عرض مشاركة واحدة
 
  #5  
قديم 10-06-2009
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي رد: الآيات التي تتكلم عن أنه لا إكراه في الدين – هل نُسخت؟

بسم الله الرحمن الرحيم
العبد في أصل وضعه صفة، قالوا: رجل عبد، ولكنه استعمل استعمال الأسماء. ذكره سيبويه. قال الفيومي: واستعمل له جموع كثيرة، والأشهر منها: أعبد وعبيد وعباد. وقد شاع من هذه الثلاثة الجموع اثنان فقط، هما العبيد والعباد، ثم غلَّب العرف والاستعمال العباد خاصا بالله تعالى، ومضافا إليه، ويشترك فيه كل الخلق، وجعل العبيد للمملوكين والأرقاء. قال صاحب العين: إن العامة اجتمعوا على تفرقة ما بين عباد الله، والعبيد المملوكين. وقال ابن الشجري: والعباد مختص بالله تعالى، يقولون: نحن عباد الله لا يكادون يضيفونه إلى الناس، وقد جاء ذلك فيما أنشده سيبويه من قول القائل:


أتوعدني بقومك يا ابن حجل أشابات يخالون العبادا
ا جمَّعْتَ من حَضَنٍ وعمرووما حضن وعمرو والجيادا


قال ابن جني: وقلما يأتي عباد مضافا إلى غير الله، ثم أنشد الشاهد السابق، وقال عقبه: يريد عبيدا لبني آدم، ولا يجوز أن يكون في هذا المعنى عباد الله؛ لأن هذا ما لا يسب به أحد، والناس كلهم عباد الله تعالى. ويخالف الأسود الغندجاني ابن جني وابن الشجري، ومن قبلهما السيرافي، في أن العباد هنا عباد الله، وأنه في تأويل العبيد، ويرى أن هذا خطأ، وأن الصواب أن الشاعر عنى بالعباد قوما كانوا يجتمعون على باب النعمان خولا من كل قبيلة، شبه هؤلاء بأولئك أي أنهم أخلاط. ومن استعمال العباد مضافا إلى الخلق قوله عز وجل: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم}. قال أهل التفسير: إن المراد بالعباد هنا العبيد المملوكين الأرقاء. قال الأخفش: يريد من عبيدكم كما تقول: هم عباد الله وعبيد الله. وقرأ الحسن ومجاهد: {من عبيدكم} وعلق أبو حيان على هذه القراءة فقال: وأكثر استعماله في المماليك. وإذا كان العباد قد شاع وكثر استعماله مضافا إلى الله عز وجل وجاء العبيد مصروفا إلى المملوكين الأرقاء، فقد جاء أيضا مضافا إلى المولى عز وجل وخاصا به، وذلك قوله تعالى: {ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد} أي ليس بظلام لعبيده سبحانه وتعالى. ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه والحسن: {فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبيدا لنا ...} والقراءة المتواترة (عبادا لنا) وقال ابن جني تعليقا على قراءة علي والحسن هذه: أكثر اللغة أن تستعمل العبيد للناس والعباد لله، قال تعالى: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} وقال تعالى: {يا عباد فاتقون} وهو كثير، وقال: {وما ربك بظلام للعبيد} ومن ذلك أيضا ما رواه أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والظن ... وكونوا عبيد الله إخوانا )). والرواية المحفوظة (( وكونوا عباد الله )).


فما أخلص له أنا، أننا جميعا عبيد الله رغماً عنا، فالله هو خالقنا، وهو محيينا وهو مميتنا، ولا قرار لنا في هذه الأمور، ولكن الله تكرم علينا بأن أعطانا المشيئة في إختيار عبادته أو في معصيته، فإن نحن إخترنا عبادته، إرتقينا من مرتبة العبيد لمرتبة العباد، والله تعالى أعلم.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم

آخر تعديل بواسطة admin ، 10-06-2009 الساعة 10:52 PM
رد مع اقتباس