عرض مشاركة واحدة
 
  #39  
قديم 08-12-2011
طالب عوض الله طالب عوض الله غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 246
افتراضي رد: مجموعة طالب عوض الله ـ الجزء الثاني *


الناسخ والمنسوخ فى الثورات






د. ياسر صابر

حين قامت ثورة يوليو 52 كان من مبادئها القضاء على الإستعمار فقامت بطرد الإنجليز من مصر إلا أن طرد الإنجليز لم يؤدى إلى تحرر مصر بل تم إستبدال الأمريكان بالإنجليز ونظراً لتغير الإستعمار العسكرى فقد أخذ شكل الإستعمار الأمريكى لمصر أشكال متعددة شملت كل أشكال الإستعمار الفكرى والسياسى والإقتصادى ، وتحول النظام الذى خرج من رحم الثورة إلى نظام وظيفته الحفاظ على مصالح أمريكا ليس فقط فى مصر بل فى الدنيا كلها . وأول ماأقدم عليه النظام هو فصل السودان عن مصر ثم التدخل فى اليمن والجزائر ظاهرياً من أجل مساعدة هذه البلاد فى التحرر وباطنا من أجل إستبدال الإستعمار الأمريكى بالإنجليزى فيها. وهكذا أدخلت الثورة مصر فى أحضان أمريكا من أوسع الأبواب ومنذ ذلك التاريخ تمت معاداة الإسلام وأصبحت علاقة النظام بالشعب هى علاقة أمنية وليست رعوية وتنصلت الثورة من الإسلام الذى صعدت على أكتافه . تم تسويق المصالح الأمريكية فى العالم العربى تحت شعارات القومية العربية وغيرها من المصطلحات الرنانة كالتحرر من الإستعمار ، وشهدت الحقبة الناصرية نكسة 67 ثم أتت الحقبة الساداتية والتى إنتهت بإتفاقية كامب ديفيد الخيانية التى لايعرف الشعب المصرى تفصيلاتها إلى يومنا هذا ثم إختتمت هذه الحقبة بنظام مبارك الذى أضاف بعداً جديداً ألا هو إنبطاحه التام للعدو الصهيونى وفتح البلاد أمامهم يعربدون فيها كيفما شاءوا وإنتهى الأمر بتدمير مصر أرضاً وشعباً.



ماوصلت إليه مصر فى عهد الرئيس المخلوع كان يستحيل أن تستمر معه الحياة لأنه قد حول مصر إلى جزيرة من الإجرام والفساد يأكل فيها القوى الضعيف ، تنتهك فيها الحرمات ، حرم شبابها الأمل فى أن يعيشوا حياة كريمة وكان طبيعياً أن يخرج من رحم هذا الواقع من يثور عليه وقد كانت ثورة 25 يناير الطاهرة التى أعادت الأمل لشباب مصر بتحطيمها كل جسور الخوف والإرهاب التى بناها النظام البائد وكان شعار هذه الثورة " الشعب يريد إسقاط النظام " ، وقف الشعب المصرى بكل أطيافه وقفة رجل واحد فى صورة رآها العالم كله دون تزييف وتحريف وهى تضرب مثالاً للثورات الراقية التى يمكن لشعوب العالم كلها أن تستلهما ثم تكللت هذه الخطوة بموقف الجيش المصرى المشرف حين أعلن إنحيازه إلى الثورة وبذلك إكتملت مقومات نجاح الثورة برغبة جامحة لدى الشعب بإسقاط النظام وتبنى هذه الرغبة من قبل الجيش.



وحتى نحقق هذا المطلب أى إسقاط النظام علينا أن ندرك أن النظام الذى حكم مصر حتى 25 يناير 2011 لم يكن يستند إلى قوة ذاتية تجعل ذهاب رجالاته أو الزج بهم فى المعتقلات يعنى سقوطه ، ولكن إستعادة ما آلت إليه ثورة يوليو 52 فى الأذهان بإستحضار حقيقة أن النظام يستند فى وجوده على أمريكا التى قامت بإختراق مصر من أعلى هرم السلطة حتى أبعد قرية فى ريف مصر يجعلنا ندرك معنى مطلبنا إسقاط النظام . فإسقاط النظام لايعنى شىء سوى قطع اليد الأمريكية التى عاثت فى مصر فساداً وإنهاء أى تبعية لها سواء كانت إقتصادية أو سياسية أو فكرية ، وسد كل الطرق التى يمكن أن تتسلل منها أى قوة خارجية تحاول إستنساخ تجربة أمريكا حتى نتمكن من إسقاط النظام والحيلولة دون تكرار هذه التجربة ، بكلمات مختصرة يجب التحرر الكامل من أى تبعية خارجية مهما كان شكلها حتى نكون قد أسقطنا النظام فعلاً لاقولاً وبذلك تكون ثورة 25 يناير المباركة قد نسخت ثورة يوليو 52.

المصريون 02-07-2011م

منقول عن : مجلة الزيتونة
__________________
[
رد مع اقتباس