المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ محمد حسين من المسجد الأقصى بتاريخ 2/3/2007م وفق 12 صفر 1427 هجري


admin
05-23-2009, 07:24 PM
<EMBED height=44 type=audio/wav width=612 src=2007-03-02.wav>

بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة ألقيت في المسجد الأقصى المبارك في 12 صفر الخير 1428هـ وفق 2/3/2007م
" استمرار العدوان الإسرائيلي على طريق المسجد الأقصى "

الخطبة الأولى :



الحمد لله وعد المؤمنين بنصره وتوعد الكافرين بقهره وخزيه.
فقال تعالى " وإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ( 173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ( 176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ (177).سورة الصافات.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا وقدوتنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وتركنا على بيضاء نقيه ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
فصلاة الله عليك سيدي يا رسول الله وعلى آلك الطاهرين وصحابتك الغر الميامين ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم واتبع سنتك الى يوم الدين.
وعليك من رب السلام سلامه والفضل والبركات والرضوان
وعلى صراط الحق آلك كلما هب النسيم ومالت الأغصان
وعلى صحابتك الذين تتبعوا طرق الهدى فهداهـم الرحمن
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم وطاعته واحذركم وإياي من عصيانه ومخالفة أمره لقوله تعالى " مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ" [فصلت : 46].
أما بعد فيقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ [31] إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ [32]"سورة محمد.
أيها المسلمون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس
ويستمر العدوان الاسرائيلي على طريق المسجد الأقصى وبوابة المغاربة المؤدية الى المسجد الأقصى للأسبوع الرابع على التوالي. لتعيث يد الفساد والدمار والخراب هدما وطمساً لمعالم الحضارة الاسلامية والآثار التاريخية للحقبات الاسلامية المتعاقبة منذ الفترات الأولى للوجود الاسلامي في هذه الديار مروراً بسائر الحقب الاسلامية للوجود العباسي والأيوبي والمملوكي والعثماني في هذه الديار المباركة.
وقد تركت تلك الفترات الاسلامية بصمات واضحة في اعمار المسجد الأقصى وطرقه وبواباته ومرافقه. شهد بذلك المعماريون والمتخصصون من علماء المسلمين في فن العمارة وعلم الآثار. كما لم تستطع أن تخفي سلطات الاحتلال التي تقوم بالحفر والتدمير لهذه الآثار والحضارة ما نشرته وسائل الاعلام الاسرائيلية من وجود مساجد ومحاريب تحت هذه التلة التي تشكل طريقاً للمسجد الأقصى. وهي تلة تحتوي من كنوز الحضارة والعمارة الاسلامية المتعلقة بالمسجد الأقصى ومسجد البراق الشريف ما يدعم الحقيقة الساطعة التي أعلنتها إدارة الأوقاف الاسلامية دائماً بأن هذه الطريق التي تشكل مرفقا من مرافق المسجد الأقصى المبارك هي عقار ووقف اسلامي يتبع المسجد الأقصى ويعتبر المساس به مسّاً بالمسجد الأقصى وجدرانه وطرقه وبواباته.
كمايشكل هذا الاعتداء الآثم على مرافق المسجد الأقصى تغييراً لطبيعة المكان الاسلامية الوقفية لصالح مخططات الأسرلة والتهويد وطمس الحقائق وتغيير المعالم لخدمة أهداف احتلالية يسعى اصحابها لخلط الاوراق في المنطقة لخدمة أهدافهم التوسعية والحزبية والتي يكون فيها المسجد الأقصى الورقة الرئيسة التي يسخرونها لكسب جمهورهم واثبات صهيونيتهم.
أيها المسلمون يا أخوة الإيمان في كل مكان
لقد حذرنا وما زلنا نحذر ونبهنا وما زلنا ننبه الى الأخطار الحقيقية المحدقة بالمسجد الأقصى ليسمع القريب والبعيد وليكون المسجد الأقصى في سلم أولويات أمته العربية والاسلامية للذود عنه وحمايته من هذه الأخطار. فقد آن الأوان لينهض الجميع بمسؤولياتهم ويصونوا أماناتهم استجابة لقول الله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [27] وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [28]"سورة الانفال.
وقد تنادى أبناء القدس وفلسطين للتوقيع على ميثاق عهد مع الله تعالى لرعاية وحماية المسجد الأقصى ومقدسات القدس بما أوتوا من امكانيات داعين اخوانهم في عالم الاسلام والمسلمين الى مؤازرتهم والنهوض بهذه الأمانة التي جعلها الله جزءاً من عقيدة الأمة وأيه في كتاب الله العزيز ووديعة السلف الصالح في رقاب الخلف فماذا أنتم فاعلون؟
أيها المسلمون: يا اخوة الإيمان في كل مكان
إنه المسجد الأقصى يناديكم ويستغيث بكم ويذكركم بأمجاد اسلافكم من الفاتحين الكرام والمحررين العظام الذين سطر التاريخ أمجادهم بأحرف من نور.
انها القدس بقدسيتها ومقدساتها وبركتها وطهارتها تضج الى السماء من أرجاس لا تستطيع السكوت عليها وكأني بها تحن الى أذان بلال رضي الله عنه يرفع فوق مناراتها معلناً حريتها واسلاميتها وأن مسجدها الأقصى غدى مشرعاً لأهل الإيمان يشدون إليه الرحال ولعل صدى ندائها وافق أذاناً واعية ترد بلسان العزة والنخوة.
لبيك يا قدس انا عائدون ولن يكون للقدس بعد اليوم خذلان
فهل تكونوا بشارة نبيكم صلى الله عليه وسلم وهو يجيب الصحابي السائل يا رسول الله: أين تأمرنا أن ابتلينا بالبقاء بعدك؟ قال: عليك ببيت المقدس. فلعله ينشأ لك بها ذرية يغدون الى ذلك المسجد ويروحون . رواه الامام أحمد.
فيا فوز المستغفرين استغفروا الله
وادع الله وأنتم موقنون بالإجابة

الخطبة الثانية :



الحمد لله الهادي الى الصراط المستقيم والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وأشهد أن لا إله الا الله أحب لعباده أن يعملوا لدينهم ودنياهم حتى يفوزوا بنعم الله، وينالوا رضوانه.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين.
وبعد أيها المسلمون يا أبناء ديار الإسراء و المعراج
لم يكتف الاحتلال الاسرائيلي باعتدائه على المسجد الأقصى المبارك ومحاصرة القدس ومنع المصلين من الوصول الى المسجد الأقصى في اعتداء على حرية العبادة وحرية الوصول الى أماكنها. بل وسّع عدوانه باجتياح مدينة نابلس وترويع أطفالها ونسائها واطلاق يد جيشه في تدمير أسواقها ومنازلها والعبث بممتلكات أبنائها واعتقال العديد منهم حتى وصل به الأمر الى اعتقال أمهات المطلوبين له كما يزعم في ممارسة يندى لها جبين الانسانية وذلك للضغط على معنويات أبناء شعبنا وتحطيمها وإضعاف إرادة الصمود والتحدي لدى أبناء شعبنا. هذا الشعب الصابر المرابط الذي كلما ازداد العدوان غطرسة ازداد شعبنا عزة وعنفوانا وتحدياً للاحتلال واجراءاته القمعية.
أيها المسلمون يا أبناء ديار الإسراء والمعراج
وترتقي الى العلا أرواح الشهداء في جنين ونابلس والقدس حيث شهيدة المسجد الأقصى التي عاجلها جندي غادر بضربة على رأسها وهي تدافع عن شبل من أشبال المسجد الأقصى حينما اجتاح جنود الاحتلال ساحة المسجد واعتدوا على المصلين بالضرب واطلاق الرصاص وقنابل الصوت والغاز.
إن شعبنا الذي ودع ويودع مواكب الشهداء ليضرع الى الله أن يتقبلهم عنده " مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً" [النساء : 69] وحسب الشهداء أجراً أنهم أحياء عند ربهم يرزقون قال تعالى: " وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [169] فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [170]" سورة آل عمران. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع الى الدنيا وله ما على الأرض من شيئ الا الشهيد يتمنى أن يرجع الى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من فضل الشهادة" رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه.
أيها المسلمون يا أبناء ديار الإسراء و المعراج
أمام هذا العدوان الغاشم الذي يستهدف المقدسات والانسان والحجر والشجر ويجرف الأراضي لاتمام جدار العزل العنصري كما جرى ويجري في قرى محافظة بيت لحم، ومحاولة توسيع الاستيطان في مدينة الخليل وبناء حي استيطاني عند مدخل القدس الشمالي في أرض المطار . أمام هذا كله لا بدّ من الصبر والثبات والعزيمة على الرباط والتعاون والتكاتف بين جميع أبناء الشعب وتمتين الوحدة ورص الصفوف. فقد راهن الاحتلال كثيراً على شق صف شعبنا واذكاء روح الفتنة التي كادت تعصف بالوطن والمواطن.
ولما توصل أبناء شعبنا الى اتفاق مكة الذي حقن الدم الفلسطيني ووحد الصف. ها هو الاحتلال يشن عدوانه لصرف شعبنا عن الاستمرار في انجاز استحقاقات هذا الاتفاق الذي يعزز صمود شعبنا ويجمع قواه الفاعلة وأحزابه وفصائله على غاية واحدة هدفها خدمة المصلحة العليا لأبناء شعبنا للوصول الى الحرية وانهاء الاحتلال وتحرير الأسرى الابطال من سجون القهر. هؤلاء الرواد لحرية الوطن والمواطن لهم منا كل التقدير والفخر والاعتزاز فقد كانوا دائما البوصلة التي توجه صمود ونضال هذا الشعب الأبي. أما التضحيات الجسام التي يقدمها شعبنا فهي طريق العزة الموصلة الى النصر بإذن الله فالله يقول " أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ" [البقرة : 214]. ولله درُّ القائل:
ولرب نازله يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظنها لا تفرج
اللهم فرج كربنا واجبر كسرنا وانتصر لنا وعليك بمن ظلمنا فأنهم لا يعجزونك.
اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، ونعوذ بك من علم لا ينفع وقلب لا يخشع وعين لا تدمع ونفس لا تقنع.
ونعوذ بك من شرور الدنيا وعذاب الآخرة