عرض مشاركة واحدة
 
  #6  
قديم 12-27-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق 1-10 من 259

تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق 1-10 من 259


{ صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }


الفصل الثاني

في تقرير مشرع آخر يدل على أنه يمكن استنباط

المسائل الكثيرة من الألفاظ القليلة

ولنتكلم في قولنا: { أَعُوذُ بِٱللَّهِ } فنقول: أعوذ نوع من أنواع الفعل المضارع، والفعل المضارع نوع من أنواع الفعل، وأما الباء في قوله «بالله» فهي باء الإلصاق، وهي نوع من أنواع حروف الجر، وحروف الجر نوع من أنواع الحروف. وأما قولنا «الله» فهو اسم معين: إما من أسماء الأعلام، أو من الأسماء المشتقة، على اختلاف القولين فيه، والاسم العلم والاسم المشتق كل واحد منهما نوع من أنواع مطلق الاسم، وقد ثبت في العلوم العقلية، أن معرفة النوع ممتنع حصولها إلا بعد معرفة الجنس، لأن الجنس جزء من ماهية النوع، والعلم بالبسيط مقدم على العلم بالمركب لا محالة، فقولنا: { أَعُوذُ بِٱللَّهِ } لا يمكن تحصيل العلم به كما ينبغي إلا بعد معرفة الاسم والفعل والحرف أولاً، وهذه المعرفة لا تحصل إلا بعد ذكر حدودها وخواصها، ثم بعد الفراغ منه لا بدّ من تقسيم الاسم إلى الاسم العلم، وإلى الاسم المشتق، وإلى اسم الجنس، وتعريف كل واحد من هذه الأقسام بحده ورسمه وخواصه، ثم بعد الفراغ منه يجب الكلام في أن لفظة { ٱللَّهِ } اسم علم، أو اسم مشتق، وبتقدير أن يكون مشتقاً فهو مشتق من ماذا؟ ويذكر فيه الوجوه الكثيرة التي قيل بكل واحد منها، وأيضاً يجب البحث عن حقيقة الفعل المطلق، ثم يذكر بعده أقسام الفعل، ومن جملتها الفعل المضارع، ويذكر حده وخواصه وأقسامه، ثم يذكر بعده المباحث المتعلقة بقولنا «أعوذ» على التخصيص، وأيضاً يجب البحث عن حقيقة الحرف المطلق، ثم يذكر بعده حرف الجر وحده وخواصه وأحكامه ثم يذكر بعده باء الإلصاق وحده وخواصه، وعند الوقوف على تمام هذه المباحث يحصل الوقوف على تمام المباحث اللفظية المتعلقة بقوله: { أَعُوذُ بِٱللَّهِ } ومن المعلوم أن المباحث التي أشرنا إلى معاقدها كثيرة جداً.

ثم نقول: والمرتبة الرابعة من المراتب أن نقول: الاسم والفعل والحرف أنواع ثلاثة داخلة تحت جنس الكلمة، فيجب البحث أيضاً عن ماهية الكلمة وحدها وخواصها، وأيضاً فههنا ألفاظ أخرى شبيهة بالكلمة، وهي: الكلام، والقول، واللفظ، واللغة، والعبارة، فيجب البحث عن كل واحد منها، ثم يجب البحث عن كونها من الألفاظ المترادفة، أو من الألفاظ المتباينة، وبتقدير أن تكون ألفاظاً متباينة فإنه يجب ذكر تلك الفروق على التفصيل والتحصيل.

ثم نقول: والمرتبة الخامسة من البحث أن نقول: لا شك أن هذه الكلمات إنما تحصل من الأصوات والحروف، فعند ذلك يجب البحث عن حقيقة الصوت، وعن أسباب وجوده ولا شك أن حدوث الصوت في الحيوان إنما كان بسبب خروج النفس من الصدر، فعندها يجب البحث عن حقيقة النفس، وأنه ما الحكمة في كون الإنسان متنفساً على سبيل الضرورة وأن هذا الصوت يحصل بسبب استدخال النفس أو بسبب إخراجه، وعند هذا تحتاج هذه المباحث إلى معرفة أحوال القلب والرئة، ومعرفة الحجاب الذي هو المبدأ الأول لحركة الصوت ومعرفة سائر العضلات المحركة للبطن والحنجرة واللسان والشفتين، وأما الحرف فيجب البحث أنه هل هو نفس الصوت، أو هيئة موجودة في الصوت مغايرة له؟ وأيضاً لا شك أن هذه الحروف إنما تتولد عند تقطيع الصوت، وهي مخارج مخصوصة في الحلق واللسان والأسنان والشفتين، فيجب البحث عن أحوال تلك المحابس، ويجب أيضاً البحث عن أحوال العضلات التي باعتبارها تتمكن الحيوانات من إدخال الأنواع الكثيرة من الجنس في الوجود وهذه المباحث لا تتم دلالتها إلا عند الوقوف على علم التشريح.
-1-

ثم نقول: والمرتبة السادسة من البحث هي أن الحرف والصوت كيفيات محسوسة بحاسة السمع، وأما الألوان والأضواء فهي

وأما قوله جل جلاله { صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فما أجل هذه المقامات،وأعظم مراتب هذه الدرجات! ومن وقف على ما ذكرناه من البيانات أمكنه أن يطلع على مبادىء هذه الحالات،فقد ظهر بالبيان الذي سبق أن هذه السوره مشتملة على مباحث لا نهاية لها،وأسرار لاغاية لها، وأن قول من يقول هذه السورة مشتملة على عشرة آلاف مسألة،كلام خرج على ما يليق بأفهام السامعين. كيفيات محسوسة بحاسة البصر، والطعوم كيفيات محسوسة بحاسة الذوق، وكذا القول في سائر الكيفيات المحسوسة، فهل يصح أن يقال: هذه الكيفيات أنواع داخلة تحت جنس واحد وهي متباينة بتمام الماهية، وأنه لا مشاركة بينها إلا باللوازم الخارجية أم لا؟.

ثم نقول: والمرتبة السابعة من البحث أن الكيفيات المحسوسة نوع واحد من أنواع جنس الكيف في المشهور، فيجب البحث عن تعريف مقولة الكيف، ثم يجب البحث أن وقوعه على ما تحته هل هو قول الجنس على الأنواع أم لا؟.

ثم نقول: والمرتبة الثامنة أن مقولة الكيف، ومقولة الكم، ومقولة النسبة عرض، فيجب البحث عن مقولة العرض وأقسامه، وعن أحكامه ولوازمه وتوابعه.

ثم نقول: والمرتبة التاسعة أن العرض والجوهر يشتركان في الدخول تحت الممكن والممكن والواجب مشتركان في الدخول تحت الموجود، فيجب البحث عن لواحق الوجود والعدم، وهي كيفية وقوع الموجود على الواجب والممكن أنه هل هو قول الجنس على أنواعه أو هو قول اللوازم على موصوفاتها وسائر المباحث المتعلقة بهذا الباب.

ثم نقول: والمرتبة العاشرة أن نقول: لا شك أن المعلوم والمذكور والمخبر عنه يدخل فيها الموجود والمعدوم، فكيف يعقل حصول أمر أعم من الموجود؟ ومن الناس من يقول المظنون أعم من المعلوم، وأيضاً فهب أن أعم الاعتبارات هو المعلوم، ولا شك أن المعلوم مقابله غير المعلوم، لكن الشيء ما لم تعلم حقيقته امتنع الحكم عليه بكونه مقابلاً لغيره، فلما حكمنا على غير المعلوم بكونه مقابلاً للمعلوم، وجب أن يكون غير المعلوم معلوماً، فحينئذٍ يكون المقابل للمعلوم معلوماً، وذلك محال.
-2-

واعلم أن من اعتبر هذه المراتب العشرة في كل جزء من جزئيات الموجودات فقد انفتحت عليه أبواب مباحث لا نهاية لها، ولا يحيط عقله بأقل القليل منها، فظهر بهذا كيفية الاستنباط للعلوم الكثيرة من الألفاظ القليلة.

الفصل الثالث

في تقرير مشرع آخر لتصحيح ما ذكرناه من استنباط

المسائل الكثيرة من هذه السورة

اعلم أنا إذا ذكرنا مسألة واحدة في هذا الكتاب ودللنا على صحتها بوجوه عشرة فكل واحد من تلك الوجوه والدلائل مسألة بنفسها، ثم إذا حكينا فيها مثلاً شبهات خمسة فكل واحد منها أيضاً مسألة مستقلة بنفسها، ثم إذا أجبنا عن كل واحد منها بجوابين أو ثلاثة فتلك الأجوبة الثلاثة أيضاً مسائل ثلاثة، وإذا قلنا مثلاً: الألفاظ الواردة في كلام العرب جاءت على ستين وجهاً، وفصلنا تلك الوجوه، فهذا الكلام في الحقيقة ستون مسألة، وذلك لأن المسألة لا معنى لها إلا موضع السؤال والتقرير، فلما كان كل واحد من هذه الوجوه كذلك كان كل واحد منها مسألة على حدة، وإذا وقفت على هذه الدقيقة فنقول: إنا لو اعتبرنا المباحث المتعلقة بالاسم والفعل، ثم ننزل منها إلى المباحث المتعلقة بتقسيم الأفعال بالمعلوم والمذكور، والمباحث المتعلقة بالموجود والمعدوم، والمباحث المتعلقة بالواجب والممكن، والمباحث المتعلقة بالجوهر والعرض، والمباحث المتعلقة بمقولة الكيف وكيفية انقسامه إلى الكيفية المحسوسة وغير المحسوسة، والمباحث المتعلقة بالصوت وكيفية حدوثه وكيفية العضلات المحدثة للأصوات والحروف ـ عظم الخطب، واتسع الباب، ولكنا نبدأ في هذا الكتاب بالمباحث المتعلقة بالكلمة والكلام والقول واللفظ والعبارة، ثم ننزل منها إلى المباحث المتعلقة بالاسم والفعل والحرف، ثم ننزل منها إلى المباحث المتعلقة بتقسيمات الأسماء والأفعال والحروف حتى ننتهي إلى الأنواع الثلاثة الموجودة في قوله: { أَعُوذُ بِٱللَّهِ } ونرجو من فضل الله العميم أن يوفقنا للوصول إلى هذا المطلوب الكريم.

الكتاب الأول

في العلوم المستنبطة من قوله: { أَعُوذُ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ ٱلرَّجِيمِ }

اعلم أن العلوم المستنبطة من هذه الكلمة نوعان: أحدهما: المباحث المتعلقة باللغة والإعراب والثاني: المباحث المتعلقة بعلم الأصول والفروع.

القسم الأول من هذا الكتاب في المباحث الأدبية المتعلقة بهذه الكلمة، وفيه أبواب.

الباب الأول

في المباحث المتعلقة بالكلمة، وما يجري مجراها، وفيه مسائل

المسألة الأولى: اعلم أن أكمل الطرق في تعريف مدلولات الألفاظ هو طريقة الاشتقاق، ثم إن الاشتقاق على نوعين: الاشتقاق الأصغر، والاشتقاق الأكبر، أما الاشتقاق الأصغر فمثل اشتقاق صيغة الماضي والمستقبل من المصدر، ومثل اشتقاق اسم الفاعل واسم المفعول وغيرهما منه، وأما الاشتقاق الأكبر فهو أن الكلمة إذا كانت مركبة من الحروف كانت قابلة للانقلابات لا محالة، فنقول: أول مراتب هذا التركيب أن تكون الكلمة مركبة من حرفين ومثل هذه الكلمة لا تقبل إلا نوعين من التقليب، كقولنا: «من» وقلبه «نم» وبعد هذه المرتبة أن تكون الكلمة مركبة من ثلاثة أحرف كقولنا: «حمد» وهذه الكلمة تقبل ستة أنواع من التقليبات، وذلك لأنه يمكن جعل كل واحد من تلك الحروف الثلاثة ابتداء لتلك الكلمة، وعلى كل واحد من التقديرات الثلاث فإنه يمكن وقوع الحرفين الباقيين على وجهين لكن ضرب الثلاثة في اثنين بستة فهذه التقليبات الواقعة في الكلمات الثلاثيات يمكن وقوعها على ستة أوجه، ثم بعد هذه المرتبة أن تكون الكلمة رباعية كقولنا: «عقرب، وثعلب» وهي تقبل أربعة وعشرين وجهاً من التقليبات، وذلك لأنه يمكن جعل كل واحد من تلك الحروف الأربعة ابتداء لتلك الكلمة، وعلى كل واحد من تلك التقديرات الأربعة فإنه يمكن وقوع الحروف الثلاثة الباقية على ستة أنواع من التقليبات، وضرب أربعة في ستة يفيد أربعة وعشرين وجهاً، ثم بعد هذه المرتبة أن تكون الكلمة خماسية كقولنا: «سفرجل» وهي تقبل مائة وعشرين نوعاً من التقليبات، وذلك لأنه يمكن جعل كل واحد من تلك الحروف الخمسة ابتداء لتلك الكلمة وعلى كل واحد من هذه التقديرات فإنه يمكن وقوع الحروف الأربعة الباقية على أربعة وعشرين وجهاً على ما سبق تقريره، وضرب خمسة في أربعة وعشرين بمائة وعشرين والضابط في الباب أنك إذا عرفت التقاليب الممكنة في العدد الأقل ثم أردت أن تعرف عدد التقاليب الممكنة في العدد الذي فوقه فاضرب العدد الفوقاني في العدد الحاصل من التقاليب الممكنة في العدد الفوقاني، والله أعلم.
-3-

المسألة الثانية: اعلم أن اعتبار حال الاشتقاق الأصغر سهل معتاد مألوف، أما الاشتقاق الأكبر فرعايته صعبة، وكأنه لا يمكن رعايته إلا في الكلمات الثلاثية لأن تقاليبها لا تزيد على الستة، أما الرباعيات والخماسيات فإنها كثيرة جداً، وأكثر تلك التركيبات تكون مهملة فلا يمكن رعاية هذا النوع من الاشتقاق فيها إلا على سبيل الندرة.

وأيضاً الكلمات الثلاثية قلما يوجد فيها ما يكون جميع تقاليبها الممكنة معتبرة. بل يكون في الأكثر بعضها مستعملاً وبعضها مهملاً، ومع ذلك فإن القدر الممكن منه هو الغاية القصوى في تحقيق الكلام في المباحث اللغوية.

المسألة الثالثة: في تفسير الكلمة: اعلم أن تركيب الكاف واللام والميم بحسب تقاليبها الممكنة الستة تفيد القوة والشدة، خمسة منها معتبرة، وواحدة ضائع، فالأول: «ك ل م» فمنه الكلام، لأنه يقرع السمع ويؤثر فيه، وأيضاً يؤثر في الذهن بواسطة إفادة المعنى، ومنه الكلم للجرح، وفيه شدة، والكلام ما غلظ من الأرض، وذلك لشدته، الثاني: «ك م ل» لأن الكامل أقوى من الناقص، والثالث: «ل ك م» ومعنى الشدة في اللكم ظاهر، والرابع: «م ك ل» ومنه «بئر مكول» إذا قل مائها، وإذا كان كذلك كان ورودها مكروهاً فيحصل نوع شدة عند ورودها، الخامس: «م ل ك» يقال «ملكت العجين» إذا أمعنت عجنه فاشتد وقوى، ومنه «ملك الإنسان» لأنه نوع قدرة، و «أملكت الجارية» لأن بعلها يقدر عليها.
-4-

المسألة الرابعة: لفظ الكلمة قد يستعمل في اللفظة الواحدة ويراد بها الكلام الكثير الذي قد ارتبط بعضه ببعض كتسميتهم القصيدة بأسرها «كلمة»، ومنها يقال: «كلمة الشهادة»، ويقال: «الكلمة الطيبة صدقة»، ولما كان المجاز أولى من الاشتراك علمنا أن إطلاق لفظ الكلمة على المركب مجاز، وذلك لوجهين، الأول: أن المركب إنما يتركب من المفردات، فإطلاق لفظ الكلمة على الكلام المركب يكون إطلاقاً لاسم الجزء على الكل، والثاني: أن الكلام الكثير إذا ارتبط بعضه ببعض حصلت له وحدة فصار شبيهاً بالمفرد في تلك الوجوه، والمشابهة سبب من أسباب حسن المجاز، فأطلق لفظ الكلمة على الكلام الطويل لهذا السبب.

المسألة الخامسة: لفظ الكلمة جاء في القرآن لمفهومين آخرين: أحدهما: يقال لعيسى كلمة الله، إما لأنه حدث بقوله: «كن» أو لأنه حدث في زمان قليل كما تحدث الكلمة كذلك، والثاني: أنه تعالى سمى أفعاله كلمات، كما قال تعالى في الآية الكريمة:


المسألة السادسة في القول: هذا التركيب بحسب تقاليبه الستة يدل على الحركة والخفة، فالأول: «ق و ل» فمنه القول؛ لأن ذلك أمر سهل على اللسان، الثاني: «ق ل و» ومنه القلو وهو حمار الوحش، وذلك لخفته في الحركة ومنه «قلوت البر والسويق» فهما مقلوان، لأن الشيء إذا قلي جف وخف فكان أسرع إلى الحركة، ومنه القلولي، وهو الخفيف الطائش، والثالث: «و ق ل» الوقل الوعل، وذلك لحركته، ويقال «توقل في الجبل» إذا صعد فيه، والرابع: «و ل ق» يقال: ولق يلق إذا أسرع، وقرىء

{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ } [النور24: 15]

أي: تخفون وتسرعون، والخامس: «ل و ق» كما جاء في الحديث " لا آكل الطعام إلا ما لوق لي " أي: أعملت اليد في تحريكه وتليينه حتى يصلح، ومنه اللوقة وهي الزبدة قيل لها ذلك لخفتها وإسراع حركتها لأنه ليس بها مسكة الجبن والمصل، والسادس: «ل ق و» ومنه اللقوة وهي العقاب، قيل لها ذلك لخفتها وسرعة طيرانها، ومنه اللقوة في الوجه لأن الوجه اضطرب شكله فكأنه خفة فيه وطيش، واللقوة الناقة السريعة اللقاح.


المسألة السابعة: قال ابن جني رحمه الله تعالى: اللغة فعلة من لغوت أي: تلكمت، وأصلها لغوة ككرة وقلة فإن لاماتها كلها واوات، بدليل قولهم كروت بالكرة وقاوت بالقلة، وقيل فيه لغى يلغى إذا هذا، ومنه قوله تعالى:
-5-

{ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّواْ كِراماً } [الفرقان25: 72]

قلت: إن ابن جني قد اعتبر الاشتقاق الأكبر في الكلمة والقول ولم يعتبره ههنا، وهو حاصل فيه، فالأول: «ل غ و» ومنه اللغة ومنه أيضاً الكلام اللغو، والعمل اللغو، والثاني: «ل و غ» ويبحث عنه، والثالث: «غ ل و» ومنه يقال: لفلان غلو في كذا، ومنه الغلوة، والرابع: «غ و ل» ومنه قوله تعالى:

{ لاَ فِيهَا غَوْلٌ } [الصافات37: 47]

والخامس: «و غ ل» ومنه يقال: فلان أوغل في كذا والسادس: «و ل غ» ومنه يقال: ولغ الكلب في الإناء، ويشبه أن يكون القدر المشترك بين الكل هو الإمعان في الشيء والخوض التام فيه.


المسألة الثامنة في اللفظ: وأقول: أظن أن إطلاق اللفظ على هذه الأصوات والحروف على سبيل المجاز، وذلك لأنها إنما تحدث عنه إخراج النفس من داخل الصدر إلى الخارج فالإنسان عند إخراج النفس من داخل الصدر إلى الخارج يحبسه في المحابس المعينة، ثم يزيل ذلك الحبس، فتتولد تلك الحروف في آخر زمان حبس النفس وأول زمان إطلاقه، والحاصل أن اللفظ هو: الرمي، وهذا المعنى حاصل في هذه الأصوات والحروف من وجهين: الأول: أن الإنسان يرمي ذلك النفس من داخل الصدر إلى خارجه ويلفظه، وذلك هو الإخراج، واللفظ سبب لحدوث هذه الكلمات، فأطلق اسم اللفظ على هذه الكلمات لهذا السبب، والثاني: أن تولد الحروف لما كان بسبب لفظ ذلك الهواء من الداخل إلى الخارج صار ذلك شبيهاً بما أن الإنسان يلفظ تلك الحروف ويرميها من الداخل إلى الخارج، والمشابهة إحدى أسباب المجاز.

المسألة التاسعة، العبارة: وتركيبها من «ع ب ر» وهي في تقاليبها الستة تفيد العبور والانتقال، فالأول: «ع ب ر» ومنه العبارة لأن الإنسان لا يمكنه أن يتكلم بها إلا إذا انتقل من حرف إلى حرف آخر؛ وأيضاً كأنه بسبب تلك العبارة ينتقل المعنى من ذهن نفسه إلى ذهن السامع، ومنه العبرة لأن تلك الدمعة تنتقل من داخل العين إلى الخارج، ومنه العبر لأن الإنسان ينتقل فيها من الشاهد إلى الغائب. ومنه المعبر لأن الإنسان ينتقل بواسطته من أحد طرفي البحر إلى الثاني، ومنه التعبير لأنه ينتقل مما يراه في النوم إلى المعاني الغائبة، والثاني: «ع ر ب» ومنه تسمية العرب بالعرب لكثرة انتقالاتهم بسبب رحلة الشتاء والصيف ومنه «فلان أعرب في كلامه» لأن اللفظ قبل الإعراب يكون مجهولاً فإذا دخله الإعراب انتقل إلى المعرفة والبيان، والثالث: «ب ر ع» ومنه «فلان برع في كذا» إذا تكامل وتزايد، الرابع: «ب ع ر» ومنه البعر لكونه منتقلاً من الداخل إلى الخارج، الخامس: «ر ع ب» ومنه يقال للخوف رعب لأن الإنسان ينتقل عند حدوثه من حال إلى حال أخرى، والسادس: «ر ب ع» ومنه الربع لأن الناس ينتقلون منها وإليها.
-6-

الفرق بين الكلمة والكلام:

المسألة العاشرة: قال أكثر النحوين: الكلمة غير الكلام، فالكلمة هي اللفظة المفردة، والكلام هو الجملة المفيدة، وقال أكثر الأصوليين إنه لا فرق بينهما، فكل واحد منهما يتناول المفرد والمركب، وابن جني وافق النحويين واستبعد قول المتكلمين، وما رأيت في كلامه حجة قوية في الفرق سوى أنه نقل عن سيبويه كلاماً مشعراً بأن لفظ الكلام مختص بالجملة المفيدة، وذكر كلمات أخرى إلا أنها في غاية الضعف، أما الأصوليون فقد احتجوا على صحة قولهم بوجوه، الأول: أن العقلاء قد اتفقوا على أن الكلام ما يضاد الخرس والسكوت، والتكلم بالكلمة الواحدة يضاد الخرس والسكوت، فكان كلاماً، الثاني: أن اشتقاق الكلمة من الكلم، وهو الجرح والتأثير، ومعلوم أن من سمع كلمة واحدة فإنه يفهم معناها، فههنا قد حصل معنى التأثير، فوجب أن يكون كلاماً، والثالث: يصح أن يقال: إن فلاناً تكلم بهذه الكلمة الواحدة، ويصح أن يقال أيضاً: أنه ما تكلم إلا بهذه الكلمة الواحدة، وكل ذلك يدل على أن الكلمة الواحدة كلام، وإلا لم يصح أن يقال تكلم بالكلمة الواحدة، الرابع: أنه يصح أن يقال تكلم فلان بكلام غير تام، وذلك يدل على أن حصول الإفادة التامة غير معتبر في اسم الكلام.

مسألة فقهية في الطلاق:

المسألة الحادية عشرة: تفرع على الاختلاف المذكور مسألة فقهية، وهي أولى مسائل أيمان «الجامع الكبير» لمحمد بن الحسن رحمه الله تعالى، وهي أن الرجل إذا قال لامرأته التي لم يدخل بها: إن كلمتك فأنت طالق ثلاث مرات، قالوا: إن ذكر هذا الكلام في المرة الثانية طلقت طلقة واحدة، وهل تنعقد هذه الثانية طلقة؟ قال أبو حنيفة وصاحباه: تنعقد، وقال زفر: لا تنعقد، وحجة زفر أنه لما قال في المرة الثانية إن كلمتك فعند هذا القدر من الكلام حصل الشرط، لأن اسم الكلام اسم لكل ما أفاد شيئاً، سواء أفاد فائدة تامة أو لم يكن كذلك وإذا حصل الشرط حصل الجزاء، وطلقت عند قوله إن كلمتك، فوقع تمام قوله: «أنت طالق» خارج تمام ملك النكاح، وغير مضاف إليه، فوجب أن لا تنعقد، وحجة أبي حنيفة أن الشرط ـ وهو قوله إن كلمتك ـ غير تام، والكلام اسم للجملة التامة، فلم يقع الطلاق إلا عند تمام قوله إن كلمتك فأنت طالق، وحاصل الكلام أنا إن قلنا إن اسم الكلام يتناول الكلمة الواحدة كان القول قول زفر، وإن قلنا إنه لا يتناول إلا الجملة فالقول قول أبي حنيفة ومما يقوي قول زفر أنه لو قال في المرة الثانية «إن كلمتك» وسكت عليه ولم يذكر بعده قوله: «فأنت طالق» طلقت، لولا أن هذا القدر كلام وإلا لما طلقت، ومما يقوي قول أبي حنيفة أنه لو قال: «كلما كلمتك فأنت طالق» ثم ذكر هذه الكلمة في المرة الثانية فكلمة «كلما» توجب التكرار فلو كان التكلم بالكلمة الواحدة كلاماً لوجب أن يقع عليه الطلقات الثلاث عند قوله في المرة الثانية: «كلما كلمتك» وسكت عليه ولم يذكر بعده قوله: «فأنت طالق» لأن هذا المجموع مشتمل على ذكر الكلمات الكثيرة، وكل واحد منها يوجب وقوع الطلاق وأقول: لعل زفر يلتزم ذلك.
-7-

المسألة الثانية عشرة: محل الخلاف المذكور بين أبي حنيفة وزفر ينبغي أن يكون مخصوصاً بما إذا قال: «إن كلمتك فأنت طالق» أما لو قال: «إن تكلمت بكلمة فأنت طالق» أو قال: «إن نطقت» أو قال: «إن تلفظت بلفظة» أو قال: «إن قلت قولاً فأنت طالق» وجب أن يكون الحق في جميع هذه المسائل قول زفر قولاً واحداً، والله أعلم.

هل يطلق الكلام على المهمل:

المسألة الثالثة عشرة: لفظ الكلمة والكلام هل يتناول المهمل أم لا؟ منهم من قال يتناوله لأنه يصح أن يقال الكلام منه مهمل ومنه مستعمل، ولأنه يصح أن يقال تكلم بكلام غير مفهوم، ولأن ا لمهمل يؤثر في السمع فيكون معنى التأثير والكلام حاصلاً فيه، ومنهم من قال الكلمة والكلام مختصان بالمفيد، إذ لو لم يعتبر هذا القيد لزم تجويز تسمية أصوات الطيور بالكلمة والكلام.

هل الأصوات الطبيعية تسمى كلاماً:

المسألة الرابعة عشرة: إذا حصلت أصوات متركبة تركيبًا يدل على المعاني إلا أن ذلك التركيب كان تركيباً طبيعياً لا وضعياً فهل يسمى مثل تلك الأصوات كلمة وكلاماً؟ مثل أن الإنسان عند الراحة أو الوجع قد يقول أخ، وعند السعال قد يقول أح أح، فهذه أصوات مركبة، وحروف مؤلفة، وهي دالة على معانٍ مخصوصة، لكن دلالتها على مدلولاتها بالطبع لا بالوضع، فهل تسمى أمثالها كلمات؟ وكذلك صوت القطا يشبه كأنه يقول قطا، وصوت اللقلق يشبه كأنه يقول لق لق، فأمثال هذه الأصوات هل تسمى كلمات؟ اختلفوا فيه، وما رأيت في الجانبين حجة معتبرة، وفائدة هذا البحث تظهر فيما إذا قال: إن سمعت كلمة فعبدي حر، فهل يترتب الحنث والبر على سماع هذه الألفاظ أم لا؟.

المسألة الخامسة عشرة: قال ابن جني: لفظ القول يقع على الكلام التام، وعلى الكلمة الواحدة، على سبيل الحقيقة، أما لفظ الكلام فمختص بالجملة التامة، ولفظ الكلمة مختص بالمفرد وحاصل كلامه في الفرق بين البابين أنا إذا بينا أن تركيب القول يدل على الخفة والسهولة وجب أن يتناول الكلمة الواحدة، أما تركيب الكلام فيفيد التأثير، وذلك لا يحصل إلا من الجملة التامة؛ إلا أن هذا يشكل بلفظ الكلمة، ومما يقوي ذلك قول الشاعر: ـ
-8-

قلت لها قفي فقالت قاف


سمى نطقها بمجرد القاف قولاً.

المسألة السادسة عشرة: قال أيضاً إن لفظ القول يصح جعله مجازاً عن الاعتقادات والآراء، كقولك: فلان يقول بقول أبي حنيفة، ويذهب إلى قول مالك، أي: يعتقد ما كانا يريانه ويقولان به، ألا ترى أنك لو سألت رجلاً عن صحة رؤية الله تعالى فقال: لا تجوز رؤيته، فتقول: هذا قول المعتزلة، ولا تقول هذا كلام المعتزلة إلا على سبيل التعسف، وذكر أن السبب في حسن هذا المجاز أن الاعتقاد لا يفهم إلا بغيره، فلما حصلت المشابهة من هذا الوجه لا جرم حصل سبب جعله مجازاً عنه.

يستعمل القول في غير النطق:

المسألة السابعة عشرة: لفظ قال قد يستعمل في غير النطق، قال أبو النجم: ـ

قالت له الطير تقدم راشداإنك لا ترجع إلا حامدا


وقال آخر: ـ

وقالت له العينان سمعاً وطاعةوحدرتا كالدر لما يثقب


وقال: ـ

امتلأ الحوض وقال: قطنيمهلاً رويداً قد ملأت بطني


ويقال في المثل: قال الجدار للوتد لم تشقني، قال: سل من يدقني، فإن الذي ورايى ما خلاني ورايى، ومنه قوله تعالى:


المسألة الثامنة عشرة: الذين ينكرون كلام النفس اتفقوا على أن الكلام والقول اسم لهذه الألفاظ والكلمات، أما مثبتو كلام النفس فقد اتفقوا على أن ذلك المعنى النفساني يسمى بالكلام وبالقول، واحتجوا عليه بالقرآن والأثر والشعر: أما القرآن فقوله تعالى:

{ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ لَكَـٰذِبُونَ } [المنافقون63: 1]

وظاهر أنهم ما كانوا كاذبين في اللفظ لأنهم أخبروا أن محمداً رسول الله وكانوا صادقين فيه، فوجب أن يقال إنهم كانوا كاذبين في كلام آخر سوى اللفظ وما هو إلا كلام النفس، ولقائل أن يقول: لا نسلم أنهم ما كانوا كاذبين في القول اللساني، قوله: «أخبروا أن محمداً رسول الله» قلنا: لا نسلم بل أخبروا عن كونهم شاهدين بأن محمداً رسول الله، لأنهم كانوا قالوا:

{ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ } [المنافقون63: 1]

والشهادة لا تحصل إلا مع العلم، وهم ما كانوا عالمين به، فثبت أنهم كانوا كاذبين، فيما أخبروا عنه بالقول اللساني، وأما الأثر فما نقل أن عمر قال يوم السقيفة: كنت قد زورت في نفسي كلاماً فسبقني إليه أبو بكر، وأما الشاعر فقول الأخطل: ـ

إن الكلام لفي الفؤاد وإنماجعل اللسان على الفؤاد دليلا


وأما اللذين أنكروا كون المعنى القائم بالنفس يسمى بالكلام فقد احتجوا عليه بأن من لم ينطق ولم يتلفظ بالحروف يقال إنه لم يتكلم، وأيضاً الحنث والبر يتعلق بهذه الألفاظ، ومن أصحابنا من قال: اسم القول والكلام مشترك بين المعنى النفساني وبين اللفظ اللساني.
-9-

المسألة التاسعة عشرة: هذه الكلمات والعبارات قد تسمى أحاديث، قال الله تعالى:

{ فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مّثْلِهِ } [الطور52: 34]

والسبب في هذه التسمية أن هذه الكلمات إنما تتركب من الحروف المتعاقبة المتوالية فكل واحد من تلك الحروف يحدث عقيب صاحبه، فلهذا السبب سميت بالحديث ويمكن أيضاً أن يكون السبب في هذه التسمية أن سماعها يحدث في القلوب العلوم والمعاني، والله أعلم.


المسألة العشرون: ههنا ألفاظ كثيرة، فأحدها: الكلمة، وثانيها: الكلام، وثالثها: القول، ورابعها: اللفظ، وخامسها: العبارة، وسادسها: الحديث، وقد شرحناها بأسرها، وسابعها: النطق ويجب البحث عن كيفية اشتقاقه، وأنه هل هو مرادف لبعض تلك الألفاظ المذكورة أو مباين لها، وبتقدير حصول المباينة فما الفرق.

المسألة الحادية والعشرون: في حد الكلمة، قال الزمخشري في أول «المفصل»: الكلمة هي اللفظة الدالة على معنى مفرد بالوضع. وهذا التعريف ليس بجيد، لأن صيغة الماضي كلمة مع أنها لا تدل على معنى مفرد بالوضع، فهذا التعريف غلط، لأنها دالة على أمرين: حدث وزمان وكذا القول في أسماء الأفعال، كقولنا: مه، وصه، وسبب الغلط أنه كان يجب عليه جعل المفرد صفة للفظ، فغلط وجعله صفة للمعنى.

اللفظ مهمل ومستعمل وأقسامه:

المسألة الثانية والعشرون: اللفظ إما أن يكون مهملاً، وهو معلوم، أو مستعملاً وهو على ثلاثة أقسام: أحدها: أن لا يدل شيء من أجزائه على شيء من المعاني ألبتة، وهذا هو اللفظ المفرد كقولنا فرس وجمل، وثانيها: أن لا يدل شيء من أجزائه على شيء أصلاً حين هو جزؤه أما باعتبار آخر فإنه يحصل لأجزائه دلالة على المعاني، كقولنا: «عبد الله» فإنا إذا اعتبرنا هذا المجموع اسم علم لم يحصل لشيء من أجزائه دلالة على شيء أصلاً، أما إذا جعلناه مضافاً ومضافاً إليه فإنه يحصل لكل واحد من جزأيه دلالة على شيء آخر، وهذا القسم نسميه بالمركب، وثالثها: أن يحصل لكل واحد من جزأيه دلالة على مدلول آخر على جميع الاعتبارات، وهو كقولنا: «العالم حادث، والسماء كرة، وزيد منطلق» وهذا نسميه بالمؤلف.

المسموع المقيد وأقسامه:

المسألة الثالثة والعشرون: المسموع المفيد ينقسم إلى أربعة أقسام: لأنه إما أن يكون اللفظ مؤلفاً والمعنى مؤلفاً كقولنا: «الإنسان حيوان، وغلام زيد» وإما أن يكون المسموع مفرداً والمعنى مفرداً، وهو كقولنا: «الوحدة» و «النقطة» بل قولنا: «الله» سبحانه وتعالى، وإما أن يكون اللفظ مفرداً والمعنى مؤلفاً وهو كقولك: «إنسان» فإن للفظ مفرد والمعنى ماهية مركبة من أمور كثيرة، وإما أن يكون اللفظ مركباً والمعنى مفرداً، وهو محال.
-10-
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس