المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ يوسف أبو سنينة من المسجد الأقصى بتاريخ 13/7/2007م وفق 28 جمادي الثاني 1428 هجري


admin
05-29-2009, 11:14 PM
خطبة الجمعة للشيخ يوسف أبو سنينة من المسجد الأقصى بتاريخ 13/7/2007م وفق 28 جمادي الثاني 1428 هجري

<EMBED src=2007-07-13.wav width=612 height=44 type=audio/wav>
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة من المسجد الأقصى المبارك
ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة في المسجد الأقصى، وقد ألقاها الشيخ يوسف أَبو سنينة إمام وخطيب في المسجد الأقصى المبارك 13/7/2007 مـ وفق 27/6/1428 هـ .
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي أَوضح نهجَ الإسلامِ وبيَّنهُ، وحببْ في قلوبنا الإيمان وزينه، وأظهر لنا فضلهُ وأعلنه، ونشهد أنْ لا إله إلا الله القائل: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (آل عمران3: 185)، ونشهد أَنَّ سيِّدنا محمداً عبدُهُ ورسولهُ، أمر بتذكر الموت والفناء، والأستعداد ليوم البعث والجزاء، والصلاة والسلام على النبي الطاهر، مفتاح الرحمة، وخاتم النبوة، والأولِ منزلة، والآخرِ رسالة، الأمين فيما أستودع، الصادق فيما بلغَّ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وَمَنْ أهتدى بهديه إلي يوم الدين، أما بعد:

عباد الله:
ما أَجمل المسلم وهو يعيش حياة الإِسلام، أَن يعيش في رحاب العقيدة الإسلامية، أَن يكون صادقاً مع الله في أحواله، في أَقواله وأَفعاله، وأَن يجعل همَّه هَّماً واحداً في الله تعالى، فالمسلم يعلمُ عِلمَ اليقين أَنَّ العمر قصير، ولا بدَّ من يومٍ ينتقل فيه إلي الله، ومِن هنا فالواجب على العاقل أَن يعمل لهذا اليوم، فحياتهُ جِدٌ وإجتهاد، يصبرُ على البلاء، ويشكر في الرخاء، ولا يُحب الرياء، وكان مِن دعاءِ الحبيب المصطفى صلي الله علية وسلم: (أللهم إجعلني صبوراً، وإجعلني شكوراً، وأجعلني في عيني صغيراً، وفي أَعين الناس كبيراً)، والمؤمن يا عباد الله لا ينتظر من الناسِ المدحَ والثناء إذا كان عمله خالصاً لله تعالى، لأن منَ الناس مَنْ يُحسَنُ عليه الثناء، وما يساوي عند الله جناح َ بعوضة، فتعالوا أَيها المؤمنون نعيش وإياكم حياة إسلاميةُ حقيقية ليس فيها رياءٌ ولا سمعة، لنتعلم شيئاً عن الإسلام، هذا الدين العظيم الذي تركه الناسُ اليوم من ناحية العمل، وأكتفوا بالأسم فقط، الصحابيةُ الجليلةُ والتي تربت في رحاب هذا الدين العظيم، أُمُّ سُلَيمْ بنتُ مِلْحَان الأَنصاريةُ رضي الله عنها، تقدم لخِطْبتها أَبو طلحة الأَنصاريَّ الخزرجيُّ قبل أَن يُسلم، فماذا قالت؟ قالت: يا أَبا طلحة، أَلستَ تعلمُ أنَّ إلهكَ الذي تعبدُ نبت من الأَرض؟ قال: بلى، قالت: أَفلا تستحي، تعبدُ شجرة! إنْ أَسلمتَ فإنيّ لا أُريدُ منك صِداقاً غيره، قال: حتى أَنظر في أَمري، فذهب ثمَّ جاءَ فقال: أَشهدُ أَن لا إله إلا الله، وأَنَّ محمداً رسولُ الله، فقالت: يا أَنس زَوجَّ أَبا طلحة، فزوَّجها.

عباد الله :
هذا هو الإسلام، وهكذا يجبُ أَن تكون الحياة، طَلَبَتْ مِنْ أبي طلحة أَن يُسلم مقابل مهرها وصِداقها، فأَين المسلمون اليوم من هذا الفهم السليم لحقيقة الإسلام والدعوة إلى الله تعالى؟ أَين أَولياءُ الأُمور الذين يُعِقَدوُن أُمور الزواج ويرفعون تكاليفه، ويشترطون إِقامته في القاعات، ويسهرون الليالي الحمراء، لماذا نُعَقِدُ عملية الزواج وقد سهّلها الله تعالى؟
لماذا كل هذا الترف والسرف والبذخ الذي ما أنزل الله به من سُلطان؟ شبابنا أَصبحوا يفرون من الزواج، لماذا؟ أَلأَنه سُنة الحياة؟ أَلأَنه آيةٌ من أيات الله؟ لا، بل من أَجل تكاليفهِ الباهظة، أُم سُلِمْ جعلت مهرها إسلام أَبي طلحة، لم تشترط عليه شروطاً ما أَنزل الله بها من سلطان، أستمعوا أَيها المؤمنون جيداً ما حدث مع هذه الصحابية الجليلة، تَعَلَّموا منها الدروس والعبر فما أَحوجنا لأَن نتعلم في هذه الأيام، فما سبب الهزائم التي تتوالى علينا إلا بسبب الجهل، ما الفُرقة التي نحن فيها اليوم إلا بسبب البُعد عن الإسلام، أللهم إنا نسألك الأمن والأمان، والعفو والغفران عما كان من الذنوب والعصيان، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. لماَّ تزوجت بأَبي طلحة رُزقتْ منه غلاماً، وخرج زوجُها في سبيل الله، هكذا كانوا لا يخرجون إلا في سبيل الله، لم يخرجوا في سبيل الشيطان، ولم يخرجوا في غضب الرحمن، لم يخرجوا ليُوقعوا الفتن في صفوف المسلمين، لم يعتدوا على حرمات الله، ولم يعتدوا على أعراض المسلمين، وإنما في سبيل الله وطاعتِة ونيل رضاه، خرج أَبو طلحة رضي الله عنه في سبيل الله، والذي قال في حقه المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لَصَوْتُ أبي طلحةُ في الجيش خيرٌ من فئة) فأَين أَصواتُ المؤمنين الصادقين اليوم والذين لا يخشون في الله لومة لائم؟ أين أَصوات المؤمنين الذين يدعون للوَحْدة بين أَبناء هذا الشعب، تمزقت الأمة في هذا الوقت، البعض محاصر والبعض أُسر، والبعض ذُبح، وَمَنْ نُجِيَّ منا نسيَ قوله تعالى: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) (الأنفال8: 72)، (أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) (التوبة9: 38).
عباد الله:
الحسن بن علي رضي الله عنهما أراد الخلافة فتذكر قولَ جدهِ صلى الله عليه وسلم: (إنَّ ابني هذا سيّدُ وسيُصلحُ الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)، تنازل ليحقن دماءَ المسلمين، فهلا تنازل الناس اليوم عن الكرسي الفاني ليحقنوا دماء المسلمين، وليكونوا يداً واحدة.
عباد الله:
تذكروا أَنَّ أتاتورك كسر ظهر الخلافة، ومزق عمامة المفتي، وهدَّم أَعواد المنبر، وأَوقع الأُمة في حَيرة فلا تكونوا مثله، وكونوا كأَصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، جلسوا تحت الشجرة، وبايعوه على قتال الفجرة، فما قاموا حتى سمعوا: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (الفتح48: 18). فهل من بيعه صادقة يا عباد الله؟ أهلُ بيعة الرضوان ضيوف الرحمن، لكنَّ أَهل الكفر لم يعرفوا سرَّ قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) (التوبة9: 111) خرج أَبو طلحة وقَبَّل ولده، ولكنَّ الموتَ عاجلهُ، فالموت حق يا عباد الله وكلنا يعلم ذلك وما زلنا نأكل أموالَ الناسِ بالباطل، ما زلنا نأخذ الربا، ونقع في الزنا، والله لو أَنَّ الواحد منا أَدرك حقيقة الموت، وما بعد الموت، لما عصى الله تعالى، وما غفل عنه طرفة عين، فهذا نبيُّ الله سُليمان عليه وعلى نبينا أُفضل الصلاة وأتممَّ التسليم، وما أًُعطيَ من الُملك فإنهَّ لم يزده إلا تخشُّناً، وما كان يرفع طرفه إلى السماء تخشُّعاً من ربه.

<TABLE class=MsoTableGrid id=table1 dir=rtl style="MARGIN-LEFT: 0.95in; BORDER-COLLAPSE: collapse" cellSpacing=0 cellPadding=0 border=0><TBODY><TR><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 2.25in; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=216>القبرُ بابُ وكلُ الناسِ داخله
الدارُ دارُ نعيمٍ إنْ عملتَ بما
هما محلان ما للمرءَ غيرُهما
ما للعباد سوي الفردوس إنْ عملوأ


</TD><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 0.5in; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=48>
</TD><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 2.25in; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=216>يا ليت علمي بعد القبر ما الدارُ
يرضي الإله، وإنْ خالفتَ فالنَّارُ
فانظر لنفسك أَيُ الدار تختارُ
وإنْ هفوا هفوةً فالربُ غفارٌ


</TD></TR></TBODY></TABLE>
عباد الله:-
توفى أبن أبي طلحة وأَبوه غائب، فماذا فعلت الصحابية الكريمة والتي كان يزورها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها وكانت تتحفه بالشيء تصنعُه له، وكان يقول في حقها: إني أَرحمها، قُتِلَ أخوها وأبوها معي، صلى الله عليك سيدي يا رسول الله، يا مَنْ أرسلك المولى تبارك وتعالى رحمةً للعالمين، صلي الله عليك بعدد الحصى والثرى والبرى والورى.

<TABLE class=MsoTableGrid id=table2 dir=rtl style="MARGIN-LEFT: 0.95in; BORDER-COLLAPSE: collapse" cellSpacing=0 cellPadding=0 border=0><TBODY><TR><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 2.25in; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=216>فاق النبيين في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ
فمبلغ العلم فيه أَنَّه بشرٌ


</TD><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 0.5in; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=48>
</TD><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 2.25in; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=216>ولم يُدانوه في حلمٍ ولا كرمِ
وأَنه خيُر خلق الله كلهمِ


</TD></TR></TBODY></TABLE>
هكذا كانت رحمته صلى الله عليه وسلم، كان يتفقد أصحابه، فأَين حكام اليوم حتى يتعلموا شيئاٍ من صفاته العطرةٌ. أين هؤلاء الحكام الذين (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) (التوبة9: 57) أَين هم من رعيتهم والتي تموت جوعاً وهم يتقلبون في الحياة الفانية؟ فليتقوا الله في رعيتهم وليتذكروا قوله تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) (الصافات37: 24). لماذا غفلوا عن المسجد الأقصى؟ ماذا فعلوا له من أَربعين سنة؟ فليتقوا الله في مقدسات المسلمين.
عباد الله:
توفي ابنُ أم ِسُلَيْم فماذا فعلت؟ هل شقت الجيوب، هل ضربت الخدود كما تفعل نساءُ اليوم؟ لا، بل غسّلت إبنها وكفنته، وصلَّت علية ودفنتة، وعاد زوجها ليلاً، فهيأت له نَفْسَها، وأعدت له طعامه، فأكل ثم سألها كيف حال عُمَيْر؟ فماذا قالت مَنْ تربت بين يدي رسول الله صلى الله علية وسلم؟ قالت له: يا أبا طلحة، إنَّ عُمَيْراً بات الليلة لا يشتكي تعباً، نام نوماً هادئاً. لو كانت إحدى نساء اليوم لقلبت الدنيا رأساً على عقب، ذلك لأن العقيدة هي الأَساس الأول في التربية، هي حجر الزاوية، هي العنصر الفعَّال، ونام معاها زوجها في تلك الليلة وقبل أن يتوجه إلى صلاة الفجر، قال لها: أين عُمًيرْ؟ فإنّي أُريد أَنْ أُقبله قبل أَنْ أَذهب إلى رسول الله صلى الله علية وسلم، فكيف تجيب؟ أتكذب؟ إنهم لا يعرفون الكذب، لقد تربوا مع الصادق الامين، ولكنها قالت له: يا أبا طلحة، إني حزينة، قال: ولم؟ قالت له: لقد أخذتُ من الجيران شيئاً ثم طلبوه مني، فقال لها، أَتحزنين إذا اخذوا وديعتهم؟ فقالت له: أتحزن يا أَبا طلحة إذا أَخذ الله منا وديعته؟ وعندئذٍ لم يسع أَبا طلحة إلا أَن قال : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (البقرة2: 156)، وبعد صلاة الفجر عرض ما قالته زوجتُه على الرسول صلى الله علية وسلم، فماذا قال صلى الله عليه وسلم؟ قال: (بارك الله لكما في ليلتكما يا أَبا طلحة). فجاءَت بولد وهو عبدُ الله بنُ أَبي طلحة، فأَنجب ورُزِق أولاداً، قرأ القرآن منهم عشرة كملاً، أي حفظوا القرآن كاملاُ، فأَين الآباء الذين يُعلمون أَولادهم القرآن؟ أَين حفظة القرآن يا عباد الله؟ أَين الذين يتأدبون بأدب القرآن؟ أَين المعلمون الذين يُعلمون القرآن؟
اللهم أرحمنا بالقرآن العظيم، وأجعله لنا إماماً ونوراً ورحمة، اللهم ذكرنا منه ما نُسينا، وعلمنا منه ما جهلنا،
وإرزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، على الوجه الذي يُرضيك عنا يا رب العالمين.
عباد الله:
أُم سليمْ الأَنصارية، لا تملك ذهباً، ولا فضة، أرادت أن تهديَ الرسولَ صلي الله عليه وسلم هديةً فما وجدت أَغلى من أبنها أَنس فجاءَت وقالت يا رسول الله: هذا أَنس غلامٌ يخدمك، فقال لسان الحال: (يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ) (يوسف12: 19). فكان ثوابُ الهديةِ من الرسول صلى الله علية وسلم (اللهم أكثر ماله وولده وأَدخله الجنة)، فسعد الخادمُ بخدمة المخدوم سعادةً لا شقاء بعدها.
عباد الله :
أًم سُلَيمْ مهرها من أَبي طلحة لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فأَخجلت بمهرها كل فتاه تغالي في المهر. يقول صلى الله علية وسلم: (دخلتُ الجنةَ البارحةَ فرأيت الُرُميصاءَ في الجنة) والرُميصْاء: أُم سُلَيمْ، لأن مهرها أَدخلها الجنة، (دخلت من الباب فأَذن لها الحجّاب،وعرفت المفتاح، فسكنت الدار).
عباد الله:
<TABLE class=MsoTableGrid id=table3 dir=rtl style="MARGIN-LEFT: 0.95in; BORDER-COLLAPSE: collapse" cellSpacing=0 cellPadding=0 border=0><TBODY><TR><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 2.25in; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=216>فلو كنَّ النساءُ كمثل هذي
فما التأنيثُ لأسم الشمس عيبٌ


</TD><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 0.5in; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=48>
</TD><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 2.25in; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=216>لَفُضَّلتْ النساءُ على الرجالِ
ولا التذكيرُ فخرٌ للهلالِ


</TD></TR></TBODY></TABLE>
اللهم إنا نسألك الإقبال عليك، والإصغاء إِليكُ، والفهم عنك، والبصيرة في أمرك، والنفاذ في طاعتك، والمواظبة على إرادتك، والمبادرة في معاملتك، والتسليم والتفويض إليك يا رب العالمين.

عباد الله:
تذكروا دائماً أَنَّ التائب من الذنب لا ذنب له، (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة2: 222)، وترك الذنب يا عباد الله علامةُ التائبين، وترك الدنيا علامةُ الزاهدين، وترك النفس علامةُ العارفين، جعلنا الله وإياكم يا عباد الله من أَخصَّ مَنْ أخلصه بالإخلاص إليه، وأقربهم في محل الزلفى لديه، أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجايه فيا فوز المستغفرين أستغفروا الله.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي جعل الإسلام دينَ العزةَ والقوةَ، وجعل الترابط به على خير محبة وأخوةَ، ولما أهمل المسلمون دينهم دبَّ فيهم الفساد، فسلط الله عليهم عدوهم فطغى في البلاد، ونشهد أَنْ لا إله إلا الله، إنْ وعد أنجز ووفى، وإن هدد تجاوز وعفا، ونشهد أَن سيدنا ومولانا محمداً رسول الله أرسله الله رحمة للعالمين صلى الله علية وعلى آله وأحبابه وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
أَيها المسلمون:
الأحداثُ المؤلمة المدمرة التي يشهدها عالُمنا الإسلاميّ، تندرج ضمن المخططات الأستعمارية الرامية إلى ضرب الإسلام، والحيلولة دون قيام دولةٍ إسلامية، ترعى شؤون المسلمين في شتى أنحاءِ العالم، وسلخ العقيدة من قلوب المسلمين، وإذا فشلت أمريكا في بسط سيطرتها ونفوذها، وتحقيق ما تسميه الديمقراطية في عالمنا الإسلاميّ، فأنها تعمد إلى تعميق الخلافات الدينية، والنزاعات الطائفية داخل البلدان الإسلامية، سيما في منطقتنا. وأمام التوترات المتصاعدة وبخاصةٍ في منطقة الشرق الأوسط، تقفز عدةُ تساؤلات. هل يشهد الصيف الحالي حرباً إقليمية؟ وهل تكون الساحة اللبنانية مهيأةً لحرب أَهلية؟ أَم تكون جبهة الجولان هي المنطلق؟ أم إيران؟، فأمريكا باتت تهدد باستخدام القوة العسكرية لوقف برنامجها النوويّ، بعد حصولها على معلوماتٍ سريةٍ هامةٍ من الجنرال الإيراني الفار إلى أمريكا عن المفاعلات النووية الأيرانية، والتقدم في مجال إنتاج الطاقة والسلاح النوويّ. أما لبنان فإنه يعيش اليوم حالةً متصاعدةٍ من التوتر السياسيّ، والأنقسامِ الحادّ بين أطرافِ المؤسسة السياسية اللبنانيةَ، وأنَّ الصِدامَ العسكريَّ بات وشيكاً بعد أَنْ طلبت سوريا من رعاياها مغادرة لبنان بأقرب وقتٍ ممكن. والعراق الذي ما يزال يشهد المزيد من الضحايا والقتلى وشلالات الدماء، يعيش اليوم أزمةً جديدة هي قضيةُ النفطِ العراقيّ، والذي تعتزم الحكومة العراقية إلى إحالته لشركات أجنبية، وبذلك يفقد العراق آخر مقومات الحياة الأقتصادية لدية. وهناك في أفغانستان تتصاعدُ المعاركُ بين حركة طالبان، وبين قوات التحالف، وباتت باكستان هي أيضاً بؤرة للتوتر السياسيّ والنزاعات الإقليمية القبلية بعد معركة المسجد الاحمر. وفي السودان تتعالى الأَصوات من الجنوب مجدداً بالتهديد بالأستعانة بالقوات الأمريكية لتسوية القضايا العالقة بين الحكومة السودانية ومتمردي الجنوب. أما في فلسطين المسلمة فأسرائيل تستغلُ الخلافَ الفلسطيني العميق، لتحقيق أطماعها التوسعية، فقد ذكرت الصحفُ المحلية أنّ أسرائيل تعمل على توسيع المنطقة العازلة في قطاع غزة لتسيطر على مساحة أربع وعشرين بالمئة من القطاع. كما أنّ أستمرار الأنقسام، والخصام والخلاف، والأتهامات المتبادلة بين الفرقاء، والعِداء والكراهية، وتشويه الحقائق، يساهُم في تعزيز قبضةِ أسرائيل على كامل التراب الفلسطيني، وتتلاشى آمال وأحلامُ وتطلعاتِّ شعبنا الفلسطيني. وأمام الأجواء المحمومة يتساءلُ الجميع هل الإستعانة بقوات دوليةٍ تعيدُ اللحمةَ بيننا؟ وتعمل على دأب الصدع وتوحيد الصف، أم أنها ستزيد الأمورَ تعقيداً، وتراقُ على جوانب الوطن الدماء؟ فتجارب المسلمين مع القوات الدولية كثيرة، المجازرُ التي أرتكبت في البوسنة والهرسك تحت مرأى وسمع القوات الدولية، ومجزرة قانا اللبنانية التي أرتكبت بحق الأطفال المسلمين غدراً وعدواناً وظلماً.

أيها المسلمون:
وإذا كانت مهمة الخطباء والعلماءِ هي الدعوةُ إلى الوَحْدة الإيمانية بين أبناء الوطن الواحدة، والتعالي على الخلافات وتغليب المصلحة العامة، فإنَّ الواجب يدعو أيضاً إلى التحذير من القرارات غير المدروسة أو ردود الفعل والإنفعالات والتصريحات التي تساهم في تعميق هوة الخلاف من أيّ فيصلٍ أو طرف، لأَن الخاسر كما قلنا مراراً هو شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة.
عباد الله:
عصمنا الله وإياكم مِنْ غلبة الأَهواء، ومشاحنتةِ الآراء، واَعاذنا وإياكم من نصرة الخطأ وشماتةِ الأَعداء، واجارنا وإياكم من غِير الزمان، وزخاريف الشيطان، فقد كثر المغترون، وتباهى الجاهلون فأصبحنا وقد أصابنا ما أصاب الأُمم قبلنا، وحل الذي حذَّرنا منه رسولُنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، من الفرقة والإختلاف، وترك الجماعة والإتلاف، وقامت سوق الفتنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون. فهل من عودةٍ صادقةٍ يا عباد الله؟ هل من توبةٍ مخلصة؟ هل من وحدةٍ على اساس الإيمان؟ هل من دعوةً حقيقية لتلاحم أبناء الشعب الواحد ورصِّ الصف؟
أيها المسلمون:
ثمة ملاحظة أود أن أشير أليها من على هذا المنبر الشريف، في العطلة الصيفيةَ تتكرر حوادث الغرق من المتنزهين على شواطئ البحر، وتفقد الأسر أبنائها الشباب، إنني أتوجة بالنصيحة لكل الشباب الذين لا يعرفون السباحة جيداً، أن يتجنبوا السباحة في البحار أو في البحيرات العميقة حرصاً هلى أرواحهم. وأترحم على الذين فقدوا حياتهم غرقاً.

الدعاء
اللهم إنا ندعوك دعاء من أشتدت فاقتة، وضعفت قوتة وقلت حيلت
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى، وأمرك الذي لا يعُصى، ونورك الذي لا يطفى أن تحرر الأقصى
اللهم حرر الأقصى وسائر مقدسات المسلمين
اللهم أجعلة خالصاً لعبادك وأوليائك، نسألك بمقاعد العز من عرشك وبمنتهى الرحمة من كتابك وبأسمك العلى الأعلى
أن تفرج عن أهلنا في فلسطين، اللهم فرج كرب المسلمين في كل مكان يا رب العالمين
اللهم أرزقنا التقوى وأكشف عنا البلوى
اللهم يا مَنْ نجيت موسى من الغرق، ويا من رفعت عيسى اليك
ويا من نجيت يونس في بطن الحوت، وحميت رسولنا بخيط العنكبوت، أهزم أَعدائنا وأجعل الدائرة عليهم يا رب العالمين
اللهم أطلق سراح إخوتنا المعتقلين، فرج كربهم وأرحم ضعفهم وردهم إلى ذويهم سالمين غانمين
اللهم أغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك قريب مجيب الدعوات.
عباد الله:
إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغيّ يعظكم لعلكم تذكرون.
فأذكرو الله الجليل يذكركم، وأشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.