نائل أبو محمد
05-24-2009, 09:31 PM
رد: أبحث عن مسيحى يحاورنى فى زواج مريم العذراء ( المشاركة رقم 65) .
كتبه : عماد محمد بابكر حسن *
مراكز القوى فى اورشليم
رأيت قبل ان اخوض فى تفاصيل اهم محاكمة فى تاريخ العالم, ان أطرح النظرية اتى اسعى لشرحها وتقديم الادلة عليها. بأختصار فان شبهة قتل المسيح ومن ثم صلبه كانت مؤامرة سياسة مزدوجة بين كهنة اليهود والرومان. وحتى نستوعب الأدلة النقلية التى سنتعرض لها, رأيت ان اعطى فكرة مختصرة عن الظروف الاجتماعية والنفسية والسياسية التى كانت تؤثر تاثيرا فاعلا على تفاصيل كل الاحداث فى فلسطين فى تلك الفترة. وقبل ان ان اتعرض لمراكز القوى المؤثرة فى فلسطين قبل الفى عام, دعونا نتفكر قليلا فى مدى علمنا بالعوامل الخفية التى تحرك الاحداث السياسية والدينية فى كل صراعات العالم اليوم:
كم منا يعلم حقيقة ما هى مشكلة دارفور ومن الذى بدأها ومن يقف وراء كل الاطراف فيها وما هى مصالحهم الخفية؟ وماذا يدور حول قضية دارفور فى الاجتماعات المغلقة هنا وهناك؟
كم منا يعلم كيف تحول الصومال بين يوم وليلة الى معترك قبلى لا مثيل له فى التاريخ الا قبل آلاف السنين, حيث تمزق مفهوم الدولة والمجتمع وتحول الصوماليون الى لاجئين فى اطراف الارض وما زالت بلادهم معتركا لقوى لا يعرف احد من يقف وراءها؟
كم منا يفهم حقيقة مشكلة كشمير ومشكلة الحرب الاهلية فى سيريلانكا؟
ومن البديهى ان اسأل: كم من الأسرار لا نعرف وربما لن يعرف جيلنا ولا الذى يليه, عن اسرار حرب العراق وتمزيقه وفلسطين وافغانستان وغيرها من الاحداث التى لا تخلو منها نشرة اخبار, لكنها تذاع علينا كيفما يريد الذين يحركون الاحداث؟؟؟
وكم من سكان العالم اليوم يصدق ان الأميرة ديانا قد ماتت فى حادث غير مدبر؟ رغم ان محمد آلفايد ظل عشرة سنوات يطارد من يتهمهم بقتل ابنه لكنه ما نجح فى اثبات التهمة وما فشل؟؟؟؟
إن كنا نتفق من حيث المبدأ ان الصراعات السياسية والدينية غالبا ما تكن فيها اسرار خفية اليوم, رغم توفر وسائل الاتصال ونشر الاسرار بصورة غير مسبوقة فى تاريخ العالم, فلنعد إذا ادراج الزمن الفى عام ....الى أرض فلسطين...حيث كانت الصراعات هى نفسها صراعات اليوم ... وكان اليهوم هم اليهود .. وكان الرومان هم الرومان... وكان العرب هم العرب....ولكن كانت وسائل الاتصال ونشر المعلومات وتوثيق الأحداث بدائية كأبسط ما تكون البدائية!!!
هناك تفاصيل كثيرة جدا مبهمة فى شبهة قتل المسيح عليه السلام وصلبه, ما استطاع لا الذين كتبوا الاناجيل ولا المؤرخون معرفتها. لكن الغموض فى الروايات التاريخية احيانا يكون هو المفتاح لكشف الاسرار...
و لعل القرآن الذى وصفه الله تعالى بانه مهيمنا على الدين كله, قد لعب دورا هاما فى توجيه قدراتنا العقلية للتركيز فى البحث فى قصة المسيح عليه السلام فى معضلتين: ( ولكن شبه لهم) - ( وما قتلوه يقينا)...حول هاتين الاشارتين ان شاء الله يتركز بحثنا لكشف الشبهة و كشف عدم اليقين فى قتله. لنصل الى تلك الحقائق لا بد ان نتبع طريقا يتبعه المحققون فى الطب الشرعى, او المخبرون الذين يبحثون فى الجرائم الغامضة............واول ما نحتاج لمعرفته هو مراكز القوى ومحركى الصراعات فى المنطقة فى تلك الحقبة:
اليـــهـــود:
المجتمع اليهودى كان وما زال ينقسم الى قسمين: كهنة يصنعون الأحداث ويحركونها وفقا لمصالح مختلفة - دينية وسياسية ومادية- وعامة: هؤلاء كعامة الناس فى كل مجتمع يتبعون سادتهم وكبرائهم فيما يوجهونهم اليه بجهل او خوف.
على ان علاقة كهنة اليهود فى فترة حياة المسيح عليه السلام بعامتهم كان فيها تعقيد اضافى. فالعقيدة اليهودية كانت امتدادا لارث دينى يرجع الى ابراهيم عليه السلام. هذا الإرث يعلم عنه العامة الكثير من الثوابت التى لا يمكن للكهنة التلاعب بها. من اهم تلك الثوابت المرتبطة بعيسى عليه السلام ان اليهود كانوا يتوقعون ظهور المسيح وميلاده من ام عذراء بصورة خارقة. وايضا يعلمون ان المسيح المرتقب رسول وليس نبى فقط, وبالتالى فان أيادى قتلة الأنبياء الملطخة بالدماء لن تطاله. ولكن اهم صفات المسيح المرتقب التى كانت معلومة للعامة كما هى معلومة للخاصة كانت انه لن يمت وإنما سيرفع عن الارض حيا ... من هنا يمكننا ان نتخيل المجهود الجبار الذى كان على اعداء المسيح من الكهنة ان يبذلوه حتى يثيروا الشبهات حول رسالته وكونه المسيح المرتقب, وايضا حول اختفاءه فى الأيام الاخيرة حينما يرفع عن الأرض حيا. بمعنى: عليهم ان يثبتوا انه ليس رسول (حتى وان قبله العامة كنبى) .. وهنا يمكنهم اتهامه بانه نبى دجال ادعى انه المسيح...لاسقاط كونه رسول: لا بد ان يقتل, او يبدو للعامة انه قتل ( لان الرسل لا تقتل) - موته تلقائيا سينفى انه رسول وسينفى انه المسيح الذى لا يموت!
الرومــــــان:
هؤلاء كانو يحكمون قطاعا واسعا من الشرق الاوسط بما فيه فلسطين.علاقتهم بشبهة قتل وصلب المسيح كانت سياسية ودينية:
العلاقة السياسية:
اليهود كانوا اقلية متميزة فى مجتمع فلسطين نسبة لترابطهم العرقى والدينى وتاريخهم الطويل فى الممالك والانبياء والرسل. استقرار المنطقة سياسيا وامنيا كان يتطلب ان يتعامل الرومان مع كهنة اليهود بالكثير من المرونة والدبلوماسية نسبة لقدرة كهنتهم على اثارة الثورات والإضطرابات بتحريك العامة ان شاءوا. إذا فطلبات الكهنة الملحة كانت تجد اذنا صاغية لدى الرومان, متى ما امكن تحقيقها. لكن لان السياسة تملى مقتضياتها ايضا كـ ( لعبة قذرة) فقد كان الرومان دائما يبحثون عن المواقف التى يمكن بها شق الصف اليهودى حتى تضعف شوكتهم وتتهدد وحدتهم, عملا بمبدأ : فرق تسد! سنرى ان الرومان من ناحية استجابوا لضغوط الكهنة فى أخراج مسرحية قتل وصلب المسيح, لكنهم من ناحية اخرى لم يترددوا فى تشجيع ظهور دين جديد يشق وحدة الصف اليهودى.
العلاقة الدينية:
هذه مسألة شائكة جدا وتحتاج لتدبر عميق نتخذ فيه واقع اليوم منظارا نرى من خلاله التاريخ..
الامبراطورية الرومانية كانت كغيرها من الامبراطوريات فى ذلك الزمان تقوم على تأليه الحاكم ومن حوله من الكهنة. بمعنى ان سلطان الدولة على الشعب كان سلطان استعباد دينى وعسكرى واقتصادى فى قالب واحد. فالآلهة تتجلى فى شخص الامبراطور ومن حوله. و تعاليم الدين يصدرها النظام الحاكم ويفرضها على الرعية كدين بقدر ما هى نظام دولة. لكن كانت الامبراطورية تمر بمرحلة من الضعف لاسباب دينية وهى ان الآلهة التى عبدوها قرونا طويلة ما أتت باى معجزة وما قدمت خيرا للشعب. فاصبحت عقيدة العامة فى تلك الآلهة مهزوزة وبالتالى فان قناعتهم بالوهية الحاكم بدأت تضعف, مما قد يؤدى لا محالة الى ضعف الولاء والطاعة وبالتالى انهيار النظام. فإلههم الأعظم ميثرا (اله الشمس) كان من المفترض ان يتجلى فى شكل بشر ويقدم ابنه فداء للبشر لكنه لم يفعل...بقى ان نعلم ان اله الشمس نفسه اصلا اله مستورد من الفرس - وان معظم تعاليم الامبارطورية الدينية كانت مقتبسة من آلهة قدماء المصريين. بمعنى ان الدين الذى تفرض به الامبروطورية الرومانية هيمنتها على الرعية دين مرقع (تجميع من اديان اخرى)...
اهمية هذه المعلومة تعيننا على استيعاب المصلحة الدينية المزدوجة لدى كهنة اليهود والحاكم الرومانى فى تعاطيهم مع قضية المسيح. الرومان كانوا فى أمس الحاجة لإله ينطق, يعلم الناس, يأكل ويشرب وتجرى على يديه المعجزات...هذه الصفات كانت متوفرة ومتكررة فى معجزات انبياء بنى اسرائيل على مرمى حجر من آلهة الرومان الصماء..لكن الرومان كانت لهم عزة نفس وكبرياء ولا يمكنهم التنازل عن امبراطوريتهم واتباع عقيدة اليهود كما هى, والا لتحول الامبراطور الرومانى الى تابع من عامة الشعب اليهودى, بل وسينقصه انه لا ينتمى اصلا الى العرق اليهودى.....بالمقابل: اليهود كان بينهم رسول توفرت فيه كل صفات التأليه, لكنه غير مرغوب فيه....اليهود من ناحية اخرى كانوا اشد ذكاء ومكرا من الرومان بما فضلهم الله به من رسالات وأنبياء وعلم عميق بتأثير العقيدة على عقول وتفكير الناس. إذا فقد كانت الفرصة سانحة أمام اليهود ان يصنعوا من عيسى إلها يهوديا - غير مرغوب فيه - ثم يتركوا الرومان لقمة سائقة ليبتلعوا الطعم فيعبدوه بدلا عن "ميثرا" الذى لا ينفع ولا يضر. إذا نجحت المؤامرة اليهودية, فان الرومان بعامل الزمن سيتحولون الى امة - حكاما ومحكومين- , يعبدون إلها حقيقيا دما ولحما وتاريخا ومعجزات, تجسد فى دم يهودى, فيصبح اليهود بذلك فئة مقدسة لدى الرومان, لان الله قد تجسد فى جسد يهودى.
لا احد يمكنه اثبات هذه النظرية حرفيا و التى ربما تم حبكها قبل الفى عام, لكن لا احد ينكر اليوم ان جميع حكام الامبراطورية الرومانية فى اوروبا وامريكا, رغم ما آتاهم الله من قوة, ما زالوا يركعون امام افراد شعب الله المختار....لان الله قد تجسد فيهم من دون سائر البشر...ان كان هذا هو الحال الإفتراضى فى عهد قنسطنطين, فان هذا الحال استمر الى واقع اليوم متمثلا فى جورج بوش و تونى بلير وغيرهم ومن خلفهم - كلهم مستعبدين عقائديا لاله يهودى وبالتالى مستعبدين نفسيا لليهود... ولا ننسى بابا الفاتيكان اليوم.... فالواقع اليوم ينبئنا بما حفره اؤلئك الكهنة فى عقول اسلاف الرومان...وآتى اكله عبر القرون.
طبعا نحن نرى ثمار المؤامرة اليوم بعد الفى عام - لكن فى بدايتها كانت مجرد حبكة لكل مصلحة مؤقتة فيها - لكن لا بد ان نعطى اليهود حينذاك بعد نظر اكثر من الرومان, خاصة حينما نعلم ان القديس شاول (بولس) هو يهودى رومانى الاصل وهو مؤسس المسيحية الحديثة. (هذه الإفتراضات ستعيننا كثيرا على فهم مدلول الحوارات والأحداث التى وثقها الكتاب المقدس كما سنرى إن شاء الله).
المسيح رسول الله واسرته:
عيسى بن مريم عليه السلام من الرسل القلائل الذين قضوا كل عمر رسالتهم فى معاناة مستمرة مع اتباعه المذبذين ومع اعدائه الذين امتلكوا مؤهلات كثيرة لزعزعة عقيدة العامة فيه. ورغم ان التاريخ يشير الى انه احيط بطبقتين مختلفتين من الأتباع, الا ان الطبقة الداخلية جدا التى صمدت معه لحظة شبهة الإعدام كانت فقط امه مريم عليها السلام ومن وثقت فيهم وعلى راسهم مريم المجدلية , وهى صديقة مريم بنت عمران.
الحـــواريــون:
مفهوم الحواريين كما سماهم القرآن او التلاميذ كما يسميهم الكتاب المقدس مفهوم فضفاض. اختلفت الروايات فيمن هم الحواريون وكم عددهم. القرآن بطبيعة الحال لم يحدد عددهم لكن الاناجيل تحدثت عن طبقتين من التلاميذ..منهم 13 كانوا هم الذين لازموا المسيح فى معظم تحركاته الى ساعة الصلب حيث فروا جميعا...لكن تقول الرويات ان عدد الحواريين كان يقارب المائة. فإن كان الإنجيل قد وثق ان المقربين جدا قد فروا ساعة اهم حدث فى حياة المسيح فلا حاجة لنا للبحث فى عدالة البقية المبهمة.
على ان مشكلة الحواريين فى تقديرى لم تكن مشكلة خيانة او ضعف ايمان, وإنما مشكلة ازدواجية الولاء الدينى حينئذ. فالمسيح عليه السلام ما اتى بدين جديد لليهود - مقارنة بمحمد الذى هدم الشرك والاوثان واقام دينا وعقيدة جديدة- وإنما كانت رسالته امتدادا طبيعيا لديانة الإسلام التى تنزلت على الرسل والإنبياء من بنى اسرائيل على مر العصور:
(وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (48) وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ (50)
آل عمران
هذه الخاصية جعلت الحواريين فى حيرة من امرهم. فمن ناحية كانوا يستمعون الى كهنة اليهود لان عيسى عليه السلام لم يحرم ذلك وما كان الصالحون من اليهود فى حكمه كحكم المشركين وسادة قريش فى عصر النبى. بل ان عيسى عليه السلام اقر انه ما نشر دعوته الا فى معابد اليهود ومجالسهم لان دعوته اصلا كانت موجهة اليهم:
(و سال رئيس الكهنة يسوع عن تلاميذه, وعن تعليمه. فاجابه يسوع: "علنا تكلمت الى العالم, ودائما علمت فى المجمع والهيكل حيث يجتمع اليهود كلهم, ولم أقل شيئا فى السر, فلماذا تسألتى انا؟ أسأل الذين سمعوا ما تكلمت به اليهم, فهم يعرفون ما قلته)
انجيل يوحنا: الاصحاح الثامن عشر:19-21
. من هنا يمكننا ان نتخيل مقدار البلبلة التى عاشها الحواريون, إذ ان المرجعية الدينية التى اقرها المسيح عليه السلام - االتوراة وعقيدة اليهود- هى نفسها كانت التى اشاعت الشائعات حوله وأنكرته وسعت لقتله بحجة الردة والكفر.
فى الحلقات القادمة ساطرح الادلة التى تقوم عليها هذه النظرية للنقاش...اما ما حدث للمسيح فيمكن تلخيصه فى هذه العجالة قبل مناقشة الادلة:
كهنة اليهود تأكد لهم ان عيسى ابن مريم كان هو المسيح المرتقب, لكنهم رفضوا رسالته وسعوا للتخلص منه.
لما كان معلوما لديهم ان الرسل لا تقتل, فقد كان كل سعيهم هو إنزاله فى نظر العامة من وضع رسول الى دعى دجال...فان قبل العامة وسط الطريق - وهو انه نبيء فقط - ولكنهم تشككوا فى رسالته وكونه المسيح, فيمكن حينذ الإدعاء انهم قتلوه كما قتلوا أنبياء من قبل. وبالتالى يزول وتزول معه الرسالة.
الرومان كانوا حريصين على حياة عيسى لانه شق الصف اليهودى فى بادء الامر - وعلموا من كهنة اليهود انه حسب اعتقادهم لن يمت لانه رسول - فوافقوا على مضض على اخراج مسرحية اعدامه ارضاء للكهنة لكنهم كانوا فى حالة رعب قذفه الله فى قلوبهم من ان تخطئ المسرحية فيمت - لذلك حبكوا الإخراج السياسى للاعدام بصورة تضمن لهم الكلمة العليا والاخيرة فى مصيره وذلك باختيار ساعة الصفر و يوم للاعدام يتحكم فيه الرومان وحدهم. بعد ان تم ايهام العامة بموته على الصليب, قام الرومان بأنزاله حيا بعيدا من عيون اليهود. هنا ظهرت مريم المجدلية ومن معها وقاموا بعلاج جراحه حتى تماثل للشفاء فخرج سرا الى اتباعه الذين فروا من اول يوم...وهكذا ظهرت شبهة بعثه بعد موته الذى لم يكن يقينا...بعد ظهوره السرى مع الحواريين, لم يظهر المسيح على العامة ابدا وانما رفعه الله اليه - من هنا ظلت شبهة موته عالقة فى اذهان العامة ثم تطورت قصة رؤية الحواريين له بعد ايام الى شبهة بعث بعد موت ظنى...وجدت هذه الشبهات طريقها الى اوهام الرومان...الى ان جاء القديس بولس وحبك العقيدة والدين الجديد الذى وجد طريقه لقلوب الرومان متمثلا فى ان الله اخيرا تجسد فى جسد بشر مات من اجل الناس ثم بعث فكانت المسيحية المعروفة اليوم.
اجد صعوبة فى التوفيق بين روايات الاناجيل المختلفة من ناحية والتوفيق بين الكتاب المقدس المعرب مع الانجليزى من ناحية اخرى...لكن ان شاء الله اطرح احداث المحكمة والصلب المزعوم قريبا - لكن من المهم التدبر فى الافتراض اعلاه لانه وحده هو الذى يمكن ان تفهم منه القصص المتناثرة و المتناقضة فى الاناجيل وتعاليم الكنائس المختلفة..
التوقيع :
وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا
www.shajaracode.com
* نقلاً عن ملتقى التأويل بتصرف خاص
http://www.attaweel.com/vb/showthread.php?t=11400&page=8
كتبه : عماد محمد بابكر حسن *
مراكز القوى فى اورشليم
رأيت قبل ان اخوض فى تفاصيل اهم محاكمة فى تاريخ العالم, ان أطرح النظرية اتى اسعى لشرحها وتقديم الادلة عليها. بأختصار فان شبهة قتل المسيح ومن ثم صلبه كانت مؤامرة سياسة مزدوجة بين كهنة اليهود والرومان. وحتى نستوعب الأدلة النقلية التى سنتعرض لها, رأيت ان اعطى فكرة مختصرة عن الظروف الاجتماعية والنفسية والسياسية التى كانت تؤثر تاثيرا فاعلا على تفاصيل كل الاحداث فى فلسطين فى تلك الفترة. وقبل ان ان اتعرض لمراكز القوى المؤثرة فى فلسطين قبل الفى عام, دعونا نتفكر قليلا فى مدى علمنا بالعوامل الخفية التى تحرك الاحداث السياسية والدينية فى كل صراعات العالم اليوم:
كم منا يعلم حقيقة ما هى مشكلة دارفور ومن الذى بدأها ومن يقف وراء كل الاطراف فيها وما هى مصالحهم الخفية؟ وماذا يدور حول قضية دارفور فى الاجتماعات المغلقة هنا وهناك؟
كم منا يعلم كيف تحول الصومال بين يوم وليلة الى معترك قبلى لا مثيل له فى التاريخ الا قبل آلاف السنين, حيث تمزق مفهوم الدولة والمجتمع وتحول الصوماليون الى لاجئين فى اطراف الارض وما زالت بلادهم معتركا لقوى لا يعرف احد من يقف وراءها؟
كم منا يفهم حقيقة مشكلة كشمير ومشكلة الحرب الاهلية فى سيريلانكا؟
ومن البديهى ان اسأل: كم من الأسرار لا نعرف وربما لن يعرف جيلنا ولا الذى يليه, عن اسرار حرب العراق وتمزيقه وفلسطين وافغانستان وغيرها من الاحداث التى لا تخلو منها نشرة اخبار, لكنها تذاع علينا كيفما يريد الذين يحركون الاحداث؟؟؟
وكم من سكان العالم اليوم يصدق ان الأميرة ديانا قد ماتت فى حادث غير مدبر؟ رغم ان محمد آلفايد ظل عشرة سنوات يطارد من يتهمهم بقتل ابنه لكنه ما نجح فى اثبات التهمة وما فشل؟؟؟؟
إن كنا نتفق من حيث المبدأ ان الصراعات السياسية والدينية غالبا ما تكن فيها اسرار خفية اليوم, رغم توفر وسائل الاتصال ونشر الاسرار بصورة غير مسبوقة فى تاريخ العالم, فلنعد إذا ادراج الزمن الفى عام ....الى أرض فلسطين...حيث كانت الصراعات هى نفسها صراعات اليوم ... وكان اليهوم هم اليهود .. وكان الرومان هم الرومان... وكان العرب هم العرب....ولكن كانت وسائل الاتصال ونشر المعلومات وتوثيق الأحداث بدائية كأبسط ما تكون البدائية!!!
هناك تفاصيل كثيرة جدا مبهمة فى شبهة قتل المسيح عليه السلام وصلبه, ما استطاع لا الذين كتبوا الاناجيل ولا المؤرخون معرفتها. لكن الغموض فى الروايات التاريخية احيانا يكون هو المفتاح لكشف الاسرار...
و لعل القرآن الذى وصفه الله تعالى بانه مهيمنا على الدين كله, قد لعب دورا هاما فى توجيه قدراتنا العقلية للتركيز فى البحث فى قصة المسيح عليه السلام فى معضلتين: ( ولكن شبه لهم) - ( وما قتلوه يقينا)...حول هاتين الاشارتين ان شاء الله يتركز بحثنا لكشف الشبهة و كشف عدم اليقين فى قتله. لنصل الى تلك الحقائق لا بد ان نتبع طريقا يتبعه المحققون فى الطب الشرعى, او المخبرون الذين يبحثون فى الجرائم الغامضة............واول ما نحتاج لمعرفته هو مراكز القوى ومحركى الصراعات فى المنطقة فى تلك الحقبة:
اليـــهـــود:
المجتمع اليهودى كان وما زال ينقسم الى قسمين: كهنة يصنعون الأحداث ويحركونها وفقا لمصالح مختلفة - دينية وسياسية ومادية- وعامة: هؤلاء كعامة الناس فى كل مجتمع يتبعون سادتهم وكبرائهم فيما يوجهونهم اليه بجهل او خوف.
على ان علاقة كهنة اليهود فى فترة حياة المسيح عليه السلام بعامتهم كان فيها تعقيد اضافى. فالعقيدة اليهودية كانت امتدادا لارث دينى يرجع الى ابراهيم عليه السلام. هذا الإرث يعلم عنه العامة الكثير من الثوابت التى لا يمكن للكهنة التلاعب بها. من اهم تلك الثوابت المرتبطة بعيسى عليه السلام ان اليهود كانوا يتوقعون ظهور المسيح وميلاده من ام عذراء بصورة خارقة. وايضا يعلمون ان المسيح المرتقب رسول وليس نبى فقط, وبالتالى فان أيادى قتلة الأنبياء الملطخة بالدماء لن تطاله. ولكن اهم صفات المسيح المرتقب التى كانت معلومة للعامة كما هى معلومة للخاصة كانت انه لن يمت وإنما سيرفع عن الارض حيا ... من هنا يمكننا ان نتخيل المجهود الجبار الذى كان على اعداء المسيح من الكهنة ان يبذلوه حتى يثيروا الشبهات حول رسالته وكونه المسيح المرتقب, وايضا حول اختفاءه فى الأيام الاخيرة حينما يرفع عن الأرض حيا. بمعنى: عليهم ان يثبتوا انه ليس رسول (حتى وان قبله العامة كنبى) .. وهنا يمكنهم اتهامه بانه نبى دجال ادعى انه المسيح...لاسقاط كونه رسول: لا بد ان يقتل, او يبدو للعامة انه قتل ( لان الرسل لا تقتل) - موته تلقائيا سينفى انه رسول وسينفى انه المسيح الذى لا يموت!
الرومــــــان:
هؤلاء كانو يحكمون قطاعا واسعا من الشرق الاوسط بما فيه فلسطين.علاقتهم بشبهة قتل وصلب المسيح كانت سياسية ودينية:
العلاقة السياسية:
اليهود كانوا اقلية متميزة فى مجتمع فلسطين نسبة لترابطهم العرقى والدينى وتاريخهم الطويل فى الممالك والانبياء والرسل. استقرار المنطقة سياسيا وامنيا كان يتطلب ان يتعامل الرومان مع كهنة اليهود بالكثير من المرونة والدبلوماسية نسبة لقدرة كهنتهم على اثارة الثورات والإضطرابات بتحريك العامة ان شاءوا. إذا فطلبات الكهنة الملحة كانت تجد اذنا صاغية لدى الرومان, متى ما امكن تحقيقها. لكن لان السياسة تملى مقتضياتها ايضا كـ ( لعبة قذرة) فقد كان الرومان دائما يبحثون عن المواقف التى يمكن بها شق الصف اليهودى حتى تضعف شوكتهم وتتهدد وحدتهم, عملا بمبدأ : فرق تسد! سنرى ان الرومان من ناحية استجابوا لضغوط الكهنة فى أخراج مسرحية قتل وصلب المسيح, لكنهم من ناحية اخرى لم يترددوا فى تشجيع ظهور دين جديد يشق وحدة الصف اليهودى.
العلاقة الدينية:
هذه مسألة شائكة جدا وتحتاج لتدبر عميق نتخذ فيه واقع اليوم منظارا نرى من خلاله التاريخ..
الامبراطورية الرومانية كانت كغيرها من الامبراطوريات فى ذلك الزمان تقوم على تأليه الحاكم ومن حوله من الكهنة. بمعنى ان سلطان الدولة على الشعب كان سلطان استعباد دينى وعسكرى واقتصادى فى قالب واحد. فالآلهة تتجلى فى شخص الامبراطور ومن حوله. و تعاليم الدين يصدرها النظام الحاكم ويفرضها على الرعية كدين بقدر ما هى نظام دولة. لكن كانت الامبراطورية تمر بمرحلة من الضعف لاسباب دينية وهى ان الآلهة التى عبدوها قرونا طويلة ما أتت باى معجزة وما قدمت خيرا للشعب. فاصبحت عقيدة العامة فى تلك الآلهة مهزوزة وبالتالى فان قناعتهم بالوهية الحاكم بدأت تضعف, مما قد يؤدى لا محالة الى ضعف الولاء والطاعة وبالتالى انهيار النظام. فإلههم الأعظم ميثرا (اله الشمس) كان من المفترض ان يتجلى فى شكل بشر ويقدم ابنه فداء للبشر لكنه لم يفعل...بقى ان نعلم ان اله الشمس نفسه اصلا اله مستورد من الفرس - وان معظم تعاليم الامبارطورية الدينية كانت مقتبسة من آلهة قدماء المصريين. بمعنى ان الدين الذى تفرض به الامبروطورية الرومانية هيمنتها على الرعية دين مرقع (تجميع من اديان اخرى)...
اهمية هذه المعلومة تعيننا على استيعاب المصلحة الدينية المزدوجة لدى كهنة اليهود والحاكم الرومانى فى تعاطيهم مع قضية المسيح. الرومان كانوا فى أمس الحاجة لإله ينطق, يعلم الناس, يأكل ويشرب وتجرى على يديه المعجزات...هذه الصفات كانت متوفرة ومتكررة فى معجزات انبياء بنى اسرائيل على مرمى حجر من آلهة الرومان الصماء..لكن الرومان كانت لهم عزة نفس وكبرياء ولا يمكنهم التنازل عن امبراطوريتهم واتباع عقيدة اليهود كما هى, والا لتحول الامبراطور الرومانى الى تابع من عامة الشعب اليهودى, بل وسينقصه انه لا ينتمى اصلا الى العرق اليهودى.....بالمقابل: اليهود كان بينهم رسول توفرت فيه كل صفات التأليه, لكنه غير مرغوب فيه....اليهود من ناحية اخرى كانوا اشد ذكاء ومكرا من الرومان بما فضلهم الله به من رسالات وأنبياء وعلم عميق بتأثير العقيدة على عقول وتفكير الناس. إذا فقد كانت الفرصة سانحة أمام اليهود ان يصنعوا من عيسى إلها يهوديا - غير مرغوب فيه - ثم يتركوا الرومان لقمة سائقة ليبتلعوا الطعم فيعبدوه بدلا عن "ميثرا" الذى لا ينفع ولا يضر. إذا نجحت المؤامرة اليهودية, فان الرومان بعامل الزمن سيتحولون الى امة - حكاما ومحكومين- , يعبدون إلها حقيقيا دما ولحما وتاريخا ومعجزات, تجسد فى دم يهودى, فيصبح اليهود بذلك فئة مقدسة لدى الرومان, لان الله قد تجسد فى جسد يهودى.
لا احد يمكنه اثبات هذه النظرية حرفيا و التى ربما تم حبكها قبل الفى عام, لكن لا احد ينكر اليوم ان جميع حكام الامبراطورية الرومانية فى اوروبا وامريكا, رغم ما آتاهم الله من قوة, ما زالوا يركعون امام افراد شعب الله المختار....لان الله قد تجسد فيهم من دون سائر البشر...ان كان هذا هو الحال الإفتراضى فى عهد قنسطنطين, فان هذا الحال استمر الى واقع اليوم متمثلا فى جورج بوش و تونى بلير وغيرهم ومن خلفهم - كلهم مستعبدين عقائديا لاله يهودى وبالتالى مستعبدين نفسيا لليهود... ولا ننسى بابا الفاتيكان اليوم.... فالواقع اليوم ينبئنا بما حفره اؤلئك الكهنة فى عقول اسلاف الرومان...وآتى اكله عبر القرون.
طبعا نحن نرى ثمار المؤامرة اليوم بعد الفى عام - لكن فى بدايتها كانت مجرد حبكة لكل مصلحة مؤقتة فيها - لكن لا بد ان نعطى اليهود حينذاك بعد نظر اكثر من الرومان, خاصة حينما نعلم ان القديس شاول (بولس) هو يهودى رومانى الاصل وهو مؤسس المسيحية الحديثة. (هذه الإفتراضات ستعيننا كثيرا على فهم مدلول الحوارات والأحداث التى وثقها الكتاب المقدس كما سنرى إن شاء الله).
المسيح رسول الله واسرته:
عيسى بن مريم عليه السلام من الرسل القلائل الذين قضوا كل عمر رسالتهم فى معاناة مستمرة مع اتباعه المذبذين ومع اعدائه الذين امتلكوا مؤهلات كثيرة لزعزعة عقيدة العامة فيه. ورغم ان التاريخ يشير الى انه احيط بطبقتين مختلفتين من الأتباع, الا ان الطبقة الداخلية جدا التى صمدت معه لحظة شبهة الإعدام كانت فقط امه مريم عليها السلام ومن وثقت فيهم وعلى راسهم مريم المجدلية , وهى صديقة مريم بنت عمران.
الحـــواريــون:
مفهوم الحواريين كما سماهم القرآن او التلاميذ كما يسميهم الكتاب المقدس مفهوم فضفاض. اختلفت الروايات فيمن هم الحواريون وكم عددهم. القرآن بطبيعة الحال لم يحدد عددهم لكن الاناجيل تحدثت عن طبقتين من التلاميذ..منهم 13 كانوا هم الذين لازموا المسيح فى معظم تحركاته الى ساعة الصلب حيث فروا جميعا...لكن تقول الرويات ان عدد الحواريين كان يقارب المائة. فإن كان الإنجيل قد وثق ان المقربين جدا قد فروا ساعة اهم حدث فى حياة المسيح فلا حاجة لنا للبحث فى عدالة البقية المبهمة.
على ان مشكلة الحواريين فى تقديرى لم تكن مشكلة خيانة او ضعف ايمان, وإنما مشكلة ازدواجية الولاء الدينى حينئذ. فالمسيح عليه السلام ما اتى بدين جديد لليهود - مقارنة بمحمد الذى هدم الشرك والاوثان واقام دينا وعقيدة جديدة- وإنما كانت رسالته امتدادا طبيعيا لديانة الإسلام التى تنزلت على الرسل والإنبياء من بنى اسرائيل على مر العصور:
(وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (48) وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ (50)
آل عمران
هذه الخاصية جعلت الحواريين فى حيرة من امرهم. فمن ناحية كانوا يستمعون الى كهنة اليهود لان عيسى عليه السلام لم يحرم ذلك وما كان الصالحون من اليهود فى حكمه كحكم المشركين وسادة قريش فى عصر النبى. بل ان عيسى عليه السلام اقر انه ما نشر دعوته الا فى معابد اليهود ومجالسهم لان دعوته اصلا كانت موجهة اليهم:
(و سال رئيس الكهنة يسوع عن تلاميذه, وعن تعليمه. فاجابه يسوع: "علنا تكلمت الى العالم, ودائما علمت فى المجمع والهيكل حيث يجتمع اليهود كلهم, ولم أقل شيئا فى السر, فلماذا تسألتى انا؟ أسأل الذين سمعوا ما تكلمت به اليهم, فهم يعرفون ما قلته)
انجيل يوحنا: الاصحاح الثامن عشر:19-21
. من هنا يمكننا ان نتخيل مقدار البلبلة التى عاشها الحواريون, إذ ان المرجعية الدينية التى اقرها المسيح عليه السلام - االتوراة وعقيدة اليهود- هى نفسها كانت التى اشاعت الشائعات حوله وأنكرته وسعت لقتله بحجة الردة والكفر.
فى الحلقات القادمة ساطرح الادلة التى تقوم عليها هذه النظرية للنقاش...اما ما حدث للمسيح فيمكن تلخيصه فى هذه العجالة قبل مناقشة الادلة:
كهنة اليهود تأكد لهم ان عيسى ابن مريم كان هو المسيح المرتقب, لكنهم رفضوا رسالته وسعوا للتخلص منه.
لما كان معلوما لديهم ان الرسل لا تقتل, فقد كان كل سعيهم هو إنزاله فى نظر العامة من وضع رسول الى دعى دجال...فان قبل العامة وسط الطريق - وهو انه نبيء فقط - ولكنهم تشككوا فى رسالته وكونه المسيح, فيمكن حينذ الإدعاء انهم قتلوه كما قتلوا أنبياء من قبل. وبالتالى يزول وتزول معه الرسالة.
الرومان كانوا حريصين على حياة عيسى لانه شق الصف اليهودى فى بادء الامر - وعلموا من كهنة اليهود انه حسب اعتقادهم لن يمت لانه رسول - فوافقوا على مضض على اخراج مسرحية اعدامه ارضاء للكهنة لكنهم كانوا فى حالة رعب قذفه الله فى قلوبهم من ان تخطئ المسرحية فيمت - لذلك حبكوا الإخراج السياسى للاعدام بصورة تضمن لهم الكلمة العليا والاخيرة فى مصيره وذلك باختيار ساعة الصفر و يوم للاعدام يتحكم فيه الرومان وحدهم. بعد ان تم ايهام العامة بموته على الصليب, قام الرومان بأنزاله حيا بعيدا من عيون اليهود. هنا ظهرت مريم المجدلية ومن معها وقاموا بعلاج جراحه حتى تماثل للشفاء فخرج سرا الى اتباعه الذين فروا من اول يوم...وهكذا ظهرت شبهة بعثه بعد موته الذى لم يكن يقينا...بعد ظهوره السرى مع الحواريين, لم يظهر المسيح على العامة ابدا وانما رفعه الله اليه - من هنا ظلت شبهة موته عالقة فى اذهان العامة ثم تطورت قصة رؤية الحواريين له بعد ايام الى شبهة بعث بعد موت ظنى...وجدت هذه الشبهات طريقها الى اوهام الرومان...الى ان جاء القديس بولس وحبك العقيدة والدين الجديد الذى وجد طريقه لقلوب الرومان متمثلا فى ان الله اخيرا تجسد فى جسد بشر مات من اجل الناس ثم بعث فكانت المسيحية المعروفة اليوم.
اجد صعوبة فى التوفيق بين روايات الاناجيل المختلفة من ناحية والتوفيق بين الكتاب المقدس المعرب مع الانجليزى من ناحية اخرى...لكن ان شاء الله اطرح احداث المحكمة والصلب المزعوم قريبا - لكن من المهم التدبر فى الافتراض اعلاه لانه وحده هو الذى يمكن ان تفهم منه القصص المتناثرة و المتناقضة فى الاناجيل وتعاليم الكنائس المختلفة..
التوقيع :
وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا
www.shajaracode.com
* نقلاً عن ملتقى التأويل بتصرف خاص
http://www.attaweel.com/vb/showthread.php?t=11400&page=8