المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الظاهر والباطن في آيات القرآن الكريم


admin
05-29-2009, 08:32 AM
الظاهر والباطن في آيات القرآن الكريم

عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن، ولكل حد ومطلع)، فعندما نقرأ القرآن الكريم، تمر بنا آيات لها معنى في الظاهر، ولكن هذا المعنى الظاهري لا يتفق بل أحياناً يختلف وأحياناً يتعارض مع ما نعرفه عن الله وأسمائه وصفاته، مثال واضح على هذا التعارض، في قوله عز وجل في سورة التوبة 9 – آية 67 (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)، ففي هذه الآيات ينسب الله عز وجل لنفسه النسيان، وهذا كما هو معروف عند كل واحدٍ منا غير معقول ولا مقبول، حتى أنه عز وجل يقول في سورة طه 20 – آية 52 (قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى)، ويقول في سورة مريم 19 – آية 64 (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)، فهو عز وجل يترفع عن النسيان، ولو أنه كان ينسى لكان له في هذه الصفة السلبية ما ينفي عنه الألوهية، لذلك فإن الظاهر في الآية (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) لا بد له من باطن يحمل معناً غير المعنى الظاهر، وهذا المعنى الباطني الحقيقي لا يتنافى مع ما نعرفه لله من أسماء ومعاني وصفات، لنعد للآية مرة أخرى ونقرأها كلها (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)، الكلام عن (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ)، وعملهم (يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ)، وهذا العمل كله سوء وكله معصية، والمعاصي تبعد العاصي عن ربه، فرحمة الله واسعة وسعت كل شيء، وعندما خلق الله عباده خلقهم ووضعهم داخل دائرة الرحمة، ولكن عندما يعصي العبد ربه فكأنه يبدأ بالإبتعاد عن مركز الرحمة وكلما إبتعد قلّت هذه الرحمة حتى يخرج من الدائرة كلها، السؤال: من الذي تحرك؟ من الذي إبتعد؟ من الذي أخرج نفسه من الدائرة؟ العبد هو الذي تحرك مبتعداً عن الرحمة، وهذا يتضح في قوله عز وجل (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)، أي هم الذين إنشقوا وإبتعدوا وخرجوا من دائرة الذاكرة، فكان خروجهم من ذاكرة الله بعملهم السيء وبمعصيتهم.