المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ عكرمة صبري من المسجد الأقصى بتاريخ 3/10/2008م وفق 4 شوال 1429 هجري


admin
06-01-2009, 11:24 AM
خطبة الجمعة للشيخ عكرمة صبري من المسجد الأقصى بتاريخ 3/10/2008م وفق 4 شوال 1429 هجري

الإصلاح (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2008-10-03-1429-10-04.htm)

<EMBED height=44 type=audio/wav width=612 src=2008-10-03-1429-10-04.wav>

بسم الله الرحمن الرحيم


الخطبة الأولى :
الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفؤاً أحد . بفضل سورة الإخلاص :
اللهم لا تكلنا إلى أحد ، ولا تحوجنا إلى أحد ، واغننا يا رب عن كل أحد ، يا من إليه المستند ، وعليه المعتمد ، عالياً على العلا فوق العلا فرد صمد ، منزه في ملكه ليس له شريك ولا ولد .
ونشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، نصر عبده ، وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده لا شيء قبله ولا شيء بعده ، القائل (لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)(المجادلة:22) .
ونشهد أن سيدنا وقائدنا وحبيبنا وشفيعنا محمداً عبد الله ورسوله القائل " سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ، ويكذّب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخوّن فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة . قيل : يا رسول الله ، ما الرويبضة ؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة "أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم عن الصحابي الجليل أبي هريرة  ، وقال الحاكم : الحديث صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبي في كتابه التلخيص . صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين المبجّلين، وصحابته الغر الميامين المحجّلين ومن تبعهم واقتفى أثرهم وسار على دربهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد فيقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه :
(وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ)(ابراهيم:45-46).

أيها المسلمون- أيها المؤمنون :
هاتان الآيتان الكريمتان من سورة إبراهيم وهي مكية . وتتحدثان عن مكر الكافرين ومؤامراتهم ضد الأنبياء والمرسلين ، وقد ورد لفظ ( المكر ) في القرآن الكريم ما يقارب خمسين مرة لفضح الماكرين المتآمرين وكشف خططهم وأساليبهم ، وأن الله عز وجل لهم بالمرصاد .
أيها المسلمون :
ان المكذبين للرسل قد مكروا مكراً شديداً ، وهذا الكر هو أقصى ما وصلت إليه قدرات المكذبين المتآمرين ، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في آية أخرى (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)(فاطر:43) . وبالرغم من ان الجبال كادت لتزول بسبب شدة هذا المكر إلا أن هذا المكر يكون ضعيفاً واهناً أمام قدرة الله العزيز الجبار .
أيها المسلمون – أيها المؤمنون :
لو أن رسولنا الأكرم محمداً  كان وحده في مواجهة المكر والتآمر دون سند ولا عصمة من ربه لما استطاع ردَّ هذا المكر إلا أن الله العلي القدير قد تدخلت قدرته لإبطال هذا المكر . فلا تظنن أيها المسلمون أن الله عز وجل يخلف وعده ، وإنما ينصر رسله والمؤمنين ، ويأخذ على يد الظالمين المكذبين الماكرين المتآمرين في كل زمان ومكان .
وهذا يؤكد على أن المسلمين حينما يكونون مع الله فإن الله يكون معهم وينصرهم ، ويصد عنهم كيد الكائدين ، ومكر الماكرين وتآمر المتآمرين للحديث القدسي الشريف " أنا مع عبدي حين يذكرني ، فإذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ، وإن اقترب إلي شبراً اقتربت إليه ذراعاً ، وإن اقترب إلي ذراعاً اقتربت إليه باعاً ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة "أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم مع اختلاف بسيط في الألفاظ عن الصحابي الجليل أبي هريرة  .
أيها المسلمون :
صادفت أمس الخميس (2/11/2006م) ذكرى تصريح بلفور _ وزير خارجية بريطانية الأسبق _ والذي عرف هذا التصريح بوعد بلفور المشؤوم وذلك بتاريخ 2/11/1917م أي مضى على صدور وعد بلفور تسع وثمانون سنة ، ومنذ ذلك التاريخ وبلاد فلسطين بخاصة والعالم الإسلامي بعامة وهي تعيش في توتر ومعاناة وانقسام وتأخر سياسي . وعقبه بعد ذلك إلغاء الخلافة العثمانية التركية . ومن الملاحظ ان هذه الذكرى قد مرت مروراً عابراً بقصد أو بغير قصد ، فكأن النكبات المتوالية على شعب فلسطين ينسي بعضها بعضاً . وفي الحقيقة فإن التآمر ضد الإسلام والمسلمين قائم غير قاعد من قبل الغرب الذي يضمر الحقد والمكر والعداء على الإسلام والمسلمين منذ الحروب الصليبية وحتى يومنا هذا .
أيها المسلمون :
وفي هذه الأيام تكشف مكر أعداء الإسلام وتآمرهم أكثر وأكثر ، وسبب ذلك أن المسلمين أخذوا يعودون إلى دينهم الإسلامي العظيم عودة حميدة ، وأخذ الإعلام الغربي بين الفينة والأخرى ينشر رسومات مسيئة للإسلام ونبي الإسلام عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بالإضافة إلى وجود قنوات فضائية متخصصة للتشكيك بالدين الإسلامي ، كل ذلك بهدف صدّ المسلمين عن دينهم (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ)(آل عمران:118) .
أيها المسلمون :
كما صدرت وتصدر تصريحات محمومة من مسؤولين غربيين ضد هذا الدين العظيم ، وتأتي محاضرة بابا الفاتيكان في ألمانيا لتكمل هذا المسلسل العدواني الظالم . وبالرغم من احتجاجات المسلمين على ما قاله بابا الفاتيكان في محاضرته ضد الإسلام إلا أنه رفض الاعتذار كما رفض شطب العبارات التي تسيء للإسلام من محاضرته . ثم يحاول بابا الفاتيكان خداع المسلمين بإطلاق دعوته للحوار بين الأديان ، هذه الدعوة التي ظاهرها فيه الرحمة ، وباطنها فيه العذاب . ومن المؤلم والمؤسف أن الأنظمة في العالم الإسلامي لم تكن في موقفها من تصريحات بابا الفاتيكان بالمستوى المطلوب . مما أدى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى الإعلان عن مقاطعنه وعدم التعامل معه ، وهذا أضعف الإيمان .
أيها المسلمون :
إن مسلسل المكر والتآمر على الإسلام لم يتوقف فجاء الحرب على الحجاب من فرنسا وبريطانيا من خلال وسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية الغربية . والسبب في ذلك هو انتشار الحجاب بين المسلمات في الدول الغربية حتى أصبح الحجاب ظاهرة واضحة في المجتمعات الأوروبية . ونقول للأخوات المسلمات المتحجبات في العالم كله : اثبتن على موقفكن الإيماني ، فإنه موقف يمثل الجهاد الأكبر _ جهاد النفس رغم الحرب النفسية ضدكن . ولا تتراجعن فإن الله عز وجل مع المسلمين والمسلمات ما داموا على الحق وما داموا متمسكين بحبل الله المتين ، والله مع العاملين .
أيها المسلمون – يا أبناء أرض الإسراء والمعراج :
ثم بعد ذلك لماذا تختلفون ، أيها الإخوة في الساحة الفلسطينية ، وعلى أي شيء تختلفون ، إلامَ الخلاف بينكم إلامَ . وهذي الضجة الكبرى علام ؟ إنكم تتصارعون في دوامة مفرغة !! ألا تدرون أن الغرب يكيد لنا ؟ وأن قوى البغي والظلم تستهدفنا جميعاً ؟!
إن اختلافاتنا قد طفت على السطح وأخذت الدول الغربية تتدخل بشؤوننا وخصوصياتنا وتستهين بنا ، وأخذ العرب والمسلمون يتندرون بنا باستغراب واستهجان ؟! وجيش الإحتلال الاسرائيلي يحصدنا والشهداء يتساقطون يومياً في بيت حانون وغيرها !! فماذا ننتظر ؟!
أيها المسلمون – يا اخوتنا في غزة الصمود :
اتفقوا على الحد الأدنى من القواسم المشتركة بينكم ، هل صحيح أنه لا توجد بينكم قواسم مشتركة ؟! نحن قانعون تماماً بأن القواسم المشتركة أكثر بكثير من القضايا العالقة والمختلف عليها ، يكفي أن عقيدة الإسلام تجمعنا ، ويكفي أننا نتوجه إلى قبلة واحدة في صلاتنا ، ويكفي أن فلسطين المقدسة تظللنا ، ويكفي أن الأقصى المبارك تاج رؤوسنا . ونكرر ما قلناه في خطب سابقة : كونوا على قدر من المسؤولية ، ضعوا المصلحة العامة فوق الاعتبارات الفصائلية أو الحزبية أو الشخصية ، وإننا لمنتظرون ، ووفقكم الله لما فيه خير البلاد والعباد ، وقد بدت خلال هذا الأسبوع بوادر الانفراج إن شاء الله (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا)(فصلت:30). وقال عليه الصلاة والسلام :
( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافلٍ لاهٍ)
رواه الترمذي عن الصحالي الجليل ابي هريرة .
فيا فوز المستغفرين استغفروا الله.

الخطبة الثانية:
الحمد لله … له الحمد في الدنيا والآخرة ، له الحكم وإليه ترجعون . ونشهد أن لا إله إلا الله يحب لعباده أن يعملوا لدينهم ودنياهم ليظفروا بنعم الله وينالوا رضوانه . ونشهد أن محمداً عبد الله ورسوله خاتم النبيين وقدوة العاملين ،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم ، في العالمين إنك حميد مجيد.
أيها المصلون :
يكثر التساؤل بشأن صيام التطوع في شهر شوال :
هل يشترط التوالي والتتابع في صيام الأيام الستة من شهر شوال ؟ والجواب : يقول رسولنا الأكرم محمد  " من صام رمضان ، ثم أتبعه ستاً من شوال ، كان كصيام الدهر " رواه مسلم والترمذي عن الصحابي أبي هريرة  . فهذا الحديث الشريف جاء بصيغة مطلقة ، ولم يشترط التتابع والتوالي في الصوم ، فيجوز التفرق بين أيام الصيام خلال شهر شوال ، وبهذا نفتي ، والله تعالى أعلم . وسؤال آخر يتعلق بصيام النساء : ما الأفضل البدء بقضاء صوم الأيام عن الحيض أو النفاس أم البدء بصيام التطوع في شوال ؟ والجواب : الأولى والأفضل البدء بصيام التطوع في شهر شوال لأن الأيام الستة محصورة في شهر واحد هو شهر شوال . أما بالنسبة لقضاء الصيام فهناك متسع من الوقت حتى نهاية شهر شعبان القابل ، إن شاء الله ، وبهذا نفتي ، والله تعالى أعلم .
أيها المسلمون – يا أبناء بين المقدس وأكناف بيت المقدس :
نشرت الصجف العبرية خلال هذا الأسبوع دعوات مشبوهة ومخططات عدوانية لبناء كنيس يهودي في باحة المسجد الأقصى المبارك . وهذه المخططات العدوانية قديمة جديدة ، تثار بين الفينة والأخرى لجس نبض المسلمين ، من قبل جمعيات يهودية وكهنة وحاخامين يهود ، والآن ينادون بالإسراع في تنفيذ مخططات لبناء كنيس يهودي .
ونقول من على منبر المسجد الأقصى المبارك : إن الذين يلعبون بالنار لا يدركون عواقب الأمور ، ولا يدرون بأن النار ستحرقهم قبل أن تحرق غيرهم . مؤكدين للمرة تلو المرة بأن المسجد الأقصى المبارك بمساحته والتي تبلغ مائة وأربعين دونماً هو خالص للمسلمين ولا تنازل عن ذرة تراب منه ، ولا نقر ولا نعترف بأي حق لليهود في هذا المسجد . وعليهم أن يبتعدوا عنه المسجد ، ولا يفكروا فيه إن أرادوا تهدأة الأوضاع . ومؤكدين أيضاً ان الأقصى ليس لأهل فلسطين وحدهم وإنما هو لجميع المسليمن في أرجاء المعمورة إلى أن يرث الله الأرض وما عليها . ونحمّل السلطات الاسرائيلية المحتلة المسؤولية عن أي مسّ بحرمة المسجد الأقصى المبارك لتهاونها وعدم محاسبة أولئك الذين يطرحون المخططات العدوانية .
والملاحظ أن الجماعات اليهودية المتطرفة تصول وتجول دون حساب ولا عقاب ، مما يشجعها على التمادي في محاولاتها العدوانية والإستفزازية . ونحن على يقين أن المسلمين المصلين حريصون كل الحرص على مسجدهم المبارك فهم يعمّرونه بالصلاة فيه والتردد عليه، ويحمونه من أي خطر محتمل .إنه الأقصى الذي جثت لعظمته مواكب الرجال ، وعنت لهيبته قوافل الأجيال .
اللهم احم المسجد الأقصى من كل سوء.
اللهم آمنا في أوطاننا، وفرج الكرب عنا.
اللهم يا الله جئنا إليك نلوذ بك منك ، طامعين رحمتك فلا تخيّب فيك رجانا ، ونسألك اللهم أن تعزنا ولا تذلنا ، وأن تكن لنا ولا تكن علينا .
اللهم ارحم شهداءنا، وشاف جرحانا، وأطلق سراح أسرانا، وعليك بمن آذانا .
اللهم اجعل الأمة الإسلامية في كفالتك واهدها للعمل بكتابك .
اللهم إنا نسألك توبة نصوحا ، توبة قبل الممات ، وراحة عند الممات ، ورحمة ومغفرة بعد الممات .
اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
(وَأَقِمْ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)(العنكبوت 45).