عرض مشاركة واحدة
 
  #47  
قديم 02-17-2014
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كتاب : الفرية الكبرى صفين والجمل

وأما اختلافهم واضطرابهم في عدد من حضرها من الصحابة خصوصاً فحدث ولا حرج أيضاً:
ففي تاريخ خليفة بن خياط: "كان مع علي يوم الجمل ثمانماية من الأنصار وأربع ماية ممن شهد بيعة الرضوان" ، وفي إسناده يعقوب القمي وجعفر بن أبي المغيرة مختلف في عدالتهما ، ومنه أيضاً " شهد مع علي ثمانماية ممن بايع بيعة الرضوان" ، وفي سنده يزيد بن عبد الرحمن وجعفر بن أبي المغيرة وفيهما مقال ، وفي مروج الذهب للمسعودي من غير إسناد: وكان جميع من شهد مع علي من الصحابة ألفين وثمانماية" ، ويكفي لضعفها أنها من طريق المسعودي ، إضافة لعدم إسنادها، وفي تاريخ الإسلام للذهبي عن السدي قال: شهد مع علي يوم الجمل ماية وثلاثون بدرياً وسبعماية من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" ، فالسدي: إثنان، فإن كان الصغير فهو أحد الكذابين عند علماء الجرح والتعديل ، وإن كان السدي الكبير فمختلف في عدالته ، كما ولم يدرك علياً، فتكون روايته منقطعة لا حجة فيها، ومن طريق ابن مزاحم عن علي قال: "ليس بدري إلا قد بايعني وهو معي" ، وفي السُّنة للخلال بإسناد صحيح عن التابعي الكبير سعيد بن المسيب قال: "وقعت الفتنة ولم يبق من أهل بدر أحد " وفي مصنف ابن أبي شيبة والسُّنة للخلال وغيرهما بإسناد صحيح عن التابعي الكبير عامر الشعبي قال: "لم يشهد الجمل من أصحاب النبي من المهاجرين والأنصار إلا علي وعمار وطلحة والزبير" .
فهذا الإضطراب في عدد من شارك في هذه الوقعة عموماً وخصوصاً، يوجب ضعف رواياته واسقاطها عن الاعتبار كأنه لا وجود لها، لأنه لا يمكن الجمع بينها.
أما الترجيح فيمكن: وذلك بترجيح الصحيح على الضعيف والمتفق على صحته على المختلف فيه، ورواية من شارك على من لم يشارك، ومن عاصر على من لم يعاصر وهكذا، فنظرنا فوجدنا أن أصح ما ورد في ذلك هو رواية الشعبي وابن المسيب ففي روايتهما من الدلالة على قلة من شارك من الصحابة في موقعة الجمل أو قل لا وجود لهم فيها، فأربعة أو خمسة أو عشرة من بين عشرين ألفاً أو خمسين ألفاً على ما زعمه كذبة المؤرخين آنفاً، فإنه يعني واحداً لكل خمسة آلاف أو عشرة آلاف، لذا فلا يقول بأنها معركة بين الصحابة إلا كل منافق أو حاقد أو مغرض أو جاهل، لأن الحكم للغالب لا للنادر كما هو مقرر عند أهل العلم قاطبة .
أضف إلى ذلك ترجيح آخر يُبين قلة أو عدم اشتراك الصحابة في هذه الفتنة، ألا وهو أن كل من كتب من المؤرخين ثقات وغير ثقات عن هذه الفتنة لم يذكروا واحداً من المهاجرين أو الأنصار أو من أهل بدر أو من غيرهم ممن ثبتت صحبته أنه كان من قادة علي أو من قادة أهل الجمل غير الذين ذكرهم الشعبي، كما ولم يذكروا عن أحد منهم نِزالاً أو مشاركة في هذه المعارك المزعومة ولو كذباً، بل قل أن المعركة كانت بين قتلة عثمان وبين عموم المسلمين كما ستعرفه بعد قليل، والحمد لله الذي تتم بنعمه الصالحات.
رد مع اقتباس