المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البقرة 002 - آية 018 - صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ


admin
05-23-2010, 11:57 AM
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مرحبا بكم معنا في منتدى المسجد الأقصى المبارك
سورة 002 - البقرة - آية رقم 018
<EMBED height=52 type=audio/x-ms-wma width=625 src=http://al-msjd-alaqsa.com/quran/ayat-sound/002018.wma en-us?>

<CENTER><TABLE style="WIDTH: 446px; HEIGHT: 128px" id=table2 border=4 cellSpacing=6 cellPadding=4 width=446><TBODY><TR><TD width="100%">صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ
</TD></TR></TBODY></TABLE></CENTER>صدق الله العظيم
السابق (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=3815)التالي (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=3817)

admin
11-30-2010, 03:22 PM
تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق 1 - 2


قال أبو جعفر: وإذ كان تأويـل قول الله جل ثناؤه: { ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ وتَرَكَهُمْ فـي ظُلُـماتٍ لا يُبْصِرُونَ } (البقرة2: 17) (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03815)هو ما وصفنا من أن ذلك خبر من الله جل ثناؤه عما هو فـاعل بـالـمنافقـين فـي الآخرة، عند هتك أستارهم، وإظهاره فضائح أسرارهم، وسلبه ضياء أنوارهم من تركهم فـي ظلـم أهوال يوم القـيامة يترددون، وفـي حنادسها لا يبصرون فبـينٌ أن قوله جل ثناؤه: { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } من الـمؤخر الذي معناه التقديـم، وأن معنى الكلام:{ أولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوا الضَّلاَلَةَ بـالهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِـجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ، مَثَلُهُمْ كمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَـمَّا أضَاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمُ فِـي ظُلُـماتٍ لا يَبْصِرُون صُمّ بُكْمٌ عُمْيٌ فهم لاَ يَرْجِعُونَ ، أوْ كصيب من السمَّاءِ } وإذ كان ذلك معنى الكلام، فمعلوم أن قوله: { صُمّ بُكْمٌ عُمْيٌ } يأتـيه الرفع من وجهين، والنصب من وجهين. فأما أحد وجهي الرفع، فعلـى الاستئناف لـما فـيه من الذم، وقد تفعل العرب ذلك فـي الـمدح والذم، فتنصب وترفع وإن كان خبراً عن معرفة، كما قال الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>لا يَبْعَدَنْ قَوْمِي الَّذِينَ هُم</TD><TD class=TextArabic></TD><TD class=TextArabic>ُسُمُّ العُداةِ وآفَةُ الـجُزْرِ</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>النَّازِلِـينَ بِكُلّ مُعْتَرَكٍ</TD><TD class=TextArabic></TD><TD class=TextArabic>وَالطَّيِّبِـينَ مَعَاقِدَالأُزُرِ</TD></TR></TBODY></TABLE>

فـيروي: «النازلون والنازلـين» وكذلك «الطيبون والطيبـين»، علـى ما وصفت من الـمدح. والوجه الآخر علـى نـية التكرير من أولئك، فـيكون الـمعنى حينئذٍ:
{ أولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَروا الضَّلاَلَةَ بـالهدَى فَمَا رَبِحَتْ تِـجارَتُهُمْ وَما كَانُوا مُهْتَدِينَ } (البقرة2: 16) (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03814)
(http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03814)أولئك { صُمّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ }.
وأما أحد وجهي النصب، فأن يكون قطعاً مـما فـي «مهتدين»، من ذكر «أولئك»، لأن الذي فـيه من ذكرهم معرفة، والصمّ نكرة. والآخر أن يكون قطعاً من «الذين»، لأن «الذين» معرفة والصم نكرة. وقد يجوز النصب فـيه أيضاً علـى وجه الذم فـيكون ذلك وجهاً من النصب ثالثاً. فأما علـى تأويـل ما روينا عن ابن عبـاس من غير وجه رواية علـيّ بن أبـي طلـحة عنه، فإنه لا يجوز فـيه الرفع إلا من وجه واحد وهو الاستئناف.

وأما النصب فقد يجوز فـيه من وجهين: أحدهما الذمّ، والآخر القطع من الهاء والـميـم اللتـين فـي «تركهم»، أو من ذكرهم فـي «لا يبصرون». وقد بـينا القول الذي هو أولـى بـالصواب فـي تأويـل ذلك. والقراءةُ التـي هي قراءةُ الرفعُ دون النصب، لأنه لـيس لأحد خلاف رسوم مصاحف الـمسلـمين، وإذا قرىء نصبـاً كانت قراءة مخالفة رسم مصاحفهم.

قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن الـمنافقـين، أنهم بـاشترائهم الضلالة بـالهدى، لـم يكونوا للهدى والـحق مهتدين، بل هم صمّ عنهما فلا يسمعونهما لغلبة خذلان الله علـيهم، بُكْمٌ عن القـيـل بهما، فلا ينطقون بهما والبكم: الـخُرْس، وهو جمع أبكم عميٌ عن أن يبصروهما فـيعقلوهما لأن الله قد طبع علـى قلوبهم بنفـاقهم فلا يهتدون.

-1-

وبـمثل ما قلنا فـي ذلك قال علـماء أهل التأويـل.

حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن مـحمد بن إسحاق، عن مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس: { صمّ بُكْمٌ عُمْيٌ } عن الـخير.

حدثنـي الـمثنى بن إبراهيـم، قال: حدثنا عبد الله بن صالـح، قال: حدثنـي معاوية بن صالـح عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس: { صُمّ بُكْمٌ عُمْيٌ } يقول: لا يسمعون الهدى، ولا يبصرونه، ولا يعقلونه.

وحدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط عن السدي فـي خبر ذكره عن أبـي مالك، وعن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس، وعن مرة عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبـي صلى الله عليه وسلم: { بُكْمٌ }: هم الـخرس.

حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيدابن زريع، عن سعيد، عن قتادة قوله: { صمّ بُكْمٌ عُمْيٌ }: صم عن الـحق فلا يسمعونه، عمي عن الـحق فلا يبصرونه، بكم عن الـحق فلا ينطقون به.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ }.

قال أبو جعفر: وقوله: { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } إخبـار من الله جل ثناؤه عن هؤلاء الـمنافقـين الذين نعتهم الله بـاشترائهم الضلالة بـالهدى، وصمـمهم عن سماع الـخير والـحق، وبكمهم عن القـيـل بهما، وعماهم عن إبصارهما أنهم لا يرجعون إلـى الإقلاع عن ضلالتهم، ولا يتوبون إلـى الإنابة من نفـاقهم، فآيس الـمؤمنـين من أن يبصر هؤلاء رشداً، ويقولوا حقاً، أو يسمعوا داعياً إلـى الهدى، أو أن يذكروا فـيتوبوا من ضلالتهم، كما آيس من توبة قادة كفـار أهل الكتاب والـمشركين وأحبـارهم الذين وصفهم بأنه قد ختـم علـى قلوبهم وعلـى سمعهم وغَشَّى علـى أبصارهم. وبـمثل الذي قلنا فـي تأويـل ذلك قال أهل التأويـل.

حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة: { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } أي لا يتوبون ولا يذكرون.

وحدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي فـي خبر ذكره، عن أبـي مالك، وعن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبـي صلى الله عليه وسلم: { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } إلـى الإسلام.

وقد رُوي عن ابن عبـاس قول يخالف معناه معنى هذا الـخبر وهو ما:

حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن مـحمد بن إسحاق، عن مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس: { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ }: أي فلا يرجعون إلـى الهدى ولا إلـى خير، فلا يصيبون نـجاة ما كانوا علـى ما هم علـيه.

وهذا تأويـل ظاهر التلاوة بخلافه، وذلك أن الله جل ثناؤه أخبر عن القوم أنهم لا يرجعون عن اشترائهم الضلالة بـالهدى إلـى ابتغاء الهدى وإبصار الـحق من غير حصر منه جل ذكره ذلك من حالهم إلـى وقت دون وقت وحال دون حال. وهذا الـخبر الذي ذكرناه عن ابن عبـاس ينبىء عن أن ذلك من صفتهم مـحصور علـى وقت وهو ما كانوا علـى أمرهم مقـيـمين، وأن لهم السبـيـل إلـى الرجوع عنه. وذلك من التأويـل دعوى بـاطلة لا دلالة علـيها من ظاهر ولا من خبر تقوم بـمثله الـحجة فـيسلـم لها.

-2-

admin
11-30-2010, 03:32 PM
تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


اللغة: الأصمّ هو الذي ولد كذلك وكذلك الأبكم هو الذي ولد أخرس وأصل الصمّ السد والصمم سدّ الأذن بما لا يقع منه سمع, وقناة صماء مكتنزة الجوف لسدّ جوفها بامتلائها, وحجر أصم صلب وفتنة صمّاء شديدة والصِمام ما يسدّ به رأس القارورة, وأصل البكم الاعتقال في اللسان وهو آفة تمنع من الكلام وأصل العمى ذهاب الإدراك بالعين والعمى في القلب مثل العمى في العين آفة تمنع من الفهم ويقال ما أعماه من عمى القلب ولا يقال ذلك في العين وإنما يقال ما أشد عماه وما جرى مجراه والعماية الغواية والعماء السحاب الكثيف المطبق والرجوع قد يكون عن الشيء أو إلى شيء فالرجوع عن الشيء هو الانصراف عنه بعد الذهاب إليه والرجوع إلى الشيء هو الإنصراف إليه بعد الذهاب عنه.

الإعراب: صم بكم عمي رفع على خبر مبتدأ محذوف أي هؤلاء الذين قصتهم هذه صم بكم عمي.

المعنى: قال قتادة صم لا يسمعون الحق بكم لا ينطقون به عمي لا يبصرونه فهم لا يرجعون عن ضلالتهم ولا يتوبون وإنما شَبَّههم الله بالصم لأنهم لم يحُسنوا الإصغاء إلى أدلة الله تعالى فكأنهم صم وإذا لم يقروا بالله وبرسوله فكأنهم بكم وإذا لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض فكأنهم عمي لما تصل إليهم منفعة هذه الأعضاء فكأنهم ليس لهم هذه الأعضاء. وهذا يدل على أن معنى الختم والطبع ليس على وجه الحيلولة بينهم وبين الإيمان لأنه جعل الْفَهم بالكفر واستثقالهم للحق بمنزلة الصمم والبكم والعمي مع صحة حواسهم وكذلك قولـه طبع الله على قلوبهم وأضلهم وأصمّّهم وأعمى أبصارهم وأزاغ الله قلوبهم فإن جميع ذلك إخبار عما أحدثوه عند امتحان الله إياهم وأمره لهم بالطاعة والإيمان لا أنه فعل ما مَنَعهم به عن الإيمان وهذا كما قيل في المثل: حبّك الشيء يُعمي ويصّم. قال مسكين الدارمي:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>أُعْمَى إذَا مَا جارَتيْ خَرَجَتْ
</TD><TD class=TextArabic></TD><TD class=TextArabic>حَتَّى يُوَارِيِ جارَتي الْخِدْرُ
</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>وَتَضَمُّ عمّا كَانَ بَيْنَهُمَا
</TD><TD class=TextArabic>
</TD><TD class=TextArabic>أُذْني ومَا في سَمْعِهَا وَقَرُ
</TD></TR></TBODY></TABLE>
وفي التنزيل
{ وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04943)[الأعراف7: 198] (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04943)
وقولـه فهم لا يرجعون يحتمل أمرين أحدهما أنه على الذم والاستبطاء عن ابن عباس والثاني أنهم لا يرجعون إلى الإسلام عن ابن مسعود.

admin
11-30-2010, 03:36 PM
تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق

اعلم أنه لما كان المعلوم من حالهم أنهم كانوا يسمعون وينطقون ويبصرون امتنع حمل ذلك على الحقيقة فلم يبق إلا تشبيه حالهم لشدة تمسكهم بالعناد وإعراضهم عما يطرق سمعهم من القرآن وما يظهره الرسول من الأدلة والآيات بمن هو أصم في الحقيقة فلا يسمع، وإذا لم يسمع لم يتمكن من الجواب، فلذلك جعله بمنزلة الأبكم، وإذا لم ينتفع بالأدلة ولم يبصر طريق الرشد فهو بمنزلة الأعمى، أما قوله: { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } ففيه وجوه: أحدها: أنهم لا يرجعون عما تقدم ذكره وهو التمسك بالنفاق الذي لأجل تمسكهم به وصفهم الله تعالى بهذ الصفات فصار ذلك دلالة على أنهم يستمرون على نفاقهم أبداً. وثانيها: أنهم لا يعودون إلى الهدى بعد أن باعوه، وعن الضلالة بعد أن اشتروها. وثالثها: أراد أنهم بمنزلة المتحيرين الذين بقوا خامدين في مكانهم لا يبرحون، ولا يدرون أيتقدمون أم يتأخرون وكيف يرجعون إلى حيث ابتدأوا منه.

admin
11-30-2010, 03:44 PM
تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق



قوله تعالى: { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ } «صُمٌّ» أي هم صمّ، فهو خبر ٱبتداء مضمر. وفي قراءة عبد اللَّه ٱبن مسعود وحفصة: صُماًّ بكماً عمياً، فيجوز النصب على الذّم؛ كما قال تعالى:

{ مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُواْ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07385)[الأحزاب33: 61] (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07385)،

وكما قال:

{ وَٱمْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=10011)[المسد111: 4] (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=10011)،

وكما قال الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>سَقَوْنِي الخمرَ ثم تَكنَّفُونِي
</TD><TD class=TextArabic></TD><TD class=TextArabic>عُدَاةَ الله من كَذِبٍ وزُورِ</TD></TR></TBODY></TABLE>

فنصب «عُداةَ الله» على الذم. فالوقف على «يبصرون» على هذا المذهب صواب حسن. ويجوز أن ينصب صُمًّا بـ «ـتَرَكَهُمْ»؛ كأنه قال: وتركهم صماً بكماً عمياً؛ فعلى هذا المذهب لا يحسن الوقف على «يبصرون». والصمم في كلام العرب: الانسداد؛ يقال: قناة صمّاء إذا لم تكن مجوّفة. وصَمَمت القارورة إذا سددتها. فالأصم: من ٱنسدت خروق مسامعه. والأبكم: الذي لا ينطق ولا يفهم، فإذا فهم فهو الأخرس. وقيل: الأخرس والأبكم واحد. ويقال: رجل أبكم وبَكِيم؛ أي أخرس بيّن الخرس والبكم؛ قال:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>فلْيتَ لِسانِي كان نِصْفَينِ منهما
</TD><TD class=TextArabic></TD><TD class=TextArabic>بَكيمٌ ونِصفٌ عند مَجْرَى الكواكبِ


</TD></TR></TBODY></TABLE>

والعمى: ذهاب البصر؛ وقد عَمِيَ فهو أعْمَى، وقوم عُمْيٌ، وأعماه الله. وتعامى الرجل: أرى ذلك من نفسه. وعَمِيَ عليه الأمر إذا التبس؛ ومنه قوله تعالى:

{ فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَنبَـآءُ يَوْمَئِذٍ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07109)[القصص2: 66] (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07109).

وليس الغرض مما ذكرناه نفي الإدراكات عن حواسهم جملة، وإنما الغرض نفيها من جهة مّا؛ تقول: فلان أصمّ عن الخنا. ولقد أحسن الشاعر حيث قال:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>أَصَمُّ عمّا سَاءَهُ سَمِيعُ


</TD><TD class=TextArabic></TD><TD class=TextArabic></TD></TR></TBODY></TABLE>

وقال آخر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>وعوراءِ الكلامِ صَمَمتُ عنها</TD><TD class=TextArabic></TD><TD class=TextArabic>ولو أني أشاء بها سمِيعُ</TD></TR></TBODY></TABLE>

وقال الدارميّ:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>أعْمى إذا ما جارتي خرجت</TD><TD class=TextArabic></TD><TD class=TextArabic>حتى يوارِي جارتِي الجُدْرُ</TD></TR></TBODY></TABLE>

وقال بعضهم في وصاته لرجل يكثر الدخول على الملوك:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>اُدخُلُ إذا ما دخلتَ أعمَى</TD><TD class=TextArabic></TD><TD class=TextArabic>وٱخرُجْ إذا ما خرجتَ أخرس</TD></TR></TBODY></TABLE>

وقال قتادة: «صمٌّ» عن ٱستماع الحق، «بكمٌ» عن التكلم به، «عميٌ» عن الإبصار له.

قلت: وهذا المعنى هو المراد في وصف النبيّ صلى الله عليه وسلم وُلاة آخر الزمان في حديث جبريل: " وإذا رأيت الحُفاةَ العُراةَ الصُّمَّ الْبُكْمَ ملوك الأرض فذاك من أشراطها " والله أعلم.

قوله تعالى: { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } أي إلى الحق لسابق علم الله تعالى فيهم. يقال: رجع بنفسه رجوعاً، ورَجَعَه غيره؛ وهُذيل تقول: أرجعه غيره. وقوله تعالى:

{ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ٱلْقَوْلَ }[سبأ34: 31] (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07428)

أي يتلاومون فيما بينهم؛ حسب ما بيّنه التنزيل في سورة «سبأ».

admin
11-30-2010, 03:49 PM
تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ } لما سدوا مسامعهم عن الإصاخة إلى الحق وأبوا أن ينطقوا به ألسنتهم ويتبصروا الآيات بأبصارهم، جُعِلُوا كأنما أيفت مشاعرهم وانتفت قواهم كقوله:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>صُمُّ إذا سَمِعُوا خَيْراً ذُكِرْتُ بهِ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>وإنْ ذُكِرْتُ بسوءِ عندَهُمْ أذنوا</TD></TR></TBODY></TABLE>

وكقوله:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>أَصَمُّ عن الشيء الَّذي لا أُريدُهُ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>وأسمَعُ خَلْقِ الله حينَ أُريدُ</TD></TR></TBODY></TABLE>

وإطلاقها عليهم على طريقة التمثيل، لا الاستعارة إذ من شرطها أن يطوي ذكر المستعار له، بحيث يمكن حمل الكلام على المستعار منه لولا القرينة كقول زهير:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>لَدَى أسدٍ شاكي السِّلاحِ مُقَذَّفٍ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>لَهُ لِبَدٌ أَظفَارُه لم تُقَلْمِ</TD></TR></TBODY></TABLE>

ومن ثم ترى المفلقين السحرة يضربون عن توهم التشبيه صفحاً كما قال أبو تمام الطائي:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>وَيصعَدُ حتى يَظُنَّ الجَهولُ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>بأنَّ لَهُ حَاجةً في السَّماء</TD></TR></TBODY></TABLE>

وههنا وإن طوى ذكره بحذف المبتدأ لكنه في حكم المنطوق به، ونظيره:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>أُسَدٌ عليَّ وفي الحُرُوبِ نَعَامة</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>فَتْخاءُ تنفر منْ صَفِير الصَّافرِ</TD></TR></TBODY></TABLE>

هذا إذا جَعَلْتَ الضمير للمنافقين على أن الآية فذلكة التمثيل ونتيجته، وإن جعلته للمستوقدين، فهي على حقيقتها. والمعنى: أنهم لما أوقدوا ناراً فذهب الله بنورهم، وتركهم في ظلماتٍ هائلة أدهشتهم بحيث اختلت حواسهم وانتقصت قواهم. وثلاثتها قرئت بالنصب على الحال من مفعول تركهم. والصمم: أصله صلابة من اكتناز الأجزاء، ومنه قيل حجر أصم وقناة صماء، وصمام القارورة، سمي به فقدان حاسة السمع لأن سببه أن يكون باطن الصماخ مكتنزاً لا تجويف فيه، فيشتمل على هواء يسمع الصوت بتموجه. والبكم الخرس. والعمى: عدم البصر عما من شأنه أن يبصر وقد يقال لعدم البصيرة.

{ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } لا يعودون إلى الهدى الذي باعوه وضيعوه. أو عن الضلالة التي اشتروها، أو فهم متحيرون لا يدرون أيتقدمون أم يتأخرون، وإلى حيث ابتدؤوا منه كيف يرجعون. والفاء للدلالة على أن اتصافهم بالأحكام السابقة سبب لتحيرهم واحتباسهم.

admin
11-30-2010, 03:51 PM
تفسير تفسير الجلالين/ المحلي و السيوطي (ت المحلي 864 هـ) مصنف و مدقق


هم { صُمٌّ } عن الحق فلا يسمعونه سماع قبول { بِكُمْ } خرس عن الخير فلا يقولونه { عُمْىٌ } عن طريق الهدى فلا يرونه { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } عن الضلالة.

admin
11-30-2010, 03:56 PM
تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


ثم قال تعالى: { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } وفي قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (صُمّاً بُكْمّاً عُمْياً) [وإنما جعلها نصباً لوقوع الفعل عليها يعني وتركهم صماً بكماً عمياً]. وقرأ غيره: صم بكم عمي [ومعناه هم صم بكم عمي]. وتفسير الآية أنهم يتصاممون حيث لم يسمعوا الحق ولم يتكلموا به ولم يبصروا العبرة والهدى فكأنهم صم بكم عمي ولأن الله تعالى خلق السمع والبصر واللسان لينتفعوا بهذه الأشياء فإذا لم ينتفعوا بالسمع والبصر صار كأن السمع والبصر لم يكن لهم. كما أن الله تعالى سمى الكفرة موتى حيث قال تعالى

{ أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَـٰهُ } [الأنعام6: 122] (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04702)

يعني كافراً فهديناه. وإنما سماهم موتى - والله أعلم - لأنه لا منفعة لهم في حياتهم، فكأن تلك الحياة لم تكن لهم، فكذلك السمع والبصر واللسان، إذا لم ينتفعوا بها فكأنها لم تكن لهم، فكأنهم صم بكم عمي فهم لا يرجعون، يعني لا يرجعون إلى الهدى. وقال القتبي: معنى قوله تعالى:

{ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَـٰتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03817)[البقرة2: 19] (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03817)

قال: الظلمة الأولى كانت ظلمة الكفر واستيقادهم النار قول: لا إله إلا الله، وإذا خلوا إلى شياطينهم فنافقوا. وقالوا

{ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ } [البقرة2: 14] (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03812)

فسلبهم نور الإيمان

{ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَـٰتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ } [البقرة2: 17]. (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03815)


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
11-30-2010, 04:01 PM
تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


قوله تعالى: { صمٌ بكمٌ عمي }.

الصمم انسداد منافذ السمع، وهو أشد من الطرش. وفي البكم ثلاثة أقوال. أحدها: أنه الخرس، قاله مقاتل، وأبو عبيد، وابن فارس. والثاني: أنه عيب في اللسان لا يتمكن معه من النطق، وقيل: إن الخرس يحدث عنه. والثالث: أنه عيب في الفؤاد يمنعه أن يعي شيئاً فيفهمه، فيجمع بين الفساد في محل الفهم ومحل النطق، ذكر هذين القولين شيخنا.

قوله تعالى: { فهمْ لا يَرجِعُونَ }.

فيه ثلاثة أقوال. أحدها: لا يرجعون عن ضلالتهم، قاله قتادة ومقاتل. والثاني: لا يرجعون إِلى الإسلام، قاله السدي. والثالث: لا يرجعون عن الصمم والبكم والعمى، وإنما أضاف الرجوع إليهم، لأنهم انصرفوا باختيارهم، لغلبة أهوائهم عن تصفح الهدى بآلات التصفح، ولم يكن بهم صمم ولا بكم حقيقة، ولكنهم لما التفتوا عن سماع الحق والنطق به؛ كانوا كالصمم البكم. والعرب تسمي المعرض عن الشيء: أعمى، والملتفت عن سماعه: أصم، قال مسكين الدارمي:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>ما ضرَّ جاراَ لي أجاوره</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>ألا يكون لبابه ستر</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>أعمى إذا ما جارتي خرجت</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>حتى يواري جارتي الخدر</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>وتصمُّ عما بينهم أذني</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>حتى يكون كأنه وقر</TD></TR></TBODY></TABLE>

admin
11-30-2010, 04:03 PM
تفسير تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ) مصنف و مدقق


{ صُمُّ } أصل الصم: الانسداد، قناة صماء أي غير مجوفة، وصممت القارورة سددتها، فالأصم: المنسد خروق المسامع. { بُكْمٌ } البكم: آفة في اللسان تمنع معها اعتماده على مواضع الحروف، أو الأبكم الذي يولد أخرس، أو المسلوب الفؤاد الذي لا يعي شيئاً ولا يفهمه، أو الذي جمع الخرس، وذهاب الفؤاد، صموا عن سماع الحق، فلم يتكلموا به، ولم يبصروه، فهم لا يرجعون إلى الإسلام.

admin
11-30-2010, 04:10 PM
تفسير التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ) مصنف و مدقق 1-2

قول الله تعالى: { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ... } الآية

قال ابن عطية: الأصم هو من لا يسمع. والأبكم من لا ينطق ولا يفهم، والأخرس من (يفهم) ولا ينطق. وقيل: الأبكم والأخرس واحد.

قال ابن عرفة: تقدم في الأصول أنه إذا (تعارض الترادف) والتباين (فالتباين) أولى وانظر (ما معنى) كونهما سواء هل يرد الأبكم إلى الأخرس أو بالعكس (وعادتهم) يقررونه بأن معنى كونهما سواء أن الأبكم والأخرس هو الذي لا ينطق سواء فهم أو لم يفهم، ولو فسرناه برد الأخرس إلى الأبكم للزم عليه الإهمال والتعطيل، لأنّه يكون الأصم من لا يسمع والأخرس والأبكم من لا ينطق ولا يفهم، (ويبقى) من يفهم ولا ينطق واسطة بينهما مهملا.

قيل (له): إنا نجد الأخرس هكذا؟

(فقال): قد يكون في الشيوخ الصم من تعطل فهمه.

قال: والترتيب في الآية (قدوره) بوجهين: إما أنه على حساب الوجود الخارجي لأن المكلف يسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: أني رسول من عند الله فينطق ويقول له: ما دليل صدقك (فيريه) انشقاق القمر (أو غَيره) من الآيات. وإما لأن الأمور منها (ما يصدرُ) عن الشخص وهو منفعل، ومنها ما (يصدر) عنه وهو فاعل، فحاسة السمع من (قبيل) قسم المنفعل لا من قسم الفاعل، لأن الإنسان يسمع الشيء من غيره، وليس له فعل، وحاسة النطق من (قسم) الفاعل لأنه لا يتكلم إلا باختياره إن أراد (تكلم) وإلا سكت، وحاسة البصر جامعة (للأمرين) فالنظرة الفجائية من قسم المنفعل لا من قسم الفاعل لا تسبب (للإنسان) فيها، وما عداها من قسم الفاعل. فبدأ أولا (بقسم المنفعل) لأن الكلام في شيء مخلوق حادث والأصل في الحادث الانفعال لا الفعل، وهما خبر مبتدأ محذوف، وحسن حذف المبتدأ لكون الخبر لا يصح إلا له وتعدد الجنس فيه خلاف فمنعه بعضهم، وأجازه آخرون بشرط كون الجميع في معنى خبر واحد، ومنهمْ من كان يجعله خلافا ومنهم من يجمع بين القولين بأنّ الذي منع من التعدد إنما منع حيث يكون الخبران متناقضين كقولك: زيد قائم قاعد، أو متحرك ساكن. والذي أجازه بشرط الجمعية معنى واحد، هكذا مراده، لأن النقيضين لا يجتمعان في معنى واحد بوجه.

قال الله تعالى: { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ }

قال أبو البقاء: جملة مستأنفة، وقيل: في موضع نصب على الحال فتعقبه أبو حيان بأن ما بعد الفاء لا يكون حالا. قال: لأنّ الفاء للترتيب، والحال مقارنة لا ترتيب فيها.

قال ابن عرفة: الحكم بكون الفاء تمنع عمل ما قبلها فيما بعدها صحيح إلا أن هذا التعليل باطل لأنا نقول: تكون الحال مقدرة لا محصلة قال: وقوله: فهم لا يرجعون.

-1-
قيل: إنه خبر وقيل دعاء.

قال ابن عرفة: لا يتمّ كونه دعاء إلا أنّهم صمّ حقيقة، فإن أريد به المجاز فلا يصح الدعاء عليهم به.

قيل لابن عرفة: ولا يصح كونه حقيقة لأن مقتضاه لم يقع.

فقال: الدّعاء ليس من الله (فيلزم حصول متعلقه) بل هو (أمر) للنّبي صلى الله عليه وسلم والملائكة. فالدّعاء عليهم بهذا اللفظ لا يلزم وقوعه فإنه تحصل للدّاعي مطلوبه، وقد لا يستجاب له، ويثاب على الدّعاء.

قال ابن عطية: وقال غيره، معناه: لا يرجعون، ما داموا على الحال التي (وصفهم بها).

قال ابن عرفة: هذا تحصيل الحاصل.

قيل له: قد قال أهل المنطق: كل كاتب محرك يده ما دام كاتبا، ولم يجعلوه تحصيل الحاصل. فقال: (هؤلاء) ينظرون إلى المعنى، والنحوي كلامه في صحة تركيب (الألفاظ) (والاصطلاحان) متباينان.

-2-

admin
12-01-2010, 10:45 AM
تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق 1-2

الجمهور على رفعها على أنّها خبر مبتدأ محذوف، هم صم بكم، ويجيء فيه الخلاف المَشْهُور في تعدُّد الخبر، فمن أجاز ذلك حمل الآية عليه من غير تأويل، ومن منع ذلك قال: هذه الأخبار: وإن تعدّدت لفظاً، فهي متحدة معنى؛ لأن المعنى: هم غير قائلين للحق بسبب عَمَاهُمْ وَصَمَمِهِمْ، فيكون من باب: " هذا حُلْوٌ حَامِضٌ " أي: مُزٌّ، وهذا أعسر أيسر أي: أضبط، وقول الشاعر: [الطويل]
<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>237- يَنَامُ بإِحْدَى مُقْلَتَيْهِ ويَتَّقِي</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>بِأُخْرَى الأَعَادِي، فَهُوَ يَقْظَانُ هَاجِعُ</TD></TR></TBODY></TABLE>
أي: متحرّز.

أو يقدر لكل خبر مبتدأ تقديره: هم صُمّ، هم بُكْمٌ، هم عُمْيٌ.

والمعنى: أنهم جامعون لهذه الأوصاف الثلاثة، ولولا ذلك لجاز أن تكون هذه الآية من باب ما تعدّد فيه الخبر لتعدّد المبتدأ، كقولك: الزيدون فقهاء شعراء كاتبون، فإنه يحتمل أن يكون المعنى أن بعضهم فقهاء، وبعضهم شعراء، وبعضهم كاتبون، وأنهم ليسوا جامعين لهذه الأوصاف الثلاثة، بل بعضهم اختصّ بالفقه، والبعض الآخر اختصّ بالشعر، والآخر بالكتابة.

وقرأ بعضهم " صمًّا بكماً عمياً " بالنصب، وفيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه حالٌ، وفيه وجهان:

أحدهما: هو حال من الضمير المنصوب في " تركهم ".

والثاني: من المرفوع في " لا يُبْصِرُون ".

الثاني: النَّصْب على الذَّم كقوله:

{ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ }[المسد111: 4] (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=10011)

وقول الآخر:
<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>238- سَقَوْنِي الخَمْرَ ثُمَّ تَكَنَّفُونِي</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>عُدَاةَ اللهِ مِنْ كَذِبٍ وزُورِ</TD></TR></TBODY></TABLE>
أي: أذمُ عُدَاة الله.

الثالث: أن يكون منصوباً بـ " ترك " ، أي: صمَّا بكماً عمياً.

والصّمم: داء يمنع من السَّمَاع، وأصله من الصَّلابة، يقال: قناة صَمّاء: أي: صلبة.

وقيل: أصله من الانسداد، ومنه: صممت القَارُورَة أي: سددتها.

والبَكَمُ: داءٌ يمنع الكلام.

وقيل: هو عدم الفَهْمِ.

وقيل: الأبكم من وُلِدَ أَخْرَسَ.

وقوله: { فهم لا يرجعون } جملة خبرية معطوفة على الجملة الخبرية قبلها.

وقيل: بل الأولى دعاء عليهم بالصَّمم، ولا حاجة إلى ذلك.

وقال أبو البقاء: وقيل: فهم لا يرجعون حال، وهو خطأ؛ لأن " الفاء " ترتب، والأحوال لا ترتيب فيها.

و " رجع " يكون قاصراً ومتعدياً باعتبارين، وهذيل تقول:: " أرجعه غيره " ، فإذا كان بمعنى " عاد " كان لازماً، وإذا كان بمعنى " أعاد " كان متعدياً، والآية الكريمة تحتمل التَّقديرين، فإن جعلناه متعدياً، فالمفعول محذوف، تقديره لا يرجعون جواباً، مثل قوله:

{ إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } [الطارق86: 8]، (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09730)

وزعم بعضهم أنه يضمَّن معنى " صار " ، فيرفع الاسم، وينصب الخبر، وجعل منه قوله عليه الصلاة والسلام: " لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّاراً يَضْرِب بَعْضُكُم رِقابَ بَعْضٍ ".

ومن منع جريانه مجرى " صار " جعل المنصوب حالاً.

فصل في المراد بنفي السمع والبصر عنهم.

-1-

لما كان المعلوم من حالهم أنهم كانوا يسمعون، وينطقون، ويبصرون امتنع حمل ذلك على الحقيقة فلم يَبْقَ إلاّ تشبيه حالهم لشدة تمسُّكهم بالعناد، وإعراضهم عن سماع القرآن، وما يظهره الرسول من الأدلّة والآيات بمن هو أصمّ في الحقيقة فلا يسمع، وإذا لم يسمع لم يتمكّن من الجواب، فلذلك جعله بمنزلة الأَبْكَمِ، وإذا لم ينتفع بالأدلّة، ولم يبصر طريق الرشد، فهو بمنزلة الأعمى.

وقوله: { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } أي: من التمسُّك بالنفاق فهم مستمرون على نفاقهم أبداً.

وقيل: لا يعودون إلى الهدى بعد أن باعوه، أو عن الضَّلالة بعد أن اشتروها.

وقيل: أراد أنّهم بمنزلة المتحيّرين الّذين بقوا خامدين في مَكَانِهِمْ لا يبرحون، ولا يدرون أيتقدّمون أم يتأخرّون؟ وكيف يرجعون إلى حيث ابتدءوا منه؟


-2-

admin
12-01-2010, 11:01 AM
تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ } أخبارٌ لمبتدأ محذوفٍ هو ضمير المنافقين، أو خبر واحد بالتأويل المشهور، كما في قولهم: هذا حلوٌ حامض والصممُ آفةٌ مانعة من السماع، وأصلُه الصلابة واكتنازُ الأجزاء، ومنه الحجرُ الأصم، والقناةُ الصماء، وصَمام القارورة: سِدادُها، سمي به فقدانُ حاسة السمع لما أن سببه اكتنازُ باطن الصّماخ، وانسدادُ منافذه بحيث لا يكاد يدخله هواءٌ يحصل الصوت بتموجه، والبُكم الخُرس، والعمىٰ عدم البصر عما من شأنه أن يُبصَر، وُصفوا بذلك مع سلامة مشاعرهم المعدودة لما أنهم حيث سدوا مسامعهم عن الإصاخة لما يتلى عليهم من الآيات والذكر الحكيم، وأبَوْا أن يتلقَّوْها بالقبول، ويُنطِقوا بها ألسنتهم، ولم يجتلوا ما شاهدوا من المعجزات الظاهرة على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينظروا إلى آيات التوحيد المنصوبة في الآفاق والأنفس بعين التدبر، وأصروا على ذلك بحيث لم يبقَ لهم احتمالُ الارعواء عنه، صاروا كفاقدي تلك المشاعر بالكلية، وهذا عند مُفْلقي سَحَرة البـيان من باب التمثيل البليغ، المؤسـس على تناسي التشبـيه كما في قول من قال:
<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>ويصعَدُ حتى يظنَّ الجهول</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>بأن له حاجةً في السماءْ</TD></TR></TBODY></TABLE>
لما أن المقدر في النظم في حكم الملفوظ، لا من قبـيل الاستعارة التي يُطوىٰ فيها ذكرُ المستعار له بالكلية، حتى لو لم يكن هناك قرينة تحمل على المعنى الحقيقي، كما في قول زهير: [الطويل]
<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>لدى أسدٍ شاكي السلاحِ مُقذَّفٍ</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>له لِبَدٌ أظفارُه لم تُقَلَّمِ</TD></TR></TBODY></TABLE>
{ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } الفاء للدلالة على ترتب ما بعدها على ما قبلها، أي هم بسبب اتصافِهم بالصفات المذكورة لا يعودون إلى الهدى الذي تركوه وضيّعوه أو عن الضلالة التي أخذوها، والآيةُ نتيجةٌ للتمثيل، مفيدةٌ لزيادة تهويلٍ وتفظيع، فإن قصارىٰ أمرِ التمثيل بقاؤهم في ظلماتٍ هائلة من غير تعرضٍ لمَشْعَريْ السمع والنطق، ولاختلال مَشعَرِ الإبصار، وقيل الضمير المقدر وما بعده للموصول باعتبار المعنى، كالضمائر المتقدمة.

فالآية الكريمة تتمة للتمثيل، وتكميل له بأن ما أصابهم ليس مجردَ انطفاء نارهم وبقائهم في ظلمات كثيفة هائلة، مع بقاء حاسة البصر بحالها، بل اختلت مشاعرُهم جميعاً، واتصفوا بتلك الصفات على طريقة التشبـيه أو الحقيقة فبقوا جامدين في مكاناتهم، لا يرجعون ولا يدْرون أيتقدّمون أم يتأخرون، وكيف يرجِعون إلى ما ابتدأوا منه، والعدولُ إلى الجملة الاسمية للدَلالة على استمرار تلك الحالة فيهم، وقرىء صماً بكماً عمياً، إما على الذي كما في قوله تعالى:

{ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ } [المسد111، الآية 4] (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=10011)

والمخصوصُ بالذم هم المنافقون، أو المستوقدون وإما على الحالية من الضمير المنصوب في تَرَكهم، أو المرفوع في لا يبصرون وإما على المفعولية لتركهم، فالضميران للمستوقدين.

admin
12-01-2010, 11:05 AM
تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق



{ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } * { أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَٰبِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَٰعِقِ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ وٱللَّهُ مُحِيطٌ بِٱلْكَٰفِرِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=3817) }


ثم نعتهم، فقال سبحانه: { صُمٌّ } لا يسمعون، يعنى لا يعقلون، { بُكْمٌ } خرس لا يتكلمون بالهدى، { عُمْيٌ } فهم لا يبصرون الهدى حين ذهب الله بنورهم، يعنى بإيمانهم، { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } [آية: 18] عن الضلالة إلى الهدى، ثم ضرب للمنافقين مثلاً، فقال سبحانه: { أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } ، يعنى المطر، { فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ } مثل المطر مثل القرآن، كما أن المطر حياة الناس، فكذلك القرآن حياة لمن آمن به، ومثل الظلمات، يعنى الكافر بالقرآن، يعنى الضلالة التى هم فيها، ومثل الرعد ما خوفوا به من الوعيد فى القرآن، ومثل البرق الذى فى المطر مثل الإيمان، وهو النور الذى فى القرآن، { يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَاعِقِ } ، يقول: مثل المنافق إذا سمع القرآن، فصهم أذنيه كراهية للقرآن، كمثل الذى جعل أصبعيه فى أذنيه من شدة الصواعق، { حَذَرَ ٱلْمَوْتِ } ، يعنى مخافة الموت، يقول: كما كره الموت من الصاعقة، فكذلك يكره الكافر القرآن، فالموت خير له من الكفر بالله عزو جل والقرآن، { وٱللَّهُ مُحِيطٌ بِٱلْكافِرِينَ } [آية: 19]، يعنى أحاطه علمه بالكافرين.

<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-01-2010, 11:07 AM
تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


صم عن سماع دواعي الحق بآذان قلوبهم، بكم عن مناجاة الحق بألسنة أسرارهم، عمي عن شهود جريان المقادير بعيون بصائرهم، فهم لا يرجعون عن تماديهم في تهتكم، ولا يرتدعون عن انهماكهم في ضلالتهم.

ويقال صم عن السماع بالحق، بكم عن النطق بالحق، وعمي عن مطالعة الخلق بالحق. لم يسبق لهم الحكم بالإقلاع، ولم تساعدهم القسمة بالارتداع.

admin
12-01-2010, 11:08 AM
تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 404 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى



اي صمت اسماع ارواحهم عن اصوات الوصلة وحقائق الهام القربة التي يُعرف بها الحق عن صفاته لاوليائه بكم عن تعريف علل بواطنهم عند أَطَباء القلوب عجباً ونفاقاً عُمى عن رؤّية خاتمتهم التي ختم لهم الحرمان والشقاء وايضا عُمى عن رؤية انوار جمال الحق في سيماء اوليائه وحسن افعاله في آياته وقال بعضهم { صُمٌّ } لا يسمعون القرآن { بكم } لا يتكلمون بالايمان { عمى } لا يرون دلائل الرحمٰن وقيل صمت اذان قلوبهم وخرست السنتهم عن الذكر وعَميت اَعُين صدورهم عن الاعتبار وقال الجنيد صَمّوا عن فهم ما سمعوا وبكموا عن عبادة ما عرفوا وعَمُوا عن البصيرة فيما اليه دعواهم.

admin
12-01-2010, 12:50 PM
تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق 1-9

{ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ (javascript:Open_Menu()) } * { أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَٰبِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَٰعِقِ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ وٱللَّهُ مُحِيطٌ بِٱلْكَٰفِرِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=3817) } * { يَكَادُ ٱلْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَٰرَهُمْ كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَٰرِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=3818) }


{ صم } اى هم صم عن الحق لا يقبلونه واذا لم يقبلوا فكانهم لم يسمعوا والصم انسداد خروق المسامع بحيث لا يكاد يصل اليها هواء يحصل الصوت بتموجه { بكم } خرس عن الحق لا يقولونه لما ابطنوا خلاف ما اظهروا فكانهم لم ينطقوا وهو آفة فى اللسان لا يتمكن بها ان يعتمد مواضع الحروف { عمى } اى فاقدون الابصار عن النظر الموصل الى العبرة التى تؤديهم الى الهدى وفاقدوا البصيرة ايضا لان من لا بصيرة له كمن لا بصر له فالعمى مستعمل ههنا فى عدم البصر والبصيرة جميعا وهذه صفاتهم فى الدنيا ولذلك عوقبوا فى الآخرة بجنسها قال تعالى

{ ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما } [الإِسراء17: 97] (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05917)

فلا يسمعون سلام الله ولا يخاطبون الله ولا يرونه والمسلمون كانوا سامعين للحق قائلين بالحق ناظرين الى الحق فيكرمون يوم القيامة بخطابه ولقائه وسلامه { فهم لا يرجعون } اى هم بسبب اتصافهم بالصفات المذكورة لا يعودون عن الضلالة الى الهدى الذى تركوه والآية فذلكة التمثيل ونتيجته وافادت انهم كانوا يستطيعون الرجوع باستطاعة سلامة الآلات حيث استحقوا الذم بتركه وان قوله تعالى { صم بكم عمى } ليس بنفى الآلات بل هو نفى تركهم استعمالها: قال السعدى قدس سره
<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>زبان آمد ازبهر شكر وسباس</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>بغيبت نكرد اندش حق شناس</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>كذركاه قرآن وبندست كوش</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>به بهتان باطل شنيدن مكوش</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>دوجشم از بى صنع بارى نكوست</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>زعيب بر دار فرو كير ودوست</TD></TR></TBODY></TABLE>
ثم ان الله تعالى ندب الخلق الى الرجوع بالائتمار بامره والانتهاء بنهيه بقوله تعالى

{ وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون } [الأعراف7: 174] (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04919)

فمن لم يرجع اليه اختيار رجعوا اليه بالموت والبعث كما قال تعالى

{ كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07188)[العنكبوت29: 57] (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07188).

ومن رجع اليه فى الدنيا بفعله وحقق ذلك بقوله

{ إنا لله وإنا إليه راجعون } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03963)[البقرة2: 165] (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03963).

كان رجوعه اليه بالكرامة ويخاطب بقوله

{يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09811) * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09811) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09812)}[ الفجر: 27-28]

– حكى – ان جبارا عاتيا فى الزمن الاول بنى قصرا وشيده وزخرفه ثم آلى بيمينه ان لا يدنو من قصره هذا احد فمن وقع بصره عليه قتله فكان يفعل ذلك ويقتل حتى جاءه رجل من اهل قريته فوعظه فى ذلك فلم يلتفت الى تحذيره ولم يعبأ بقوله فخرج ذلك الرجل الصالح من قريته وبنى كوخا وهو بيت من قصب بلا كوة وجعل يعبد الله فيه فبينما هذا الجبار فى قصره واصحابه قيام بين يديه اذ تمثل له ملك الموت على صورة رجل شاب حسن الهيئة فجعل يطوف حول هذا القصر ويرفع رأسه اليه فقال بعض ندمائه ايها الملك انا نرى رجلا يطوف حول القصر وينظر اليه فتعالى الملك على منظر له فابصره فقال هذا مجنون او غريب عابر سبيل ولكن انزل اليه فأرحه من نفسه فنزل اليه الرجل فلما اراد ان يرفع اليه السيف قبض روحه فخر ميتا فقيل للملك ان هذا قد قتل صاحبك فقال للآخر انزل اليه فاقتله فلما نزل واراد ان يقتله قبض روحه فخر ميتا فرفع ذلك الى الملك فامتلأ غضا وأخذ السيف ونزل اليه بنفسه فقال من انت اما رضيت ان دنوت من قصرى حتى قتلت رجلين من اصحابى فقال أو ما تعرفنى انا ملك الموت فارتعد الملك من هيبته حتى سقط السيف من يده قال فعرفتك الآن وأراد ان ينصرف فقال له ملك الموت الى اين انى امرت بقبض روحك فقال حتى اوصى اهلى واودعهم فقال له لم لم تفعل فى طول عمرك قبل هذا فقبض روحه فخر الملك ميتا ثم جاء ملك الموت الى ذلك الرجل الصالح فى كوخه فقال له ايها الرجل الصالح ابشر فانى ملك الموت وقد قبضت روح الملك الجبار فاعلم ذلك واراد ان يرجع فاوحى الله تعالى الى ملك الموت ان اقبض روح الرجل الصالح فقال له ملك الموت انى امرت بقبض روحك قال فهل لك يا ملك الموت ان ادخل القرية فاحدث باهلى عهدا واودعهم فاوحى الله تعالى اليه ان امهله يا ملك الموت فقال ان شئت فرفع الرجل الصالح قدميه ليدخل القرية فتفكر ثم ندم فقال يا ملك الموت انى اخاف ان رأيت اهلى ان يتغير قلبى فاقبض روحى فالله خير لهم منى فقبض روحه على المكان.


-1-

قال بعض العارفين والعجب كل العجب ممن يهرب مما لا انفكاك له عنه وهو مولاه الذى من عليه بكل خير واولاه ويطلب ما لا بقاء له معه وهو ما يوافق النفس من شهوته وهواه وآخرته ودنياه فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور.

واسباب عمى البصيرة ثلاثة ارساله الجوارح فى معاصى الله والتصنع بطاعة الله والطمع فى خلق الله فعند عماها يتوجه العبد للخلق ويعرض عن الحق وفى التأويلات النجمية الاشارة فى تحقيق الآيتين ان مثل المريد الذى له بداية جميلة يسلك طريق الارادة مدة ويتعنى بمقاساة شدائد الصحبة برهة حتى تنور بنور الارادة فاستوقد نار الطلب فاضاءت ما حوله فرأى اسباب السعادة والشقاوة فتمسك بحبل الصحبة فلازم الخدمة والخلوة وعزفت نفسه عن الدنيا واقبل على قمع الهوى فشرقت له من صفاء القلب شوارق الشوق وبرقت له من انوار الروح بوارق الذوق فامن مكر الله وانخدع بخداع النفس فطرقته الهواجس وازعجته الوساوس ثم رجع القهقرى الى ما اكن من حضيض الدنيا فغابت شمسه واظلمت نفسه وانقطع حبل وصاله قبل وصوله واخرج من جنة نواله بعد دخوله فبقدمى سأمه وملاله عاد الى اسوأ حاله كما قال تعالى
(وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07896)) (الزمر39: 47).

-2-

{ صم } يعنى بآذان قلوبهم التى سمعوا بها خطاب الله تعالى يوم الميثاق { بكم } بتلك الالسنة التى اجابوا ربهم بها بقولهم بلى { عمى } بالابصار التى شاهدوا بها جمال ربوبيته فعرفوه { فهم لا يرجعون } الى منازل حظائر القدس بل الى ما كانوا فيه من رياض الانس وذلك لانهم سدوا روزنة قلوبهم التى كانت مفتوحة الى عالم الغيب يوم الميثاق بتتبع الشهوات واستيفاء اللذات والخدعة والنفاق فما هبت عليهم من جناب القدس الرياح وما تنسموا نفحات الارواح فمرضت قلوبهم ثم ارسل اليهم الطبيب الذى انزل الداء فانزل معه الدواء كما قال تعالى

{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05902)} [الإِسراء17: 82].

الذين يصدقون الاطباء ويقبلون الدواء فلم يصدقوهم ولم يقبلوا الدواء ظلما على انفسهم فصار الدواء داء والشفاء وباء كما قال تعالى

{وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً} (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05902) [الإِسراء17: 82].

فلما لم يكونوا اهل الرحمة ادركتهم اللعنة الموجبة للصمم والعمى لقوله تعالى

{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُم وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08359)} [محمد47: 23].

{ او } مثل المنافقين { كصيب } اى كحال اصحاب صيب اى مطر يصوب اى ينزل ويقع من الصوب وهو النزول اصله صيوب والكاف مرفوع المحل عطف على الكاف فى قوله

{ كمثل الذى (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03815)} [البقرة2: 17].

وأو للتخيير والتساوى اى كيفية قصة المنافقين شبيهة بكيفية هاتين القصتين والقصتان سواء فى استقلال كل واحدة منهما بوجه التمثيل فبأيتهما مثلتها فانت مصيب وان مثلتها بهما جميعا فكذلك { من السماء } متعلق بصيب.

والسماء سقف الدنيا وتعريفها للايذان بان انبعاث الصيب ليس من افق واحد فان كل افق من آفاقها اى كل ما يحيط به كل افق منها سماء على حدة والمعنى انه صيب عام نازل من غمام مطبق آخذ بآفاق السماء وفيه ان السحاب من السماء ينحدر ومنها يأخذ ماءه لا كزعم من يزعم انه يأخذه من البحر.

قال الامام من الناس من قال المطر انما يتحصل من ارتفاع ابخرة رطبة من الارض الى الهواء فينعقد هناك من شدة برد الهواء ثم ينزل مرة اخرى وابطل الله ذلك المذهب هنا بان بين ان ذلك الصيب نزل من السماء.

وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان تحت العرش بحرا ينزل منه ارزاق الحيوانات يوحى فيمطر ما شاء من سماء الى سماء حتى ينتهى الى سماء الدنيا ويوحى الى السحاب ان غربله فيغربله فيغربله فليس من قطرة تقطر الا ومعها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة الا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان من يوم الطوفان من ماء فانه نزل بلا كيل ولا وزن كذا فى تفسير التيسير { فيه } اى فى الصيب { ظلمات } انواع منها وهى ظلمة تكاثفه وانتساجه بتتابع القطر وظلمة اظلال ما يلزمه من الغمام المطبق الآخذ بالآفاق مع ظلمة الليل وليس فى الآية ما يدل على ظلمة الليل لكن يمكن ان يؤخذ ظلمة الليل من سياق الآية حيث قال تعالى بعد هذه الآية.

-3-

{ يكاد البرق يخطف ابصارهم } وبعده { وإذا أظلم عليهم قاموا } [البقرة: 20].

فان خطف البرق البصر انما يكون غالبا فى ظلمة الليالى وكذا وقوف الماشى عن المشى انما يكون اذا اشتد ظلمة الليل بحيث يحجب الابصار عن ابصار ما هو امام الماشى من الطريق وغيره وظلمة سحمة السحاب وتكاثفه فى النهار لا يوجب وقوف الماشى عن المشى كذا فى حواشى ابن التمجيد. وجعل المطر محلا للظلمات مع ان بعضها لغيره كظلمة الغمام والليل لما انهما جعلتا من توابع ظلمته مبالغة فى شدته وتهويلا لامره وايذانا بانه من الشدة والهول بحيث تغمر ظلمته ظلمات الليل والغمام ورفع ظلمات بالظرف على الاتفاق لاعتماده على موصوف لان الجملة فى محل الجر صفة لصيب على وجه { ورعد } هو صوت قاصف يسمع من السحاب { وبرق } هو ما يلمع من السحاب اذا تحاكت اجزاؤه وكونهما فى الصيب مع ان مكانهما السحاب باعتبار كونها فى اعلاه ومنصبه وملتبسين فى الجملة به ووصول أثرهما اليه فهما فيه والمشهور بين الحكماء ان الرعد يحدث من اصطكاك اجرام السحاب بعضها ببعض او من اقلاع بعضها عن بعض عن اضطرابها بسوق الرياح اياها سوقا عنيفا. والصحيح الذى عليه التعويل ما روى عن الترمذى عن ابن عباس رضى الله عنه تعالى عنهما " قال اقبلت يهود الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا اخبرنا عن الرعد ما هو قال عليه السلام " ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوقه بها حيث شاء الله " فقالوا فما هذا الصور الذى يسمع قال " زجره حتى ينتهى الى حيث امر " فقالوا صدقت " فالمراد بالرعد فى الآية صوت ذلك الملك لاعينه كما فى بعض الروايات: من " الرعد ملك موكل بالسحاب يصرفه الى حيث يؤمر وانه يجوز الماء فى نقرة ابهامه وانه يسبح الله فاذا سبح الله لا يبقى ملك فى السماء الارفع صوته بالتسبيح فعندها ينزل القطر " انتهى.

والمراد بالبرق ضربه السحاب بتلك المخاريق وهى جميع مخراق وهو فى الاصل ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا اريد انها آلة تزجر بها الملائكة السحاب.

قال مرجع الطريقة الجلوتية بالجيم الشيخ الشهير بافتاده افندى البروسوى التوفيق بين قول الحكماء وبين قوله صلى الله عليه وسلم " ان الرعد صوت ملك على شكل النحل ".

هو انه يصيح من خارج هذ العالم ولكن يدخل فيه ويؤثر فى داخله فنحن نسمع من داخله كما ان واحدا اذا كل شيأ نفاخا يحصل فى داخله رياح ذات اصوات فمنشأها من الخارج وظهورها فى الداخل فكلام النبى صلى الله عليه وسلم ناظر الى مبدئها وكلام الحكماء ناظر الى مظهرها { يجعلون اصابعهم فى اذانهم } الضمائر للمضاف المحذوف لان التقدير او كاصحاب صيب كما سبق ولا محل لقوله يجعلون لكونه مستأنفا لانه لما ذكر الرعد والبرق على ما يؤذن بالشدة والهول فكأن قائلا قال كيف حالهم مع مثل ذلك الرعد فقيل يجعلون اصابعهم فى آذانهم والمراد اناملهم وفيه من المبالغة ما ليس فى ذكر الانامل كأنهم يدخلون من شدة الحيرة اصابعهم كلها فى آذانهم لا اناملها فحسب كما هو المعتاد ويجوز ان يكون هذا ايماء الى كمال حيرتهم وفرط دهشتهم وبلوغهم الى حيث لا يهتدون الى استعمال الجوارح على النهج المعتاد وكذا الحال فى عدم تعيين الاصبع المعتاد اعنى السبابة وقيل لرعاية الادب لانها فعالة من السب فكان اجتنابها اولى بآداب القرآن الا ترى انهم قد استبشعوها فكنوا عنها بالمسبحة والمهللة وغيرها ولم يذكر من امثال هذه الكنايات لانها الفاظ مستحدثة لم يتعارفها الناس فى ذلك العهد { من الصواعق } متعلق بيجعلون اى من اجل خوف الصواعق المقارنة للرعد وهى جمع صاعقة وهى قصفة رعد هائل تنقض معها شعلة نار لا تمر بشئ الا اتت عليه لكنها مع حدتها سريعة الخمود للطافتها – حكى – انها سقطت على نخلة فاحرقت نحو النصف ثم طفئت.

-4-

قالوا بين السماء وبين الكلة الرقيقة التى لا يرى اديم السماء الا من ورائها نار منها تكون الصواعق تخرج النار فتفتق الكلة ويكون الصوت منها كما فى روضة العلماء. وقيل تنقدح من السحاب اذا اصطكت اجرامه او جرم ثقيل مذاب مفرغ من الأجزاء اللطيفة الارضية الصاعدة المسماة دخانا والمائية المسماة بخارا حار حاد فى غاية الحدة والحرارة لا يقع على شئ الا ثقب واحرق ونفذ فى الارض حتى بلغ الماء فانطفأ ووقف.

قالوا اذا اشرقت الشمس على ارض يابسة تحللت منها اجزاء نارية يخالطها اجزاء ارضية يسمى المركب منهما دخانا ويخلط بالبخار ويتصاعدان معا الى الطبقة الباردة فينعقد البخار سحابا وينحبس الدخان فيه ويطلب الصعود ان بقى على طبيعته والنزول ان ثقل وكيف كان يمزق السحاب تمزيقا عنيفا فيحدث منه الرعد ثم قد يحث شدة حركة ومحاكة فيحدث منه البرق ان كان لطيفا والصاعقة ان كان غليظا قال ابن عباس رضى الله عنهما من سمع صوت الرعد فقال

{ سبحان الذى يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته } (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05511) الرعد13: 13].

فان اصابته صاعقة فعلى ديته وكان صلىالله عليه وسلم يقول اذا سمع الرعد وصواعقه " اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك ".

-5-

كذا فى تفسير الشيخ وشرح الشرعة { حذر الموت } منصوب بيجعلون على العلة اى لاجل مخافة الهلاك والموت فساد بنية الحيوان { والله محيط } اصل الاحاطة الاحداق بالشئ من جميع جهاته وهو مجاز فى حقه تعالى اى محدق بعلمه وقدرته { بالكافرين } اى لا يفوتونه كما لا يفوت المحاط به المحيط حقيقة فيحشرهم يوم القيامة ويعذبهم والجملة اعتراضية منبهة على ان ما صنعوا من سد الآذان بالاصابع لا يغنى عنهم شيأ فان القدر لا يدافعه الحذر والحيل لا ترد بأس الله عز وجل وفائدة وضع الكافرين موضع الضمير الراجع الى اصحاب الصيب الايذان بان ما دهمهم من الامور الهائلة المحكية بسبب كفرهم.

{ يكاد البرق } اى يقرب استئناف آخر وقع جوابا عن سؤال مقدر كانه قيل فكيف حالهم مع ذلك البرق فقيل يكاد ذلك { يخطف ابصارهم } اى يختلسها ويستلبها بسرعة من شدة ضوئه { كلما اضاء لهم } كلما ظرف والعامل فيه جوابها وهو مشوا واضاء متعد اى انار البرق الطريق فى الليلة المظلمة وهو استئناف ثالث كانه قيل كيف يصنعون فى تارتى خفوق البرق وخفيته أيفعلون بابصارهم ما يفعلون بآذانهم ام لا فقيل كلما نور البرق لهم ممشى ومسلكا { مشوا فيه } اى فى ذلك المسلك اى فى مطرح نوره خطوات يسيرة مع خوف ان يخطف ابصارهم وايثار المشى على ما فوقه من السعى والعدو للاشعار بعدم استطاعتهم لهما لكمال دهشتهم { واذا ظلم عليهم } اى خفى البرق واستتر فصار الطريق مظلما { قاموا } اى وقفوا فى اماكنهم على ما كانوا عليه من الهيئة متحيرين مترصدين لحظة اخرى عسى يتسنى لهم الوصول الى المقصد او الالتجاء الى ملجأ يعصهم { ولو شاء الله } مفعوله محذوف اى لو اراد ان يذهب الاسماع التى فى الرأس والابصار التى فى العين كما ذهب بسمع قلوبهم وابصارها { لذهب بسمعهم وابصارهم } بصوت الرعد ونور البرق عقوبة لهم لانه لا يعجز عن ذلك { ان الله على كل شئ } اى على كل موجود بالامكان والله تعالى وان كان يطلق عليه الشىء لكنه موجود بالوجوب دون الامكان فلا يشك العاقل ان المراد من الشئ فى امثال هذا ما سواه تعالى فالله تعالى مستثنى فى الآية مما يتناوله لفظ الشئ بدلالة العقل فالمعنى على كل شئ سواه قدير كما يقال فلان امين على معنى امين على من سواه من الناس ولا يدخل فيه نفسه وان كان من جملتهم كما فى حواشى ابن التمجيد { قَدِير } اى فاعل له على قدر ما تقتضيه حكمته لا ناقصا ولا زائدا ثم ان هذا التمثيل كشف بعد كشف وايضاح بعد ايضاح ابلغ من الاول شبه الله حال المنافقين فى حيرتهم وما خبطوا فيه من الضلالة وشدة الامر عليهم وخزيهم وافتضاحهم بحال من اخذته السماء فى ليلة مظلمة مع رعد وبرق وخوف من الصواعق والموت هذا اذا كان التمثيل مركبا وهو الذى يقتضيه جزالة التنزيل فانك تتصور فى المركب الهيئة الحاصلة من تفاوت تلك الصور وكيفاتها المتضامة فيحصل فى النفس منه ما لا يحصل من المفردات كما اذا تصورت من مجموع الآية مكابدة من أدركه الوبل الهطل مع تكاثف ظلمة الليل وهيئة انتساج السحاب بتتابع القطر وصوت الرعد الهائل والبرق الخاطف والصاعقة المحرقة ولهم من خوف هذه الشدائد حركات من تحذر الموت حصل لك منه امر عجيب وخطب هائل بخلاف ما اذا تكلفت لواحد واحد مشبها به يعنى ان حمل التمثيل على التشبيه المفرق فشبه القرآن وما فيه من العلوم والمعارف التى هى مدار الحياة الابدية بالصيب الذى هو سبب الحياة الارضية وما عرض لهم بنزوله من الغموم والاحزان وانكساف البال بالظمات وما فيه من الوعد والوعيد بالرعد والبرق وتصاممهم عما يقرع اسماعهم من الوعد بحال من يهوله الرعد والبرق فيخاف صواعقه فيسد اذنه ولا خلاص له منها واهتزازهم لما يلمع لهم من رشد يدركونه او رفد يحرزونه بمشيهم فى مطرح ضوء البرق كلما اضاءلهم وتحيرهم فى أمرهم حين عن لهم مصيبة بوقوفهم اذا أظلم عليهم فهذه حال المنافقين قصارى عمرهم الحيرة والدهشة.

-6-

فعلى العاقل ان يتمسك بحبل الشرع القويم والصراط المستقيم كى يتخلص من الغوائل والقيود ومهالك الوجود وغاية الامر خفية لا يدرى بما يختم.

قال رجل للحسن البصرى كيف اصبحت قال بخير قال كيف حالك فتبسم الحسن ثم قال لا تسأل عن حالى ما ظنك بناس ركبوا سفينة حتى توسطوا البحر فانكسرت سفينتهم فتلعق كل اناسن منهم بخشبة على أى حال هم قال الرجل على حال شديد قال الحسن حالى اشد من حالهم فالموت بحرى والحياة سفينتى والذنوب خشبتى فكيف يكون حال من وصفه هذا يا بنى فلا بد من ترك الذنوب والفرار الى علام الغيوب وفى الحديث " من كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها او امرأة يتزوجها فهجرته الى ما هاجر اليه " تأمل كيف كان جزاء كل مؤمل ما امل واعتبر كيف لم يكرر ذكر الدنيا اشعارا بعدم اعتبارها لخساستها ولان وجودها لعب ولهو فكانه كلا وجود كما قيل <TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>بر مرد هشياء دنيا خسست</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>كه هر مدتى جاى ديكر كسست</TD></TR></TBODY></TABLE>وانظر الى قوله عليه السلام " فهجرته الى ما هاجر اليه " وما تضمن من ابعاد ما سواه تعالى وتدبر ذكر الدنيا والمرأة مع انها منها اذ يشعر بان المراد كل شئ فى الدنيا من شهوة او مال واليه يرجع الاكوان وان المراد بالحديث الخروج عن الدنيا بل وعن كل شئ لله تعالى: قال الحافظ

-7-

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>غلام همت آنم كه زير جرخ كبود</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>زهرجه رنك تعلق بذيرد آزادست</TD></TR></TBODY></TABLE>
يعنى عن كل شئ يقبل التعلق من المال والمنال والاولاد والعيال فلا بد من التعلق بمحبة الملك المتعال وفى التأويلات النجمية { او كصيب من السماء } الاشارة فى تحقيق الآيتين ان الله تعالى شبه حال متمنى هذا الحديث واشتغالهم بالذكر وتتبع القرآن فى البداية وتجلدهم فى الطلب وما يفتح لهم من الغيب الى ان تظهر النفس الملالة وتقع فى آفة الفترة والوقفة بحال من يكون فى المفازة سائرا فى ظلمة الليل والمطر وشبه الذكر والقرآن بالمطر لانه ينبت الايمان والحكمة فى القلب كما ينبت الماء البقلة { فيه ظلمات } اى مشكلات ومتشابهات تطهر لسالك الذكر فى اثناء السلوك ومعان دقيقة لا يمكن حلها وفهمها والخروج عن عهدة آفاتها الا لمن كان له عقل منور بنور الايمان مؤيد بتأييد الرحمن كما قال تعالى

{ الرحمن * (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08693) علم القرآن (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08694) (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08694)} [الرحمن55: 1-2].

فكما ان السير لا يمكن فى الظلمات الا بنور السراج كذلك لا يمكن السير فى حقائق القرآن ودقائقه ولا فى ظلمات البشرية الا بنور هداية الربوبية ولهذا قال تعالى { كلما اضاء لهم مشوا فيه } يعنى نور الهداية { وإذا أظلم عليهم قاموا } يعنى ظلمة البشرية { ورعد } اى خوف وخشية ورهبة تتطرق الى القلوب من هيبة جلال الذكر والقرآن كما قال تعالى

{ لَو أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِن خَشْيَةِ اللَّهِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08938) } [الحشر59: 21].

هو تلألؤ انوار الذكر والقرآن يهتدى الى القلوب فتلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله فيظهر فيه حقيقة القرآن والدين فيعرفها القلوب لقوله تعالى

{ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04543)} [المائدة5: 83] لآية.

ولما لاح لهم انوار السعادة خرجوا من ظلمات الطبيعة وتمسكوا بحبل الارادة لينالوا درجات الفائزين ولكن يجعلون اصابعهم اى اصابع آمالهم الفاسدة وامانيهم الباطلة { فى آذانهم } الواعية { من الصواعق } ودواعى الحق { حذر } من { الموت } موت النفس لان النفس سمكة حياتها بحر الدنيا وماء الهوى لو اخرجت لماتت فى الحال وهذا تحقيق قوله عليه السلام " موتوا قبل ان تموتوا " { والله محيط بالكافرين } فيه اشارة الى ان الكافر الذى له حياة طبيعية حيوانية لو مات بالارادة من مألوفات الطبيعة لكان احياء الله تعالى بانوار الشريعة كما قال تعالى

{ أَوَمَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04702) } [الأنعام6: 122].

فلما لم يمت بالارداة فالله محيط بالكافرين اى مهلكهم ومميتهم فى الدنيا بموت الصورة وموت القلب وفى الآخرة بموت العذاب فلا يموت فيها ولا يحيى { يكاد البرق } اى نور الذكر والقرآن { يخطف ابصارهم } اى ابصار نفوسهم الامارة بالسوء { كلما اضاء لهم } نور الهدى { مشوا فيه } سلكوا طريق الحق بقدم الصدق { واذا اظلم عليهم } ظلمات صفات النفس وغلب عليهم الهوى ومالوا الى الدنيا { قاموا } اى وقفوا عن السير وتحيروا وترددوا وتطرقت اليهم الآفات واعرترتهم الفترات واستولى عليهم الشيطان وسولت لهم انفسهم الشهوات حتى وقعوا فى ورطة الهلاك { ولو شاء الله } اى لو كانت ارادته ان يهديهم { لذهب بسمعهم } اى بسمع نفوسم التى تصغى الى وساوس الشيطان وغروره { وابصارهم } اى ابصار نفوسهم التى بها تنظر الى زينة الدنيا وزخارفها كقوله تعالى <LABEL class=############ disabled></LABEL>
<CENTER>
</CENTER>
-8-

{ وَلَو شِئْنَا لأَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=07307) } [السجدة32: 13].

ان الله على كل شئ قدير } اى قادر على سلب اسماعهم وابصارهم حتى لا يسمعوا الوساوس الشيطانية والهواجس النفاسنية ولا يبصروا المزخرفات الدنيوية والمستلذات الحيوانية لكيلا يغتروا بها ويبعوا الدين بالدنيا ولكن الله يفعل بحكمته ما يشاء ويحكم بعزته ما يريد انتهى.


-9-

نائل أبو محمد
12-01-2010, 01:04 PM
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مرحبا بكم معنا في منتدى المسجد الأقصى المبارك
سورة 002 - البقرة - آية رقم 018
<embed style="width: 444px; height: 57px" height=57 width=444 src=file:///i:/al-msjd-alaqsa/quran/ayat-sound/002018.wma en-us?>

<center><table style="width: 446px; height: 128px" id=table2 border=4 cellspacing=6 cellpadding=4 width=446><tbody><tr><td width="100%">صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ
</td></tr></tbody></table></center>صدق الله العظيم
السابق (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=3815)التالي (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=3817)

ما شاء الله
لا قوة إلا بالله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
جزاك الله خيراً
الأربعاء 25 ذو الحجة 1431

admin
12-01-2010, 03:13 PM
تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق


{ صم بكم عمي } والصم الذي لا يسمع والبكم الذي يولد من أمه أعمى والعمى الذي يكون بصيراً ثم يعمى.

admin
12-01-2010, 03:25 PM
تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


التفسير واللغة:

قال قتادة { صم } لا يسمعون الحق { بكم } لا ينطقون به { عمي } لا يرجعون عن ضلالتهم صم رفع على انه خبرابتداء محذوف، وتقديره هؤلاء الذين ذكرناهم في القصة: صم بكم عمي والأصم هو الذي ولد كذلك وكذلك الأبكم هو الذي ولد أخرس. ويقال الأبكم: المسلوب الفؤاد. ويجوز أن يجمع أصم: صمان: مثل اسود وسودان. واصل الصم: السد، فمنه الصم: سد الأذن بما لا يقع معه سمع وقناة صماء: كبيرة الجوف صلبة، لسد جوفها بامتلائها. وفلان أصم، لسد خروق مسامعه عن ادراك الصوت. وحجر أصم، أي صلب. وفتنة صماء: أي شديدة. والتصميم: المضي في الأمر. والصمام: ما يشد به رأس القارورة، لسده رأسها. والفعل: أصمها. والصميم: العظم الذي هو قوام العضو، لسد الخلل به وأصل البكم: الخرس. وقيل هو الذي يولد أخرس وبكم عن الكلام: اذا امتنع منه جهلا أو تعمداً كالخرس والأبكم: الذي لا يفصح، لأنه كالخرس

واصل العمى: ذهاب الادراك بالعين والعمى في القلب كالعمى في العين بآفة تمنع من الفهم واعماه: إذا اوجد في عينيه عمىً. وعمّى الكتاب تعمية، وتعامى عن الأمر تعامياً وتعمى الأمر: تطمس كأن به عمى وما اعماه: من عمى القلب، ولا يقال ذلك من الجارحة. والعماية: الغواية. والعماء: السحاب الكثيف المطبق.

والرجوع: مصدر رجع يرجع رجوعا، ورجعه رجعا. والارتجاع: اجتلاب الرجوع. والاسترجاع: طلب الرجوع. وتراجع: تحامل. وترجع: تعمد للرجوع ورّجع: كثر في الرجوع. ورجع الجواب: رده. والمرجوعة: جواب الرسالة. والرجع: المطر، ومنه قوله:

{ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09733) } (الطارق86: 11)

والرجع: نبت الربيع والرجوع عن الشيء بخلاف الرجوع اليه

والمعنى: إنهم صم عن الحق لا يعرفونه، لأنهم كانوا يسمعون بآذانهم، وبكم عن الحق لا ينطقون مع ان ألسنتهم صحيحة عمي لا يعرفون الحق واعينهم صحيحة، كما قال: { وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون }. { فهم لا يرجعون }

ويحتمل امرين:

أحدهما ـ ما روي عن ابن عباس، أنه على الذم والاستبطاء.

والثاني ـ ما روي عن ابن مسعود، انهم لايرجعون إلى الاسلام. وقال قوم: إنهم لا يرجعون عن شراء الضلالة بالهدى. وهو أليق بما تقدم وهذا يدل على أن قوله: { ختم الله على قلوبهم } وطبع الله عليها، ليس هو على وجه الحيلولة بينهم وبين الايمان، لأنه وصفهم بالصم والبكم، والعمى مع صحة حواسهم. وانما أخبر بذلك عن إلفهم الكفر واستثقالهم للحق والايمان كأنهم ما سمعوه ولا رأوه فلذلك قال:

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِم وَسَمْعِهِم وَأَبْصَارِهِم وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05800)} (النحل16: 108)
{ وَمِنْهُم مَن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِن عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ ءَانِفاً أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِم وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08352)} (محمد47: 16)
{ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُم وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08359) } (محمد47: 23)
{ وَمِنْهُم مَن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِم أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي ءَاذَانِهِم وَقْراً وَإِن يَرَوْا كُلَّ ءَايَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04605)} (الأنعام6: 25)
{ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُم (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08959) } (الصف61: 5)

وكان ذلك إخباراً عما أحدثوه عند امتحان الله إياهم وأمره لهم بالطاعه والايمان لأنه ما فعل بهم ما منعهم من الايمان.

admin
12-01-2010, 03:28 PM
تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ } قد علمت فيما مضى انّ السّمع والبصر لكل منهما قوةٌ الى الخارج وقوتان من جهة الباطن الى عالم الملائكة وعالم الجنّة وقوتهما الى عالم الملائكة ذاتيّة وقوتهما الى عالم الجنّة عرضيّة وختمهما عبارة عن سدّ قوتهما الى عالم الملائكة، والصّمم والعمى عبارة عن سدّ القوتين اللّتين هما الى عالم الملائكة بحيث لا يسمع من المسموعات جهتها الحقانيّة الّتى تؤدّى الى عالم الملائكة ولا يسمع من عالم الملائكة ولا من الملك الزّاجر ولا يبصر من المبصرات جهتها الحقّانيّة وبعبارة أخرى مدارك الانسان مسخّرة تحت حكم الخيال فان كان الخيال مسخّراً تحت حكم العاقلة كان ادراكها من الجهة المطلوبة من ادراكها وان كان مسخّراً تحت حكم الشّيطان لم يكن ادراكها من الجهة المطلوبة منها وهكذا حكم اللّسان { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } عن دار الضَلالة الى دار الهدى لعدم سماعهم نداء المنادى لهم الى دار الهدى والى طريق النّجاة ولاصداء الغيلان فى دار الضّلالة حتّى يستوحشوا ولعدم ابصارهم مؤذِيات دار الضّلالة ولا ملذّات دار السّعادة ولا طريق الخروج منها الى دار السّعادة ولعدم نطق لهم يستغيثون به بغيرهم ويذكرون مالهم من الآلام حتّى يرحموا والمقصود من التّمثيل الّذى كثر فى كلام الله وكلام خلفائه بيان الاحوال الباطنة لاهل الانظار الحسيّة بالاحوال الظّاهرة ولذلك قد يذكر المثل قبل اداة التشبيه وبعدها وقد يذكر نفس الاحوال كما فى قوله تعالى

{ أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=3817)} (البقرة2: 19).


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-01-2010, 03:41 PM
تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق 1-4


{ صُمُّ }: عن الهدى فلا يسمعونه سماع قبول، فإذا لم يقبلوه فكأنهم لم يسمعوه، فإذا لم يسمعوه فكأنهم لا يسمعون شيئاً أصلا، إذ لا عبرة بسماع الأشياء مع عدم سماع الهدى، ولك أن تقول: الآية إخبار عن كونهم صما عن كل شىء الهدى وسائر المباحات، كما يدل عليه الإطلاق، إذ كان سمعهم لا ينفعهم لعدم الاهتداء وهو جميع أصم، والأصم من لا يسمع، وسببه أن يكون باطن خرق الأذن مجتمعاً لا تجويف فيه يشمل على هواء يسمع الصوت بتموجه فيه، وأصله الصم الذى هو صلابة من اجتماع الأجزاء وتصامها وكثافتها، ومنه حجر أصم وصخرة صماء وصمام القارورة وهو سدادها.

{ بُكْمٌ }: عن الهدى لا ينطقون به، وإذا نطقوا به فنطق لا يطابقه اعتقادهم، فإذا كانت هذه حالهم فكأنهم بكم فى كل شىء لا يطيقون النطق بشىء ما، إذ لا عبرة بنطق بالأشياء مع عدم النطق بالهدى، النطق بالمطابقة للاعتقاد، والمراد أنهم بكم عن كل كلام إذ كان نطقهم لا يكون نطقاً موافقاً له الاعتقاد، فهو لا ينفعهم فكأنهم لا ينطقون أصلا وهو جمع أبكم وهو من لا ينطق، ويقال له أيضاً أخرس، وقيل: من لا ينطق ولا يفهم أبكم وهو الذى ولد أخرس، ومن لا ينطق ولكنه يفهم أخرس، وهو الذى يسمع فكان يفهم ثم كان لا يسمع.

{ عُمْىٌ }: عن طريق الهدى فلا يبصرونه، وإذا ادعوا إبصاره ودخوله والعمل به فخداع لا تحقيق، فإذا لم يبصروه تحقيقاً فكأنهم لم يبصروه، فكأنهم لا يبصرون بعيون وجوههم، إذ لا عبرة بالنظر بالعين مع عدم الاستدلال بها، أو المراد أنهم عمى عن نظر الأشياء رأساً من حيث الإطلاق، ومن حيث الاستدلال، إذا النظر بلا استدلال لا عبرة به، فكأنه لم يكن وهو جمع أعمى، والعمى عدم البصر كما من شأنه أن يبصر فلا يقال لغير الحيوانات أعمى، ولما لما لا عين له منها، فمن خلق بلا عينين لا يقال له أعمى لأنه ليس من شأنه أن ينظر بلا عين، وكذا من خلق بعين واحدة لا يقال لموضع عينه الأخرى أعمى، ويطلق العمى أيضاً على عدم نور القلب، فمن لا نور فى قلبه يميز به الحق فلا فائدة فى نظر عينيه، لما لم يستعملوا آذانهم وألسنتهم وعيونهم فيما خلقت له من الهدى، سموا بأسماء من لا سمع ولا نطق ولا بصر لهم إذ لم ينتفعوا بها، فكانت كالعدم فهم كمن إيفت حاسته، بكسر الهمزة وإسكان الياء، كبيعت أى أصيبت بآفة.

قال الشاعر:
<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>ما بال قوم صديق ثم ليس لهم</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>عهد وليس لهم دين إذا أتمنوا</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>صم إذا سمعوا خيراً ذكرت به</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا</TD></TR></TBODY></TABLE>

-1-

أى إذا سمعوا خيراً ذكرت به صاروا كمن لا يسمع فلا ينطقون به ولا ينشرونه، وإن ذكرت بسوء كانت لهم آذان السمع فيعونه وينشرونه أو من أذنت للشىء إذا أصغيت إليه.

وقال آخر: <TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>أصم عما ساءه سميع</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic></TD></TR></TBODY></TABLE>وقال آخر: <TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>أصم عن الشىء الذى لا أريده</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>وأسمع خلق الله حين أريد</TD></TR></TBODY></TABLE>وعدى أصم بعن لتضمين معنى التغافل.

وقال آخر: <TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>وأضممت عمراً وأعميته</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>عن الجود والفخر يوم الفخار</TD></TR></TBODY></TABLE>وكل من لفظ أصم وأبكم وأعمى صفة مشبهة لا اسم تفضيل، والآية من باب الاستعارة التصريحية باعتبار كل واحد من لفظ صم ولفظ بكم ولفظ عمى، فتلك ثلاث استعارات أو ذلك كله استعارة تمثيلية، وإنما قلت بأن ذلك من الاستعارة مع كون المشبه والمشبه به كليهما مجتمعين فى الكلام، من حيث إن المشبه به خبر للمشبه المحذوف المقدر المجعول من أجزاء الكلام، فكأنه مذكور، أى هم صم بكم عمى، أو هؤلاء صم بكم عمى، لأنه لا فرق عندى فى الاستعارة بين عدم كون المشبه من أجزاء الكلام، وكونه من أجزائه مذكوراً أو مقدراً، إذا لم يقصد المتكلم التشبيه، بل قصد أن المشبه هو نفس المشبه به مبالغة، فقولك فى زيد المقدام زيد أسد استعارة وهو مختار السعد، وكذا قال السبكى مؤلف " جمع الجوامع الأصولى فى شرح تلخيص القزوينى " بجواز ذلك، إذ قال ما حاصله إنه تارة يقصد فى نحو زيد أسد التشبيه بأداة مقدرة فلا استعارة، وتارة لا يقصد فيكون لفظ أسد مستعملا فى حقيقته، وذكر زيد والإخبار عنه به قرينه صارفة إلى الاستعارة، فيكون لفظ أسد استعارة، ولا تنافى الاستعارة كونه مستعملا فى حقيقته، لأن معنى كونه فى حقيقته أنه ليس على طريق التشبيه والاستعارة، إنما هى فيه من حيث إنه على حقيقته وادعى أن زيداً أسد حقيقته هكذا ظهر فى توجيه كلامه، وقال قوم منهم الزمخشرى والقاضى: إن الآية والمثال ونحوهما ليست على الاستعارة، بل تشبيه بليغ، لأن المشبه مذكور أو مقدر الذكر بناء على الاشتراط فى الاستعارة ألا يذكر المشبه، ولا يكون محذوفاً مقدراً من أجزاء الكلام، بل يطوى عنه بحديث يمكن حمل الكلام على المشبه به لولا القرينة، وبحيث يقبل ظاهر الكلام الحمل على الحقيقة، وإذا قلت فى الضال السامع بالإذن مجرد السمع إنه أصم لم يكن لعارفه أنه سامع أن يحمل ظاهر الكلام على الصمم الحقيق، وإذا قلت فى زيد المقدام زيد أسد لم يقبل ظاهر الكلام أنه أسد حقيقى.

وكذا قول عمران بن حطان رحمه الله فى الحجاج: <TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>أسد على وفى الحروب نعامة</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>فتخاء تنفر من صفير الصافر</TD></TR></TBODY></TABLE>وفتخاء مسترخية الجناح، والنعامة مثل فى الجبن بخلاف قول زهير: <TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>لدى أسد شاكى السلاح مقذف</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>له لبد أظفاره لم تقلم</TD></TR></TBODY></TABLE>

-2-

فإنه لم يذكر لفظ المشبه ولا نوى ذكره فحذفه، فاحتمل ظاهر الكلام لولا القرينة الحمل على الحقيقة، والقرينة هى لدى، وشاكى السلاح أى تامه تجريد عن بعض المبالغة فى جعل الشجاع من جنس السبع، لأن تمام السلاح مما يلائم المشبه، وأصل شاكى شائك أخرت الياء عن الكاف فلم تقلب بعدها همزة كما قلبت إذا كانت قبلها، وقد تحذف الياء المنقلبة همزة قبل الكاف فيعرب على الكاف، كما إذا ثبتت، ويحتمل حذفها بعد تأخيرها عنها، وفيه ضعف لان فيه خروجاً عن الأصل مرتين: التأخير والحذف، غير أن الحذف من الآخر أنسب ولو كان الآخر فى نية التقديم، ومقذف مرمى باللجم أى مكثر فيه أو مرمى به فى الحروب، وله لبد ترشيح وتقوية للمبالغة، لأنه ملائم المشبه به، فإن اللبد الشعر المتلبد على رقبة الأسد، ومعنى أظفاره لم تقلم لم يعتره ضعف، لأنه يقال فلان مقلوم الأظفار أى ضعيف، ويحتمل أن يكون المراد ظاهره من عدم تقليم الأظفار، فإن السبع لا تقلم أظفاره بخلاف الإنسان فيكون ترشيحاً آخر، وقد تكلمت فى شرحى على شرح عصام الدين على البيت، وترى الآيتين بالأمر الفلق، بكسر اللام، أعنى العجيب يعرضون عما يوهم التشبيه إعراضاً إذا أراد إكثار المبالغة، وتأتون بما ينافيها كقول أبى تمام: <TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>ويصعد حتى يظن الجهول</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>بأن له حاجة فى السماء</TD></TR></TBODY></TABLE>فإن ظن الجهول أن له حاجة فى السماء ينافى أن يكون صعوده على التشبيه، مع أن المراد فى نفس الأمر التشبيه، وما ذكر من الاستعارة أو التشبيه مبنى على المبتدأ المحذوف ضمير عائد إلى المنافقين، أو اسم إشارة عائد إليهم كما مر التقدير على أن الآية فذلكة التمثيل، والفذلكة ذكر الشىء مجملا بعد ذكره مفصلا أخذاً من قولك بعد التمام، فذلك كذا، وإن قلنا بعوده إلى الذى استوقد نارا على أحد الأوجه فى رد ضمير الجماعة إليه، فالكلام حقيقة مجرد عن التشبيه بالصم والبكم والعمى، بل هو من تمام المستوقد الممثل به، كأنه قيل ترك المستوقدين فى ظلمة عظيمة لا يمكن فيها إبصار ما، بحيث اختلت آذانهم عن السمع وألسنتهم عن النطق، وعيونهم عن الإبصار لقوة الدهش، وجملة المبتدأ والخبر حال من الضمير فى لا يبصرون، أو من هاء تركهم على كل وجه ويدل له قراءة بعضهم صما بكماً عمياً بالنصب على الحالية، أو الجملة مستأنفة وهذا الوجه مختص برد ذلك إلى المنافقين.

{ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ }: عن الضلالة التى اشتروها إلى الهدى الذى باعوه، فإن كانت الآيات فى منافقين معينين عند الله سبحانه وتعالى، أو عنده وعند النبى صلى الله عليه وسلم، فذلك واضح، إن كانت مسوقة على الإجمال، فالمعنى أنهم لا يرجعون ما داموا على الحال التى وصفهم بها، وهذا الوجه أصح ويجوز جعل هذا المعنى فى وجه تعينهم بحسب ما يظهر للخلق من إمكان زوالهم على الحال المذكور، ولو كانوا عند الله لا يزولون عنها، ويجوز أن يكون لا يرجعون بمعنى أنهم محيرون لا يدرون أيتقدمون أم يتأخرون، ولا يدرون كيف ترجعون إلى الوضع الذى ابتدءوا منه، وهذا الوجه يحتمل عود الجملة إلى المستوقد وهو أنسب، وإلى المنافقين.

-3-

وما قيل هذا الوجه يختص بهم، وقالوا من كتب سبع شينات فى خرقة حرير صفراء وثلاث واوات ثم كتب بعدها { صُمُ بكْمٌ عمىٌ فُهُمْ لاَ يَرْجِعُون } وقابلها للنجوم ثلاثة ليال، وحرز عليها وحملها على تاجه دخل بها على من أراد انعقد لسانه بإذن الله تعالى.

-4-

admin
12-01-2010, 03:58 PM
تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ صُمٌّ } أى أولئك مشترو الضلالة صم أو هم صم { بُكْمٌ عُمىٌ } شبهوا فى عدم قبول الحق بمن لا يسمع ولا يتكلم ولا يبصر، فهم لا يعرفون الحق، كأنهم لم يسمعوه ولا يتكلمون به. ولا يبصرون طريق الهدى { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } إلى الحق كما أن الأصم لا يسمع، والأخرس لا يتكلم، والأعمى لا يبصر، كمثل الذى استوقد ناراً... الخ.

admin
12-01-2010, 04:08 PM
تفسير جواهر التفسير/ الخليلي (مـ 1942م- ) مصنف و مدقق 1-3



اختُلف في هذه الآية هل هي من ضمن التمثيل، أو هي خارجة عنه ويعود ما فيها من الوصف إلى المقصودين بالتمثيل وهم المنافقون؟ وعلى الأول فوجه علاقتها بالمثل أن مستوقدي النار لافتقارهم إلى الضوء تشتد حسرتهم، وتتضاعف مصيبتهم، إذا ما أتى عليها عاصف من الريح فأطفأها بعد إشراق ضوئها، وبُدُوِّ منفعتها، كيف وقد فاتهم ما يأملون مما هم في أمسِّ الحاجة إليه من الانتفاع بها؛ مع ضياع جهدهم الجهيد في إيقادها، فإذا ولي ذلك إلمام حادث فظيع ذهب بسمعهم ونطقهم، وإبصارهم، كان ذلك أنكى لهم، وأبلغ في حيرتهم، إذ لا أمل لهم يبقى في الاهتداء بصوت يُسمع، ولا بشبح يُرى، ولا بسؤال يجاب، فلا مناص لهم عن الاستسلام للأمر الواقع حيث لا داعي ولا مجيب.

وهذا شأن الذين ضُرب فيهم المثل، فهم بعد أن طفئت نار هدايتهم لم تَعُدْ لهم وسيلة إلى الخير بعد ما قطعوا جميع الوسائل باستحبابهم العمى على الهدى، فطبع الله على قلوبهم، وطمس حواسهم ومشاعرهم.

وعلى الثاني فإن في الآية عوْدا إلى المشبه بعد التشبيه بتجلية بعض صفاته لا عن طريق التمثيل، ويؤيد هذا الرأي الأخير أنَ ذكر الاستيقاد يدل على إبصار المستوقد، فإذا ما وُصف بعد بالعمى وسائر العاهات المذكورة، كان في هذا الوصف منافاة لما تقدم من قبل.

حواس المنافقين فقدت منافعها:

وإنما وُصفوا بما وصفوا به من الصّمَم والبَكَم والعمى - مع اكتمال حواسهم - لأجل فقدانهم منافعها، فأسماعهم لا تصغي إلى الحق، وإن أصغت إليه لم تعقله لعدم تقبُّلها إياه، وألسنتهم لا تتحدث به ولا تدعو إليه، وأبصارهم لا تتوصل إليه؛ لأنها معرضة عنه، فهم لا يختلفون عمن فقد هذه الحواس رأسا.

واختُلف في هذه الطريقة؛ هل هي من باب الاستعارة أو الحقيقة؟ فذهب الزمخشري وأكثر علماء التفسير من المتقدمين والمتأخرين؛ إلى أن ذلك من باب التشبيه البليغ، وهو ضرب من الحقيقة؛ لأن الاستعارة لا تكون إلا مع طي ذكر المشبه - وهو المستعار له - بحيث يكون تركيب الكلام صالحا لأن يُراد به المنقول عنه والمنقول إليه لولا القرينة المعينة للمراد، والمشبه هنا في حكم المذكور لأجل بناء الكلام على تقديره، وتعقّب ذلك السيد الجرجاني في حواشيه على الكشاف بما معناه: أنه لم يقصد هنا تشبيه ذوات بذوات، وإنما قصد تشبيه صفات بصفات، والصفات المشبهة مطوية، فلا مانع من عد ذلك من باب الاستعارة التصريحية التبعية، ورُدّ عليه بأن تشبيه الصفات بالصفات يتعدّى إلى تشبيه الذوات بالذوات، فلذلك كان هذا الاستعمال معدودا من التشبيه البليغ الذي تُحذف منه آلة التشبيه مع جواز ذكرها، إذ لا مانع من أن يقال هم كالصم البكم العمي، وإنما في التشبيه البليغ من الفائدة ما لا يوجد فيما لو ذكرت آلة التشبيه، فإن المراد هنا الإِيغال في وصفهم بفقدان منافع حواسهم؛ حتى اعتبروا كأن ذواتهم ذوات صم بكم عمي.

-1-

وأجاز الألوسي أن يكون الضمير المنوي المسند إليه يرمز إلى ذوات هؤلاء مع استحضار ما سبق من أوصافهم، ككونهم لا يشعرون ولا يعلمون، فيكون ذلك دليلا على المراد بصممهم وبكمهم وعماهم، ولا يخرج عن دائرة التشبيه البليغ.

والذي يتبادر لي أن نية المسند إليه لا تمنع من عد هذه الطريقة من باب الاستعارة؛ فإن للمشتقات أحكاما تختلف عن أحكام الجوامد، ألا ترى أن قول القائل:

" أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى " معدود في الاستعارة التمثيلية باتّفاق البلغاء، مع ذكر الضمير المنصوب العائد إلى ذات المستعار له هذا الوصف، ومثله قول القائل: " فلان يوقد النار " والقصد إثارة الفتنة والبغضاء، فإن ذكر اسمه صريحا لا يمنع من عد هذا الأسلوب من باب الاستعارة، وقد عدوا قول الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>ويصعد حتى يظن الجهول</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>بأن له حاجة في السماء</TD></TR></TBODY></TABLE>

من أبلغ أنواع الاستعارة مع نية ضمير الموصوف.

ولا أرى فارقا بين الفعل وسائر المشتقات، وتشبيه الصفات بالصفات لا يتعدى إلى تشبيه الذوات بالذوات، ففي هذه الآية مثلا لم يُرد التشبيه بذوات معينة متصفة بالصمم والبكم والعمى، وإنما الملاحظ في التشبيه نفس هذه الأحوال ولو لم توجد في الخارج.

وما تقدم من صفات هؤلاء المنافقين لا يصرف هذه الصورة عن حكم الاستعارة، وإفهامها للمراد لا يعدو أن يكون من باب القرينة المشخصة للمراد من اللفظ، وهو مما يفتقر إليه كل مجاز، على أنهم اتفقوا بأن ذكر المشبه في غير جملة الاستعارة لا يؤثر شيئا على حكمها، نحو قول الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>قامت تظللني من الشمس</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>نفس أعز عليّ من نفسي</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>قامت تظللني ومن عجب</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>شمس تظللني من الشمس</TD></TR></TBODY></TABLE>

فقد اتفقوا على أن لفظة شمس في البيت الثاني استعارة، مع أن المراد بها منصوص عليه في البيت الذي قبله، وإذا كان هذا مع التقارب بين الحقيقة والاستعارة، فكيف إذا كانت بينهما آيات متعددة، وأقرب مما في البيتين قول الآخر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>لا تعجبوا من بلى غلالته</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>قد زرّ أزراره على القمر</TD></TR></TBODY></TABLE>

والصمم هو عدم السمع ممن من شأنه أن يسمع، ولفظه دال على السداد، فإنهم يسمون السداد صمّاما لحيلولته دون دخول ما كان خارجه إلى داخله، ومن هذا الباب قولهم " صخرة صماء " ، فإن تلاحم ذراتها مانع من وصول الهواء أو غيره إلى داخلها، وبما أن العروق السمعية إذا أصيبت انسدت، فلا يصلها الأثير المتموج الناقل للأصوات، سميت هذه الاصابة بالصمم.

والبكم هو عدم النطق ممن مِن شأنه أن ينطق، وقيل عدم النطق والفهم، وفُرّق بينه وبين الخَرس؛ بأن البكم ما كان بالطبع، والخرس ما كان بحدوث آفة، وقيل الخرس عدم النطق، والبكم عدم النطق والسمع.

-2-

والعمى هو عدم البصر ممن مِن شأنه الإِبصار، ولذلك لا توصف به الأشجار والأحجار، فلا يقال شجرة عمياء، ولا صخرة عمياء، وهكذا فيما ماثلهما.

ومَن إيف بما تقدم تعذر عليه الاهتداء، واستحالت عليه النجاة، فإن الحواس والنطق وسائل لتسيير الانسان نفسه وتبصيرها بخيرها وشرها، فإذا ما فقدها وهو في صحراء قاحلة بحيث لا يجد من يأخذ بيده، فإما أن يهلكه السَّغب والظمأ، وإما أن تفترسه السباع الكاسرة، وليس له عن ذلك مناص.

وفصل الآية بقوله { لا يرجعون } دون غيره نحو { لا يهتدون }؛ لأن من اهتدى بعد ضلالِه، ورَشَد بعد غيه، هو آئب إلى الفطرة التي نشز عنها.

وقد حمل بعض المفسرين هذا الوصف الشنيع في الآية على طائفة من المنافقين علم الله عدم ارعوائها، وهم الذين قال الله فيهم:

{ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05106) } [التوبة9: 80]،

وحملها آخرون على جميعهم حال إخلادهم إلى النفاق وعدم تأثرهم بالوعظ.

-3-

admin
12-01-2010, 04:24 PM
تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق 1-3



الأوصاف جموع كثرة على وزن/ فعل وهو قياس في جمع فعلاء وأفعل الوصفين سواء تقابلا كأحمر وحمراء أم انفردا لمانع في الخلقة كغرل ورتق فإن كان الوصف مشتركاً ولكن لم يستعملا على نظام أحمر وحمراء كرجل أليّ، وامرأة عجزاء فالوزن فيه سماعي، والصمم داء في الأذن يمنع السمع، وقال الأطباء: هو أن يخلق الصماخ بدون تجويف يشتمل على الهواء الراكد الذي يسمع الصوت بتموجه فيه أو بتجويف لكن العصب لا يؤدي قوة الحس فإن أدى بكلفة سمي عندهم طرشاً، وأصله من الصلابة أو السد، ومنه قولهم قناة صماء وصممت القارورة. والبكم الخرس وزناً ومعنى وهو داء في اللسان يمنع من الكلام وقيل: الأبكم هو الذي يولد أخرس، وقيل: الذي لا يفهم شيئاً ولا يهتدي إلى الصواب فيكون إذ ذاك داء في الفؤاد لا في اللسان، والعمى عدم البصر عما من شأنه أن يكون بصيراً، وقيل: ظلمة في العين تمنع من إدراك المبصرات، ويطلق على عدم البصيرة مجازاً عند بعض وحقيقة عند آخرين، وهي أخبار لمبتدأ محذوف هو ضمير المنافقين أو خبر واحد وتؤول إلى عدم قبولهم الحق وهم وإن كانوا سمعاء الآذان فصحاء الألسن بصراء الأعين إلا أنهم لما لم يصيخوا للحق وأبت أن تنطق بسائره ألسنتهم ولم يتلمحوا أدلة الهدى المنصوبة في الآفاق والأنفس وصفوا بما وصفوا به من الصمم والبكم والعمى على حد قوله:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>أعمى إذا ما جارتي برزت</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>حتى يواري جارتي الخدر</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>وأصم عما كان بينهما</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>أذني وما في سمعها وقر</TD></TR></TBODY></TABLE>

وهذا من التشبيه البليغ عند المحققين لذكر الطرفين حكماً، وذكرهما قصداً حكماً أو حقيقة مانع عن الاستعارة عندهم، وذهب بعضهم إلى أنه استعارة، وآخرون إلى جواز الأمرين، وهذا أمر مفروغ عنه ليس لتقريره هنا كثير جدوى، غير أنهم ذكروا هنا بحثاً وهو أنه لا نزاع أن التقدير: هم صم الخ لكن ليس المستعار له حينئذٍ مذكوراً لأنه لبيان أحوال مشاعر المنافقين لا ذواتهم، ففي هذه الصفات استعارة تبعية مصرحة إلا أن يقال تشبيه ذوات المنافقين بذوات الأشخاص الصم متفرع على تشبيه حالهم بالصمم، فالقصد إلى إثبات هذا الفرع أقوى وأبلغ، وكأن المشابهة بين الحالين تعدت إلى الذاتين فحملت الآية على هذا التشبيه برعاية المبالغة، أو يقال ـ ولعله أولى ـ إن هم المقدر راجع للمنافقين السابق حالهم وصفاتهم وتشهيرهم بها حتى صاروا مثلاً فكأنه قيل هؤلاء المتصفون بما ترى صم على أن المستعار له ما تضمنه الضمير الذي جعل عبارة عن المتصفين بما مر، والمستعار ما تضمن الصم وأخويه من قوله: صم الخ فقد انكشف المغطى وليس هذا بالبعيد جداً. <LABEL class=############ disabled></LABEL>
<CENTER>
</CENTER><CENTER>-1-</CENTER><CENTER> </CENTER>والآية فذلكة ما تقدم ونتيجته إذ قد علم من قوله سبحانه:

{ لاَّ يَشْعُرُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03810) } [البقرة2: 12] و

{ لاَّ يُبْصِرُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03815) } [البقرة2: 17]

أنهم صم عمي، ومن كونهم يكذبون أنهم لا ينطقون بالحق فهم كالبكم ومن كونهم غير مهتدين أنهم لا يرجعون وقدم الصمم لأنه إذا كان خلقياً يستلزم البكم وأخر العمى لأنه كما قيل: شامل لعمى القلب الحاصل من طرق المبصرات والحواس الظاهرة، وهو بهذا المعنى متأخر لأنه معقول صرف ولو توسط ـ حل بين العصا ولحائها ـ ولو قدم ـ لأوهم تعلقه بـ

{ لاَّ يُبْصِرُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03815) } [البقرة: 17]

ـ أو الترتيب على وفق حال الممثل له لأنه يسمع أولاً دعوة الحق ثم يجيب ويعترف ثم يتأمل ويتبصر. ومثل هذه الجملة وردت تارة بالفاء كما في قوله تعالى:
{ وَوٰعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَـٰثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَـٰتُ رَبّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04887) } [الأعراف7: 142]

وأخرى بدونها كما في قوله تعالى:

{ فَصِيَامُ ثَلَـٰثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03994) } [البقرة2: 196]

لأن استلزام ما قبلها وتضمنه لها بالقوة منزل منزلة المتحد معه فيترك العطف ومغايرتها له وترتبها عليه ترتب النتاج، والفرع على أصله يقتضي الاقتران بالفاء وهو الشائع المعروف، وبعض الناس يجعل الآية من تتمة التمثيل فلا يحتاج حينئذٍ إلى التجوز ويكفي فيه الفرض وإن/ امتنع عادة كما في قوله:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>أعلام ياقوت نشر</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>ن على رماح من زبرجد</TD></TR></TBODY></TABLE>

فيفرض هنا حصول الصمم والبكم والعمى لمن وقع في هاتيك الظلمة الشديدة المطبقة، وقيل: لا يبعد فقد الحواس ممن وقع في ظلمات مخوفة هائلة إذ ربما يؤدي ذلك إلى الموت فضلاً عن ذلك، ويؤيد كونها تتمته قراءة ابن مسعود وحفصة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهم صماً وبكماً وعمياً بالنصب فإن الأوصاف حينئذٍ تحتمل أن تكون مفعولاً ثانياً لترك و

{ في ظلمات (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03815) } [البقرة2: 17]

متعلقاً به أو في موضع الحال و

{ لاَّ يُبْصِرُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03815)} [البقرة2: 17]

حالاً أو منصوبة على الحال من مفعول

{ تَرَكَهُمْ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03815) } [البقرة2: 17]

متعدياً لاثنين أو لواحد أو منصوبة بفعل محذوف أعني أعني، والقول بأنها منصوبة على الحال من ضمير

{ لاَّ يُبْصِرُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03815) } [البقرة2: 17]

جهل بالحال، وقريب منه في الذم من نصب على الذم إذ ذاك إنما يحسن حيث يذكر الاسم السابق، وأما جعل هذه الجملة على القراءة المشهورة دعائية وفيها إشارة إلى ما يقع في الآخرة من قوله تعالى:

{ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمّا (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05917) } [الإسراء17: 97]

فنسأل الله تعالى العفو والعافية من ارتكاب مثله ونعوذ به من عمى قائله وجهله، ومثله ـ بل أدهى وأمرّ ـ القول بأن جملة { لاَ يَرْجِعُونَ } كذلك ومتعلق ـ لا يرجعون ـ محذوف أي لا يعودون إلى الهدى بعد أن باعوه أو عن الضلالة بعد أن اشتروها، وقد لا يقدر شيء ويترك على الإطلاق. والوجهان الأولان مبنيان على أن وجه التشبيه في التمثيل مستنبط من

-2-

{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03814) } [البقرة2: 16]

الخ والأخير على تقدير أن يكون من

{ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03815)} [البقرة2: 17]

الخ بأن يراد به أنهم غب الإضاءة خبطوا في ظلمة وتورطوا في حيرة، فالمراد هنا أنهم بمنزلة المتحيرين الذين بقوا جامدين في مكاناتهم لا يبرحون ولا يدرون أيتقدمون أم يتأخرون، وكيف يرجعون إلى حيث ابتدؤا منه، والأعمى لا ينظر طريقاً وأبكم لا يسأل عنها وأصم لا يسمع صوتاً من صوب مرجعه فيهتدي به والفاء للدلالة على أن اتصافهم بما تقدم سبب لتحيرهم واحتباسهم كيف ما كانوا.

ومن البطون: صم آذان أسماع أرواحهم عن أصوات الوصلة وحقائق إلهام القربة بكم عن تعريف علل بواطنهم عند أطباء القلوب عجباً عمي عن رؤية أنوار جمال الحق في سيماء أوليائه. وقال سيدي الجنيد قدس سره: صموا عن فهم ما سمعوا وأبكموا عن عبارة ما عرفوا وعموا عن البصيرة فيما إليه دعوا.


-3-

admin
12-01-2010, 04:28 PM
تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


أخبار لمبتدأ محذوف هو ضميرٌ يعود إلى ما عاد إليه ضمير

{ مَثَلُهم (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03815) } [البقرة2: 17]

ولا يصح أن يكون عائداً على

{ الذي استوقد (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=03815) } [البقرة2: 17]

لأنه لا يلتئم به أول التشبيه وآخرُه لأن قوله: { كمثل الذي استوقد ناراً } يقتضي أن المستوقد ذو بصر وإلا لمَا تأتى منه الاستيقاد، وحذف المسند إليه في هذا المقام استعمال شائع عند العرب إذا ذكروا موصوفاً بأوصاف أو أخبار جعلوه كأنه قد عُرِف للسامع فيقولون: فلان أو فتىً أو رجلٌ أو نحو ذلك على تقدير هو فلان، ومنه قوله تعالى:

{ جَزَاءً مِن رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09499)* رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09500) (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09500)} [النبأ78: 36، 37]

التقدير هو رب السماوات عُدل عن جعل (رب) بدلاً من ربك، وقول الحماسي:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>سأشكر عَمرا إن تراختْ منيتي</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>أياديَ لم تُمْنَنْ وإنْ هيَ جَلَّتِ</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>فتىً غيرُ محجوبِ الغِنى عن صديقه</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>ولا مُظْهر الشكوى إذا النعل زلت</TD></TR></TBODY></TABLE>

وسمى السكاكي هذا الحذف «الحذفَ الذي اتبع فيه الاستعمال الوارد على تركه». والإخبار عنهم بهذه الأخبار جاء على طريقة التشبيه البليغ شبهوا في انعدام آثار الإحساس منهم بالصم البكم العمي أي كل واحد منهم اجتمعت له الصفات الثلاث وذلك شأن الأخبار الواردة بصيغة الجمع بعد مبتدأ هو اسم دال على جمع، فالمعنى كل واحد منهم كالأصم الأبكم الأعمى وليس المعنى على التوزيع فلا يفهم أن بعضهم كالأصم وبعضهم كالأبكم وبعضهم كالأعمى، وليس هو من الاستعارة عند محققي أهل البيان. قال صاحب «الكشاف»: ((فإن قلت هل يسمى ما في الآية استعارة قلت مختلف فيه والمحققون على تسميته تشبيهاً بليغاً لا استعارة لأن المستعار له مذكور وهم المنافقون)) ا هـ أي لأن الاستعارة تعتمد على لفظ المستعار منه أو المستعار له في جملة الاستعارة فمتى ذكرا معاً فهو تشبيه، ولا يضر ذكر لفظ المستعار له في غير جملة الاستعارة لظهور أنه لولا العلم بالمستعار له في الكلام لما ظهرت الاستعارة ولذلك اتفقوا على أن قول ابن العميد:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>قامت تظللني من الشمس</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>نفسٌ أعزُّ عليّ من نفسي</TD></TR><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>قامت تظللني ومن عجب</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>شمسٌ تظللني من الشمس</TD></TR></TBODY></TABLE>

أن قوله شمس استعارة ولم يمنعهم من ذلك ذكر المستعار له قبل في قوله نفس أعز، وضميرها في قوله قامت تظللني وكذا إذا لفظ المستعار غير مقصود ابتناء التشبيه عليه لم يكن مانعاً من الاستعارة كقول أبي الحسن ابن طَبَاطَبَا:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>لا تعجبوا من بلى غلالته</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>قد زرّ أزراره على القمر</TD></TR></TBODY></TABLE>

فإن الضمير لم يذكر ليبنى عليه التشبيه بل جاء التشبيه عقبه.

والصم والبكم والعمى جمع أصم وأعمى وأبكم وهم من اتصف بالصمم والبكم والعمي، فالصمم انعدام إحساس السمع عمن من شأنه أن يكون سميعاً، والبكم انعدام النطق عمن من شأنه النطق، والعمي انعدام البصر عمن من شأنه الإبصار.

وقوله: { فهم لا يرجعون } تفريع على جملة: { صم بكم عمي } لأن من اعتراه هذه الصفات انعدم منه الفهم والإفهام وتعذر طمع رجوعه إلى رشد أو صواب. والرجوع الانصراف من مكان حلول ثان إلى مكان حلول أول وهو هنا مجاز في الإقلاع عن الكفر.


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-01-2010, 04:31 PM
تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


قوله تعالى: { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ } الآية -

ظاهر هذه الآية أن المنافقين متصفون بالصمم، والبكم، والعمى. ولكنه تعالى بين في موضع أخر أن معنى صممهم، وبكمهم، وعماهم، هو عدم انتفاعهم بأسماعهم، وقلوبهم، وأبصارهم وذلك في قوله جل وعلا:

{ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِه مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=08327)} [الأحقاف46: 26].


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-01-2010, 04:33 PM
تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ) مصنف و مدقق


فالحق سبحانه وتعالى.. بعد أن أخبرنا أنه بظلم هؤلاء المنافقين لأنفسهم.. ذهب بنور الإيمان من قلوبهم فهم لا يبصرون آيات الله.. أراد أن يلفتنا إلى أنه ليس البصر وحده هو الذي ذهب.. ولكن كل حواسهم تعطلت.. فالسمع تعطل فهم صم.. والنطق تعطل فهم بكم.. والبصر تعطل فهم عمى.. وهذه هي آلات الإدراك في الإنسان.. واقرأ قوله تبارك وتعالى:

{ وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=05770) } [النحل16: 78]

إذن كونهم في ظلمات لا يبصرون معناها أنها قد تعطلت وسائل الإدراك الأخرى؛ فآذانهم صُمَّتْ فهي لا تسمع منهج الحق، وألسنتهم تعطلت عن نقل ما في قلوبهم وأبصارهم لا ترى آيات الله في الكون إذن فآلات إدراكهم لهدى الله معطلة عندهم..

وقوله تعالى: { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ }.. أي لن تعود إليهم هذه الوسائل ليدركوا نور الله في كونه.. الإدراك غير موجود عندهم.. ولذلك فلا تطمعوا أن يرجعوا إلى منهج الإيمان أبدا.. لقد فسدت في قلوبهم العقيدة.. فلم يفرقوا بين ضر عاجل وما هو نفع آجل.. نور الهداية كان سيجعلهم يبصرون الطريق إلى الله.. حتى يسيروا على بينة ولا يتعثروا.. ولكنهم حينما جاءهم النور رفضوه وانصرفوا عنه.. فكأنهم انصرفوا عن كل ما يهديهم إلى طريق الله!!.

فالله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة.. أعطانا وصفا آخر من صفات المنافقين هو أن أدوات الإدراك التي خلقها الله جل جلاله معطلة عندهم.. ولذلك فإن الإصرار على هدايتهم وبذل الجهد معهم لن يأتي بنتيجة.. لأن الله تبارك وتعالى بنفاقهم وظلمهم عطل وسائل الهداية التي كان من الممكن أن يعودوا بها إلى طريق الحق.

admin
12-01-2010, 04:35 PM
تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } * { أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَٰبِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَٰعِقِ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ وٱللَّهُ مُحِيطٌ بِٱلْكَٰفِرِينَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=3817) }


{ صمٌّ } لتركهم قبول ما يسمعون { بُكْمٌ } لتركهم القول بالخير { عُمْيٌ } لتركهم ما يُبصرون من الهداية { فهم لا يرجعون } عن الجهل والعمى إلى الإسلام، ثمَّ ذكر تمثيلاً آخر فقال:

{ أو كصيِّبٍ } أو كأصحاب مطرٍ شديدٍ { من السَّماء }: من السَّحاب { فيه }: في ذلك السَّحاب { ظلماتٌ ورعدٌ } وهو صوت مَلَكٍ مُوكَّلٍ بالسَّحاب { وبرق } وهي النَّار التي تخرج منه. { يجعلون أصابعهم في آذانهم } يعني: أهل هذا المطر { من الصواعق } من شدَّة صوت الرَّعد يسدُّون آذانهم بأصابعهم كيلا يموتوا بشدَّة ما يسمعون من الصَّوت، فالمطر مَثَلٌ للقرآن لما فيه من حياة القلوب، والظُّلماتُ مَثَلٌ لما خُوِّفوا به من الوعيد وذكر النَّار، والبرقُ مثلٌ لحجج القرآن وما فيه من البيان، وجعل الأصابع في الآذان حذر الموت مثَلٌ لجعل المنافقين أصابعهم في آذانهم كيلا يسمعوا القرآن مخافةَ ميل القلب إلى القرآن، فيؤدِّي ذلك إلى الإيمان بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وذلك عندهم كفرٌ، والكفر موتٌ. { واللَّهُ محيطٌ بالكافرين } مُهلكهم وجامعهم في النَّار.

<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-02-2010, 01:04 PM
تفسير أيسر التفاسير/ أسعد حومد مصنف و مدقق



(18) - وَهؤُلاءِ كَأَنَّهُمْ صُمٌّ لاَ يَسْمَعُونَ، وَبُكْمٌ لاَ يَنْطِقُونَ، وَعُمْيٌ لاَ يُبْصِرُونَ، لأَنَّهُمْ لاَ يَنْتَفِعُونَ بِحَوَاسِّهِمْ مَعَ سَلاَمَتِهَا، وَلِذلِكَ فَإِنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرْجِعُوا إِلى الحَقِّ لأَنَّ مَنْ فَقَدَ حَوَاسَّهُ لاِ يَسْمَعُ صَوْتاً يَهْتَدِي بِهِ، وَلاَ يَصِيحُ لِيُنْقِذَ نَفْسَهُ، وَلاَ يَرَى بَارِقاً مِنْ نُورٍ يَتَّجِهُ إِليهِ وَيَقْصُدُهُ، وَلاَ تَزَالُ هَذِهِ حَالُهُ: ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَهُوَ يَتَرَدَّى فِي مَهَاوِي الهَلاَكِ.

الصَّمَمُ - آفَّةٌ تَمْنَعُ السَّمعَ.

البَكَمُ- الخَرَسُ، وَفَقْدُ القُدْرَةِ عَلَى النُّطْقِ.

admin
12-02-2010, 01:10 PM
تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق



الجمهورُ على رَفْعِها على أنها خبرُ مبتدأ محذوفٍ، أي: هم صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ، ويَجيء فيه الخلافُ المشهورُ في تعدُّدِ الخبرِ، فَمَنْ أجازَ ذلك حَمَلَ الآيةَ عليه من غير تأويلٍ، ومَنْ مَنَعَ ذلك قال: هذه الأخبارُ وإن تعدَّدَتْ لفظاً فهي متَّحِدَةٌ معنًى، لأنَّ المعنى: هم غيرُ قائلين للحقِّ بسبب عَماهم وصَمَمِهم، فيكون من باب: " هذا حُلوٌ حامِضٌ " أي مُزٌّ، و " هو أَعْسَرُ يَسَرٌ " أي أَضْبَطُ، وقول الشاعر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>223ـ ينامُ بإحدىٰ مُقْلَتَيْهِ ويتَّقي</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>بأخرىٰ المَنايا فهو يَقْظانُ هاجِعُ</TD></TR></TBODY></TABLE>

أي: متحرِّزٌ، أو يقدَّر لكلِّ خبرٍ مبتدأً تقديرُه: هم صُمٌّ، هم بُكْم، هم عُمْي، والمعنى على أنهم جامعون لهذه الأوصافِ الثلاثة، ولولا ذلك لجاز أن تكونَ هذه الآيةُ من باب ما تعدَّدَ فيه الخبرُ لِتعدُّدِ المبتدأ، نحو قولِك: الزيدونَ فقهاءُ شعراءُ كاتبون، فإنه يَحْتمل أن يكونَ المعنى أن بعضَهم فقهاءُ، وبعضَهم شعراء وبعضَهم كاتبون، وأنَّهم ليسوا جامعين لهذه الأوصاف الثلاثة، بل بعضُهم اختصَّ بالفقه، والبعضُ الآخر بالشعرِ، والآخرُ بالكتابة.

وقُرئ بنصبها، وفيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها: أنه حالٌ، وفيه قولان، أحدُهما: هو حالٌ من الضميرِ المنصوبِ في " تَرَكَهم " ، والثاني من المرفوع في " لا يُبْصرون ". والثاني: النَصبُ على الذَمِّ، كقولِه:

{ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=10011) } [المسد111: 4].

وقول الآخر:

<TABLE dir=rtl class=TextArabic><TBODY><TR class=TextArabic><TD class=TextArabic>224ـ سَقَوْني النَّسْءَ ثم تَكَنَّفوني</TD><TD class=TextArabic> </TD><TD class=TextArabic>عُدَاةَ اللهِ مِنْ كَذِبٍ وزُورِ</TD></TR></TBODY></TABLE>

أي: أَذُمُّ عُداةَ اللهِ. الثالث: أن يكونَ منصوباً بتَرَكَ أي: تَرَكهم صُمَّاً بُكْماً عُمْياً.

والصَّمَمُ داءٌ يمنعُ من السَّماع، وأصلُه من الصَّلابة، يقال: " قناةٌ صَمَّاء " أي صُلبة، وقيل: أصلُه من الانسدادِ، ومنه: صَمَمْتُ القارورةَ أي: سَدَدْتُها. والبَكَم داءٌ يمنع الكلامَ، وقيل: هو عدمُ الفَهْمِ، وقيل: الأبكم مَنْ وُلِد أخرسَ.

وقولُه: { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } جملةٌ خبريةٌ معطوفةٌ على الجملةِ الخبريةِ قبلها، وقيل: بل الأُولى دعاءٌ عليهم بالصَّمَم، ولا حاجةَ إلى ذلك. وقال أبو البقاء: " وقيل: فهم لا يَرْجِعُون حالٌ، وهو خطأٌ، لأن الفاء تُرَتِّبُ، والأحوالُ لا ترتيبَ فيها ". و " رَجَعَ " يكونُ قاصراً ومتعدياً باعتبَارَيْنِ، وهُذَيْل تقول: أَرْجَعَهُ غيرُهُ فإذا كان بمعنى " عاد " كان لازماً، وإذا كان بمعنى أعاد كان متعدياً، والآية الكريمةُ تحتمل التقديرينِ، فإنْ جَعَلْنَاه متعدياً فالمفعولُ محذوفٌ، تقديرُهُ: لاَ يَرْجِعُون جواباً، مثلُ قوله:

{ إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=09730) } [الطارق86: 8].

وَزَعَمَ بعضُهم أنه يُضَمَّن معنى صار، فيرفعُ الاسم وينصِبُ الخبر، وجَعَل منه قولَه عليه السلام: " لا تَرْجِعوا بعدي كُفَّاراً يضربُ بعضُكم رِقابَ بعض " ، ومَنْ مَنَعَ جريانِهِ مَجْرى " صار " جَعَلَ المنصوبَ حالاً.


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-02-2010, 01:13 PM
تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق



وقَوْلُهُ تَعَالَى: { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ }؛ أي هم صُمٌّ عن الْهَدْي لا يسمعونَ الحقَّ، بُكْمٌ لا يتكلمونَ بخيرٍ؛ عُمْيٌ لا يبصرون الهديَ؛ أي بقلوبهم كما قَالَ اللهُ تَعَالَى:

{ وَتَرَٰهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ (http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=04943) } [الأعراف7: 198].

وَقِيْلَ: معناه صُمُّ يَتَصَامُّونَ عن الحقِّ؛ بُكْمٌ يَتَبَاكَمُونَ عن قولِ الحقِّ؛ عُمْيٌّ يَتَعَامُوْنَ عَنِ النَّظَرِ إلى الحقِّ؛ يعني الاعتبارَ. وقرأ عبدالله: (صُمّاً بُكْماً عُمْياً) بالنصب على معنى وتركَهم كذلك. وَقِيْلَ: على الذَّمِّ، وَقِيْلَ: على الحالِ. وقَوْلُهُ تَعَالَى: { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ }؛ أي مِن الضَّلالةِ والكفرِ إلى الْهُدَى والإيْمانِ.


<LABEL class=############ disabled></LABEL>

admin
12-02-2010, 01:14 PM
تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى



قوله: { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ }.

أي هم صم عن الحق وسماعه، وهم بكم عن قول الإيمان وهم عمي عن النظر / إلى الآيات الدالات على الإيمان بالله ورسوله. وإنما وصفوا بذلك، ولم يكونوا صماً ولا بكماً وعمياً، لأنهم لَمَّا لم ينتفعوا بهذه الجوارح كانوا بمنزلة من عُدِمها، / فلم ينتفع بها.

وقوله: { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } أي لا يرجعون عن ضلالتهم.