المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ محمد حسين من المسجد الأقصى بتاريخ 4/11/2005م وفق 2 شوال 1426 هجري


admin
05-15-2009, 10:29 AM
<EMBED src=2005-11-04.wma width=612 height=44 type=audio/x-ms-wma>

تاريخ الخطبة: 2 شوال 1426 وفق 4/11/2005م
عنوان الخطبة: مواسم الطاعة
الموضوع الرئيسي: الرقاق والأخلاق والآداب, فقه
الموضوع الفرعي: اغتنام الأوقات, الصوم, فضائل الأعمال
اسم الخطيب: محمد أحمد حسين

ملخص الخطبة
1- الأعياد في الإسلام. 2- فرحة المسلم بالعيد. 3- الحكمة من تنوع الطاعات وتكرارها. 4- طاعة الله من أسباب التمكين في الأرض. 5- الحث على صيام الست من شوال وعمارة المسجد الأقصى.

الخطبة الأولى
أيها المسلمون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، بالأمس احتفل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بعيد الفطر السعيد، وهو أحد العيدين اللذين شرعهما الله تعالى للأمة الإسلامية، ولا أعياد لهذه الأمة سواهما.
أما عيد الفطر فيأتي تتويجًا لموسم طاعة وأداء عبادة هي عبادة الصيام، والصيام ركن من أركان الإسلام، وهو فريضة محكمة كتبها الله على الأمم قبلنا، وأكرم أمّتنا بها، بصيام شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.
ويفرح المسلم في يوم الفطر وهو الفرحة الصغرى للصائم، حيث للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وقد وفّقه الله تعالى لإكمال صيامه، فيوم الفطر هو الفرحة العاجلة، فالصائمون هم ضيوف الرحمن في يوم العيد، وأكْرِم بها ضيافة حيث الجوائز من رب العالمين. وأما الفرحة الأخرى للصائم يوم يلقي الصائم ربه، وينال أجره من رب كريم يثيب بالجزيل ويمنّ بالفضل العظيم مخاطبًا عباده المؤمنين: http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifيَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ http://www.alminbar.net/../images/mid-icon.gif الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ http://www.alminbar.net/../images/mid-icon.gif ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [الزخرف:68-70]، ولحديث النبي http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif: ((إن في الجنة بابًا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلِق فلم يدخل منه أحد)). نسأله تعالى أن يمن علينا بفضله وكرمه، وأن يشملنا برحمته فيدخلنا جنته لنكون من الفرحين والفائزين يوم لقائه، إنه هو البرّ التواب.
أيها المسلمون، من فضل الله على هذه الأمة أن جعل لها مواسم للطاعة ومواقيت للعبادة حتى يبقى المؤمن على صلة بربه عز وجل، ومن رحمة الله بعباده أن نوّع لهم العبادات، وفي هذا ترغيب للنفس على الطاعة وتربية لها على الالتزام والجد في تحصيل الثواب، فكانت الصلاة عبادة بدنية بأفعال معلومة وأذكار محدودة، وهي فريضة اليوم والليلة وعلى امتداد العمر، وهي عمود الدين وركن من أركان الإسلام، تهذب النفس، وتطهر القلب، وتحول بين الإنسان وبين المنكرات، قال تعالى: http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifإِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [العنكبوت:45]، والرسول http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif يقول: ((أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من دَرَنِه شيء؟)) قالوا: لا يبقى من دَرَنِه شيء، قال: ((فذلك مثل الصلاة الصلوات الخمس؛ يمحو الله بهن الخطايا))، وفي حديث آخر أن رسول الله http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif قال: ((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)).
وأما فريضة الصيام فهي مخصوصة في شهر رمضان من أيام السنة، وهي أيام معدودات يستطيع المسلم أداءها دون إرهاق أو مشقة زائدة. وفي هذه العبادة من الفضل والفضائل ما يزيد في المؤمن ملكة التقوى، ويعوّده على الخضوع والعبودية لرب العالمين، كما يهذب النفس بما يغرسه فيها من خوف الله عز وجل ومراقبته في السر والعلن، فالصوم سر بين العبد وربه، وهو أبعد العبادات عن الرياء، فالصائمون مخلصون لله في نواياهم، متوجهون إليه في سرائرهم.
أيها المسلمون، أما الزكاة ـ وهي الركن الثالث من أركان الإسلام العملية ـ فهي عبادة مالية محضة لا دخل للبدن فيها، سوى النية الصادقة بأداء ما فرض الله على الأغنياء في أموالهم، وهي طهارة للمال والنفس من الشح والبخل، وتطهر المال بالنماء والخير والبركة، لقوله عز وجل: http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifخُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَاhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [التوبة:103]، والرسول http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif يقول: ((من استطاع منكم أن يستتر من النار ولو بشق تمرة فليفعل)).
وأما الحج ـ وهو فريضة العمر مرة واحدة ـ فإنه يجمع بين العبادة البدنية والمالية.
وهكذا هي مواسم العبادة والطاعة، وهي محطات لتزود المسلم بالإيمان والتقوى والعمل الصالح بما يغذي الروح والبدن، ويجعل المؤمن في نشاط دائم وهو يؤدي هذه العبادات الفكرية والروحية والبدنية، فهو في محراب الصلاة يناجي خالقه بالقرآن الكريم والذكر الحكيم، وفي الصيام يحفظ سره ويصبر على شهوات النفس والبدن، وفي الزكاة يطهر نفسه وماله، وفي الحج يؤدي المناسك من طواف وسعي ورمي للجمار ووقوف بعرفات والمشعر الحرام تأسّيًا بالنبي http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif وأداء لركن عظيم من أركان الإسلام، وهكذا يبقى المؤمن في شوق للطاعة والعبادة على مد السنين وتوالي الأيام.
فاحرص ـ أخي المسلم ـ على اغتنام أوقاتك في الطاعة، وخذ من قوتك لضعفك، ومن شباب لهرمك، ومن غناك لفقرك، ومن فراغك لشغلك، ومن صحتك لسقمك، فالسعيد من أشغل نفسه في الطاعة، والشقي من أتبع نفسه هواها ومن تمنى على الله الأماني، فهل من معتبر؟! وهل من مدّكر؟! فاعتبروا يا أولي الأبصار، وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.


الخطبة الثانية
وبعد: أيها المسلمون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج، إن طاعة الله بأداء العبادات والتزام أوامره واجتناب نواهيه لهي من أسباب التمكين في الأرض، وهي وصف يلازم أهل الإيمان، قال تعالى: http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifالَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [الحج:41]، وقال جل من قائل: http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifوَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ http://www.alminbar.net/../images/mid-icon.gif وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [النور:55، 56].
فاجعلوا ـ أيها المسلمون ـ أوقاتكم مواسم عبادة، واشغلوا أنفسكم بالطاعة، فقد قيل: النفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية، والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.
أيها المسلمون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج، من العبادات التي رغّب فيها الرسول http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif في شهر شوال صيام ستة أيام منه، فعن أبي أيوب http://www.alminbar.net/../images/radia-icon.gif أن رسول الله http://www.alminbar.net/../images/salla-icon.gif قال: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر)).
وواصلوا شد الرحال إلى المسجد الأقصى على مدار أيام السنة، فالأعمال يُضاعف أجرها في هذا المسجد المبارك، كما أن جَمْعكم في المسجد هو ضمان لأمنه وحمايته بعد عناية الله من كيد الكائدين واعتداء المعتدين الحالمين بهيكل مزعوم في ساحاته أو على أنقاضه لا سمح الله. كما أن حشدكم في مدينة القدس برهان قاطع على إسلامية هذه المدينة ورد على من يحاول تهويدها وتطويقها بأسوار العزل العنصري وبإقامة المزيد من المستوطنات.
واصبروا وصابروا يا شعب الشهداء والمعتقلين، فإنكم http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifإِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًاhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [النساء:104]، واعلموا أن الفرج مع الكرب، وأن النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسرًا، ولن يغلب عسر يُسْرَين، http://www.alminbar.net/../images/start-icon.gifوَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌhttp://www.alminbar.net/../images/end-icon.gif [الحج:40].