المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ محمد حسين من المسجد الأقصى بتاريخ 19/1/2007 وفق 30 ذو الحجة 1427 هجري


admin
05-23-2009, 06:19 PM
خطبة الجمعة للشيخ محمد حسين من المسجد الأقصى بتاريخ 19/1/2007 وفق 30 ذو الحجة 1427 هجري

<EMBED height=44 type=audio/wav width=612 src=2007-01-19.wav>

بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة ألقيت في المسجد الأقصى المبارك في 30 ذي الحجة 1427هــ وفق 19/1/2007م
" الهجرة النبوية الشريفة (دروس وعبر) "
الخطبة الأولى :

الحمد لله الذي جعل مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم رحمة وبعثته هدى وهجرته نصرا فقال جل من قائل"إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" التوبة (40) ، وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له أيد رسوله بنصره وبالمؤمنين فأظهر دعوته وأقام حجته ونجاه من مكر الماكرين فقال تعالى:" وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" الأنفال(30).
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وقائدنا وشفيعنا محمدا عبد الله ورسوله ، وصفيه من خلقه وخليله، دعا إلى الله على بصيرة وكان على أحسن سيرة وأطيب سريرة ،جاهد في الله حق جهاده وهاجر لنصرة دينه وتحقيق مراده فعليك من الله وملائكته أفضل الصلاة وأزكى السلام فقد
<TABLE style="BORDER-BOTTOM: #ddf5da; BORDER-LEFT: #ddf5da; BORDER-COLLAPSE: collapse; BORDER-TOP: #ddf5da; BORDER-RIGHT: #ddf5da" dir=rtl id=table4 class=MsoTableGrid border=1 cellSpacing=0 cellPadding=0><TBODY><TR style="HEIGHT: 67.8pt"><TD style="PADDING-BOTTOM: 0cm; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-TOP: 0cm" vAlign=top width=261 align=middle>أتيت والناس فوضى لا تمر بهم
يا رب هبت شعوب من منيتها
وألطف لأجل رسول العالمين بنا
يا رب أحسنت بدء المسلمين

</TD><TD style="PADDING-BOTTOM: 0cm; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-TOP: 0cm" vAlign=top width=260 align=middle>إلا على صنم قد هام في صنم
واستيقظت أمم من رقدة العدم
ولا تزد قومه خسفا ولا تسم
به فتمم الفضل وامنح حسن مختتمم


</TD></TR></TBODY></TABLE>
والصلاة والسلام على آله الطاهرين وآل بيته المكرمين وصحابته الغر الميامين الذين حملوا دعوته للعالمين وهجروا أوطانهم في نصرة هذا الدين العظيم رضي الله عنهم ورضوا عنه وذلك هو الفوز الكبير والصلاة والسلام على الشهداء والمكلومين والأسرى والمعتقلين والصابرين والمرابطين في هذه الأرض المباركة والساجدين الراكعين من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أجمعين.
أما بعد فيا عباد الله أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس : يحتفل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بذكرى الهجرة النبوية الشريفة. وهي ذكرى جليلة ومناسبة عظيمة فيها من الدروس والعبر والمواقف والحكم ما ينبه الغافلين،ويوقظ النائمين،ويرشد التائهين،ويهدي الحائرين،وينير الطريق إمام المسلمين ،ويقوي عزيمة المؤمنين ،ويشحذ همة المرابطين والمجاهدين .ويرسم طريق عودة المهاجرين والمهجرين ،ويبين للناس أن الحق منتصر ولو بعد حين إنها الهجرة النبوية الشريفة التي نقلت الدعوة والداعية من مرحلة الضعف وسطوة الأعداء.إلى مرحلة الدولة والعزة والإباء في غضون أقل من عقدين من الزمان. فاعتبروا يا أولي الأبصار.
أيها المسلمون يا إخوة الإيمان في كل مكان:
إن المجتمع الإسلامي الذي قام في المدينة المنورة هو مجتمع إيماني رباني صنعه الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم على هدى القرآن العظيم وبعين العناية الإلهية والتوجيه النبوي الشريف.فقد بدأ عليه الصلاة والسلام ببناء المسجد الذي يجتمع فيه المسلمون على العقيدة الراسخة والعبادة المخلصة.فهو دار ندوتهم ومدرستهم ومركز قيادتهم،ومحل اجتماعهم بالقرب من بيوت النبوة التي تنزل فيها الحكمة والرحمة هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.ومن هنا كانت رسالة المسجد ومازالت تقوم بدور رائد في نشر الدعوة،وبيان أحكام الشريعة وتربية الأجيال على أخلاق الإسلام وقيمه الكريمة ومبادئه العظيمة وقد أثمرت إخاء بين المهاجرين والأنصار في ظل العقيدة والولاء لله وحده هذا الولاء الذي جعل المهاجر يتخلي عن وطنه وأهله وأمواله وعشيرته ويخرج مهاجرا إلى الله ورسوله. وهو الولاء نفسه الذي جعل الأنصاري يقتسم مع أخيه المهاجر بيته وماله وأهله وقد سطر القرآن الكريم بآيات من نور تلك المآخاة والإيثار والتضحية والعطاء في سبيل نصرة الدعوة والداعية والرسول والرسالة. فقال تعالى:" ِللْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ* وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" الحشر (8-9) وقد سجلت كتب السيرة والحديث مآخاة المهاجرين والأنصار بتفصيل وبيان جدير بالمسلمين اليوم أن يقفوا على تفاصيله ليدركوا ما فعل أسلافهم من الصحابة الكرام في سبيل نصرة الإسلام وعزة أهله وكيف أخرج هذا الدين من الأعراب المتقاتلين لأتفه الأسباب.
" خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ "آل عمران(110)
أيها المسلمون يا إخوة الإيمان في كل مكان:
بهذه الجماعة المؤمنة من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم من عرب الجزيرة مسلما كون نبيكم عليه الصلاة والسلام أمة المسلمين وأقام دولة الإسلام الأولى في دار هجرته فكان المسلمون أمة من دون الناس يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم. ولم يغفل رسول الله صلى الله عليه وسلم حق أتباع الديانات على الأخرى في العيش بجانب المسلمين في المدينة المنورة فوضع وثيقته المشهورة التي ضمنت لغير المسلمين من يهود حق العيش مع المسلمين بل جعل النبي صلى الله عليه وسلم بعضهم امة مع المسلمين.وبهذا سبق ديننا الحنيف كل القوانين الوضعية التي تباهي بضمان حرية العيش لرعايا الدولة دون النظر إلى جنسهم أو دينهم.وتحاول الطعن بالإسلام وتصفه بما هو منه براء وشواهد التاريخ كثيرة على عدالة الإسلام وتسامح المسلمين مع الآخر مما يضيق المجال عن ذكرها.ولقد كانت الوثيقة التي قررها النبي صلى الله عليه وسلم خير شاهد على ذلك وسار على نهجه الخلفاء والأمراء من بعده عملا بعدالة الإسلام وعالمية دعوته وشريعته ويكفي أن رعايا دولة الرومان كانوا يرحبون بالمسلمين لما قدموا فاتحين لهذه البلاد وذلك تخلصا من ظلم حكامهم الذين كانوا يشاركونهم القومية والدين فهلا عاد المسلمون إلى معين دينهم الحنيف يرشفون منه شفاء أمراضهم ،ويتلمسون فيه طريق عزتهم في ظل عقيدته الجامعة الموحدة وشريعته الغراء التي حفظها الله بحفظه لكتابه العزيز" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"الحجر(9)، جاء في الحديث الشريف عنه ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا"رواه البخاري.
فيا فوز المستغفرين استغفروا الله
وادع الله وأنتم موقنون بالإجابة
الخطبة الثانية :

الحمد لله الهادي إلى الصراط المستقيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين وأشهد أن لا اله إلا الله أحب لعباده أن يعملوا لدينهم ودنياهم حتى يفوزوا بنعم الله وينالوا رضوانه. واشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أجمعين ومن تبعهم واهتدى بهديهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين.
وبعد أيها المسلمون:
إذا كانت الهجرة قد انتهت بعد الفتح لمكة المكرمة فان أنواعا أخرى من الهجرة لم تزل وهي هجر ما نهى الله عنه من المعاصي والآثام فقد روي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه " أخرجه البخاري .
فهلا عملنا بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وهجرنا ما نهى الله عنه من المعاصي والآثام التي تجتاح مجتمعات المسلمين اليوم .وهل وقف كل مسلم ينصر أخاه المسلم كما فعل الأنصار مع المهاجرين رضوان الله عليهم جميعا.
إننا نسمع انطلاق ألسنة الكثيرين من أبناء الأمة ينهشون أعراض بعضهم بعضا ويؤذونهم بالقول والفعل.
أليس قتل المسلم لأخيه المسلم مما نهى الله عنه؟ أليس إتلاف أموال الناس مما نهى الله عنه؟
أليس هذا الفلتان الأمني وإخافة أبناء الشعب بإشهار السلاح واستعماله مما نهى الله عنه ؟؟
فهلا هاجرنا إلى الله بهجر هذه المنكرات ، إن الاقتتال الداخلي بين الإخوة وهذا التحشيد والاحتقان والتلاسن من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لا يخدم أبناء شعبنا ولن يوقف المحتل عن الاستمرار في بناء المستوطنات وتوسيعها وإحكام جدار الفصل العنصري حول القدس وعزلتها عن محيطها الفلسطيني ولا يعجل إطلاق سراح الأسرى القابعين خلف القضبان في سجون الاحتلال .
أيها المسلمون يا أبناء ديار الإسراء والمعراج:
إن الهجرة النبوية الشريفة تهتف بأبناء شعبنا للتأسي بصاحب الهجرة عليه الصلاة والسلام والسير على منهاج سلفنا الصالح رضوان الله عليهم الذين تآخوا في الله وتعاونوا على البر والتقوى واقتسموا رغيف العيش بينهم فخرجوا من ضيق المطاردة من قبل أعدائهم إلى فسحة الحياة الآمنة الكريمة في دار هجرتهم وعادوا بمجموع الأمة إلى مكة المكرمة موطنهم الذي اخرجوا منه بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولم تطل غيبة المهاجر بل رجعوا منتصرين ظافرين يعمر قلوبهم الإيمان الذي هاجروا به وترفرف فوق رؤوسهم راية الحق الذي هاجروا من أجله وكأني برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدخل مكة خاشعا ويتلو قوله تعالى " وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً"الإسراء(81) إنها ثقة المهاجر الذي يقول لصاحبه "لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا"
إنه درس عظيم من دروس الهجرة جدير بنا وبالمسلمين أن نوطن أنفسنا عليه وأن نستشعر بأن الله معنا في جميع أحوالنا وتصرفاتنا ومعاملاتنا وأخلاقنا وإذا تحقق ذلك فينا اليقين كان نصر الله منا قريبا فهو القائل: " إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ"غافر(51)،وقال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"محمد(7) وقال تعالى:"وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ"الحج آية(40)