المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ عكرمة صبري من المسجد الأقصى


admin
05-12-2009, 01:39 PM
تاريخ الخطبة:
عنوان الخطبة: وقفة مع سنن الله عز وجل
الموضوع الرئيسي: موضوعات عامة
الموضوع الفرعي: جرائم وحوادث
اسم الخطيب: عكرمة بن سعيد صبري

ملخص الخطبة
1- لجوء المؤمن إلى الله إذا ألمّت به الملمات والمصائب. 2- زلزال مدينة بام الإيرانية وأثره الضخم. 3- عجز الإنسان وضعفه الكامل عن إيقاف سنن الله أو دفعها. 4- وقوف العلم عند حدود معينة. 5- الحكمة من حدوث الظواهر الطبيعية والآيات الكونية. 6- حقيقة الموت، وحتمية وقوعه، والمر بكثرة ذكره. 7- موت النبي http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif. 8- مهزلة ما يسمى بيوم السلام العالمي. 9- سلام إسرائيل المزعوم. 10- دعوة أدعياء السلام للوقوف في وجه المخططات العدوانية التوسعية الاستعمارية ضد الشعوب المغلوبة والضعيفة. 11- الواجب على الحكام العرب. 12- صور من العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة، والواجب على الشعب حيال ذلك.

الخطبة الأولى
أما بعد، فيقول الله عز وجل في سورة القمر: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifإِنَّا كُلَّ شَىْء خَلَقْنَـٰهُ بِقَدَرٍ http://www.alminbar.net/images/mid-icon.gif وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وٰحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ http://www.alminbar.net/images/mid-icon.gif وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَـٰعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif، [القمر: 49-51]صدق الله العظيم.
أيها المسلمون، لقد أفاق أهل مدينة بام الإيرانية صبيحة يوم الجمعة الماضي على زلزال شديد، بلغت درجة قوته 6.7، حيث أصبحت ديارهم قاعاً صفصفاً، وكانت حصيلة هذا الزلزال ما يزيد عن خمسين ألف قتيل، وخمسين ألف جريح، ولا تزال عمليات الإنقاذ مستمرة حتى يومنا هذا، وذلك بحثاً عن الأشخاص المطمورين تحت الأنقاض، وليس هذا الزلزال هو الأول من نوعه، ولن يكون الأخير، فمن المتوقع أن تحصل زلازل في إيران وفي غيرها من أقطار العالم، فالزلزال من الظواهر الطبيعة في هذا الكون الرحيب.
أيها المسلمون، السؤال الذي يطرح نفسه: هل تستطيع البشرية جمعاء بما لديها من تقدم علمي وتكنولوجي وتقني أن توقف وقوع الزلازل؟
والجواب: إن الزلازل وغيرها من الظواهر الطبيعية هي بيد الله الواحد القهار خالق الأراضين والأكوان، وهو الذي يسيرها فيقول سبحانه وتعالى في سورة يونس: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَـٰعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif[يونس: 22]، ويقول في سورة الكهف: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَيَوْمَ نُسَيّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَـٰهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًاhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif[الكهف: 47]، ويقول في سورة الأنبياء: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَـٰرَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif[الأنبياء: 23]، ويقول في سورة (يس): http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifلاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَا أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif[يس: 40]، وغيرها من الآيات الكريمة التي تؤكد قدرة الله عز وجل في تسيير الكون وتنظيمه.
أيها المسلمون، أما العلوم التقنية، فمهمتها الكشف عن الظواهر الطبيعة في الكون من الزلازل والبراكين والمد والجزْر والفيضانات والخسوف والكسوف، ولا يزال الإنسان يكتشف كل يوم أموراً جديدة في هذا الكون الرحيب، ولكن يستحيل على العلم أن يوجد هذه الظواهر، كما يستحيل عليه أن يمنع وقوعها وحدوثها، ويمكن للعلم أن يخفف من الأضرار الناجمة عن هذه الظواهر، مثل ما قامت به اليابان من إشادة البنايات والعمائر على كرات حديدية كبيرة، بحيث تتحرك مع اهتزازات الزلازل، هذا نوع من الأخذ بالأسباب يضاف إلى كوننا نحن المسلمين نلجأ إلى الله بالاستغفار وطلب المغفرة.
أيها المسلمون، إن العلم الحديث سيقف عاجزاً عن إيجاد الحياة والروح في الخلية الواحدة، التي هي أصغر جزء في الإنسان وفي الكائنات الحية الأخرى، لأن ذلك مرتبط بقدرة الله وحده القائل في سورة الإسراء: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif، والقائل في سورة (يس): http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifإِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif[يس: 82].
أيها المسلمون، السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا حصل الزلزال في مدينة بام في إقليم كرمان في إيران ولم يحصل في موقع آخر؟ وما الحكمة من حصول الظواهر الطبيعة والآيات الكونية؟
والجواب في قوله سبحانه وتعالى من سورة الأنبياء، http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifلاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـئَلُونَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif[الأنبياء: 23]، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فإن الله عز وجل يوضح الحكمة من وقوع هذه الظواهر في سورة الإسراء بقوله: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifوَمَا نُرْسِلُ بِٱلاْيَـٰتِ إِلاَّ تَخْوِيفًاhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif[الإسراء: 59]، أي ليتذكر الناس قدرة الله سبحانه وتعالى، وليخافوا عقابه.
أيها المسلمون، إن الله رب العالمين يقول للناس أجمعين في كل آن وحين في سورة النساء: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifأَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif[النساء: 78]، وفي سورة الجُمُعة: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifقُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِى تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَـٰقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَيُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif[المنافقون: 8]، فإنه خلال ثوانٍ، أقل من دقيقة واحدة تم حصول الزلزال في مدينة بام في إيران، وكانت الحصيلة عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وذلك ليتذكر أولو الألباب الموت، وحتى يخافوا الله ويخشوه، وليقروا وليعترفوا بقدرته المطلقة، وليستقيموا في أعمالهم وتصرفاتهم في الحياة الدنيا.
أيها المسلمون، إن الموت سنة الله في خلقه، والموت كأس، وكل الناس شاربه، فلا تغفلوا عنه، وهو حق على المخلوقات جميعها، وقد شمل الموت الأنبياء والمرسلين، حتى إنه شمل سيد الخلائق محمداً عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فقد روى الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله قال: اجتمعنا في بيت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ونظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدمعت عيناه، فنعى إلينا نفسه وقال: ((مرحباً، حياكم الله بالسلام، حفظكم الله، رعاكم الله، جمعكم الله، نصركم الله، وفقكم الله، نفعكم الله، رفعكم الله، سلمكم الله، وأوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، وأستخلفه عليكم))، قلنا: يا رسول الله متى أجلك؟ قال: ((قد دنا الأجل، والمنقلب إلى الله، وإلى سدرة المنتهى، وجنة المأوى، والفردوس الأعلى))[1] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/ekremah001.htm#_ftn1).
وحين قرب الأجل جاء جبريل عليه السلام وقال: يا أحمد، هذا ملك الموت يستأذن عليك ولم يستأذن على آدمي قبلك، ولا يستأذن على آدمي بعدك؟، فقال: ((ائذن له))، فدخل ملك الموت، فوقف بين يديه وقال: إن الله أرسلني إليك، وأمرني أن أطيعك، فإن أمرتني أن أقبض نفسك قبضتها، وإن أمرتني أن أتركها تركتها، قال عليه السلام: ((وتفعل يا ملك الموت؟))، قال: كذلك أمرت أن أطيعك، فقال جبريل: ((يا أحمد، إن الله اشتاق إليك))، فقال عليه الصلاة والسلام : ((فامضِ لما أمرت به يا ملك الموت))، فقال جبريل : السلام عليك يا رسول الله، هذا آخر موطني في الأرض إنما كنت حاجتي من الدنيا[2] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/ekremah001.htm#_ftn2).
اليقظة، اليقظة أيها المصلون في استقبال الموت، وأن لا تقعوا في المعاصي والمنكرات والموبقات، جاء في الحديث النبوي الشريف: ((أكثروا ذكر هادم اللذات، الموت))[3] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/ekremah001.htm#_ftn3) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ادعوا الله، وأنتم موقنون بالإجابة، فيا فوز المستغفرين

<HR align=right width=33 SIZE=1>[1] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/ekremah001.htm#_ftnref1) أخرجه البزار (5/395-396)، والطبراني في الأوسط (4/208-209)، وقال: "ورواه المحاربي عن عبد الملك بن الأصبهاني عن مرة عن عبد الله لم يذكر خلاد الصفار ولا الأشعث بن طليق ولا الحسن العرني". قال الهيثمي بعد أن عزاه للبزار ونقل كلامه السابق: "رجاله رجال الصحيح غير محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي وهو ثقة، ورواه الطبراني في الأوسط بنحوه إلا أنه قال: (قبل موته بشهر) وذكر في إسناده ضعفاء منهم أشعث بن طابق، قال الأزدي: لا يصح حديثه. والله أعلم". مجمع الزوائد (9/25).

[2] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/ekremah001.htm#_ftnref2) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (3/129)، قال الهيثمي: "رواه الطبراني، وفيه عبد الله بن ميمون القداح وهو ذاهب الحديث". مجمع الزوائد (9/35)، وكذا ضعف إسناده الألباني في تعليقه على مشكاة المصابيح (5918).

[3] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/ekremah001.htm#_ftnref3) أخرجه أحمد (2/292)، والترمذي في الزهد، باب: ما جاء في ذكر الموت (2307)، وقال: "حسن صحيح غريب"، والنسائي في الجنائز، باب: كثرة ذكر الموت (1824)، ابن ماجه في الزهد، باب: ذكر الموت والاستعداد له (4258) عن أبي هريرة رضي الله عنه، واللفظ بتمامه للترمذي وابن ماجه، وعند أحمد والنسائي دون ذكر لفظة (الموت)، وصححه ابن حبان (الإحسان 7/259)، والألباني في صحيح سنن الترمذي (2229)، وصحيح سنن النسائي (1824)، وصحيح سنن ابن ماجه (3434)، وصححه المقدسي في الأحاديث المختارة (5/76-77) من حديث أنس رضي الله عنه، وعزاه في المجمع للبزار والطبراني من حديث أنس أيضاً وحسّن إسنادهما. مجمع الزوائد (10/308، 309).



الخطبة الثانية
نحمد الله رب العالمين حمد عباده الشاكرين الذاكرين، ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد، صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين، اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين، إنك حميد مجيد.
أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، بحلول العام الميلادي الجديد ينادي أدعياء السلام بيوم السلام العالمي، وأي سلام يريدون، وأصوات طبول الحرب ترتفع وتيرتها ضد دول المنطقة يوماً بعد يوم؟ وما حصل في العراق أقرب دليل على زيف أدعياء السلام، وهل يلتقي السلام العادل مع الاحتلال والاستعمار؟؟ فأقول للذين يتشدقون بالسلام ويختفون وراء شعارات السلام، أقول لهم: يتوجب عليكم إن كنتم صادقين في دعواكم، أن تقفوا في وجه المخططات العدوانية التوسعية الاستعمارية من قبل الدول الكبرى ضد الشعوب المغلوبة والضعيفة، عليكم أن تطبقوا الشعارات على أرض الواقع، وإلا فهي شعارات خادعة زائفة.
ويتوجب على الحكام في العالم العربي والإسلامي أن يتقوا الله في أنفسهم وفي شعوبهم وفي ديارهم، وأن يوحدوا صفوفهم، وأن يعودوا إلى كتاب الله وسنة رسوله.
أيها المسلمون، أما على المستوى المحلي، فأين السلام الذي تريده سلطات الاحتلال؟ هل السلام الذي يدعو إلى قتل الأبرياء ونسف المنازل وتجريف الأراضي؟ وهل الذي يريد سلاماً يقيم المستوطنات في فلسطين وفي الهضبة السورية، الجولان؟ وهل الذي يريد سلاماً يقيم الجدار الفاصل العنصري ويجعل من المدن الفلسطينية كنتونات وسجوناً كبيرة؟ هذا الجدار الذي يبلغ طوله 728 كم، وقبل يومين أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أعاد فتح البوابة الوحيدة لمدينة قلقيلية، والصحافة الإسرائيلية غطت هذا الخبر للتمويه والخداع، وبعد ساعة واحدة فقط عاد الجيش، وأغلق هذه البوابة.
وإن ما يجري في نابلس وجنين ورفح الآن ليدل على جود مخططات تصفوية للشعب الفلسطيني الصابر المرابط، ثم هذا الذي يخطط لفتح نفق جديد في باحة البراق الخارجية يريد سلاماً؟ علماً أن باحة البراق الخارجية وحارة المغاربة وحارة الشرف، منطقة القصور الأموية، كلها هي وقف إسلامي، وإن حقنا الشرعي لن يسقط بمرور الزمان، ونطالب شعبنا الأَبي بزيادة تكاتفه وتضامنه ومحافظته على ممتلكاته وعلى مقدساته، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.