عرض مشاركة واحدة
 
  #4  
قديم 12-18-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق 1-3

تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق 1-3

{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }


القراءة: أجمع القراء على ضمّ الدال من الحمد وكسر اللام من لله وروي قي الشواذ بكسر الدال واللام. وبفتح الدال وكسر اللام. وبضم الدال واللام. وأجمعوا على كسر الباء من رب. وروي عن زيد بن علي فتح الباء ويحمل على أنه بيَّن جوازه لا إنه قراءة.

اللغة: الحمد والمدح والشكر متقاربة المعنى والفرق بين الحمد والشكر أنَّ الحمد نقيض الذم كما أنَّ المدح نقيض الهجاء. والشكر نقيض الكفران. والحمد قد يكون من غير نعمة والشكر يختص بالنعمة إِلا أن الحمد يوضع موضع الشكر ويقال: الحمد لله شكراً فينصب شكراً على المصدر ولو لم يكن الحمد في معنى الشكر لما نصبه فإِذا كان الحمد يقع موقع الشكر فالشكر هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب التعظيم ويكون بالقلب وهو الأصل ويكون أيضا باللسان وإنما يجب باللسان لنفي تهمة الجحود والكفران وأما المدح فهو القول المنبئ عن عظم حال الممدوح مع القصد إِليه (وأما الرب) فله معان (منها) السيد المطاع كقول لبيد:

وَأَهْلَكنَ قِدْماً ربَّ كِنْدَةَ وَابْنَهورَبَّ مَعَدّ بَينَ خَبتِ وَعَرْعَرِ


أي سيد كِندة (ومنها) المالك نحو قول النبي لرجل: " أرَبّ غنم أم رَبّ أبل " فقال من كلّ ما آتاني الله فأكثر وأطيب.

(ومنها) الصاحب نحو قول أبي ذؤيب:

قَدْ نَالهُ رَبُّ الكِلاَبِ بِكَفِّهِبِيْضٌ رِهابٌ رِيْشُهُنَّ مُقَزَّعُ


أي صاحب الكِلاب (ومنها) المرِبّب (ومنها) المصلح واشتقاقه من التربية يقال ربيته وربيته بمعنى وفلان يرب صنيعته إذا كان ينمّمها ولا يطلق هذا الاسم إلا على الله ويقيد في غيره فيقال رب الدار ورب الضيعة و(العالمون) جمع عالم والعالم جمع لا واحد له من لفظه كالنفر والجيش وغيرهما واشتقاقه من العلامة لأنه يدل على صانعه, وقيل: إنه من العلم لأنه اسم يقع على ما يعلم وهو في عرف اللغة عبارة عن جماعة من العقلاء لأنهم يقولون جاءني عالم من الناس ولا يقولون جاءني عالم من البقر وفي المتعارف بين الناس هو عبارة عن جميع المخلوقات وتدل عليه الآية

{ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ *قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } [الشعراء26: 23-24]

وقيل إنه اسم لكل صنف من الأصناف وأهل كل قرن من كل صنف يسمى عالماً ولذلك جمع فقيل عالمون لعالم كل زمان وهذا قول أكثر المفسرين كابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة وغيرهم وقيل العالم نوع ما يعقل وهم الملائكة والجن والإنس وقيل الجن والإنس لقولـه تعالى:


الإعراب: الحمد رفع بالابتداء والابتداء عالم معنوي غير ملفوظ به وهو خلوُّ الاسم من العوامل اللفظية ليسند إليه خبر وخبره في الأصل جملة هي فعل مسند إلى ضمير المبتدأ وتقديره الحمد حقَّ أو استقر لله إِلا أنه قد استغنى عن ذكرها لدلالة قولـه لله عليها فانتقل الضمير منها إِليه حيث سدّ مسدّها وتسمى هذه جملة ظرفية هذا قول الأخفش وأبي علي الفارسي وأصل اللام للتحقيق والملك, وأما فتح الدال فعلى المصدر تقديره أحمد الحمد لله أو أجعل الحمد لله إلا أن الرفع بالحمد أقوى وأمدح لأن معناه الحمد وجب لله أو استقرَّ لله وهذا يقتضي العموم لجميع الخلق وإذا نصب الحمد فكان تقديره أحمد الحمد كان مدحاً من المتكلم فقط, فلذلك اختير الرفع ومن كسر الدال واللام أتْبَعَ حركة الدال حركة اللام ومن ضمهما أتْبَعَ حركة اللام حركة الدال وهذا أيسر من الأول لأنه اتبع حركة المبني حركة الإعراب والأول اتبع حركة المعرب حركة البناء واتبع الثاني الأول وهو الأصل في الإتباع والذي كسر أتبع الأول الثاني وهذا ليس بأصل, وأكثر النحويين ينكرون ذلك لأن حركة الإعراب غير لازمة فلا يجوز لأجلها الاتباع ولأنّ الاتباع في الكلمة الواحدة ضعيف نحو الحُلم فكيف في الكلمتين.
-1-

وقال أبو الفتح بن جني: في كسر الدال وضم اللام هنا دلالة على شدة ارتباط المبتدأ بالخبر لأنه اتبع فيهما ما في أحد الجزءين ما في الجزء الآخر وجعل بمنزلة الكلمة الواحدة نحو قولك: أخوك وأبوك, وأصل هذه اللام الفتح لأنّ الحرف الواحد لاحظّ له في الإعراب ولكنه يقع مبتدأ في الكلام ولا يبتدئ بساكن فاختير له الفتح لأنه أخفّ الحركات. تقول: رأيت زيداً وعمراً قالوا ومن عمراً - مفتوحة - وكذلك الفاء من فعمراً إِلا أنهم كسروها لأنهم أرادوا أن يفرقوا بين لام الملك ولام التوكيد إذا قلت: إن المال لهذا أي في ملكه وأن المال لهذا أي هو هو.

وإِذا أدخلوا هذه اللام على مضمر ردوها إلى أصلها وهو الفتح قالوا لك وله لأن اللبس قد ارتفع وذلك لأن ضمير الجر مخالف لضمير الرفع إِذا قلت إن هذا لك وأن هذا لأنت إِلا أنهم كسروا مع ضمير المتكلم نحو لي لأن هذه الياء لا يكون ما قبلها إِلا مكسوراً نحو غلامي وفرسي وهذا كله قول سيبويه وجميع النحويين المحققين وليس من الحروف المبتدأ بها مما هو على حرف واحد حرف مكسور إِلا الباء وحدها وقد مضى القول فيه وأما لام الجزم في ليفعل فإِنما كسرت ليفرق بينها وبين لام التوكيد نحو ليفعل فاعلم و { رب العالمين } مجرور على الصفة والعامل في الصفة عند أبي الحسن الأخفش كونه صفة فذلك الذي يرفعه وينصبه ويجرُّه وهو عامل معنوي كما أن المبتدأ إِنما رفعه الابتداء وهو معنى عمل فيه واستدلَّ على أن الصفة لا يعمل فيه ما يعمل في الموصوف بأنك تجد في الصفات ما يخالف الموصوف في إعرابه نحو أيا زيد العاقل لأن المنادى مبني والعاقل الذي هو صفته معرب ودليل ثان وهو أن في هذه التوابع ما يعرب بإعراب ما يتبعه ولا يصح أن يعمل فيه ما يعمل في موصوفه وذلك نحو أجمع وجمع وجمعاء ولما صحَّ وجوب هذا فيها دلَّ على أن الذي يعمل في الموصوف غير عامل في الصفة لاجتماعهما في أنهما تابعان.
-2-

وقال غيره من النحويين العامل في الموصوف هو العامل في الصفة ومن نصب رب العالمين فإِنما ينصبه على المدح والثناء كأنه لما قال الحمد لله استدل بهذا اللفظ على أنه ذاكر لله فكأنه قال اذكر رب العالمين فعلى هذا لو قرئ في غير القرآن رب العالمين مرفوعاً على المدح أيضاً لكان جائزاً على معنى هو رب العالمين قال الشاعر:

لا يَبْعُدَنْ قَوْمِي الَّذيْنَ هُمُسُمُّ العِداةِ وآفَةُ الجُزْرِ
النَّازلينَ بِكلّ مُعْتَرَكٍوالطيِّبْون معاقِدُ الأُزْرِ


وقد روي النازلون والنازلين والطيبون والطيبين والوجه في ذلك ما ذكرناه, و { العالمين } مجرور بالإضافة والياء فيه علامة, وحرف الإعراب وعلامة الجمع والنون هنا عوض عن الحركة في الواحد وإِنما فتحت فرقاً بينها وبين نون التثنية تقول هذان عالمان فتكسر نون الاثنين لالتقاء الساكنين, وقيل إِنما فتحت نون الجمع وحقها الكسر لثقل الكسرة بعد الواو كما فتحت الفاء من سوف والنون من أين ولم تكسر لثقل الكسرة بعد الواو والياء.

المعنى: معنى الآية أن الأوصاف الجميلة والثناء الحسن كلها لله الذي تحق له العبادة لكونه قادراً على أصول النعم وفاعلاً لها ولكونه منشئاً للخلق ومربيّاً لهم ومصلحاً لشأنهم, وفي الآية دلالة على وجوب الشكر لله على نعمه وفيها تعليم للعباد كيف يحمدونه.
-3-
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس