admin
06-01-2009, 11:33 AM
خطبة الجمعة للشيخ عكرمة صبري من المسجد الأقصى بتاريخ 24/10/2008م وفق 25 شوال 1429 هجري
إنهيار الرأسمالية (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2008-10-24-1429-10-25.htm)
<EMBED height=44 type=audio/wav width=612 src=2008-10-24-1429-10-25.wav>
25 شوال 1429ه وفق 24/10/2008م) الخطبة الأولى الحمد لله... إذ لم يأتني أجلي = حتى اكتسبت من الإسلام سربالا الحمد لله ، حمداً يليق بمقامك وجلالك وعظيم سلطانك . ونستغفرك – ربنا – ونتوب إليك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله . أنت ربنا ونحن عبيدك : لا معبود سواك ، لا ركوع ولا سجود ولا تذلل ولا ولاء إلا إليك . سبحانك فأنت ملاذ المؤمنين الصادقين ، حافظ المسلمين المجاهدين ، مخزي المنافقين الغادرين ، هازم الكافرين المعتدين المتغطرسين . ونشهد أن لا إله إلا أنت وحدك ، لا شريك لك ، قرارك الفصل ، حكمك العدل ، أمرك المطاع ، لا تجاوز لحدودك . اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام واحفظنا بعزك الذي لا يضام ، واكلأنا بعنايتك في الليل والنهار،في الصحاري والآجام . ونشهد أن سيدنا وقائدنا وحبيبنا وشفيعنا محمداً عبد الله _ ونبيه ورسوله إمام الأنبياء والمرسلين وقدوة العلماء العاملين، صلى الله عليه ، وعلى آله االطاهرين المبجلين. وصحابته الغر الميامين المحجلين، ومن تبعهم وخطأ وربهم وأسن سنتهم واقتفى أثرهم بإحسان إلى يوم الدين من علماء وتجويد القرآن الكريم وعلماء ضبط المصحف الشريف ، وعلماء العقيدة والتوحيد ، وعلماء الفقه والتشريع ، وعلماء مصطلح الحديث الشريف ، وعلماء اللغة العربية والتصريف، ومن كل عالم عامل قدم خدمة للإسلام والمسلمين . أما بعد فيقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبط الشيطان من المس ، وذلك بأنهم قالوا : إنما البيع مثل الربا ، وأحل الله البيع وحرم الربا ، فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ، ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون . " سورة البقرة الآية 275. صدق الله العظيم أيها المسلمون هذه الآية الكريمة من سورة البقرة وه مدنية ، ويقول علماء التفسير بأن الآيات المتعلقة بتحريم الربا هي آخر الآيات الكريمة نزولاً من القرآن الكريم للتأكيد على حرمة الربا . وفي الوقت الذي حرم رب العالمين الربا فإنه عز وجل أحل البيع بقوله"وأحل الله البيع وحرم وحرم الربا". فالبيع فيه تبادل للمنافع بين الناس ، ويكون التبادل بالرضا والاختيار ، فيبارك الله في الأرزاق الحلال، وأن ديننا الإسلامي العظيم قد بنى الاقتصاد الإسلامي على أسس سليمة وواضحة وهو جزء من النظام الإسلامي العام. أيها المسلمون ما الحكمة الربانية أن القرآن الكؤيم أتى بلفظ ( يأكلون الربا ) ولم يقل يتعاملون بالربا. والجواب والله أعلم : بأن القرآن الكريم قد وصف وضع آكل الربا يوم القيامة وضعاً مرعباً مخيفاً فإن آكلي الربا يقومون من قبورهم يوم القيامة وهم مصرعون كالمجانين ويتعثرون في مشيتهم ويقعون على الأرض حيث تكون بطونهم ثقيلة ومنتفخة كالبيوت فبقول رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم في هذا لمجال " أتيت ليلة أسري بي على قوم فقلت: من هؤلاء يا جبريل ؟ قال هؤلاء آكلة الربا ". رواه أحمد وابن ماجد عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه. وقد " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء ". رواه مسلم عن الصحابي الجليل أبي هريرة . وأنه صلى الله عليه وسلم عد آكل الربا من الكبائر والموبقات السبع بقوله " واجتنبوا السبع الموبقات. قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال : الشرك بالله،والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات". متفق عليه عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه . أيها المسلمون إن المرابي وإن كثر ماله فلا يغتر بكثرة ماله فسرعان ما يزول لأنه فقد اخذه بظلم وبغير حق ، فالربا جريمة اقتصادية وآفة اجتماعية ، ويقول سبحانه وتعالى " يمحق الله الربا ويربي الصدقات ، والله لا يحب كل كفار أثيم ". سورة البقرة الآية 276. نعم أيها المسلمون ‘ن الله عز وجل يمحق الربا ويزيله. ويشمل ذلك الذين يتعاملون به على مستوى الأفراد والشعوب والدول . وقبل شهرين تقريباً حصلت أزمة مالية محلية في مدينة القدس نتيجة التعامل بالربا وقد طالت عدداً من الصيارفة والتجار. نعم ايها المسلمون إن الله سبحانه وتعالى يربي الصدقات أي يكثر المال الحلال وينميه بالصدقات ويضع فيه البركة فيقول رب العالمين في سورة البقرة " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة ، والله يضاعف لمن يشاء ، والله واسع عليم. " الآية 261. ويقول عز وجل في السورة نفسها " من الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة ، والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون ". الآية 245. أيها المسلمون_ يا أخوة الإيمان في كل مكان إن الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي في هذه الأيام لتؤكد على فشل النظام الرأسمالي الذي يقوم على الربا وعلى الاقتصاد الحر . وإن الخسائر التي لحقت بأمريكا وبدول كثيرة قد بلغت مئات المليارات وقد تصل إلى ألف مليار. وقد توعد الله عز وجل أولئك الذين يتعاملون بالربا بشن الحرب عليهم بقوله في سورة البقرة "... فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله..." الآية 279 فهذه الحرب الربانية قد بدأت لتقضي على النظام الرأسمالي المفاسد، فهذه الإفلاسات والانهيارات بالشركات العملاقة وبالبنوك الكبيرة قد ازدادت يوماً بعد يوماً وانكشف فساد النظام الربوي . حتى إن عدداً من خبراء الاقتصاد الغربي اخذ يبحث عن البدائل للنظام الاقتصاد الحر الذي ظهر فشله. ونقول لهم : لا يوجد إلا بديل واحد هو الإسلام العظيم الذي يحل مشاكل العالم الاقتصادية وغيرها في مختلف مناحي الحياة. أيها المسلون إن الاقتصاد الراسمالي الحر قد دفع بامريكا أن تفك ارتباط الدولار بالذهب أي أنها تصدر الملايين من الدولارات دون غطاء من الذهب معتمدة على قوتها السياسية والعسكرية . والمعلوم أن الاقتصاد الثابت السليم هو الذي تقوم العملة فيه على غطاء من الذهب، فتحفظ العملة قيمتها ولا تتأثر بأي هزة اقتصادية أو سياسية . فالاقتصادي الإسلامي يقوم أساساً على التعامل بالذهب والفضة ويجوز إصدار عملات ورقية شريطة ان تكون مغطاة بالذهب . أيها المسلمون _ يا أخوة الإيمان في كل مكان والسؤال : من الذي تأثر من هذه الأزمة المالية العالمية ومن الذي لم يتأثر؟ والجواب: إن الدول والشكات والبنوك التي ربطت اقتصادها بالدولار أو لم يكن لديها غطاء من الذهب قد تأثرت تأثراً مباشراً، فوقعت الهزات وأفلست الشركات وضاعت الحقوق والمكتسبات. "اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ". أخرجه البخاري والبيهفي والدار قطني عن لصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أما الدول والبنوك التي لم ترتبط بالدولار الأمريكي أو كان لها غطاء من الذهب فلم تتأثر بهذه الأزمة المالية. ونشير إلى أن البنوك والمصارف الإسلامية لم تتأثر لأنها لم تتعامل بالربا، وكانت منضبطة في معاملاتها بالأحكام الشرعية، وهذا الفرق الواضح بين البنوك التقليدية الربوية وبين البنوك الإسلامية التي تثبت أمام الأزمة المالية الحالية. أيها المسلمون- يا أخوة الإيمان في كل مكان إن بوادر انهيار النظام الرأسمالي لا بد أن يكون من داخله، وفعلاً قد بدأ العد التنازلي ، فالهيمنة والغطرسة والاستخفاف بالشعوب الضعيفة ونهب خبراتها، قد بلغت ذروتها فساداً وإفساداً فيأتي مفعول الدعوات التي انطلقت من حناجر وقلوب الأيتام والأرامل والمنكوبين والمحترقين والمظلومين، والله سبحانه وتعالى يقول " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا به لعلهم يرشدون". سورة البقرة الآية 186. قد يقول رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم فتوجهوا أيها المسلمون إلى الله عز وجل، إلى رب رحيم، إلى رب العالمين بالدعاء على دول الكفر والاستعمار وعلى عملاتهم وعلى الذين يوالونهم فالله سبحانه وتعالى قريب منكم لينتقم من الظالمين، وليفرج الكرب عنكم، إنه سميع مجيب " وقال ربكم أستجب لكم " سورة غافر (المؤمن) الآية 60 . فيا نور المستغفرين ، استغفروا الله. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين حمد عباده الشاكرين الذاكرين، ونصلي ونسلم على المبعوث رحمه للعالمين سيدنا وحبيبنا محمد النبي الأمي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم صلي على يدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، في العامين إنك حميد مجيد . أيها المصلون – أيها المسلمون أتناول نقطتين اثتتين بإيجاز. 1_ النقطة الأولى تتعلق بالمحاكم وحارس أملاك الغائبين: لقد سبق أن حذرنا من مغبة اللجوء إلى المحاكم لأن ذلك يعطي تبريراً لحارس أملاك الغائيبن بوضع يده على حصص أصحابها الغائيبن في العقارات والبيوت والدكاكين بموجب قانون ظالم يعرف بقانون الأملاك المتروكة وقانون آخر يعرف بقانون أملاك الغائبين ونؤكد على الفتوى السابقة التي أصدناها بهذا الخصوص. وأن الإثم يقع على من كان مسبباً في ضياع العقارات من خلال حارس أملاك الغائبين، وهذا ما حصل فعلاً قبل أيام من أن أحد البيوت في مدينة القدس قد وقع في مصيدة حارس أملاك الغائيبن لأن الخلافات وصلت إلى المحاكم؟؟ أيها المصلون يا أبناء أرض الإسراء والمعراج هذا ونثمن جهود القائمين على الإصلاح وتسوية الأمور بين أصحاب العلاقة من ما يكن ومستأجرين. كما ونشكر كل من سحب قضيته من المحاكم تقديرً منه للمسؤولية، وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وعلى المالكين والمستأجرين تسوية أمورهم بالتراضي وأن يضع كل منا مخافة الله في تصرفاته وألا يظلم غيره سواء كان مالكاً أو مستأجراً وفي أي معاملة من المعاملات وفي أي علاقة من العلاقات " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد". سورة من الآية 37. صدق الله العظيم أيها المصلون يا أبناء بيت المقدس وأكتاف بيت المقدس 2_ النقطة الأخرى: المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثاني المسجد وثالث الحرمين الشريفين : لقد مرت أيام عجاف على هذا المسجد الطاهر المقدس خلال الأسبوعين لماضيين حيث اقتحمت الأقصى مجموعات من اليهود المتطرفين عدة مرات بهدف فرصة واقع جديدة ولإرضاء الحكومة لهم على حساب الأقصى، وهذا مما أثار حفيظة المسلمين واستقرت مشاعرهم الإيمانية وأغضب رب العالمين. فهب المصلون المسلمون لنصرة الأقصى يوم الثلاثاء الماضي (21/10/2008م) ومنعوا المتطرفين من اقتحام باحاته. ومن المؤسف والمؤلم أن الذي يدافع عن الأقصى يتهم بالتحريص، وأي تحريص والله سبحانه وتعالى سيسألنا يوم القيامة عن الأقصى الذي هو جزء من إيماننا وعقيدتنا وهو أمانة في أعناقنا وأعناق جميع المسلمين في العالم كله. مؤكدين بأن باحات الأقصى هي مسجد وهي جزء لا يتجزأ من الأقصى وهي ليست مجرد ساحات عامة كما تدعي البلدية الإسرائيلية. ونؤكد أيضاً بأن الأقصى المبارك هو للمسلمين وحدهم بجميع باحاته ولواوينه واروقته وجدرانه وبواباته، وذلك بقرار من رب لعالمين، ولا تنازل عن هذا القرار الإلهي بأي حال من الأحوال ولا تفريط بذرة تراب من الأقصى، وحماك الله يا أقصى والله غالب على امره ولكن أكثر الناس لا يعلمون." سورة يوسف الآية 21 . اللهم احم المسجد الأقصى من كل سوء. اللهم آمنا في أوطاننا وفرج الكرب عنا. اللهم هي من يوحد المسلمين ويحذو حذة صلاح الدين. اللهم ارحم شهدائنا وشاف جرحانا، وأطلق سراح اسرانا. اللهم يا الله يا أمل الحائرين ويا نصر المستضعفين ندعوك بكل اليقين إعلاء شأن المسلمين بالحق والنصر المبين. اللهم إنا نسألك توبة نصوحاً: توبة قبل الممات، وراحة عند الممات ورحمة ومغفرة بعد الممات. اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين . اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. " وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون. " سورة العنكبوت الآية 45 . 24/12/2008م د.عكرمة صبري
إنهيار الرأسمالية (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2008-10-24-1429-10-25.htm)
<EMBED height=44 type=audio/wav width=612 src=2008-10-24-1429-10-25.wav>
25 شوال 1429ه وفق 24/10/2008م) الخطبة الأولى الحمد لله... إذ لم يأتني أجلي = حتى اكتسبت من الإسلام سربالا الحمد لله ، حمداً يليق بمقامك وجلالك وعظيم سلطانك . ونستغفرك – ربنا – ونتوب إليك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله . أنت ربنا ونحن عبيدك : لا معبود سواك ، لا ركوع ولا سجود ولا تذلل ولا ولاء إلا إليك . سبحانك فأنت ملاذ المؤمنين الصادقين ، حافظ المسلمين المجاهدين ، مخزي المنافقين الغادرين ، هازم الكافرين المعتدين المتغطرسين . ونشهد أن لا إله إلا أنت وحدك ، لا شريك لك ، قرارك الفصل ، حكمك العدل ، أمرك المطاع ، لا تجاوز لحدودك . اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام واحفظنا بعزك الذي لا يضام ، واكلأنا بعنايتك في الليل والنهار،في الصحاري والآجام . ونشهد أن سيدنا وقائدنا وحبيبنا وشفيعنا محمداً عبد الله _ ونبيه ورسوله إمام الأنبياء والمرسلين وقدوة العلماء العاملين، صلى الله عليه ، وعلى آله االطاهرين المبجلين. وصحابته الغر الميامين المحجلين، ومن تبعهم وخطأ وربهم وأسن سنتهم واقتفى أثرهم بإحسان إلى يوم الدين من علماء وتجويد القرآن الكريم وعلماء ضبط المصحف الشريف ، وعلماء العقيدة والتوحيد ، وعلماء الفقه والتشريع ، وعلماء مصطلح الحديث الشريف ، وعلماء اللغة العربية والتصريف، ومن كل عالم عامل قدم خدمة للإسلام والمسلمين . أما بعد فيقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبط الشيطان من المس ، وذلك بأنهم قالوا : إنما البيع مثل الربا ، وأحل الله البيع وحرم الربا ، فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ، ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون . " سورة البقرة الآية 275. صدق الله العظيم أيها المسلمون هذه الآية الكريمة من سورة البقرة وه مدنية ، ويقول علماء التفسير بأن الآيات المتعلقة بتحريم الربا هي آخر الآيات الكريمة نزولاً من القرآن الكريم للتأكيد على حرمة الربا . وفي الوقت الذي حرم رب العالمين الربا فإنه عز وجل أحل البيع بقوله"وأحل الله البيع وحرم وحرم الربا". فالبيع فيه تبادل للمنافع بين الناس ، ويكون التبادل بالرضا والاختيار ، فيبارك الله في الأرزاق الحلال، وأن ديننا الإسلامي العظيم قد بنى الاقتصاد الإسلامي على أسس سليمة وواضحة وهو جزء من النظام الإسلامي العام. أيها المسلمون ما الحكمة الربانية أن القرآن الكؤيم أتى بلفظ ( يأكلون الربا ) ولم يقل يتعاملون بالربا. والجواب والله أعلم : بأن القرآن الكريم قد وصف وضع آكل الربا يوم القيامة وضعاً مرعباً مخيفاً فإن آكلي الربا يقومون من قبورهم يوم القيامة وهم مصرعون كالمجانين ويتعثرون في مشيتهم ويقعون على الأرض حيث تكون بطونهم ثقيلة ومنتفخة كالبيوت فبقول رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم في هذا لمجال " أتيت ليلة أسري بي على قوم فقلت: من هؤلاء يا جبريل ؟ قال هؤلاء آكلة الربا ". رواه أحمد وابن ماجد عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه. وقد " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء ". رواه مسلم عن الصحابي الجليل أبي هريرة . وأنه صلى الله عليه وسلم عد آكل الربا من الكبائر والموبقات السبع بقوله " واجتنبوا السبع الموبقات. قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال : الشرك بالله،والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات". متفق عليه عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه . أيها المسلمون إن المرابي وإن كثر ماله فلا يغتر بكثرة ماله فسرعان ما يزول لأنه فقد اخذه بظلم وبغير حق ، فالربا جريمة اقتصادية وآفة اجتماعية ، ويقول سبحانه وتعالى " يمحق الله الربا ويربي الصدقات ، والله لا يحب كل كفار أثيم ". سورة البقرة الآية 276. نعم أيها المسلمون ‘ن الله عز وجل يمحق الربا ويزيله. ويشمل ذلك الذين يتعاملون به على مستوى الأفراد والشعوب والدول . وقبل شهرين تقريباً حصلت أزمة مالية محلية في مدينة القدس نتيجة التعامل بالربا وقد طالت عدداً من الصيارفة والتجار. نعم ايها المسلمون إن الله سبحانه وتعالى يربي الصدقات أي يكثر المال الحلال وينميه بالصدقات ويضع فيه البركة فيقول رب العالمين في سورة البقرة " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة ، والله يضاعف لمن يشاء ، والله واسع عليم. " الآية 261. ويقول عز وجل في السورة نفسها " من الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة ، والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون ". الآية 245. أيها المسلمون_ يا أخوة الإيمان في كل مكان إن الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي في هذه الأيام لتؤكد على فشل النظام الرأسمالي الذي يقوم على الربا وعلى الاقتصاد الحر . وإن الخسائر التي لحقت بأمريكا وبدول كثيرة قد بلغت مئات المليارات وقد تصل إلى ألف مليار. وقد توعد الله عز وجل أولئك الذين يتعاملون بالربا بشن الحرب عليهم بقوله في سورة البقرة "... فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله..." الآية 279 فهذه الحرب الربانية قد بدأت لتقضي على النظام الرأسمالي المفاسد، فهذه الإفلاسات والانهيارات بالشركات العملاقة وبالبنوك الكبيرة قد ازدادت يوماً بعد يوماً وانكشف فساد النظام الربوي . حتى إن عدداً من خبراء الاقتصاد الغربي اخذ يبحث عن البدائل للنظام الاقتصاد الحر الذي ظهر فشله. ونقول لهم : لا يوجد إلا بديل واحد هو الإسلام العظيم الذي يحل مشاكل العالم الاقتصادية وغيرها في مختلف مناحي الحياة. أيها المسلون إن الاقتصاد الراسمالي الحر قد دفع بامريكا أن تفك ارتباط الدولار بالذهب أي أنها تصدر الملايين من الدولارات دون غطاء من الذهب معتمدة على قوتها السياسية والعسكرية . والمعلوم أن الاقتصاد الثابت السليم هو الذي تقوم العملة فيه على غطاء من الذهب، فتحفظ العملة قيمتها ولا تتأثر بأي هزة اقتصادية أو سياسية . فالاقتصادي الإسلامي يقوم أساساً على التعامل بالذهب والفضة ويجوز إصدار عملات ورقية شريطة ان تكون مغطاة بالذهب . أيها المسلمون _ يا أخوة الإيمان في كل مكان والسؤال : من الذي تأثر من هذه الأزمة المالية العالمية ومن الذي لم يتأثر؟ والجواب: إن الدول والشكات والبنوك التي ربطت اقتصادها بالدولار أو لم يكن لديها غطاء من الذهب قد تأثرت تأثراً مباشراً، فوقعت الهزات وأفلست الشركات وضاعت الحقوق والمكتسبات. "اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ". أخرجه البخاري والبيهفي والدار قطني عن لصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أما الدول والبنوك التي لم ترتبط بالدولار الأمريكي أو كان لها غطاء من الذهب فلم تتأثر بهذه الأزمة المالية. ونشير إلى أن البنوك والمصارف الإسلامية لم تتأثر لأنها لم تتعامل بالربا، وكانت منضبطة في معاملاتها بالأحكام الشرعية، وهذا الفرق الواضح بين البنوك التقليدية الربوية وبين البنوك الإسلامية التي تثبت أمام الأزمة المالية الحالية. أيها المسلمون- يا أخوة الإيمان في كل مكان إن بوادر انهيار النظام الرأسمالي لا بد أن يكون من داخله، وفعلاً قد بدأ العد التنازلي ، فالهيمنة والغطرسة والاستخفاف بالشعوب الضعيفة ونهب خبراتها، قد بلغت ذروتها فساداً وإفساداً فيأتي مفعول الدعوات التي انطلقت من حناجر وقلوب الأيتام والأرامل والمنكوبين والمحترقين والمظلومين، والله سبحانه وتعالى يقول " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا به لعلهم يرشدون". سورة البقرة الآية 186. قد يقول رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم فتوجهوا أيها المسلمون إلى الله عز وجل، إلى رب رحيم، إلى رب العالمين بالدعاء على دول الكفر والاستعمار وعلى عملاتهم وعلى الذين يوالونهم فالله سبحانه وتعالى قريب منكم لينتقم من الظالمين، وليفرج الكرب عنكم، إنه سميع مجيب " وقال ربكم أستجب لكم " سورة غافر (المؤمن) الآية 60 . فيا نور المستغفرين ، استغفروا الله. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين حمد عباده الشاكرين الذاكرين، ونصلي ونسلم على المبعوث رحمه للعالمين سيدنا وحبيبنا محمد النبي الأمي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم صلي على يدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، في العامين إنك حميد مجيد . أيها المصلون – أيها المسلمون أتناول نقطتين اثتتين بإيجاز. 1_ النقطة الأولى تتعلق بالمحاكم وحارس أملاك الغائبين: لقد سبق أن حذرنا من مغبة اللجوء إلى المحاكم لأن ذلك يعطي تبريراً لحارس أملاك الغائيبن بوضع يده على حصص أصحابها الغائيبن في العقارات والبيوت والدكاكين بموجب قانون ظالم يعرف بقانون الأملاك المتروكة وقانون آخر يعرف بقانون أملاك الغائبين ونؤكد على الفتوى السابقة التي أصدناها بهذا الخصوص. وأن الإثم يقع على من كان مسبباً في ضياع العقارات من خلال حارس أملاك الغائبين، وهذا ما حصل فعلاً قبل أيام من أن أحد البيوت في مدينة القدس قد وقع في مصيدة حارس أملاك الغائيبن لأن الخلافات وصلت إلى المحاكم؟؟ أيها المصلون يا أبناء أرض الإسراء والمعراج هذا ونثمن جهود القائمين على الإصلاح وتسوية الأمور بين أصحاب العلاقة من ما يكن ومستأجرين. كما ونشكر كل من سحب قضيته من المحاكم تقديرً منه للمسؤولية، وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وعلى المالكين والمستأجرين تسوية أمورهم بالتراضي وأن يضع كل منا مخافة الله في تصرفاته وألا يظلم غيره سواء كان مالكاً أو مستأجراً وفي أي معاملة من المعاملات وفي أي علاقة من العلاقات " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد". سورة من الآية 37. صدق الله العظيم أيها المصلون يا أبناء بيت المقدس وأكتاف بيت المقدس 2_ النقطة الأخرى: المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثاني المسجد وثالث الحرمين الشريفين : لقد مرت أيام عجاف على هذا المسجد الطاهر المقدس خلال الأسبوعين لماضيين حيث اقتحمت الأقصى مجموعات من اليهود المتطرفين عدة مرات بهدف فرصة واقع جديدة ولإرضاء الحكومة لهم على حساب الأقصى، وهذا مما أثار حفيظة المسلمين واستقرت مشاعرهم الإيمانية وأغضب رب العالمين. فهب المصلون المسلمون لنصرة الأقصى يوم الثلاثاء الماضي (21/10/2008م) ومنعوا المتطرفين من اقتحام باحاته. ومن المؤسف والمؤلم أن الذي يدافع عن الأقصى يتهم بالتحريص، وأي تحريص والله سبحانه وتعالى سيسألنا يوم القيامة عن الأقصى الذي هو جزء من إيماننا وعقيدتنا وهو أمانة في أعناقنا وأعناق جميع المسلمين في العالم كله. مؤكدين بأن باحات الأقصى هي مسجد وهي جزء لا يتجزأ من الأقصى وهي ليست مجرد ساحات عامة كما تدعي البلدية الإسرائيلية. ونؤكد أيضاً بأن الأقصى المبارك هو للمسلمين وحدهم بجميع باحاته ولواوينه واروقته وجدرانه وبواباته، وذلك بقرار من رب لعالمين، ولا تنازل عن هذا القرار الإلهي بأي حال من الأحوال ولا تفريط بذرة تراب من الأقصى، وحماك الله يا أقصى والله غالب على امره ولكن أكثر الناس لا يعلمون." سورة يوسف الآية 21 . اللهم احم المسجد الأقصى من كل سوء. اللهم آمنا في أوطاننا وفرج الكرب عنا. اللهم هي من يوحد المسلمين ويحذو حذة صلاح الدين. اللهم ارحم شهدائنا وشاف جرحانا، وأطلق سراح اسرانا. اللهم يا الله يا أمل الحائرين ويا نصر المستضعفين ندعوك بكل اليقين إعلاء شأن المسلمين بالحق والنصر المبين. اللهم إنا نسألك توبة نصوحاً: توبة قبل الممات، وراحة عند الممات ورحمة ومغفرة بعد الممات. اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين . اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. " وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون. " سورة العنكبوت الآية 45 . 24/12/2008م د.عكرمة صبري