المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف نستطيع أن نعرف أن للآية ظاهر وباطن


admin
05-29-2009, 08:36 AM
كيف نستطيع أن نعرف أن للآية ظاهر وباطن

هناك قاعدتين أساسيتين نستطيع أن نميز من خلالهما ظاهر الآية عن باطنها:-
القاعدة الأولى: صفات الكمال لله عز وجل، وهي قاعدة بسيطة وسهلة، علينا من خلالها أن نعود للأساسات التي علمنا إياها عز وجل عن نفسه في أسمائه وصفاته والتي كلها مكتملة لا تحتمل الزيادة ولا النقصان، لنضرب مثلاً: السؤال (للنظر لقوله عز وجل في سورة الرعد 19 – آية 9 (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) ونسأل أنفسنا أيهما أعظم في علم الله (الغيب) أم (الشهادة). ما سيتبادر لنا من الوهلة الأولى أن علم الغيب أعظم عند الله من العلم المشهود، ولكن بالعودة لقاعدة صفات الكمال لله، فإن هذا الفهم خطأ، فلا شيء أعظم من غيره عند الله، فلو قلنا أن علم الغيب أعظم عند الله، لقلنا أن الله يحتاج لطاقة أكبر أو قوة أكبر أو قدرة أكبر لمعرفة علم الغيب عن العلم المشهود، أي اننا ندخله عز وجل في دائرة الحاجة مما ينفي عنه الكمال، لذلك فإن علم الغيب وعلم الشهادة سيان عنده عز وجل، فلا فرق بين الماضي والحاضر والمستقبل عند الله، فهو يعلم الماضي ويرى الماضي كما يعلم ويرى الحاضر كما يرى ويعلم المستقبل.
القاعدة الثانية: أن كل ما عدا الله هو مخلوق من مخلوقاته عز وجل، ولا يحتاج عز وجل أي مخلوقاته، لا بل العكس صحيح، فكل مخلوقات الله تحتاج الله في كل لحظة من لحظات وجودها، ولو توقف عز وجل عن تدبير أمر أحد مخلوقاته ولو للحظة واحدة لهلكت هذا المخلوقات، وهذا ينطبق على السماوات والأرض وينطبق على كل مخلوقات الله يقول عز وجل في سورة فاطر 35 – آية 41 (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)، وأهم مخلوقين من مخلوقات الله يتعلقان بموضوعنا هما (الزمان) و (المكان)، وبالأخص الزمان لأن فهم الناس للزمان أضعف من فهمهم للمكان. بمعنى أن الزمان مخلوق من مخلوقات الله وهو ضعيف ومحتاج لله، والله لا يحتاج الزمان في شيء، لنضرب مثالاً: في قوله عز وجل في سورة هود 11 – آية 7 (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)، السؤال (هل احتاج عز وجل ستة أيام ليخلق السماوات والأرض؟)، ظاهر الآية أن عملية الخلق تمت في ستة أيام، حتى أنه عز وجل فصل الأيام الستة في عدة مواقع من القرآن الكريم، يقول عز وجل في سورة فصلت 41 – آيات 9-13 (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)، هذا هو الظاهر، ولكن الظاهر يتعارض مع الأساسيات، أن الله لا يحتاج الزمن أي لا يحتاج الأيام ولا يحتاج الساعات ولا يحتاج الدقائق ولا يحتاج الثواني أو أجزاء الثواني ليقوم بما يريد، ما يحتاجه يظهر في قوله عز وجل سورة البقرة 2 – آية 117 (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، إذا فما هي هذه الأيام الستة المذكورة في خلق السماوات والارض، والجواب في قوله عز وجل (اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)، فقد خير عز وجل السماوات والأرض بالتشكل بأمره أم أن يجبرها جبراً، فإختارت طاعتها لله (أَتَيْنَا طَائِعِينَ)، والإتيان هنا للسماوات والأرض، فهما من احتاج الوقت لطاعة الله.