المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تنبيه : حول قول : أنت مـُـبدع !!! وأنتِ مـُبدِعـة !!!


مجوووووده
03-12-2010, 10:27 PM
تنبيه تنبيه : حول قول : أنت مـُـبدع ... !!! وأنتِ مـُبدِعـة ...!!!



جزا الله من نبهني اليها كل خير وزاده من العلم النافع



أنت مـُـبدع ... !!! وأنتِ مـُبدِعـة ...!!!


قال ابن القيم – رحمه الله – : ( مبدع الشيء وبديعه ) لا يصح إطلاقه إلا على الرب ، كقوله : ( بديع السماوات والأرض ) والإبداع : إيجاد المبدَع على غير مثال سَبق . انتهى كلامه – رحمه الله – .


وقال شيخه ( أعني شيخ الإسلام ابن تيمية ) – رحمه الله –( قال عن رب العـزة سبحانه ) : مبدعٌ للسماوات والأرض ، والإبداع خلق الشيء على غير مثال ، بخلاف التولد الذي يقتضي تناسب الأصل والفرع وتجانسهما ، والإبداع خلق الشيء بمشيئة الخالق وقدرته مع استقلال الخالق به وعدم شريك له .


وقال – رحمه الله – : وأما مبدع العالم فهو المبدع لأعيانه وأعراضه وحركاته ، فليس له نظير ، إذ هو سبحانه ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله .انتهى كلامه – رحمه الله – .


فالله هو المُبدِع ، وأما المخلوق فَـمُـبْـدَع ( بفتح الدّال ) .


وقد اطـّـلعتُ على كتاب ألـّـفه وجمعه مهندس إيطالي ، يعمل في مجال الهندسة الإنشائية المعمارية ، وقد صمم عدداً من أبنية المساجد في أوربا .جمع فيه مؤلفه مجموعة من الصور . وكانت تلك الصور لأشجار وأزهار وحيوانات وقواقع بحرية ... إلخ


ثم أتى بما يُـقابلها من بنايات ومناظر جمالية رسمها الإنسان أو خطـّـتها يد مهندس . وكان من تلك الصور الأخيرة : صور لبنايات ومنها ناطحات سحاب ، صور لمناظر جمالية ، صور لأبراج عالية ، صور لأماكن مختلفة ... إلخ .


ولما يُجري مُقارنة ويُـناظر بين الصورتين بأن يجعل الأصل في صفحة ويُقابله بالصورة في الصفحة المقابلة يظهر التقليد وتتبيّن المحاكاة . فالأصل هو إبداع الباري سبحانه . والصورة تقليد الإنسان ومحاكاته .


تعجّبت كيف أن المهندسين لا يُبدعون في شيء مما صمموه ، وإنما يُحاكون ما يرونه في حياتهم اليومية ، أو من عبر نافذة طائرة ، أو من خلال رحلة بريّة ... إلى غير ذلك . فعلمت أن ذلك المهندس الإيطالي كان يستوحي أفكاره مما أبدعه بديع السماوات والأرض سبحانه وتعالى .


وإن كان غيره أخفى ( إيحاءاته ) فهو قد أبداها وأظهرها في كتاب ضخم . فلم يـَعُـد للإنسان دور سوى التقليد والمحاكاة .


وهناك أنواع من الطائرات قد وُضعت فكرتها نتيجة مشاهدة حركات طير أو طيرانه . فالطائرات المروحية – مثلاً – مستمدة فكرتها من حركات وطيران ووقوع تلك الحشرة الصغيرة ذات الذيل الطويل ، والتي تعيش في المزارع قرب المياه .


ورأيت شريطا مرئيا عن ( سلوك الإحتيال عند الحيوان ) وكان مما فيه : حركات واحتيال طائر ( الفريقيت ) ومنه أخذت فكرة طائرات ( الفريقيت ) فأخذوا الفكرة من ذلك الطائر وطريقته في الطيران بل سموا تلك الطائرات باسمه !!


بل إن فكرة الطيران أساساً قد أُستـُـمدّت من الطير بجناحيه وذيله ! كما إن أجهزة المراقبة ( الرادار ) صُـنعت تقليدا لذلك الطائر الليلي الأعشى ( الخفاش ) وما وهبه الله من ذبذبات ترتدّ عليه إذا اصطدمت تلك الذبذبات بأجسام صلبة .


ثم تأمل بعض الشاحنات وقد وُضِع على جنبيها قرون !! تراها تقليدا لقرون الاستشعار في بعض الحشرات !! حيث تتلمّس فيها وتتحسس الأشياء من حولها .


أجـِـل بطرفك وتأمل من حولك في البيوت والمصنوعات والبنايات وغيرها تجد هذا ظاهراً في كثير من الأحيان . ترى ( صنع الله الذي أتقن كل شيء ) .


ثم تأمل : ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور * ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير )


ومهما أوتي البشر من قوة فلن يستطيعوا إيجاد مادة أو إبداعها على غير مثال سابق ، فغاية ما في الأمر أن يُفرّقوا بين أجزاء المادة أو يجمعوا بين عناصر مادتين .


فالله عز وجل خلق الإنسان من طين ، وجعل هذه المادة بين أيديهم ، فأي شيء عملوا فيها أو عملوا منها ؟؟ إن كل ما يستطيعه البشر – مهما أوتوا من عِلم – أن يأخذوا حيوانا منويا ويؤلـّـفوا بينه وبين آخر . أما أن يوجدوا حيوانا منويا – لا يُرى بالعين المجردة – فهم أضعف وأذلّ .


لقد تحدّى الله البشرية أن تخلق حشرة صغيرة حقيرة ( إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ) بل هم أضعف من تلك الحشرة ( وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ) لما وهب الله لتلك الحشرة من خاصية في لعابها تقوم على تحويل المواد الممضوغة إلى مادة أخرى تختلف بتركيبها عن المادة الأصلية .


فسبحان من خلق فأبدع ... ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون )
سبحان من خلق الأكوان من عدم **** وعمـّـها منه بالإفضال والمنـنِ
ألم تر إلى صنع الله الذي أتقن كل شيء في كِلية الإنسان ، كيف إذا أصيب الإنسان بفشل كلوي ؟
غاية ما يستطيعون أن يفعلوه أن يأتوا له بكلية إنسان آخر .


وقبل ذلك يستطيعون تصفية الدم من شيء الشوائب ويُحجب المريض عن كثير من الأشربة رغم أن عملية التنقية تُعمل له مرة أو مرتين في الأسبوع . فسبحان من ركّبها فيك على غير مثال سابق ، وجعلها تعمل ليل نهار . ( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ) ؟؟


فإذا أجاد الطالب أو الطالبة في مادة أو في رسم أو تصوير أو فكرة فلا يُقال له ( مُبدِع ) بل يُقال : إنه أجاد وأفاد وبرز في هذا الجانب ونحوها من الكلمات . ومثله كلمة تتكرر كثيرا ، وهي قولهم : قتل الإبداع !!


وعذراً على الإطــالة .


كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم