عرض مشاركة واحدة
 
  #4  
قديم 08-30-2010
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: نشرات : أنصار العمل الإسلامي الموحد في شهر رمضان 1431هـ .

من هـم الغربـاء
جرت العادة عند أبناء المسلمين في كل مكان يُضطهدون ويُهزمون فيه أن تزعم فئاتهم أنهم الطائفة الظاهرة مرة والطائفة الناجية أُخرى وفسطاط الإيمان ثالثة ورابعة أنهم الغرباء في حديث (طوبى للغرباء) وهكذا، يمُنون أنفسهم وأتباعهم لئلا ينفضوا .
فهذه المزاعم يزعمها أهل العراق وأهل فلسطين والصومال وأفغانستان والشام وغيرهم، والسؤال هو: هل يصح هذا الزعم أم لا؟، والجواب عليه: أنه لا يصح ولا يحق لأي فئة كانت أن تزعم أنها الفئة الظاهرة أو الناجية أو أنهم فسطاط الإيمان أو الغرباء، فليس فقط أنه قول من غير دليل سوى تأويلات وظنون فاسدة، فإن مثل هذه الدعوى تزيد في الفرقة والاختلاف والانسلاخ عن الأُمة، حيث إنك إن ادعيت ذلك فإنه في أبسط معانيه يعني أن ما عداك فهو جاهل أو منافق أو إلى النار ، وهذا أيضاً فيه تألٍ على الله سبحانه وهو لا يجوز قطعاً.
ثم إنه وإن كان لكل أجره على فعل الخير حسب نيته، إلا أن صفات الطائفة الظاهرة والناجية وأهل فسطاط الإيمان لا تنطبق على أحد من الموجود في هذا العصر حتى كتابة هذه الأسطر، وقد أصدرنا فيها عدة نشرات، فكذلك صفات الغرباء الوارد ذكرهم في الحديث.
فمن صفات الغرباء كما في حديث الترمذي (الذين يُصلحون ما افسد الناس بعدي من سنتي) ومن المعلوم عند أهل العلم أن السنة تأتي بمعنى النافلة وتأتي بمعنى الطريقة، ولا أظن أن الحديث عن السنة النافلة، فالأُمة بمجموعها في هذا الزمان لا تُبدع إلا في النوافل، ومعلوم أن الغرباء يكونون أقل القليل في الأُمة كما في حديث (ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير) فلم يبق إلا أن السنة في الحديث والتي فسدت هي السنة بمعنى الطريقة، أي طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السياسة والجهاد وفي الاقتصاد والاجتماع وفي الحدود والعقوبات كما هي في العبادات، وبمعنى آخر طريقته في تطبيق الإسلام في كل شئون الحياة.
فَمَن هُم الذين يسعون حثيثاً في تطبيق الإسلام على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل نواحي الحياة؟!، فإنك تجد فئة تنادي بتطبيق الإسلام سياسياً مجرد مناداة دون فعل أي شيء، وفوق ذلك فهم يعطلون جهاد الدفع والأفعال الخيرية بحجة غياب الدولة الإسلامية، ولا يؤمنون بعذاب القبر ولا بظهور المهدي والدجال والمسيح، فأين هم من الغرباء؟!. وتجد فئة أُخرى مهتمة بحفظ نصوص السنة والكتاب بينما لا يعملون على تطبيق الإسلام سياسياً، ولا يحضون على الجهاد، بل ويعتبرون حكام هذا الزمان أولياء أُمور لا يجوز الخروج عليهم ولا فعل أي شيء دون أمرهم ولو لم يحكموا بما أنزل الله، فأين هم من الغرباء؟!، وتجد فئة ثالثة شعارها الإسلام، في حين تشارك العلمانيين وحكام الطاغوت في أنظمتهم ومؤسساتهم وبرلماناتهم، فأين هم من الغرباء؟!، وتجد فئة رابعة لا تنادي ولا تقوم إلا بفضائل الأعمال وبأقل من الفضائل، ولا يتدخلون لا بالسياسة ولا بالجهاد، فأين هم من الغرباء؟!.
ومن صفات الغرباء التي لا توجد في أحد من الأحزاب والجماعات والفئات في هذه الأيام أيضاً، ما جاء في حديث الشهاب وغيره ( الذين يحيون سنتي ويعلمونها عباد الله) فإنك تلاحظ فيه أنه فرّق بين إحياء السنة وبين تعليمها بواو العاطفة وهي للمغايرة، لأن البعض يظن واهماً انه إن تعلم السنة أو علمها الناس فهو من الغرباء، فينبغي عليه أولاً أن يحيي السنة ثم بعدها يعلمها للناس، ولا يكون إحياء سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، إلا بتطبيقها في كل نواحي الحياة لا بمجرد حفظها أو تعليمها دون تطبيقها، أو أخذ جزء منها وترك الآخر، ألا ترى أن الإسلام كاملاً ليس موجوداً في معترك الحياة ولا في أي قطر من أقطار الأُمة رغم وجود المسلمين، فمن ذلك تعرف أن السنة وهي مجموع الإسلام ميتة في معترك الحياة لا وجود لها وإن زعمنا حفظها وتعلمها.
ومن صفاتهم أيضاً كما تقدم أنهم (ناس صالحون) ولا أظن عاقلا يزعم أنه صالح أو أن حزبه ناس صالحون، فإنه يعني أنّ ما عداه ناس فاسدون، وهذا كاف لنفي الصلاح عنه لأنه يُعتبر طاعناً على غيره من المسلمين بغير دليل، كما ويؤدي إلى التنافر والتباغض بين المسلمين وهذا كله حرام شرعاً ينتفي الصلاح عن فاعله، ثم لو تفقهنا قليلاً في حديث الغرباء لوجدنا أن معناه غير ذلك وأن الغرباء لم يوجدوا بعد، فالحديث كما في صحيح مسلم وغيره ربط وجود الغرباء بغربة الدين ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء) فهل عاد الإسلام ؟ إن من المتفق عليه أنه مضى قرابة مئة عام على غياب الإسلام عن المعترك، وانه لم يعد بعد، والنتيجة الحتمية لذلك أنه لا وجود للغرباء حتى يعود الإسلام كما بدأ.
ثم قد بين الحديث أن مكان بدئ الإسلام وعوده هو بلاد الحجاز كما في حديث الإمام مسلم ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية إلى جحرها) وفي رواية الترمذي ( إن الدين ليأرز إلى الحجاز كما تأرز الحية إلى جحرها) ومعنى يأرز إلى الحجاز أي يرجع إليه ويتجمع فيه كما ترجع الحية إلى جحرها وتتجمع فيه، وقال الإمام مالك بن انس-رحمه الله- على هذا الحديث كما في ترتيب المدارك : (أي يعود إلى المدينة كما بدأ منها) فقد بدأ الإسلام في بلاد الحجاز ولكنه لم يعد بعد، فلا وجود فيه إلا للملكية الدكتاتورية وللعلمانية، ولا يختلف عن سائر بلاد المسلمين وحكامهم وأنظمتهم، سوى وجود المسجدين الشريفين فيه، ولا نرى عود الإسلام إليه إلا في عهد الإمام الموعود والمهدي المعهود محمد بن عبد الله القرشي الحسني السني، فلم يثبت في الشرع ذكر أقوام بأعيانهم أنهم صالحون بعد الصحابة والتابعين إلا المهدي وأنصاره وأتباعه، كما في حديث الطائفة الظاهرة، وحديث فسطاط الإيمان، وحديث رضى أهل السماء والأرض عنهم، وحديث فضيلة من يدرك المسيح والدجال، وحديث أنهم مثل الصحابة، ولأن بعث دولة المهدي وبيعته ستكون من هنالك على الصحيح، وأنها ستكون على منهاج النبوة عوداً على بدئ، مما يدل دلالة واضحة على أنهم المقصودون في حديث الغرباء، فهم الذين سيحيون السنة بتطبيقها وتطبيق ما اندرس من أحكام الإسلام في كل نواحي الحياة، فتُملأ الأرض في عصرهم قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، ويغلب على الظن أن هذا هو أوانه، فمن علاماته ظهور الفتن والفرقة والاختلاف وغياب الإسلام ودولته عن الحياة، وهذا كله موجود، فإلى الله نتضرع أن يُكرمنا به ليعود الإسلام كما بدأ على منهاج النبوة، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أنصار العمل الإسلامي الموحد
بيت المقدس – 21 من رمضان 1430هـ

آخر تعديل بواسطة نائل أبو محمد ، 08-30-2010 الساعة 06:50 PM
رد مع اقتباس