عرض مشاركة واحدة
 
  #5  
قديم 05-14-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ( مجموعة حلقات ) .

وذكرت إحدى الأخوات أنها تنفق من راتبها الشهري مبلغاً وقدره 1500 ريال ، تعطيه شهرياً لأسرة فقيرة ، وهم لا يعلمون من يعطيهم هذا المال كل شهر ، فتقول : أذهب أنا وزجي نهاية كل شهر إلى ذلك البيت ، وأضع المبلغ في ظرف وأدخله من تحت عقب الباب ، وتقول : الحمد لله رأيت بركة في مالي ومال زوجي ، فاشتريت أرضاً وبيتاً ، وبنيناً عمارة ولله الحمد ، وكل ذلك بفضل تلك الصدقة التي منَّ الله بها علينا ، وألهمنا ذلك الباب العظيم الذي نستطيع من خلاله مساعدة إخواننا الفقراء والمساكين ، وتزكية لأموالنا ولنفوسنا ، وتطهرينا لقلوبنا ، قال تعالى : " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاة سكن لهم والله سميع عليم " [ التوبة 103 ] .
ما أعظم الصدقة في سبيل الله ، وما أعظم مردودها ، وما أجمل نتاج ثمرتها ، ومن أراد أن يعرف ذلك فكيفيه ما ذكرت من أدلة وحوادث ، وهذه باقة أخرى أعطر بها الأسماع ، وأكحل بها الأعين عن فضل الصدقة :
قال تعالى : " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم " [ البقرة ] .
الصدقة وإن كانت قليلة فهي عند الفقير تقع منه بمكان ، لأنه ربما لا يجد قوت يومه هو وأسرته ، فيفرح بالقليل وكأنه كثير ، ولأنه لا يطمع في التخمة ، بل يريد ما يسد به الرمق ، ويُسكت به صراخ أطفاله ، فكم من الآباء من يبقى طول يومه وليله يبحث عن عمل ، يكسب من ورائه لقمة حلالاً ، يطعمها أهله وولده ، ولا يمد للناس أعطوه أو منعوه ، وأقصد بذلك الفقير الذي قال الله فيه : " تحسبهم أغنياء من التعفف " [ البقرة ] ، فلا يحمل هم الأسرة إلا ربها وعائلها ، فالأب هو العائل وهو القائم على شؤون الأسرة ، فتراه يسعى جاهداً لتوفير سبل الراحة لأسرته وأهل بيته ، وعندما يكون فقيراً فلا تسأل عن حاله وهمه وغمه ، كنا ذات ليلة في عشاء ، وبقي منه الكثير ، فأراد صاحب المنزل وضعه في صناديق المهملات ، فاقترحت عليه أن نتصدق به على من هو بحاجة ، فرحب بالفكرة ، فاتصلت على الأخوة في إحدى الجمعيات الخيرية ، فحضروا فوراً ، وكان الوقت قد تجاوز العاشرة مساءً ، فحضروا وأخذوا الطعام المتبقي وهو كثير ، فذهبوا به إلى جماعة فقيرة تقطن البراري ، ووجدوا أسرة فقيرة معدمة ، يعولها رجل كبير في السن ، فوجدوه خارج منزله في ساعة متأخرة من الليل ، فتوجهوا نحوه وهم يعرفون حاله ، وقدموا له الطعام ، فانهار بالبكاء الشديد ، فسألوه عن ذلك ، فقال : لقد كنت أحمل هم هؤلاء الأطفال ، وكيف أطعمهم هذه الليلة وأنا لا أملك لنفسي شيئاً فضلاً عن أملكه لهم ، فجاء الله بكم فرجاً من عنده سبحانه ، فأخذ الطعام وأكل وأكلت أسرته ولله الحمد والمنة .


رد مع اقتباس