عرض مشاركة واحدة
 
  #7  
قديم 07-08-2011
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: مشروعية الخروج على الظلمة والطواغيت

ومن اعتراضاتهم الموهومة أيضاً: قولهم أن هؤلاء الحكام هم ولاة أُمورنا فطاعتهم واجبة بدليل قول الله تعالى (وأُولي الأمر منكم) أما الجواب على هذا الاعتراض وإبطاله فعلى النحو التالي: أولاً: إن سلمنا أنهم منّا أي من المسلمين لا من الكافرين، فطاعتهم مقيدة في غير معصية، وأن لا تكون معصية الله بواحاً، ففي الحديث الصحيح ( لا طاعة في معصية) وحديث (أن لا تنازع الأمر أهله ما لم يأمروك بإثم بواحاً) وأظنكم عرفتم قبل قليل كيف أن معصية الله تعالى أصبحت بواحاً جهاراً نهاراً في عصر هؤلاء الحكام، وأما ثانياً: فولاة الأُمور في هذه الأيام بلغ عددهم أكثر من خمسين، ولكل واحد منهم من الأحكام والآراء ما ليس للآخر، ففوق كونها ليست من شرع الله، فهي متباينة مختلفة مفرقة، فأيهم تجب طاعته ويحرم الخروج عليه؟! إذ لا يمكن طاعتهم جميعاً وهم متباينون، فمن قبل قال الأنصار للمهاجرين بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في سقيفة بني ساعدة: (منا أمير ومنكم أمير) فأنكر عليهم أبو بكر وعمر ذلك وهُم مَنْ هُم، فقال أبو بكر: (إنه لا يحل أن يكون للمسلمين أميران، فإنه مهما يكن ذلك يختلف أمرهم وأحكامهم وتتفرق أحكامهم وجماعتهم ويتنازعوا فيما بينهم، هنالك تُترك السنة وتظهر البدعة وتعظم الفتنة وليس لأحد على ذلك صلاح) وقال عمر: (سيفان في غمد واحد إذاً لا يصطلحان) وأما ثالثاً: فقد جاء في الحديث الصحيح (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما) فإذا اعتبرناهم أُمراء دار الإسلام فقطعاً يجب قتلهم جميعاً ما عدا واحداً حسب هذا الحديث، وإذا اعتبرناهم أُمراء دار الكفر فطاعتهم حرام والخروج عليهم وقتلهم جميعاً واجب أيضاً.
ومن هذه الاعتراضات الموهومة أيضاً: قولهم إن الحديث ينص على طاعة الحاكم وعدم الخروج عليه ولو ظلمك ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك، الجواب عليه: إن هذا الحديث في حق حاكم وأمير دار الإسلام والعدل وأمير الجماعة لا في حق أمير دار الكفر والفرقة من حكام وأُمراء هذا الزمان، وذلك لسببين: أحدهما: أنه جاء في بعض طرق الحديث كما عند الحاكم والطبراني (تسمع للأمير الأعظم وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك) ومعلوم على ظاهر الكف عند أئمة المسلمين أن الأمير الأعظم هو خليفة المسلمين المبايع بيعة شرعية من قبل أهل الحل والعقد، وهذا الأمير لا وجود له منذ قرابة مائة عام، فيسقط اعتراضهم من هذا الوجه، ثانيهما: أن الأمر بمطلق السمع والطاعة للأمير وإن ظلمك ولو للأمير الأعظم، يتعارض مع قوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر بالإثم والعدوان، ويتعارض أيضاً مع الحديث الصحيح (لا طاعة في معصية) ويتعارض مع قيد (إلا أن تكون معصية لله بواحاً) وقيد (ما لم يأمروك بإثم بواحاً) ويتعارض مع أمره صلى الله عليه وسلم قبل قليل بمجاهدة الظلمة والأخذ على يديهم، ومقاتلتهم وإبادة خضرائهم، ومنابذتهم، ومنازعتهم، وقصرهم على الحق قصراً، إلا أن يكون الأمر غير ما ظنوه، فإما أنه يسمع ويطيع حين لا يقدر على الإنكار والتغيير، وإما أن يكون القصد تسمع وتطع للأمير الأعظم ولو كنت على يقين من أنه ظلمك لكنه فعل ذلك بإجتهاد منه أنه على الحق، وإما أن يكون الحديث بصيغة المبالغة في الأمر بالطاعة لسلطان الإسلام الشرعي، لأن الأمير والسلطان العادل لا يتعمد ظلم الرعية، فيرتفع بذلك الإشكال والتعارض بين النصوص.
رد مع اقتباس