المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ محمد حسين من المسجد الأقصى بتاريخ 31/8/2007م وفق 18 شعبان 1428 هجري


admin
05-29-2009, 11:25 PM
خطبة الجمعة للشيخ محمد حسين من المسجد الأقصى بتاريخ 31/8/2007م وفق 18 شعبان 1428 هجري

<EMBED height=44 type=audio/wav width=612 src=2007-08-31.wav>


بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة ألقيت في المسجد الأقصى المبارك في 18/شعبان/1428هـ وفق 31/8/2007م
" فضل العلم "

الخطبة الأولى :



الحمد لله جعل العلم طريقاً للفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة ، وبين فضل العلم والعلماء ، فقال تعالى "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " المجادلة11 وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، شهد لذاته العلية بالوحدانية بادئاً بنفسه ومثنياً بملائكة قدسه ومثلثاً بأهل العلم ، فقال تعالى : {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }آل عمران 18وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله أخبر وهو الصادق المصدوق أن الأنبياء لم يورثوا دنياراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم .
فصلاة الله وسلامه على إمام الأنبياء وقدوة العلماء وأسوة الصالحين والعابدين وعلى اله الطاهرين المبجلين الطيبين وصحابته الغر الميامين المحجلين ومن تبعهم وسار على نهجهم واقتفى أثرهم واستن سنتهم إلى يوم الدين.
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم وطاعته وأحذركم وإياي من عصيانه ومخالفة أمره لقوله تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ }فصلت46 .
أيها المسلمون : أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس
غداً وبعد غد يتوجه أبناؤكم إلى المدارس ليبدأوا عاماً دراسياً آخر يضاف إلى الأعوام السابقة في مسيرة التحصيل العلمي الممتدة من سن الطفولة المبكرة إلى سن الشباب والرجولة في رحاب المعاهد والجامعات .
هذه الرحلة العلمية التي يمضي فيها أبناؤنا الطلاب عقوداً من أعمارهم في طلب العلم والتزود به ، إذ العلم خير زاد للتقوى التي جعلها الله طريقاً إلى العلم ورتب عليها العلم النافع لصاحبه، فقال تعالى "وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ" البقرة282.
فكونوا أيها الأباء وأولياء الأمور عوناً لأبنائكم في طلب العلم وهيئوا لهم الأجواء الملائمة ما أمكن حتى يقبلوا على طلب العلم بالجد والاجتهاد والهمة والعزيمة المقترنة بالنية الصالحة إذ لا بد من صلاح النية وإرادة وجه الله بطلب العلم حتى ينتفع المتعلم وينفع بعلمه مجتمعه وأمته .
أما أنتم أيها المعلمون والمشرفون على المدارس وإدارتها والجامعات ونظام الدراسة فيها فقد دفع إليكم أبناء شعبكم بفلذات أكبادهم وأنتم الأمناء على رعايتهم وتعليمهم وتوجيهم إلى ما ينفعهم من العلوم والأخلاق والتربية على حب دينهم والانتماء إلى أرضهم وتاريخهم .
أيها الآباء والأبناء والمدرسون :
ان العملية التربوية والتعليمية تحتاج إلى تضافر جميع الجهود لإنجاحها والسير بها قدماً نحو مزيد من العلم والتحصيل، فلا بد من تعاون البيت مع المدرسة وتفاعل المدرسة مع المجتمع ، فهذه حلقات ثلاث لا بد من العناية بها جيداً حتى تؤدي العملية التعليمية إلى النتيجة المرجوة والثمرة المطلوبة من طلب العلم وتحصيله . وفي هذا المقام لا بد للطالب أن ينظر بعين التوقير والاحترام لمعلمه الذي يبادله الرحمة والشفقة والنصح إلى أبواب الخير كما يزجره عن سوء الأخلاق ، وليكن المعلم خير أسوة لطلابه حتى يأخذوا عنه العلم والأخلاق معا . وبذا يصلح باطنهم وظاهرهم وينتفعون بعلمهم وينفعون أهلهم ومجتمعهم ، ويؤدون رسالة العلم على خير وجه مصداقاً لقوله تعالى :"فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ"التوبة122.
وقد حث رسولنا عليه الصلاة والسلام على طلب العلم مبيناً فضل العلم بقوله : " ‏من سلك طريقا ‏ ‏يلتمس ‏ ‏فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع اجنحتها رضاً لطالب العلم ‏" رواه الترمذي في السنن حديث رقم 2570.
فطلب العلم وتحصيله من الأمور الهامة في حياة الأمة ، فالعلم حياة لصاحبه كما أنه حياة للمجتمع . والأمم لا تتقدم إلا بالعلوم النافعة كما أن الأمم الجاهلة تبقى في ذيل الأمم وتعيش عالة على الأمم المتقدمة في علومها وصناعاتها وخير شاهد على ذلك حال أمتنا اليوم ، يوم أعرضت عن العلوم النافعة وطريق العزة من خلال ديننا العظيم الذي حث في أول آية نزلت من كتاب الله على القراءة ووسائلها لتحصيل العلم الذي يقود إلى توحيد الخالق وعبادته والسير وفق منهاجه الذي ارتضاه لنا فالله يقول : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ{5})العلق . وهذه الآيات الكريمة واضحة في الحث على طلب العلم ومكافحة الأمية والجهل . فالقراءة والكتابة أداة العلم ومفتاح الخير وباب السعادة وعتبة المعرفة والحكمة (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ )البقرة269
جاء في الحديث الشريف عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ‏إن مثل ما بعثني الله عز وجل به من الهدى والعلم كمثل ‏ ‏غيث ‏ ‏أصاب ارضاً. فكانت منه طائفة طيبة. قبلت الماء فأنبتت ‏ ‏الكلأ ‏ ‏والعشب الكثير وكان منها ‏ ‏أجادب ‏ ‏أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا ورعوا وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي ‏ ‏قيعان ‏ ‏لا تمسك ماء ولا تنبت ‏ ‏كلأ ‏ ‏فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه بما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به" ورد في المسند الصحيح صفحة 2282.أو كما قال :
فيا فوز المستغفرين استغفروا الله ، وادعو الله وانتم موقنون بالإجابة .

الخطبة الثانية :



الحمد لله الهادي إلى الصراط المستقيم والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، وأشهد أن لا اله إلا الله أحب لعباده أن يعملوا لدينهم ودنياهم حتى يفوزوا بنعم الله وينالوا رضوانه .
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وتركنا على بيضاء نقية ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد أيها المسلمون : يا أبناء ديار الإسراء والمعراج :
ويستمر العدوان الإسرائيلي على أهلنا في قطاع غزة والضفة الغربية ليوقع الشهداء وبينهم الأطفال الأبرياء ، أطفال الفطرة الذين حرمتهم قذائف العدوان الحياة وطعم الطفولة البريئة ، فتفرقت أشلاؤهم وتناثرت لحومهم في مجزرة بشعة مستمرة من العدوان والغطرسة ومواصلة محاولات فرض الاحتلال بالقوة العسكرية . زد على ذلك التوغلات في المدن والقرى ومحاصرة المواطنين وتجريف أراضيهم واقتحام منازلهم والعبث بمحتوياتها واعتقال العشرات واغتيال الكثيرين من أبناء شعبنا بدم بارد على أيدي المستعربين والمستوطنين . وهدم المنازل وإصابة العديد من أبناء شعبنا بجروح بين بالغة ومتوسطة ، نسأل الله الرحمة للشهداء والعافية للجرحى والثبات والرباط لأبناء شعبنا الصابر المرابط، وكل هذه الجرائم تقترف تحت سمع وبصر العالم الذي ينادي من يزعم فيه المدنية بحقوق الإنسان وحرية الأوطان .
أيها المسلمون : يا أبناء ديار الإسراء والمعراج :
مما يدعو للدهشة والاستغراب أن تصدر تصريحات عن بعض علماء الآثار الاسرائيلين يحذرون من خطورة الحفريات التي تجري في المسجد الأقصى من قبل الأوقاف الإسلامية على الآثار بزعمهم ، أن هذه الحفريات التي ترعاها الأوقاف من خلال خبراء الآثار وورشة العمل الدؤوب من الفنيين والمهندسين في لجنة الإعمار وشركة كهرباء القدس من أجل تجديد شبكة الكوابل التي تغذي المسجد الأقصى ومرافقه بالتيار الكهربائي .
انه عمل من أجل المحافظة على الآثار وإبقاء المسجد الأقصى عامراً بالإسلام والمسلمين يزود بالإنارة في جميع الأوقات .
ان ما يجري في المسجد الأقصى من حفريات وأعمال صيانة يحافظ على الآثار وعلى استمرار المسجد بأداء رسالته وراحة زوّاره الذين يشدون إليه رحالهم للصلاة والعبادة والذكر والرعاية .
وكان الجدير بعلماء الآثار الإسرائيلين أن يعترضوا على تدمير الآثار في طريق بوابة المغاربة التي عملت الآليات الثقيلة على تدميرها وإزالتها وفيها محاريب المساجد والآثار التي تعود إلى الفترات الإسلامية المتقدمة من العهد الأموي والعباسي والأيوبي بوجه خاص .
كما دمرت الآثار الإسلامية جنوب جدار المسجد الأقصى ومن الجهة الشرقية منه وغرست الأشجار مكانها ، فماذا يقول علماء الآثار الاسرائيلين عن هذه الجرائم بحق آثار المسلمين .
ان المسجد الأقصى المبارك هو مسجد إسلامي بقرار رباني ، ولا يوجد فيه إلا الآثار الإسلامية التي تحرص دائرة الأوقاف على رعايتها والمحافظة عليها .
أيها المسلمون : يا أبناء ديار الإسراء والمعراج:
من الظواهر السلبية التي تجتاح المدارس ، ظاهرة حمل أجهزة الاتصال الخلوية وخاصة ما يشتمل منها على أدوات التصوير التي من شأنها أن تثير فتناً بين الطلاب والطالبات بخاصة في حالات تثير الشبه وتؤدي إلى الفتنة ، فليعمل الجميع طلاباً ومعلمين وأولياء أمور ولجان الأولياء في المدارس ومدراء المدارس على منع هذه الظاهرة التي تؤدي إلى الفتن والشر بين أبناء المدارس .
كما أن ظاهرة الإشاعات والاتهامات من خلال ترويج بعض المنشورات المغرضة التي تشتمل على بعض أسماء المواطنين وتمس سمعتهم لهي من الظواهر السلبية غير الأخلاقية الغريبة عن أخلاق شعبنا وقيمه وأعرافه ولا تصدر إلا عن مثيري الفتنة الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في مجتمعنا .
نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، ونسأله الهداية والتوفيق إنه أهل ذلك والقادر عليه .