياض الجنة مقيلا، والبائس المسكين من لم يجد للحاقهم سبيلا، والمغبون من رضي بحظّ العاجل بديلا.
هناك ملاحظات صادرة عن دائرة الأوقاف بمناسبة حلول شهر رمضان:
1- منع التسول والباعة من دخول المسجد الأقصى.
2- منع جمع التبرعات في ساحات المسجد منعا باتا.
3- اتخاذ جانب الحيطة والحذر من أي جسم غريب أو شخص مشبوه.
4- الحذر من السراقين والنشالين وبخاصة وقت الازدحام.
5- عدم استعمال السيارات ووقفها عند أبواب المسجد وفي الطرقات.
6- التعاون مع حرس المسجد الأقصى ولجان حفظ النظام.
7- بالنسبة لصلاة التراويح سوف تقام بعد أذان صلاة العشاء بنصف ساعة إن شاء الله.
نسأل الله تعالى أن يجعل هذا الشهر الفضيل شهر عز ونصر وفتح للإسلام والمسلمين.
أيها المسلم، إذا لم تقدر على القيام والصيام فاعلم أنك محروم بذنوبك، فالجاهل يظن أن المؤمنين القائمين عبدوا الله بصحة الأجسام وقوة الأركان، لا والله، ولكن عبدوا الله بصحة القلوب وقوة الإيمان، أكلهم أكل المرضى، ونومهم نوم الغرقى، وكلامهم كلام الخائفين بين يدي ملك جبار، وعزمهم عزم الهارب من سيل مغرق أو نار محرقة.

الخطبة الثانية
أيها المسلمون، نجحت الحكومة الإسرائيلية بتلميح سياستها والحصول على شهادة حسن سلوك ـ إن جاز التعبير ـ من الأنظمة العربية والمجتمع الدولي نتيجة انسحابها من قطاع غزة، كما حصل رئيس الحكومة شارون على شهادة رجل سلام عن جميع الممارسات القمعية التي انتهجها، ولا تزال تنتهجها حكومته ضد شعبنا الفلسطيني المسلم على مدار عشرات السنين.
وقد استغلت الحكومة الإسرائيلية المظلة الدولية الأمريكية الداعمة لسياستها، وبعد أن ضمنت تطبيع علاقاتها مع العديد من الدول العربية سرا وعلانية اتجهت صوب أكبر دولتين إسلاميتين باكستان وأندونيسيا، واللتين تضمان زهاء أربعمائة مليون مسلم، بهدف إقامة علاقات دبلوماسية معهما، فاختراق حاجز المقاطعة لإسرائيل لم يتوقف عند الدول العربية فقط، إنما امتد ليشمل العالم الإسلامي.
أيها المسلمون، إن واقع الأمر ومن خلال استمرار عمليات الاغتيالات والقصف العشوائي للبنية التحتية في قطاع غزة أن إسرائيل خرجت من داخل القطاع لكسب التأييد الدولي، وجعلت منه سجنا كبيرا يحاط بالآليات والدبابات العسكرية.
وفي ظل التعتمة الإعلامية على واقع الأمر فإن إسرائيل ـ وعلى لسان رئيس وزرائها الذي يخوض معركة رئاسة حزب الليكود الحاكم ـ حددت سياستها المقبلة مع الفلسطينيين على النحو الآتي:
أولا: لا انسحاب من الضفة الغربية، بل سيتم تعزيز قبضتها عليه من خلال إحكام السيطرة العسكرية وتعزيز المستوطنات وتوسيعها.
ثانيا: لا مجال للتفاوض على حق الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم.
ثالثا: لا مجال للحديث أو التفاوض على القدس، وتعتبرها العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل على حد زعمهم.
رابعا: التدخل السافر في الشأن الفلسطيني الداخلي، وتعطيل الانتخابات الفلسطينية المزمع أجراؤها في مطلع العام القادم إذا شاركت فيها الفصائل الفلسطينية المناهضة لعملية التسوية، وما الاعتقالات الجارية في الضفة الغربية للعديد من القادة السياسيين والدرسين والعاملين إلا توطئة للحيلولة دون إدراج قوائم المعارضة الفلسطينية في الانتخابات، ودون إجراء انتخابات نزيهة وحرة تشارك فيها كل قطاعات وفعاليات الشعب الفلسطيني كأمر فلسطيني داخلي.
خامسا: استمرار بناء الفصل العنصري، وعدم توقف عملية البناء رغم المظاهرة التي تشارك فيها الفلسطينيون، معربين عن رفضهم واستنكارهم الشديدين لهذا الجدار، وقد سمحت إسرائيل بهذه المظاهرة لتظهر أمام العالم أنها دولة ديمقراطية، تعطي حرية الرأي للأقليات الموجودة، وأن احتجاج الفلسطيني سيذهب أدراج الرياح.
سادسا: تضييق الخناق على أهل القدس وإغلاق مؤسسات مهنية وإعلامية واجتماعية وخيرية.
سابعا: عدم إدراج قضية المعتقلين الفلسطينيين في أية مفاوضات قادمة.
ثامنا: استمرار الحفريات الإسرائيلية وحفر الأنفاق تحت أساسات الحرم القدسي الشريف، وفي ذلك انتهاك للمقدسات الإسلامية واستهانة بالمسلمين، عدا ذلك من المخاطر التي تؤدي إلى تصدع وانهيار أساسات الحرم القدسي الشريف لا قدر الله.
أيها المسلمون، إزاء هذه المعطيات فهل سيكون هناك سلام؟!
إن على الذين يتباكون على السلام ويسارعون إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل أن يدركوا أن الأرض الفلسطينية لا تزال محتلة، وأن إسرائيل ترفض الانصياع للقرارات الدولية الداعية إلى الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967. وعلى العالم الإسلامي أن يدرك ويعلم علم اليقين أن المسجد الأقصى المبارك رمز عقيدة المسلمين في بين المقدس، لا يزال يرزح تحت نير الاحتلال، وإذا كان الفلسطينيون قد نذروا أنفسهم للدفاع عنه بالمهج والأرواح فهذا لا يعني أن تتنصل الأمة الإسلامية من مسؤوليتها الدينية بالدفاع عن الأقصى، والواجب على أمتنا أن تعمل جاهدة لإقامة دولة الإسلام، فهي وحدها الكفيلة لرفع الظلم عنها، وبغير ذلك فلن نفلح أبدا ولا تقوم لنا قائمة
.