المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأخذ بالأسباب في الأمور المعينة على حفظ القرآن


admin
05-31-2009, 01:08 PM
الأخذ بالأسباب في الأمور المعينة على حفظ القرآنالأصل أنك تبدأ في الحفظ مراعياً الأسباب المادية التي تعينك على الحفظ، ثم تدعو الله عز وجل بأن ييسر لك هذه الأسباب وأن يساعدك على الاستمرار والديمومة على الحفظ، وأن يهيئ لك من الظروف ما يقويك على ذلك، وأن يعطيك من قوة الذاكرة ما يعينك عليه، وأن يجعلك من الذين يُقيمون حروف القرآن وحدوده، فالرسول صلى الله عليه وسلم نزل عليه القرآن مفرقا ليسهل عليه حفظه، وكان جبريل عليه السلام ينزل عليه في شهر رمضان ليدارسه القرآن؛ فهو صلى الله عليه وسلم الذي عصمه الله من الخطأ وقال له: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى} كان يأخذ بالأسباب العملية المعينة على الحفظ، إذن يا أخي عليك أن تجمع بين الدعاء والأسباب العملية حتى ييسر لك الله عز وجل حفظ كتابه.
النقطة الأولى: من القواعد الجميلة التي يذكرها المتخصصون في الإدارة دائماً قاعدةٌ تقول: "زحزح جدار تعبك قليلا"، ويقصد بها محاولة زيادة مساحة قدرة العمل والعطاء لديك.. بمعنى لو أنني أتعب عند الساعة التاسعة مساء مثلا، دعني أزحزح هذا التعب لأجعله في التاسعة والنصف، وهذه النصف ساعة ليست بالوقت الكبير، ولا تحتاج إلى مجهودٍ فائق، فقط ثلاثون دقيقة.. وثق بأنَّ هذه الفترة الزمنيَّة البسيطة ستزوِّدك بالكثير.. ولن أهمس في أذنك لأذيع لك سرًّا يقول: ستجد –بعد فترة ليست بالطويلة- أنَّ هذه الثلاثين دقيقة قد تمددت وتطاولت. فهل أطمع منك يا أخي أن تستخدم هذه القاعدة؟ أن تزحزح جدار تعبك قليلا؟ ولا تسألني من فضلك: وماذا أفعل في هذا الوقت الجديد؟ فليس هذا أوان الإجابة.
1. وضع لنا الإمام الشافعي رحمه الله قاعدةً ذهبيَّةً في أسباب سوء الحفظ، عندما شكا سوء حفظه إلى شيخه وكيع، فقال:
شكوت إلى وكيعٍ ســوء حفظي فأرشــدني إلى ترك المعاصي
وأخبرنـــي بـأنَّ العلم نـور ونـور الله لا يؤتـى لعاصي
وأيُّ علمٍ أشرف وأكثر بهاءً ونورًا من كلام الله النور عزَّ وجلّ؟! إن المعاصي عائقٌ كبيرٌ أمام الحفظ، ولن أطيل في شرح المعاصي وآثارها، وكيف هي تورث ظلمة القلب كما ذكر ابن عباس رضي الله عنه، ولكني فقط هنا سأشير إلى نقطة تتعدَّى ذلك، وهي شغل العقل بما ليس مفيدا، فيكون القلب مشغولاً بالذنوب، والعقل مشغولاً بما لا يفيد، فيغلق باب الفهم والاستيعاب، وينطفئ نور كلام الله في النفس، فاترك المعاصي وشغل البال فيما لا ينفع تجد البركة في الوقت، وينساب القرآن في قلبك في سهولة ويسر وثبات.
2. حاول تنظيم وقتك قدر المستطاع، فهذا ممَّا يعين ويساعد، فلو جعلت لك وقتاً يوميًّا مثلاً تبدأه بالحفظ، ثم تواظب أياماً على المراجعة حتى تتأكد من الحفظ، فتنتقل إلى مجموعة آياتٍ أُخريات، وهكذا، واحرص دائماً على مراجعة ما تم حفظه، فالمراجعة جزءٌ هامٌّ وأساسيٌّ لتثبيت الحفظ، ولا تتعدَّ ما قررته من آيات لتحفظها إلا إذا تيقنت من ثباتها. زحزح جدار تعبك.. تجنَّب المعاصي وفرِّغ عقلك ممَّا لا يفيد.. نظِّم وقتك: تفتح طريقاً للقرآن في نفسك. هذا عن ضيق الوقت، أمَّا الكسل، فجوابه بسيطٌ لا يحتاج إلى طول حديث، يكفي أن أذكِّرك بعظم المهمة التي أنت عليها، وأنك تتعامل مع كلام الله تعالى، وأنبِّهك إلى أنَّ أصحاب النفوس الكبيرة لا يعرفون الكسل، وكما قال المتنبي:
وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام
وأذكر لك أخيراً قولاً للمحدِّث إبراهيم الحربي يصف الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: "لقد صحبته عشرين سنة؛ صيفاً وشتاء، وحرًّا وبردا، وليلاٌ ونهارا، فما لقيته في يوم إلا وهو زائدٌ عليه بالأمس". فالمتعامل مع الله عزَّ وجلَّ لا يقبل الكسل، وأصحاب الهمم العالية لا يعرفون الكسل، وأتباع الصالحين كالإمام أحمد لا يصيبهم الكسل، فهل أنت من هؤلاء؟
النقطة الثانية: الوصفة القوية لحفظ القرآن الكريم. شاهدنا كثيراً وسمعنا أكثر، عن إخوانٍ لنا نجحوا في حفظ القرآن، أو حاولوا ونجحوا بعض النجاحات.. وكلٌّ وصف لنا طريقته في الحفظ وكيف نجح، وهي -ولا شك- تجارب طيِّبةٌ مباركة، ولكن هل تصلح واحدةٌ منها لتكون وصفةً قويَّةً متكاملةً وملائمةً لكلِّ الناس؟ أشكُّ في ذلك تماما، فقدراتنا مختلفة، وملكاتنا متفاوتة، وكذلك أوقاتنا وانشغالاتنا، فمنَّا من يستطيع حفظ جزءٍ في اليوم، ومنَّا من لا يقدر على حفظ 10 آيات، ناهيك عن ملَكة التذكُّر بعد الحفظ.. وبالتالي لا أستطيع تحديد أمرٍ واحدٍ بعينه، ولكنَّني سأطرح في آخر ردِّي قواعد طيبةً ذكرها فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد، تعينك وتساعدك، وعليك محاولة اختيار الأنسب بالنسبة لك، وإذا احتاج الأمر عندك لبعض التعديل فافعل ذلك، وتذكَّر دائمًا: لا توجد وصفةٌ سحريَّةٌ لحفظ القرآن.
النقطة الثالثة: روى الإمام البخاريُّ عن عن عمران بن حصينٍ قال: قلت: يا رسول الله؛ فيما يعمل العاملون؟ قال: "كلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له"، وروى الإمام مسلم نحوه. فلسنا كلُّنا مخلوقين لحفظ القرآن الكريم حفظ من لا يخطئ أو ينسى، كما أننا لسنا كلُّنا مجبولين على ممارسة الأعمال الشاقَّة العنيفة، فالله خلقنا متنوِّعين متعدِّدين، كي نحقق هدف التكامل في الحياة، والإعمار في الأرض، فلو كنَّا كلُّنا على نمطٍ واحدٍ فلن تقوم الدنيا أو تعتدل. فكلُّنا ميسَّرون لما خُلِقنا له، ولكن ليس معنى هذا ألا نسعى إلى حفظ القرآن والتفقُّه في الدين، بل يجب علينا ذلك بكلِّ طاقتنا، فإنَّ أمر هذا الدين عظيم، "قل هو نبأٌ عظيم"، وبالتالي فكلُّ ما في هذا الدين عظيم، والقرآن -كلام الله تعالى- أساس هذا الدين.
فماذا عليك أن تفعل؟ عليك التالي:
1 - "زحزح جدار تعبك قليلاً، واستخدم هذا الوقت في حفظ القرآن ومراجعته.
2 - دع ما يشغلك ويظلم قلبك.
3- نظِّم وقتك.
4 - إيَّاك والكسل.
5 - تذكَّر أنَّه لا توجد وصفةٌ واحدةٌ لحفظ القرآن، ولكن نختار الأقرب والأنسب.
6 - "كلٌّ ميسَّرٌ لما خُلِق له".
وقبل كل ذلك، فَتْحُ الله سبحانه عليك وتيسيره الأمر وتهوينه، وهذه لا تكون إلا بالدعاء أوَّلاً، ثم بذل كل الوسائل المتاحة، وقد قرَّر ربنا سبحانه أنَّ من بدأ فإنَّ الله سيعينه: "والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سبلنا وإنَّ الله لمع المحسنين".
وذكر فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد القواعد التالية، فيقول فضيلته: "قواعد مهمَّةٌ لحفظ القرآن الكريم:
1. الإخلاص: وجوب إخلاص النية، وإصلاح القصد، وجعل القرآن والعناية به من أجل الله تعالى والفوز بجنَّته، والحصول على مرضاته، قال تعالى في سور الزمر 39 – آية 2-3: "فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴿2﴾ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ" وفي الحديث القدسيّ: قال الله تعالى: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركَه" رواه مسلم، فلا أجر ولا ثواب لمن قرأ وحفظ القرآن رياءً أو سمعة.
2. وجوب تصحيح النطق بالقرآن، ولا يكون ذلك إلا بالسماع من قارئ مجيد أو حافظ متقن، والقرآن لا يؤخذ إلا بالتلقي، فقد أخذه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أفصح العرب لساناً من جبريل شفاهاً، وكان الرسول نفسه يعرض القرآن على جبريل كل سنة مرة واحدة في رمضان، وعرضه في العام الذي توفي فيه عرضتين. ﴿متفق عليه﴾، وكذلك علمه الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه شفاهاً وسمعه منهم بعد أخذ القرآن مشافهة من قارئ مجيد، وتصحيح القراءة أولاً بأول، وعدم الاعتماد على النفس في قراءة القرآن حتى لو كان الشخص ملماً بالعربية وعليماً بقواعدها، وذلك إن في القرآن آيات كثيرة قد تأتي على خلاف المشهور من قواعد العربية.
3. تحديد نسبة الحفظ في كلِّ مرَّة: فيجب على مريد القرآن أن يحدِّد المراد حفظه في كلِّ مرَّة، وبعد تحديد المطلوب وتصحيح النطق تقوم بالتكرار والترداد، ويجب أن يكون التكرار والترداد مع التغنِّي بالقرآن، وذلك لدفع السآمة والملل أوَّلا، وليثْبت الحفظ ثانيا؛ ذلك أنَّ التغنِّي أمرٌ محبٌّب إلى السمع، فيساعد على الحفظ ويعوِّّد اللسان على نغمةٍ معيَّنةٍ فيتعرَّف بذلك على الخطأ مباشرةً عندما يختلُّ وزن القراءة، هذا فضلاً عن أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منَّا من لم يتغنَّ بالقرآن"رواه البخاريّ.
4. لا تجاوز مقرَّرك اليوميَّ حتى تجيد حفظه تماماً: لا يجوز للحافظ أن يتنقل إلى مقرر جديد في الحفظ إلا إذا أتم تماماً حفظ المقرر القديم وذلك ليثبت ما حفظه تماماً في الذهن، ولا شك إن ما يعين على حفظ المقرر أن يجعله الحافظ شغله طيلة ساعات النهار والليل، وذلك بقراءته في الصلاة السرية، وإن كان إماماً ففي الجهرية، وكذلك في النوافل، وكذلك في أوقات انتظار الصلوات، وفي ختام الصلاة، وبهذه الطريقة يسهل الحفظ جداً ويستطيع كل أحد أن يمارسه ولو كان مشغولاً بأشغال كثيرة لأنه لن يجلس وقتاً مخصوصاً لحفظ الآيات وإنما يكفي فقط تصحيح القراءة على القارئ، ثم مزاولة الحفظ في أوقات الصلوات، وفي القراءة في النوافل والفرائض وبذلك لا يأتي الليل إلا وتكون الآيات المقرر حفظها قد ثبتت تماماً في الذهن، وإن جاء ما يشغل في هذا اليوم فعلى الحافظ ألا يأخذ مقرراً جديداً بل عليه أن يستمر يومه الثاني مع مقرره القديم حتى يتم حفظه تماماً.
5. حافظ على رسمٍ واحدٍ لمصحفِ حفظك: ممَّا يعين تماماً على الحفظ أن يجعل الحافظ لنفسه مصحفاً خاصًّا ﴿أي أن يعتمد طبعةً معينة﴾ لا يغيره مطلقا وذلك لأنَّ الإنسان يحفظ بالنظر كما يحفظ بالسمع، حيث تنطبع صور الآيات ومواضعها في المصحف في الذهن مع القراءة والنظر في المصحف، فإذا غيَّر الحافظ مصحفه الذي يحفظ فيه، أو حفظ من مصاحف شتى متغيِّرةٍ مواضع الآيات فإنَّ حفظه يتشتَّت ويصعب عليه الحفظ.
6. من أعظم ما يعين على الحفظ فهم الآيات المحفوظة ومعرفة وجه ارتباط بعضها ببعض.
ولذلك يجب على الحافظ أن يقرأ تفسيراً للآيات التي يريد حفظها، وأن يعلم وجه ارتباط بعضها ببعض، وأن يكون حاضر الذهن عند القراءة وذلك لتسهل عليه استذكار الآيات، ومع ذلك فيجب أيضاً عدم الاعتماد في الحفظ على الفهم وحده للآيات بل يجب أن يكون الترديد للآيات هو الأساس، وذلك حتى ينطلق اللسان بالقراءة وإن شت الذهن أحياناً عن المعنى وأما من اعتمد على الفهم وحده فإنه ينسى كثيراً، وينقطع في القراءة بمجرد شتات ذهنه، وهذا يحدث كثيراً وخاصة عند القراءة الطويلة.
7. لا تجاوز سورةً حتى تضبطها: بعد تمام سورة ما من سور القرآن لا ينبغي للحافظ أن ينتقل إلى سورة أخرى إلا بعد إتمام حفظها تماماً، وربط أولها بآخرها، وأن يجري لسانه بها بسهولة ويسر، ودون إعناء فكر وكد في تذكر الآيات، ومتابعة القراءة، بل يجب أن يكون الحفظ كالماء، ويقرأ الحافظ السور دون تلكؤ حتى لو شت ذهنه عن متابعة المعاني أحياناً، كما يقرأ القارئ منا فاتحة الكتاب دون عناء أو استحضار، وذلك من كثرة تردادها، وقراءتها، ومع أن الحفظ لكل سور القرآن لن يكون كالفاتحة إلا نادراً، ولكن القصد هو التمثيل، والتذكير بأن السورة ينبغي أن تكتب في الذهن وحدة مترابطة متماسكة، وألا يجاوزها الحافظ إلى غيرها إلا بعد اتقان حفظها.
8. التسميع الدائم: يجب على الحافظ ألا يعتمد على حفظه بمفرده، بل يجب أن يعرض حفظه دائماً على حافظ آخر، أو متابع في المصحف، حبذا لو كان هذا مع حافظ متقن، وذلك حتى ينبه الحافظ بما يمكن أن يدخل في القراءة من خطأ، وما يمكن أن يكون مريد الحفظ قد نسيه من القراءة وردده دون وعي، فكثير ما يحفظ الفرد منا السورة خطأ، ولا ينتبه لذلك حتى مع النظر في المصحف لأن القراءة كثيراً ما تسبق النظر، فينظر مريد الحفظ المصحف ولا يرى بنفسه موضع الخطأ من قراءته، ولذلك فيكون تسميعه القرآن لغيره وسيلة لاستدراك هذه الأخطاء، وتنبيهاً دائماً لذهنه وحفظه.
9. المتابعة الدائمة: يختلف القرآن في الحفظ عن أي محفوظ آخر من الشعر أو النثر، وذلك أن القرآن سريع الهروب من الذهن، بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها] ﴿متفق عليه﴾ فلا يكاد حافظ القرآن يتركه قليلاً حتى يهرب منه القرآن وينساه سريعاً، ولذلك فلا بد من المتابعة الدائمة والسهر الدائم على المحفوظ من القرآن، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت] ﴿متفق عليه﴾ وقال أيضاً: [تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصياً- أي تفلتا - من الإبل في عقلها] ﴿متفق عليه﴾ وهذا يعني أنه يجب على حافظ القرآن أن يكون له ورد دائم أقله جزء من الثلاثين جزءاً من القرآن كل يوم، وأكثره قراءة عشرة أجزاء لقوله صلى الله عليه وسلم: [لا يفقه القرآن في أقل من ثلاث] ﴿رواه أبو داود بهذا اللفظ، وأصله في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو﴾ وبهذه المتابعة الدائمة، والرعاية المستمرة يستمر الحفظ ويبقى، ومن غيرها يتفلت القرآن.
10. العناية بالمتشابهات: القرآن الكريم متشابهٌ في معانيه وألفاظه، قال تعالى في سورة الزمر 39 – آية 23: "اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّه"، وإذا كان القرآن فيه نحواً من ستة آلاف آية ونيف فإن هناك نحواً من ألفي آية فيها تشابه بوجه ما قد يصل أحياناً حد التطابق أو الاختلاف في حرف واحد، أو كلمة واحدة أو اثنتين أو أكثر. لذلك يجب على قارئ القرآن المجيد أن يعتني عناية خاصة بالمتشابهات من الآيات، ونعني بالتشابه هنا التشابه اللفظي، وعلى مدى العناية بهذا المتشابه تكون إجادة الحفظ، ويمكن الاستعانة على ذلك بكثرة الاطلاع في الكتب التي اهتمت بهذا النوع من الآيات المتشابهة ومن اشهرها:
1﴾ درة التنزيل وغرة التأويل – بيان الآيات المتشابهات في كتاب الله العزيز – للخطيب الإسكافي.
2﴾ أسرار التكرار في القرآن – لمحمود بن حمزة بن نصر الكرماني.
11. اغتنام سنيِّ الحفظ الذهبيَّة: فالموفَّق من وفقه الله تعالى إلى اغتنام سنوات الحفظ الذهبيَّة، وهي من سنِّ الخامسة إلى الثالثة والعشرين تقريبا، فالإنسان في هذه السنِّ تكون حافظته جيدةً جدًّا، فقبل الخامسة يكون دون ذلك، وبعد الثالثة والعشرين يبدأ الخطُّ البيانيُّ للحفظ بالهبوط ويبدأ خطُّ الفهم بالصعود، لذا على الشباب ممَّن هم في هذه السنِّ اغتنام ذلك بحفظ كتاب الله تعالى، حيث تكون مقدرتهم على الحفظ سريعةٌ وكبيرة، والنسيان يكون بطيئاً جدًّا بعكس ما بعد تلك السنيِّ الذهبيَّة، وقد صدق من قال: "الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر، والحفظ في الكبر كالنقش على الماء".
وبعد، فإنَّ من حق كتاب الله علينا أن نحفظه ونتقن حفظه، مع الاهتداء بهديه واتِّباعه، وجعله دستور حياتنا ونور قلوبنا وربيع صدورنا، وعسى أن تكون تلك القواعد أساساً طيِّباً لمن يريد حفظ كتاب الله تعالى بإتقان وإخلاص، والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبيِّنا محمد".

نائل أبو محمد
09-25-2010, 02:30 PM
السبت 17 شوال 1431
مشكوور والله يعطيك الف عافيه