المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ محمد حسين من المسجد الأقصى بتاريخ 20/7/2007م وفق 6 رجب 1428 هجري


admin
05-29-2009, 11:16 PM
خطبة الجمعة للشيخ محمد حسين من المسجد الأقصى بتاريخ 20/7/2007م وفق 6 رجب 1428 هجري
<EMBED height=44 type=audio/wav width=612 src=2007-07-20.wav>


بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة ألقيت في المسجد الأقصى المبارك في 6/رجب/1428هـ وفق 20/7/2007م
" ظاهرة التكفير وخطرها على المجتمع "

الخطبة الأولى :



الحمد لله أنعم علينا بنعمة الإسلام ، وهدانا إلى سبيل الإيمان ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، نحمده تعالى على هذه النعمة ونشكره على هذه المنة .
ونشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، قال تعالى في محكم كتابه " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً "المائدة ، ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله ، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وتركنا على بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، فصلاة الله وسلامه على حبيبه المصطفى ورسوله المجتبى وعلى آله الطاهرين المستكملين الشرفا وعلى آله وأصحابه مصابيح الظلام وأقمار الدجى ومن تبعهم وسار على نهجهم واقتفى أثرهم واستن سنتهم إلى يوم الحشر والملتقى .
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم وطاعته واحذركم وإياي من عصيانه ومخالفة أمره ، لقوله تعالى ، {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ }فصلت46
أيها المسلمون : أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس :
منذ تنكبت أمتكم جادة الصواب بالبعد عن أحكام هذا الدين وهي تعاني البلاء والضعف والهوان والفرقة والخصام.
وان المتتبع لأحوال الأمة ومراحل الضعف التي مرت بها ليرى بعين بصيرته وبصره ما آلت اليه أحوال هذه الأمة التي تمر اليوم في مرحلة الغثائية التي أخبرنا عنها رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم فيما رواه ثوبان – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ‏ قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يوشك الأمم أن‏ ‏ تداعى ‏عليكم كما ‏ ‏تداعى ‏ ‏الأكلة ‏ ‏إلى ‏ ‏قصعتها ‏ ‏فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم ‏ ‏غثاء ‏ ‏كغثاء ‏ ‏السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت " رواه ابو داوود في السنن ، حديث رقم 3745 .
إنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يصف حال الأمة في نبوءة تخترق حجب الزمان والمكان ، أليس هذا هو حالنا اليوم يا مسلمون وقبل اليوم بقرن من الزمان أو يزيد ، يوم تداعت علينا الأمم وشنت علينا حروباً استعمارية هدفها ثقافي واقتصادي وكان المستهدف الأول لهذه الحرب هذا الدين العظيم الذي وحد الأمة على اختلاف أعراقها وألوانها تحت راية عقيدته السمحة وشريعته الغراء . ميزان التفاضل بينها "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "الحجراتورباط الأخوة "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" الحجرات10 والشعار الذي لا يعلوه شعار " المسلم أخو المسلم "والحاكمية في هذه الأمة الكريمة لله وحده : (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ )الأنعام57 ولما انقادت الأمة لهذا الحكم استحقت بجدارة وصف الله تعالى لها : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ) آل عمران110 ، فمن أراد أن يكون من هذه الأمة فليؤد شرط الله فيها .
أيها المسلمون : يا أخوة الإيمان في كل مكان :
ولما تخلفنا عن هذه الشروط تداعت علينا الأمم وطمعت في بلادنا وخيراتنا وحاربت ثقافتنا وأصبح عددنا الذي جاوز المليار غثاء كغثاء السيل ، ودخلنا مرحلة الغثائية التي أخبر عنها نبينا – عليه الصلاة والسلام - .هذه المرحلة التي فقدت فيها الأمة مكانتها وهيبتها وطمعت بها أمم الأرض.
ونزعت مهابة الأمة من قلوب الأعداء وصدورهم ومرد ذلك إلى هذا التفرق والتشرذم والضعف والهوان الذي أصاب الأمة في مرحلة الغثائية التي تعيشها الأمة واقعاً ملموساً ومشاهدا . كما أن الوهن الذي قذف في قلوب أبناء الأمة قد أستفحل ضرره ووجد طريقه إلى القلوب والنفوس فأشغلها بحب الدنيا وصرفها عن دينها وعن آخرتها . ومعلوم أن حب الدنيا رأس كل خطيئة ، فلا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون .
أيها المسلمون : يا أخوة الإيمان في كل مكان :
في مرحلة الغثائية لم تقف الأحداث عند حد الاستعمار ، ونهب خيرات شعوب الأمة وتشويه ثقافتنا ومحاربتها والتشكيك فيها والتعرض لرموزها ومقدساتها ، رغم خطورة هذه الأمور بل تجاوزت ذلك الى زرع الفتنة بين أبناء الأمة بتقسيها على أسس قومية أو طائفية أو مذهبية وإذكاء نار الفتنة والنزاع بين شعوب الأمة لا بل بين أبناء الشعب الواحد وفق هذه المعايير والمقاييس وان من أخطر الظواهر التي تواجه الأمة في مرحلة الغثائية ظاهرة التكفير التي أصبحت تأخذ حيزاً في ذهن وفكر كثير من أبناء المسلمين الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعاً بإطلاق وصف الكفر على من يخالفهم الرأي من أبناء المسلمين أو لا يتبنى مقولتهم وفكرهم .
وقد تجاهل القائلون بالتكفير لأبناء المسلمين أن من قال " لا اله إلا الله وأقر برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح مسلماً معصوم الدم والمال إلا بحق الله تعالى ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ": "من قال لأخيه يا كافر فقد ‏ ‏باء ‏ ‏بها أحدهما" رواه أحمد في مسنده ، حديث رقم 5644 .
نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ونسأله تعالى الثبات على الإيمان وحسن الظن بالمسلمين وأن يلهمنا السداد في القول والعمل ، انه نعم المولى ونعم النصير .
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا يرد قوله لم يقبل اعتذار أسامة بن زيد –رضي الله عنهما – حينما قتل الجهني بعدما قال " لا اله إلا الله "‏ -يقول أسامة – رضي الله عنه – "بعثنا رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ إلى‏ الحرقة‏ من ‏ جهينة ‏ ‏قال فصبحنا القوم فهزمناهم قال ولحقت أنا ورجل من ‏ ‏الأنصار ‏ ‏رجلا ‏ ‏منهم قال فلما غشيناه قال لا إله إلا الله قال فكف عنه الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته قال فلما قدمنا بلغ ذلك النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال فقال لي ‏ ‏يا ‏ ‏أسامة ‏ ‏أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله قال قلت يا رسول الله إنما كان متعوذا قال أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله قال فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ". رواه البخاري ، حديث رقم 6364 . وفي رواية أخرى " هلا شققت عن قلبه "فهلا كف من يطلقون الكفر على من قال " لا اله إلا الله " وصلى وصام والتزم بالاسلام ، هلا كفوا عن مقولتهم وعادوا الى رشدهم وابتعدوا عن الخوض في تكفير المسلمين لسفك دمائهم واستحلال أعراضهم وأموالهم والتزموا عقيدة أهل السنة والجماعة التي عليها مات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم من السلف الصالح واجمع عليها علماء الأمة إننا لا نكفر احداً من أهل القبلة بذنب .
اللهم يا مصرف القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك ، وارزقنا اليقين حتى نلقاك موحدين.
(وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )الحشر10
فاتقوا الله يا أولى الأبصار وادع الله وانتم موقنون بالإجابة

الخطبة الثانية :



الحمد لله الهادي إلى الصراط المستقيم والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين واشهد أن لا اله إلا الله أحب لعباده أن يعملوا لدينهم ودنياهم حتى يفوزوا بنعم الله وينالوا رضوانه .
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله دعى إلى الله على بصيرة فأقام الدين وأوضح السبيل وتركنا على الهدى المستقيم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد أيها المسلمون : يا أبناء ديار الإسراء والمعراج ، في هذا اليوم يطلق سراح عدد من الأسرى من أبناء شعبنا الفلسطيني ، ليعودوا إلى شعبهم وأهلهم وذويهم بعد قضاء مدد من الزمن في السجون الإسرائيلية ، ضحوا خلالها بحريتهم من اجل حرية الوطن والمواطن وكانوا خير المدافعين عن قضية شعبهم قبل أن تحجب حريتهم خلف القضبان وحرصوا على خدمة قضيتهم وقضية شعبهم وأمتهم من وراء القضبان ، فالحركة الأسيرة كانت وما تزال توجه نبض الشارع الفلسطيني ، وتسهم في تصويب مسار العمل الوطني الفلسطيني بمسؤولية عالية وإحساس مرهف يوجه البوصلة الفلسطينية نحو الأهداف السامية لشعبنا الصابر المرابط .
أيها المسلمون : يا أبناء ديار الإسراء والمعراج
إننا ونحن نرحب بهذه الكوكبة من أبناء الحركة الأسيرة الذين أطلق سراحهم ، لندعو الله تعالى أن يفرج عن جميع الأسرى والمعتقلين ، إذ لا تكتمل فرحة شعبنا إلا بعودة جميع الأسرى إلى ذويهم والى حضن شعبهم الذي يقدر صبرهم وتضحياتهم . فمن حق جميع الأسرى أن يطلق سراحهم وهذا حقهم الشرعي والطبيعي والإنساني الذي نادت به كل الشرائع والأعراف والمواثيق الدولية .
وإننا نطالب كل الهيئات ذات الصلة بالعمل على إطلاق سراح جميع الأسرى كما ندعو دائما إلى أن تكون قضية إطلاق سراح الأسرى على رأس أولويات العمل الفلسطيني في جميع مؤسساته الرسمية والشعبية والمدنية لما لهذه القضية من أهمية لدى شعبنا الفلسطيني .
فالأسير هو ابن جميع الشعب وحق له أن يكون كل الشعب مشغولاً بحريته وإطلاق سراحه فالذي ضحى بحريته يستحق من شعبه أيضا كل التضحيات من أجل إطلاق سراحه وحريته فحمدا لله على سلامة أسرانا وندعوه تعالى أن يعجل في خلاص بقية الأسرى انه على كل شيء قدير كما يجب أن لا تشغلنا الفرحة بإطلاق سراح الأسرى على أهميتها عن واجبات مواجهة سياسة الجدار والاستيطان ومصادرة الأراضي وغير ذلك من الإجراءات التعسفية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد أرضنا وشعبنا الفلسطيني .
هذه الإجراءات التي تحتاج مواجهتها إلى وحدة شعبنا ورص صفوفه والارتفاع إلى مستوى التحدي المفروض على أبناء شعبنا الأبي ، والله يقول (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) آل عمران 103.