المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ عكرمة صبري من المسجد الأقصى بتاريخ 21/11/2008م وفق 23 ذو القعدة 1429 هجري


admin
06-01-2009, 11:40 AM
خطبة الجمعة للشيخ عكرمة صبري من المسجد الأقصى بتاريخ 21/11/2008م وفق 23 ذو القعدة 1429 هجري

لبيك اللهم لبيك (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2008-11-21-1429-11-23.htm)

<EMBED height=44 type=audio/wav width=612 src=2008-11-21-1429-11-23.wav>


الخطبة الأولى الحمد لله _ الحمد لله إذا لم يأتين أجلي= حتى اكتسبت من الإسلام سربالا الحمد لله الذي جعل البيت الحرام مثابة للناس وأمناً، ورزق أهله ثمرات وفاكهة وأباً. ونشهد أن لا إله إلا الله فرض الحج على من استطاع إليه سبيلا، تطهيراً للنفوس وأذكى. ونشهد أن سيدنا وشفيعنا وحبيبنا وقائدنا محمداً عبد الله ونبيه ورسوله، المصطفى المختار، وأعظم حبيب يزار الذي أحرم للعمرة والحج ولبى ( لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك . إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ). صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين المبجلين، وصحابته الغر الميامين المحجليين، وعلى المسلمين الذين لبوا النداء، وجاؤوا شعثاً غبرا، شيباً وشياقاً. أما بعد فيقول الله عز وجل في سورة الحج " وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق". الآية 27. صدق الله العظيم. أيها المسلمون في هذه الأيام تتوافد قوافل حجاج بيت الله الحرام تباعاً شطر الديار الحجازية، إنهم يتوجهون من بلاد مباركة مقدسة إلى بلاد مباركة مقدسة، من بيت المقدس وأكتاف بيت المقدس إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة. إن ضيوف الرحمن يتطلعون شوقاً إلى الكعبة المشرفة، وتهفو قلوبهم لزيارة قبر رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم. أيها المسلمون إن حجاج بيت الله الحرام يتهيأون في هذه الأيام روحياً ونفسياً وعقلياً لأداء ركن من أركان الإسلام حيث يلتقون هناك حول الكعبة، وبين الصفا والمروة، وعلى جبل عرفة من مختلف الأجناس والقوميات والألوان، على صعيد واحد لا فرق بين رئيس ومرؤوس، ولا بين أمير ومأمور، ولا بين غني وفقير، وقد اتصلوا جميعاً بالله رب العالمين، رب الخلائق والمخلوقات، بأنه لا رب غيره، ولا معبود سواه . وهم يرددون لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك). أيها المسلمون إن ملابس الإحرام البيضاء التي تكسو الحجيج هناك حول الكعبة، وبين الصفا والمروة، وعلى جبل عرفة، إنها تذكر الحاج بيوم القيامة وأهواله، وتنسية الدنيا ومشاغلها ومفاتنها وزخارفها. كيف لا وقد بدأت سورة الحج بقوله عز وجل " ياأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد. الآيتان 1و2. أيها المسلمون ما الحكمة الربانية في قوله عز وجل في سورة البقرة " فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج"؟. الآية 197. والجواب: إن الحاج يقوم رحلة إيمانية، وأن المشقة فيها متوقعة، وليس الحج رحلة سياحية ترفيهية. فالحاج في الأغلب سيلاقي المشقة والزحام فهو في امتحان واختبار، فإن تجنب الحاج الخصومة والمجادلة والغيبة والنميمة وفحش الكلام أثناء مناسك الحج يكون قد نجح في الاختبار، وحينئذ يظفر بالحج المبرور فيقول رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم من حديث مطول " ... والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". رواه البخاري ومسلم ومالك والترمذي والنسائي وابن ماجد والأصفهاني عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه ويقول عليه الصلاة السلام في حديث شريف آخر " من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه". رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجد والترمذي عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه. وفي رواية (رجع) بدلاً من (خرج) والمعنى واحد. وفي رواية ( كيوم) بكسر الميم بدلاً من ( كيوم) بفتح الميم والمعنى واحد. ويقول عليه الصلاة والسلام في حديث شريف ثالث " أفضل الأعمال إيمان بالله ورسوله ثم جهاد في سبيله ثم حج مبرور. " رواه البخاري ومسلم عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، مع الإشارة أيها المسلمون إلى أن حقوق العباد تبقى معلقة ولا تسقط بالحج المبرور ولا بغيره إلا بإعادة الحقوق إلى أصحابها لتبرأ الذمة منها. أيها المسلمون_ يا أحبة الله إن العبادة لا تنحصر بالحجيج فقط فقد هيأ الله رب العالمين للمسلمين جميعاً بأن ينالوا الثواب العظيم تلو الثواب من خلال التعبد في العشر الاوائل من شهر ذي الحجة والتي لها فضل كبير عند الله عز وجل عن غيرها من الأيام والليالي الأخرى. هذا وقد أقسم الله سبحانه وتعالى بهذه الليالي لبيان فضلها وتعظيم شأنها بقوله " والفجر وليال عشر، والشفع والوتر". سورة الفجر الآيات 1-3 . وقال معظم المفسرين بأن المراد من هذه الليالي هو الليالي العشر الاوائل من شهر ذي الحجة، وأن الفجر هو يوم النحر - يوم عيد الأضحى المبارك. أيها المسلمون – يا أحبة الله إن الله عز وجل يضاعف العمل الصالح في الأيام الالعشرة من ذي الحجة فعليكم أيها المسلمون الذين لم تذهبوا إلى الحج عليكم أن تغتنموا هذه الأيام بالطاعات والعبادات لقول رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشرة". قيل يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ". رواه البخاري عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. أي إذا ضحى المسلم بنفسه وبماله في سبيل الله حينئذ فقط تفوق الشهادة العمل الصالح في هذه الأيام العشرة. أيها المسلمون- يا أحبة الله من الأعمال الصالحة التي يحرص المسلم على أدائها في الأيام العشرة هي: صوم التطوع بما في ذلك صوم يوم عرفة، الإكثار من الصلوات النافلة، تلاوة القرآن الكريم، الاستغفار، الدعاء، التوبة، التصدق، صلة الأرحام، فإن الله عز وجل يزيد من الثواب فيها. أيها المسلمون- يا أحبة الله نحن في وقت أحوج ما تكون فيه للجوء إلى الله رب العالمين خالق الأكوان والإنسان، وأن نستغيث برب السموات والأرضيين ليفرج كربنا وليوحد صفنا ولينصرنا على أعدائنا. نحن في وقت أحوج ما نكون فيه إلى الحياة الإيمانية التعبدية تأسياً برسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم وتأسياً بالصحابة الكرام وبالسلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين لنكون طائعين لله عز وجل ولنتحرر من عبادة المادة ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد قفد روى الصحابي الجليل عبد االله بن عمر رضي الله عنهما قائلاً: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: " كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل". وكان ابن عمر يقول " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء. وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك ". رواه البخاري وأحمد والترمذي وابن ماجد وابن أبي عاصم. أيها المسلمون يا أحبة الله حينما ألقى رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم خطبته الشهيرة والأخيرة والمعروفة بخطبة الوداع في السنة العاشرة للهجرة فإنه لم يخاطب الحجيج لوحدهم وقتئذ وإنما خاطب جميع المسلمين في كل زمان ومكان إلى أن يرن الله الأرض ومن عليها. ومن المبادئ العامة التي وردت في خطبة الوداع هي حرمة سفك الدماء وحرمة غصب الأموال والممتلكات وحرمة ارتكاب الزنا ووجوب المحافظة على الأعراض. فأين نحن من آخر وصية من نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام إلى أمة الإسلام . أيها المسلمون- يا أحبة الله لا تصلح الأمور بسفك الدماء ولا بالخلافات والتناقضات فيما بين المسلمين. وإنما تصلح الأمة بالعقيدة لإسلامية والاحتكام إلى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وبالدعوة إلى الله بالكلمة الطيبة والكلام اللين، والله سبحانه وتعالى يقول" فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لا تفضوا من حولك " سورة آل عمران الآية 159. وطلب الله عز وجل من موسى فأخبرها مأخرها دون عليهما السلام أن يخاطبا فرعون خطاباً ليناً بقوله " فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى سورة طه الآية 44. فإذا كان الخطاب إلى فرعون ينبغي أن يكون ليناً فكيف يكون الخطاب فيما بين المسلمين؟؟ وكيف تكون نصرة المسلم لأخيه المسلم. في حين نسمع ونشاهد السفن التي تكسر الحصار عن غزة من قبل غير المسلمين، فأين المسلمون الذين يعملون من أجل كسر الحصار؟ وكيف ينصرنا الله في حبه نحارب بعضاً بعضاً، إنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أو له. ونقول لحجاج بيت الله الذين لم يغادرون حتى الآن: صحبتكم السلامة، نودعكم على بركة الله، أوصلوا السلام من فلسطين، من بيت المقدس، من المسجد الأقصى المبارك إلى رسولنا حبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ونسأله عز وجل لكم حجاً مبروراً، وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً، وتجارة لن تبور، وأن تعودوا إلى دياركم سالمين غانمين- إن شاء الله. أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فيأتون المستغفرين. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمينن حمد عباده الشاكرين الذاكرين، ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا وحبيبنا محمد. النبي الأمي الأمين صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين. اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم. وبارك على يدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد. أيها المسلمون- يا أبناء أرض الإسراء والمعراج قبل أيام قلائل ظهرت نتائج ما يسمى بانتخابات بلدية القدس، وأعلن المقدسيون إزاء هذه الانتخابات موقفهم الإيماني الرافض لها حيث لم يشارك في التصويت إلا 2% فقط من سكان أهل القدس الأصليين. وهذا يعني بوضوح الموقف الثابت المبدئي لرفض المقدسيين للاحتلال ورفضهم أيضاً لما يسمى بضم القدس الشرقية إلى القدس الغربية، وبالتالي فإنهم يرفضون التهويد وممارسات الاحتلال العنصرية القمعية ضد المواطنين من إخلاء للمنازل، ومن هدم لبعضها، ومن ملاحقات للمواطنين وحرمانهم من رخص البناء. بالإضافة إلى الاعتداءات المتكررة على المقدسات وعلى الأقصى وعلى مقابر المسلمين مثل مقبرة م\أمن الله ومقبرة عين كارك ومقبرة باب الرحمة المجاورة للسور الشرقي للمسجد الأقصى المبارك، وغيرها من الاعتداءات. أيها المسلمون – يا أهل بيت المقدس وأكتاف بيت المقدس إن ما يسمى رئيس بلدية القدس، الذي انتخب مؤخراً قد سبق أن حرج أثناء حملته الانتخابية بأن يخطط للتدخل في إدارة باحة المسجد الأقصى المبارك، وأنه ينوي بناء مستوطنة يهودية جديدة للأزواج الشابة على الأرض المصادرة والواقعة بين قرية عناتا ومخيم شعفاط شمالي مدينة القدس، وذلك حين انتخابه. أيها المسلمون لقد سبق أن أدنا ورفضنا هذا التصريح العدواني غير المسؤول، ولكن القلق يساورنا بأننا مقبولون على مرحلة جديدة من التصعيد العدواني على المسجد الأقصى المبارك، فلا بد من التنبه والحذر الشديدين. مؤكدين على أن باحات المسجد الأقصى المبارك هي جزأ لا يتجزأ من الأقصى، فهي أقصى، وهي مسجد. ورفض رفضاً قاطعاً ما تدعيه البلدية الإسرائيلية بأن باحات الأقصى هي ساحات عامة، بل إن ساحات الأقصى هي أقصى وليست ساحات عامة. أيها المسلمون حينما نذكر الأقصى فإننا نعني المسجد الذي مساحته 144 دونماً بما فيه ذلك البنايات المغطاة والمسقوفة والممرات والساحات والمساطب ةاللواوين والأروقة والبوابات والجدران الخارجية وجميع المرافقة، بما في ذلك حائط البراق، فكلها أقصى ولا تنازل عن أي ذرة تراب من الأقصى، وهة للمسلمين وحدهم بقرار إلهي من رب العالمين، ولا يخضع لأي تفاوض ولا لأي مساومة ولا لأي محكمة فهو أسمى من ذلك كله. وأين المسلمين في بيت المقدس وأكتاف بيت المقدس هم الحراس لهذا المسجد، وهو يخص جميع المسلمين في أرجاء المعمورة إل أن يرن اللله الأرض ومن عليها، شأنه في ذلك شأن المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، وهو أمانة الأجيال تلو الأجيال. وأن الله عز وجل سيسألنا يوم القيامة عن هذه الأمانة الغالية الثقيلة إن قصرنا في المحافظة عليها فال تفريط فيها، إن شاء الله . وحماك الله يا أقصى. " سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون". سورة الشعراء الآية 227." والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون". سورة يوسف الآية 22 اللهم آمنا في أوطاننا، وفرج الكرب عنا . اللهم احم المسجد الأقصى من كل سوء. اللهم ارحم شهدائنا وشاف جرحانا، وأطلق سراح أسرنا، وعليك بمن آذانا. اللهم هيء من يوحد المسلمين، اللهم يا الله يا أمل الحائرين ويا نصير المستضعفين، ندعوك بكل اليقين إعلان شأن المسلمين بالحق والنصر المبين. اللهم إنا نسألك توبةً نصوحا: توبة قبل الممات، وراحة عند الممات، ورحمة ومغفرة بعد الممات اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع مجيب الدعوات." وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون".سورة العنكبوت الآية 45. 21/11/2008م د. عكرمة صبري