عرض مشاركة واحدة
 
  #15  
قديم 12-19-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق 1-2

تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق 1-2
{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ }


في إعراب { ٱلْحَمْدُ للَّهِ }

وقد اختلف القرّاء في قوله: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } ، فقرأت العامّة بضمّ الدال على الابتداء، وخبره فيما بعده. وقيل: على التقديم والتأخير، أي لله الحمد.

وقيل: على الحكاية. وقرأ هارون بن موسى الأعور ورؤبة بن العجاج بنصب الدال على الإضمار، أي أحمد الحمد؛ لأن الحمد مصدر لا يثنّى ولا يجمع. وقرأ الحسن البصري بكسر الدال، أتبع الكسرة الكسرة. وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة الشامي بضم الدال واللام، أتبع الضمة الضمّة.

{ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } قرأ زيد بن علي: { رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } بالنصب على المدح، وقال أبو سعيد ابن أوس الأنصاري: على معنى أحمد ربّ العالمين. وقرأ الباقون { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } بكسر الباء، أي خالق الخلق أجمعين ومبدئهم ومالكهم والقائم بأمورهم، والرب بمعنى السيّد، قال الله تعالى:

{ ٱذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ } [يوسف12: 42]

أي سيّدك، قال الأعشى:

واهلكن يوماً ربّ كندة وابنهوربّ معبين خبت وعرعر
وربّ عمر والرومي من رأس حضيةوأنزلن بالأسباب رب المشقرة


يعني: رئيسها وسيّدها.

ويكون بمعنى المالك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أربُّ إبل أنت أم رب غنم؟ ". فقال: من كل قد آتاني الله فأكثر وأطنب " وقال طرفة:

كقنطرة الرومي أقسم ربهالتكتنفنّ حتى تشاد بقرمد


وقال النابغة:

وإن يك ربّ أذواد فحسبيأصابوا من لقائك ما أصابوا


ويكون بمعنى الصاحب، قال أبو ذؤيب:

فدنا له رب الكلاب بكفّهبيض رهاب ريشهن مقزع


ويكون بمعنى المرعى، يقول: ربّ يربّ ربابة وربوباً، فهو ربّ، مثل برّ وطب، قال الشاعر:

يربّ الذي يأتي من العرف إنهإذا سئل المعروف زاد وتمّما


ويكون بمعنى المصلح للشيء، قال الشاعر:

كانوا كسالئة حمقاء إذحقنتسلاءها في أديم غير مربوب


أي غير مصلح.

وقال الحسين بن الفضل: الرب: اللبث من غير إثبات أحد، يقال: ربّ بالمكان وأربّ، ولبث وألبث إذا أقام وفي الحديث أنه كان يتعوّذ بالله من فقر ضرب أو قلب قال الشاعر:

ربّ بأرض تخطّاها الغنم لب بأرض ما تخطاها الغنم


وهو الاختيار؛ لأن المتكلمين أجمعوا على أنّ الله لم يزل ربّاً وسمعت أبا القاسم بن حبيب يقول: سمعت أبي يقول: سئل أبو بكر محمد بن موسى الواسطي عن الرب، فقال: هو الخالق ابتداءً، والمربي غذاءً، والغافر انتهاءً. ولا يقال للمخلوق: هو الرب، معرّفاً بالألف واللام، وإنما يقال على الإضافة: هو رب كذا؛ لأنه لا يملك الكل غير الله، والألف واللام تدلاّن على العموم. وأمّا العالمون فهم جمع عالَم، ولا واحد له من لفظه، كالأنام والرهط والجيش ونحوها.

واختلفوا في معناه، حدّثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن، أخبرنا أبو إسحاق بن أسعد بن الحسن بن سفيان عن جدّه عن أبي نصر ليث بن مقاتل عن أبي معاذ الفضل بن خالد عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم عن الربيع بن أنس عن شهر بن حوشب عن أبي بن كعب قال: العالمون هم الملائكة، وهم ثمانية عشر ألف ملكاً منهم أربعة آلاف وخمسمائة ملك بالمشرق، وأربعة آلاف وخمسمائة ملك بالمغرب، وأربعة آلاف وخمسمائة ملك بالكهف الثالث من الدنيا، وأربعة آلاف وخمسمائة ملك في الكهف الرابع من الدنيا، مع كل ملك من الأعوان ما لا يعلم عددهم إلاّ الله عزّ وجلّ ومن ورائهم أرض بيضاء كالرخام.
-1-

... مسير الشمس أربعين يوماً، طولها لا يعلمه إلاّ الله عزّ وجلّ مملوءة ملائكة يقال لهم الروحانيون، لهم زجل بالتسبيح والتهليل، لو كشف عن صوت أحدهم لهلك أهل الأرض من هول صوته فهم العالمون، منتهاهم إلى حملة العرش.

وقال أبو معاذ [النحوي]: هم بنو آدم.

وقال أبو هيثم خالد بن يزيد: هم الجن والإنس؛ لقوله تعالى:

{ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } [الفرقان25: 1]،

وهي رواية عطية العوفي وسعيد بن جبير عن ابن عباس.


وقال الحسين بن الفضل: العالمون: الناس، واحتجّ بقوله تعالى:


وقال العجاج: بخلاف هذا العالم.

وقال الفراء وأبو عبيدة: هو عبارة عمن يعقل، وهم أربع أمم: الملائكة، والجن، والإنس، والشياطين، لا يقال للبهائم: عالم. وهو مشتق من العلم، قال الشاعر:

ما إن سمعت بمثلهم في العالمينا


وقال عبد العزيز بن يحيى الكناني: هم أهل التنزيه من الخلق. وقال عبد الرَّحْمن بن زيد ابن أسلم: هم المرتزقون. وقال الخضر بن إسماعيل: هو اسم الجمع الكثير، قال ابن الزبعري:

إني وجدتك يا محمد عصمةللعالمين من العذاب الكارث


وقال أبو عمرو بن العلاء: هم الروحانيون. وهو معنى قول ابن عباس: كل ذي روح دبّ على وجه الأرض. وقال سفيان بن عيينة: هو جمع للأشياء المختلفة.

وقال جعفر بن محمد الصادق: " العالمون: أهل الجنة وأهل النار ". وقال الحسن وقتادة ومجاهد: هو عبارة عن جميع المخلوقات، واحتجوا بقوله:


واشتقاقه على هذا القول من (العلم) و (العلامة)؛ لظهورهم ولظهور أثر الصنعة فيهم ثم اختلفوا في مبلغ العالمين وكيفيتهم، فقال سعيد بن المسيب: لله ألف عالم؛ منها ستمائة في البحر وأربعمائة في البر. وقال الضحاك: فمنهم ثلاثمائة وستون عالماً حفاة عراة لا يعرفون مَن خالقهم، وستون عالماً يلبسون الثياب. وقال وهب: لله تعالى ثمانية عشر ألف عالم، الدنيا عالم منها، وما العمارة في الخراب إلا كفسطاط في الصحراء. وقال أبو سعيد الخدري: إن لله أربعين ألف عالم، الدنيا من شرقها إلى غربها عالم واحد. وقال أبو القاسم مقاتل بن حيان: العالمون ثمانون ألف عالم؛ أربعون ألفاً في البرّ وأربعون ألفاً في البحر. وقال مقاتل بن سليمان: لو فسّرت { ٱلْعَالَمِينَ } ، لاحتجت إلى ألف جلد كل جلد ألف ورقة. وقال كعب الأحبار: لا يحصي عدد العالمين إلاّ الله، قال الله:

{ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ } [المدّثر74: 31].

-2-
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس