المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ يوسف أبو سنينة من المسجد الأقصى بتاريخ 14/3/2008م وفق 6 ربيع أول 1429 هجري


admin
06-01-2009, 10:17 AM
خطبة الجمعة للشيخ يوسف أبو سنينة من المسجد الأقصى بتاريخ 14/3/2008م وفق 6 ربيع أول 1429 هجري

أحول الأمة الإسلامية اليوم (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2008-03-14-1429-03-06.htm)

<EMBED src=2008-02-01%20-%201429-01-24.wav width=612 height=44 type=audio/wav>

بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة من المسجد الأقصى المبارك
أُلقيت هذه الخطبة في السمجد الأقصى المبارك بوم الجمعة 24/محرم/1429هـ وفق 1/2/2008مـ
وقد آلقاها الشيخ يوسف أبو سنينة إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك
غفر الله تعالى له ولوالدية ولشيوخه ولأحبابه آمين آمين آمين.

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي تجلى لقلوب أهل الولاية بأّنوار الهداية، وحفظهم بدوام الكلاءَة، والحمد لله الحّي المعبود، الواحد الموجود، والحمد لله الحميد المجيد الفعاَّل لما يُريد، ذي الفضل العظيم، والطوّل الكريم، ناصر الحق وأهله، وقامع الباطل وحزبه، وجاعل العاقبة للمتقين بفضله. ونشهد أَنْ لا إله إلا الله، أّظهر من بدائع آثار سلطانه آياتُ ألوهيته، سبحانه جلَّ جلالُه، أنعم فأجزل، وأعطى فأكثر، وخلق فأَتقن، وصنع فأَحكم، وحكم فعدل، وقال فصدق، ووعد فأَنجز، وأّنعم فأّسبغ، وإصطفى محمدأً صلى الله عليه وسلم وصفوته، وساق إلى الجنة زمرته، وفرض الأسلام ملته، والكعبة قبلتة، وجعل خير الناس أمته، وأنزل عليه صلاته ورحمته وبركته وسكينته ومحبته. ونشهد أَنَّ سيَّدنا محمداً عبُدُه ورسولُه، الهادي إلى الجنة ومسالكها، والمحذرَّ من النار ومخاوفها، والمتحنن على أمته، والرؤوف بهم، المبعوث من جبال تهامة، بالأنوار التامّه، والحجج الباهرة، والبراهين الزاهرة، والآيات الظاهرة. فصلوات الله على النبي الأميّ، الهادي المهديّ، الطاهر الزكيَّ، النقيّ الوفيّ، الجواد السخيّ، صفىّ ربه، وخازن وحيه، وخطيب توحيده، وشمس رسله، وقمر أنبيائه، وسراج دينه، خير مّنْ علا المنبر، ولبى وكبرَّ، وسعى ونحر، وطاف وجمرَّ، وَمّنْ أُعطيَ الكوثر، صلى الله عليه أّفضل وأكمل وأّجمل، وأّعلى وأعظم، وأجل وأطيب، وأظهر وأّطهر، وأبهى وأزكى، وأّشرف وأتم، وأعمَّ وأكفى، وأبر وأكثر، وأنفع وأرفع، وأبلغ ما صلى على أحدٍ من خلقه، وعلى آله وصحبه الطيبين الأّخيار، المنتخبين المباركين الأبرار، وسلم تسليماَ كثيراَ، أما بعد:

عباد الله:
إن مشكلات الشباب وقضاياهم تتلخص في أمور منها:


اولاً: التفريط في صلاة الجماعة

صلاة الجماعة التي تركها كثير من الناس إلا مَنْ رحم ربك، صلاة الجماعة التي ما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وهو في مرض الموت، صلاة الجماعه التي طُعن أميرُ المؤمنين عمر وهو يتلهف عليها، صلاة الجماعة التى أوصى أَحد السلف بنية أَن يحملوه إلى المسجد وهو في مرض الموت بعد ما سمع الأذان، فلما قالوا له: أنت مريض، وقد عذرك الله، فقال متعجباً!! لا والله، فحملوه فقبض الله ُروحه في السجدة الأخيرة. صلاة الجماعة التي يقول عنها سعيد بن المسيِّب رضي الله عنه: والله ما لي من عملٍ أرجوه بعد لا إله إلا الله، إلا أَنني ما فاتتني تكبيرة الأحرام في الجماعة أربعين سنة، وقال الأعمش: ستين سنة، صلاة الجماعة التي مَنْ فقدها بغير عذر، فقد فَقَدَ النور والإستقامة والهداية والسدار والرشاد. فأَين نحن اليوم من سلفنا الصالح، والله ما أنتصروا إلا بعبادتهم وإخلاصهم، عندما عملوا لله كتب الله لهم النجاة (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة58: 21) صدق الله تعالى.

عباد الله:
لقد قصَّرنا جميعاً في صلاة الجماعة، لا تجد في صلاة الفجر إلا الصفوف القليلة، كيف يصلح الحال والمساجد خاوية من المصلين؟ كيف ينتهي الشباب عن الفواحش والمنكرات وهو لا يعرف المساجد؟ كيف سنقف بين يدي الله يوم القيامة ولم نصلي في بيوته؟ أَيكفي أَنْ يُصلى علينا فقط في صلوات الجنائز؟ أَيّها الآباء والأُمهات مُروا أَولادكم بالصلوات في المساجد، و (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم66: 6). وصدق نبينا قول الشاعر:

<TABLE class=MsoTableGrid id=table1 dir=rtl style="MARGIN-LEFT: 0.95in; BORDER-COLLAPSE: collapse" cellSpacing=0 cellPadding=0 border=0><TBODY><TR><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 2.25in; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=216>وَجَلْجَلَةُ الأذان بكل حيٍّ
مئاذنكم عَلَتْ في كل ساحٍ


</TD><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 0.5in; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=48>
</TD><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 2.25in; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=216>ولكن أَين صوتٌ من بلالِ
ومسجدكم من العَّباد خالي


</TD></TR></TBODY></TABLE>
فهلا عاد المسلمون في بيت المقدس إلى مساجدهم؟ هلا عاد المسلمون لإعمار المسجد الأَقصى، فمسجدكم درة الأرض المقدسة فلا تفرطوا فيه، وأنتم أيها التجار في القدس الشريف إجعلوا لكم نصيباً في بيت الله تعالى، التجارة ليست كل شيء في الحياة، فالحياة فانية، ودراهمكم فانية، ولن تأخذوا معكم إلا عملكمُ الصالح، تذكروا أَن الأَعمار قصيرة، فكونوا أنتم الأمناء والحراس في مسجدكم، كونوا الأوفياء الأتقياء في دينكم.

المشكلة الثانية: تأتي من جلساء السوء
قومٌ علمّ الله منْ قلوبهم الخبث فأخرهم، قوم ما أفلحوا في دينٍ ولا دنيا، فشلوا في حياتهم، لا يعرفون إلا لعب الوَرَق، وسماع الأغاني، والغيبة والنظرة الآثمة، يصدون عن سبيل الله، يتلقفون شباب الإسلام، ليجعلوا مصيرهم كمصيرهم، وحياتهم كحياتهم،ومن هنا نُوجه شبابنا بالأبتعاد عنهم وهدم مجالستهم فالله يقول (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (الأنعام6: 68). والواجب على المسلم يا عباد الله أَنْ يتخير الجليس الصالح الذي يُذكّرًه بالله تعالى، قال الحسنُ البصريُّ رحمه الله تعالى: (إنتقوا الإخوان، والأصحاب والمجالس)، وكان معاذ بنُ جبلٍ رضي الله عنه يقول: (إياك وكلَّ جليسٍ لا يُفيدُك علماُ). وفي حديث أَبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أَنه قال: (ما جلس قومٌ مجلساً يقرأون فيه القرآن، ويذكرون السنن، ويتعلمون العلم، ويتدارسون بينهم، إلا حفتهم الملائكة، ونزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم اللهُ فيمن عنده، فقيل له: يا رسول الله: الرجل يجلسُ إليهم وليس منهم، ولا شأنهُ شأنهم، أتأخذه الرحمةُ معهم؟ قال: نعم، هم القوم لا يشقى جليسُهم). فالمسلم الصادق يا عباد الله يبحث عن أَهلِ الصدقِ والإخلاص، أهل العلمِ والعمل، فيجالسهم ويصادقهم ويصاحبهم ويتعلم منهم ويسلك سبيلهم، فالحق جلَّ وعلا يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة9: 119) ويقول كذلك: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (الزمر39: 33).
عباد الله:
السكندريُّ يقول العارف بالله ابنُ عطاء الله رضي الله عنه: (يتبين صدقُ العبد من كذبه في أوقات الرخاء والبلاء، فَمَنْ شكر قي أيام الرخاء، وصبر في أيام البلاء فهو من الصادقين، وَمَنْ بطر في أيام الدنيا، وجزع في أيام البلاء فهو من الكاذبين). أخي السملم، يقول رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم: (المرءُ على دين خليله، فلينظر أمرؤٌ مَنْ يُخالل). فأصحب أيها المسلم مَنْ يَنسْى معروفه عندك، ويذكر حقوقك عليه، وتذكروا يا عباد الله، الإخوانُ على ثلاث طبقات:
· فإخوان كالغذاء لا يستغنى عنهم أَبداً وهم إخوان الصفاء والمحبة.
· وإخوان كالدواء يُحتاج إليهم في بعض الأوقات، وهم الفقهاؤ والعلماء.
· وإخوان كالداء لا يحتاج غليهم أبداً، وهم أهل الملق والنفاق لا خير منهم.
فإذا أردت أَن تعرف الإنسان فأنظر إلى أصحابه كما قال الشاعر:

<TABLE class=MsoTableGrid id=table2 dir=rtl style="MARGIN-LEFT: 59.4pt; BORDER-COLLAPSE: collapse" cellSpacing=0 cellPadding=0 border=0><TBODY><TR><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 171pt; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=228>عن المرءِ لا تسأل وسلْ عن قرينه
وصاحبْ أولي التقوى تَنل منَ تقاهُمُ


</TD><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 0.5in; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=48>
</TD><TD style="PADDING-RIGHT: 5.4pt; PADDING-LEFT: 5.4pt; PADDING-BOTTOM: 0in; WIDTH: 2.5in; PADDING-TOP: 0in" vAlign=top width=240>فكلُّ قرينٍ بالمقارنِ مُقتدي
ولا تصحب الأردى فتردى مع الردى


</TD></TR></TBODY></TABLE>
فأياك أَيها المسلم وصاحب السوء، فأنه كالسيف المسلول، يُعجبك منظره، ويقبحُ أَثره.
المشكلة الثالثة: عدم الأهتمام بالعلم الشرعيٍّ وتحصيله
فالمسلم يجتهد في طلب العلم حتى يعبد الله تعالى على بصيرةٍ ومعرفة، ويجد ويجتهدُ في طلبه، لأن طلب العلم جهاد في سبيل الله تعالى. يقول الصحابيُّ الجليلُ أبو الدرداء رضى الله عنه: (مَنْ رأى العدوَّ والرواحَ إلى العلم ليس بجهادٍ فقد نقص عقلهُ). وطلبُ العلم ليس له وقتٌ محدد فقد قيل لابن المبارك رحمه الله تعالى: (إلى متى تطلب العلم، قال:حتى الممات إن شاء الله. وقيل له مرة ثانية كيف ذلك؟ فقال: لعل الكلمة التي تنفعني لم اكتْبها بعد).

عباد الله:
سأل أَحدهم أبا عمرو بن العلاء: (حتى متى يحسُنُ بالمرء أنْ يتعلم؟ فقال: ما دام تحسُنُ به الحياة). هكذا ينبغي طلب العلم يا عباد الله، لأن الحياة لا تستقيم إلا بطلب العلم، يُذكر أَنَّ أُمّاً نصحت ولدها عندما أَراد طلب العلم فقالت: (توجهتَ إلى بيت الله تعالى وطلب العلم، فلا يكتبنَّ عليك حافظاك شيئاً تستحي منه غدأً).

فيا أيها الشباب:
أقتدوا بسلفكم الصالح من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا هو عقبة بت نافع رضي الله عنه شاب في الخامسة والعشرين من عمره، يقف على المحيط الأطلنطيّ مُوحداً، مُصلياً يرفع يديه إلى السماءِ قائلاً: (والله لو أعلم أنَّ وراءَ هذا الماءِ أرضاً لخضته بفرسي هذا رافعاً راية: لا إله إلا الله)، نَصَرَ اللهَّ ونَصَرَ الأسلام، وفتح أفريقا، فشكّر الله سعيه ورفع منزلته. ولكن هل تعلموا يا عباد الله أَنَّ من شبابنا من بلغ الثلاثين والأربعين وهو لا يدري لماذا أتى؟ ولماذا يعيش؟ وأين يسير؟ غاوٍ، لاهٍ، ما عرف رسالته في الحياة. قال جلَّ وعلا: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) (مريم19: 59). فخلف من بعدهم خلف، جعلوا مكان التلاوةِ الغناء، ومكان المصحف المجلات، ومكان التسبيح اللهو واللعب، ومكان التهجد سهر الليالي الماجنة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الغفور. فاتقوا الله يا عباد الله، وأعملوا لدينكم وآخرتكم، فالكيّس مَنْ واق نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز مَنْ أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأَمانيّ.

اللهم أرحمنا فإنك جبار رحيم ولا تعذبنا فأنت علينا قدير وألطف بنا فيما جرت به المقادير، إنك على كل شيء قدير.

عباد الله:

توجهوا إلى الله وأدعو الله وأَنتم موقنون بالإجابة فيا فوز المتقين أتقوا الله ويا فوز المستغفرين أستغفروا الله.

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي جعل القرآن لأَهله شرفاً ونوراً، وضاعف لهم ببركتهِ تلاوته أُجوراً، نحمده على ما أولى من النعم، ونشهد أَنْ لا إله إلا الله، وحدهُ لا شريك له شهادةً خالصةً تنجي قائلها من النقم، ونشهد أَنَّ سيدنا محمداً عبدُهُ وروسولُهُ، الذي حاز الفصاحة والملاحة والكرم، صلى الله عليه وعلى آله وأَصحابه، أَهل الفضل والجود والسماحة، وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

أيها المسلمون:
وتبقى قضيةُ القدس هي المحورُ الأَساس، في أرضنا المباركة، والواجب على امتنا اليوم أنْ تعمل لبقائها إسلامية كما أرادها الله، ورغم كلِ الضغوطات والصعوبات التي تواجهنا اليوم، إلا أنَّ أُمتنا ستبقى صابرة مرابطة في أرضها ومقدساتها مهما كلف الثمن، ونحن من هنا ندعوا الله العليُّ القدير أنْ يُهيءََ لهذه الأمه، ولهذه المدينة المقدسة، القيادة الصالحة، والأَيدي النظيفة الطاهرة المتوضئة، والقلوب العامرة بالتقوى والأيمان، وتذكروا أيها المسلمون أنَّ الشعارات لن تعيد الأرض والمقدسات، لا تعودُ الأرضُ إلا بالرجال المؤمنين الصادقين، الذين يعملون لدينهم وعقيدتهم ولا شيء غير ذلك. أما الحصارُ القاتلُ على أُمتنا في قطاع غزة، فلن يُرفع من خلال لجنة حقوق الإنسان في مجلس الأمن، لن يُرفع الحصارُ إلا بالوًحدة والتعاون والتكاتف، فالله سبحانه وتعالى يقول (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران3: 103). وها هي قضيةُ إدارةِ المعابر تعود اليوم، فهل يتمسك الفلسطينيون والمصريون بسيادتهم، وتكون لحمة العقيدة والدم أقوى من أي شيء آخر؟ ونحن من هنا نكرر دعوتنا للأشقاء أَنْ يترفعوا عن خلافاتهم وأَنْ يُوحدوا صفوفهم، وأَن يكونوا على قدر المسؤولية للتفويت على المتربصين بقضيتنا، فكفانا فرقة وخلافاً، كفانا خصامًُ وشجاراً.

عباد الله:
إلى متى هذا الذل والهوان؟ إلى متى هذا الأنتظارُ والتعلقِ بالأوهام والأحلام؟ إنّ أُمتنا اليوم بحاجة إلى إعادة تقييمٍ ذاتية، فنحن بحاجة إلى رجال مؤمنين صادقين يعملون بصدق وأخلاص من أجل الوصول إلى الخلاص، نحن اليوم في أمس الحاجة لوَحْدة الصف، وجمع الشمل، والعودة إلى منهج الله ودستور الأمة، والعمل على إحياء الحياة الأسلامية وأقامة دولة الأسلام، هذا هو السبيل الوحيد لرفعة الأُمة وعزتها وكرامتها ومجدها وعلو شأنها، تعلموا الدرس والعبرة من موقف الحسن بن علي رضي الله عنه وكيف تنازل لمعاوية من اجل مصلحة الأمة، وكيف كان موقف خالد رضي الله عنه عندما عزله أمير المؤمنين عمر وأعطى القيادة لأمين الأمة أبي عبيدة، ماذا قال خالد يومها؟ قال كلمة الحق والصدق والأخلاص، لم نقاتل لأجل عمر، إنما نقاتل في سبيل الله، فهلا وقفت أمتنا اليوم موقفاً مشرفاً يرفع رؤوس المؤمنين، ويُخلصهم من الشقاء وسفك الدماء، نسأل الله تعالى أَنْ يكتب لنا الهداية والرشاد وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
الدعاء
اللهم كما صُنْتَ وجوهنا عن السجود لغيرك،
فَصُنْ وجوهنا عن المسألة لغيرك.
اللهم إنك تعلم أنا نعلم أنك لنا على أكثر مما نحبَّ، فأجعنا لك على ما تحب.
اللهم إنا نسألك بالقُدرة التي قلت للسماوات والأرض (اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصلت41: 11)
اللهم وفقنا لمرضاتك،
اللهم إنا نعوذ بك من الفقر إلا أليك،
ونعوذ بك من الذل إلا لك،
اللهم لا تكثر علينا فنطغى،
ولا تقلل علينا فنسيء،
وهب لنا من رحمتك وَسَعَة رزقك ما يكون بلاغا لنا، وغناءً من فضلك.
اللهم إنا نسألك مُوجبات رحمتك، وغزائم مغفرتك،
والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة،
والنجاة من النار، ولا تدع لنا ذنباُ إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا حاجة إلا قضيتها.
اللهم مَنْ كان على هوىً أو على رأيٍ وهو يظن أنه على الحق فَرُدَّهُ إلى الحقَّ حتى لا يضلَّ من هذه الأمة أحد.
اللهم لا تشغل قلوبنا بما تكفَّلْتَ لنا به،
ولا تجعلنا في رزقك خولاً لغيرك، ولا تمنعنا خير ما عندِك لشرَّ ما عندنا، ولا ترنا حيث نهيتنا،
ولا تفقدنا من حيث أمرتنا،
أعزنا ولا تذلنا، أعزنا بعز الطاعة، ولا تذلنا بالمعاصي.
يا دليل الَحَيارى دلنا على طريق الصادقين،
وأجعلنا من عبادك الصالحين.
اللهم أسترنا بالعافية في الدنيا والآخرة.
اللهم أَطلق سراح أَسرانا ومسجونينا،
اللهم فرج كربهم وأرحم ضعفهم،
وأجبر كسرهم وتول أمرهم،
وكن معهم يا رب العالمين.
عباد الله:
إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فأذكروا الله يذّكركم وأشكروه على نعمهِ يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.