عرض مشاركة واحدة
 
  #2  
قديم 08-15-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: شهر الصيام وإنتصارات المسلمين


وجوب توحيد يومي الصيام والفطر

بسم الله الرحمن الرحيم
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق

عين الله سبحانه وتعالى يوم الصوم ويوم العيد تعيينا واضحا ، وجاءت النصوص الشرعية صريحة في هذا الشأن ، قال صلى الله عليه وسلم : ( الشهر تسع وعشرون ، فإذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، فإن غم عليكم فاقدروا له ) ، وقال عليه السلام ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) ، وقول الرسول ( صوموا ) وقوله ( أفطروا ) عام يشمل عموم الناس في كافة أقطار الأرض ، وهو دليل شرعي على أن رؤية هلال رمضان وثبوت هذه الرؤية تعين يوم بدء الصوم لجميع المسلمين في جميع أقطـار الدنيا ، لا فرق بين بلد وبلد ، ولا بين مسلم ومسلم ، ويوجب على المسلمين جميعا أن يصوموا ويأثمون إذا هم أفطروا ، وكذلك فإن رؤية هلال شوال وثبوت هذه الرؤية تعين يوم العيد لجميع المسلمين في الدنيا ، وبثبوت هذه الرؤية يجب على المسلمين جميعا أن يفطروا ويحرم عليهم أن يصوموا . فالحكم الشرعي أنه إذا رأى الهلال أهل بلد فقد رآه المسلمون جميعا . ومن رأى حجة على من لم ير .

ويؤيد هذا أن الصحابة رضوان الله عليهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يصومون ويفطرون في يوم واحد رغم اختلاف مناطقهم ، فكانوا إذا رآه أهل المدينة يصوم أهل مكة وأهل اليمن وأهل البحرين أو يفطرون معا دون أدنى تردد . روى جماعة من الأنصار ، قالوا : ( غم علينا هلال شوال فأصبحنا صياما ، فجاء ركب من آخر النهار ، فشهدوا عند رسول الله أنهم رأوا الهلال بالأمس ، فأمر الناس أن يفطروا يومهم ، وأن يخرجوا لعيدهم الغد ) .

فالدليل الشرعي ينص بشكل لا لبس فيه ولا إبهام سواء بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو بما كان يجري على عهده أن اليوم الذي يجب على جميع المسلمين أن يبدءوا فيه الصيام هو يوم واحد لا يختلف ويحرم اختلافه ، وأن اليوم الذي يجب على جميع المسلمين أن يجعلوه يوم فطرهم أي عيدهم هو يوم واحد لجميع المسلمين لا يختلف ويحرم اختلافه .

إلا أن بلاد المسلمين ـ منذ بداية عهود الاستعمار ـ قد تم تقسيمها إلى دويلات منفصل بعضها عن بعض في كل شأن من شؤونها ، ومن ذلك شأن الصيام ممثلا بتحديد يوم بدء الصوم ، ويوم العيد ، فصارت كل بلد تقرر هذا الشأن منفردة ، وبعضها يعتمد في تقرير ذلك على الحسابات الفلكية المتعلقة بوقت تولد الهلال ، وهذه مخالفة صريحة للحكم الشرعي لا تحتاج لكثير بيان ، لأن الحكم الشرعي لم يعلق بدء الصوم وانتهائه بتولد الهلال بل برؤيته ، سواء كانت الحسابات الفلكية دقيقة أو غير دقيقة وسواء طابقت الرؤيـة أو خالفتها .

أما البلدان التي تعتمد الرؤية في إثبات الشهر ، فإن كلا منها تفعل ذلك منفردة ، وتعتمد معظم الدول رؤيتها الخاصة ، ولا تصوم لرؤية غيرها من الدول ، مما أدى إلى الاختلاف في بدء الصوم والعيد بين هذه الدول في سنوات عديدة ، ولعبت الخصومات السياسية في أحيان كثيرة دورها في تأخير يوم بدء الصوم أو تقديمه حتى وصل الحال في إحدى السنوات أن يكون الفرق في بدء الصوم يومين اثنين بين دول متجاورة ، ولا يهم أن يفطر الناس في رمضان ، ويصوموا يوم العيد !! ولا بأس أن يختلف المسلمون في يوم عيدهم ما داموا يوحدون احتفالهم برأس السنة الميلادية !!

إن من أوضح الأمور ـ مهما اختلف الرأي بين المسلمين ـ أن الحدود المصطنعة التي ركزها الكفار الغربيون في بلاد المسلمين لا قيمة لها ويحرم السكوت على بقائها واستمرار وجودها ، فكيف وقد صارت تفسد على المسلمين شؤون عباداتهم ؟! وكيف يقبل مسلم على وجه الأرض أن يكون خط خطه كافر سببا في اختلافه مع مسلم آخر في يوم صومه وعيده ؟! وهو خط يمكن أن يكون قد قسم قرية إلى نصفين فجعل نصفها محمية لحاكم ونصفها الثاني محمية لحاكم آخر !! وهل يلجأ المسلمون في المناطق الحدودية المختلف عليها والمناطق الحدودية المحايدة إلى القرعة عند الاختلاف في تحديد يوم بدء الصوم أو يوم العيد ؟!

ونقول لعلماء السلاطين الذي جعلوا من فكرة اختلاف المطالع مسوغاً لاستقلال كل دولة من " دول الكفر في بلاد المسلمين " في تحديد يوم صومها ويوم عيدها ، نقول لهؤلاء هل تم تقسيم البلاد على أساس هذا الاختلاف المزعوم للمطالع حتى تصلح أن تكون أساساً لهذا الاستقلال ومناطاً للحكم الشرعي ؟‍‍‍! أم أنه النفاق للحاكم ولو أدى إلى العبث بالأحكام الشرعية وَلَيّ أعناق النصوص وتطويعها حتى يرضى عنها الطواغيب ؟‍!

أيها المسلمون . .

إن الإسلام يوجب عليكم أن تكونوا أمة واحدة ضمن كيان سياسي واحد هو الدولة الإسلامية ، ويفرض أن تكون حربكم واحدة وسلمكم واحد وعيدكم واحد وصومكم واحد ، وأن تكون قوتكم مجتمعة ، ومسؤوليتكم عن حراسة الإسلام مسؤولية جماعيـة لا فردية . فالإسلام مسؤولية المسلمين جميعهم لا مسؤولية حزب أو جهة ، والله الذي فرض الصيام ، فرض على المسلمين أن يكونوا أمة واحدة تعمل لإعلاء كلمة الله وتمكين دينه وإظهاره على الدين كله .

والمسلمون قادرون على استعادة الثقة بأنفسهم ، وقادرون على النهوض من عثرتهم وكسر قيود الذل التي كبلتهم ردحـا من الزمن ، وما عليهم ـ لتحقيق ذلك ـ إلا أن يباشروا منذ الآن وفي كل حين وفي كل أمر إظهار انحيازهم لدينهم وعقيدتهم ، وإظهار وقوفهم في غير الجهة التي يقف فيها أعداء الإسلام من الكفار والحكام وأذنابهم من العلماء والمفكرين وغيرهم . فالمسألة كلها تكمن في أن يتخلى المسلمون عن مواقف اللامبالاة والحيادية وأن يباشروا إظهار انحيازهم لدينهم في كل مناسبة وفي كل الأوقات وفي كل شأن من شؤون حياتهم صغيرا كان أم عظيما . فهم قادرون على إحباط مسعى كل من يريد أن يظهرهم وكأن لا دين لهم بمجرد الامتناع عن كل عمل يأخذ مظهرا عاما ويكون فيه مخالفة لما يجب أن يكون عليه حال المسلمين ومظهرهم ، وبمجرد قيامهم بكل عمل يجب عليهم القيام به قياما يبرز فيه ما يجب أن يكون عليه حال المسلمين مظهرهم .

ومن ذلك الامتناع عن إظهار البهجة والاحتفال بما يجري اصطناعه من أعياد مخالفة للشرع في بلاد المسلمين . فالحكم الشرعي في الأعياد معروف ، ومعروف أن الإسلام اختص المسلمين بعيدين اثنين لا ثالث لهما ، وأن الاحتفال بأعياد الكفار حرام شرعا ، وتقليد الكفار فيما هو من أمور الدين أو من الشعارات الدالة على الجماعات منهي عنه نهيا جازما ، وأن التشبه بهـم في ذلك حرام . فكيف لمسلم بعد ذلك أن يظهر احتفاءه وبهجته بالكريسماس أو راس السنة الميلادية أو عيد ميلا الملك أو عيد الثورة العربية وما إلى ذلك من الأعياد ؟! وبالمقابل فإن على المسلمين أن يظهروا ابتهاجهم واحتفاءهم بعيدي الأضحى والفطر ومن ذلك خروجهم لمصلى العيد وسيرهم إليه جماعات جماعات مهللين مكبرين .

أما وقد أهل علينا شهر رمضان الذي تفتح فيه أبواب الرحمة وتغلق فيه أبواب جهنم ، فإن الواجب على المسلمين أن يصوموا في يوم واحد وأن يفطروا في يوم واحد مع أول إعلان يثبت رؤية الهلال في أيد بلد من بلدان المسلمين ، وعلى المسلمين أن يظهروا صومهم وإفطارهم بشكل واضح في البلدان التي تخالف في ذلك .

فالمسلمون بين خيارين لا ثالث لهما ، إما طاعة المخلوق ، وإما طاعة الخالق ما دام في طاعة المخلوق معصية للخالق ، ولا سبيل لنيل رضى إلا بطاعة الخالق والوقوف عند أمره ونهيه ، وكما أن الالتزام بشرع الله في كل أمر واجب على كل مسلم ، فإن إظهار هذا الالتزام في كل أمر عام وظاهر هو بداية الطريق لكي يستشعر المسلمون قدرتهم على الخلاص مما هم فيه وقدرتهم على تحصيل المنالات الصعبة ، وقدرتهم على رفع آسار الذل والعبودية عن كواهلهم ، والسير في دروب العز والفخار .

قال تعالى : { فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } .

رد مع اقتباس