الموضوع: طه 020 - آية 039
عرض مشاركة واحدة
 
  #2  
قديم 07-08-2010
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: طه 020 - آية 039

سورة طه
*تناسب خواتيم مريم مع فواتح طه*
قال في خواتيم سورة مريم (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97)) هذا القرآن وقال في بداية طه (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2)) أنزلناه لتبشر به المتقين لا لتشقى. الكلام في القرآن وكأن الرسول  كان يحمِّل نفسه الكثير. قال في خواتيم سورة مريم (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)) وفي طه قال (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6)) فما فيهما ومن فيهما له سبحانه، ما في السموات ومما في الأرض له ومن فيهما عباده ولهذا قال (إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) الكل سوف يأتي الله سبحانه وتعالى له ما في السموات والأرض يعني ملكية ومن في السموات عباده. في ختام مريم قال (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)) وفي بداية طه ذكر قصة فرعون إلى أن قال (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78)) كم أهلكنا، خذوا مثلاً فرعون. السورة وحدة واحدة كل سورة تسلم لما بعدها.
**هدف السورة : الإسلام سعادة لا شقاء**
سورة طه مكية أيضاً ومحور السورة يتمثل في الآية الأولى من السورة (طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ) آية 1 و 2 وكأنما سبحانه يريد أن يطمئن رسوله  وأمته من بعده أن هذا المنهج لم يأت حتى يشقى الناس به إنما هو منهج يضمن السعادة لمن تبعه وطبّقه وإنما هو تذكرة وهوسبب السعادة في الدنيا والآخرة فلا يعقل أن يكون المؤمن شقياً كئيباً مغتمّاً قانطاً من رحمة الله مهما واجهته من مصاعب ومحن في حياته وخلال تطبيقه لهذا المنهج الربّاني فلا بد أن يجد السعادة الأبدية بتطبيقه. وهذا هو هدف سورة طه. وهذا المنهج الذي أنزله الله تعالى لنا إنما جاء من عند (الرحمن) فكيف يعقل أن يكون فيه شقاؤنا. وكلنا يعلم معنى كلمة الرحمن. وقد تكررت في السورة كثيراً فهو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما يرحم خلقه أجمعين. وهذه الآية تؤكد وجود مصاعب في الحياة ومحن وتذكر لنا قصة موسى  وتعرض لنا ما واجهه لكن دائماً تأتي الآيات فيها رحمة الله تعالى بين آيات الصعوبات والمحن (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) آية 39 آية فالمؤمن والقائم على منهج الله تعالى في سعادة ولو كان في وسط المحن فالسعادة والشقاء مصدرها القلب وقد يعتقد البعض أن من سيلتزم بهذا المنهج والدين سيكون شقياً لا يخرج من بيته ولا يضحك ولا يخالط الناس وهذا هو السائد في أيامنا هذه وقد يكون هذا السبب الوحيد الذي يمنع الكثير من المسلمين من تطبيق المنهج لأن عندهم فكرة مغلوطة عن حقيقة السعادة والشقاء في تطبيق منهج الله.
سيدنا موسى  عرف هذا المعنى فكان دائماً يدعو ربه ليشرح له صدره مهما كانت الصعوبات التي سيواجهها (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) آية 25، حتى سحرة فرعون لمّا آمنوا بالله ورغم أنهم تعرضوا للأذى من فرعون إلا أنهم علموا أنهم سيحصلون على السعادة الحقيقية بتطبيق المنهج في الدنيا والآخرة (قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) آية 72 و(وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى) آية 75 مع أن الموقف كان شديداً في مواجهة فرعون لكنهم أحسوا بالسعادة التي تغمرهم باتباع الدين. أما فرعون فكان في شقاء حياً وميتاً وعندما تقوم الساعة أدخوا آل فرعون أشد العذاب. إذن موسى والسحرة كانوا سعداء وفرعون هو الشقي وذلك لأنهم استشعروا السعادة في قربهم من الله تعالى وتطبيق منهجه الذي فرضه.
التعقيب على القصة : (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا * خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا ) آية 100 و101: تعلّق الآيات على مفهوم السعادة وتعطي نموذج لمن لا يطبق منهج الله تعالى كيف سيكون في شقاء (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ) آية 111-112
قصة آدم وحواء : السعادة في المنهج: تعرض الآيات نموذج آدم  وكيف أن السعادة الحقيقية هي في طاعة الله تعالى فلا شقاء (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) آية 117.
الشقاء بترك المنهج: (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) الآيات 123 إلى (قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) آية 126. ونلاحظ تكرار كلمة يشقى في السورة كثيراً. فالله تعالى يقول أن (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) وهذا كلام الله أفلا نصدقه؟ يجب أن نصدقه لأنه القول الحق وأنه من يَعرض عن ذكر ربه سيكون شقياً في الدنيا والآخرة. فعلينا أن نتبع هدى الله تعالى لنحظى بسعادة الدارين فالمؤمن في سعادة في الدنيا وسعادة في الآخرة.
التعقيب الأخير: رضى الله تعالى هو أعلى درجات السعادة التي علينا أن ندركهها (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) آية 130.
سميّت السورة (سورة طه) وهو اسم من أسماء المصطفى الشريفة على بعض الأقوال تطييباً لقلبه وتسلية لفؤاده عما يلقاه من صدود وعناد ولهذا ابتدأت السورة بملاطفته بالنداء (طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى).
***من اللمسات البيانية فى سورة طه***
آية (2):
*لِمَ جاءت كلمة (القرآن) في قوله تعالى (طه(1)ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى مُبِينٍ (2)) وليس الكتاب؟(د.فاضل السامرائى)
ما ذُكِر فيها الكتاب وحده ولم يُذكر القرآن تتردد لفظة الكتاب في السورة أكثر من لفظة القرآن والعكس صحيح. وإذا اجتمع اللفظان في آية يتردد ذكرهما بصورة متقابلة بحيث لا يزيد أحدهما عن الآخر إلا بلفظة واحدة في السورة كلها.
هذا النسق لم يختلف في جميع السور التي تبدأ بالأحرف المقطعة وهي مقصودة وليست اعتباطية حتى في سورة طه بدأت بلفظة القرآن وترددت لفظة القرآن ثلاث مرات في السورة بينما ترددت لفظة الكتاب مرة واحدة .
آية (4):
*أيهما أصح أن يقال اللهم إني أسألك بصفاتك العليا أو صفاتك العلا؟ (د.فاضل السامرائى)
الإفراد في غير العاقل هو أكثر من الجمع، العلا جمع والعليا مفرد وكلاهما صحيحة لكن أيها الأولى؟ (لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى (24) الحشر) الحسنى مفرد والأسماء 99 جمع، (تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) طه) العلا جمع عليا (العلا جمع والسموات سبع). المفرد في الصفات مع غير العاقل تفيد أكثر من الجمع يعني عندي أشجار كثيرة أكثر من أشجار كثيرات، أشجار كثيرات قليلة وأشجار كثيرة كثيرة. المفرد مع غير العاقل أكثر من الجمع. الصفات جمع كثيرة فنقول العليا ويصح العلا لكن أولى أن يقال العليا كما نقول الأجذاع انكسرن والجذوع انكسرت، وأكواب موضوعة ما قال موضوعات فإذا جمع يكون قليلة ويقول غرف مبنية لا يقول غرف مبنيات. إذا أفرد الصفة في غير العاقل تكون كثيرة وإذا جمع يكون أقل. اللغة الأعلى أن يقال الصفات العليا والأسماء الحسنى بالإفراد، السموات العلا بالجمع جمع عليا علا، هذه قاعدة لغوية.
* من قصة موسى عليه السلام فى سورة طه:
القصة في القرآن الكريم نجدها أحياناً مكرّرة ترد هنا وترد هنا وترد هنا. للتربية والعِظة وأحياناً للإجابة عن تساؤلات. قصة موسى  من القَصص التي تتكرر بكثرة والسِرّ في ذلك هو أن حياة موسى  والأحداث التي مرت بحياته متعددة ومتفرقة وطويلة تصلح أن تكون دروساً كثيرة للمجتمع المسلم سواء كان في زمن الرسول  أو في الأزمان المقبلة إلى قيام الساعة. القرآن الكريم يأخذ لقطة من القصة أحياناً: لاحظ مثلاً قصة إبراهيم  أيضاً تكررت لكن ليس بهذه الكثرة، قصة لوط  موجزة جداً ومختصرة، قصة إبراهيم فيها طول وأطول القصص قصة موسى .فلما نأتي إلى اللقطات من قصة موسى نجدها في كل موقع لها تخصصها ولها أهميتها.
موسى  لم يكن يتكلم العربية وإنما هو كلام الله سبحانه وتعالى.نقلٌ للواقعة بما يناسب جو السورة، فلما يكون جو السورة جو قوة تكون الألفاظ التي تأتي قوية، لما يكون الجو ضعف تكون الألفاظ ضعيفة.
قال تعالى (اذْ قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّى آتِيكُم مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى).
رأى النار وآنسته يعني أحس فيها بالأُنس والاطمئنان. هو كان مع أهله على فرض أنه وُلِد له فأكبر أولاده عمره تسع سنوات هذا إذا قضى العشر سنوات. ولما يقول الأهل في لغة القرآن الكريم في الغالب تعني الزوجة والذرية إذا معه ذرية.
(آنست نارا) لأنهم لم يألفوا ضوءاً إلا من نار، رأى ناراً فاتجه إليها لأن عادة الناس في الصحراء والمناطق المفتوحة التي يعرّض الإنسان فيها للضلال والتيه يوقدون نارا ولكن موسى  لم يجد ناراً حقيقية وإنما كان هناك هذا الضوء الذي رآه ،هي ليست ناراً لأنها لم تحرقه وليس هناك وقود فلما رأى الضوء قال هي النار فبقي السرد كله على أنها نار كما تخيّلها. فلما وصل إليها وكانت ناراً لكن ليست بنار، غير محرقة، لا تُحرِق ولم يجد شيء يحترق ولم يجد أحداً والله سبحانه وتعالى أزال وحشته بهذا الخطاب المباشر وثبّت قلبه بالآيات وبُلِّغ بالرسالة وخوطب ثم نزل. (لعلّي) متردد يعني قد، الحالة النفسية لموسى  هي حالة إنسان في هذه البرية، في ظلمة ورأى ناراً فأراد أن يستنجد بها. هذا نوع من التخيير قد أجد هذا وقد أجد هذا. ومن خلال النصوص يظهر أنه كان عنده من العزم والإيمان والثقةفى الله وعنده في الوقت نفسه شيءمن الخوف والتردد فالحالتان موجودتان.
*ما وجه الإختلاف بين (أتاها) في سورة طه و(جاءها)في سورة النمل؟ (د.فاضل السامرائى)
المجيء والإتيان معناه أنه وصل للمكان، ولكن لا بد أن ننظر في السياق (فلما جاءها)فى سورة النمل تتناسب مع جو القوة. وتردد الكلمات في القرآن تأتي حسب سياق الآيات قال تعالى فى سورة طه : (فلما أتاها نودي يا موسى) تكرر لفظ الإتيان أكثر من 15 مرة والمجيء 4 مرات.
(فلما أتاهانودي) البناء للمجهول هو نوع من التعظيم والتفخيم لله سبحانه وتعالى الذي نادى.
قال عز وجل : (إنني أنا الله)خاطب موسى بالإفراد لم يقل نحن لأنه لا ينسجم هنا فالمقام توحيد وليس مقام خلق.
* الكلام لموسى  في سورة طه (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ (12) طه) ثم قال بعدها (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا (14)) وفي سورة النمل (يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)) فما الفرق بينها؟ (د.فاضل السامرائى)
إني وإنني، إنني آكد من إني في زيادة النون وحتى يقولون في الساميات القديمة: إنني آكد من إني. (إنني) عبارة عن (إن) مع نون الوقاية مع الياء. (إني) إنّ من دون نون الوقاية والياء. نون الوقاية يمكن حذفها هنا تقول إنني وتقول إني إذن حذفها ممكن فلماذا يؤتى بها؟ قلنا لزيادة التوكيد، إنّ مؤكدة وإنني زيادة في التوكيد حتى الدارسين للغات القديمة يقولون في اللغة السامية إنني آكد من إن يستعملون نون مؤكدة أخرى لأن النون مؤكدة في الأسماء والأفعال (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) يوسف) وللتوكيد أيضاً. هي النون تؤكد الأفعال وتؤكد الأسماء ويؤتى بها في آخر الفعل المضارع والأمر للتوكيد ويؤتى بها في أول الأسماء للتوكيد. إذا جيء بها في أول الأسماء هي مثقّلة لا ينطق بها لأن أولها ساكن فيؤتى بالهمزة حتى يُنطق الساكن فصارت إنّ. هي في أصلها نون بدون همزة النون في الفعل ليس فيها همزة تتصل بالفعل مباشرة لا تحتاج إلى همزة وهذه تتصل بالإسم لا يمكن أن ينطق بها أصلاً لأن الأول ساكن والعرب لا تبدأ بالساكن كل مُشدّد أوله ساكن فالعرب لا تبدأ بالساكن فجاؤا بالهمزة لينطق بالساكن فصارت إن وأن وليس هذا فقط وإنما هي مع الأفعال الفعل يبنى على الفتح وفي الأسماء الإسم ينصب معها. إذن إنّ للتوكيد، النون هي توكيد الأسماء والأفعال تقع في آخر الفعل وفي أول الإسم هذا تفتحه وهذا تنصبه إذن النون آكد. يبقى لماذا هنا آكد من ذلك؟ ننظر الآيات (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) طه) يخلع نعليه لأنه بالواد المقدس. تستمر الآيات (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)) هذا أمر بالاستماع. هذا في مقام التوحيد والعبادة وفي الآية السابقة اخلع نعليك ولم يقل فيها استمع أما الآية الثانية فطلب منه الاستماع لأن الأمر الذي سيلقيه إليه أهم من خلع النعل. الكلام من الله تعالى في الآيتين لكن الكلام بعضه أهم من بعض. (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) طه) تبليغات في العقيدة ورسالة وليست كـ(اخلع نعليك) ليسا منزلة واحدة قطعاً. شبيه بها في كلام سيدنا إبراهيم (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78) الأنعام) (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26) الزخرف) ذاك في مقام تبليغ لأبيه وقومه فقال بريء وهنا مقام براء، براء مصدر أو تحويل إلى الصفة المشبهة وكلاهما أقوى من بريء، هذا إخبار بالمصدر عن الذات هذا لا يؤتى إلا في مقام التجوز تقول هو سعيٌ له أو هو ساعٍ؟ هو سعيٌ، تخبر بالمصدر عن الذات. الإخبار بالمصدر عن الذات أي تحول الذات إلى مصدر (إنني براء) أقوى من بريء. براء مصدر وبريء صفة مشبهة، يقال هو قدوم وهو قادم لا تقول بصورة قياسية إلا في مواطن تجوّزاً، الإخبار بالمصدر عن الذات تجوّز. لهذا قال (إنني براء) حولها إلى ما هو أوكد وأبلغ من بريء (إنني براء) لأنه في مقام تبليغ وقوة في الكلام فقال إنني.
أما (يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) النمل) هذا ضمير الشأن الذي فيه التفخيم والتعظيم. (إنه) الهاء ضمير الشأن. ضمير الشأن هو أو هي فقط لأنه يعود على الشأن والشأن يعبر عنه بـ هو أو هي. يأتي بإن وأخواتها أي النواسخ (ظننته، إنه، إنها) يسموه ضمير القصة والشأن لكن لما يكون مؤنثاً يسمونه ضمير القصة لأنه يعود على القصة مؤنث كلمة الشأن مذكر والقصة مؤنث (هي الدنيا تُغرّر تابعيها) هي ضمير الشأن لأن الشأن هو القصة يقال ضمير القصة عندما يفسر في جملة فيها مؤنث ولما يفسر في جملة فيها مذكر يقال ضمير الشأن. (إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) هذا في مقام التفخيم والتعظيم. (فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) النمل) هذا تعظيم وتنزيه، هذا يسمونه ضمير التعظيم.
آية (18):
*ما نوع السؤال في القرآن في قوله تعالى (وما تلك بيمينك يا موسى)؟(د.حسام النعيمى)
الله تعالى يسأل عباده وهو أعلم بهم وفي الحديث القدسي يسأل الله تعالى ملائكته كيف تركتم عبادي؟ وهو أعلم بهم ويسأل قبضتم ولد عبدي؟ وهو أعلم ولكن هذا السؤال هو تقرير أو يقرره الله تعالى لهؤلاء عموماً وعندما سأل موسى  (وما تلك بيمينك يا موسى) أراد أن يتثبت موسى أن ما في يده عصا حتى اذا انقلبت الى حية تسعى يشعر بقوة المعجزة وعظمها ولذا ولّى موسى مدبراً ولم يعقّب بعد ان انقلبت عصاه حية تسعى. فالسؤال هو لتثبيت ما بيده لكن موسى أراد أن يتقرب الى الله تعالى بكثرة الكلام المفيد وهذه فرصة ليتكلم مع ربه فلم يكن جوابه (عصا) وإنما قال (قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى (18) وأراد أن يطيل الكلام خوفاً من أن يكون ما حصل معه امتحاناً له وهذا هو الغرض من السؤال والله تعالى يسأل عباده عما هو أعلم به كما سأل عيسى عليه السلام (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) والهدف هو تقرير الأمر وتثبيته.
*ماالفرق بين دلالة كلمة (منسأته )في آية سورة سبأ و(عصاى )فى سورة طه؟ (د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة سبأ (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ {14})، والمنسأة هي العصى. نسأ في اللغة لها دلالتين نسأ البعير إذا جرّه وساقه والمنسأة هي عصى عظيمة تُزجر بها الإبل لتسوقها ونسأ بمعنى أخّر الشيء (النسيء)أى التأخير. فلماذا اذن استعمل كلمة منسأة ولم يستعمل كلمة عصى؟في قصة سليملن هذه العصى كانت تسوق الجنّ إلى العمل مع أن سليمان كان ميتاً إلى أن سقطت العصى وسقط سليمان فكما أن الراعي يسوق الإبل لتسير فهذه المنسأة كانت تسوق الجنّ. والمنسأة كأنها مدّت حكم سليمان فهي أخّرت حكمه إلى أن سقط. فاستعمالها في قصة سليمان أفاد المعنيين واستعمالها من الجهتين اللغويتين في غاية البيان من جهة السوق ومن جهة التأخير.
أما في قصة موسى فاستعمل كلمة العصى (قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى {18}) ليهشّ بها على غنمه وبها رحمة بالحيوان وعكس الأولى ولا يناسب استخدام كلمة منسأة.


يتبع المصدر والبقية وتوضيح ..

آخر تعديل بواسطة نائل أبو محمد ، 07-08-2010 الساعة 09:04 PM
رد مع اقتباس