المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفاتحة 001 - آية 004 - مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ


admin
05-23-2010, 11:34 AM
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مرحبا بكم معنا في المسجد الأقصى المبارك
سورة 001 - الفاتحة - آية رقم 004
<EMBED height=52 type=audio/x-ms-wma width=625 src=http://al-msjd-alaqsa.com/quran/ayat-sound/001004.wma en-us?>

<CENTER><TABLE id=table2 border=4 cellSpacing=6 cellPadding=4 width="50%"><TBODY><TR><TD width="100%">مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
</TD></TR></TBODY></TABLE></CENTER>صدق الله العظيم
السابق (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=3794)التالي (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=3796)

admin
12-02-2010, 03:18 PM
تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق 1-4

قال أبو جعفر: القراء مختلفون فـي تلاوة «ملك يوم الدين»، فبعضهم يتلوه: «مَلِكِ يوم الدين»، وبعضهم يتلوه: { مالك يوم الدين } وبعضهم يتلوه: { مالِكَ يوم الدين } بنصف الكاف. وقد استقصينا حكاية الرواية عمن رُوي عنه فـي ذلك قراءةٌ فـي «كتاب القراءات»، وأخبرنا بـالذي نـختار من القراءة فـيه، والعلة الـموجبة صحة ما اخترنا من القراءة فـيه، فكرهنا إعادة ذلك فـي هذا الـموضع، إذ كان الذي قصدنا له فـي كتابنا هذا البـيانَ عن وجوه تأويـل آي القرآن دون وجوه قراءتها.

ولا خلاف بـين جميع أهل الـمعرفة بلغات العرب، أن الـمَلِكَ من «الـمُلْك» مشتقّ، وأن الـمالك من «الـمِلْك» مأخوذ. فتأويـل قراءة من قرأ ذلك: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّين } أن لله الـملك يوم الدين خالصا دون جميع خـلقه الذين كانوا قبل ذلك فـي الدنـيا ملوكاً جبـابرة ينازعونه الـمُلْك ويدافعونه الانفراد بـالكبرياء والعظمة والسلطان والـجبرية. فأيقنوا بلقاء الله يوم الدين أنهم الصَّغَرة الأذلة، وأن له دونهم ودون غيرهم الـمُلْك والكبرياء والعزّة والبهاء، كما قال جل ذكره وتقدست أسماؤه فـي تنزيـله:

{ يَوْمَ هُمْ بَـارزُونَ لاَ يَخْفَـى علـى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِـمَنِ الـمُلْكُ الـيَوْمَ لِلَّهِ الوَاحدِ القَهَّارِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) } (غافر40: 16)

فأخبر تعالـى أنه الـمنفرد يومئذٍ بـالـمُلْك دون ملوك الدنـيا الذين صاروا يوم الدين من ملكهم إلـى ذلة وصَغَار، ومن دنـياهم فـي الـمعاد إلـى خسار.

وأما تأويـل قراءة من قرأ: { مالكِ يَوْمِ الدِّينِ } ، فما:

حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عبـاس: { مالكِ يَوْمِ الدِّينِ } يقول: لا يـملك أحد فـي ذلك الـيوم معه حكماً كملكهم فـي الدنـيا. ثم قال:

{ لاَ يَتَكَلَّـمُونَ إِلاَّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وقالَ صَوَابـاً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09501) } (النبأ78: 38)

وقال:

{ وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ للرَّحْمَنِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06247) } (طه20: 108)

وقال:

{ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِـمَنِ ارْتَضَى (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06302) } (الأنبياء21: 28)

قال أبو جعفر: وأولـى التأويـلـين بـالآية وأصحّ القراءتـين فـي التلاوة عندي التأويـل الأول وهي قراءة من قرأ «مَلِك» بـمعنى «الـمُلْك» لأن فـي الإقرار له بـالانفراد بـالـملك إيجابـاً لانفراده بـالـملك وفضيـلة زيادة الـملك علـى الـمالك، إذ كان معلوماً أن لا ملِك إلا وهو مالك، وقد يكون الـمالك لا مَلِكاً.

وبعد: فإن الله جل ذكره قد أخبر عبـاده فـي الآية التـي قبل قوله: { مَالِك يَوْمِ الدينِ } أنه مالك جميع العالـمين وسيدهم، ومصلـحهم والناظر لهم، والرحيـم بهم فـي الدنـيا والآخرة بقوله: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ }.

فإذا كان جل ذكره قد أنبأهم عن مُلْكهِ إياهم كذلك بقوله: { رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } فأولـى الصفـات من صفـاته جل ذكره، أن يتبع ذلك ما لـم يحوه قوله: { رَبِّ العَالَـمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيـمِ } مع قرب ما بـين الآيتـين من الـمواصلة والـمـجاورة، إذ كانت حكمته الـحكمة التـي لا تشبهها حكمة.

-1-

وكان فـي إعادة وصفه جل ذكره بأنه مالك يوم الدين، إعادة ما قد مضى من وصفه به فـي قوله: { رَبِّ العَالَـمِينَ } مع تقارب الآيتـين وتـجاور الصفتـين. وكان فـي إعادة ذلك تكرار ألفـاظ مختلفة بـمعانٍ متفقة، لا تفـيد سامع ما كرّر منه فـائدة به إلـيها حاجة. والذي لـم يحوه من صفـاته جل ذكره ما قبل قوله: { مالِكِ يَوْمِ الدّينِ } الـمعنى الذي فـي قوله: «ملك يوم الدين»، وهو وصفه بأنه الـمَلِك. فبـينٌ إذاً أن أولـى القراءتـين بـالصواب وأحق التأويـلـين بـالكتاب: قراءة من قرأه: «ملك يوم الدين»، بـمعنى إخلاص الـملك له يوم الدين، دون قراءة من قرأ: مالك يوم الدين بـمعنى: أنه يـملك الـحكم بـينهم وفصل القضاء متفرّداً به دون سائر خـلقه.

فإن ظنّ ظانّ أن قوله: { رَبِّ العَالَـمِينَ } نبأ عن ملكه إياهم فـي الدنـيا دون الآخرة يوجب وصله بـالنبأ عن نفسه أنه قد ملكهم فـي الآخرة علـى نـحو مِلْكه إياهم فـي الدنـيا بقوله: { مالك يوم الدين } ، فقد أغفل وظن خطأ وذلك أنه لو جاز لظانّ أن يظنّ أن قوله: { رب العالـمين } مـحصور معناه علـى الـخبر عن ربوبـية عالـم الدنـيا دون عالـم الآخرة مع عدم الدلالة علـى أن معنى ذلك كذلك فـي ظاهر التنزيـل، أو فـي خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم به منقول، أو بحجة موجودة فـي الـمعقول، لـجاز لآخر أن يظن أن ذلك مـحصور علـى عالـم الزمان الذي فـيه نزل قوله: رب العالـمين دون سائر ما يحدث بعده فـي الأزمنة الـحادثة من العالـمين، إذ كان صحيحاً بـما قد قدمنا من البـيان أن عالـم كل زمان غير عالـم الزمان الذي بعده. فإن غَبِـيَ عن علـم صحة ذلك بـما قد قدمنا ذو غبـاء، فإن فـي قول الله جل ثناؤه:

{ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا بَنِى إِسْرٰءيلَ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَـٰهُمْ مّنَ ٱلطَّيّبَـٰتِ وَفَضَّلْنَـٰهُمْ عَلَى ٱلْعَـٰلَمينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08280) } (الجاثية45: 16)

دلالة واضحة علـى أن عالَـم كل زمان غير عالـم الزمان الذي كان قبله وعالَـم الزمان الذي بعده. إذ كان الله جل ثناؤه قد فضل أمة نبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم علـى سائر الأمـم الـخالـية، وأخبرهم بذلك فـي قوله:

{ كُنْتُـمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاسِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04194) } (آل عمران3: 110)

الآية. فمعلوم بذلك أن بنـي إسرائيـل فـي عصر نبـينا، لـم يكونوا مع تكذيبهم به صلى الله عليه وسلم أفضل العالـمين، بل كان أفضل العالـمين فـي ذلك العصر وبعده إلـى قـيام الساعة، الـمؤمنون به الـمتبعون منهاجه، دونَ منْ سواهم من الأمـم الـمكذّبة الضالَّة عن منهاجه. فإذ كان بـينا فساد تأويـل متأوّل لو تأوّل قوله: رب العالـمين أنه معنـيّ به: أن الله ربُّ عالـميْ زمن نبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم دون عالـمي سائر الأزمنة غيره، كان واضحاً فساد قول من زعم أن تأويـله: رب عالـم الدنـيا دون عالـم الآخرة، وأن مالك يوم الدين استـحق الوصل به لـيُعلـم أنه فـي الآخرة من ملكهم وربوبـيتهم بـمثل الذي كان علـيه فـي الدنـيا.

-2-

وَيُسْألُ زاعم ذلك الفرق بـينه وبـين متـحكِّمٍ مثله فـي تأويـل قوله: رب العالـمين تَـحَكَّم، فقال: إنه إنـما عنـي بذلك أنه رب عالـمي زمان مـحمد دون عالـمي غيره من الأزمان الـماضية قبله والـحادثة بعده، كالذي زعم قائلُ هذا القول إنه عنى به عالـم الدنـيا دون عالـم الآخرة لله من أصل أو دلالة. فلن يقول فـي أحدهما شيئاً إلا أُلزم فـي الآخر مثله.

وأما الزاعم أن تأويـل قوله: { مالِكِ يَوْمِ الدّينِ } أنه الذي يـملك إقامة يوم الدين، فإن الذي ألزمْنا قائل هذا القول الذي قبله له لازم، إذ كانت إقامة القـيامة إنـما هي إعادة الـخـلق الذين قد بـادوا لهيئاتهم التـي كانوا علـيها قبل الهلاك فـي الدار التـي أعد الله لهم فـيها ما أعدّ. وهم العالَـمون الذين قد أخبر جل ذكره عنهم أنه ربهم فـي قوله: { رَبِّ العَالَـمِينَ }.

وأما تأويـل ذلك فـي قراءة من قرأ: { مالِكِ يَوْمِ الدّينِ } فإنه أراد: يا مالك يوم الدين، فنصبه بنـيّة النداء والدعاء، كما قال جل ثناؤه:

{ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05416) } (يوسف12: 29)

بتأويـل: يا يوسف أعرض عن هذا. وكما قال الشاعر من بنـي أسد، وهو شعر فـيـما يقال جاهلـي:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>إنْ كُنْتَ أزْنَنْتَنِـي بِها كَذِبـا</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>جَزْءُ، فَلاقَـيْتَ مِثْلَها عَجِلاَ</TD></TR></TBODY></TABLE>

يريد: يا جزءُ. وكما قال الآخر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>كَذَبْتُـمْ وبَـيْتِ اللَّهِ لا تَنْكِحُونَها</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>بَنِـي شابَ قَرْناها تَصُرُّ وتَـحْلَبُ</TD></TR></TBODY></TABLE>

يريد: يا بنـي شاب قرناها.

وإنـما أورطه فـي قراءة ذلك بنصب الكاف من «مالك» علـى الـمعنى الذي وصفت حيرته فـي توجيه قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وجهته مع جرّه: { مالِكِ يَوْمِ الدّين } وخفضه، فظن أنه لا يصح معنى ذلك بعد جره: مالكِ يَوْمِ الدّينِ فنصب: «مالكَ يَوْم الدّينِ» لـيكون إياكَ نعبد له خطابـاً، كأنه أراد: يا مالك يوم الدين، إياك نعبد، وإياك نستعين. ولو كان علـم تأويـل أول السورة وأن «الـحمد لله ربّ العالـمين»، أمر من الله عبده بقـيـل ذلك كما ذكرنا قبل من الـخبر عن ابن عبـاس: أن جبريـل قال للنبـيّ صلى الله عليه وسلم، عن الله: قل يا مـحمد: الـحمد لله ربّ العالـمين الرحمن الرحيـم مالك يوم الدين وقل أيضاً يا مـحمد: إياك نعبد وإياك نستعين وكان عَقَل عن العرب أن من شأنها إذا حكت أو أمرت بحكاية خبر يتلو القول، أن تـخاطب ثم تـخبر عن غائب، وتـخبر عن الغائب ثم تعود إلـى الـخطاب لـما فـي الـحكاية بـالقول من معنى الغائب والـمخاطب، كقولهم للرجل: قد قلت لأخيك: لو قمتَ لقمتُ، وقد قلت لأخيك: لو قام لقمتُ لسهل علـيه مخرج ما استصعب علـيه وجهته من جر: { مالك يَوْمِ الدّينِ } ومن نظير «مالك يوم الدين» مـجروراً، ثم عوده إلـى الـخطاب ب«إِياك نعبد» لـما ذكرنا قبل، البـيتُ السائر من شعر أبـي كبـير الهُذَلـي: <LABEL class=############ disabled></LABEL>
<CENTER>
</CENTER>-3-

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>يا لَهْفَ نَفْسِي كانَ جدَّةُ خالِدٍ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>وبَـياضُ وَجْهِكَ للتُّرَابِ الأعْفَرِ</TD></TR></TBODY></TABLE>

فرجع إلـى الـخطاب بقوله: «وبـياض وجهك»، بعد ما قد قضى الـخبر عن خالد علـى معنى الـخبر عن الغائب. ومنه قول لبـيد بن ربـيعة:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>بـاتَتْ تَشْكَّي إلـيَّ النَّفْسُ مُـجْهِشَةً</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>وقَدْ حَمَلْتُكِ سَبْعاً بَعْد سَبْعِينا</TD></TR></TBODY></TABLE>

فرجع إلـى مخاطبة نفسه، وقد تقدم الـخبر عنها علـى وجه الـخبر عن الغائب. ومنه قول الله وهو أصدق قـيـل وأثبتُ حجة:

{ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِى ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيّبَةٍ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05177)} (يونس10: 22)

فخاطب ثم رجع إلـى الـخبر عن الغائب، ولـم يقل: «وجرين بكم». والشواهد من الشعر وكلام العرب فـي ذلك أكثر من أن تـحصى، وفـيـما ذكرنا كفـاية لـمن وفق لفهمه. فقراءة: «مَالِكَ يَوْمِ الدّينِ» مـحظورة غير جائزة، لإجماع جميع الـحجة من القرّاء وعلـماء الأمة علـى رفض القراءة بها.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { يَوْمِ ٱلدّينِ }.

قال أبو جعفر: والدين فـي هذا الـموضع بتأويـل الـحساب والـمـجازاة بـالأعمال، كما قال كعب بن جُعْيْـل:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>إذَا ما رَمَوْنا رَمَيْنَاهُمُ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>وَدِنَّاهُمْ مِثْلَ ما يُقْرِضُونا</TD></TR></TBODY></TABLE>

وكما قال الآخر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>واعْلَـمْ وأيْقِنْ أنَّ مْلْكَكَ زَائِلٌ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>واعْلَـمْ بأنَّكَ ما تَدِينُ تُدَانُ</TD></TR></TBODY></TABLE>

يعنـي ما تَـجْزي تـجازى. ومن ذلك قول الله جل ثناؤه:

{ كَلاَّ بَلْ تُكَذّبُونَ بِٱلدِّينِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05177) } (الإنفطار82: 9)

يعني بالجزاء

{ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لحَافِظِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09630) } (الإنفطار82: 10)

يحصون ما تعملون من الأعمال. وقوله تعالى:

{ فَلَوْلاَ إِنْ كُنْتُمْ غَيْر مَدِينِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08856) } (الواقعة 56: 86)

يعنـي غير مـجزيّـين بأعمالكم ولا مـحاسبـين. وللدين معان فـي كلام العرب غير معنى الـحساب والـجزاء سنذكرها فـي أماكنها إن شاء الله.

وبـما قلنا فـي تأويـل قوله: { يَوْمِ الدّينِ } جاءت الآثار عن السلف من الـمفسرين، مع تصحيح الشواهد لتأويـلهم الذي تأوّلوه فـي ذلك.

حدثنا أبو كريب مـحمد بن العلاء، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عبـاس: { يَوْمِ الدّين } قال: يوم حساب الـخلائق هو يوم القـيامة، يدينهم بأعمالهم، إن خيراً فخير وإن شرّاً فشر، إلا من عفـا عنه، فـالأمرُ أمره. ثم قال:

{ ألاَ لَه الـخَـلْقُ والأمْرُ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04799) } (الأعراف7: 54)

وحدثنـي موسى بن هارون الهمدانـي، قال: حدثنا عمرو بن حماد القنّاد، قال: حدثنا أسبـاط بن نصر الهمدانـي، عن إسماعيـل بن عبد الرحمن السدي، عن أبـي مالك، وعن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس، وعن مرّة الهمدانـي، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبـي صلى الله عليه وسلم: «ملك يوم الدين»: هو يوم الـحساب.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة فـي قوله: { مالكِ يَوْمِ الدّينِ } قال: يَوم يدين الله العبـاد بأعمالهم.

وحدثنا القاسم بن الـحسن، قال: حدثنا الـحسين بن داود، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج: { مالِكِ يَوْم الدّينِ } قال: يوم يُدان الناس بـالـحساب.

-4-

admin
12-20-2010, 10:40 PM
تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


قرىء: " ملك يوم الدين " ، ومالك وملك بتخفيف اللام. وقرأ أبو حنيفة رضي الله عنه: مَلَكَ يومَ الدين، بلفظ الفعل ونصب اليوم، وقرأ أبو هريرة رضي الله عنه: مالكَ بالنصب. وقرأ غيره: مَلَك، وهو نصب على المدح؛ ومنهم من قرأ: مالكٌ، بالرفع. وملك: هو الاختيار، لأنه قراءة أهل الحرمين، ولقوله:

{ لّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) [غافر40: 16]، ولقوله:
{ مَلِكِ ٱلنَّاسِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=10023) [الناس114: 2]،

ولأن الملك يعم والملك يخص. ويوم الدين: يوم الجزاء. ومنه قولهم:

(3) «كما تدين تدان». وبيت الحماسة:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>ولَمْ يَبْقَ سِوَى العُدْوَا</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>نِ دِنَّاهمْ كما دَانُوا</TD></TR></TBODY></TABLE>

فإن قلت: ما هذه الإضافة؟ قلت: هي إضافة اسم الفاعل إلى الظرف على طريق الإتساع، مُجرى مجرى المفعول به كقولهم: يا سارق الليلة أهل الدار، والمعنى على الظرفية. ومعناه: مالك الأمر كله في يوم الدين، كقوله:

{ لّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) [غافر40: 16].

فإن قلت: فإضافة اسم الفاعل إضافة غير حقيقة فلا تكون معطية معنى التعريف، فكيف ساغ وقوعه صفة للمعرفة؟ قلت: إنما تكون غير حقيقية إذا أريد باسم الفاعل الحال أو الاستقبال، فكان في تقدير الانفصال، كقولك: مالك الساعة، أو غداً. فأمّا إذا قصد معنى الماضي، كقولك: هو مالك عبده أمس، أو زمان مستمرّ، كقولك: زيد مالك العبيد، كانت الإضافة حقيقية، كقولك: مولى العبيد، وهذا هو المعنى في { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدّينِ } ، ويجوز أن يكون المعنى: ملك الأمور يوم الدين، كقوله:

{ وَنَادَى أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04789) [الأعراف7: 44]،
{ وَنَادَىٰ أَصْحَـٰبُ ٱلاْعْرَافِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04793) [الأعراف7: 48]،

والدليل عليه قراءة أبي حنيفة: «مَلَكَ يومَ الدين» ، وهذه الأوصاف التي أجريت على الله سبحانه ـ من كونه رباً مالكاً للعالمين لا يخرج منهم شيء من ملكوته وربوبيته، ومن كونه منعماً بالنعم كلها الظاهرة والباطنة والجلائل والدقائق، و من كونه مالكاً للأمر كله في العاقبة يوم الثواب والعقاب بعد الدلالة على اختصاص الحمد به وأنه به حقيق في قوله:الحمد لله ـ دليل على أنّ من كانت هذه صفاته لم يكن أحد أحق منه بالحمد والثناء عليه بما هو أهله.


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-20-2010, 10:46 PM
تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق 1-3

{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


القراءة: قرأ عاصم والكسائي وخلف ويعقوب الحضرمي مالك بالألف والباقون ملك بغير ألف ولم يُمِل أحدٌ مالك وجرَّ جميعهم الكاف وروي في الشواذ عن الأعمش أنه نصبها وربيعة بن نزار يخفف فيقول ملك يوم الدين بتسكين اللام.

الحجة: اختلفوا في أن أي القراءتين أمدح فمن قرأ مالك قال أن هذه الصفة أمدح لأنه لا يكون مالكاً للشيء إلا وهو يملكه وقد يكون مِلكا للشيء ولا يملكه كما يقال: ملك العرب وملك الروم وإن كان لا يملكهم وقد يدخل في المالك ما لا يصح دخوله في الملك يقال: فلان مالك الدراهم ولا يقال ملك الدراهم فالوصف بالمالك أعم من الوصف بالملك. والله مالك كل شيء وقد وصف نفسه بأنه مالك الملك يؤتي الملك من يشاء فوضعه بالمالك أبلغ في الثناء والمدح من وصفه بالملك ومن قرأ الملك قال: أن هذه الصفة أمدح لأنه لا يكون إلا مع التعظيم والاحتواء على الجمع الكثير واختاره أبو بكر محمد بن السري السراج وقال: إن الملك الذي يملك الكثير من الأشياء ويشارك غيره من الناس في ملكه بالحكم عليه وكل ملك مالك وليس كل مالك ملكاً وإنما قال تعالى

{ مَالِكَ الْمُلْكِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04110) [آل عمران3: 26]

لأنه تعالى يملك ملوك الدنيا وما ملكوا فمعناه أنه يملك ملك الدنيا فيؤتي الملك فيها من يشاء فأما يوم الدين فليس إلا ملكه وهو ملك الملوك يملكهم كلهم وقد يستعمل هذا في الناس يقال: فلان ملك الملوك وأمير الأمراء ويراد بذلك أن من دونه ملوكاً وأمراء ولا يقال ملك الملك ولا أمير الإِمارة لأن أميراً وملكاً صفة غير جارية على فعل معنى لإضافتها إلى المصدر فأما إضافة ملك إلى الزمان فكما يقال: ملك عام كذا وملوك الدهر الأول وملك زمانه وسيد زمانه فهو في المدح أبلغ والآية إنما نزلت في الثناء والمدح لله الا ترى إلى قولـه رب العالمين والربوية والملك متشابهان وقال أبو علي الفارسي: يشهد لمن قرأ مالك من التنزيل قولـه تعالى:

{ وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09639) [الانفطار82: 19]

لأن قولك الأمر له وهو مالك الأمر بمعنىً ألا ترى أن لام الجر معناها المِلك والاستحقاق وكذلك قولـه تعالى:

{ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09639) [الانفطار82: 19]

يقوّي ذلك ويشهد لقراءة مَن قرأ ملك قولـه تعالى:

{ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) [غافر40: 16]

لأن اسم الفاعل من المُلك المِلك فإِذا قال المُلك له ذلك اليوم بمنزلة قولـه هو مَلِك ذلك اليوم وهذا مع قولـه فتعالى الله المَلِك الحق والملك القدوس و مَلِك الناس.

اللغة: (الملك): القادر الواسع المقدرة الذي له السياسة والتدبير (والمالك): القادر على التصرف في ماله وله أن يتصرف فيه على وجه ليس لأحد منعه منه ويوصف العاجز بأنه مالك من جهة الحكم يقال: مَلِك بيّن الملك بضم الميم ومالك بيّن الملك والملك بكسر الميم وفتحها, وضم الميم لغة شاذة ويقال: طالت مملكتهم الناس ومملكتهم بكسر اللام وفتحها ولي في هذا الوادي مُلك ومِلك وَمَلك ذكرها أبو علي الفارسي وقال: الملك للشيء اختصاص من المالك به وخروجه من أن يكون مباحاً لغيره, ومعنى الإباحة في الشيء كالإتساع فيه وخلاف الحصر والقصر على الشيء؛ ألا تراهم قالوا باح السر وباحت الدار وقال أبو بكر محمد بن السري السراج: الملك والملك يرجعان إلى أصل واحد وهو الربط والشد كما قالوا: ملكت العجين أي: شددته قال الشاعر:

-1-

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>مَلَكْتُ بِها كَفّي فَأَنْهرْتُ فَتْقَها</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>يَرَى قَائمٌ مِن دُوْنِها مَا وَرَاءَهَا</TD></TR></TBODY></TABLE>

يقول: شددت بهذه الطعنة كفّي ومنه الأملاك ومعناه: رباط الرجل بالمرأة و { الدين } معناه في الآية الجزاء قال الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>واعلَمْ بأنَّك ما تَدين تُدان</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic></TD></TR></TBODY></TABLE>

وهو قول سعيد بن جبير وقتادة وقيل: الدين الحساب وهو المرويُّ عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (ع) وابن عباس والدين: الطاعة قال عمرو بن كلثوم:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>وأَيَّامٍ لَنَا غُرٍ طِوَالٍ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>عَصيْنَا المَلْكَ فيها أَمْ نَدِيْنا</TD></TR></TBODY></TABLE>

والدين: العادة قال الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>تَقَولُ إِذَا دَرَأتُ لَها وَضيْنِي</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>أَهَذا دِيْنُهُ أبداً ودَيْنِي</TD></TR></TBODY></TABLE>

والدين: القهر والإستعلاء قال الأعشى:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>هُو دَانَ الرِبابَ إِذ كَرِهُوا الدِ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>يْنَ دِرَاكاً بِغَزْوَةٍ واحْتِيَالِ</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>ثمَّ دانت بَعْدُ الرِبَابُ وَكَانَتْ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>كَعَذَابٍ عَقْوْبَةُ الأقْوَالِ</TD></TR></TBODY></TABLE>

ويدل على أن المراد به الجزاء والحساب قولـه تعالى:

{ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَت } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07941) [غافر40: 17] و
{ اليوم تجزون ما كنتم تعملون } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08292) [الجاثية45: 28].

الإعراب: { مالك }: مجرور على الوصف لله تعالى وما جاء من النصب فعلى ما ذكرناه من نصب رب العالمين ويجوز أن ينصب رب العالمين ومالك يوم الدين على النداء كأنك قلت: لك الحمد يا رب العالمين ويا مالك يوم الدين, ومن قرأ ملك يوم الدين بإسكان اللام: فأصله ملك فخفف كما يقال: فخِذ وفخْذ, ومن قرأ ملك يوم الدين: جعله فعلاً ماضياً ويوم مجرور بإِضافة ملك أو مالك إِليه وكذلك الدين مجرور بإِضافة يوم إِليه وهذه الإِضافة من باب يا سارق الليلة أهل الدار اتسع في الظرف فنصب المفعول به ثم أضيف إِليه على هذا الحد كما قال الشاعر أنشده سيبويه:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>وَيَوْمٍ شَهِدْنَاهُ سُليماً وعَامِراً</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>قَلَيْلٍ سِوى الطَّعْنِ النّهالِ نَوَافِلُه</TD></TR></TBODY></TABLE>

فكأنه قال: هو ملك ذلك اليوم ولا يؤتي أحداً الملك فيه كما آتاه في الدنيا فلا ملك يومئذ غيره ومن قرأ مالك يوم الدين فإِنه قد حذف المفعول به من الكلام للدلالة عليه وتقديره: مالك يوم الدين الأحكام والقضاء لا يملك ذلك ولا يليه سواه أي لا يكون أحد والياً سواه إِنما خص يوم الدين بذلك لتفرده تعالى بذلك في ذلك اليوم وجميع الخلق يضطرون إِلى الإِقرار والتسليم, وأما الدنيا فليست كذلك فقد يحكم فيها ملوك ورؤساء وليست هذه الإضافة مثل قولـه تعالى:

-2-

{ وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08201) [الزخرف43: 85]

مفعول بها على الحقيقة وليست مفعولاً بها على السعة لأن الظرف إِذا جعل مفعولاً على السعة فمعناه معنى الظرف ولو كانت الساعة ظرفاً لكان المعنى يعلم في الساعة وذلك لا يجوز لأنه تعالى يعلم في كل وقت والمعنى أنه يعلم الساعة أي: يعرفها.

المعنى: إنه سبحانه لما بيَّن ملكه في الدنيا بقولـه رب العالمين بيَّن أيضاً ملكه في الآخرة بقولـه مالك يوم الدين وأراد باليوم الوقت وقيل: أراد به امتداد الضياء إِلى أن يفرغ من القضاء ويستقر أهل كل دار فيها. وقال أبو علي الجبائي: أراد به يوم الجزاء على الدين. وقال محمد بن كعب: أراد يوم لا ينفع إِلا الدين وإِنما خصَّ يوم القيامة بذكر الملك فيه تعظيماً لشأنه وتفخيماً لأمره كما قال: رب العرش وهذه الآية دالة على إِثبات المعاد وعلى الترغيب والترهيب لأن المكلف إِذا تصور ذلك لا بد أن يرجو ويخاف.

-3-

admin
12-20-2010, 10:48 PM
تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


وأما قوله تعالى: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدّينِ } فاعلم أن الإنسان كالمسافر في هذه الدنيا، وسنوه كالفراسخ، وشهوره كالأميال، وأنفاسه كالخطوات، ومقصده الوصول إلى عالم أخراه؛ لأن هناك يحصل الفوز بالباقيات الصالحات، فإذا شاهد في الطريق أنواع هذه العجائب في ملكوت الأرض والسموات فلينظر أنه كيف يكون عجائب حال عالم الآخرة في الغبطة والبهجة والسعادة، إذا عرفت هذا فنقول: قوله: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدّينِ } إشارة إلى مسائل المعاد والحشر والنشر، وهي قسمان: بعضها عقلية محضة، وبعضها سمعية: أما العقلية المحضة فكقولنا: هذا العالم يمكن تخريبه وإعدامه، ثم يمكن إعادته مرة أخرى، وإن هذا الإنسان بعد موته تمكن إعادته، وهذا الباب لا يتم إلا بالبحث عن حقيقة جوهر النفس، وكيفية أحوالها وصفاتها، وكيفية بقائها بعد البدن، وكيفية سعادتها وشقاوتها، وبيان قدرة الله عزّ وجلّ على إعادتها، وهذه المباحث لا تتم إلا بما يقرب من خمسمائة مسألة من المباحث الدقيقة العقلية.

وأما السمعيات فهي على ثلاثة أقسام: أحدها: الأحوال التي توجد عند قيام القيامة، وتلك العلامات منها صغيرة، ومنها كبيرة وهي العلامات العشرة التي سنذكرها ونذكر أحوالها. وثانيها: الأحوال التي توجد عند قيام القيامة، وهي كيفية النفخ في الصور، وموت الخلائق، وتخريب السموات والكواكب، وموت الروحانيين والجسمانيين. وثالثها: الأحوال التي توجد بعد قيام القيامة وشرح أحوال أهل الموقف، وهي كثيرة يدخل فيها كيفية وقوف الخلق، وكيفية الأحوال التي يشاهدونها، وكيفية حضور الملائكة والأنبياء عليهم السلام، وكيفية الحساب، وكيفية وزن الأعمال، وذهاب فريق إلى الجنة وفريق إلى النار، وكيفية صفة أهل الجنة وصفه أهل النار، ومن هذا الباب شرح أحوال أهل الجنة وأهل النار بعد وصولهم إليها، وشرح الكلمات التي يذكرونها والأعمال التي يباشرونها، ولعل مجموع هذه المسائل العقلية والنقلية يبلغ الألوف من المسائل، وهي بأسرها داخلة تحت قوله { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدّينِ }. <LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-20-2010, 10:58 PM
تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق 1-2


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


قرأ بعض القراء: (ملك يوم الدين) وقرأ آخرون: (مالك) وكلاهما صحيح متواتر في السبع، ويقال: ملك بكسر اللام وبإسكانها، ويقال: مليك أيضاً. وأشبع نافع كسرة الكاف، فقرأ: (ملكي يوم الدين) وقد رجح كلاً من القراءتين مرجحون من حيث المعنى، وكلتاهما صحيحة حسنة، ورجح الزمخشري ملك؛ لأنها قراءة أهل الحرمين، ولقوله:

{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940)[غافر40: 16] وقوله:
{ قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ وَلَهُ ٱلْمُلْكُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04653) [الأنعام6: 73]

وحكي عن أبي حنيفة أنه قرأ: { مَلَكَ يَوْمَ الدينِ } على أنه فعل وفاعل ومفعول، وهذا شاذ غريب جداً وقد روى أبو بكر بن أبي داود في ذلك شيئاً غريباً حيث قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الأزدي، حدثنا عبد الوهاب بن عدي بن الفضل عن أبي المطرف عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابنه يزيد بن معاوية كانوا يقرؤون: (مالك يوم الدين) قال ابن شهاب وأول من أحدث " ملك " مروان (قلت) مروان عنده علم بصحة ما قرأه لم يطلع عليه ابن شهاب والله أعلم. وقد روي من طرق متعددة أوردها ابن مردويه أن رسول لله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها: (مالك يوم الدين) ومالك مأخوذ من الملك كما قال تعالى:

{ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06081) [مريم19: 40] وقال:
{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=10022)قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=10022) مَلِكِ ٱلنَّاسِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=10023) } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=10023) [الناس114: 1 - 2]

ومَلِك مأخوذ من المُلك كما قال تعالى:

{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَٰحِدِ القَهَّارِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) [غافر40: 16] وقال:
{ قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ وَلَهُ ٱلْمُلْكُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04653) [الأنعام6: 73] وقال:
{ ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ عَسِيراً } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06672) [الفرقان25: 26]

وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه؛ لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين، وذلك عامّ في الدنيا والآخرة، وإنما أضيف إلى يوم الدين؛ لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئاً، ولا يتكلم أحد إلا بإذنه؛ كما قال تعالى:

{ يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09501) [النبأ78: 38] وقال تعالى:
{ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06247) [طه20: 108] وقال تعالى:
{ يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِىٌّ وَسَعِيدٌ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05369) [هود11: 105]

وقال الضحاك عن ابن عباس: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } يقول: لا يملك أحد معه في ذلك اليوم حكماً كملكهم في الدينا، قال: ويوم الدين يوم الحساب للخلائق، وهو يوم القيامة، يدينهم بأعمالهم، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، إلا من عفا عنه، وكذلك قال غيره من الصحابة والتابعين والسلف وهو ظاهر. وحكى ابن جرير عن بعضهم أنه ذهب إلى أن تفسير مالك يوم الدين أنه القادر على إقامته، ثم شرع يضعفه، والظاهر أنه لا منافاة بين هذا القول وما تقدم، وأن كلاً من القائلين هذا القول وبما قبله يعترف بصحة القول الآخر ولا ينكره، ولكن السياق أدل على المعنى الأول من هذا، كما قال تعالى:

-1-

{ ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ عَسِيراً } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06672)[الفرقان25: 26]

والقول الثاني يشبه قوله تعالى:

{ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04653) [الأنعام6: 73]

والله أعلم. والملك في الحقيقة هو الله عز وجل، قال الله تعالى:

{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلَـٰمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08940) [الحشر59: 23]

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: " أخنع اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك، ولا مالك إلا الله " وفيهما عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يقبض الله الأرض، ويطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ " وفي القرآن العظيم:

{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَٰحِدِ ٱلْقَهَّارِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) [غافر40: 16]

فأما تسمية غيره في الدنيا بملك، فعلى سبيل المجاز؛ كما قال تعالى:

{ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04045) [البقرة2: 247]
{ وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06010) [الكهف18: 79]
{ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَآءَ وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04480) [المائدة5: 20]

وفي الصحيحين: " مثل الملوك على الأسرة ". والدين: الجزاء والحساب؛ كما قال تعالى:

{ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06607) [النور24: 25] وقال:
{ أَإِنَّا لَمَدِينُونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07632) [الصافات37: 53]

أي: مجزيون محاسبون، وفي الحديث: " الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت " أي حاسب نفسه؛ كما قال عمر رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على من لا تخفى عليه أعمالكم.

{ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09132) [الحاقة69: 18].

-2-

admin
12-20-2010, 11:01 PM
تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدّينِ } قراءة عاصم والكسائي ويعقوب ويعضده قوله تعالى:

{ يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09639) [الإنفطار82: 19]

وقرأ الباقون: { مَلِكِ }. وهو المختار لأنه قراءة أهل الحرمين ولقوله تعالى:

{ لّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) [غافر40: 16]

ولما فيه من التعظيم. والمالك هو المتصرف في الأعيان المملوكة كيف يشاء من الملك. والملك هو المتصرف بالأمر والنهي في المأمورين من الملك. وقرىء ملك بالتخفيف وملك بلفظ العمل. ومالكا بالنصب على المدح أو الحال، ومالك بالرفع منوناً ومضافاً على أنه خبر مبتدأ محذوف، وملك مضافاً بالرفع والنصب. ويوم الدين يوم الجزاء ومنه «كما تدين تدان» وبيت الحماسة:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>ولم يَبْقَ سِوَى العدوا</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>نِ دِناهُمْ كما دَانُوا</TD></TR></TBODY></TABLE>

أضاف اسم الفاعل إلى الظرف إجراء له مجرى المفعول به على الاتساع كقولهم: يا سارق الليلة أهل الدار، ومعناه، ملك الأمور يوم الدين على طريقة

{ وَنَادَى أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04789) [الأعراف7: 44]

أوله الملك في هذا اليوم، على وجه الاستمرار لتكون الإضافة حقيقية معدة لوقوعه صفة للمعرفة، وقيل: { ٱلدّينِ } الشريعة، وقيل: الطاعة. والمعنى يوم جزاء الدين، وتخصيص اليوم بالإضافة: إما لتعظيمه، أو لتفرده تعالى بنفوذ الأمر فيه، وإجراء هذه الأوصاف على الله تعالى من كونه موجداً للعالمين رباً لهم منعماً عليهم بالنعم كلها ظاهرها وباطنها عاجلها وآجلها، مالكاً لأمورهم يوم الثواب والعقاب، للدلالة على أنه الحقيق بالحمد لا أحد أحق به منه بل لا يستحقه على الحقيقة سواه، فإن ترتب الحكم على الوصف يشعر بعليته له، وللإشعار من طريق المفهوم على أن من لم يتصف بتلك الصفات لا يستأهل لأن يحمد فضلاً عن أن يعبد، فيكون دليلاً على ما بعده، فالوصف الأول لبيان ما هو الموجب للحمد، وهو الإيجاد والتربية. والثاني والثالث للدلالة على أنه متفضل بذلك مختار فيه، ليس يصدر منه لإيجاب بالذات أو وجوب عليه قضية لسوابق الأعمال حتى يستحق به الحمد. والرابع لتحقيق الاختصاص فإنه مما لا يقبل الشركة فيه بوجه ما، وتضمين الوعد للحامدين والوعيد للمعرضين. <LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-20-2010, 11:05 PM
تفسير تفسير الجلالين/ المحلي و السيوطي (ت المحلي 864 هـ) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


{ مَٰلِكِ يَوْمِ ٱلدّينِ } أي الجزاء وهو يوم القيامة وخص بالذكر لأنه لا ملك ظاهرا فيه لأحد إلا لله تعالى بدليل

{ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940)[غافر40: 16]

ومن قرأ مالك فمعناه مالك الأمر كله في يوم القيامة: أي هو موصوف بذلك دائما ك

{ غَافِرِ الذَّنبِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07927) [غافر40: 3]

فصح وقوعه صفة لمعرفة.


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-20-2010, 11:07 PM
تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


قوله تعالى: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } قرأ عاصم والكسائي { مالِكِ } وقرأ الباقون { مَلِك } وفيما اشتقا جميعاً منه وجهان:

أحدهما: أن اشتقاقهما من الشدة، من قولهم ملكت العجين، إذا عجنته بشدة.

والثاني: أن اشتقاقهما من القدرة، قال الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>مَلَكْتُ بِهَا كَفِّي فَأَنْهَرْتُ فَتْقَهَا</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>يَرَى قَائِمٌ مِنْ دُونِهَا مَا وَرَاءَهَا</TD></TR></TBODY></TABLE>

والفرق بين المالك والملك من وجهين:

أحدهما: أن المالك مَنْ كان خاصَّ المُلكِ، والملِك مَنْ كان عَامَّ المُلْك.

والثاني: أن المالك من اختص بملك الملوك، والملك من اختص بنفوذ الأمر.

واختلفوا أيهما أبلغ في المدح، على ثلاثة أقاويل:

أحدها: أن المَلِك أبلغ في المدح من المالك، لأنَّ كلَّ مَلِكٍ مالِكٌ، وليسَ كلُّ مالِكٍ ملِكاً، ولأن أمر الملِكِ نافذ على المالِكِ.

والثاني: أن مالك أبلغ في المدح من مَلِك، لأنه قد يكون ملكاً على من لا يملك، كما يقال ملك العرب، وملك الروم، وإن كان لا يملكهم، ولا يكون مالكاً إلا على من يملك، ولأن المَلِك يكون على الناس وغيرهم.

والثالث: وهو قول أبي حاتم، أن مَالِك أبلغ في مدح الخالق من مَلِك، ومَلِك أبلغ من مدح المخلوق من مالك.

والفرق بينهما، أن المالك من المخلوقين، قد يكون غير ملك، وإن كان الله تعالى مالكاً كان ملكاً، فإن وُصف الله تعالى بأنه ملك، كان ذلك من صفات ذاته، وإن وصف بأنه مالك، كان من صفات أفعاله.

وأما قوله تعالى: { يَوْمِ الدِّينِ } ففيه تأويلان:

أحدهما: أنه الجزاء.

والثاني: أنه الحساب.

وفي أصل الدين في اللغة قولان:

أحدهما: العادة، ومنه قول المثقَّب العَبْدِي:


<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>تَقُولُ وَقَدْ دَرَأْتُ لَهَا وَضِينِي </TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>أَهذَا دِينُهُ أَبَداً وَدينِي</TD></TR></TBODY></TABLE>

أي عادته وعادتي.

والثاني: أنَّ أصل الدين الطاعة، ومنه قول زهير بن أبي سُلمى:


<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>لَئِن حَلَلْتَ بِجَوٍّ في بَنِي أَسَدٍ </TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>في دِينِ عَمْرٍو وَمَالتْ بَيْنَنَا فَدَكُ</TD></TR></TBODY></TABLE>

أي في طاعة عمرو.

وفي هذا اليوم قولان:

أحدهما: أنه يوم، ابتداؤه طلوع الفجر، وانتهاؤه غروب الشمس.

والثاني: أنه ضياء، يستديم إلى أن يحاسب الله تعالى جميع خلقه، فيستقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار.

وفي اختصاصه بملك يوم الدين تأويلان:

أحدهما: أنه يوم ليس فيه ملك سواه، فكان أعظم من مُلك الدنيا التي تملكها الملوك، وهذا قوله الأصم.

والثاني: أنه لما قال: { رَبِّ الْعَالَمِينَ } ، يريد به ملك الدنيا، قال بعده: { مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ } يريد به ملك الآخرة، ليجمع بين ملك الدنيا والآخرة.


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-20-2010, 11:09 PM
تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق



{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


قوله تعالى: { مَالِك يَومِ الدينِ }

قرأ عاصم والكسائي، وخلف، ويعقوب: «مالك» بألف. وقرأ ابن السميفع، وابن أبي عبلة كذلك، إِلا أنهما نصبا الكاف. وقرأ أبو هريرة، وعاصم الجحدري:«ملْكِ» باسكان اللام من غير الألف مع كسر الكاف، وقرأ أبو عثمان النهدي، والشعبي «مَلِكَ» بكسر اللام ونصب الكاف من غير ألف. وقرأ سعد بن أبي وقاص، وعائشة، ومورَّق العجلي: «مَلِكُ» مثل ذلك إلا أنهم رفعوا الكاف. وقرأ أبيّ بن كعب، وأبو رجاء العطاردي «مليك» بياء بعد اللام مكسورة الكاف من غير ألف. وقرأ عمرو بن العاص كذلك، إلا أنه ضمَّ الكاف. وقرأَ أبو حنيفة، وأبو حيوة «مَلكَ» على الفعل الماضي، «ويومَ» بالنصب.

وروى عبد الوارث عن أبي عمرو: إِسكان اللام، والمشهور عن أبي عمرو وجمهور القراء «مَلِك» بفتح الميم مع كسر اللام، وهو أظهر في المدح، لأن كل ملك مالك، وليس كل مالك ملكاً.

وفي «الدين» هاهنا قولان.

أحدهما: أنه الحساب. قاله ابن مسعود.

والثاني: الجزاء. قاله ابن عباس، ولما أقر الله عز وجل في قوله { رب العالمين } أنه مالك الدنيا. دل بقوله { مالك يوم الدين } على أنه مالك الأخرى. وقيل: إِنما خصَّ يوم الدين، لأنه ينفرد يومئذ بالحكم في خلقه. <LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-20-2010, 11:10 PM
تفسير تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


{ مُلْكِ } { مالك } أُخذا من الشدة، ملكت العجين عجنته بشدة، أو من القدرة.


<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>ملكت بها كفي فأنهرت فتقها </TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>.................</TD></TR></TBODY></TABLE>

فالمالك من اختص ملكه، والملك من عمَّ ملكه، وملك يختص بنفوذ الأمر، والمالك يختص بملك الملوك، والملك أبلغ لنفوذ أمره على المالك، ولأن كل ملك مالك ولا عكس، أو المالك أبلغ لأنه لا يكون إلا على ما يملكه، والملك يكون على من لا يملكه كملك الروم والعرب، ولأن الملك يكون على الناس وحدهم والمالك يكون مالكاً للناس وغيرهم، أو المالك أبلغ في حق الله تعالى من ملك، إذ المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك بخلاف الرب سبحانه وتعالى. { يَوْمَ } أوله الفجر، وآخره غروب الشمس، أو هو ضوء يدوم إلى انقضاء الحساب. { الدِّينِ } الجزاء أو الحساب، ويستعمل الدين في العادة والطاعة، وخص المُلْك بذلك اليوم إذ لا مَلِك فيه سواه، أو لأنه قصد ملكه للدنيا بقوله { رَبِّ الْعَالَمِينَ } فذكر ملك الآخر ليجمع بينهما.


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-20-2010, 11:13 PM
تفسير التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


قوله تعالى: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }.

تنبيها على (حال) الآخرة وفرّقوا بين الملك والمالك بأن المالك إنّما يتصرف في مال غيره بالمصلحة، والمالك يتصرف في ماله بالمصلحة وغيرها.

قال ابن عطية: وحكى أبو علي في حجة: من قرأ: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } أن أول من قرأ { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } مروان بن الحكم وأنه يقال: مالِكُ الدّنانير والطير والبهائم/ ولا يقال: ملكها.

وقال ابن عرفة: عادتهم يردون الأول بأنّها شهادة على (نفي) فلا تقبل وكأنه قال: لم يقرأ بها أحد قبل (مروان) وكذلك قالوا في قول ابن خالويه في كتاب (تفسير) ليس في كلام العرب كذا.

قلت: وأجابوا بأن الشهادة على النفي من العالم (مقبولة).

قال الزمخشري: وصحّ الوصف بملك يوم الدين لأنه بمعنى (الفكرة) (فتعرف) بالإضافة.

قال (القرطبي): وليس المراد الملك الحاصل بالفعل، بل الملك التقديري لأن يوم القيامة (لم) يوجد.

قال ابن عرفة: المراد الملك على ما قال الزمخشري: (القدرة) باعتبار الصلاحية لا باعتبار التنجيز.

قال الزمخشري: أو لأن المراد به زمان (مستمر)، مثل: زيد مالك العبيد فإضافته محضة. قال (ويجوز) أن يكون المعنى (ملك الأمور يوم الدين) مثل:

{ وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04789) (الأعراف7: 44)
{ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04793) (الأعراف7: 48)

- فيكون هذا للماضي وعلى الأول مجرد قيام الصفة بالموصوف من غير تعرض لزمان مخصوص. <LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-20-2010, 11:15 PM
تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق



{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03796) }


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }: الدِّينُ في كلام العربِ على أنحاء، وهو هنا الجزاءُ يوم الدين، أي: يوم الجزاء على الأعمال والحساب بها؛ قاله ابن عباس وغيره؛ مَدِينِينَ: محاسَبِينَ، وحكى أهل اللغة: دِنْتُهُ بِفِعْلِهِ دَيْناً؛ بفتح الدال، وَدِيناً؛ بكسرها: جزيتُهُ؛ ومنه قول الشاعر: (الكامل)

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>وَٱعْلَمْ يَقِيناً أَنَّ مُلْكَكَ زَائِلٌ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>وَٱعْلَمْ بِأَنَّ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ</TD></TR></TBODY></TABLE>

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ }: نطق المؤمن به إِقرار بالربوبية، وتذلُّل وتحقيق لعبادة اللَّه؛ وقدَّم «إِيَّاكَ» على الفعل ٱهتماماً، وشأن العرب تقديم الأَهَمِّ، واختلف النحويُّون في «إِياك»، فقال الخليلُ: «إيَّا»: اسم مضمر أضيف إِلى ما بعده؛ للبيان لا للتعريف، وحكى عن العرب: «إِذَا بَلَغَ الرَّجُلُ السِّتِّينَ، فَإِيَّاهُ وَإِيَّا الشَّوَابِّ»، وقال المبرِّد: إِيَّا: اسمٌ مبهم أضيف للتخصيص لا للتعريف، وحكى ابن كَيْسَانَ عن بعض الكوفيِّين أنَّ «إِيَّاكَ» بكماله اسم مضمر، ولا يعرف اسم مضمر يتغيَّر آخره غيره، وحكي عن بعضهم أنه قال: الكاف والهاء والياء هو الاسم المضمر، لكنها لا تقوم بأنفسها، ولا تكون إِلا متصلات، فإذا تقدَّمت الأفعال جعل «إِيَّا» عماداً لها، فيقال: إِيَّاكَ، وإِيَّاهُ، وإِيَّايَ، فإِذا تأخرت، اتصلت بالأفعال، واستغني عن «إِيَّا».

و { نَعْبُدُ }: معناه: نقيم الشرع والأوامر مع تذلُّل واستكانةٍ، والطريقْ المذلَّل يقال له معبَّدٌ، وكذلك البعير.

و { نَسْتَعِينُ }؛ معناه نطلب العون منك في جميع أمورنا، وهذا كله تَبَرٍّ من الأصنام.


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-20-2010, 11:17 PM
تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق

{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { إياك نعبد } يعني إياك نوحد ونخاف ونرجو ربنا لا غيرك { وإياك نستعين } على طاعتك وعلى أمورنا كلها.

وأخرج وكيع والفريابي عن أبي رُزين قال: سمعت علياً قرأ هذا الحرف وكان قرشياً فصيحاً { إياك نعبد وإياك نستعين، اهدنا } يرفعهما جميعاً.

وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي رُزين أن علياً قرأ { إياك نعبد وإياك نستعين } فهمز، ومد، وشد.

وأخرج أبو القاسم البغوي والماوردي معاً في معرفة الصحابة والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل عن أنس بن مالك عن أبي طلحة قال " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فلقي العدوّ فسمعته يقول:يا { مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين } قال: فلقد رأيت الرجال تصرع، تضربها الملائكة من بين يديها ومن خلفها ".


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-20-2010, 11:25 PM
تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق



{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }.

اختلف القراء فيه من عشرة أوجه:

الوجه الأول: مالك - بالألف وكسر الكاف - على النعت، وهو قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرَّحْمن بن عوف وابن مسعود وأُبي بن كعب ومعاذ بن جبل وابن عباس وأبي ذر وأبي هريرة وأنس ومعاوية، ومن التابعين وأتباعهم عمر بن عبد العزيز ومحمد بن شهاب الزهري ومسلمة بن زيد والأسود بن يزيد وأبو عبد الرَّحْمن السلمي وسعيد بن جبير وأبو رزين وإبراهيم وطلحة بن عوف وعاصم بن أبي النجود و... بن عمر الهمذاني وشيبان ابن عبد الرَّحْمن وعلي بن صالح بن حي وابن أبي ليلى وعبد الله بن إدريس وعلي بن حمزة الكسائي وخلف بن هشام والحسين بن أبي الحسن البصري من أهل البصرة وأبو رجاء العطاردي ومحمد بن سيرين وبكر بن عبد الله المزني وقتادة بن دعامة السدوسي ويحيى بن يعمر.... وعيسى بن عمر النفعي وسلام بن سليمان أبو المنذر ويعقوب بن أعين الحضرمي وأيوب بن المتوكل وأبو عبيدة و.... وسعيد بن مسعدة الأخفش وخالد بن معدان والضحاك بن مزاحم.

أخبرنا عبد الله بن حامد بن محمد، أخبرنا أحمد بن محمد بن علي، حدّثنا محمد بن يحيى، حدّثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب وأخبرنا أبو العباس الأصمّ، أخبرنا ابن عبد الحكم: حدّثنا.... بن سويد الحميري عن يونس عن يزيد عن ابن شهاب عن أنس بن مالك " أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يقرؤون: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } ".

وأخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم، أخبرنا محمد بن محمد بن خلف العطار، حدّثنا المنذر بن المنذر الفارسي، حدّثنا هارون بن حاتم، حدّثنا إسحاق بن منصور الأسدي عن أبي إسحاق.... عن مالك بن دينار عن أنس قال: " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان وعليّاً يقرؤون: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } " ، وأوّل من قرأها: (ملك يوم الدين) مروان بن الحكم.

والوجه الثاني: ملك، بغير ألف وكسر الكاف على التفسير أيضاً، وهو قراءة زيد بن ثابت وأبي الدرداء وشعيب بن يزيد والمسور بن المخرمة ومن التابعين وأتباعهم عروة بن الزبير وأبو بكر بن عمر بن حزم ومروان بن الحكم و.... وعبد الرَّحْمن بن هرمز الأعرج وأبان بن عثمان وأبو جعفر يزيد بن المفضل ونسيبة بن نصّاح ونافع بن نعيم ومجاهد وابن كثير وابن محسن وحميد بن معين ويحيى بن وثاب وحمزة بن حبيب ومحمد بن سيرين وعبد الله بن عمر وأبو عمرو بن العلاء وعمرو بن.

-1-

... وعبد الله بن عامر النصيبي.

وروي ذلك أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن عثمان وعلي عليه السلام.

أخبرنا ابن حمدويه، أخبرنا أبن أيوب [المنقري]: أخبرنا ابن حامد وابن.... قالا: أخبرنا حامد بن محمّد، حدّثنا وأخبرنا ابن عمر، حدّثنا الرفاء، قالوا: حدّثنا علي بن عبد العزيز، حدّثنا أبو عبيد، حدّثنا يحيى بن سعيد القطّان، حدّثنا عبد الملك بن جريج عن عبد الله ابن أبي مليكة عن أمّ سلمة قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطّع قراءة: { بسم ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ * مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } ".

والوجه الثالث: ملْك ـ بجزم اللام ـ على النعت، وهو رواية الحسن بن عليّ الجعفي وعبد الوارث بن سعيد، وروي عن ابن عمر.

والوجه الرابع: أنّ مالكَ ـ بالألف ونصب الكاف ـ على النداء، وهي قراءة الأعمش ومحمد بن [السميقع] وعبد الملك قاضي الجند، وروي ذلك " عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في بعض غزواته: " يا مالكَ يوم الدين ".

والوجه الخامس: ملَك ـ بنصب الكاف من غير ألف ـ على النداء أيضاً، وهي قراءة عطية.... والوجه السادس: مالك ـ بالألف ورفع الكاف ـ على معنى: هو مالك، وهي قراءة عزير العقيلي.

والوجه السابع: ملك ـ برفع الكاف من غير ألف ـ وهي قراءة أبي حمزة وابن سيرين.

والوجه الثامن: مالك، بالإمالة والإضجاع البليغ. روي ذلك عن يحيى بن يعمر. وعن أيوب السختياني بين الإمالة والتفخيم.... عن.... عن الكلبي.

والوجه التاسع: (ملك يوم الدين) على الفعل، وهي قراءة الحسن ويحيى بن يعمر وأبي حمزة وأبي حنيفة.

الفرق بين ملك ومالك

[أما] الفرق بين مالك وملك فقال قوم: هما لغتان بمعنى واحد، مثل (فرهين) و (فارهين) و (حذرين) و (حاذرين) و (فكهين) و (فاكهين).... بينهما، فقال أبو عبيدة والأصمعي وأبو سالم والأخفش وأبو الهيثم: مالك أجمع وأوسع وأمدح، ألا ترى أنه يقال: الله مالك الطير والدواب والوحش وكل شيء، ولا يقال: ملك كل شيء، وإنما يقال: ملك الناس؟ قالوا: ولا يكون مالك الشيء إلاّ هو يملكه ويكون ملك الشيء وهو لا يملكه، كقولهم: ملك العرب والعجم والروم.

وقالوا أيضاً: إن (المالك) يجمع الفعل والاسم.

وقال بعضهم: في (مالك).... ومالك قوله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات ".

وقال أبو عبيد: الذي نختار ملك.... مروياً عن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت. ومن قرأ بها من أهل العلم أكثر. وهي مع هذا في المعنى أصحّ لقوله تعالى:

{ فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06253) [طه20: 114]، و:
{ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08940) [الحشر59: 23]، و:
{ مَلِكِ ٱلنَّاسِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=10023) [الناس114: 2]، و:
{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) [غافر40: 16]،

ولم يقل: لمن الملك اليوم؟

والملك مصدر الملك وغيرهُ، وملك يصلح للمالك والمليك، يقال: ملك الشيء يملكه ملكاً، فهو مالك ومليك، و: ملكه يملكه ملكاً فهو ملك لا غير.

-2-

وهما بعد الناس، ومعناهما الربّ؛ لأن العرب تقول: رب الدار والعبد والضيعة بمعنى أنه مالكها، ولا يفرّقون بين قولهم: ربّها ومالكها ومن.... قال: إن المالك والملك هو القادر على استخراج الأعيان من العدم إلى الوجود، ولا يقدر في الحقيقة على إخراجها إلاّ الله المالك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا ملك إلاّ الله " فأما غيره، فيسمى مالكاً وملكاً على المجاز.

والمراد بذلك: أنه مأذون له في التصرّف فيه.

وقال عبد العزيز بن يحيى: المالك يمكن بما يملكه، منفرد به عن أبناء جنسه، تعود منافعه إليه، والمالك الثاني الذي بيده الشيء، ويستولي عليه، ويصرفه فيما يريده. تقول العرب: ملّكك زمام البعير، وملكت العجين إذا شددته، وأملكت المرأة إملاكاً، قال الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>وجبرئيل أمين الله أملكها</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic></TD></TR></TBODY></TABLE>

معنى قوله: { الدين }

وأما معنى قوله: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } ، فقال ابن عباس والسدي ومقاتل: قاضي يوم الحساب. ودليله قوله عزّ وجلّ:

{ ذلك الدِّينُ الْقَيِّمُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05062) [التوبة9: 36]،

أي الحساب المستقيم.

الضحاك وقتادة: الدين: الجزاء، يعني: يوم يدين الله العباد بأعمالهم. دليله قوله: { أَإِنَّا لَمَدِينُونَ } [سورة الصافات: 53]، أي مجرّبون. قال لبيد:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>حصادك يوماً ما زرعت وإنما</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>يدان الفتى يوماً كما هو دائن</TD></TR></TBODY></TABLE>

وقال عثمان بن زيات: يوم القهر والغلبة، تقول العرب: مدان فدان، أي قهرته فخضع وذلّ. وقال الأعشى:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>هو دان الرباب إذ كرهو الدين</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>دراكا بغزوة وارتحال</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>ثم دانت بعد الرباب وكانت</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>كعذاب عقوبة الأقوال</TD></TR></TBODY></TABLE>

وسمعت أبا القاسم الحسين بن محمد الأديب يقول: سمعت أبا المضر محمد بن أحمد ابن منصور يقول: سمعت أبا عمر غلام ثعلب يقول: كان الرجل إذا أطاع ودان إذا عصى، ودان إذا عزّ وكان إذا ذلّ، ودان إذا قهر.

وقال الحسن بن الفضل: يوم الإطاعة، قال زهير:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>لئن حللت بواد في بني أسد</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>في دين عمرو وحالت بيننا فدك</TD></TR></TBODY></TABLE>

أي في طاعة، وكل ما أطيع الله فيه فهو دين.

وقال بعضهم: يوم العمل، قال الفراء: دين الرجل خلقه وعمله وعادته، وقال المثقب العبدي:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>تقول إذا درأت وضيني لها</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>أهذا دينه أبداً وديني</TD></TR></TBODY></TABLE>

وقال محمد بن كعب القرضي: { مَـٰلِكِ يَوْمِ } لا ينفع فيه إلاّ { ٱلدِّينِ } ، وهذه من قول الله تعالى:

{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06811)يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06811) إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06812) } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06812) [الشعراء26: 88 - 89]، وقوله:
{ وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07434) [سبأ34: 37].

وإنما خصّ يوم الدين بكونه مالكاً له؛ لأن الأملاك في ذلك اليوم زائلة [فينفرد تعالى بذلك]، وهي باطلة والأملاك خاصة. وقيل: خص يوم الدين بالمالك فيه؛ لأن ملك الدنيا قد اندرج في قوله: { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } ، فأثبت أنه مالك الآخرة بقوله: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }؛ ليعلم أن الملك له في الدارين. وقيل: إنما خصّ يوم الدين بالذكر؛ تهويلا وتعظيماً لشأنه كما قال تعالى:

{ يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) [غافر40: 16]،

ولا خفاء بهم في كل الأوقات عن الله عزّ وجلّ.

-3-

admin
12-23-2010, 11:42 AM
تفسير تفسير القرآن/ التستري (ت 283 هـ) مصنف و مدقق



{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } [4] أي يوم الحساب.


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-23-2010, 11:44 AM
تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


قال ابن عطاء: مجازى يوم الحساب كل صنف بمقصودهم وهمتهم، يُجازى العارفين بالقرب منه والنظر إلى وجهه الكريم، ويجازى أرباب المعاملات بالجنات.

وقيل: من حق العبيد إذا شاهدوا مليكهم أن ينسوا المملكة عند مشاهدة مليكهم.

وقيل: إنه لمن يزل ولا يزال قلقاً فكن فى الدنيا كما تكون فى الآخرة. وَالِهاً حذرًا عالمًا أنك فى ملكه حيث ما كنت.

وقيل: ملك يوم الدين، يوم الكشف والإشهاد

{ لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06154) [طه20: 15].

وقيل: إنها خمسة أسامى لله ورب العالمين والرحمن والرحيم ومالك فاستدعى الإلهية الوَلَه والربوبية رؤية المنة والرحمن رؤية الشفقة، والرحيم رؤية التعطف، والمالك القطع عن المملكة بالاتصال بمالكها.


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-24-2010, 03:35 PM
تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


المالك من له المُلك، ومُلك الحق سبحانه وتعالى قدرته على الإبداع، فالملك مبالغة من المالك وهو سبحانه الملك المالك، وله المُلك. وكما لا إله إلا هو فلا قادر على الإبداع إلا هو، فهو بإلهيته متوحد، وبملكه متفرد، ملك نفوس العابدين فصرفها في خدمته، وملك قلوب العارفين فشرِّفها بمعرفته، وملك نفوس القاصدين فتيَّمها، وملك قلوب الواجدين فهيَّمها. ملك أشباح منْ عبَدَه فلاطفها بنواله وأفضاله، وملك أرواح مَنْ أحبهم (....) فكاشفها بنعت جلاله، ووصف جماله. ملك زمام أرباب التوحيد فصرفهم حيث شاء على ما شاء ووفَّقهم حيث شاء على ما شاء كما شاء، ولم يَكِلْهم إليهم لحظة، ولا مَلَّكَهم من أمرهم سِنَّةٌ ولا خطرة، وكان لهم عنهم، وأفناؤهم له منهم.

فصل: مَلَكَ قلوبَ العابدين إحسانُه فطمعوا في عطائه، وملك قلوب الموحدين سلطانُه فقنعوا ببقائه. عرَّف أربابَ التوحيد أنه مالكهم فسقط عنهم اختيارهم، علموا أن العبد لا ملك له، ومن لا ملك له لا حكم له، ومن لا حكم له لا اختيار له، فلا لهم عن طاعته إعراض ولا على حكمه اعتراض، ولا في اختياره معارضة، ولا لمخالفته تعرّض، و { يَوْمِ ٱلدِّينِ }. يومُ الجزاء والنشر، ويوم الحساب والحشر - الحق سبحانه وتعالى يجزي كلاً بما يريد، فَمِنْ بين مقبولٍ يوم الحشر بفضله سبحانه وتعالى لا بفعلهم، ومن بين مردودٍ بحكمه سبحانه وتعالى لا بِجُرْمِهم. فأمَّا الأعداء فيحاسبهم ثم يعذبهم وأمَّا الأولياء فيعاتبهم ثم يقربهم:

<TABLE class=TextArabic dir=rtl><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>قومٌ إذا ظفروا بنا</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>جادوا بعتق رقابنا</TD></TR></TBODY></TABLE>
<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-24-2010, 03:37 PM
تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 404 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


قوله تعالى { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } في اسم المالك رجاء المقبلين وتخويف المهلكين يجازى مقاساة أَكَم فراقِ العاشقين بمشاهدته ونفائس كرامته ويجازى عُموم المحبين بكشف جمالِه وجلاله ويجازى المعاملةَ الصادقين بادخالهم في جنانه واسكانهم في جواره وقال ابن عطا يجازى يوم الحساب كل صنفٍ بقصودهم وهمتهم ويجازى العارفين بالقرب منه والنظر الى وجهه الكريمة ويجازى ارباب المعاملات بالحسنات وقيل مالكِ يوم الكشف والاشهاد ليجازى كل نفسٍ بما تسعى وقال الاستاذ مالك نفوس العابدين فصرفها في خدمته ومالك قلوب العارفين فشرفها ومَالِكِ نفوس القاصدين فيتمها ومالك قلوب الواجدين فهيّمها ومالكِ اشباحِ من عَبَدَه فلاطفها بنواله وافضاله ومالك ارواح من اَحَبّه فكاشفها بنعت جلال ووصف جماله ومالك زمامِ ارباب التوحيد فصرّفهم حيث شاء كما شاء ووفقهم حيث شاء كما شاء على ما يشاء كما شاء لم تكِلْهم إليهم لحظة ولا ملَكهم من امرهم سيئةً ولا خَطْرة افناهم له عنهم.

admin
12-24-2010, 03:49 PM
تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق 1-3

{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


{ مالك يوم الدين } اليوم فى العرف عبارة عما بين طلوع الشمس وغروبها من الزمان وفى الشرع عما بين طلوع الفجر الثانى وغروب الشمس والمراد ههنا مطلق الوقت لعدم الشمس ثم اى مالك الامر كله فى يوم الجزاء فاضافة اليوم الى الدين لادنى ملابسة كاضافة سائر الظروف الى ما وقع فيها من الحوادث كيوم الاحزاب ويوم الفتح وتخصيصه اما لتعظيمه وتهويله او لبيان تفرده باجراء الامر فيه وانقطاع العلائق بين الملاك والاملاك حينئذ بالكلية ففى ذلك اليوم لا يكون مالك ولا قاض ولا مجاز غيره واصل الملك والملك الربط والشد والقوة فلله فى الحقيقة القوة الكاملة والولاية النافذة والحكم الجارى والتصرف الماضى وهو للعباد مجاز اذلملكهم بداية ونهاية وعلى البعض لا الكل وعلى الجسم لا العرض وعلى النفس لا النفس وعلى الظاهر لا الباطن وعلى الحى لا الميت بخلاف المعبود الحق اذ ليس لملكه زوال ولا لملكه انتقال وقراءة مالك بالالف اكثر ثوابا من ملك لزيادة حرف فيه – يحكى – عن ابى عبد الله محمد بن شجاع الثلجى رحمه الله تعالى انه قال كان من عادتى قراءة مالك فسمعت من بعض الادباء ان ملك ابلغ فتركت عادتي وقرأت ملك فرأيت فى المنام قائلا يقول لم نقصت من حسناتك عشرا اما سمعت قول النبى صلى الله عليه وسلم " من قرأ القرآن كتب له بكل حرف عشر حسنات ومحيت عنه عشر سيآت ورفعت له عشر درجات ".

فانتهبت فلم اترك عادتى حتى رأيت ثانيا فى المنام انه قيل لى لم لا تترك هذه العادة اما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم " اقرأوا القرآن فخما مفخما ".

اى عظيما معظما فاتيت قطربا وكان اماما فى اللغة فسألته ما بين المالك والملك فقال بينهما فرق كثير اما المالك فهو الذى ملك شيأ من الدنيا واما الملك فهو الذى يملك الملوك.

قال فى تفسير الارشاد قرأ أهل الحرمين المحترمين ملك من الملك الذي هو عبارة عن السلطان القاهر والاستيلاء الباهر والغلبة التامة والقدرة على التصرف الكلى فى امور العامة بالامر والنهى وهو الانسب بمقام الاضافة الى يوم الدين انتهى ولكل وجوه ترجيح ذكرت فى التفاسير فلتطالع ثمة. والوجه فى سرد الصفات الخمس كانه يقول خلقتك فانا إله ثم ربيتك بالنعم فانا رب ثم عصيت فسترت عليك فانا رحمن ثم تبت فغفرت فانا رحيم ثم لا بد من الجزاء فانا مالك يوم الدين.

وفي التأويلات النجمية الاشارة فى { مالك يوم الدين } ان الدين في الحقيقة الإسلام يدل عليه قوله تعالى

{ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلَامُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04103) [آل عمران3: 19].

-1-

والاسلام على نوعين اسلام بالظاهر واسلام بالباطن فاسلام الظاهر باقرار اللسان وعمل الاركان فهذا الاسلام جسدانى والجسدانى ظلمانى ويعبر عن الليل بالظلمة واما اسلام الباطن فبانشراح القلب والصدر بنور الله تعالى فهذا الاسلام الروحانى نورانى ويعبر عن اليوم بالنور فالاسلام الجسدانى يقتضى اسلام الجسد لاوامر الله ونواهيه والاسلام الروحانى يقتضى استسلام القلوب والروح لاحكام الازلى وقضائه وقدره فمن كان موقوفا عند الاسلام الجسدانى ولم يبلغ مرتبة الاسلام الروحانى وهو بعد فى سير ليلة الدين متردد ومتحير فيرى ملوكا وملاكا كثيرة كما كان حال الخليل عليه السلام فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي ومن تنفس صح سعادته وطلعت شمس الاسلام الروحانى من وراء جبل نفسه من مشرق القلب فهو على نور من ربه واضح فى كشف يوم الدين فيكون ورد وقته اصبحنا واصبح الملك فيشاهد بعين اليقين بل يكاشف حق اليقين ان الملك لله ولا مالك الا مالك يوم الدين فاذا تجلى له النهار وكشف بالمالك جهارا يخاطبه وجاها ويناجيه شفاها

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03796) [الفاتحة1: 5].

ومن لطائف مالك يوم الدين ان مخالفة الملك تأول الى خراب العالم وفناء الخلق فكيف مخالفة ملك الملوك كما قال الله تعالى فى سورة مريم

{ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06131) [مريم19: 90].


والطاعة سبب لمصالح كما قال تعالى

{ نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06271) [طه20: 132]

فعلى الرعية مطاوعة الملوك وعلى الملوك مطاوعة ملك الملوك لينتظم مصالح العالم.

ومن لطائفه ايضا ان مالك يوم الدين يبين ان كمال ملكه بعد له حيث قال

{ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06321) [الأنبياء21: 47].


فالملك المجازى ان كان عادلا كان حقا فدرت الضروع ونمت الزروع وان كان جائرا كان باطلا فارتفع الخير – يحكى – ان انوشر وان انقطع في الصيد عن القوم فانتهى الى بستان فقال لصبى فيه اعطنى رمانة فاعطاه فاستخرج من حبها ماء كثيرا سكن به عطشه فاعجبه واضمر اخذا البستان من مالكه فسأله اخرى فكانت عفصة قليلة الماء فسأل الصبى عنه فقال لعل الملك عزم على الظلم فتاب قلبه وسأله اخرى فوجدها اطيب من الاولى فقال الصبى لعل الملك تاب فتنبه انوشروان وتاب بالكلية عن الظلم فبقى اسمه مخلدا بالعدل حتى روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه تفاخر فقال " ولدت فى زمن الملك العادل ".

قال الفناري في تفسير الفاتحة بل لعله تفاخر بزمنه النوراني حتى ولد فيه مثله وذكر أنوشروان دليلا على نورانية زمانه حيث لا يتصور في الكافر المسلط احسن حالاً من العدل انتهى.قال السخاوي في المقاصد الحسنة حديث (ولدت في زمن الملك العادل) لا اصل له ولا صحة وان صح فاطلاق العادل عليه لتعريفه بالاسم الذى كان يدعى به لا الوصفية بالعدل والشهادة له بذلك او وصفه بذلك على اعتقاد المعتقدين فيه انه كان عادلا كما قال الله تعالى

-2-

{ فَمَا أَغْنَت عَنْهُم ءَالِهَتُهُمُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05365) [هود11: 101].

اى ما كان عندهم آلهة ولا يجوز ان يسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يحكم بغير حكم الله عادلاً انتهى كلام المقاصد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يجاء بالوالى يوم القيامة فينبذ به على جسر جهنم فيرتج به الجسر ارتجاجة لا يبقى منه فصل الازال عن مكانه فان كان مطيعا لله فى عمله مضى فيه وان كان عاصيا لله انخرق به الجسر فيهوى فى جهنم مقدار خمسين عاما " كذا فى تذكرة الموتى للامام القرطبى قال السعدى قدس سره

<TABLE class=TextArabic dir=rtl><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>مهازور مندى مكن برجهان</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>كه بريك نمط مى نماندجهان</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>نماند ستمكار بد روز كار</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>بماند برو لعنت بايدار</TD></TR></TBODY></TABLE>
<LABEL class=############ disabled></LABEL>
<LABEL class=############ disabled>-3-</LABEL>

admin
12-24-2010, 03:54 PM
تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق 1-2


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


الاعراب

إياك نصب بوقوع الفعل عليه وموضع الكاف في إياك خفض باضافة إيا اليها وإيا اسم للضمير المنصوب، إلا انه ظاهر يضاف إلى سائر المضمرات نحو قوله: إياك ضربت وإياه ضربت، وإياي ضربت ولو قلت: إيا زيد حدثت؛ كان قبيحاً، لأنه خص به المضمر وقد روى الخليل جوازه، وهو قولهم: اذا بلغ الرجل الستين فاياه وإيا الشواب

وقال الأخفش لا موضع للكاف من الاعراب، لأنها حرف الخطاب وهو قول ابن السراج واختاره الرماني، لأن المضمر معرفة تمتنع من الاضافة كما تمتنع من الصفة وحملوا ما رواه الخليل على الشذوذ

ولو قلت نعبد إياك لم يجز لأنك تقدر على ضمير متصل بان تقول نعبدك فلا يجوز ان تأتي بضمير منفصل، ولأنه لو أخر لكان قد قدم ذكر العابد على المعبود وليس بجيد ومن قال إن إياك بكماله اسم فقد أخطأ لأنه لو كان كذلك لما اضيف، كما حكيناه في قولهم إياه وإيا الشواب، لأنهم اجروا الهاء فيه مجرى الهاء في عصاه

والنون مفتوحة من نعبده وقد روي يحيى بن وثاب، انه كان يكسرها وهي لغة هذيل، يقولون نعلم وتعلم واعلم وتخاف وتقام وتنام فيكسرون أوائل هذه الحروف كلها ولا يكسرون الياء، ولا في يستفعل ويفتعل فلا يقولون يبيض ويطمس ـ بكسر الياء ـ بل يفتحونها والدال والنون مرفوعان، لأن في أوله أحد الزوايد الاربع فاعربا

المعنى واللغة:

والعبادة ضرب من الشكر، مع ضرب من الخضوع ولا تستحق إلا باصول النعم التي هي خلق الحياة والقدرة والشهوة وما يقدر من النعم لا يوازيه نعمة منعم فلذلك اختص الله بأن يعبد، وان استحق بعضنا على بعض الشكر

والعبادة في اللغة الذلة، يقال هذا طريق معبد اذا كان مذللا بكثرة الوطء وبعير معبد اي مذلل بالركوب، وقيل اصله اذا طلي بالقطران، وسمي العبد عبداً لذلته لمولاه، ومن العرب من يقول: هيّاك، فيبدل الألف هاء كما يقولون: هيه وايه.

ونستعين اي نطلب منك المعونة على طاعتك وعبادتك. واصله نستعون لأنه من المعونة فقلبت الواو ياء لثقل الكسرة عليها ونقلت كسرتها إلى العين قبلها وبقيت الياء ساكنة، والتقدير في اول السورة إلى ها هنا، اي قل يا محمد هذا الحمد. وهذا كما قال:

{ وَلَو تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِم عِندَ رَبِّهِم رَبَّنَا أَبْصَرْنَا } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07306) (السجدة32: 12)

اي: يقولون ربنا. وكما قال: { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب، سلام عليكم } اي: يقولون سلام عليكم. وحمزة والكسائي اذا وقفا اشما الدال الرفع، وكذلك في سائر القرآن، فاما اذا وقفا على النصب، تخير الكسائي الاشمام، وتركه اجود. ومن استدل بهذه الآية على أن القدرة مع الفعل من حيث إن القدرة لو كانت متقدمه لما كان لطلب المعونة وجه اذا كان الله قد فعلها فيه فقد اخطأ لأن الرغبة في ذلك تحتمل امرين:

احدهما ـ ان يسأل الله تعالى من الطافه، وما يقوي دواعيه ويسهل الفعل عليه ما ليس بحاصل، ومتى لطف له بأن يعلمه أن له في عاقبة الثواب العظيم والمنازل الجليلة زاد ذلك في نشاطه ورغبته.

-1-

والثّاني ـ ان يطلب بقاء كونه قادراً على طاعاته المستقبلة بأن يجدد له القدرة حالاً بعد حال عند من لا يقول ببقائها او لا يفعل ما يضادها وينفيها عند من قال ببقائها. فان قيل هلاّ قدم طلب المعونة على فعل العبادة لأن العبادة لا تتم إلاّ بتقدم المعونة اولا؟ قيل: في الناس من قال المراد به التقديم والتأخير، فكانه قال: اياك نستعين واياك نعبد، ومنهم من قال: ليس يتغير بذلك المعنى، كما إن القائل اذا قال احسنت الي فقضيت حاجتي او قضيت حاجتي فأحسنت الي، فان في الحالين المعنى واحد. قال قوم انهم سألوا المعونة على عبادة مستأنفة لا على عبادة واقعة منهم، وانما حسن طلب المعونة وان كان لا بد منها مع التكليف على وجه الانقطاع اليه كما قال: { رب احكم بالحق }. ولأنه قد لا يكون في ادامته التكليف اللطف ولا في فعل المعونه به الا بعد تقدم الدعاء من العبد، وانما كرر اياك لأن الكاف التي فيها هي كاف الضمير التي كانت تكون بعد الفعل في قوله نعبدك، فلما قدمت، زيد عليها أبا لأن الاسم اذا انفرد لا يمكن ان يكون على حرف واحد فقيل اياك ولما كانت الكاف يلزم تكرارها لو كرر الفعل وجب مثل ذلك في اياك. الا ترى انه لو قال نعبدك ونستعينك ونستهديك لم يكن بدمن تكرير الكاف، وكذلك لو قدم فقيل اياك نعبد واياك نستعين، وفيه تعليم لنا ان نجدد ذكره عند كل حاجة ومن قال انه يجري مجرى قول عدي بن زيد العبادي:


<TABLE class=TextArabic dir=rtl><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>وجاعل الشمس مصراً لا خفاء به</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>بين النهار وبين الليل قد فصلا</TD></TR></TBODY></TABLE>

وكقول اعشى همدان:


<TABLE class=TextArabic dir=rtl><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>بين الأشج وبين قيس باذخ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>بخ بخ لوالده وللمولود</TD></TR></TBODY></TABLE>

فكرر لفظ بين فقد اخطأ لأن في البيتين لو لم تكرر بين لكان الفعل مستحيلا الا ترى انه لو قال الشمس قد فصلت بين النهار لم يكن كلاماً صحيحاً وكذلك البيت الآخر وليس كذلك الآية، لأنه لو قال اياك نعبد وسكت لكان مستقلاّ بنفسه ولهذا طعن به بعض المفسرين. وعندي ان هذا ليس بطعن، لانه مغالطة لانه لو قال بين النهار والليل لكان كلاماً صحيحاً وانما كرر بين وكذلك لو قال اياك نعبد ونستعين كان كلاماً صحيحاً وانما كرر اياك تأكيداً والعلة ما ذكرناه اولا.


-2-

admin
12-24-2010, 03:56 PM
تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


قرء مالك على وزن الفاعل بالجرّ والاضافة وبالنّصب والاضافة وبالرّفع والاضافة وبالرّفع منوّناً، وقرء ملك بفتح الميم وكسر الّلام بالجرّ والنّصب والرّفع والاضافة، وقرء ملك باسكان الّلام تخفيفاً، وقرء ملك على لفظ الفعل، ومالكيّته تعالى للاشياء ليست كمالكيّة الملاّك لاملاكهم ولا كمالكيّة الملوك لممالكهم ولا كمالكيّة النّفوس لاعضائها بل كمالكيّة النّفوس لقويها وصورها العلميّة الحاصلة الحاضرة عندها يفنى ما شاء منها ويوجد ما شاء ويمحو ويثبت، وتخصيص مالكيّته تعالى بيوم الدّين للاشارة الى الارتقاء الّذى ذكرنا فانّ الانسان ما بقى فى عالم الطّبع والبشريّة لم يظهر عليه مالكيّته تعالى واذا ارتقى الى اوّل عالم الجزاء وهو عالم المثال ظهر عليه انّه تعالى مالك للاشياء كمالكيّته لصوره العلميّة وقواه النّفسيّة فالمعنى ظاهر مالكيّته يوم الدّين سواء كان المراد ظاهر مالكيّته للاشياء او لنفس يوم الدّين ولمّا كان الواصل الى يوم الجزاء حاضراً بوجه عند مالكه قال تعالى بطريق التّعليم { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }.

admin
12-24-2010, 03:58 PM
تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


الجزاء بالجنة والنار، وخصه لأنه لم يجعل فيه مالكا، بخلاف الدنيا، ففيها ملوك، والملك السلطان القاهر، هو مالك يوم الجزاء إذا حضر يوم الجزاء، أو صفة مبالغة، أي أنه مالك ليوم الدين ملكا قويا، إذا شاء أحضره، ولك تقدير مالك الأمور يوم الدين، كما ملكها في الدنيا، أو ملكها فيه وحده.

admin
12-25-2010, 11:16 AM
تفسير جواهر التفسير/ الخليلي (مـ 1942م- ) مصنف و مدقق 1-8

{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


في هذه الآية الكريمة تقرير لحقيقة هامة جاء القران الكريم ليقررها بكثير من آياته وهي كلية من كليات العقيدة الإِسلامية الصحيحة وضرورة من ضرورات الفكر الإِنساني الذي تصدر عنه التصرفات والأعمال وتقوم على أساسه حياة الإِنسان فإن الإِيمان باليوم الآخر ليس هو من الأمور الهامشية التي لا صلة لها بعمق الفكر ولا أثر لها في واقع الحياة ولكنه ركيزة أساسية في بناء الحياة الفكرية والعملية، ولذلك نجد الإِيمان به يأتي رديف الإِيمان بالله في الذكر سواء في آيات الكتاب أو في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم خصوصا عندما يستدعي الحال تأكيد أمر أو نهي فكثيرا ما يأتي في القرآن { لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } أو ما يفيد مفاد هذا التعبير في حال التأكيد، كما أنا نسمع كثيرا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر.. فليفعل كذا " أو " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يفعل كذا " وفي ذلك ما يكفي برهانا أن الإِيمان باليوم الآخر كالإِيمان بالله في عمق أثرهما في سلوك الإِنسان وقوة تأثيرهما في توجيه ميوله ورغباته وضبط غرائزه ونزعاته، وهذا لأن الإِيمان بالله يعني الإِيمان بالمبدأ والإِيمان باليوم الآخر يعني الإِيمان بالمصير وهل تبقى للإِنسان قيمة إن جهل المبدأ أو المصير، وماذا عسى أن تكون حالة هذا الإِنسان الذي يعيش على هامش الحياة لا يستشعر حقوقا عليه لمبدئه، ولا مسئولية يخشى مغبتها في مصيره وإنما يلهو ويمرح ويأكل ويشرب ويسافد ويتناسل شأن البهائم التي لا عقل لها ولا ضمير أما إذا أدرك واستيقن أن له مُبدئا أخرجه من العدم واسبغ عليه صنوف النعم وبوأه في الأرض ومكن له فيها فإن إدراكه لذلك يحيي في نفسه شعورا لافتقاره إلى تحري مرضاة هذا المبديء الكريم والخالق العظيم فيدعوه ذلك إلى أن يستمد منه منهج حياته وميزانه الذي يعرف به الخير والشر والنفع والضر ولكنه مع ذلك قد يتعامى عن قصد السبيل لما يتجاذبه من طبائع النفس ويتقاضاه من مطالب الحياة فهو واقع بين العواطف الملتهبة والغرائز الجارفة والمطالب المختلفة والدوافع المتنوعة فلا عجب إذا أنساه ذلك ما يجب عليه تجاه خالقه وتجاه الخلق، ولكن إيمانه بالمنقلب الذي يلقى فيه جزاءه يجعله يستعلى على ضرورات حياته ورغبات نفسه ودوافع غرائزه فلا يجعل العواطف أساسا لتعامله مع الناس ولا الغرائز مقياسا للنفع والضر والخير والشر، وحياة الإِنسان في الأرض حياة محدودة بل حياة وهمية إذ لا يعرف أحد مقدار بقائه فيها فهو ينتظر فراقها بين لحظة وأخرى، فإذا لم يؤمن بحياة أطول يجازى فيها على عمله كان ذلك داعيا إلى التقاعس عن الخير واستغلال ما يمكن من المنافع العاجلة ولو على حساب الآخرين وما الذي يدعوا الإِنسان إلى التفاني في البر وهو غير واثق من إستيفاء جزائه في هذه الحياة الدنيا ولا راجٍ حياة أخرى يطمع فيها أن يلقى أجر ما كسب، وعدم الإيمان بالمعاد مدعاة للقلق بسبب عدم وثوق الإِنسان من التعمير في هذه الدنيا، وهبه معمرا فيها فإنه لا بد له من يوم يواجه فيه الموت الكريه، فهو يحسب حسابه بإستمرار ليوم فنائه الذي يفرق ما جمع، ويأتي على ما كسب، وما الليل والنهار إلا مطيته الدؤب التي تسير به إلى ذلك اليوم وهذا يدعوه - مع عدم إعتقاد المعَاد - إلى التكاسل عن واجباته الإجتماعية، أما إذا وثق بأنه سيعاد كما كان مرة أخرى وسيوفى جزاء عمله فإن وثوقه بذلك سبب لطمأنينة نفسه ونشاطها في العمل.

-1-

والمشركون الذين كان القرآن يواجههم كانوا يؤمنون إيمانا جزئيا بالله الخالق العظيم سبحانه وتعالى، فالله تعالى يقول عنهم:

{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07285)[لقمان31: 25]

ولكنهم فاقدون الإِيمان بيوم البعث وهذا جعلهم يعيشون بلا هدف ويحيون للشهوات الدنيئة، فقد حكى الله تعالى عنهم قولهم:

{ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08424) [ق50: 3] وقولهم
{ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06546) [المؤمنون23: 82]
{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07595)أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07595) أَوَآبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07596) } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07596) [الصافات: 16- 17]
{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08817)أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08817) أَوَآبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08818) } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08818) [الواقعة: 47- 48]

وكان القرآن الكريم يواجههم بالأمثال المختلفة التي يضربها لهم لتبديد شبههم وتفريق أوهامهم، فاسمع إلى قول الله تعالى:

{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06391)يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06391) ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06392) وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي ٱلْقُبُورِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06393) } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06393) [الحج22: 5- 7] وإلى قوله:
{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07573)أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07573) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07574) قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07575) ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07576) أَوَلَـيْسَ ٱلَذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاواتِ وَٱلأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07577) } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07577) [يس36: 77- 81]

تتصور تلك المعركة الحامية الوطيس، معركة الجدال في اليوم الآخر.

وقوله تعالى: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } جاء في هذه السورة الكريمة لقرن الترهيب بالترغيب، فإن الآيات السابقة آيات مبشرات، وقد قضت سنة الله في كتابه أن يجتمع الوعد والوعيد غالبا في آية أو آيات متجاورة لحكمة بالغة علمها الله تعالى، فإن العباد بحاجة إلى تربيتهم بالترغيب والترهيب، وإيقاظ الشعور بالخوف والرجاء في نفوسهم لينشطوا للأعمال الصالحة بباعث الرجاء، وليحاذروا الأعمال السيئة لداعي الخوف، وفي الآية قراءات: " قرأ عاصم والكسائي ويعقوب وخلف في مختاره { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } ، قال الألوسي: وهي قراءة العشرة إلا طلحة والزبير، وقراءة كثير من الصحابة منهم أُبيُّ وابن مسعود ومعاذ وابن عباس والتابعين منهم قتادة والأعمش "

وذكر ابن عطية في تفسيره عن مكي أن نسبها - فيمن نسبها إليهم - إلى طلحة والزبير أيضا، وقرأ باقي السبعة " مَلِكَ يوم الدين " ، ونُسبت إلى زيد وأبي الدرداء وابن عمرو وكثير من الصحابة والتابعين، وروى أحمد بن صالح عن ورش عن نافع " ملكي " بإشباع كسرة الكاف، وروي عن أبى عمرو من السبعة " مَلْك يوم الدين " بتسكين اللام، وثم قراءات أخرى منها: " مَلَك يوم الدين " بفتح اللام فعلاً ماضياً، و " مالكَ " بالنصب و " مالكاً " بالنصب والتنوين، و " مالكٌ " بالرفع والتنوين، و " مالك.

-2-

. " بالرفع والإِضافة، و " مالكَ " بالنصب والإِضافة، و " مليك " على وزن عظيم، وهي قراءات شاذة لا يقرأ بها في الصلاة، وإنما المشهور القراءتان الأوليان.

وروي الترمذي في سننه عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ " ملك " بغير ألف، وأخرج نحوه ابن الأنباري عن أنس، وأخرج أحمد والترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقرأون " مالك " بالألف، وأخرجه الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا، ورواه الطبراني في " الكبير " عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونحوه عند سعيد بن منصور عن ابن عمر رضي الله عنهما، وأخرجه أيضا وكيع في تفسيره وعبد بن حميد وأبو داود عن الزهري يرفعه مرسلا، وأخرجه ابن الرزاق في تفسيره وعبد بن حميد وابو داود عن ابن المسيب يرفعه أيضا ارسالا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشوكاني في تفسيره: وقد روي من طرق كثيرة فهو أرجح من الأول، وللعلماء خلاف في ترجيح إحدى القراءتين على الأخرى مع الإِجماع أن كلتيهما صحيحتان ثابتتان عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ذهب إلى ترجيح { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } طائفة منهم المبرد وأبو عبيد من أئمة العربية وعليه ابن جرير الطبري والزمخشري والجرجاني والقرطبي وقطب الأئمة والإِمام أبو نبهان والسيد محمد رشيد رضا.

-3-

وذهب إلى ترجيح { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } طائفة أخرى منهم أبو حاتم وابن العربي وابن عطية والشكواني والإِمام محمد عبده، ولكل حجة.

أما الأولون فيحتجون لرأيهم بأن قراءة " ملك " هي قراءة أهل الحرمين وهم أجدر أن يقرأوا القرآن غضا طريا كما أُنزل، وبأنها تعتضد بقوله تعالى في وصف يوم الدين { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } وبقوله تعالى في سورة الناس وهي آخر القرآن ترتيبا

{ مَلِكِ ٱلنَّاسِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=10023) (الناس114: 2)

وبأن نفوذ الملك أعم من نفوذ المالك وبأنه يلزم على قراءة " مالك " نوع تكرار لأن الرب بمعناه أيضا، وبأنه سبحانه وصف ذاته المتعالية بالملك عند المبالغة في قوله

{ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04110) [آل عمران3: 26]

والملك مأخوذة من المُلْك بالضم بخلاف المالك فإنه من المِلك بالكسر، واعترض على الأول بأن قراءة أهل الحرمين لا تدل على الرجحان لأنه لو سلم كون أوائلهم أعلم بالقرآن لم يسلم ذلك في عهد القراء المشهورين، ومن المعلوم أن صحيح البخاري مقدم على موطأ مالك مع أن مالكاً هو عالم المدينة على أن القراءات المشهورة كلها متواترة وبعد التواتر المفيد للقطع لا يلتفت إلى أصول الرواة، وقول بعضهم: لا يخفي أن أهل الحرمين قديما وحديثا أعلم بالقرآن والأحكام مردود بأنه لو ثبت ذلك لأقتضى ترجيح روايتهم على كل رواية والأخذ برأيهم دون من سواهم، واعترض على الثاني بأن عضد قراءة " ملك " بقوله تعالى:

{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) [غافر40: 16]

يمنعه قوله سبحانه عن ذلك اليوم:

{ يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09639) [الانفطار82: 19]

فإنه أراد به يوم القيامة وهو يوم الدين، ونفى المالكية عن غيره يقتضي إثباتها له، لأن السياق لبيان عظمته تعالى، ويعضده قوله من بعد:

{ وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09639)[الانفطار82: 19]

فإن المقصود بالأمر واحد الأمور لا الأوامر، وإعترض على الثالث بأن ما في سورة الناس يختلف عما في سورة الفاتحة لأنه لو قٌريء هنالك " مالك الناس " لتكرر معناه مع ما في رب الناس وأما هنا فلا تكرار لإِختلاف المقام، واعتُرِض على الرابع بأنه لا يلزم أن يكون الملك أعمّ من المالك بل بينهما العموم الوجهي ويُتصور ذلك فيمن شمل ملكه مدينة فيها الكثير من الناس والممتلكات، ولكن لا مِلك له فيها - بالكسر - فهو ملك غير مالك بالنسبة إليها، وأصحاب المِلك بالكسر - هم الذين لهم مطلق التصرف فيما يمتلكون دون الملك، واعتُرض على الخامس بأن دعوى التكرار مدفوعة وهي أيضا لازمة على قراءة ملك إن فُسِّر الرب بالملك كما ذكره الجوهري، وقد أوردنا بعض الشواهد لذلك في تفسير الرب واعترض على السادس بأن قوله تعالى: { مَالِكَ ٱلْمُلْكِ } أدل على المالكية منه على الملكية، وإضافة المالك إلى الملك تدل على أن المالك أبلغ من الملك لأن المُلك - بالضم - قد جعل تحت حيطة المالكية لأنه أحد مملوكاته.

-4-

وأما الآخرون فيحتجون أيضا بأدلة، منها أن في قراءة مالك حرفا زائدا، ولكل حرف في التلاوة عشر حسنات كما جاء في الحديث، فكانت قراءته أكثر ثوابا، ومنها أن المالك أقوى تصرفا في مِلكه من الملك في مُلكه لأن الملك هو الذي يدبر أعمال رعيته العامة ولا تصرف له بشيء من شئونهم الخاصة، قال الإِمام محمد عبده: (وإنما تظهر هذه التفرقة في عبد مملوك في مملكة لها سلطان، فلا ريب أن مالكه هو الذي يتولى جميع شئونه دون السلطان)، ومنها أن الملك ملك الرعية، والمالك مالك للعبيد والعبد أدون حالا من الرعية، فوجب أن يكون القهر في الملكية أكثر منه في المالكية، فوجب أن يكون المالك أعلى حالا من الملك، ومنها أن الرعية يمكنهم التخلص عن كونهم رعية ملكهم بإختيار أنفسهم وذلك بانتقالهم عن مملكته إلى مملكة أخرى وحملهم جنسية جديدة، أما المملوك فلا يمكنه إخراج نفسه أن يكون مملوكا لمالكه وهذا يدل على أن القهر في المالكية أكمل منه في الملكية، ومنها أن المملوك مطالب بخدمة المالك وليس له أن يستقل بأمره دونه، ولا يجب على الرعية خدمة الملك وهذا يعني أن الإِنقياد والخضوع في المملوكين أبلغ منهما في الرعايا، ومنها أن المالك يحق له بيع مملوكه ورهنه بخلاف الملك فلا يحق له بيع رعيته، ومنها أن المالك يضاف إلى العاقل وغيره، فيُقال مالك الناس، ومالك الدواب، ومالك الأرض، ومالك الشجر، أما الملك فلا يضاف إلى مُطلق هذه الأشياء بل يُضاف إلى الناس لأنهم عقلاء، ونحن إذا أمعنا النظر لم نجد فائدة في هذا الإِختلاف، فالقراءتان صحيحتان مشهورتان، وكل واحدة منهما تؤكد معنى، فالله تعالى قد وصف نفسه في التنزيل بأنه ملك ومالك، فقد قال:

{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08940) [الحشر59: 23] وقال:
{ قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04110) [آل عمران3: 26].

فلا داعي إلى ترجيح إحدى القراءتين على الأخرى مع ثبوتهما جميعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما أختار أن يلتزم القاريء في الصلاة وفي غيرها القراءة التي اعتادها، فلا تكون قراءته للقرآن مركبة بعضها بقراءة قاريء وبعضها بقراءة قاريء آخر، فنحن هنا في المشرق نقرأ بقراءة عاصم فعلينا أن نقرأ { مالك } في الصلاة وفي غيرها إلا إذا أراد أحدنا أن يقرأ في الصلاة بقراءة أحد القراء السبعة الآخرين فعليه أن يلتزم تلك القراءة في كل شيء لا في (ملك) فحسب، وكذلك إذا أراد أحدنا أن يتلو القرآن خارج الصلاة بقراءة قاريء آخر فعليه أن يلتزمها من أول القرآن إلى آخره لا أن يقرأ بعضه بقراءة وبعضه بقراءة أخرى، أما أهل شمال افريقيا وغربها فهم يقرأون بقراءة نافع، فالأولى بهم أن يقرأوا (ملك) لئلا يخرجوا عن التركيب الذي ذكرته اللهم إلا أن يريد أحدهم أن يقرأ في صلاة بعينها أو في كل الصلوات أو في تلاوة بعينها أو في جميع التلاوات بقراءة قاريء آخر فله ذلك على أن يلتزم ما تقتضيه تلك القراءة من أحكام، أما إذا نظرنا إلى ما تدل عليه الكلمتان وجدنا أن كلمة مالك أبلغ في التنصيص على عدم وجود من يملك في ذلك اليوم شروى نقير إذ إنفراد أحد بكونه ملكا في زمان أو مكان لا يمنع من وجود ملاك تحته بخلاف ما إن (انفرد بكونه مالكا) ومن هنا قال أبو حاتم: إن مالكا أبلغ في مدح الخالق من ملك وملك ابلغ في مدح المخلوقين من مالك، والفرق بينهما أن المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك وإذا كان الله مالكا كان ملكا، وبهذا تعلم أن الخشوع الذي تثيره قراءة مالك لا يقل عما تثيره قراءة ملك، وإن قال السيد محمد رشيد رضا في " المنار " بخلاف ذلك مستدلا لما يقوله بأن الملك هو المتصرف في أمور العقلاء المختارين بالأمر والنهي والجزاء، والمراد بالآية تذكير المكلفين بما ينتظرهم من الجزاء على اعمالهم رجاء أن تستقيم أحوالهم.

-5-

وإنما قلت بأن القراءتين جميعا تؤثران الخشوع في القلب بالسواء نظرا إلى أن المالك لذلك اليوم هو الذي وعد وتوعد ولا اخلاف لوعده أو وعيده ولا تبديل لكلماته فليس معنى لما يقوله السيد رشيد رضا من أن قراءة ملك أكثر تأثيرا في الخشوع ولا يلزم من هذه القراءة أن يكون معناها تكرارا لما في رب العالمين لأن ذكر الخاص بعد العام إنما هو دليل الاهتمام به ولا يعد من التكرار، وذكر ابن عطية والقرطبي في تفسيريهما عن أبي على أن أبا بكر بن السراج حكى عن بعض من اختار القراءة بملك، أن الله سبحانه قد وصف نفسه بأنه مالك كل شيء بقوله: { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } فلا فائدة في قراءة من قرأ مالك لأنها تكرير قال أبو على: ولا حجة في هذا لأن في التنزيل أشياء على هذه الصورة تقدم العام ثم ذكر الخاص كقوله تعالى:

{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَالِقُ ٱلْبَارِىءُ ٱلْمُصَوِّرُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08941)[الحشر59: 24]

فالخالق يعم ويذكر المصور لما في ذلك من التنبيه على الصنعة ووجود الحكمة، وكما قال تعالى:

{ وَبِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03802) [البقرة2: 4] بعد قوله
{ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03801) [البقرة2: 3]

والغيب يعم الآخرة وغيرها ولكن ذكرها لعظمها والتنبيه على وجوب اعتقادها والرد على الكفرة الجاحدين لها، وكما قال: { ٱلرَّحْمـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } فذكر الرحمن الذي هو عام وذكر الرحيم بعده لتخصيص المؤمنين به في قوله:

{ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07367) [الأحزاب33: 43]

والإضافة في مالك كالإِضافة في ملك ليست مجرد إضافة لفظية فالتعريف بها حاصل ولذلك جاز وصف اسم الجلالة بها ويوم الدين وإن كان مستقبلا فإنه لتحقق وقوعه نازل منزلة الشيء الكائن وملك الله تعالى له أمر ثابت.

-6-

وكون الله تعالى مالك ذلك اليوم يعني أنه مالك لكل ما فيه لأن الزمان كالمكان تقتضي الإِضافة إليه شمول ما ينطوي عليه، وقد جاء ذكر يوم الدين في كثير من آيات الكتاب العزيز في معرض التخويف من الجزاء وبيان عاقبة القوم الظالمين من ذلك قوله سبحانه:

{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09637)وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09637) ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09638) يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09639) } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09639) [الانفطار82: 17- 19] وقوله:
{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06671)وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06671) ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَافِرِينَ عَسِيراً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06672) } [الفرقان25: 25- 26] وقوله:
{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09132)يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09132) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09133) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09134) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09135) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09136) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09137) كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09138) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09139) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09140) يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09141) مَآ أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09142) هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09143) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09144) ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09145) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09146) } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09146) [الحاقة69: 18- 32]

وبين تعالى أن العبد يومئذ يتخلى عنه كل ما أوتيه في الدنيا من ملك وجاه، وكل ما يكون سببا للاعتزاز والافتخار فقد قال عز من قائل:

{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04674) [الأنعام6: 94] وقال سبحانه:
{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06134)إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06134) لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06135) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَرْداً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06136) } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06136) [مريم19: 93- 95]

وأخبر تعالى عن تقطع جميع الصلات والأسباب يومئذ وتحول جميع المودات إلى عداوة ساخنة إلاَّ ما يكون بين عباده المتقين حيث قال:

{ فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06565) [المؤمنون23: 101] وقال:
{ ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08183) [الزخرف43: 67] وقال:
{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09583)يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09583) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09584) وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09585) لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09586) } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09586) [عبس80: 34- 37]

وفي هذا ما يدعو ذوي الألباب لانتهاز فرصة الحياة وتزود تقوى الله تعالى منها

{ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03995) [البقرة2: 197].

و { ٱلْيَوْمَ } لغة وقت طلوع الشمس إلى وقت غروبها، وشرعا من بين طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، ويُطلق على مجموع الليل والنهار واستُعير هنا لما بين ابتداء القيامة إلى استقرار أهل الدارين فيهما، و (الدين) يأتي لغة لمعان، نقتصر منها على معنيين لصلتهما بالمراد في الآية:

أولهما: الحساب على الأعمال والمجازاة عليها، ومنه قولهم: كما تدين تدان، وقول الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>واعلم يقينا أن ملكك زائل</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>واعلم بأن كما تدين تُدان</TD></TR></TBODY></TABLE>

وقول الآخر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>إذا ما رمونا رميناهم</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>ودناهم مثلما يقرضونا</TD></TR></TBODY></TABLE>

-7-

ثانيهما: القضاء ومنه قوله تعالى:

{ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05463) [يوسف12: 76] وقول الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>لعمرك ما كانت حمولة معبد</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>على جُدها حربا لدينك من مُضر</TD></TR></TBODY></TABLE>

وفسر الدين في الآية بالمعنى الأول ابن عباس وابن مسعود من الصحابة رضى الله عنهم، وعليه ابن جريج وقتادة، وحكى ذلك عنهم ابن جرير وغيره من المفسرين، وروي عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما تفسيره بالمعنى الثاني وكلاهما سائغ، وجاء الدين في القرآن بمعنى الجزاء في قوله:

{ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06607) [النور24: 25] وقوله:
{ أَإِنَّا لَمَدِينُونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07632) [الصافات37: 53] ويدل عليه قوله تعالى:
{ ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07941) [غافر40: 17] وقوله:
{ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08292) [الجاثية45: 28]

وقد يسأل سائل، أليس الله مالكا لجميع الأيام؟ فكيف يُخَص مُلكُه بيوم الدين؟.

والجواب أن كل زمان داخل في حيطة ملك الله تعالى الواسع كدخول كل مكان، وإنما خُص يوم الدين بالذكر لأن الذين يتعامون في الحياة الدنيا عن دلائل اختصاص الله تعالى بالملك فيدعون الملك لأنفسهم أو لغيرهم ويخشون غير الله تعالى، ويرجون سواه يدركون في ذلك اليوم أن الملك لله تعالى وحده، فلا يتطاول أحد على ادِّعاء الملك، ولا يتعلق خوف أحد ولا رجاؤه بغير الله، ولذلك قال الله تعالى:

{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) [غافر40: 16]

وفي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عند الشيخين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ " ، ومن هنا حرم أن يوصف أي أحد غير الله بأنه مالك يوم الدين أو ملك يوم الدين، كما يحرم وصف غيره بأنه رب العالمين، ومثلهما ملك الملوك وملك الأملاك فإنهما وصفان لله تعالى وحده، ففي حديث أبي هريرة عند الشيخين أيضا أن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام قال: " إن أخنع إسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك " - زاد مسلم - " لا مالك إلا الله عَزّ وجل " وفي رواية أخرى " أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه رجل كان يسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله سبحانه ".

أما الملك فيجوز اطلاقه مجازا على غير الله كما في قوله تعالى حكاية عن بني اسرائيل:

{ ٱبْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04044) [البقرة2: 246] وقوله:
{ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04045)[البقرة2: 247]

وفي الحديث " ناس من أمتي عُرضوا عليَّ غُزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة ".

ولسائل أن يسأل أيضا أليست كل الأيام أيام جزاء وكل ما يلاقيه الناس في هذه الحياة من البؤس هو جزاء على تفريطهم في اداء الحقوق والقيام بالواجبات التي عليهم؟ واترك الإِجابة لصاحب المنار الذي طرح هذا السئوال واجاب عنه بما معناه: أن الجزاء قد يقع في أيام الدنيا على جميع الأعمال خيرا كانت أم شرا ولكن ربما لا يظهر للمجزيين إلا على بعضها دون جميعها، وانما يظهر الجزاء على التفريط في العمل الواجب ظهورا تاما في الدنيا بالنسبة إلى مجموع الأمة لا إلى كل فرد من أفرادها فكل أمة تنحرف عن صراط الله المستقيم ولا تراعي سننه في خليقته لا ينتظرها إلا مصير حاسم تلقى فيه من العدل الإلهي ما تستحقه من الجزاء كالفقر والذل وتبدد العزة وتلاشي السلطة جزاءً وفاقا، أما الأفراد فإن كثيرا من المسرفين الظالمين منهم يقضون أعمارهم في لجج الشهوات والملذات وقد توبخهم ضمائرهم أحيانا ولا يسلمون من المنغصات وقد يصيبهم النقص في أموالهم وعافية ابدانهم وقوة مداركهم ولكن كل هذا لا يقابل بعض اعمالهم القبيحة لا سيما أولئك الجبابرة المتسلطون الذين تشقى بأعمالهم السيئة شعوب وأمم، وفي مقابل أولئك نرى المحسنين في انفسهم وفي الناس يبتلون بصنوف البلاء ولا ينالون الجزاء الذي يستحقونه على صنوف أعمالهم! نعم يكرمهم الله تعالى براحة ضمائرهم وسلامة أخلاقهم وصحة ملكاتهم ولكن ليس ذلك كل ما يستحقون، أما في ذلك اليوم فكل فرد من افراد العاملين يوفى جزاؤه كاملا لا يظلم شيئًا منه كما قال تعالى:

{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09936)فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09936) وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09937) } [الزلزلة99: 7- 8].

-8-

admin
12-25-2010, 12:37 PM
تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق 1-3


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


إتباع الأوصاف الثلاثة المتقدمة بهذا ليس لمجرد سرد صفات من صفاته تعالى، بل هو مما أثارته الأوصاف المتقدمة، فإنه لما وصف تعالى بأنه رب العالمين الرحمٰن الرحيم وكان ذلك مفيداً لما قدمناه من التنبيه على كمال رفقه تعالى بالمربوبين في سائر أكوانهم، ثم التنبيه بأن تصرفه تعالى في الأكوان والأطوار تصرف رحمة عند المعتبر، وكان من جملة تلك التصرفات تصرفات الأمر والنهي المعبر عنها بالتشريع الراجع إلى حفظ مصالح الناس عامة وخاصة، وكان معظم تلك التشريعات مشتملاً على إخراج المكلف عن داعية الهوى الذي يلائمه اتباعه وفي نزعه عنه إرغام له ومشقة، خيف أن تكون تلك الأوصاف المتقدمة في فاتحة الكتاب مخففاً عن المكلفين عِبءَ العصيان لما أمروا به ومثيراً لأطماعهم في العفو عن استخفافهم بذلك وأن يمتلكهم الطمع فيعتمدوا على ما علموا من الربوبية والرحمة المؤكَّدة فلا يخشوا غائلة الإعراض عن التكاليف، لذلك كان من مقتضى المقام تعقيبه بذكر أنه صاحب الحُكم في يوم الجزاء:

{ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَت } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07941) [غافر40: 17]

لأن الجزاء على الفعل سبب في الامتثال والاجتناب لحفظ مصالح العالم، وأحيط ذلك بالوعد والوعيد، وجعل مِصداقُ ذلك الجزاء يوم القيامة، ولذلك اختير هنا وصف ملك أو مالك مضافاً إلى يوم الدين. فأما ملك فهو مؤذن بإقامة العدل وعدم الهوادة فيه لأن شأن الملك أن يدبر صلاح الرعية ويذب عنهم، ولذلك أقام الناس الملوك عليهم. ولو قيل رب يوم الدين لكان فيه مطمع للمفسدين يجدون من شأن الرب رحمة وصفحاً، وأما مالك فمثل تلك في إشعاره بإقامة الجزاء على أوفق كيفياته بالأفعال المجزى عليها.

فإن قلت فإذا كان إجراء الأوصاف السابقة مؤذناً بأن جميع تصرفات الله تعالى فينا رحمة فقد كفى ذلك في الحث على الامتثال والانتهاء إذ المرء لا يخالف ما هو رحمة به فلا جرم أن ينساق إلى الشريعة باختياره. قلت: المخاطبون مراتب: منهم من لا يهتدي لفهم ذلك إلا بعد تعقيب تلك الأوصاف بهذا الوصف، ومنهم من يهتدي لفهم ذلك ولكنه يظن أن في فعل الملائم له رحمة به أيضاً فربما آثر الرحمة الملائمة على الرحمة المنافرة وإن كانت مفيدة له، وربما تأول الرحمة بأنها رحمة للعموم وأنه إنما يناله منها حظ ضعيف فآثر رحمة حظه الخاص به على رحمة حظه التابع للعامة. وربما تأول أن الرحمة في تكاليف الله تعالى أمر أغلبي لا مطرد وأن وصفه تعالى بالرحمٰن بالنسبة لغير التشريع من تكوين ورزقٍ وإحياءٍ، وربما ظن أن الرحمة في المآل فآثر عاجل ما يلائمه. وربما علم جميع ما تشتمل عليه التكاليف من المصالح باطراد ولكنه ملكته شهوته وغلبت عليه شقوته.

-1-

فكل هؤلاء مظنة للإعراض عن التكاليف الشرعية، ولأمثالهم جاء تعقيب الصفات الماضية بهذه الصفة تذكيراً لهم بما سيحصل من الجزاء يوم الحساب لئلا يفسد المقصود من التشريع حين تتلقفه أفهام كل متأول مضيع. ثم إن في تعقيب قوله: { رب العالمين الرحمٰن الرحيم } بقوله: { مالك يوم الدين } إشارة إلى أنه ولي التصرف في الدنيا والآخرة فهو إذن تتميم.

وقوله (ملك) قرأه الجمهور بدون ألف بعد الميم وقرأه عاصم والكسائي ويعقوب وخلف (مالك) بالألف فالأول صفة مشبهة صارت اسماً لصاحب المُلك (بضم الميم) والثاني اسم فاعل من ملك إذا اتصف بالمِلك (بكسر الميم) وكلاهما مشتق من مَلَك، فأصل مادة ملك في اللغة ترجع تصاريفها إلى معنى الشد والضبط كما قاله ابن عطية، ثم يتصرف ذلك بالحقيقة والمجاز، والتحقيق والاعتبار، وقراءة (ملك) بدون ألف تدل على تمثيل الهيئة في نفوس السامعين لأن المَلِك (بفتح الميم وكسر اللام) هو ذو المُلك (بضم الميم) والمُلك أخص من المِلك، إذ المُلك (بضم الميم) هو التصرف في الموجودات والاستيلاء ويختص بتدبير أمور العقلاء وسياسة جمهورهم وأفرادهم وموَاطنهم فلذالك يقال: مَلِك الناس ولا يقال: مَلك الدواب أو الدراهم، وأما المِلك (بكسر الميم) فهو الاختصاص بالأشياء ومنافعها دون غيره.

وقرأ الجمهور (ملك) بفتح الميم وكسر اللام دون ألف ورويت هذه القراءة عن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر في «كتاب الترمذي». قال ابن عطية: حكى أبو على عن بعض القراء أن أول من قرأ (مَلِك يوم الدين) مروان بن الحكم فرده أبو بكر بن السراج بأن الأخبار الواردة تبطل ذلك فلعل قائل ذلك أراد أنه أول من قرأ بها في بلد مخصوص. وأما قراءة (مالك) بألف بعد الميم بوزن اسم الفاعل فهي قراءة عاصم والكسائي ويعقوب وخلف، ورويت عن عثمان وعلي وابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وطلحة والزبير، ورواها الترمذي في «كتابه» أنها قرأَ بها النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه أيضاً. وكلتاهما صحيحة ثابتة كما هو شأن القراءات المتواترة كما تقدم في المقدمة السادسة. وقد تصدى المفسرون والمحتجون للقراءات لبيان ما في كل من قراءة (ملك) (بدون ألف) وقراءة (مالك) (بالألف) من خصوصيات بحسب قَصْر النظر على مفهوم كلمة ملك ومفهوم كلمة (مالك)، وغفلوا عن إضافة الكلمة إلى يوم الدين، فأما والكلمة مضافة إلى يوم الدين فقد استويا في إفادة أنه المتصرف في شؤون ذلك اليوم دون شبهة مشارك. ولا محيصَ عن اعتبار التوسع في إضافة (ملك) أو (مالك) إلى (يوم) بتأويل شؤون يوم الدين. على أن (مالك) لغة في (ملك) ففي «القاموس»: «وكأمير وكتف وصاحب ذُو الملك».

ويوم الدين يوم القيامة، ومبدأ الدار الآخرة، فالدين فيه بمعنى الجزاء، قال الفِنْد الزماني:

-2-

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>فلما صرَّحَ الشرُّ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>فأَمسى وهْوَ عُريانُ</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>ولم يَبْقَ سوى العُدوا</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>نِ دِنَّاهم كما دَانُوا</TD></TR></TBODY></TABLE>

أي جازيناهم على صنعهم كما صنعوا مشاكلة، أو كما جازَوْا من قبل إذا كان اعتداؤهم ناشئاً عن ثأر أيضاً، وهذا هو المعنى المتعين هنا وإن كان للدين إطلاقات كثيرة في كلام العرب.

واعلم أن وصفه تعالى بملك يوم الدين تكملة لإجراء مجامع صفات العظمة والكمال على اسمه تعالى، فإنه بعد أن وُصف بأنه رب العالمين وذلك معْنى الإلٰهية الحقة إذ يفوق ما كانوا ينعتون به آلهتهم من قولهم إلٰه بني فلان فقد كانت الأُمم تتخذ آلهة خاصة لها كما حكى الله عن بعضهم:

{ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُم وَإِلَهُ مُوسَى } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06227)[طه20: 88] وقال:
{ قَالُوا يَمُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04883) [الأعراف7: 138]

وكانت لبعض قبائل العرب آلهة خاصة، فقد عبدت ثقيف اللات قال الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>ووقرت ثقيف إلى لاتها</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic></TD></TR></TBODY></TABLE>

وفي حديث عائشة في «الموطأ»: «كان الأنصار قبل أن يسلموا يهلون لمَنَاةَ الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المُشَلَّل» الحديث.

فوُصِفَ اللَّهُ تعالى بأنه رب العالمين كلهم، ثم عقب بوَصفي الرحمٰن الرحيم لإفادة عظم رحمته، ثم وصف بأنه مَلِك يوم الدين وهو وَصْف بما هو أعظم مما قبله لأنه ينبىء عن عموم التصرف في المخلوقات في يوم الجزاء الذي هو أول أيام الخلود، فمَلِك ذلك الزمان هو صاحب المُلك الذي لا يشذ شيء عن الدخول تحت مُلكه، وهو الذي لا ينتهي ملكه ولا ينقضي، فأين هذا الوصف من أوصافِ المبالغة التي يفيضها الناس على أعظم الملوك: مثل مَلِك الملوك (شَاهَانْ شَاهْ) ومَلِك الزمان ومَلِك الدنيَا (شاهْ جَهان) وما شابه ذلك. مع ما في تعريف ذلك اليوم بإضافته إلى الدين أي الجزاء من إدماج التنبيه على عدم حكم الله لأن إيثار لفظ الدين (أي الجزاء) للإشعار بأنه معاملة العَامل بما يعادِل أَعماله المَجْزِيَّ عليها في الخير والشر، وذلك العدلُ الخاص قال تعالى:

{ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَت لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07941) [غافر40: 17]

فلذلك لم يقلْ ملك يوم الحساب فوَصفُه بأنه ملك يَومِ العدل الصِّرف وصف له بأشرف معنى المُلك فإن الملوك تتخلد محَامدهم بمقدار تفاضلهم في إقامة العدل وقد عرف العرب المِدْحةَ بذلك. قال النابغة يمدح الملك عَمْرو بن الحارث الغساني ملك الشام:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>وكَم جزَانَا بأَيْدٍ غَيرِ ظالمة</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>عُرْفاً بعُرف وإنكاراً بإنكارِ</TD></TR></TBODY></TABLE>

وقال الحارث بن حلزة يمدح الملك عَمرو بن هند اللخمي ملك الحِيرة:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>مَلِك مُقْسِطٌ وأَفْضَلُ مَنْ يَمْـ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>ـشِي ومن دون مَا لَدَيْه القَضَاء</TD></TR></TBODY></TABLE>

وإجراء هذه الأوصاف الجليلة على اسمه تعالى إيماء بأن موصوفها حقيق بالحمد الكامل الذي أعربت عنه جملة { الحمد لله } ، لأن تقييد مُفاد الكلام بأوصاف مُتَعَلَّق ذلك المفاد يُشعر بمناسبة بين تلك الأوصاف وبين مُفاد الكلام مُناسبة تفهم من المقام مثل التعليل في مقام هذه الآية.

-3-

admin
12-25-2010, 12:40 PM
تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


لم يبينه هنا - وبينه في قوله:

{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09637)وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09637) ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09638) يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09639) } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09639) [الانفطار82: 17-19] الآية.

والمراد بالدين في الآية الجزاء. ومنه قوله تعالى:

{ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06607) [النور24: 25]

أي جزاء أعمالهم بالعدل.

admin
12-25-2010, 12:48 PM
تفسير تفسير صدر المتألهين/ صدر المتألهين الشيرازي (ت 1059 هـ) مصنف و مدقق 1-2


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


قوله جل اسمه:

{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }

قرأ عاصِم والكسائي وخلف ويعقوب بالألف، والباقون بغيره. وقُرئ بتسكين اللام. وقُرئ بلفظ الفعل ونصب اليوم. وقُرئ مَالِكَ - بالفتح - ومَلِكَ - كذلك - على المدح أو الحالية، ومالك - بالرفع منوّناً ومضافاً - على أنه خبر مبتدأ محذوف. ومَلكُ كذلك.

قيل: المختار بغير الألف لأنه أمدح، ولأنه قراءة اهل الحرمين، وقوله:

{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) [غافر40: 16]. ولقوله:
{ مَلِكِ ٱلنَّاسِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=10023) [الناس114: 2].

ولأن المُلك يعمّ والمِلك يخصّ. ولأنه لا يكون إلا مع القدرة الكثيرة والاحتواء على الجمع الكثير بالسياسة والتدبير.

ولمن قرأ بالألف أن يقول: إنّ هذه الصفة أمدح، لأنه لا يكون مالكاً للشيء إلا وهو يملكه، وقد يكون ملِكاً للشيء ولا يملكه. وقد يدخل في المُلك ما لا يصحّ دخوله في المِلك يقال: فلانٌ مالكُ البهائم. ولا يقال: ملِكُ البهائم.

ومن هذا ظهر انّ الوصف بالمُلك أعمّ من الوصف بالمِلك، ولأنه تعالى مالك كلّ شيء وصفَ نفسَه بأنّه:

{ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04110) [آل عمران3: 26].

والحق، أنّ لكل من الوصفين شيئاً من الفضيلة بحسب المفهوم على الآخر، والله متّصف بكمال كل من المُلك والمِلك.

ويومُ الدين، بمعنى يوم الجزاء، ومنه " كما تَدين تُدان، واضافة ملك إلى الزمان كما يقال: ملوك الزمان وملوك الدهر، وملك زمانه وسيّد عصره، فهو في المدح أبلغ، ومعناه: ملك الأمور يوم الدين، إجراء للظرف مجرى المفعول به على الاتّساع، كقولهم: يا سارق الليلة أهل الدار. ومن هذا القبيل

{ وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04789) [الأعراف7: 44].

اعلم إنّ إضافة اسم الفاعل، إذا أريد به معنى الحالِ أو الاستقبالِ، لا تكون حقيقة معطية للتعريف، فلم يجز وقوعُه صفةً للمعرفة، فكان في تقدير الانفصال. وأما إذا اريد به معنى المضيّ أو الاستمرار كانت حقيقية، فالأوليان كقولك: مالكُ الساعة. ومالكُ غد. والأخيرتان كقولك: زيد مالك عبده أمس. وهو مالك العبيد. وهذا هو المراد في { مَالِكِ يَومِ الدّينِ }.

مكاشفة


ايجاد الأشياء إمّا على سبيل التكوين، كخلْق الأبدان وما في حكمها بحسب النشأة الأولى، وإما على سبيل الابداع، كانشاء الأرواح وما في حكمها بحسب النشأة الثانية. والله تعالى خالقُ الخلْق والأمر جميعاً، مالك الملك والملكوت، ملك الدنيا والآخرة، فلما أشار إليهما بذكر صفتي الرحمانية والرحيمية بعد الدلالة على اختصاص الحمد به، وانّه به حقيق لاستجماعه جميع الصفات الكمالية، بيّن كيفيّة الخلْق في الدنيا بقوله: { رَبِّ العَالَمين } ، لما مرّت الإشارةُ إليه، من أنّ هذا العالَم الدنيوي وجوده إنّما يكون على سبيل التدرّج والحدوث شيئاً فشيئاً. وبيّن كيفية إنشاء النشأة الأخرى بقوله: { مَالِكِ يَومِ الدّينِ } ، إذ المِلكُ الحقّ من له ذات كلّ شيءٍ ولا يغيب عنه شيء أصلاً. فيكون وجود الأشياءَ عنه وله دفعةً من غير تراخ، وهذا معنى الابداع، والأول معنى التكوين.

-1-

وإنما سُمّي يوم الآخرة يومُ الدين، لأنّ فيه وصولُ الأشياء إلى غاياتها الذاتيّة، وثمراتها التي هي بمنزلة الجزاء والأجرة على الأعمال لقوله تعالى:

{ ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07941) [غافر40: 17]

ولهذا قيل: الدنيا دارُ العملِ والآخرة دار الجزاء، كما في قوله

{ هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05185) [يونس10: 30]

لأن الأولى عالَم الحركاتِ والإنقلابِ في الأطوارِ، والأخرى هي الموطن والمأوى، وهي دارُ القرار ومنزل الأبرار والأشرار.

ولهذا قال أبو علي الجبائي: أراد بيومِ الدينِ، يَوم الجزاءِ على الدين وقال محمّد بن كعب: أراد يومَ لا ينفع إلاّ الدين.

نكتة اخرى

فيها الإشارة الى اختصاص يوم القيامة بذكر الملك فيه

يستدعي بيانه تمهيد مقدمة: هي أن

بعض الموجودات ممّا لا يتوقّف وجودُه إلاّ على فاعله وغايته، لكون امكانه الذاتي كافياً في فيضانه عن الفاعل الأول جلّ ذِكْرُهُ، ومنها ما هو متوقف الوجودِ على قابلٍ مستعدّ واستعداد خاص قريب أو بعيد، مرهون بأوقاته المعينة. وله علل معدّة مقرّبة بالموادّ إلى فاعلها الحقيقي المتساوي نسبة جوده إلى الجميع في قبول الوجود منه، وكثير من الناس - حتّى طوائف من المترسّمين بالعلم والدراية - يزعمون أنّ الأسباب المعدّة للأفاعيل المباشرة للتحريكات والتسكينات، إيّاها هي الفاعلة الموجدة لها، ويظنّون لقصور النظر وكثرة الحجُب وأغلاط الحواسّ، انّ القدرة ثابتة لغير الله، لما يترائى لهم من جريان الأفاعيل على أيدي الأسباب، وظهور الأمور من الضرب والإحسان والجود والإمتنان والايلام والإنعام والقتل والتجاوز والرقّ والعتق وغيرها على أيدي ذوي الشوكة من الملوك والسلاطين والظَلَمة. ولم يعلم أحدهم - إلاّ العرفاء بالله خاصّة - أنّ هذه الأسباب بمنزلة أعيان منصوبة مقرونة بما يجري عليها من صدور هذه الآثار بلا تأثير من قِبَلها، وأنّ زمام هذه الأمور كلّها بيد مالك الملوك.

وإذا تقرّرت هذه المقدمة فنقول: لمّا كان هذا الاشتباه والاغترار بظواهر الآثار إنّما اختصّ بدار الدنيا، ونشأ للناس من جهة غشاوة هذا الأدنى، وفي الآخرة يكشف الغطاء وترتفع الغشاوة عن وجوه البصائر والامتراء، ويظهر أنّ الكل لله ومن الله وإلى الله، قال: { مَالِكِ يَومِ الدّينِ } وعلى طبق قوله:

{ يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08246) [الدخان41: 41].

لا بمعنى انّه يصير كذلك في ذلك اليوم بعد ما لم يكن، بل الأمر كذلك أبداً بحسب نفس الأمر، لكن لمّا لم يصر منكشفاً على الخلائق إلاّ بعد بروزهم عن مكامن هذه الظُلمات والغشاوات، ووصولهم إلى عالَم الآخرة، فإذا برزوا من الدنيا وحُشروا إلى الآخرة، شاهدوا بعين العيان ما سمعه بعضُهم بسمْع الإيمان، فالتفاوت إنّما هو في الشعور لا في الأمر نفسه، كما توهمه العبارة، ولذلك قال قائلهم:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>توهمت قدماً انّ ليلى تبرقَعتْ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>وانّ لنا في البين ما يمنعُ اللَثْما</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>فلاحَ ولا والله ثمَّةَ حاجبٌ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>سوى انّ عيني كان عن حُسنِها أعمى</TD></TR></TBODY></TABLE>

ولأن الاسباب هناك منحصرة في السبب الفاعلي والغائي - كما مرّ -، ولا وجود للقوى والاستعدادات في الآخرة، إذ كلّ ما بالقوّة يصير هناك بالفعل، فالفعل لازم للفاعل بلا قابل، والله مسبّب كل سبب موجود، وموجِد كلّ فاعل لوجود؛ فقوّته تعالى تقهر القُوى كلّها، وعند نوره ينكشف كلُّ نورٍ وضياءٍ، فهو مالك جميع الأشياء، يوم يُطوى فيه بساط الأرض والسماء - وها هنا تكون الأمور مرهونةً بأوقاتها متعلّقة الوجود بالقوابل واستعداداتها - كما قال

{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) [غافر40: 16].

-2-

admin
12-25-2010, 01:57 PM
تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ) مصنف و مدقق 1-11


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03796) }


اذا كانت كل نعم الله تستحق الحمد.. فإن { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } تستحق الحمد الكبير.. لأنه لو لم يوجد يوم للحساب، لنجا الذي ملأ الدنيا شروراً. دون أن يجازى على ما فعل.. ولكان الذي التزم بالتكليف والعبادة وحرم نفسه من متع دنيوية كثيرة إرضاء لله قد شقي في الحياة الدنيا.. ولكن لأن الله تبارك وتعالى هو { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }.. أعطى الاتزان للوجود كله.. هذه الملكية ليوم الدين هي التي حمت الضعيف والمظلوم وأبقت الحق في كون الله.. إن الذي منع الدنيا أن تتحول إلي غابة يفتك فيها القوي بالضعيف والظالم بالمظلوم هو أن هناك آخرة وحسابا، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي سيحاسب خلقه.

والإِنسان المستقيم استقامته تنفع غيره؛ لأنه يخشى الله ويعطي كل ذي حق حقه ويعفو ويسامح.. إذن كل من حوله قد استفاد من خلقه الكريم ومن وقوفه مع الحق والعدل

أما الأنسان العاصي فيشقى به المجتمع لأنه لا احد يسلم من شره ولا احد الا يصيبه ظلمه.. ولذلك فإن { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } هي الميزان.. تعرف أنت ان الذي يفسد في الأرض تنتظره الآخره.. لن يفلت مهما كانت قوته ونفوذه، فتطمئن اطمئنانا كاملاً إلي أن عدل الله سينال كل ظالم.

على أن { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } لها قراءتان.. { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }.. وملك يوم الدين. والقراءتان صحيحتان.. والله تبارك وتعالى وصف نفسه في القرآن الكريم بأنه: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }.. ومالك الشيء هو المتصرف فيه وحده.. ليس هناك دخل لأي فرد آخر.. أنا أملك عباءتي.. وأملك متاعي، وأملك منزلي، وانا المتصرف في هذا كله أحكم فيه بما أراه..

فمالك يوم الدين.. معناها أن الله سبحانه وتعالى سيصرف أمور العباد في ذلك اليوم بدون أسباب.. وأن كل شيء سيأتي من الله مباشرة.. دون ان يستطيع أحد أن يتدخل ولو ظاهراً..

ففي الدنيا يعطى الله الملك ظاهرا لبعض الناس.. ولكن في يوم القيامة ليس هناك ظاهر.. فالامر مباشر من الله سبحانه وتعالى.. ولذلك يقول الله في وصف يوم الدين:

{ كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09629) [الانفطار82: 9]

فكأن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في الدنيا لتمضي بها الحياة.. ولكن في الآخرة لا توجد أسباب. الملك في ظاهر الدنيا من الله يهبه لمن يشاء.. واقرأ قوله تعالى:

{ قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04110) [آل عمران3: 26]

ولعل قوله تعالى: " تنزع " تلفتنا إلى أن أحدا في الدنيا لا يريد ان يترك الملك.

-1-

ولكن الملك يجب ان ينتزع منه انتزاعا بالرغم عن ارادته.. والله هو الذي ينزع الملك ممن يشاء..

وهنا نتساءل هل الملك في الدنيا والآخرة ليس لله؟.. نقول الأمر في كل وقت لله.. ولكن الله تبارك وتعالى استخلف بعض خلقه أو مكنهم من الملك في الأرض.. ولذلك نجد في القرآن الكريم قوله تعالى:

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04056) [البقرة2: 258]

والذي حاج ابراهيم في ربه كافر منكر للألوهية.. ومع ذلك فإنه لم يأخذ الملك بذاته.. بل الله جل جلاله هو الذي اتاه الملك.. اذن الله تبارك وتعالى هو الذي استخلف بعض خلقه ومكنهم من ملك الارض ظاهريا.. ومعنى ذلك انه ملك ظاهر للناس فقط.. أن بشرا أصبح ملكا.. ولكن الملك ليس نابعا من ذات من يملك.. ولكنه نابع من أمر الله.. ولو كان نابعا من ذاتية من يملك لبقى له ولم ينزع منه.. والملك الظاهر يمتحن فيه العباد، فيحاسبهم الله يوم القيامة.. كيف تصرفوا؟ وماذا فعلوا؟.. ويمتحن فيه الناس هل سكتوا على الحاكم الظالم؟.. وهل استحبوا المعصية؟ أم أنهم وقفوا مع الحق ضد الظلم؟.. والله سبحانه وتعالى لا يمتحن الناس ليعلم المصلح من المفسد.. ولكنه يمتحنهم ليكونوا شهداء على أنفسهم.. حتى لا يأتي واحد منهم يوم القيامة ويقول: يا رب لو أنك أعطيتني الملك لا تبعت طريق الحق وطبقت منهجك.

وهنا يأتي سؤال.. اذا كان الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء فلماذا الامتحان؟.. نقول اننا اذا أردنا ان نضرب مثلا يقرب ذلك الي الأذهان.. ولله المثل الاعلى.. نجد ان الجامعات في كل انحاء الدنيا تقيم الامتحانات لطلابها.. فهل اساتذة الجامعة الذي علموا هؤلاء الطلاب يجهلون ما يعرفه الطالب ويريدون ان يحصلوا منه على العلم؟.. طبعا لا.. ولكن ذلك يحدث حتى اذا رسب الطالب في الامتحان.. وجاء يجادل واجهوه بإجابته فيسكت.. ولو لم يعقد الامتحان لادعي كل طالب انه يستحق مرتبة الشرف.

اذا قال الحق تبارك وتعالى: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }.. أي الذي يملك هذا اليوم وحده يتصرف فيه كما يشاء.. واذا قيل: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }.. فتصرفه أعلى على المالك لأن المالك لا يتصرف إلاّ في ملكه.. ولكن الملك يتصرف في ملكه وملك غيره.

-2-

. فيستطيع أن يصدر قوانين بمصادرة أو تأميم ما يملكه غيره.

الذين قالوا: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } اثبتوا لله سبحانه وتعالى انه مالك هذا اليوم يتصرف فيه كما يشاء دون تدخل من احد ولو ظاهرا: والذين يقرأون ملك.. يقولون ان الله سبحانه وتعالى في ذلك اليوم يقضي في امر خلقه حتى الذين مَلَّكَهُم في الدنيا ظاهرا.. ونحن نقول عندما يأتي يوم القيامة لا مالك ولا ملك الا الله.

الله تبارك وتعالى يريد ان يطمئن عباده.. انهم اذا كانوا قد ابتلوا بمالك او ملك يطغى عليهم فيوم القيامة لا مالك ولا ملك الا الله جل جلاله.. عندما تقول مالك او ملك يوم الدين.. هناك يوم وهناك الدين.. اليوم عندنا من شروق الشمس الي شروق الشمس.. هذا ما نسيمه فكليا يوما.. واليوم في معناه ظرف زمان تقع فيه الاحداث.. والمفسرون يقولون: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } اي مالك أمور الدين لأن ظرف الزمان لا يملك.. نقول ان هذا بمقاييس ملكية البشر، فنحن لا نملك الزمن.. الماضي لا نستطيع ان نعيده، والمستقبل لا نستطيع ان نأتي به.. ولكن الله تبارك وتعالى هو خالق الزمان.. والله جل جلاله لا يحده زمان ولا مكان.. كذلك قوله تعالى: " مالك يوم الدين " لا يحده زمان ولا مكان.. واقرأ قوله سبحانه:

{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06433) [الحج22: 47] وقوله تعالى:
{ تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09170) [المعارج70: 4]

واذا تأملنا هاتين الايتين نعرف معنى اليوم عند الله تبارك وتعالى.. ذلك ان الله جل جلاله هو خالق الزمن.. ولذلك فانه يستطيع ان يخلق يوما مقداره ساعة.. ويوما كأيام الدنيا مقداره أربع وعشرون ساعة.. ويوما مقداره ألف سنة.. ويوما مقداره خمسون الف سنة ويوما مقداره مليون سنة.. فذلك خاضع لمشيئة الله.

ويوم الدين موجود في علم الله سبحانه وتعالى. بأحداثه كلها بجنته وناره.. وكل الخلق الذين سيحاسبون فيه.. وعندما يريد ان يكون ذلك اليوم ويخرج من علمه جل جلاله الي علم خلقه.. سواء كانوا من الملائكة او من البشر أو الجان يقول: كن.. فالله وحده هو خالق هذا اليوم.. وهو وحده الذي يحدد كل أبعاده.. واليوم نحن نحدده ظاهرا بانه اربع وعشرون ساعة.. ونحدده بأنه الليل والنهار.. ولكن الحقيقة أن الليل والنهار موجودان دائما على الارض.. فعندما تتحرك الارض، كل حركة هي نهاية نهار في منطقة وبداية نهار في منطقة اخرى.. وبداية ليل في منطقة ونهاية ليل في منطقة اخرى.

-3-

. ولذلك في كل لحظة ينتهي يوم ويبدأ يوم.. وهكذا فإن الكرة الارضية لو أخذتها بنظرة شاملة لا ينتهي عليها نهار أبدا.. ولا ينتهي عنها ليل أبدا.. إذن فاليوم نسبي بالنسبة لكل بقعة في الارض.. ولكنه في الحقيقة دائم الوجود على كل الكرة الارضية.

والله سبحانه وتعالى يريد أن يطمئن عباده.. أنهم إذا أصابهم ظلم في الدنيا.. فإن هناك يوم لا ظلم فيه.. وهذا اليوم الامر فيه لله وحده بدون أسباب.. فكل انسان لو لم يدركه العدل والقصاص في الدنيا فإن الآخرة تنتظره.. والذي أتبع منهج الله وقيد حركته في الحياة يخبره الله سبحانه وتعالى ان هناك يوم سيأخذ فيه أجره.. وعظمة الآخرة أنها تعطيك الجنة.. نعيم لا يفوتك ولا تفوته.

ولقد دخل أحد الأشخاص على رجل من الصالحين.. وقال له: أريد أن أعرف.. أأنا من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة؟.. فقال له الرجل الصالح.. ان الله أرحم بعباده، فلم يجعل موازينهم في أيدي أمثالهم.. فميزان كل انسان في يد نفسه.. لماذا؟.. لأنك تستطيع أن تغش الناس ولكنك لا تغش نفسك.. ميزانك في يديك.. تستطيع أن تعرف أأنت من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة.

قال الرجل كيف ذلك؟ فرد العبد الصالح: اذا دخل عليك من يعطيك مالا.. ودخل عليك من يأخذ منك صدقة.. فبأيهما تفرح؟.. فسكت الرجل.. فقال العبد الصالح: اذا كنت تفرح بمن يعطيك مالا فأنت من اهل الدنيا.. واذا كنت تفرح بمن يأخذ منك صدقة فأنت من أهل الآخرة.. فإن الانسان يفرح بمن يقدم له ما يحبه.. فالذي يعطيني مالا يعطيني الدنيا.. والذي يأخذ مني صدقة يعطيني الآخرة.. فإن كنت من أهل الآخرة.. فافرح بمن يأخذ منك صدقة.. أكثر من فرحك بمن يعطيك مالا.

ولذلك كان بعض الصالحين اذا دخل عليه من يريد صدقة يقول مرحبا بمن جاء يحمل حسناتي الي الآخرة بغير أجر.. ويستقبله بالفرحة والترحاب.

قول الحق سبحانه وتعالى: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }.. هي قضية ضخمة من قضايا العقائد.. لأنها تعطينا أن البداية من الله، والنهاية الي الله جل جلاله.. وبما أننا جميعا سنلقى الله، فلابد أن نعمل لهذا اليوم.. ولذلك فإن المؤمن لا يفعل شيئا في حياته إلا وفي باله الله.. وأنه سيحاسبه يوم القيامة.. ولكن غير المؤمن يفعل ما يفعل وليس في باله الله.. وعن هؤلاء يقول الحق سبحانه:

{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06621) [النور24: 39]

-4-

وهكذا من يفعل شيئا وليس في باله الله.. فسيفاجأ يوم القيامة بأن الله تبارك وتعالى الذي لم يكن في باله موجود وانه جل جلاله هو الذي سيحاسبه.

وقوله تعالى: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } هي أساس الدين.. لأن الذي لا يؤمن بالآخرة يفعل ما يشاء.. فمادام يعتقد انه ليس هناك آخره وليس هناك حساب.. فمم يخاف؟.. ومن أجل مَنْ يقيد حركته في الحياة..

ان الدين كله بكل طاعاته وكل منهجه قائم على أن هناك حسابا في الآخرة.. وأن هناك يوما نقف فيه جميعا أمام الله سبحانه وتعالى.. ليحاسب المخطئ ويثيب الطائع.. هذا هو الحكم في كل تصرفاتنا الايمانية.. فلو لم يكن هناك يوم نحاسب فيه.. فلماذا نصلي؟.. ولماذا نصوم؟.. ولماذا نتصدق؟..

ان كل حركة من حركات منهج السماء قائمة على اساس ذلك اليوم الذي لن يفلت منه أحد.. والذي يجب علينا جميعا أن نستعد له.. ان الله سبحانه وتعالى سمى هذا اليوم بالنسبة للمؤمنين يوم الفوز العظيم.. والذي يجعلنا نتحمل كل ما نكره ونجاهد في سبيل الله لنستشهد.. وننفق اموالنا لنعين الفقراء والمساكين.. كل هذا أساسه أن هناك يوما سنقف فيه بين يدي الله.. والله تبارك وتعالى سماه يوم الدين.. لأنه اليوم الذي سيحاسب فيه كل انسان على دينه عمل به أم ضيعه.. فمن آمن واتبع الدين سيكافأ بالخلود في الجنة.. ومن أنكر الدين وأنكر منهج الله سيجازى بالخلود في النار..

ومن عدل الله سبحانه وتعالى ان هناك يوما للحساب.. لأن بعض الناس الذين ظلموا وبغوا في الأرض ربما يفلتون من عقاب الدنيا.. هل هؤلاء الذين أفلتوا في الدنيا من العقاب هل يفلتون من عدل الله؟.. أبدا لم يفلتوا.. بل إنهم انتقلوا من عقاب محدود الي عقاب خالد.. وافلتوا من العقاب بقدرة البشر في الدنيا.. الى عقاب بقدرة الله تبارك وتعالى في الآخرة.. ولذلك لابد من وجود يوم يعيد الميزان.. فيعاقب فيه كل من أفسد في الارض وأفلت من العقاب.. بل إن الله سبحانه وتعالى يجعل انسانا يفلت من عقاب الدنيا.. فلا تعتقد أن هذا خير له بل انه شر له.. لانه أفلت من عقاب محدود إلى عقاب أبدي.

والحمد الكبير لله بأنه { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }.. وهو وحده الذي سيقضي بين خلقه. فالله سبحانه وتعالى يعامل خلقه جميعا معاملة متساوية.. وأساس التقوى هو يوم الدين.

وقبل ان نتكلم عن قول الحق تبارك وتعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }.. لابد أن نتحدث عن قضية مهمة.

-5-

. فهناك نوعان من الرؤية.. الرؤية العينية أي بالعين.. والرؤية الإيمانية أي بالقلب.. وكلاهما مختلف عن الآخر.. رؤية العين هي أن يكون الشيء أمامك تراه بعينيك، وهذه ليس فيها قضية ايمان.. فلا تقول أنني أومن أنني أراك أمامي لانك تراني فعلا.. مادمت تراني فهذا يقين.. ولكن الرؤية الايمانية هي أن تؤمن كأنك ترى ما هو غيب أمامك.. وتكون هذه الرؤية أكثر يقينا من رؤية العين.. لأنها رؤية إيمان ورؤية بصيرة.. وهذه قضية مهمة جدا.

" وقد روى عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم اذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر. لا يرى عليه أثر السفر. ولا يعرفه منا أحد. حتى جلس الى النبي صلى الله عليه وسلم. فأسند ركبتيه الى ركبتيه. ووضع كفيه على فخذيه قال: يا محمد أخبرني عن الاسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الاسلام أن تشهد أن لا اله الا الله. وأن محمدا رسول الله. وتقيم الصلاة. وتؤتي الزكاة. وتصوم رمضان. وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه.

قال: فاخبرني عن الايمان.

قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. وتؤمن بالقدر؛ خيره وشره

قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الاحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه. فان لم تكن تراه فانه يراك.

قال: فأخبرني عن الساعة

قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل

قال: فاخبرني عن أماراتها

قال: أن تلد الأمة ربتها. وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان.

قال: ثم انطلق فلبثت مليا.. ثم قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا عمر أتدري من السائل؟

قلت: الله ورسوله أعلم

قال: فإنه جبريل اتاكم يعلمكم دينكم "

قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " . هو بيان للرؤية الايمانية في النفس المؤمنة.. فالانسان حينما يؤمن، لابد أن يأخذ كل قضاياه برؤية ايمانية.. حتى اذا قرأ آية عن الجنة فكأنه يرى أهل الجنة وهم ينعمون.. واذا قرأ آية عن أهل النار اقشعر بدنه.. وكأنه يرى أهل النار وهم يعذبون.

ذات يوم " شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد صحابته وكان اسمه الحارث.. فقال له:

كيف أصبحت يا حارث؟

فقال: أصبحت مؤمنا حقا

قال الرسول: فانظر ما تقول. فإن لكل قول حقيقة. فما حقيقة إيمانك؟

قال الحارث: عزفت نفسي عن الدنيا. فأسهرت ليلي. وأظمأت نهاري. وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا. وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها. وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها. (يتصايحون فيها).

قال النبي " يا حارث عرفت فالزم "

-6-

ولذلك نجد أن الحق سبحانه وتعالى وهو يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم.. يقول:

{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09980) [الفيل105: 1]

يأخذ بعض المستشرقين هذه الآية في محاولة للطعن في القرآن الكريم.. فقوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ }.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم ولد في عام الفيل.. انه لم ير لأنه كان طفلا عمره أيام أو شهور، لو قال الله سبحانه وتعالى ألم تعلم لقلنا علم من غيره.. فالعلم تحصل عليه انت او يعطيه لك من عَلِمَهُ.. اي يعلمك غيرك من البشر.. ولكن الله سبحانه وتعالى قال: { أَلَمْ تَرَ }..

نقول ان هذه قضية من قضايا الايمان.. فما يقوله الله سبحانه وتعالى هو رؤية صادقة بالنسبة للانسان المؤمن.. فالقرآن هو كلام متعبد بتلاوته حتى قيام الساعة.. وقول الله: { أَلَمْ تَرَ }.. معناها ان الرؤية مستمرة لكل مؤمن بالله يقرأ هذه الآية.. فما دام الله تبارك وتعالى قال: { أَلَمْ تَرَ }.. فأنت ترى بإيمانك ما تعجز عينك عن أن تراه.. هذه هي الرؤية الايمانية، وهي أصدق من رؤية العين.. لأن العين قد تخدع صاحبها ولكن القلب المؤمن لا يخدع صاحبه أبدا..

على أن هناك ما يسمونه ضمير الغائب.. اذا قلت زيد حضر.. فهو موجود أمامك.. ولكن إذا قلت قابلت زيدا.. فكأن زيداً غائب عنك ساعة قلت هذه الجملة.. قابلته ولكنه ليس موجوداً معك ساعة الحديث..

اذن فهناك حاضر وغائب ومتكلم.. الغائب هو من ليس موجوداً أو لا نراه وقت الحديث.. والحاضر هو الموجود وقت الحديث.. والمتكلم هو الذي يتحدث. وقضايا العقيدة كلها ليس فيها مشاهدة، ولكن الايمان بما هو غيب عنا يعطينا الرؤية الايمانية التي هي كما قلنا أقوى من رؤية البصر.

فالله سبحانه وتعالى حين يقول { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.. { للَّهِ } غيب و { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } غيب.. و { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ }.. " غيب ".. و { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } غيب.. وكان السياق اللغوي يقتضي أن يقال إياه نعبد. ولكن الله سبحانه وتعالى غير السياق ونقله من الغائب الي الحاضر.. وقال: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } فانتقل الغيب الي حضور المخاطب.. فلم يقل إياه نعبد.. ولكنه قال: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }.. فأصبحت رؤية يقين ايماني.

فأنت في حضرة الله سبحانه وتعالى الذي غمرك بالنعم، وهذه تراها وتحيط بك لأنه { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.. وجعلك تطمئن الى قضائه لأنه { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } أي أن ربوبيته جل جلاله ليست ربوبية جبروت بل هي ربوبية { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } فإذا لم تحمده وتؤمن به بفضل نعمه التي تحسها وتعيش فيها.

-7-

فاحذر من مخالفة منهجه لأنه " مالك يوم الدين ".

حين يستحضر الحق سبحانه وتعالى ذاته بكل هذه الصفات.. التي فيها فضائل الألوهية، ونعم الربوبية.. والرحمة التي تمحو الذنوب والرهبة من لقائه يوم القيامة تكون قد انتقلت من صفات الغيب الى محضر الشهود.. استحضرت جلال الألوهية لله وفيوضات رحمته.. ونعمه التي لا تحد وقيوميته يوم القيامة..

عندما تقرأ قوله تعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } فالعبارة هنا تفيد الخصوصية.. بمعنى أنني اذا قلت لانسان انني سأقابلك، قد أقابله وحده، وقد أقابله مع جمع من الناس. ولكن اذا قلت اياك سأقابل.. فمعنى ذلك ان المقابلة ستكون خاصة..

الحق سبحانه وتعالى حين قال: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } قصر العبادة على ذاته الكريمة.. لأنه لو قال نعبدك وحدك فهي لا تؤدي المعنى نفسه.. لأنك قد تقول نعبدك وحدك ومعك كذا وكذا. ولكن اذا قلت { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } وقدمت إياك.. تكون قد حسمت الأمر بأن العبادة لله وحده فلا يجوز العطف عليها.. فالعبادة خضوع لله سبحانه و تعالى بمنهجه افعل ولا تفعل.. ولذلك جعل الصلاة أساس العبادة، والسجود هو منتهى الخضوع لله.. لأنك تأتي بوجهك الذي هو أكرم شيء فيك وتضعه على الأرض عند موضع القدم. فيكون هذا هو منتهى الخضوع لله.. ويتم هذا امام الناس جميعا في الصلاة. لإعلان خضوعك لله امام البشر جميعا.

ويستوي في العبودية الغني والفقير والكبير والصغير.. حتى يطرد كل منا الكبر والاستعلاء من قلبه امام الناس جميعا فيساوى الحق جل جلاله بين عباده في الخضوع له وفي اعلان هذا الخضوع.

وقول الحق سبحانه وتعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } تنفي العبودية لغير الله.. أي لا نعبد غير الله ولا يعطف عليها أبدا.. اذن { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } أعطت تخصيص العبادة لله وحده لا إله غيره ولا معبود سواه.. وعلينا أن نلتفت الي قوله تبارك وتعالى:

{ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06296) [الأنبياء21: 22]

وهكذا فإننا عندما نقول { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } فإننا نستحضر موجبات الحمد وهي نعم الله ظاهرة وباطنة.. وحين نقول { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } نستحضر نعم الربوبية في خلقه وإخضاع كونه.. وحين نستحضر { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } فاننا نستحضر الرحمة والمغفرة ومقابلة الاساءة بالاحسان وفتح باب التوبة.. وحين نستحضر: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } نستحضر يوم الحساب وكيف أن الله تبارك وتعالى سيجازيك على أعمالك.. فإذا استحضرنا هذا كله نقول: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } أي أننا نعبد الله وحده.. اذن عرفنا المطلوب منا وهو العبادة.

وهنا نتوقف قليلا لنتحدث عما يطلقون عليه في اللغة " العلة والمعلول " إذا أراد ابنك ان ينجح في الامتحان فإنه لابد أن يذاكر.

-8-

. وعلة المذاكرة هي النجاح.. فكأن النجاح ولد في ذهني اولا بكل ما يحققه لي من ميزات ومستقبل مضمون وغير ذلك مما أريده وأسعى اليه.

إذن فالدافع قبل الواقع.. أي أنك استحضرت النجاح في ذهنك.. ثم بعد ذلك ذاكرت لتجعل النجاح حقيقة واقعة. وأنت إذا أردت مثلا أن تسافر الى مكان ما فالسيارة سبب يحقق لك ما تريد وقطع الطريق سبب آخر. ولكن الدافع الذي جعلني أنزل من بيتي واركب السيارة وأقطع الطريق هو انني أريد أن أسافر الى الاسكندرية مثلا.. الدافع هنا وهو الوصول الى الاسكندرية.. هو الذي وجد في ذهني أولا ثم بعد ذلك فعلت كل ما فعلته لتحقيقه.

والله سبحانه وتعالى خلقنا في الحياة لنعبده.. مصداقا لقوله تبارك وتعالى:

{ وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08522) [الذاريات51: 56]

إذن فعلّة الخلق هي العبادة.. ولقد تم الخلق لتتحقق العبادة وتصبح واقعا.. ولكن " العلة والمعلول " لا تنطبق على أفعال الله سبحانه وتعالى.. نقول ليس هناك علة تعود على الله جل جلاله بالفائدة. لأن الله تبارك وتعالى غني عن العالمين.. ولكن العلة تعود على الخلق بالفائدة.. فالله سبحانه وتعالى خلقنا لنعبده. ولكن علة الخلق ليس لأن هذه العبادة ستزيد شيئا في ملكه.. وإنما عبادتنا تعود علينا نحن بالخير في الدنيا والآخرة..

أن أفعال الله لا تعلل، والمأمور بالعبادة هو الذي سينتفع بها.

ولكن هل العبادة هي الجلوس في المساجد والتسبيح أو أنها منهج يشمل الحياة كلها.. في بيتك وفي عملك وفي السعي في الارض؟.. ولو أراد الله سبحانه وتعالى من عباده الصلاة والتسبيح فقط لما خلقهم مختارين بل خلقهم مقهورين لعبادته ككل ما خلق ما عدا الانس والجن.. والله تبارك وتعالى له صفة القهر.. من هنا فانه يستطيع أن يجعل من يشاء مقهورا على عبادته.. مصداقا لقوله جل جلاله:

{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06726)لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06726) إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06727) } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06727) [الشعراء26: 3-4]

فلو أراد الله ان يخضعنا لمنهجه قهراً لا يستطيع أحد أن يشذ عن طاعته.. وقد أعطانا الله الدليل على ذلك بأن في أجسادنا وفي أحداث الدنيا ما نحن مقهورون عليه.. فالجسد مقهور لله في أشياء كثيرة. القلب ينبض ويتوقف بأمر الله دون ارادة منا.. والمعدة تهضم الطعام ونحن لا ندري عنها شيئا.. والدورة الدموية في اجسادنا لا ارادة لنا فيها.. وأشياء كثيرة في الجسد البشري كلها مقهورة لله سبحانه وتعالى.. وليس لإرادتنا دخل في عملها.. وما يقع على في الحياة من أحداث أنا مقهور فيه.

-9-

. لا أستطيع أن أمنعه من الحدوث.. فلا استطيع أن أمنع سيارة أن تصدمني.. ولا طائرة أن تحترق بي.. ولا كل ما يقع علي من أقدار الله في الدنيا..

اذن فمنطقة الاختيار في حياتي محددة.. لا أستطيع أن أتحكم في يوم مولدي.. ولا فيمن هو أبي ومن هي أمي.. ولا في شكلي هل أنا طويل أم قصير؟ جميل أم قبيح أو غير ذلك. اذن فمنطقة الاختيار في الحياة هي المنهج أن أفعل أو لا أفعل. الله سبحانه وتعالى له من كل خلقه عبادة القهر.. ولكنه يريد من الانس والجن عبادة المحبوبية.. ولذلك خلقنا ولنا اختيار في أن نأتيه أو لا نأتيه.. في أن نطيعه أو نعصيه. في أن نؤمن به أو لا نؤمن.

فإذا كنت تحب الله فأنت تأتيه عن اختيار. تتنازل عما يغضبه حبا فيه، وتفعل ما يطلبه حبا فيه وليس قهرا.. فاذا تخليت عن اختيارك الى مرادات الله في منهجه.. تكون قد حققت عبادة المحبوبية لله تبارك وتعالى.. وتكون قد اصبحت من عباد الله وليس من عبيد الله.. فكلنا عبيد لله سبحانه وتعالى، والعبيد متساوون فيما يقهرون عليه. ولكن العباد الذين يتنازلون عن منطقة الاختيار لمراد الله في التكليف.. ولذلك فإن الحق جل جلاله.. يفرق في القرآن الكريم بين العباد والعبيد.. يقول تعالى:

{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03984) [البقرة2: 186] ويقول سبحانه وتعالى:
{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06709)وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06709) وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06710) وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06711) } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06711) [الفرقان25: 63-65]

وهكذا نرى أن الله سبحانه وتعالى أعطى أوصاف المؤمنين وسماهم عبادا.. ولكن عندما يتحدث عن البشر جميعا يقول عبيد.. مصداقا لقوله تعالى:

{ ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04266) [آل عمران3: 182]

ولكن قد يقول قائل: أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز:

{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06663) [الفرقان25: 17]

الحديث هنا عن العاصين والضالين. ولكن الله سبحانه وتعالى قال عنهم عباد. نقول إن هذا في الاخرة.. وفي الآخرة كلنا عباد لأننا مقهورون لطاعة الله الواحد المعبود تبارك وتعالى.. لأن الاختيار البشري ينتهي ساعة الاحتضار.. ونصبح جميعا عباداً لله مقهورين على طاعته لا اختيار لنا في شيء.

والله سبحانه وتعالى قد أعطى الانسان اختياره في الحياة الدنيا في العبودية فلم يقهره في شيء ولا يلزم غير المؤمن به بأي تكليف.

-10-

. بل إن المؤمن هو الذي يلزم نفسه بالتكليف وبمنهج الله فيدخل في عقد ايماني مع الله تبارك وتعالى.. ولذلك نجد أن الله جل جلاله لا يخاطب الناس جميعا في التكليف.. وانما يخاطب الذين آمنوا فقط فيقول:

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03981) [البقرة2: 183] ويقول سبحانه:
{ يَآأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلاَةِ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03951) [البقرة2: 153]

أي أن الله جل جلاله لا يكلف إلا المؤمن الذي يدخل في عقد ايماني مع الله.

وسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم عندما نضعه في معيار العبادية يكون القمة فهو صلى الله عليه وسلم الذي حقق العبادية المرادة لله من خلق الله كما يحبها الله..

اذن فالذي يقول غاية الخلق كله محمد عليه الصلاة والسلام.. نقول ان هذا صحيح، لأنه صلى الله عليه وسلم حقق العبادية المثلى المطلوبة من الله تبارك وتعالى.. والتي هي علة الخلق.. وهكذا نعرف المقامات العالية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند خالقه.

والله تبارك وتعالى قرن العبادة له وحده بالاستعانة به سبحانه.. فقال جل جلاله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } أي لا نعبد سواك ولا نستعين إلا بك. والاستعانة بالله سبحانه وتعالى تخرجك عن ذل الدنيا فأنت حين تستعين بغير الله فإنك تستعين ببشر مهما بلغ نفوذه وقوته فكلها في حدود بشريته..

ولأننا نعيش في عالم أغيار فإن القوى يمكن أن يصبح ضعيفا.. وصاحب النفوذ يمكن أن يصبح في لحظة واحدة طريداً شريداً لا نفوذ له.. ولو لم يحدث هذا. فقد يموت ذلك الذي تستعين به فلا تجد احدا يعينك.

ويريد الله تبارك وتعالى أن يحرر المؤمن من ذل الدنيا.. فيطلب منه أن يستعين بالحي الذي لا يموت.. وبالقوي الذي لا يضعف، وبالقاهر الذي لا يخرج عن أمره أحد.. واذا استعنت بالله سبحانه وتعالى كان الله جل جلاله بجانبك. وهو وحده الذي يستطيع أن يحول ضعفك الي قوة وَذُلك الي عز.. والمؤمن دائما يواجه قوي أكبر منه.. ذلك أن الذين يحاربون منهج الله يكونون من الأقوياء ذوي النفوذ الذي يحبون أن يستعبدوا غيرهم.. فالمؤمن سيدخل معهم في صراع.. ولذلك فإن الحق يحض عباده المؤمنين بأنه معهم في الصراع بين الحق والباطل.. وقوله تعالى: " وإياك نستعين " مثل: " إياك نعبد ".. أي نستعين بك وحدك وهي دستور الحركة في الحياة.. لأن استعان معناها طلب المعونة، أي أن الانسان استنفد أسبابه ولكنها خذلته.. حينئذ لابد أن يتذكر أن له ربا لا يعبد سواه. لن يتخلى عنه بل يستعين به.. وحين تتخلى الأسباب فهناك رب الأسباب وهو موجود دائما.. لا يغفل عن شيء ولا تفوته همسة في الكون.. ولذلك فإن المؤمن يتجه دائما الى السماء.. والله سبحانه وتعالى يكون معه.

-11-

admin
12-25-2010, 01:59 PM
تفسير أيسر التفاسير/ أبو بكر الجزائري (مـ1921م- ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


{ مَالِكِ يَوْم الدِّينِ }

شرح الكلمات:

{ مَالِك }: المالك: صاحب الملك المتصرف كيف يشاء.

{ مَلِكِ }: الملك ذو السلطان الآمر الناهى المعطى المانع بلا ممانع ولا منازع.

{ يومَ الدين }: يوم الجزاء وهو يوم القيامة حيث يجزى الله كل نفس ما كسبت

معنى الآية:

تمجيد لله تعالى بأنه المالك لكل ما فى يوم القيامة حيث لا تملك نفس لنفس شيئاً والملكُ الذى لا مَلِكَ يوم القيامة سواه.

هداية الآيات:

فى هذه الآيات الثلاث من الهداية ما يلى:

1- أن الله تعالى يحب الحمد فلذا حمد تعالى نفسه وأمر عباده به.

2- أن المدح يكون لمقتضٍ. وإلا فهو باطل وزور فالله تعالى لما حمد نفسه ذكر مقتضى الحمد وهو كونه ربّ العالمين والرحمن الرحيم ومالك يوم الدين.

admin
12-25-2010, 02:01 PM
تفسير أيسر التفاسير/ أسعد حومد مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


{ مَـٰلِكِ }

(4) - وَهُوَ وَحْدَهُ المَالِكُ لِيَوْمِ الجَزَاءِ وَالحِسَابِ، وَهُوَ يَوْمُ القِيَامَةِ، يَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَلاَ يُشَارِكُهُ أَحَدٌ في التَّصَرُّفِ.

admin
12-25-2010, 02:08 PM
تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق 1-4


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


يجوز أن يكونَ صفةً أيضاً أو بَدَلاً، وإن كان البدلُ بالمشتقِّ قليلاً، وهو مشتقٌّ من المَلْك بفتح الميم، وهو الشدُّ والربط، قال الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>45ـ مَلَكْتُ بها كَفِّي فَأَنْهَرْتُ فَتْقَها</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>يَرَى قائمٌ مِنْ دونِها ما وراءها</TD></TR></TBODY></TABLE>

ومنه: " إملاكُ العَروسِ " ، لأنه عَقْدٌ وربط للنكاح.

وقُرئ " مالِك " بالألف، قال الأخفش: " يقال: مَلِكٌ بَيِّنُ المُلْكِ بضم الميم، ومالكٌ بيِِّنُ المَِلْكِ بفتح الميم وكسرها " ، ورُوِي ضَمُّها أيضاً بهذا المعنى. ورُوي عن العربِ: " لي في هذا الوادي مَلْك ومُلْك ومَلْك " مثلثةَ الفاء، ولكنَّ المعروف الفرقُ بين الألفاظ الثلاثة، فالمفتوحُ الشدٌّ والربطُ، والمضمومُ هو القهرُ والتسلُّطُ على مَنْ يتأتَّى منه الطاعةُ، ويكونُ باستحقاقٍ وغيره، والمكسورُ هو التسلطُ على مَنْ يتأتَّى منه الطاعةُ ومَنْ لا يتأتَّى منه، ولا يكونُ إلا باستحقاق فيكونُ بين المكسور والمضموم عمومٌ وخصوصٌ من وجه. وقال الراغب: " والمِلْك - أي بالكسر - كالجنس للمُلْك - أي بالضم - فكل مِلْك - بالكسر - مُلك، وليس كل مُلك مِلكاً " ، فعلى هذا يكون بينهما عمومٌ وخصوصٌ مطلقٌ، وبهذا يُعرف الفرقُ بين مَلِك ومالِك، فإن مَلِكاً مأخوذ من المُلْك - بالضم، ومالِكاً مأخوذ من المِلْك بالكسر. وقيل: الفرقُ بينهما أن المَلِك اسمٌ لكل مَنْ يَمْلِكُ السياسة: إمَّا في نفسِه بالتمكُّن من زمام قُواه وصَرْفِها عَنْ هواها، وإمَّا في نفسه وفي غيره، سواءٌ تولَّى ذلك أم لم يتولَّ.

وقد رجَّح كلٌّ فريقٍ إحدى القراءتين على الأخرى ترجيحاً يكاد يُسْقِط القراءةَ الأخرى، وهذا غير مَرْضِيٍّ، لأنَّ كلتيهما متواترةٌ، ويَدُلُّ على ذلك ما رُوي عن ثعلب أنه قال: [ " إذا اختلف الإِعرابُ في القرآن] عن السبعة لم أفضِّلْ إعراباً على إعراب في القرآن، فإذا خَرَجْتُ إلى الكلام كلامِ الناس فضَّلْتُ الأقوى " نقله أبو عمر الزاهد في " اليواقيت ". وقال الشيخ شهابُ الدين أبو شامةَ: " وقد أكثر المصنفون في القراءات والتفاسير من الترجيحِ بين هاتين القراءتين، حتى إنَّ بعضَهُم يُبالِغُ في ذلك إلى حدٍّ يكاد يُسْقِطُ وجهَ القراءة الأخرى، وليس هذا بمحمودٍ بعد ثبوتِ القراءتين وصحةِ اتصافِ الربِّ تعالى بهما، ثم قال: " حتى إني أُصَلِّي بهذه في رَكْعةٍ وبهذه في رَكْعةٍ " ذكر ذلك عند قوله: " مَلِك يوم الدين ومالِك ".

وَلْنذكرْ بعضَ الوجوه المرجِّحة تنبيهاً على معنى اللفظ لا على الوجهِ الذي قَصَدوه. فمِمَّا رُجِّحَتْ به قراءةُ " مالك " أنها أمْدَحُ لعمومِ إضافتِه، إذ يقال: " مالِكُ الجِّن والإِنس والطير " ، وأنشدوا على ذلك:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>46ـ سُبْحَانَ مَنْ عَنَتِ الوجوهُ لوجهِه</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>مَلِكِ الملوكِ ومالِكِ العَفْوِ</TD></TR></TBODY></TABLE>

-1-

وقالوا: " فلانٌ مالكُ كذا " لمَنْ يملكه، بخلاف " مِلك " فإنه يُضاف إلى غيرِ الملوك نحو: " مَلِك العرب والعجم " ، ولأنَّ الزيادةَ في البناءِ تدلُّ على الزيادةِ في المعنى كما تقدَّم في " الرحمن " ، ولأنَّ ثوابَ تالِيها أكثرُ من ثواب تالي " مَلِك ".

وممَّا رُجِّحَتْ به قراءةُ " مَلِك " ما حكاه الفارسي عن ابن السراج عن بعضِهم أنه وصَفَ نفسَه بأنه مالكُ كلِّ شيء بقوله: { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } فلا فائدةَ في قراءةِ مَنْ قَرَأَ: " مالك " لأنها تكرارٌ، قال أبو عليّ: " ولا حُجَّة فيه لأنَّ في التنزيل مِثلَه كثيراً، يُذْكَرُ العامُّ ثم الخاصُّ، نحو:

{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَالِقُ ٱلْبَارِىءُ ٱلْمُصَوِّرُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08941) [الحشر59: 24].

وقال أبو حاتم: " مالِك " أَبْلَغُ في مدح الخالق، و " مَلِك " أبلغُ في مدحِ المخلوقِ، والفرقُ بينهما أن المالِكَ من المخلوقين قد يكون غيرَ مَلِك، وإذا كان الله تعالَى مَلِكاً كان مالكاً. واختاره ابن العربي. ومنها: أنها أعمُّ إذ تضاف للمملوك وغيرِ المملوك، بخلافِ " مالك " فإنه لا يُضاف إلاَّ للمملوك كما تقدَّم، ولإِشعارِه بالكثرةِ، ولأنه تمدَّح تعالَى بمالكِ المُلْك، بقوله تعالى: " قل اللَّهُمَّ مالكَ المُلْكِ " ومَلِك مأخوذ منه كما تقدم، ولم يتمدَّح بمالِك المِلك -بكسر الميم- الذي مالِكٌ مأخوذٌ منه.

وقُرئَ مَلْك بسكون اللام، ومنه:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>47ـ وأيامٍ لنا غُرٍّ طِوالٍ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>عَصَيْنا المَلْكَ فيها أنْ نَدِينا</TD></TR></TBODY></TABLE>

ومَليك. ومنه:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>48ـ فاقنَعْ بما قَسَم المَليكُ فإنَّما</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>قَسَم الخلائِقَ بَيْنَنَا عَلاَّمُها</TD></TR></TBODY></TABLE>

ومَلِكي، وتُرْوَى عن نافع.

إذا عُرف هذا فكونُ " مَلِك " نعتاً لله تعالى ظاهر، فإنه معرفةٌ بالإِضافة، وأمَّا " مالك " فإنْ أريد به معنى المُضِيِّ فجَعْلُه نعتاً واضحٌ أيضاً، لأنَّ إضافته محضة فَيَتعرَّف بها، ويؤيِّد كونَه ماضِيَ المعنى قراءةُ مَنْ قرأ: " مَلَكَ يومَ الدين " ، فجعل " مَلَك " فعلاً ماضياً، وإن أُريد به الحالُ أو الاستقبال فَيُشْكِلُ، لأنه: إمَّا أن يُجْعَلَ نعتاً لله ولا يجوز لأنَّ إضافةَ اسم الفاعل بمعنى الحالِ أو الاستقبال غيرُ مَحْضَةٍ فلا يُعَرَّف، وإذا لم يتعرَّفْ فلا يكونُ نعتاً لمعرفةٍ، لِمَا عَرَفْتَ فيما تقدَّم من اشتراطِ الموافقةِ تعريفاً وتنكيراً، وإمَّا أن يُجْعَلَ بدلاً وهو ضعيف لأنَّ البدلَ بالمشتقات نادرٌ كما تقدَّم. والذي ينبغي أن يُقالَ: إنه نعتٌ على معنى أنَّ تقييدَه بالزمانِ غيرُ معتَبَرٍ، لأنَّ الموصوفَ إذا عُرِّفَ بوصفٍ كان تقييدُه بزمانٍ غيرَ معتبرٍ، فكأنَّ المعنى - والله أعلم - أنه متصفٌ بمالكِ يومِ الدينِ مطلقاً، من غير نظرٍ إلى مضيٍّ ولا حالٍ ولا استقبالٍ، وهذا ما مالَ إليه أبو القاسم الزمخشري.

وإضافةُ مالك ومَلِك إلى " يوم الدين " من باب الاتِّساع، إذ متعلَّقُهما غيرُ اليوم، والتقدير: مالكِ الأمرِ كله يومَ الدين.

-2-

ونظيرُ إضافة " مالك " إلى الظرف هنا نظيرُ إضافة " طَبَّاخ " إلى " ساعات " من قول الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>49ـ رُبَّ ابنَ عَمِّ لسُلَيْمى مُشْمَعِلّْ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>طَبَّاخِ ساعاتِ الكَرَى زادَ الكَسِلْ</TD></TR></TBODY></TABLE>

إلا أنَّ المفعولَ في البيت مذكورٌ وهو " زادَ الكَسِل " ، وفي الآيةِ الكريمةِ غيرُ مذكورٍ للدلالةِ عليه. ويجوز أن يكونَ الكلامُ على ظاهرهِ من غيرِ تقديرِ حَذْفٍ.

ونسبةُ المِلْكِ والمُلْك إلى الزمانِ في حقِّ الله تعالى غيرُ مُشْكِلَةٍ، ويؤيِّدُه ظاهرُ قراءةِ مَنْ قرأ: " مَلَكَ يومَ الدينِ " فعلاً ماضياً فإن ظاهرَها كونُ " يوم " مفعولاً به. والإضافة على معنى اللام لأنها الأصل، ومنهم مَنْ جعلها في هذا النحو على معنى " في " مستنداً إلى ظاهر قوله تعالى:

{ بَلْ مَكْرُ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07430) [سبأ34: 33]،

قال: " المعنى مَكْرٌ في الليل، إذ الليل لا يُوصَف بالمكرِ، إنما يُوصَفُ به العقلاءُ، فالمكرُ واقعٌ فيه ". والمشهورُ أن الإِضافةَ: إمَّا على معنى اللام وإمَّا على معنى " مَنْ " ، وكونها بمعنى " في " غيرُ صحيح. وأمَّا قولُه تعالى:

{ مَكْرُ ٱلَّيْلِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07430) [سبأ34: 33]

فلا دَلالةَ فيه، لأن هذا من باب البلاغة، وهو التجوُّزُ في أَنْ جَعَلَ ليلَهم ونهارَهم ماكِرَيْنِ مبالغةً في كثرةِ وقوعِه منهم فيهما، فهو نظيرُ قولهم: نهارُه صائمٌ وليلُه قائم، وقولِ الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>50ـ أمَّا النهارُ ففي قَيْدٍ وسِلْسِلَةٍ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>والليلُ في قَعْرِ منحوتٍ من السَّاجِ</TD></TR></TBODY></TABLE>

لمًّا كانت هذه الأشياءُ يكثرُ وقوعُها في هذه الظروفِ وَصَفُوها بها مبالغةً في ذلك، وهو مذهبٌ حَسَنٌ مشهورٌ في كلامهم.

واليومُ لغةً: القطعةُ من الزمان أيِّ زمنٍ كانَ من ليلٍ أو نهار، قال تعالى:

{ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09371)وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09371) إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09372) } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09372) [القيامة75: 29-30]،

وذلك كنايةٌ عن احتضارِ الموتى، وهو لا يختصُّ بليل ولا نهار، وأمَّا/ في العُرْف فهو من طلوعِ الفجرِ إلى غروب الشمس. وقال الراغب: " اليومُ نعبِّر به عن وقت طلوعِ الشمس إلى غروبها " ، قلت: وهذا إنما ذكروه في النهارِ لا في اليوم، وجعلوا الفرقَ بينهما ما ذكرت لك.

والدِّيْنِ: مضافٌ إليه أيضاً، والمرادُ به هنا: الجزاءُ، ومنه قول الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>51ـ ولم يَبْقَ سوى العُدْوا</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>نِ دِنَّاهم كما دَانُوا</TD></TR></TBODY></TABLE>

أي جازَيْناهم كما جازونا، وقال آخر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>52ـ واعلَمْ يقيناً أنَّ مُلْكَكَ زائلٌ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>واعلَمْ بأنَّ كما تَدِينُ تُدانُ</TD></TR></TBODY></TABLE>

ومثله:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>53ـ إذا مل رَمَوْنا رَمَيْناهُم</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>ودِنَّاهُمُ مثلَ ما يَقْرِضُونا</TD></TR></TBODY></TABLE>

ومثله:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>54ـ حَصادُك يوماً ما زَرَعْتَ وإنما</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>يُدانُ الفتى يوماً كما هو دائِنُ</TD></TR></TBODY></TABLE>

وله معانٍ أُخَرُ: العادَة، كقوله:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>55ـ كَدِينِك من أمِّ الحُوَيْرثِ قبلَها</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>وجارتِها أمِّ الرَّباب بِمَأْسَلِ</TD></TR></TBODY></TABLE>

أي: كعادتك: ومثلُه:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>56- تقول إذا دَرَأْتُ لها وَضِيني</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>أهذا دِينُه أبداً ودِينِي</TD></TR></TBODY></TABLE>

ودانَ عصى وأطاع، وذلَّ وعزَّ، فهو من الأضداد. والقضاءُ، ومنه قوله تعالى:

{ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06584\) [النور24: 2]

أي في قضائِه وحكمه، والحالُ، سُئل بعضُ الأعراب فقال: " لو كنتُ على دِينٍ غيرِ هذه لأَجَبْتُكَ " أي: على حالة.

-3-

والداءُ: ومنه قول الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>57ـ يا دينَ قلبِك مِن سَلْمى وقد دِينا</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>..............................</TD></TR></TBODY></TABLE>

ويقال: دِنْتُه بفعلِه أَدِينُه دَيْناً ودِيناً - بفتح الدال وكسرها في المصدر - أي جازَيْتُه. والدِّينُ أيضاً: الطاعةُ، ومنه:

{ وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04409) [النساء4: 125]

أي: طاعةً، ويستعار للمِلَّة والشريعةِ أيضاً، قال تعالى:

{ أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04167) [آل عمران3: 83]

يعني الإِسلام، بدليل قوله تعالى:

{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04169) [آل عمران3: 85].

والدِّينُ: سيرة المَلِك، قال زهير:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>58ـ لَئِنْ حَلَلْتَ بجوٍّ في بني أسَدٍ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>في دينِ عمروٍ وحالَتْ بينَنَا فَدَكُ</TD></TR></TBODY></TABLE>

يقال: دِينَ فلان يُدانُ إذا حُمِل على مكروهٍ، ومنه قيل للعبدِ، مَدين ولِلأمَةِ مَدِينة. وقيل: هو من دِنْتُه إذا جازيته بطاعته، وجَعَل بعضُهم المدينةَ من هذا الباب، قاله الراغب. وسيأتي تحقيقُ هذه اللفظة عند ذِكْرِها.

-4-

admin
12-25-2010, 02:12 PM
تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ (javascript:Open_Menu()) }


قرأ بعض القراء { مَلِكَ } وقرأ آخرون { مالك } وكلاهما صحيح متواتر، و { مالك } مأخوذ من المِلْك كما قال تعالى:

{ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06081) [مريم19: 40]،

و { ملك } مأخوذ من المُلْك كما قال تعالى:

{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) [غافر40: 16] وقال:
{ ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=06672) [الفرقان25: 26]،

وتخصيصُ الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه، لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين وذلك عام في الدنيا والآخرة، وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئاً، ولا يتكلم أحد إلا بإذنه كما قال تعالى:

{ لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09501) [النبأ78: 38]، وقال تعالى:
{ يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05369) [هود11: 105]،

وعن ابن عباس قال: يوم الدين يوم الحساب للخلائق، يدينهم بأعمالهم إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، إلا من عفا عنه.

والمَلِكُ في الحقيقة هو الله عز وجل، فأما تسمية غيره في الدنيا بملك فعلى سبيل المجاز، وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون ".

و { ٱلدِّينِ }: الجزاء والحساب كما قال تعالى:

{ أَإِنَّا لَمَدِينُونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07632) [الصافات37: 53]

أي مجزيون محاسبون، وفي الحديث: " الكَيّسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت " أي حاسب نفسه، وعن عمر رضي الله عنه: " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ".


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-25-2010, 02:13 PM
تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


وقوله عَزَّ وَجَلَّ: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }. أي يومِ الحِسَاب؛ فإن قِيْلَ: لِمَ خصَّ يومَ الدِّين؛ وهو مَلِكُ الدُّنيا والآخرةِ؟ قِيْلَ: لأن اللهَ تعالى لا ينازعهُ أحدٌ في مُلكِهِ ذلك اليومِ؛ كما قالَ تعالى:

{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07940) [غافر40: 16].

قرأ عاصمُ والكسائي: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بِالألف؛ والباقونَ بغيرِ ألف. قال أهلُ النَّحو: (مَلِكِ) أمدحُ من (مَالِكِ) لأن الْمَالِكَ قد يكون غيرَ مَلِكٍ ولا يكون الْمَلِكُ إلا مَالِكاً. وروي أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه كان يقرأ: (مَالِكَ يَوْمِ الدِّينِ) على النِّداءِ المضاف؛ أي يا مالِكَ يومِ الدِّين. وقرأ أنسُ بن مالكٍ: (مَلَكَ يَوْمَ الدِّيْنِ) جعلَهُ فِعلاً ماضِياً.

admin
12-25-2010, 02:25 PM
تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى



{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ (javascript:Open_Menu()) }


الدين الجزاء في هذا الموضع.

وقد يكون الدين التوحيد، نحو قوله:

{ إِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04103) [آل عمران3: 19].

ويكون الدين الحكم، نحو قوله:

{ رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ } [النور24: 2]

أي في حكمه. ويكون الدين الإسلام نحو قوله:

{ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05059) [التوبة9: 33]، و
{ إِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04103) [آل عمران3: 19].

وقال مجاهد، " الدين الحساب " ، كما قال:

{ غَيْرَ مَدِينِينَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08856) [الواقعة56: 86].

أي غير محاسبين.

ويكون الدين العادة، ولم يقع في القرآن.

وقد روى الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ (مالك) بألف. وأبو بكر، وعمر، وعثمان، كذلك قرأوها وبذلك قرأ علي، وابن مسعود، وأُبي، ومعاذ بن جبل وطلحة، والزبير.

وبذلك قرأ عاصم والكسائي.

وقد بَيَّنا كشف وجوه القراءات في كتاب: " الكشف عن وجوه القراءات " ، فأغنانا ذلك عن الكلام فيها في هذا الكتاب.

فأما من قرأ، { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } ، فهم الأكثر من القراء وشاهده إجماعهم على

{ مَلِكِ ٱلنَّاسِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=10023) [الناس114: 2]

بغير ألف.


<LABEL class=############ disabled></LABEL>