المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة للشيخ إسماعيل نواهضة من المسجد الأقصى بتاريخ 25/1/2001 وفق 11 ذو القعدة 1422 هجري


admin
05-12-2009, 02:02 PM
تاريخ الخطبة: 11 ذو القعدة 1422 الموافق ل 25/1/2002م
عنوان الخطبة: وجوب نصرة المسلمين في فلسطين
الموضوع الرئيسي: العلم والدعوة والجهاد, فقه
الموضوع الفرعي: المساجد, المسلمون في العالم
اسم الخطيب: إسماعيل الحاج أمين نواهضة

ملخص الخطبة
1 ـ الاهتمام بأمر المسلمين واجب إسلامي. 2 ـ الصراخ والعويل على قضايا المسلمين لا يكفي ولا يجزئ عن نصرتهم. 3 ـ خطورة التخلي عن نصرة المسلمين في فلسطين. 4 ـ المسلم عزيز بإسلامه يأبى الذلة والضيم. 5 ـ نموذج في عزة المسلم. 6 ـ الصبر عتاد المؤمن وعدته في البلاء. 7 ـ صورة من الإرهاب الإسرائيلي الذي يسكت عنه العالم. 8 ـ أرض فلسطين المباركة أرض إسلامية، وقضيتها قضية جميع المسلمين. 9 ـ لا يجوز التنازل عن شبر من الأرض المقدسة. 10 ـ دعوة للثبات في أرض الرباط وحسن الثقة والتوكل على الله.

الخطبة الأولى
وبعد: يقول الله تعالى: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/start-icon.gifمُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَـٰهُمْ فِى وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِى ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِى ٱلإنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَازَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماًhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/end-icon.gif [الفتح: 29].
أما بعد: أيها المسلمون، فإن الإسلام يضع لمعتنقيه مبادئ عظيمة، من شأنها أن تشد على الروابط بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وتحفظ وحدتهم وتصون كرامتهم، ومن هذه المبادئ التي أفصح عنها رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه بقوله: ((من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم))[1] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftn1).
والاهتمام بأمر المسلمين ـ أيها المؤمنون ـ لا يعني المظهر دون المخبر، ولا يكفي فيه إبداء الشعور الطيب دون خطوات إيجابية وعملية تعبر عن الاهتمام الفعلي، وبعبارة صريحة: لا يكفي من المسلم التألم والتحسر وسكب الدموع مدرارا على ما ينزل بالمسلمين من البلوى والأذى، بل من واجبه أن يرفع الصوت عاليًا، مستنكرًا الجرائم التي تنزل بإخوته، مقدما لهم الدعم المادي والمعنوي إسهامًا في رفع كابوس المحنة عنهم، حتى يعود الحق إلى نصابه، وحتى يشعر الإخوة المسلمون المنكوبون أن إلى جوارهم من إخوانهم من يشد أزرهم ويرعى فيهم حق أخوة الإسلام، ويحقق بالعمل قول سيد البشر صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا))[2] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftn2).
أيها المسلمون، وإن كان الشعور الطيب لا يكفي في تصوير اهتمام المسلم بأخيه فكيف بمن يعرض عن نصرته وهو قادر؟! وكيف بمن يقف موقف المتفرج من الكوارث تنزل بإخوانه ثم لا يكون منه أي محاولة لرد الطغيان وكف العدوان؟! أفلا يكون مؤاخذًا على تبلد إحساسه وشعوره، داخلاً في زمرة من عناهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: ((لا يقفن أحدكم موقفًا يضرب فيه رجل ظلمًا فإن اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه))[3] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftn3)، والضرب ـ أيها المسلمون ـ هو مثل لجميع ألوان الإرهاب الأرضي وقصف المؤسسات كما أنه يشمل كل الوسائل التي يعمد إليها الإنسان لتعذيب الإنسان.
ومن المبادئ التي وجه إليها الإسلام أتباعه هو أن لا يقبل المسلم الذلة والهوان، وأن لا يعيش في الأرض وهو خليفة الله فيها وهو منكس الرأس مستعبدٌ للغير، وقد وصله الله بمعيته كما قال تعالى: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/start-icon.gifوَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/end-icon.gif [العنكبوت: 69] وجعل له العزة في العالمين كما قال تعالى: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/start-icon.gifوَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/end-icon.gif [آل عمران: 139]، http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/start-icon.gifوَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/end-icon.gif، وجعل رزقه وأجله بيده لئلا يطأطئ رأسه لمخلوق قال تعالى: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/start-icon.gifفَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/end-icon.gif [العنكبوت: 17]، وقال أيضا: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/start-icon.gifإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/end-icon.gif [الذاريات: 58].
أيها المؤمنون، وما الناس في الواقع إلا وسائط لإيصال ما قدر للعبد في دنياه من الرزق أو الجاه أو المنصب أو غير ذلك من أمور الدنيا، لن يفرغ أجل عبد إلا وقد استوفى ما قدر له كما جاء في الحديث الشريف: ((إن روح القدس نفث في روعي أن نفسًا لن تموت حتى تستوفي رزقها وأجلها))[4] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftn4).
فمن رضي بالذل بعد أن أعزه الله واستعبد لغير الله وأقام على الضيم ينزل به فهو ممن عناهم رسول الهدى صلى الله عليه وسلم بقوله: ((من رضي الذلة من نفسه طائعًا غير مكره فليس منا))[5] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftn5).
فاتقوا الله أيها المسلمون، وخذوا بكل مبدأ رسمه لكم الإسلام، أخلصوا الولاء للإخاء الإسلامي، وابتغوا العزة التي كتبها الله للمؤمنين تكونوا من أولي الألباب، الذين امتدحهم الله في كتابه حيث قال: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/start-icon.gifفَبَشّرْ عِبَادِ http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/mid-icon.gif ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَـئِكَ هُمْ أُوْلُو ٱلاْلْبَـٰبِhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/end-icon.gif [الزمر: 17، 18].
وقد دخل صحابي على عظيم من عظماء الفرس في الفتوحات الإسلامية فقال له: ما جاء بكم إلينا؟ فرد عليه الصحابي بملء فيه، مظهرًا العزة دون رهبة: (ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام).
أيها المؤمنون، ومن المبادئ التي وجه إليها الإسلام أتباعه مبدأ الصبر، فإنه عتاد الشدائد والمحن، يبعث على الطمأنينة والرضا بقضاء الله وقدره، فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (وجدنا خير عيشنا بالصبر) [6] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftn6) وقال الإمام علي رضي الله عنه: (إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد) وأردف ذلك بقوله: (لا إيمان لمن لا صبر له)[7] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftn7)، ولقد ذكر الله سبحانه الصبر في تسعين موضعًا من كتابه يرغب فيه، ويقرنه بأعمال صالحة تقرب العبد إليه ويأمر به كوسيلة من وسائل الخير، وسبيل إلى الفلاح والفوز قال تعالى: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/start-icon.gifيٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/end-icon.gif [البقرة: 152]، وقال تعالى: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/start-icon.gifوَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/end-icon.gif [الشورى: 43].
وإن أعظم مواقف الصبر صبر المرء على البلاء، وتجلده أمام الخطوب والكوارث، إنه موقف أولي العزم من الرسل صلوات الله عليهم، فلقد أوذوا في الله، فكانوا أئمة للصابرين، وأوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا يحتمل من الأذى فصبر، وكانت له العاقبة على القوم الظالمين، وقد ابتلى المسلمون قديمًا وحديثًا، وبخاصة الشعب الفلسطيني بأعظم أنواع المصائب، في أنفسهم وأموالهم، في ديارهم ومصالحهم، ابتلوا بأخبث خلق الله، لا يرقبون فيهم إلاً و لا ذمة، يريدون أن يقيموا لهم في العالمين منارًا، وهيهات أن يعلو قوم وضع الله من شأنهم، وضرب عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بلعنة الله وغضبه، فما أحوجنا اليوم إلى التسلح بالصبر مع العمل المستمر، إنه سلاح يدعمه الإيمان واليقين، وإنه الضياء المشرق، إنه الدعامة التي يرتكز فيها النصر، فجهاد من غير صبر لا يتحقق فيه النصر.
فيا عباد الله، اتقوا الله، وادعوه وأنتم موقنون بالإجابة.



<HR align=justify width=33 SIZE=1>[1] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftnref1) ضعيف جدًا، رواه الطبراني في الأوسط من حديث أبي ذر، وفي إسناده يزيد بن ربيعة قال الهيثمي: "وهو متروك" وقال الجرجاني: "أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة"، وقال الألباني: "ضيف جدًا" سلسلة الأحاديث الضعيفة (310).

[2] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftnref2) رواه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب نصرة المظلوم (2446)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم (2585) من حديث أبي موسى.

[3] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftnref3) ضعيف، رواه الطبراني في المعجم الكبير (3/131/ 1) والعقيلي في الضعفاء (6) وأبو نعيم في الحلية (3/345).
قال الهيثمي: "رواه الطبراني وفيه أسد بن عطاء مجهول، ومندل وثقه أبو حاتم وغيره وضعفه أحمد" وقال الألباني: "ضعيف" غاية المرام (448).

[4] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftnref4) صحيح رواه الحاكم في المستدرك (2/4) من حديث ابن مسعود والطبراني في الكبير (10/27) ورواه الشافعي في مسنده 1/233، وابن أبي شيبة (34332)، وقال الألباني: "حديث صحيح جاء من طرق". (تخريج أحاديث فقه السيرة ص 96).

[5] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftnref5) هو تمام الحديث سبق تخريجه تحت رقم (1).

[6] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftnref6) ذكره البخاري معلقًا في صحيحه، كتاب الرقاق، باب الصبر، ورواه موصولاً إلى عمر أحمد في كتاب الزهد (610) بإسناد صححه ابن حجر في الفتح (11/303).

[7] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftnref7) رواه معمر بن راشد في جامعه موقوفًا على علي (11/469) ونحوه البيهقي في شعب الإيمان (7/124) واللالكائي في اعتقاد أهل السنة (1569).



الخطبة الثانية
الحمد لله كاشف الغم مزيل الشدائد عن المكروبين، وأحمده سبحانه، كتب النصر لعباده المؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، من اعتمد عليه كفاه وتولاه، فأعظم بكفاية رب العالمين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، نشر لواء العدل والسلام، وقضى على الظلم والطغيان، وكان خير المرسلين. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فإن ما يحدث في فلسطين ولشعب فلسطين يمثل أقصى ما يمكن أن يصل إليه التسلط والاستبداد والظلم والطغيان على شعب من الشعوب، وأغرب ما في هذه الظاهرة المرعبة المخجلة أن الظالم والمستبد بها نجح في ستر ظلمه واحتلاله واستبداده وراء ستار الدفاع عن النفس وعن القيم الحضارية كما يزعم، ويتجلى هذا التسلط وهذا الاستبداد على الإنسان والأرض والبيوت والمقدسات وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، فالإنسان في هذه الأرض المباركة يسفك دمه وينكل به، بل ويمثل في جسده الطاهر، كأنه لعبة يتسلى بها الطغاة المجرمون ليشبعوا غرائزهم المتعطشة إلى دماء الأبرياء.
وأما الأرض فتتعرض صباح مساء إلى العدوان الأحمق المتمثل بعمليات التجريف والتدمير وقلع الأشجار المثمرة التي تزين الأرض بخضرتها وأزهارها، كما يتمثل بتدمير بيوت الآمنين وترك أهلها في العراء تحت وطأة البرد القارس، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، رافعين أكفهم وأبصارهم إلى السماء مستغيثين بالجبار، المنتقم العظيم أن يرفع عنهم وعن إخوانهم في كل مكان بأس الطغاة المجرمين، ناهيك عن الحصار المشدد المفروض على مدننا وقرانا، هذا الحصار الذي عجب منه العدو قبل الصديق، يضاف إلى ذلك تدمير مؤسسات هذا الشعب على اختلاف أنواعها، وما ذلك إلا لتدمير البنية التحتية له، ولمحو الصوت الفلسطيني والشخصية الفلسطينية، كل ذلك يحدث على مرأى ومسمع العالم والمؤسسات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان، وسط صمت عربي وإسلامي مهين ومشين.
أيها المسلمون، إن أرض فلسطين في نظر الإسلام هي أرض الإيمان، لذلك وجه الإسلام أنظار المؤمنين إليها ليرابطوا فيها وفي بلاد الشام، حتى يظل جنود الإسلام واعين بحقيقة المعركة التي تمتد في التاريخ بين الإيمان والكفر، وتأتي الأحاديث الشريفة لتؤكد هذا المعنى كما جاء في حديث ميمونة بنت سعد مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا نبي الله، أفتنا في بيت المقدس فقال : ((أرض المنشر والمحشر، ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاةٍ فيما سواه)) قالت: أرأيت من لم يطق أن يتحمل إليه أو يأتيه؟!، قال: ((فليهد إليه زيتًا يسرج فيه، فان من أهدى له كمن صلى فيه))، وفي رواية ((فإن صلاة فيه كخمسمائة صلاة)) رواه الإمام أحمد[1] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftn1).
نعم إن قضية فلسطين والمسجد الأقصى المبارك هي قضية العرب والمسلمين، فمن واجبهم جميعًا أن يتحملوا مسئولياتهم في هذه القضية التاريخية العقائدية، والمسلمون على مدار التاريخ محاسبون عن أنفسهم وأعمالهم في قضاياهم عامة، وفي قضية فلسطين خاصة إنها أمانة عظيمة في أعناقهم جميعًا، وهي جزء لا يتجزأ من أرض الإسلام، فلا يجوز التنازل عن شبر من أرضها، ويجب على المسلمين أن يدافعوا عنها بكل قوة، وأن يعتبروا الدفاع عنها وعن شعبها واجبًا يحتمه الدين وتفرضه العقيدة.
وكل مسلم سيحاسب يوم القيامة عن دوره وجهده يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، يوم لا يغني مولى عن مولى شيئًا.
أيها المسلمون، إن من أعظم الآثام عند الله تعالى أن يسقط شبر واحد من أرض الإسلام بيد أعداء الله، وأن تستباح حرماتهم وأعراضهم وثرواتهم ومقدساتهم، فكيف إذا كانت فلسطين هي التي سقطت؟!
فاللهم لا حول ولا قوة إلا بك.
ولكن أيها المرابطون، مع كل هذا سينتصر المؤمنون وسينتصر الإسلام، وستعود فلسطين، وسيعود المسجد الأقصى المبارك إن شاء الله تعالى، ستعود حين تترك الأمة المساومة على حقها البين، ولا ترضى إلا بفلسطين الثابت بقانون السماء كلها دار للإسلام وستظل فلسطين كلها أرض الرباط، أرضا مباركة تبسط ملائكة الرحمن أجنحتها عليها، ويغمرها نور اليقين ويفوح منها عبق الدماء الزكية، وستمضي أمة الإسلام أمة واحدة إلى أرض الإسراء، فتدخلها بنصر من عند الله يهبه الله لعباده المتقين حين تصدق الأمة ربها وخالقها وتتوكل عليه وتتوسل إليه، وليس كما يقول البعض: لم يبق أمام العرب سوى استجداء أمريكا.
وصدق الله العظيم القائل: http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/start-icon.gif وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَhttp://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/end-icon.gif [الصف: 13]، وكذب المجرمون الطغاة الذين يقولون: لا تغرنكم النبوءات الكاذبة.
إنها ليست نبوءات ولكنها حقائق ربانية ثابتة ندعو الله أن يحيي هؤلاء الزمرة من الحكام العرب حتى يشهدوا انتصار الإسلام والمسلمين وعودة فلسطين كاملة.
وأدعو الله أن يحفظ فلسطين من كل سوء، وأن يحمي المسجد الأقصى من المجرمين من بني صهيون، وأن يعز المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وأن يحرر فلسطين.

<HR align=justify width=33 SIZE=1>[1] (http://www.al-msjd-alaqsa.com/Khotb_Eljoma'a/2002-01-25.htm#_ftnref1) منكر رواه أحمد ح 27079 في مسند ميمونة، ورواه ابن ماجه في سننه في كتاب إقامة الصلاة باب ما جاء في الصلاة في مسجد بيت المقدس (1407) وقال الألباني في ضعيف ابن ماجه منكر (298).