المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفتيش بيتي…يوسف السباتين


نائل أبو محمد
06-02-2009, 09:55 PM
[frame="1 80"] تفتيش بيتي…يوسف السباتين

كتبهانجاح السباتين ، في 23 تموز 2006 الساعة: 21:10 م

تفتيش بيتي

داهم رجال الامن ذات ليلة بيتي وفتشوه ووجدوا مسدسا غير مرخص لابن عم لي فاعتقلوني ليلة في النظارة مخفر المصدار في عمان وكان بامكاني الهرب الا اني كنت اعرف انهم سيكتفون بمصادرته. فطلبوا صاحبه ووضعوه في النظارة بدلي فحاولت اخراجه بواسطة نايف الخريشة رحمه الله فقال مدير الامن لي تعاون مع هذا الضابط لاخراج قرابتك ظنا منه أنني أنا الذي في النظارة فقلت للضابط بعد ان خرجنا من غرفة مدير الامن ، ما التعاون الذي تريده ؟ قال: ضد حزب التحرير ، فقلت له انا العضو في حزب التحرير وليس رهين النظارة، فلا حاجة لي في هذا التعاون وليبق من في النظارة في النظارة حتى موعد المحاكمة. واخيرا حولنا الاثنان الى المحافظ وخرجنا بالكفالة وصودر المسدس.

تعاقدت عام 1971م في وزارة الاوقاف لأكون مرشدا للحجاج وكنت مسؤولا عن حمولة سيارة تحمل خمسين حاجا وكانت رحلة ممتعة حقا لكونها لله تعالى وذكرتني تلك الرحلة ما حصل بيني وبين امير الحديثة في السعودية قبل عشرين عاما يوم اقسمت اني لا اعود الى السعودية باحثا عن رزق الا ان اكون حاجا الى بيت الله الحرام.

التفرغ للعمل الحزبي

وكان شاب اسمه بدر الدين بدر دكتور اسنان يعمل لايجاد انقلاب وكان يشعر من يتصل بهم انه يعمل مع حزب التحرير زورا وكذبا. وكانت له علاقة حميمة بفخير الشراري ، وكان فخير يعمل بالمخابرات التابعة للقصور فوشى به فاعتقل واعتقلوا بعض شباب الحزب ظنا منهم ان لهم علاقة بالدكتور بدر، فداهموا بيتي عند منتصف الليل ففرت قبل ان يفتح الباب لهم فلم يجدوني ثم فيما بعد خرج الشباب الذي اعتقلوا بعدما تأكدت المخابرات ان لا علاقة للحزب بالدكتور بدر ، اما الدكتور بدر فبقي في السجن لمدة ست سنوات.

التنقل بين عمان وبيروت

بعد انتقال قيادة الحزب الى لبنان طلب مني ان اوافيه كل شهر فصرت اسافر بطريق البر وكلما عدت الى الاردن امر بغرفة المخابرات على الحدود الاردنية ويسألونني عن اسباب سفري فكنت اشعرهم اني تاجر بالملابس القديمة وببعض المواد الغذائية التي كنت احضرها معي لبيتي فكنت اذا وافيت الحدود وأنا احمل رسالة ابقيها في جيبي حتى يجري تفتيش السيارة ثم اضع الرسالة في السيارة واذهب الى غرفة المخابرات فيفتشوني فلم يجدوا شيئا فيعطونني كابونا علامة على السماح بالدخول الى الاردن فاذا عدت الى السيارة حملت الرسالة ووضعتها في جيبي وهكذا في سفراتي البرية.

احداث لبنان

بدأت احداث لبنان بين الفدائيين والجيش السوري، واستطاع الجيش السوري اخراج الفدائيين من ظهر البيدر، اي من مدينتي صوفر وبحمدون، وتحولت الاشتباكات بين الفدائيين وحزب الكتائب في المنطقة بين عاليه وبيروت، فنضطر احيانا ان نذهب الى بيروت عن طريق الجنوب ذهابا وايابا .

ايقافي في طريق الجنوب عند حاجز للقوات اللبنانية

في احدى السفرات وانا عائد من بيروت استوقفتني قوات احمد الخطيب ( القوات اللبنانية) وفتشوا هوياتنا وانزلوني الوحيد من السيارة واخذوني الى غابة كثيفة الشجر واوقفوني فترة بعد ان سألوني عن سبب مجيئي الى بيروت ولكوني فلسطيني ومن منطقة الخليل تشككوا في امري واجروا اتصالات لاسلكية ويبدو انهم سألوا عني الامن في بيروت ثم اطلقوا سراحي. فلما عدت الى السيارة واذا بالسائق منزعجا ، فقلت له ما الذي يزعجك؟ فقال كيف لا انزعج وانا المسؤول عن ايصالك الى الشام. فمجرد انزالهم لك ظننت انك لن تعود، فما انزلوا شخصا الا قتلوه. لذلك ارجو ان لا تعود الى مثل هذه السفرة ، وسارت بنا السيارة حتى اذا وصلنا حاجزا لقوات الصاعقة السورية وسألونا عن هوياتنا انزلوني وحدي وحققوا معي ولما عدت الى السيارة وجدت السائق منزعجا ايضا فطمأنته فقال اياك ان تركب معي مرة ثانية ، فصرت بعد ذلك أسافر بطريق الجو لاتجنب تلك الحواجز المسلحة.

اعتقالي على الحدود السورية اللبنانية[1]

خرجت من بيروت والمطر ينهمر من السماء والثلج يتساقط بغزارة وكانت طريقنا من خط الجنوب-بيروت-صيدا- النبطية-وادي البقاع- ولما وصلنا النبطية اغلقت الطريق بالثلوج فعدنا الى بيروت، ثم سافرت في اليوم الثاني ولما وصلنا الحدود السورية كان ارتفاع الثلج اكثر من نصف متر وهناك منعت من دخول سوريا-وليتني عدت الى بيروت- ولكني دخلت على ضابط الامن استفسر عن سبب منعي فاخذ جواز سفري واركبوني احدى سيارات نقل الركاب وارفقوا معي رجل امن لتسليمي في دمشق. وكان بامكاني الهرب على على الحدود واثناء سيرنا في شوارع دمشق ولكن خشيت على الحدود ان اموت في الثلج وفي دمشق خشيت ان افقد جواز السفر لأن الجواز كان مع الشرطي، وصلنا الى مركز الامن داخل دمشق وسألني المناوب المسؤول عن انتمائي فانكرت اني منتم لجهة او لحزب من الاحزاب فاخرج ملفا من الدرج وقال لي : انت عضو لجنة ولاية في حزب التحرير ومعك فلان وفلان حتى عدهم السبعة.

ثم امر بارسالي الى سجن اسمه سجن الشيخ حسن وهو مشهور بضيقه وعدم صلاحيته لسكن الدواب ناهيك عن سكن البشر، وهناك اخذوني الى المناوب وادخلني في زنزانة مظلمة تكاد تكون ثلاجة لبرودتها وهي عبارة عن حمام طولها 180سم وعرضها 120 سم وارتفاعها 200سم مقسومة طوليا نصف مرتفع 60 سم مصبوب بالبطون مخصص للنوم والنصف الثاني فيه جورة المرحاض يعولها حنفية ماء للشرب ولغيره وكأس بلاستيك صغيرة ، وليس فيها ضوء كهرباء ولا ابريق للاستنجاء واذا اردت ان تصلي تصلي جالسا ووجهك نحو جورة المرحاض ، وطلبت من المناوب شمعة لاشعلها لارى كيف اتصرف فاعطاني شمعه طولها 5 سم ولم يحضر لي فراشا ولا غطاء ، فاخذت اصرخ عليه فأعطاه المساجين عددا من البطانيات فرشت بعضها تحتي وتغطيت بالبعض الاخر وبقيت فيها مدة 23 يوما كانت اشد علي من سجن سنة في سجون الاردن ولم يسمحوا الى بالخروج مع المساجين ، وفي احدى الليالي احتلمت من كثرة البرد واردت ان استحم لازيل الجنابة حتى اصلي فجلست قبال الحنفية لاغتسل وملأت كاسة البلاستيك التي لا تتسع اكثر من 200 ملغرام ماء وبدأ من قدمي فالى ساقي ففخذي فتجمدت كل الاعضاء التي اصابها الماء من شدة البرد فتوقفت عن الاغتسال، ولحسن حظي ذلك اليوم اخرجوني مع المساجين فكان لجانب زنزانتي غرفة يقيم فيها ثلاثة مساجين عندهم بريموس يسخنون عليه الماء ، فاطلعت احدهم على حالي، وطلبت منه ماء ساخنا فوعدني، فلما ادخلونا الى زنازيننا وافاني الاخ ابو انس بسفر طاس فيه ماء ساخن لا يكفي لغسل رأسي فصرت املأ نصف الكاسة بالماء الساخن ونصفها بالماء البارد وادهن جسمي حتى انتهيت . لم اعط مصحفا حسب طلبي وكانوا يعطونني ليرتين سوريتين لاشتري بهما طعامي لمدة 24 ساعة واذا اردت زيادة ادفع من نقودي وهم يشتروه لي. ومكثت على هذا الحال 17 يوما ثم اخذت للتحقيق. واردت ان استفيد من المعلومات التي عندهم عني دون ان يعلم المحقق اني اطلعت على ما عندهم عني لكي يصدقوني فيما اقول فيما لا يعلمونه عني، فسألني المحقق العسكري برتبة رائد ، ما اسمك جنسيتك انتماؤك مرتبك في التنظيم من معك في لجنة الولاية ؟ اجبته عليها كلها طبقا للمعلومات التي عندهم حسب ما سمعتها من المسؤول الذي سألني اولا.

بعد ذلك اخذوا يسألونني عن نشاطي في الجامعة ومن اعرف من شباب سوريا، وكنت اجيبهم كما اريد وهم لا يعرفون أصحيح ما اقوله ام خطأ، وبعد اسبوع من اجراء التحقيق اخرجوني ، وعدت الى الاردن ، ولما وصل الحزب خبري اني كنت في السجن ثم خرجت طلبوا ان اعود الى بيروت فعدت واعتقلت على الحدود السورية الاردنية . ورافقني جندي من الحدود الى دمشق وهناك دخلت المسجد اصلي العصر وكان معي رسالة وضعتها تحت حصير المسجد ثم ذهبت مع العسكري الى الدائرة السياسية واحتججت عليهم باعتقالي. فوعدني المسؤول برفع اسمي عن الحدود . ثم عدت الى المسجد واخذت الرسالة وتوجهت الى بيروت واخبرت الحزب بكل ما حدث، وبعدها صرت اروح واجيء دون اعتراض . وفي احدى السفرات بالجو تعطل نزول عجلات الطائرة عن النزول في مطار عمان واجرى الطيار ثلاث ومحاولات حتى نزلت العجلات فهنأوا الركاب بالسلامة .

آخر سفرة الى لبنان

ذهبت الى لبنان ولما دخلت البيت الذي كان الشيخ تقي الدين يقيم فيه وجدت رصاص رشاش الخمسائة على بلاطة الغرفة مقابل السرير الذي ينام عليه، وكان الجانب الشرقي من الغرفة مهدوما نتيجة اصابته بالقذائف التي كان يطلقها حزب الكتائب النصراني الماروني ، فسألت الشيخ لماذا تقيم هنا؟ ألا تذهب الى داخل بيروت لتأمن صواريخ هذه القذائف ، قال : فمن يخدمني هناك؟ قلت ابو جمال . قال ليته يخدم نفسه.

ويبدو ان ابنته كانت تخدمه وتأتيه بين الحين والاخر وتزوده بما يريد ولما جلست انا واياه على مائدة طعام الغداء، رأيته لا يكاد يستطيع ان يتناول الطعام وكان يتساقط على صدرة احيانا .فأحزنني منظره وقد كان مريضا وكان ضغطه مرتفعا وحاله يرثى لها من الهم والحزن، فحثني على امر انا اعلم به منه فعارضته ولكنه كان حازما . فقمت بما طلب مني ولكن بطريقتي وكانت النتيجة كما توقعتها حين عارضته. ملاحقتي من قبل المخابرات من جديد.

ذهبت يوما لزيارة رجل وحصل جدال بيننا الى حد اتهامي له بالعجز والمراوغة والكذب فنهض مسرعا وقد اربد وجهه وعبس وغضب ولم يلتفت الي وركب سيارته وخرج وتركني في بيته، فقمت وانصرفت راجعا وبعد منتصف الليل داهمت المخابرات بيتي فهربت قبل ان يلقوا علي القبض فاستنتجت ان اسمي عمم على الحدود فبعثت للحزب اني لا استطيع السفر الى لبنان.

التقائي بالشيخ عبد القديم

كان الشيخ يقيم في عمان فالتقيت به واخبرته بوضع الشيخ تقي الدين الصحي وحضضته على السفر الى لبنان لمساعدته. وحضر وفاة الشيخ تقي رحمهما الله رحمة واسعة . لقد كان لهما الفضل في تثقيفنا وتوعيتنا ورعاية الحزب حتى غدا حزبا سياسيا عالميا.

اشتغالي اجيرا في محل تجاري

بعد موت الشيخ تقي طلبت انهاء تفرغي ، وبعد الحاح مني ووفق على طلبي فعملت اجيرا بمائة دينار اردني في الشهر وبعد ثمانية اشهر استقلت من عملي وعرض علي عمل آخر فاشتغلت في قطع سيارات وتغيير زيت السيارات لمدة عشرة اشهر ثم اعتقلت وحقق معي وكتبت نتيجة التحقيق ، ولما رفعت النتيجة لرئيس المخابرات لم يقبل النتيجة ، واغلظ القول للمحققين وكتب حوالي عشرين سؤالا ليحققوا معي من جديد بناء على هذه الاسئلة .

نبهت الساعة الواحدة والنصف ليلا واخذت الى مكتب التحقيق واذا بخمسة محققين منهم عامر جالوقة وعماد مدادحة….الخ وقالوا لي ان نتيجة التحقيق معك لم يقبلها رئيس المخابرات والآن نريد ان تجيبنا على هذه الاسئلة فخشيت ان يكون لدى رئيس المخابرات بعض الحقائق التي اخفيها وكون الاسئلة كثيرة خفت ان تكون نتيجة اجوبتي متناقضة. فصممت في نفس اليوم على عدم الاجابة على اي منها. فقلت لعامر جلوقة رئيس التحقيق اقرأ علي واحدا منها. فقرأ فشعرت بخطورة الاسئلة ، فقلت اقرأها علي جميعا ووعد شرف سأجيبك عليها جميعا. فأخذ يقرأ حتى انهاها. فقال اجب كما وعدت، فقلت الجواب على كل ما ورد فيها لا اعرف شيئا عنها. وتوقعت حينها ان تنزل علي الضربات واللكمات والعصي من الجميع الا ان عامر جلوقة قال لي انه خجلان ماذا يقول لي. ثم قال اراك تعبا وأمر باعادتي الى زنزانتي، وبقيت مدة ستة اشهر ثم حولوني الى سجن المحطة ، فوجدت اكثر من ثلاثين شابا من حزب التحرير في السجن وكانوا يقضون مدة سجنهم البالغة ثلاث سنوات حكومية.

وعندما وصلنا سجن المحطة اختاروني اميرا عليهم واقسم احدهم انه اذا لم اقبل الامارة لن يكون احد عليهم اميرا، فقبلت على غير رغبة مني وجدتهم موزعين في سبع غرف مع بقية المساجين .

دعاني مدير السجن –غالب الضمور- يوما الى مكتبه وجمع ضباط السجن ثم سألني على مسمع منهم فقال: هل الملك حسين عميل انجليزي او عميل امريكي؟ قلت: يفهم من سؤالك اقرارك بعمالة الملك، اما انه عميل انجليزي او امركي فهذا هو موضع الاستفسار. وما دام الامر كذلك فهو عميل انجليزي. فقال نائب المدير : كيف يكون عميلا انجليزيا وسلاحنا ومساعداتنا من امريكا؟ قلت: هل حصل ان ذهب رئيس دولة لدولة اخرى فكلفته الدولة الاخرى ان يخرج لها من مركز تدريبها دورة ضباط ؟ قال: لا . قلت: الملك حسين كلفته الملكة اليزبت ان يخرج لهم دورة ضباط امن من احد مراكز تدريبهم فسكت. فقال ضابط آخر: ما الفرق بينكم وبين الاخوان المسلمين؟ قلت له: نحن عندكم في السجن وهم عندكم في مجلس النواب. فسكت الآخر ، فأمر مدير السجن باعادتي الى مكاني في السجن. وبقيت ابذل الجهد حتى تمكنت من جمع الشباب في غرفتين ، وبدأ النشاط الحزبي في دراسة الحلقات في كتب الحزب وفي زيارة بقية المساجين والكسب منهم وتدريسهم وتحزيب من ينضج في الثقافة الحزبية.

ارادت الدولة ان تخرج عددا من المساجين لتحسين سمعتها فكان لي صديق له علاقه باحد المخابرات فاختارني من بين المساجين المرشحين للخروج فخرجت بعد مضي سنتين توقيف.

اقترحت على الحزب في تقريري عن سلوك الشباب في السجن بعض الامور فوافق عليها جميعها. وبعد سنتين فرغت للعمل الحزبي .

وكانت الثورة الايرانية ثم مهاجمة العراق لها واخيرا احتلال العراق للكويت ثم مهاجمة التحالف الامريكي من مجموع ثلاثين دولة بما فيها سوريا ومصر والسعودية للعراق واخراجه من الكويت وكنت القي الدروس والخطب المناسبة حسب الاوضاع المتغيرة واخيرا دخلت منطقة البادية التي تعتبرها الدولة وراء الخط الاحمر (بمعنى ان العمل فيها محظور اي نشاط سياسي) ونشرت فيها فكر الحزب وخطبت خطبة في زيزيا ، وزعت الدولة على اثرها تعميما على الجيش ان اذا سمعوا اثناء خطبة الجمعة ما يسيء الى الدولة فعليهم ان يخرجوا من المسجد وكنت حينذاك قد اشتريت قطعة ارض مساحتها 52 دونم وعملتها مزرعة وكنت آوي اليها كلما اشتدت ملاحقات المخابرات لي.

اعتقالي عام 1987م

اتصل بي شخص وطلب مني ان التقي به في منطقة بيادر وادي السير وذهبت اليه وبعد لقائي به، وانصرافي عنه لحقتني سيارة المخابرات والقوا القبض علي وفي دائرة المخابرات اخذ يحقق معي رجل يقال له علي برجاق ووجه لي تهمة بأني المسؤول عن ضواحي عمان وبناء على هذه التهمة يريد ان يعرف تنظيم الحزب في تلك المنطقة لانها في نظر الدولة داخل الخط الاحمر وكون شباب التنظيم فيها من البدو فهذا هو محل الخطورة، فكنت كلما انفي التهمة يعيد علي برجاق التأكيد عليها، والحقيقة اني لم اكن مسؤولا عنها بل الذي كان مسؤول عنها شاب اسمه عادل علي الشروف وهو زوج ابنتي ، وظل المحقق يركز على هذه المنطقة ، فكان يقول لي انت تذهب الى زيارة زيزيا لتتصل بالناس لتنظمهم في الحزب ، فقلت له ذات مرة: يبدو انك لا تفكر فغضب وقال كيف لا افكر؟ قلت هل تفكر ان شخصا في سن الستين يذهب ليلتقي مع ولد في سن الخامسة عشرة، فماذا يقال عن العلاقة بينه وبين ذاك الولد والبدو يجهلون فكرة الاحزاب، فقال :لا انت تذهب لتنظيم من هو في سنك، فقلت له ها انت لا تفكر بالفعل فصرخ وقال كيف لا افكر؟ قلت له: ان محمدا صلى الله عليه وسلم المبعوث من رب العالمين كان اكبر من استجاب لدعوته ابو بكر الصديق وكان عمره آنذاك 38 سنة فكيف تريدني ان اذهب الى وسط البدو وادعو رجلا في الستين لحزب التحرير وهو لا يعرف الا رعاية الغنم ، أجننت أنا حتى اقوم بهذه المهمة؟ فسكت. وصرت كلما فتح بابا في التحقيق اغلقه عليه حتى مضى خمسة اشهر وهو على هذا المنوال، وفي احدى الساعات وانا راجع من الحمام الى الزنزانة رأيت عادل الشروف امام علي برجاق يحقق معه وبعد يوم او يومين سألني على برجاق عن عادل اين هو؟ قلت له هو عندك، قال:لا، قلت بل عندك ولا حاجة للسؤال عنه، فقال كيف عرفت؟ قلت باللهجة العامية ( هو احنا بنقري اولاد هنا في السجن) نحن برغم تستركم واغلاق الابواب حتى لا يرى الواحد منا الاخر الا اننا نعرف كل من في الزنازن ونعرف انتماءاتهم واسماءهم وقضاياهم ، فكاد ان يصرع، وقال عن طريق الدق على الجدران ؟ قلت احسبها كما تريد.

فلما طالت المدة وهو لم يغير اردت ان اتخلص منه اما بضربهم بي على المعلومات الكاذبة التي سأعطيها له او بكفه عن التحقيق معي.

وكنت قد اكتسبت خبرة بكثرة تحقيقهم معي ، وهو انهم يتنافسون في من يكون اقدر اثناء التحقيق على اخذ معلومات ذات فائدة من المتهم، ويحسد بعضهم بعضا وان حصول الواحد منهم على اخذ المعلومات تساعد في ترفيع رتبته.

ولما جاء ليحقق معي قلت له. افتح دفترك وامسك قلمك وخذ مني (هلجوهرة) التي لا زلت اخفيها عنك. فأخذ استعداده وقال هات. قلت مر علي احد شباب الحزب وقال الا تريد ان ابعث لك ب15 شخصا يريدون الدراسة في الحزب وبالفعل بعثهم والتقيت بهم في مسجد القدس جنوب الوحدات وقسمتهم قسمين وعينت لكل قسم موعده وصرت ادرسهم. واليك اسماؤهم فكتب احد عشر فأخذ يمدحني ويشيد بي ، الآن انت ابو العز وكأنه بالفعل اخذ مني جوهرة، ولما عاد للتحقيق قال لي: هات اكمل ما عندك فقل لم يبق شيء قال لم تعطنا عشر ما عندك . قلت اعطيتك 11 اسم وتريد الان تسعة اعشار اي 9ضرب 11 =99 اسم وهؤلاء يحتاجون الى ورقة وقلم لاجل ان اخترعهم لك لأن الذهن لا يستطيع ان يستوعبهم مثلما استوعب الاحد عشر . قال وهل الاحد عشر مخترعون اختراعا وغير حقيقيين؟ قلت له: اذا كنت صادقا فيما كنت أنفيه فلا حاجة لاختراع جديد، واذا كنت كاذبا فيما كنت اقوله انفيه وصادقا في المعلومات التي اعطيتك اياها فهات قلما وورقة . قال اعد الاسماء التي ذكرتها لي. وكنت احفظها فأعدتها، فقال : أسألك بالله أحقيقة هي او غير حقيقية. فقلت: والله ما فيهم احد من حزب التحرير. فانفعل والقى القلم ومزق الورقة وخرج من الغرفة وهو يقول: نحترمهم ويكذبون علينا ولم يأمر باعادتي الى الزنزانة ، فجاء مدير السجن واخذني الى الزنزانة , فقلت في نفسي الآن سيخبرهم ان المعلومات كانت كاذبة فيتشفى فيه من حسده في المرة الاولى على اخذه معلومات من شخص لم تستطع المخابرات اخذ معلومات منه منذ ثلاثين سنة حتى تلك اللحظة، وسينفجرون من الضحك والاستهزاء به، وكل ظني ان هذا حصل لأنه منع من التحقيق معي فيما بعد واعتبروه فاشلا.

وفي موعد التحقيق جاءني المسؤول عنه وهو عماد مدادحة فلما احضرت الى مكتبه قال: لماذا يا سباتين تتلاعب بالشباب تشرق بهم وتغرب وتكذب عليهم لقد اصروا على ان يأخذوك الى الساحة ( يعني مكان ضرب وتعذيب السجناء) فرفضنا، فقلت له: هل تصدق التهمة التي يوجهها الي وهي المسؤولية عن منطقة ضواحي عمان . فقال لا . ولكنك تقوم بالزيارات لبعض الناس. فقلت له. ولماذا لم تنصحه ان يغيرعن التهمة؟ ولماذا تتركة خمسة اشهر يقضيها من وقته فيما لا جدوى منه. وكأنه شعر اني اتهمه في تركه علي برجاق يقضي وقته سدى.

فقال لي : كم من الوقت لك عندنا؟ قلت خمسة اشهر. قال امض شهرا آخر ثم امر باعادتي الى الزنزانة ولم يحقق معي في شيء. ففهمت من ذلك انه جاء ليكافئني على ضحكي بعلي برجاق ببشارتين الاولى عدم الموافقة على ضربي والثانية على انه سيفرج عني بعد شهر. فعدت متفائلا. وفي تلك الفترة كان مدير سجن المحطة ووزير الداخلية واحد كبار المسؤولين في المخابرات قد امروا مساجين سجن المحطة ان يديروا وجوههم تجاه القصر الملكي ويصلوا للملك حسين فنزل الحزب فيهم نشرة شديدة اللهجة فامتعض القصر والحكومة، وبدأت الاعتقالات في الشباب واخذت المخابرات تضربهم ضربا مبرحا وتعذبهم تعذيبا شديدا لم يسبق لها ان استعملت ذلك مع شباب الحزب. وبينما انا جالس واذا بالمخابرات تخرجني من زنزانتي وتأخذني الى غرفة التحقيق، واذا بمجموعة من المحققين موجودين هناك ، فأجلسوني على كرسي واذا بعطا ابو الرشتة (ابو ياسين) يدخل علي المكتب ويسلم علي معانقة، فقال المحققون: ما هذا؟ فقال: لقد مضى على ابو العز فترة عندكم فهل السلام عليه ممنوع؟ فقالوا:لا ثم سألوه على مسمع مني فقالوا له: لما سألك ابو العز من المسؤول فماذا قلت؟ قال: قلت ابو عامر، وكان في حينها مضروبا والدم على وجهه وعلى قدميه ثم اخرجوه، وسألوني أصحيح ما قال؟ قلت نعم قالوا ومن ابو عامر ؟ قلت لقد سألتموني في بداية اعتقالي وقلت لكم ان ابا ياسين حينما سألته عن المسؤول قال لي(ابو فلان) وكنت ناسيا اسم عامر فها هو ذكرني به. قالوا ومن ابو عامر؟ قلت لو كنت اعرفه لما كان لذكر عامر حاجة ، فانا لا اعرفه فأروني عدة صور فقلت لهم لا اعرف من الصور الا واحدة لشاب انتم تعرفونه وسجن عندكم واسمه احمد حسين وهو الآن في بيروت. فأعادوني الى زنزانتي وعند المساء احضروا لي والاثنين اللذين معي طعام العشاء وعندما بدأنا نأكل بدأنا نسمع ضرب العصي في ساحة التعذيب وكانت قريبة منا فأخذ صاحباي يحصيان عدد الضربات فحصوا ستمائة ضربة ثم سمعنا صوتا عاليا فوقف الضرب. ثم خرج المضروب وأدخلوه في زنزانة رقم 12 وهو في حالة خطرة.

وبعد يومين نقلوا الشابين اللذين كانا عندي في الزنزانة وبقيت وحدي، وبعد الظهر ادخلوا علي رجلا طويلا مورم القدمين يبدو على وجهه الحزن فسلم علي واستقبلته باحترام وبعد الجلوس سألته من اين جئت؟ قال من زنزانة رقم 16؟ قلت ومن فيها؟ قال شاب من حزب التحرير وذكر اسمه ( وانا الان ناسيه) فعرفت انه من زيزيا فقلت معه احد . قال معه 14 شاب من بني صخر حولوهم الى قيادة البادية وجاءوا به الى المخابرات، قلت وما سبب مجيئهم ؟ قال وزع حزب التحرير نشرة يتهم فيها وزير الداخلية وكبارالمسؤولين في المخابرات وطاقم الحزب باجبار المساجين على الصلاة للملك حسين ، فقلت منذ متى وانت في الزنزانة رقم 16 قال : بت فيها ليلة واحدة . قلت واين كنت قبل ذلك. قال في زنزانة رقم 12 قلت أأنت الذي ضربوك قبل يومين ؟ قال نعم قلت له اتدري كم ضربوك؟ قال لا ادري قلت له ستمائة ضربة ثم سمعنا صرخة فتوقف الضرب. فماذا كانت الصرخة؟ قال: لما اوقفوا الضرب قلت لهم اكملوا ايها الجواسيس . فقلت له اشهد انك بطل. ولماذا يضربونك فأخبرني انه من مخيم بلاطة في فلسطين قتل حارسا اسرائيليا وفر الى مصر ولكن الحكومة المصرية سفرته الى الاردن والمخابرات تهدده بتسليمه الى اسرائيل وطلبوا منه ان يتعاون معهم . قلت وماذا قلت لهم؟ قال : قلت انا عمري 29 عاما والمؤمن يعيش على الاغلب ستين عاما ولي ام واخوات ولا اريد ام امضي بقية عمري قوادا فقالوا : انحن قوادون؟ قلت وماذا انتم الا هكذا ففعلوا ما بي ما سمعت. قلت له اطمئن ما عادوا يضربونك فقد نجحت في الامتحان فالضربة هذه كانت الاخيرة. ولما حان وقت خروجي جاءني علي برجاق وقال نريد ان تكتب الافادة. فكتبها وعندما وقعت عليها قال: اذا جاء دوركم-أي اخذتم الحكم- فماذا تعملون بنا؟ قلت كما تدين تدان. قال هل ضربك احد هل سبك احد؟ قلت له لا يقال حينئذ انك احترمت يوسف السباتين ولكن دم ابو الرشتة الذي كان ينزف على وجهه وقدمية والله ليمزقن جلدك. فلم يستطع سماع هذا القول فخرج مسرعا وكأنما في يدي سوط واريد ان اضربه. وبقيت وحدي فجاءني جندي وقال لي هات حوائجك وتعال معي وادخلني على عماد مدادحة فقال عماد: في عام 82 احترمناك وها نحن في عام 87 احترمناك ولكن في المرة القادمة . فقلت لا تكمل فانا اعرف ما تريد قوله والجواب عندي حاضر ولكن ما دمت احترمتني اولا وثانيا فاجعل خاتمتها احتراما احسن لي ولك. فقال للجندي اوصله الى الطريق وقال لي مع السلامة فأخذني الجندي واخرجني خارج المخابرات.

دعوة عرس

دعاني احد الشباب على الغداء في مخيم الطالبية- زيزيا- بمناسبة عرس اخيه وحضر اثنان من المخابرات للتعرف علي من على بعد فبمجرد ملاحظتي لهم عرفت انهم مخابرات وبعد الغداء رجعت الى عمان

زيارة القسطل بناء على دعوة من شبلي خالد السطام

ذهبت في سيارة لولدي عزالدين ولم نجد شبلي فجلسنا مع من في الديوان ننتظر مجيء شبلي. ودار حديث سياسي بيني وبين سامي الفايز ، واذ بمسؤول من الامن في زيزيا قد اقبل في لاندروفر فقال سامي الفايز غيمت. بمعنى كفوا عن الحديث السياسي. فدخل الرجل وقال ديمقراطية (بمعنى واصلوا حديثكم) فقال سامي نحن نتحدث في الرزق فقلت بل نتحدث في السياسة والخلافة . فلما طال انتظاري ولم يأت شبلي قمت وعندما ركبت في السيارة ناداني سامي الفايز وقال يا ابا العز لم نتعرف فقلت له سأزورك واعرفك على نفسي وانصرفت وعلمت فيما بعد بان رجل الامن جاء لاعتقالي حسب قوله لصاحب لي.

محاولة اعتقالي في جبل النظيف[2]

كنت في تلك الايام اجري اتصالات بوجوه القبائل مثل فيصل الجازي ونايف الخريشة وحامد صقر وشبلي الفايز وسالم الجريبيع وغيرهم، واتصل بالخطباء في منطقة البادية وكانت الاوضاع السياسية مضطربة بعد وقف القتال بين العراق وايران وبعد اخراج العراق من الكويت وبعد انفضاض مؤتمر مدريد نتيجة محادثات اوسلو وبعد فك الارتباط بين الاردن والضفة الغربية صار الملك حسين يسعى للصلح مع اسرائيل فكان يخشى ان ينزل حزب التحرير نشرة يفضحه فيها ويثير الشعب عليه خاصة وان الدول العربية وخاصة سوريا يعارضون ذلك بشدة ، فاراد ان يدبر خطة يشغل فيها حزب التحرير والقبائل معه ، فذهب الى دائرة المخابرات العامة واتفق مع مصطفى القيسي على اعتقال الطلبة العسكريين في جامعة مؤتة، واعتقال العاملين داخل الخط الاحمر-منطقة البادية- من حزب التحرير وتوجيه التهمة لهم بأنهم يريدون اغتيال الملك حسين اثناء الاحتفال في جامعة مؤتة، فاعتقلوا ستة طلاب عسكريين واعتقلوا اسماعيل الوحواح القادم من اليمن وهو تحريري واعتقلوا هلال الشموط وهو راجع من الحج وهو تحريري ايضا وبقيت انا ووليد شاهين ، فجاء اثنان من المخابرات لاعتقالي في جبل النظيف . وبينما كنت متوجها لصلاة الجمعة في مسجد طارق بن زياد واذا بشخص يناديني يا ابا العز فوقفت فقال: سؤال ثم صافحني فقلت له اسأل. قال ليس هنا السؤال قلت فاين اذا؟ قال هناك في السيارة ، فادركت انه مخابرات فرفضت فامسك بي واراد ان يسحبني الى السيارة فاستعصيت عليه فنزل ضابط من السيارة وامسك بي وسحبني فوضعت رجلي في مقدمة سيارة واقفة وجذبتهما فمر علي شخص فسأل ما الامر فقال مخابرات فانصرف الرجل. قلت لا اذهب معكما حتى اغير لباسي هذا فوافقا مرغمين ، فسار معي احدهما واما الاخر فطلب النجدة لمساعدتهما ثم لحق بنا، فلما وصلنا البيت لم نجد به احد ا فدخلت احدى غرف البيت وغيرت ملابسي وطللت عليهما من شباك قريب لهما وطمأنتهما بأني آخذ في تغيير ملابسي ، وكنا في الطابق الثاني وهناك شباط يطل على طريق ضيق خلف البيت وقريب منه عمود كهرباء ، فامسكت بظرفة من ظرفات الشباك حتى اقتربت من العمود والقيت بنفسي تجاهه فامسكت به وانحدرت بواسطته الى الارض ثم لجأت الى بيت في الحي واما رجلا المخابرات فظلا ينتظراني خلف الباب حتى جاءت النجدة وهي سبع سيارات كما قيل وعلى رأسهم علي برجاق. وفتح الباب واخذ يفتش البيت غرفة غرفة فلم يجدني، ثم فتش بيوت اخوتي واخذ ولدا لجيراننا وسأله عني فلم يفده فلطمه على وجهه فسب الولد دينه وقال: انا لم اهربه ولكن رجالك هؤلاء هم الذين مسكوه من المسجد وضحك عليهم واتى بهم الى البيت واغلقه وتركهم خلفه وهرب. فترك الولد واخذ يضرب الرجلين ثم اخذ اخي ليريه بيت ابنتي في قرية ام البساتين وهناك سأل ابن ابنتي عن ابيه فصرخ الولد في وجهه وقال( مش هان) اي ليس موجودا. فعاد طريقه فوجد عادل الشروف زوج ابنتي فاعتقله وهكذا فشل في البحث عني.

اما انا فخرجت من البيت الذي لجأت اليه وعدت في الليل الى بيتي وبقيت فيه حتى خف التفتيش عني فخرجت الى احدى ضواحي العاصمة ولبثت اسبوعا واثناء الاسبوع سمعت خطابا للملك حسين يتهم اناسا برسم خطة لاغتياله ولم اعرف ان احدا من شباب الحزب معتقلا، وانما سمعت ان بعض الطلاب في جامعة مؤتة معتقلون . ولكن الاخبار في الاذاعة ذكرت ان الدولة القت القبض على المتهمين ما عدا اثنين فارين من وجه العدالة ولم تذكر الاذاعة الاسماء. وفي اليوم التالي كنت جالسا مع جماعة وكنت اقرأ في جريدة شيحان وقرأت فيها اسماء الثمانية المعتقلين فعرفت اسم هلال الشموط اما اسماعيل الوحواح ما كنت اعرفه فلما قرأت اسمي الفارين من وجه العدالة واذا هما انا ووليد شاهين فاستغربت الخبر وقلت لجلسائي والله اذا كان المتهمون مثلي ما في مؤامرة، والاخبار كلها كاذبة ومزيفة ويبدو ان الملك يخطط لامر خطير . ثم عدت لبيتي من طريق خفي وكنت اقضي وقتي من العصر الى منتصف الليل في ديوان –جامع الزعاترة- ثم اعود الى بيتي وهكذا طوال الملاحقة والمطاردة ولم تعد المخابرات لتفتيش بيتي لاستبعادها عودتي اليه.

محاولة اعتقالي في المزرعة.

كنت في المزرعة ومعي عامل يشتغل . وكنت ارى رجلا يجلس على رأس رابية تطل على المزرعة وعلى غير العادة فشككت في امره وبعد ثلاثة ايام رأيت الرجل ينحدر نحو المزرعة فالتقيت بالرجل واذا بيده كماشة ، فسألته ماذا تريد؟ قال اريد طريقا من المزرعة لامرار تركتر منها. فالتفت نحو باب المزرعة واذا بسيارة وينزل منها مسلحون فأدركت انهم مخابرات وان الرجل متواطئ معهم فمشيت نحو العامل واظهرت اني متجه نحو باب المزرعة ورأيت انه من الصعب الفرار منهم لأني ان فررت على مرأى منهم سيطلقون علي النار ، فأخذت ارمي الحجارة التي في المزرعة واقذفها خارج الشبك واتراجع نحو آخر المزرعة حيث يوجد الرجل المتواطئ معهم. فمشيت خلفه فعمد الى شبك المزرعة وقصه بالكماشة ودخل المزرعة واما انا فبقيت امشي رويدا رويدا لأشعرهم اني غير حاسس بهم وكان امامي واد سحيق وذو انحدار شديد، فما تواريت عن اعينهم اخذت ارجع الى الوراء مع سفح الوادي بانحدار بطيء فرأيت تركترا آتيا مع طريق خلفي فخشيت انه ان سأل المخابرات من فيه فيما اذا رأوا احدا ان يقولوا رأينا رجلا متجها نحو الطريق التي جاءوا منها فتواريت عنهم حتى مروا ثم سلكت طريقهم حتى ابتعدت عن الوادي. فوصل التركتر وكان عليه ثلاثة مسلحين انضموا الى من كانوا في السيارة وانحدر الجميع خلفي يظنون اني انحدرت في الوادي، وظلوا يفتشون من الساعة التاسعة صباحا وحتى الثالثة مساء فلم يعثروا علي. فعادوا بسياراتهم والتركتر منهكي القوى لا يلوون على شيء ثم اني عدت الى المزرعة بمجرد ان خرجت سياراتهم والتركتر من الزرعة وامضيت تلك الليلة واليوم التالي ثم رجعت الى بيتي في عمان.

حادث انقلاب تركتر

بينما كنت احرث في المزرعة بواسطة تركتر دخلت به منطقة وعرة وذات انحدار. فانقلب بي وصرت تحته ودخلت قطعة حديد طولها 3 سم وعرضها 2 سم في رجلي اليسرى، ولكن التركتر لم يثبت فوقي بل انقلب مرة اخرى فخرجت الحديدة من رجلي وانبعث الدم منها فذهبت مسرعا الى مزرعة مجاورة واستعنت بعامل مصري على ايقاف النزيف ثم رجعت الى عمان وذهبت الى مستشفى البشير فاعطوني ابرة ضد التسمم.

اصدار محكمة امن الدولة الحكم

بعد جلسات عدة اصدرت محكمة امن الدولة الحكم بالاعدام حتى الموت ثم خففت عن البعض الى الحكم المؤبد وعن البعض الى 15 سنة واما انا ووليد شاهين واسماعيل الوحواح فبقي حكمنا الاعدام. فهجم اهل المحكومين على المحكمة وكسوا زجاجها وخرج المحامون يقولون بان المحكمة لجأت الى الاقليمية البغيضة حيث ابقت حكم الاعدام على الفلسطينيين.

بعد صدور الحكم ابا علي اولادي الا ان اخرج من البيت فخرجت الى ضاحية واقمت ببيت جميل فيه كل ما احتاجه فلبثت فيه ثمانية ايام ثم عدت الى بيتي في جبل النظيف عمان.

دور محكمة التمييز

بدأ دور الاتصال بقضاة التمييز من قبل اهالي المحكومين وبدأ الضغط من الدولة عليهم ليوافقوا على احكام محكمة امن الدولة، ولكن لعدم قناعة القضاة قدم رئيس المحكمة استقالته وتزايد الضغط من الدولة وكثرت الاتصالات من الناس بالقضاة فصاروا بين امرين اما الموافقة على الحكم واما الاستقالة، فاستقال رئيس المحكمة الثاني والثالث ، واستدعى رئيس الوزراء الشاهد الوحيد في القضية وسأل عن شهادته فقال شهدت وارجل المخابرات على عنقي اي جبرا. فأمره بالانصراف ويبدو ان الملك حسين احس ان لجنة حقوق الانسان والمحامين الذين جاءوا من مصر ليرافعوا عن المحكومين ، واتهام القضاء الاردني بالظلم جعل الملك يخشى على سمعة القضاء خاصة وان ثلاثة من رؤساء محكمة التمييز قدموا استقالاتهم . اعطى الضوء الاخضر لرئيس الوزراء ان يترك القضاة ليبتوا في القضية حسب قناعاتهم. فاستدعى رئيس الوزراء زيد بن شاكر استدعى رئيس محكمة التمييز وقال له احكم في القضية حسب قناعتك ، وكان صلح وادي عربة قد حصل ومر بسلام فدعا القاضي المحامين وقال لهم غدا الجلسة وفي اليوم التالي حضر المحكومين الى قاعة المحكمة واصدر الرئيس الحكم بعدم وجود قضية وبرأ الجميع من التهمة الملصقة بهم.

وبدأت الاحتفالات بخروج الشباب من السجن بريئين من تهم المخابرات الكاذبة وجرى التحدي اثناء الاحتفالات لأمن الدولة ومخابراتها ومحكمة امنها واختفت المخابرات، ولم يطل الوقت حتى احيل مصطفى القيسي على التقاعد. وفي رأيي لأنه لم يحسن تخريج الفلم الذي رسمه الملك.

اعتقالي من اجل القضية نفسها

بينما كنت جالسا في محل تجاري في وسط عمان واذا بالمخابرات تدخل المحل تريد تفتيشه فوجدوني جالسا فاعتقلوني ولم يحققوا معي في القضية وانما احالوني لمحمود عبيدات مدعي عام محكمة امن الدولة وهذا كان يعلم اني لن احكم على نفس القضية لأن محكمة التمييز نفت القضية نفيا باتا.

وبدل ان يسألني عن علاقتي بالقضية سألني أمسلم الملك حسين ام كافر؟ فأدركت انه يريد حبسي ثلاث سنوات بتهمة اطالة اللسان (قدح مقامات عليا) فقلت له اسأل عزالدين الخطيب مفتي المملكة فقال انت تعرف قلت لست مجتهدا ولا مفتيا ولن اسقط في الجورة التي حفرتها لي فانا متهم بقتله لا بتكفيره فالعب لعبة غيرها فهذه مكشوفة.

فتحول للسؤال عن اتصالي بهلال الشموط فانكرت معرفتي به او بغيره من طلاب الجامعة العسكريين واكثر من الاسئلة فقلت له ضع مائة سؤال كما تريد والاجابة على الجميع النفي. وكان المحامي محمد مهيار حاضرا الجلسة، فحولني المدعي العام الى السجن لبينما تتم المحاكمة التي لا معنى لها، فامضيت خمسة اشهر ونصف حتى تمت المحاكمة وبرئت من جميع التهم المسندة الي ، وكان الاصل ان لا احاكم لعدم وجود قضية لكن ضغط المخابرات هو الذي جعل المدعي العام يحيلني على المحكمة لأبقى مدة طويلة في السجن لولا الاتصالات والاعتراضات لأبقوني مدة اطول.

الزلزال الشديد

كان الحزب قد عين محمد نافع (ابو رامي) معتمدا للحزب في الاردن وبعد مضي فترة معينة عينه الحزب مندوبا عن القيادة في الاردن، وكان هذا الرجل يطمع في قيادة الحزب وهو في الكويت ولكن لم يستطع هناك ان يعمل شيئا لأنه لم يكن مسؤولا ولا الكويت تصلح للعمل ضد القيادة، فلما جاء الى الاردن ومعه عدد آخر من شباب الكويت وصار مسؤولا صار مثل الضابط الذي يريد ان يقوم بانقلاب لكن لكونه بعيدا عن الجيش في بلد آخر لا يستطيع العمل فاذا عاد الى البلاد وتسلم قيادة يستطيع حينئذ ان يقوم بانقلاب وهذا محمد نافع مثله مثل هذا الضابط فلما استلم عمادة الحزب أخذ يتودد الى المشرفين على الحلقات وينقل من لا يطمع في اطاعته له عن الحلقة ليلحقه بمسؤولية اخرى هو الزيارات الفردية او الجماعية ، ويكره الشباب في المسؤولين الذين هم في مكتب الامير ويتهمهم بالفساد زورا وبهتانا ويعمل على اضعاف النشاط الحزبي ويعزى هذا الضعف للقيادة حتى صور القيادة بانها صارت تهذي نتيجة للمرض العضال ويقول يجب تغييرها ولما حصل صلح وادي عربة لم يحرك ساكنا وحدث ان قتل احمد الدقامسة ست فتيات يهوديات ذهب الملك على اثرها الى اسرائيل يعزي اهلهن وشن حملة على احمد الدقامسة الذي وقف الى جانبه كل الناس في الاردن الا محمد نافع ولما وصل خبر المؤامرة على القيادة فصلت خمسة اعضاء من الحزب ومعهم محمد نافع ولكن هؤلاء كانوا قد رتبوا الامور ترتيبا دقيقا فوجدت معارضة قوية ضد القيادة واعضاء مكتب الامير. وانتدبني الحزب للتحقيق في هذا الامر، ولم يكن لدي علم بكل ما يجري لأنه كان لي سنوات طويلة لا علاقة لي بالناحية الادارية ولا كنت اعرف محمد نافع ولا عن مسؤوليته. وبعد الاتصالات المتكررة والاجتماعات وسماعي لكثرة الانتقادات كتبت تقريرا بأن معظم الشباب ينتقدون اعضاء مكتب الامير ولكن لا دليل لهم على ذلك وانتهى الموضوع بان اصدر هؤلاء بيانا باسم حزب التحرير فصلوا عبد القديم زلوم واخاه عبد الحليم ومحمود عويضة وابو عماد وغيرهم فجاء الرد من الحزب بمقاطعة هؤلاء وفصل الكثير منهم وعدم مجالستهم او الحديث معهم باعتبارهم ناكثين للعهد ولم يمكث محمد نافع طويلا حتى وافاه اجله قبل الشيخ عبد القديم الذي كان يصفه محمد نافع بانه على وشك الموت وهو يهذي.

موت ولدي بلال وهو من شباب الحزب واعتقالي

كان رحمه الله نشيطا في حمل الدعوة كان مصابا بمرض الربو نتيجة عملية القلب المفتوح للمرة الثانية وكان قبلها قد اجري له عملية اغلاق امعاء وقبلها عملية كبد ، وعند وفاته تعبت كثيرا من الاستقبال لكثرة المعزين الذين جاءوا من انحاء عديدة ، وبعد اسبوع اعتقلتني المخابرات من وسط سوق عمان ولاحظوا على التعب فحولوني الى طبيبهم ولا ادري ماذا كان قراره الا انهم حولوني الى سجن جويدة انا ويوسف العوضي وعلي الصمادي وابو عماد ومصطفى الشاعر بتنا ليلة واحدة وفي اليوم التالي اطلقوا سراحي انا وعلي الصمادي وابو عماد وابقوا يوسف العوضي.

محاولة اعتقالي مرة اخرى

كانت المخابرات تلاحق ولدي محمدا باعتباره من حزب الترحير وبتهمة توزيع نشرات في الكرك وبعد ثلاثة اشهر جاء الى البيت ليلقوا القبض عليه، ففر منهم دون ان يروه او يدخلوا بيته وهربت انا دون ان يروني وعند التنفتيش وجدوا كتابا باسم الحزب وصادروا آلة كاتبه وانصرفوا بعد ان اخذوا اولادي عزالدين وعبد الله واحمد ونسيبي محمد دقة كان عندي في البيت واودعوهم السجن وظلوا مدة شهر وبرأتهم المحكمة اما انا وولدي محمد فقد حكمتنا المحكمة غيابيا سنتين وستة اشهر وبقينا فارين من وجه الظلم حتى صدر عفو عام بمناسبة تولي الملك عبد الله الثاني الحكم.

حادث خطير لانقلاب التركتر

كنت ذات يوم احرث في المزرعة فانقلب التركتر في منطقة وعرة وعند كومة من الحجارة الصغيرة واستقر فوق النصف الاسفل من جسمي فتهشم كوع يدي اليسرى وبدأ الدم ينزف منها وأخذت أتألم من رجلي لكونها فوق الحجارة الصغيرة وتحت ثقل التركتر وصرت انادي على جار لي في مزرعة مجاورة لعله يسمع النداء فينادي جار آخر لنا لينقذاني ولكنه كان يسمع النداء ولا يدري اين المنادي، ولما كانت يدي اليمنى طليقة اخذت اسحب الحجارة التي تحت رجلي لعلي استطيع سحبها من تحت التركتر فصرت كلما سحبت حجرا يهبط التركتر على رجلي، فصرت كلما اسحب حجرا اضعه تحت التركتر لمنعه من الهبوط فاستطعت بهذه الطريقة ان اسحب احدى رجلي. وبينما كنت على وشك سحب الرجل الاخرى واذا بجاري الذي كنت اناديه يلتفت نحوي فيرى التركتر فوقي فاقبل مسرعا وحاول رفع التركتر ولكنه لم يستطع الا مجرد تحريكه فسحبت رجلي الاخرى وأخذ بيدي فقمت وتوكأت عليه حتى وصلت الغرفة فغسلت يدي المهشمة بالماء البارد وجاء اخ لجاري ومعه سيارة فاوصلني الى الطريق العام وركبت الباص الى مادبا وهناك ارسلني احد اقاربي الى المستشفى فقطبوا جروحي وقرروا لي البقاء في المستشفى لمدة اربعة ايام. وجاءت الشرطة وحققت معي وكتبت تقريرها وبعثته الى ناعور لكون الحادث وقع في منطقة تابعة لها. فخرجت من غرفتي لأرى قرابتي واذا بشرطي يتبعني ويسألني اين تريد؟ قلت له ابحث عن قرابتي الذي احضرني بسيارته فسكت الشرطي ثم عدت الى الغرفة ثم خرجت مرة اخرى واذا الشرطي يلحقني ويسألني مرة اخرى فشككت في الامر فلما حضر اولادي الى المستشفى قلت لهم خذوا اذن لي من المستشفى بالخروج فأخذوا لي اذنا بالخروج على عاتقي لا على مسؤولية الطبيب وقلت اخرجوا بي من باب آخر بعيدا عن اعين الشرطة، يبدو ان هناك قضية امن لها علاقة بي. فخرجنا ورجعنا الى عمان وعند المساء اتصل بنا امن ناعور وطلبوا حضوري بحجة انهم يريدون اخذ كروكة في الحادث فقلت لهم بواسطة التلفون الحادث حصل داخل مزرعتي وليس على الطريق العام ثم اني انا المتضرر وليس احد غيري ولا اشتكي على احد، ولا يستطيع راكب دراجة الوصول الى ذلك المكان، فقالوا لا بد من حضورك فقلت لا احضر. فقالوا اتدري من يتكلم معك قلت لا، قال العقيد فلان قلت انعم واكرم فاذا تمكنت آتيك، وعاد واتصل في الليلة التالية فقلت لأخ لي رد عليه، فرد عليه وقال لقد رجع المطلوب الى مزرعته والتركتر تحطم، ثم كلفت شخصا ليستطلع سبب طلبهم لي فجاءني بعد ان استفسر عن السبب فقال لك اسم عندهم على الكومبيوتر مطلوب للامن، فقلت هذا الذي توقعته في المستشفى، ولكن رجلي ورمت وانتفخت، فذهبت الى مستشفى البشير واجروا لي عملية جراحية، واخرجوا الماء والدم الفاسد ووضعوا فتيلا لتسهيل التغيير عليها في الاوقات المناسبة فبقيت اغير عليها حتى شفيت.

تكليفي بمتابعة خطباء المساجد

بعد اعفاء الحزب لي من العمل للتنظيم الشعبي كلفني بمتابعة خطباء المساجد فكنت اوجه الخطباء واكتب لهم مواضيع فكرية تصلح لالقائها خطبا ودروسا في المساجد وكنت اهتم كثيرا بالافكار التي ترفع مستوى التفكير وايجاد الوعي لدى المستعمين واحض الخطباء على تنزيل ما في الخطب والدروس من افكار على الوقائع والاحداث اليومية او الاسبوعية، واحيانا اعطيهم احاديث نبوية منتقاه لافتتاح الحديث مع الناس في المساجد وفي المناسبات وبقيت مدة سنتين على ذلك حتى انهى الحزب تفرغي مع بداية عام 2004م

السعي في طلب الرزق مع بقاء تكاليف حمل الدعوة

لم استطع الاعتماد على انتاج المزرعة لأن قلة الامطار جعلت انتاج المزرعة اقل من تكاليفها، وقلة وجود عمال يخدمونها لعدم قدرتي على دفع اجورهم، جعلها تتراجع في النمو لدرجة انها في هذا العام لم يعط زيتونها شيئا، كما حصل ذلك قبل اربع سنوات اذ لم اقطف منها نصف كيلو زيتون.

فكرت في تأليف كتب فرأيت ان الكتب التي يقبل الناس على شرائها هي الكتب التي لاتقبل نفس المفكر ان يشغل نفسه بها. وكنت قد جربت سابقا في تأليفي كتاب البيوع القديمة والعاصرة الذي يستفيد منه التجار والمحامون فطبعت منه الف نسخة كلفتني النسخة 140 قرشا وقد مضى على تأليفه اربع سنوات لم احصل على اكثر من نصف تكاليفه ولا زال قسم منه عندي وقسم يقدر ب400 كتاب ما زالت عند دار البيارق التي صفاها صاحبها وهرب الى قطر والفت كتابا آخر بعنوان (الاستراتيجية الامريكية) ولم احصل حتى الان على شيء من مبيعاته.

حادث تدهور سيارتي بي

في هذا العام 2004 فقدت اعز صديق لي وكنت نهار دفنه حاضرا وكان العزاء في جمعية الدوايمة في البقعة وسهرت تلك الليلة حتى صلاة الفجر فلما رجعت من الصلاة الى من كنت ساهرا معهم وجدتهم نائمين، ولم اكن متعودا على النوم بعد الفجر، فقلت في نفسي اذهب الى اربد واحضر عددا من كتاب الاستراتيجية الامريكية . فركبت سيارتي وذهبت الى اربد واحضرت معي بعض الكتب، وفي الطريق في منطقة جرش نعست فما افقت من سهوتي الا والسيارة تنحدر بي وتهوي في الوادي حتى ارتطمت في الجبل وقلبت على اليمين فضرب رأسي في الزجاج الامامي وصدري في مقود السيارة وشد الحزام على عنقي وكتفي فحللت الحزام واخرجت قدمي من تحت الستيرنج(مقود السيارة) استعدادا لفتح الباب واذا بركاب باص قد نزلوا واحاطوا بالسيارة واقعدوها ففتحت الباب وخرجت والدم يقطر من فمي ويدي. فغسلت اماكن الجروح واسعفوني بمحارم الفاين وانقطع الدم وهنؤني بالسلامة . ومختصر الكلام انه بعد ان كنت اطمع في الاستفادة من الكتاب خسرت 600 دينار على تصليح السيارة ولكني حمدت الله على السلامة.

حادث سير آخر

وبعد عام من حادث السير الاول كنت في مزرعتي وكان اليوم يوم جمعة فذهبت الى قرية المشقر لأداء صلاة الجمعة في مسجدها واثناء رجوعي الى المزرعة كان امامي منحدر حاد ومتعرج يقارب طوله 700 متر وعند بدايته هورت بي السيارة وصرت اضغط على فراملها فلم تتجاوب معي واخذت السيارة تزداد تسارعا واحترت ماذا اعمل لأن على يساري واديا عميقا وعلى يميني مرتفع فصار همي ان اضبط السيارة لتظل على الطريق بالرغم من التعرجات (الكوربات) ولما انتهيت من المنحدر كانت سرعة السيارة كما ظننتها آنذاك تزيد على مائة كيلومتر في الساعة وفي تلك اللحظة طارت قطعة كرتون من داخل السيارة وحالت بين وجهي وزجاج السيارة الامامي فحجبت عني الرؤية فاصطدمت السيارة بعمود كهرباء ذات ضغط عال فوقفت السيارة فجأة فارتطم جسمي بمقود السيارة والزجاج الامامي وبالتابلو وتخيلت ان جسمي قد ارتطم بصخرة عاتية بقوة شديدة، فازلت قطعة الكرتون من على وجهي فرأيت عمود الكهرباء، وقد شق طريقه عبر مقدمة السيارة قريبا من الكرسي الامامي الذي على يميني فحمدت الله ان لم يكن معي احد، فنزلت من السيارة والدم ينزف من رأسي وانفي ويدي، واحسست ان اضلاعي وقفصي الصدري قد تكسر، وجريت مسرعا نحو مزرعة قريبة مني وطلبت من العامل فيها ان يوافيني بالماء لأغسل رأسي ووجهي لعل النزيف ينقطع فلم ينقطع فاستلقيت على ظهري ورفعت يدي الى اعلى فخف النزيف قليلا واتصلت باحد اولادي بواسطة الخلوي فجاء ومعه خاله وابن خاله فاخذوني الى مستشفى النديم بمأدبا، فأخذوا صورة لرأسي ولصدري وكانت النتيجة ان لا كسور فيهما فحمدت الله على ذلك، وغادرت عائدا الى بيتي ولم اذهب الى مستشفى ولا الى طبيب حتى شفيت تماما والحمد لله، وطلبتني شرطة ناعور كما طلبتني يوم حادث التركتر من قبل فلم استجب لطلبهم.

حادث آخر

بعد اسبوعين تقريبا من حادث السيارة ذهبت الى المزرعة لأقطف ثمر الزيتون وبعد عدة ايام من العمل أصبت بقشة في عيني اليمنى وظننت ان الاصابة بسيطة كما هي العادة بالاصابات اثناء القطف بواسطة ورق الريتون لكنها في اليوم التالي شدت علي فتألمت كثيرا فذهبت الى الطبيب ولما فحصها وجدها مجروحة فقطرها عدة قطرات ثم عصبها وقال لا تفتح العصبة الا في الغد الباكر وخذ هذه القطرة واقطرها اربع مرات في اليوم لمدة ثلاثة ايام وراجعني ولما راجعنه وجدها قد التئمت والتحكم الجرح والحمد لله.

بيع المزرعة

في عام 2004م وفي اواخر فصل الخريف وبعد نزول المطر حرثت المزرعة للمرة الاولى وكنت اثناء الحراثة اشعر بالتعب ولما حان وقت الحراثة للمرة الثانية بدأت احرث واحسست ان الارض قد تصلبت وصعب على التراكتر السير في بعض جنباتها ودخل بي تحت شجرة زيتون فاردت ان اتلافى جذعا من جذور الشجرة فتعرضت له بيدي فكاد كتفي ان ينخلع وقفز المحراث (التركتر) على سلسلة (حائط من الحجارة) فكاد ان يسقط، وخشيت ان ينقلب مثلما انقلب بي المحراث في المرات السابقة وقلت في نفسي ان كنت قد نجوت في المرات السابقة فاني اخشى ان تكون هذه القاضية فحزمت امري على بيعها قبل خرابها لأنها آخذة في التأخر خلال السنوات الثلاث الاخيرة اذا ان انتاجها أخذ في التأخر لعدم العناية بها، فان اعلى انتاج لها كان 43 تنكة زيت ثم نزل الى 22 تنكة ثم الى 13 تنكة ثم في هذا العام انخفض الى 4 تنكات فكلفت سمسارا ببيعها فجاء بمشتر بثمن زهيد لم احصل منه الا على مبلغ 90 الف دينار اردني فاشتريت قطعة ارض للسكن بمبلغ ثمانية آلف ونصف دينار اردني واشتركت مع عدد من الاصحاب في تجارة مواد صحية بمبلغ 55 ألف دينار وفتحت محلا تجاريا( بقالة) بمبلغ سبعة آلف دينار ، وببيعها سر بعض الاهل ولامني البعض الاخر واما انا فلم آسف لبيعها ولم افرح لثمنها لأني موقن ان ما فعلته موافق لما قدر في الازل وبرضاي.

محاولة عمل هوية

شعرت يوم التوقيع على بيع المزرعة ان الدوائر الرسمية في الدولة لا تقبل الموافقة على انجاز المعاملات الا بابراز الهوية الشخصية التي تحمل الرقم الوطني فاضطررت لعمل هوية، وعمل الهوية الضائعة يحتاج الى قرار من مركز الامن في المنطقة التي يسكنها طالب الهوية ، وكانت هويتي في حكم الضائعة لأنه كان لي سنتان ابحث عنها فلم اجدها، فذهبت الى منطقة سحاب وقدمت طلبا للحصول على هوية بدل الضائعة فلما عرضوا اسمي على جهاز الكومبيتر وجدوا اني مطلوب للمخابرات ولمركز الامن في ناعور، بسبب حادث التركتر قبل عدة سنوات وبسبب حادث تدهور السيارة الأخي،ر فسألوني الك سيارة رقمها 597836 قلت نعم ، فقالوا اذهب الى ناعور تجد هويتك. وكنت اعلم ان هويتي لم تكن بالسيارة لأن الحادث كان قبل شهرين وفقداني للهوية كان قبل سنتين، فشعرت ان الضابط الذي طلب مني ان اذهب الى ناعور، لا يدري انني اعرف انني مطلوب لمركز امنها، فلربما اراد ان اذهب بنفسي فيستلموني هم بدل ان يسلمني هو. فاحترت في نفسي أأذهب الى ناعور ويسلموني بدورهم الى المخابرات ام اذهب الى المخابرات اولا واقصر الطريق وانا مضطر الى الهوية. فقررت ان لا اذهب لأي منهما، وفي صباح اليوم الثاني صليت ركعتين ودعوت الله تعالى ان يغنيني عن مقابلتهم ويكفيني شرهم ، فعدت افكر في الهوية ولكما فكرت يلوح في مخيلتي اني وضعتها في مكان نسيته مع الزمن ، فاخذت افتش من جديد فلاح لي كيس بلاستيك معلق على مسمار في حائط الغرفة التي كنت فيها فتناولته وفتشته واذا بالهوية فيه فكانت فرحتي شديدة ان اغناني الله عن مقابلتهم.

تكليفي بتدريس حلقة اسبوعية

اجتمع لدي خمسة من الشباب الكبار في السن فدرستهم في كتاب المفاهيم السياسية لحزب التحرير وكنت في نفس الوقت مشغولا بتأليف كتابا يتعلق باحداث الشرق الاوسط.

حادث سير ثالث

كان لابنتي ام معاذ موعد اجراء عملية تمييل في المدينة الطبية وكانت تسكن في قرية ام البرك فذهبت اليها في اليوم الموعود واخذتها وولدها معاذا في سيارتي ولما صرنا قريبا من منطقة ناعور ضرب العجل الامامي فانقلبت بنا السيارة في مزرعة محاطة بشيك ولم يحصل لنا من الضرر الا الشيء البسيط اصاب ابنتي وولدها، واما انا لم اصب بشيء، فخرجنا من السيارة واتصلت بولدي اخبرتهما ان السيارة تعطلت فجاءا بسيارة احدهما ونقلونا الى المدينة الطبية حيث اجريت لابنتي العملية المطلوبة وباتت ليلة واحدة ثم خرجت بسلام والحمد لله

--------------------------------------------------------------------------------

[1] مرت علينا ايام اعتقال الوالد في سوريا شديدة لم تمر علينا ايام مثلها ، ذهب عمي الى الشام وسئل عن ابي لكن لا جواب من دولة حزب البعث ولم يعترفوا مطلقا باعتقاله ثم ذهب الى لبنان وبالاتفاق مع خالي الذي كان يعمل مع فتح تم البحث عن ابي في لبنان في كل شبر فيها لكن لم يظهر له اثر.

وقد ساهمت القصص والدعايات المغرضة في سوء حالة امي .

ففي كل يوم كانت النساء تنقل لامي خبرا عن جثة وجدوها في المكان الفلاني ولم يتعرف عليها احد لما اصابها من تشويه.

او وجود قتيل يشبه الوالد طويل واشقر وعيونه زرقاء او وجود قتيل آخر اكلت منه دود الارض ووحوش الفلى وطيور الفضاء

ثم وصلتنا اخبار عن قتلى في لبنان وابي واحد منهم

ووما زاد في مأساة امي ان اخي وقع من السطوح وتفتت طحاله ونقلته الى طوارئ البشير واحتاج الى اجراء عملية جراحية عاجلة وسأل الطبيب اين والد الطفا فلم تجبه امي واصر على حضوره واجهشت بالبكاء فقال لها: هل هو فدائي لا تريدين ذكر مكانه ، انه بطل بطل ساجري له العملية.

وقد عرفت فيما بعد انها زبزنة في قسم الطوارئ من كثرة ما كانت تحضر اخواني للاسعاف لديهم بسبب مشاجرة او او وقعة .


[2] قضية مؤتة وما ادراك ما قضية مؤتة

بداية التآمر على حزب التحرير وتلفيق تهمة قلب نظام الحكم بالاتفاق مع طلاب جامعة مؤتة الجناح العسكري.

أضف الى مفضلتك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
التصنيفات : غير مصنف | أرسل الإدراج | دوّن الإدراج

2 تعليق على “تفتيش بيتي…يوسف السباتين”
سيف الحق قال:
نوفمبر 29th, 2006 at 29 نوفمبر 2006 7:34 م
رحمك الله سيدي يوسف ،، فقد كنت بحق رجل عظيم ومثلك قليل ..

الفاضلة الأخت نجاح السباتين ،،

هو والله وعد من الله ورسوله للمؤمنين بالاستخلاف والتمكين في الأرض عاجلاً أم آجلاً ،، رغماً عن أنوف كل الخونة والظالمين والمتجبرين الحاقدين على الإسلام واهله ،،

والله ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز به الإسلام وذلاً يذل به الكفر .. في القريب العاجل بإذن الله .

رحم الله شيخنا وأستاذنا ومربينا يوسف وغفر له وأسكنه الفردوس الأعلى وتقبله في المتقين من عباده وحشره مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً

والله نسأل أن يعوض الأمة عنه خيراً وأن يخلفه في أهله وذويه بخير ما يخلف عباده الصالحين.

اللهم آمين آمين

[/frameــ


http://najah7.maktoobblog.com/63766/%d8%aa%d9%81%d8%aa%d9%8a%d8%b4-%d8%a8%d9%8a%d8%aa%d9%8a%d9%8a%d9%88%d8%b3%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%aa%d9%8a%d9%86/ [/CENTER]

نائل أبو محمد
07-29-2010, 03:04 PM
الخميس 18 شعبان 1431

نائل أبو محمد
03-18-2011, 10:59 AM
الجمعة 13 ربيع الثاني 1432

http://www.alokab.com/forums/index.php?showtopic=58775&pid=347702&st=0&#entry347702

من محطات حزب التحرير في مصر, محمد سالم الرّحال

نائل أبو محمد
05-23-2011, 10:35 PM
الاثنين 20 جمادى الثانية 1432
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

ابو حسام الرملي
06-04-2011, 04:15 PM
رحم الله يوسف السباتين ( ابو العز ) رحمة واسعة واسكنه فسيح جنانه وأجزل له المثوبة إنه سميع مجيب