عرض مشاركة واحدة
 
  #1  
قديم 11-27-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي دخول آدم وحواء الجنة وخروجهما منها

بسم الله الرحمن الرحيم
اللفظين (الهبوط والجنة) أشكلا على كثير من المفسرين والمتدبرين مما أدى إلى إعتقاد البعض أن هناك جنة في السماوات وأخرى في الأرض وأن هناك هبوط موضعي وهبوط إنتقالي، ولكن المتدبر حقاً لكلام الله سيجد أن الهبوط هو هبوط واحد من السماوات إلى الأرض، وأن الجنة واحدة هي في السماوات، وإليكم هذا التفصيل السريع:
1- هناك كلمة ناقصة نحتاجها لفهم كلمتينا وهي كلمة (الخروج) وأقصد هنا (الخروج من الجنة)، وربما عدم فهم (الخروج) هو الذي أشكل على البعض وجعلهم يعتقدوا أن هناك هبوطين وهناك جنتين، ولكن الصحيح أن هناك خروجين إثنين وجنة واحدة وهبوط واحد.
2- الخروج على مرحلتين أولا: خروج من المقام، وثانياً: خروج من المكان. ويقابل الخروجين دخول واحد هو دخول في المقام والمكان معاً.
3. نعلم أن الله أدخل (طاووس الملائكة) الذي نعرفه اليوم بأسم (إبليس) الجنة لأنه كان الوحيد الباقي على الأرض على دينه بعد أن كفرت الجان جميعها، وكان هذا الدخول مقامي ومكاني.
4. نعلم أن الله أدخل آدم وحواء الجنة بعد خلقهما في قول الله عز وجل في سورة البقرة:2 (وَقُلْنَا يَئَادَمُ اسْكُن أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) (آية 35)، وهذا دخول مقامي ودخول مكاني، دخول مقامي أي انهما لا يشعران بالسوء وكان شاهد هذا للإنسان أن أحدهما لم يكن يرى عورة الثاني، لا أدم يرى عورة نفسه ولا عورة حواء، ولا حواء ترى عورة نفسها أو عورة آدم، وهذا مقام، أما الدخول المكاني أي أنهما أصبحا داخل الجنة ويستطيعان التنعم بما فيها من أنعام.
5. الدخول المقامي والمكاني للجنة لا ينفي التكليف، فالأمر لله، إذا شاء كلفنا، وإذا شاء أسقط عنا التكليف، وفي حالة دخول آدم وحواء كان هناك التكليف لهما بأن يمتنعا عن الأكل من شجرة معينة بعينها دلهما الله عليها، وكان ثمن المعصية هو الخروج من الجنة.
6. وأيضاً مع وجود (طاووس الملائكة - إبليس اليوم) في الجنة في مقام ومكان، إلا أنه تم تكليفه مع باقي الملائكة بأمر سيحدث للإمام في قوله عز وجل في سورة الحجر: 15 (وَإِذ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن صَلْصَالٍ مِن حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) (آيات 28-29)، وهذه الآيات تكررت في سورة ص38) (إِذ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) (آيات 71-72).
7- الخروج من الجنة يكون أولاً خروجاً مقامياً ثم يتبعه الخروج المكاني.
8- في حالة خروج إبليس من الجنة، فقد إبتدأ بالخروج المقامي وذلك عندما رفض السجود لآدم، يقول عز وجل في سورة البقرة:2 (وَإِذ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لأَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (آية 34)، وكان هذا قبل دخول آدم وحواء الجنة، وخروج إبليس مقامياً من الجنة عند رفضه السجود لآدم لم يمنعه من دخول الجنة مكانياً لأنه كان بإمكانه الدخول والوصول لآدم وحواء والتكلم معهما والكذب عليهما وحتى القسم بالله كذبا ليغويهما للأكل من الشجرة.
9- لاحظ أن رفض إبليس السجود لآدم أهبطة من مقامه (طاووس الملائكة) لمقام آخر جديد هو (إبليس).
10- دخول آدم وحواء الجنة كان بلا عمل، فقد كان ثواباً خالصاً من رحمته سبحانه وتعالى.

11- عندما أنصت كل من آدم وحواء لوسواس إبليس وأكلا من الشجرة، وكان أكلهما معصية لآمر الله الذي حذرهما منه عندما دخلا الجنة، وكان عدم الأكل من هذه الشجرة هو شرط بقائهما (مقامياً ومكانياً) في الجنة، خرجا أولا من (مقام الجنة)، يقول سبحانه وتعالى في سورة البقرة:2 (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ) (آية 36)، مما كانا فيه اي من المقام العالي الذي كانا فيه، ولكنهما لا زالا في الجنة، يقول عز وجل في سورة طه:20 (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَت لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) (آية 121)، أين بدت لهما سواءاتهما؟ الجواب في الجنة. من أي ورق طفقا يخصفان على عوراتهما؟ الجواب من ورق الجنة. ثم أن آدم فر وأخذ يركض داخل الجنة لأنه لم يعمل ماذا عليه أن يفعل، حتى ناداه الله وكلمه ثم تاب عليه، يقول عز وجل في سورة طه:20 (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) (آية 122)، ويقول في سورة البقرة:2 (فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (آية 37)، إلا أنه هذا كان هو الخروج المقامي، ثم تبعه الخروج المكاني، وهذا نعلمه من خلاصة أحاديث الرسول حيث أحضر الله آدم آمامه ومسح على ظهره وأخرج ذريته من ظهر وأخذ منهم العهد والميثاق بأن يقولوا (لا إله إلا الله) وأن يتبعوا الرسل، ثم أمر عز وجل بأن يهبط الجميع إلى الأرض، (آدم وحواء وإبليس والذرية)، يقول عز وجل في سورة البقرة:2 (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُم يَحْزَنُونَ) (آية 38).
12- الهبوط كان بمثابة إمتحان يبتلينا الله به حتى يعرف كل واحد منا مرتبته التي يستحقها في الجنة، يقول عز وجل في سورة الزمر:39 (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) (آية 74)، فمن خلال عملنا في الأرض نرث الجنة من جديد يقول عز وجل في سورة الأعراف:7 (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِن غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَن هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَت رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (آية 43).
13- نعم الفكرة بسيطة جداً فنحن خلقنا لنكون من أهل الجنة، يقول صلى الله عليه وسلم (كلكم يدخل الجنة إلا من أبى، قالوا ومن يأبى يا رسول الله، قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى).
أكتفي بهذا المقدار حالياً، مع أن الكلام في هذا الباب كثير وجميل، فإن كان هناك أي إستفسار أو تعقيب من أحدكم، يسرني أن أجيب عليه، أخوكم: الشيخ خالد المغربي، منتدى المسجد الأقصى المبارك

__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم

آخر تعديل بواسطة admin ، 11-27-2010 الساعة 11:09 AM
رد مع اقتباس