عرض مشاركة واحدة
 
  #6  
قديم 11-28-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي رد: دخول آدم وحواء الجنة وخروجهما منها

بسم الله الرحمن الرحيم
أخي علاء، أكرمك الله، يسعدني أن ارى في التساؤل أنك قرأت وتمعنت، وهذا مما يثلح القلب ويشجع على الكتابة والعطاء، ونأمل أن نرى مثل هذه الأسئلة المفيدة ليعم الخير والفائدة،
وسأجعل كلامي بشكل نقاط أيضاً للتسهيل وسرعة الوصول:-

1. إبليس من الجن، والجان سكنت الأرض قبل الإنسان بألفي عام، وكان طابعها (الإفساد وسفك الدماء)، في هذه المرحلة يُعتقد أن أسمه كان (عزازيل) ويعتقد أن لقبه كان (أبو مرة)، ولنفترض أن هذا الإعتقاد صائب في موضوعنا، فعزازيل كان مؤمناً صالحاً يعبد الله ولا يعصي له أمراً، حتى أنه يُعتقد أنه لم يترك بقعة على وجه الأرض إلا وسجد فيها لله عز وجل، وهكذا جنيٌ واحدٌ صالحٌ مقابل البقية كلها العاصية المفسدة، في إعتقادك ما هو التقدير اللائق لمثل هذا الجني عند الله؟

2. ما نعرفه من أحاديث الرسول وقصص الأنبياء وبالأخص قصة سيدنا آدم في كتب التفسير، أن الله قد أرسل أربعة فرق من الملائكة قاتلت الجان المفسد والعاصي فقتلت من قتلت والباقي أسرتهم في الجزر البعيدة وفي قيعان المحيطات وتحت الأرض، الآن لم يبقى إلا عزازيل الصالح العابد، ماذا ستفعل الملائكة بهذا العبد الصالح؟

3. رفعت الملائكة عزازيل معها إلى السماوات حيث كان ثوابه أن إرتقى في رتبته من (عبد صالح - عزازيل) إلى طاووس الملائكة.

4. عاش طاووس الملائكة بين الملائكة ومعها وكأنه فرد منها، حتى أن خطاب الله له مع باقي الملائكة كان (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) (الحجر15: 29)، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الآية تكررت في سورة (ص38: 72) لاحظ كلمة (فقعوا) بصيغة الجمع مع أن الخطاب لنوعين من مخلوقات الله، الملائكة من جهة وطاووس الملائكة (عزازيل) من جهة أخرى. وفي هذه الآيات جاء أمر الله للملائكة ومعها طاووس الملائكة بالسجود لآدم، عندها بدأت علامات الكراهية من (طاووس الملائكة) تظهر لآدم مع أن آدم لم يخلق بعد، على شكل غيرة وحسد وغل.

5. أمر الله الملائكة فأحضروا مادة صنع جسد آدم، أي الطين من الأرض، فسواه عز وجل جسدا من صلصال كالخفار، وفي هذه المرحلة ظهرت على طاووس الملائكة علامات الأذية لآدم حيث أنه كان يحاول أن يلقيه أرضاً فيكسره، ولكنه فشكل، ثم تحولت بأن حاول ثني الملائكة عن النظر له والطواف حوله وتسبيح الله وهي تنظر له، وذلك عندما بدأ يصدار الاصوات من جوفه ليخيف بها الملائكة.

6. لغاية الآن الصورة تبدو كأن عبداً صالح ضَعُفَ إيمانه ونقص، فلعله يستغفر الله، الإمتحان الحق سيكون بعد نفخ الروح، فلا زال هناك متسع من الوقت لطاووس الملائكة بالعودة والأوبة والإستغفار لله، نعم فالله يمهل ولكنه لا يهمل.

7. جاءت لحظة الحق، لحظة نفخ الروح في آدم، ونفخت في آدم النفس ونفخت فيه الروح، وصار آدم كائناً حياً يسمع ويرى ويعقل ويتحرك، وجاء أمر الله (وَإِذ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لأَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (البقرة2: 34).

8. سجدت الملائكة كلها إلا إبليس لم يسجد، لاحظ أن آداة الإستثناء (إلا) لما جاءت مع إبليس تكفي لتخبرنا أن إبليس لم يسجد، ولكن (إلا إبليس) أتبعها الله ب (أبى) وأتبعها ب (وأستكبر) وأتبعها ب (وكان من الكافرين). على ماذا يدل هذا؟ يدل على أن الله قد طلب من إبليس السجود لآدم أكثر من مرة، أو أنه أتاح له التوبة والعودة بالسجود لآدم مرارا وتكرارا، ولكن النتيجة كانت هي هي، رفض إبليس السجود لآدم.


10. الآن حان موعد الإجابة عن سؤالك، لماذا كل هذا التهاون مع إبليس؟ لماذا يمهله الله أكثر من مرة؟ لماذا يكرر الله الطلب والخطاب لأحد مخلوقاته؟ لماذا يُخرج اللهُ إبليس من المقام ولا يخرجه من المكان ويصبر على خطأه ليخطئ من جديد حتى يخرجه من المكان؟ والجواب بسيط، ألا يتوافق هذا مع رحمة الله وصفاته بالعفو والمغفرة والمسامحة والإمهال! ستسألني الآن لماذا لم يكن هذا هو الحال مع أدم؟! فأقول لك قارن بين عمل آدم وعمل إبليس في هذه المرحلة، أين عمل آدم؟! نعم لم يكن لآدم عمل بالمقارنة مع إبليس الذي عبد الله ولم يترك بقعة على وجه الأرض إلا وسجد له فيها، وهذه هو السبب نفسه الذي جعل الله يعطي إبليس النظرة إلى آخر الدنيا، نعم، لا زال باب التوبة مفتوح امام إبليس وسيبقى إلى يوم القيامة، حتى أنه يروى أن إبليس طلب من سيدنا موسى أن يسأل له ربه المغفرة، فطلب منه عز وجل أن يسجد لقبر آدم مقابل المغفرة، إلا أن أبليس رفض من جديد قائلاً لم أسجد له حياً أفسجد له ميتاً.

11. لنعد لآدم وحواء مرة أخرى، وننظر، سنجد اولا: أن دخول آدم وحواء للجنة كان بلا عمل بل برحمة الله، وسنجد ثانياً: أن دخول آدم وحواء للجنة كان بشرط، أن لا يأكلا من هذه الشجرة المحددة، فالدخول برحمة الله.

12. أما خروجهما من الجنة فكان بما إكتسبت أيديهما من المعصية، فالله أدخلهما الجنة بلا عمل، وهما أخرجا نفسيهما من الجنة بالمعصية.

13. قد تسألني الآن (هل هذا يعني أن آدم وحواء اخرجانا من الجنة؟ وسأجيبك، بالطبع لا، فأنت لم تدخل الجنة حتى يخرجك آدم منها، صحيح أنك كنت محمول في ظهر سيدنا آدم، ولكن لم يقدر الله لك العيش في الجنة حينها، وهذا هو امر الله.

14. ستسالني الآن، ولكن لو لم يخرج آدم من الجنة لخرجنا من ظهره ووجدنا أنفسنا في الجنة! وسأقول لك وما يدرك؟ كيف تعلم أن الله سيخرجك من ظهر آدم وآدم في الجنة؟ من أخبرك بهذا؟ وما الذي يمنع أن تبقى في ظهره إلى أبد الآبدين ولا بلا إحساس ولا لك شعور ولا تدري أين أنت!

15. ولكني سافترض معك جدلاً أن هذا كان من الممكن أن يحدث، تعال نفترض أن الذرية خرجت من ظهر آدم وهو في الجنة، وأننا جميعها الآن في الجنة، فماذا سيحدث.

16. تذكر أن الذرية الآن في الجنة بلا عمل، والجنة درجات ومراتب، وأن كل واحد منا قد جلس في مرتبةٍ من مراتب الجنة، ما لا شك فيه، أن الجالس في المرتبة الأدنى سينظر للجالس في المرتبة الأعلى ويقول، يا الله، لما أجلسته في هذا المقام؟ وأجلستني في هذا المقام؟ أهو أفضل مني؟ ماذا فعل ليكون أفضل مني؟

17. حتى لو لم تقل هذا الكلام بصريح العبارة ستكتمه في نفسك كم كتمته الملائكة، وهذا معناه أنك ستعتقد أن الله قد ظلمك!!! وهذا هو الأمر الخطير، أن نعتقد الظلم على الله.

18. أرأيت، لم يكن مقدر لنا دخول الجنة مباشرةً، لأن في هذا حيرة لأنفسنا وعذاب لها، لذلك فقد خلق الله الموت والحياة والسماوات والأرض، وأهبطنا من السماء للارض لنعمل ونعود للجنة ونجلس في مقاعدنا بناءا على عملنا وفي هذا راحة عظيمة لأنفسنا.

19. وهذا هو السبب نفسه الذي جعل معصية آدم سببا في خروجه مقاميا ومكانيا بنفس الوقت، لحاجةٍ خدم فيها آدمُ ذريتَه، فخروجه كان مصلحةً للناس أجمعين.

أكتفي بهذا المقدار، على أمل وجود أسئلة جميلة ومفيدة كسؤالك أخي علاء، وإلى لقاء، أخوك: الشيخ خالد المغربي، منتدى المسجد الأقصى المبارك
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس