المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ عكرمة صبري من المسجد الأقصى بتاريخ 7/10/2005م وفق 4 رمضان 1426 هجري


admin
05-15-2009, 10:22 AM
<EMBED src=2005-10-07.wma width=612 height=44 type=audio/x-ms-wma>

تاريخ الخطبة: 4 رمضان 1426 وفق 7/10/2005م
عنوان الخطبة: فضل الصيام وحقيقته
الموضوع الرئيسي: الرقاق والأخلاق والآداب, فقه
الموضوع الفرعي: الصوم, فضائل الأزمنة والأمكنة
اسم الخطيب: عكرمة بن سعيد صبري

ملخص الخطبة
1- الحث على أداء الصلوات في المسجد الأقصى. 2- من فضائل شهر رمضان. 3- التحذير من إضاعة الوقت في رمضان. 4- ليس الصيام هو الإمساك عن المفطرات الحسية فحسب. 5- إرشادات وتوجيهات للمصلين في الأقصى. 6- تجدد محاولات اليهود لاقتحام الأقصى.

الخطبة الأولى
أما بعد: فقد روى الصحابي الجليل سلمان الفارسي http://www.alminbar.net/../images/radia-icon.gif أن رسول الله http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif خطب في آخر يوم من شهر شعبان قائلاً: ((يا أيها الناس، قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعًا، من تقرّب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدّى فريضة فيما سواه، ومن أدّى فريضة فيه كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة)).
أيها المسلمون، أيها الصائمون، اليوم الجمعة الأولى من رمضان المبارك لعام 1426هـ، فطوبى لمن صلى الجمعة في المسجد الأقصى المبارك في هذا الشهر الفضيل، فيكون قد جمع ثلاث فضائل: الجمعة لها فضيلة، والأقصى له فضيلة، والصوم له فضيلة، فاحرصوا ـ أيها المسلمون ـ على الصلاة يوم الجمعة في المسجد الأقصى المبارك.
وعليه نقول: ينبغي على كل مسلم يتمكّن من الوصول إلى الأقصى أن يشدّ الرحال إليه، فطوبى لكم أيها المصلون المستمعون، أيها المحتشدون في رحاب المسجد الأقصى المبارك.
وإن زحفكم إلى الأقصى لصلوات الفجر والعشاء والتراويح هو الرد العملي على الطامعين بالأقصى، هو الرد العملي على الذين يحاولون التنغيص على عباداتكم في هذا الشهر الفضيل شهر الصوم شهر رمضان المبارك. فاحرصوا ـ يا أحباب الأقصى ـ على التردّد والتواجد في رحابه وفي ساحاته، فكلها أقصى في رمضان وفي غير رمضان، فأنتم المعادلة السليمة الصحيحة على أرض الواقع، فهنيئًا لكم وطوبى لكم، وحماك الله يا أقصى.
أيها المسلمون، أيها الصائمون، يا أمة الصيام والقيام، لقد أطل علينا هذا الضيف العزيز على قلب كل مؤمن، إنه شهر الخير والبركات، شهر القربى والعبادات، شهر الإنجازات والانتصارات، في هذا الشهر تفتح خزائن الفضل والرحمة والإحسان، وتقبل ليالي الجود والعفو والغفران، لقول رسولنا الأكرم محمد http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif: ((إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين))، وفي رواية: ((صفدت الشياطين))، والمعنى واحد. والحكمة من ذلك حتى يكون للناس حافز بالإقبال على الله عز وجل، وبالتوبة النصوح الخالصة له سبحانه وتعالى، فإن باب التوبة مفتوح على مصراعيه، ينتظر التائبين المستغفرين العابدين، فهل من تائب ليتوب الله عليه؟!
هذا الشهر الذي أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار. نسأل الله رب العالمين ذا العرش المجيد أن يرحمنا برحمته، وأن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يعتقنا وإياكم من النار.
أيها المسلمون، أيها الصائمون، إن المؤمنين في هذا الشهر المبارك يعيشون في عبادة متواصلة من صلاة للتراويح وتلاوة للقرآن الكريم وحضور دروس العلم، لا مجال لمضيعة الوقت في هذا الشهر الفضيل. في الوقت نفسه فإن المؤمنين يمتحنون امتحانًا شديدًا لما يشاهدون من معاص وتحديات ومنغصات وتجاوزات بفعل الاحتلال البغيض، وبفعل الشواذ والمنحرفين من المسلمين، فإن هذا الشهر شاهد يوم القيامة بالإحسان لمن أحسن، وبالإساءة لمن أساء، والعاقبة للمتقين.
فطوبى للصائمين، والويل للمفطرين بدون عذر شرعي، أما المضطرون للإفطار بعذر شرعي عليهم أن يستتروا، وأن لا يجاهروا بإفطارهم، فإن المجاهرة بالإفطار إثم، فكيف بالذين يجاهرون وبدون عذر شرعي؟! فالإثم أشد وأشد.
أيها المسلمون، أيها الصائمون، بحمد الله وتوفيقه ورعايته أن بدأ المسلمون في مختلف أقطار المنطقة صومهم في يوم واحد، ونسأل الله العلي القدير أن يوحّد صفوفهم، وأن يجمع كلمتهم، وأن يحرر بلادهم من الاحتلال والتبعية والاستعمار، وأن يرفع رايتهم راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. ونتوقّع أن يكون عيد الفطر السعيد لدى جميع المسلمين في يوم واحد أيضًا إن شاء الله؛ لنطمئن على عباداتنا، كيف لا والصوم ركن من أركان الإسلام؟!
هذا، وقد وزعت عدة أنواع من الإمساكيات دون مراجعة دور الفتوى لها، مما أدى إلى وقوع بعض الأخطاء المطبعية والعلمية فيها. فنقول للصائمين: عليهم أن يتأكدوا من دقة وقت المغرب حين الإفطار، وأن لا يتسرعوا بالإفطار، وكذلك بالنسبة لأذان الفجر حين الإمساك بأن يأخذوا الحيطة فيه.
أيها المسلمون، أيها الصائمون، يتوهم بعض المسلمين بأن الصوم هو الامتناع عن الطعام والشراب والجماع فقط، فهل هذا صحيح؟ والجواب: لم يكتف الإسلام بأن يكون الصوم هو الامتناع عن الأكل والشرب والجماع فقط، بل أوجب الامتناع عن ارتكاب المعاصي، وأوجب الامتناع والكف عن الآثام كالكذب والغيبة والنميمة وقول الزور والخوض في أعراض الناس وإطلاق الإشاعات والتهم الزائفة والافتراءات، كما أوجب ديننا العظيم حفظ اللسان عن فحش الكلام وأرذله، وأن نتحلى بالأخلاق الحميدة والفضائل السامية.
وهناك ـ يا مسلمون ـ عشرات الأحاديث النبوية الشريفة التي توضح ذلك، منها قول رسولنا الأكرم محمد http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif: ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))، وقوله عليه الصلاة والسلام أيضًا: ((ليس الصيام من الأكل والشرب فقط، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابّك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم))، وفي الحديث القدسي: ((قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم، إني صائم)).
إذًا ـ يا مسلمون ـ ما فائدة صيام من يفحش في كلام هو يؤذي الناس بلسانه؟! وقد أجاب رسولنا الأكرم محمد http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif عن ذلك بقوله: ((رُبّ صائم حظّه من صيامه الجوع والعطش))، وفي رواية: ((كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش)). فما بالكم ـ يا مسلمون ـ فيمن يسب الدين والرب ـ والعياذ بالله ـ وهو صائم بحجة أنه عصبي ومزاجي في رمضان، فهل يبقى مسلما؟! إنه يخرج من الإسلام ـ والعياذ بالله ـ وبئس المصير، والله غني عن العالمين، وغني عنه وعن صومه، وسواء كان صائمًا أو غير صائم.
أيها المسلمون، أيها الصائمون، توبوا إلى الله رب العالمين توبة نصوحًا لعلكم ترحمون وتنصرون. ها قد دخلتم في شهر التوبة والمغفرة والعبادة، فأحسنوا صيامه وقيامه، وضاعفوا فيه الطاعة، وحافظوا على حرمته، وتزودوا لآخرتكم فإن خير الزاد التقوى. جاء في الحديث الشريف: ((سبحان الله نصف الميزان، والحمد لله تملأ الميزان، والله أكبر تملأ ما بين السماء والأرض، والطهور نصف الإيمان، والصوم نصف الصبر)).

الخطبة الثانية
أيها المصلون، أيها الصائمون، لقد أصدرت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس ومديرية المسجد الأقصى المبارك بيانًا للمواطنين الكرام بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، تضمن هذا البيان مجموعة من الإرشادات والإجراءات، منها:
1- التعاون مع حرس المسجد الأقصى ولجان حفظ النظام في ترتيب الدخول والخروج للمصلين من الأبواب الخارجية، وكذلك بالنسبة للأماكن المخصصة للرجال والأماكن المخصصة للنساء.
2- منع التسول والباعة المتجولين من دخول ساحات المسجد؛ لأن الساحات هي جزء من المسجد.
3- منع جمع التبرعات، أما بالنسبة للجنة زكاة القدس واللجنة المركزية للزكاة فلهما مكاتب خاصة في باحات المسجد، فيمكن لمن أراد التبرع لهما أن يتوجه إلى مكاتبها.
أيها المصلون، أيها الصائمون، أما فيما يتعلق بصدقة الفطر لهذا العام فإن مقدار صدقة الفطر نقدًا هو دينار أردني وربع الدينار أو ما يعادله بثمانية شواكل، وهذا التقدير لمنطقة القدس والمحافظات المجاورة لها على ضوء أسعار غالب قوت أهل البلد، أما إخوتنا في مناطق 48 فأعلى من ذلك.
أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، إن المدعو "عوزي لنداو" من حزب الليكود اليميني الإسرائيلي يخطط لاقتحام المسجد الأقصى المبارك، متوهّمًا بأن الأقصى هو موضع تفاوض ومساومة ومقايضة، ومتجاهلاً مدى تعلق المسلمين بالأقصى عقيدة وعبادة، ونقول له: خذ العظة والدروس من سلفك شارون.
ونؤكد لهذا المتطرف المغرور ولأمثاله وللعالم أجمع بأن الأقصى للمسلمين وحدهم، ولا نُقرّ ولا نعترف بأي حق لغير المسلمين فيه، وأن الأقصى يقع في قلوب المسلمين في أرجاء المعمورة وفي عقولهم وأحاسيسهم ومشاعرهم.
ونقول للساسة الإسرائيليين المحتلّين: لا تُزَاوِدُوا على الأقصى، فهو أسمى من أن يخضع لأي مُزَاوَدَة ولا لأي مفاوضة ولا لأي مساومة ولا لأي تنازل. وإن أردتم سلامًا واستقرارًا في المنطقة فابتعدوا عن الأقصى، ولا تحلموا به، ولا تنجرّوا خلف اليهود المتطرّفين الذين يحفرون لكم حفرة كبيرة لن تستطيعوا تجاوزها. ونقول لمن يحاولون الاعتداء على الأقصى: إن إرادة الله فيكم لا رادّ لها ولا مناص منها، كما ورد ذلك في القرآن الكريم.
إنه الأقصى الذي جَثَت لعظمته الأجيال، وعنت لهيبته الرجال، http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifوَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [يوسف:21]، http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifوَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [الشعراء:227].