عرض مشاركة واحدة
 
  #8  
قديم 12-28-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق 1-2

تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق 1-2


{ يَكَادُ ٱلْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَٰرَهُمْ كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَٰرِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }


قوله تعالى: { يَكَادُ البَرْق يخطَفْ أبْصارهُمْ }. يكاد بمعنى: يقارب، وهي كلمة إذا أثبتت انتفى الفعل، وإذا نفيت ثبت الفعل. وسئل بعض المتأخرين فقيل له:

أنحوي هذا العصر ما هي كلمةجرت بلسانيْ جرهم وثمود
إذا نفيت والله يشهد أثبتتوإن أثبتت قامت مقام جحود


ويشهد للاثبات عند النفي قوله تعالى:

{ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً } [النساء4: 78] وقوله
{ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَد يَرَاهَا } [النور24: 40] ومثله
{ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ } [الزخرف43: 52]

ويشهد للنفي عند الإثبات قوله تعالى

{ يَكَادُ الْبَرْقُ } [البقرة2: 20] و
{ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ } [النور24: 43] و
{ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ } [النور24: 35].

وقال ابن قتيبة: كاد: بمعنى هم ولم يفعل. وقد جاءت بمعنى الإثبات قال ذو الرمة:

ولو أن لقمان الحكيم تعرضتلعينيه ميّ سافراً كاد يَبرَق


أي: لو تعرضت له لبرق، أي: دهش وتحير.

قلت: وقد قال ذو الرمة في المنفية ما يدل على أنها تستعمل للاثبات، وهو قوله:

اذا غيَّر النأي المحبين لم يكدرسيس الهوى من حبِّ ميَّة يبرح


أراد: لم يبرح.

قوله تعالى: { يخطَفُ أبْصارَهُم }

قرأ الجمهور بفتح الياء، وسكون الخاء وفتح الطاء. وقرأَ أبان بن تغلب، وأبان بن يزيد كلاهما عن عاصم، بفتح الياء وسكون الخاء، وكسر الطاء مخففاً. ورواه الجعفي عن أبي بكر عن عاصم، بفتح الياء وكسر الخاء، وتشديد الطاء، وهي قراءة الحسن كذلك، إلا أنه كسر الياء. وعنه: فتح الياء والخاء مع كسر الطاء المشددة.

ومعنى «يخطف» يستلب، وأصل الاختطاف: الاستلاب، ويقال لما يخرج به الدلو: خطاف، لأنه يختطف ما علق به. قال النابغة:

خطاطيف حجْنٍ في حبالٍ متينةتمُدُّ بها أيدٍ إِليك نوازع


والحجن المتعقفة وجمل خيطف: سريع المر، وتلك السرعة الخطفى.

قوله تعالى: { كلما أَضَاءَ لهم }

قال الزجاج: يقال ضاء الشيء يضوء، وأضاء يضيء، وهذه اللغة الثانية هي المختارة.

فصل

واختلف العلماء ما الذي يشبه الرعد مما يتعلق بأحوال المنافقين على ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه التخويف الذي في القرآن، قاله ابن عباس.

والثاني: أنه ما يخافون أن يصيبهم من المصائب إذا علم النبي والمؤمنون بنفاقهم، قاله مجاهد والسدي.

والثالث: أنه ما يخافونه من الدعاء إلى الجهاد، وقتال من يبطنون مودته، ذكره شيخنا.

واختلفوا: ما الذي يشبه البرق من أحوالهم على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه ما يتبين لهم من مواعظ القرآن وحكمه.

والثاني: أنه ما يضيء لهم من نور إسلامهم الذي يظهرونه. والثالث: أنه مثل لما ينالونه باظهار الإسلام من حقن دمائهم، فانه بالإِضافة إِلى ما ذخر لهم في الأجل كالبرق.

واختلفوا في معنى قوله: { يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق } على قولين. أحدهما: أنهم كانوا يفرون من سماع القرآن لئلا يأمرهم بالجهاد مخالفة الموت، قاله الحسن والسدي.
-1-

والثاني: أنه مثل لإِعراضهم عن القرآن كراهية له، قاله مقاتل.

واختلفوا في معنى { كلما أضاء لهم مشوا فيه } على أربعة أقوال.

أحدها: أن معناه: كلما أتاهم القرآن بما يحبون تابعوه، قاله ابن عباس والسدي.

والثاني: أن إضاءة البرق حصول ما يرجونه من سلامة نفوسهم وأموالهم، فيسرعون إلى متابعته، قاله قتادة.

والثالث: أنه تكلمهم بالاسلام، ومشيهم فيه، اهتداؤهم به، فاذا تركوا ذلك وقفوا في ضلالة، قاله مقاتل.

والرابع: أن إِضاءته لهم: تركهم بلا ابتلاء ولا امتحان، ومشيهم فيه: إقامتهم على المسالمة باظهار ما يظهرونه. ذكره شيخنا.

فأما قوله تعالى: { وإِذا أظْلَم علَيهِم } فمن قال: إضاءته: إتيانه إياهم بما يحبون، قال: إظلامه: إتيانه إياهم بما يكرهون. وعلى هذا سائر الأقوال التي ذكرناها بالعكس.

ومعنى { قاموا }: وقفوا.

قوله تعالى: { ولو شاء الله لَذَهبَ بسَمْعهم وأبْصارهم } قال مقاتل: معناه: لو شاء لأذهب أسماعهم وأبصارهم عقوبة لهم. قال مجاهد: من أول البقرة أربع آيات في نعت المؤمنين، وآيتان في نعت الكافرين، وثلاث عشرة في نعت المنافقين.
-2-
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس