إيجار ليموزين في مطار القاهرة  آخر رد: الياسمينا    <::>    ليموزين المطار في مصر الرفاهية والراحة في خدمة المسافرين  آخر رد: الياسمينا    <::>    حفل تكريم أوائل الثانوية العامة للعام الدراسي 2023.  آخر رد: الياسمينا    <::>    دورة البادل، كانت فكرة وبالجهد نجحت  آخر رد: الياسمينا    <::>    لاونج بموقع مميز ودخل ممتاز للتقبيل في جدة حي الخالدية  آخر رد: الياسمينا    <::>    تورست لايجار السيارات والليموزين في مصر  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    المحامية رباب المعبي تحاضر عن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإر...  آخر رد: الياسمينا    <::>    مساعدة عائلة محاصرة في قطاع غزة يواجهون مخاطر الموت  آخر رد: الياسمينا    <::>   
 
العودة   منتدى المسجد الأقصى المبارك > مكتبة الأقصى الخثنية > منتدى الفرق الإسلامية

 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
 
  #1  
قديم 06-01-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي من كتابات هشام العارف


متى يصير الصفُّ موحَّدا؟ ومتى تجتمع الكلمةُ؟

إعداد: هشام بن فهمي العارف
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد ،
يشهد العالم الإسلامي اليوم انقسامات، وتصدعات، وخلافات في الرأي، ولا يسع العالم العاقل في مثل هذه الأزمات إلا توجيه النصيحة من أبواب عدة:
باب التبليغ وأداء ما يلزمه من البيان القائم على الكتاب والسنة في جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفهم .
وباب الإفصاح عن حرص الصحابة والسلف أن تكون كلمة الله هي العليا لأنها هي الفيصل في جمع الكلمة وتوحيد الصف.
وباب العبرة فيما وقعت فيه الأمم السابقة بعد أن اختلفت كلمتها وتفرق صفها.
وقد حرص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على تناول سورة (ق) (34/نزول) بالوعظ في خطبة الجمعة لأنها من أحسن الذكر وكانت خاتمتها قوله ـ تعالى ـ: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ(45).
قال الصنعاني ـ رحمه الله ـ في كتابه "سبل السلام" (2/49): "وكانت محافظته ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الخطبة ـ يعني يوم الجمعة ـ بسورة (ق) اختياراً منه لما هو أحسن في الوعظ والتذكير".
والذكر في اللغة والشرع: الصلاة، والطاعة، وقراءة القرآن، وتسبيح الله وتمجيده والثناء عليه. قال القرطبي في "الجامع": "وإذا قلنا بالذكر؛ الصلاة، فالخطبة ـ يعني يوم الجمعة ـ من الصلاة".
فقوله ـ تعالى ـ في سورة الجمعة (110/نزول): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ..(9).
قال ابن جرير الطبري قوله ـ تعالى ـ: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) يقول: "فامضوا إلى ذكر الله، واعملوا له، وأصل السعي في هذا الموضع العمل". هكذا قرأها عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فعن ابن وهب قال: حدثنا حنظلة بن أبي سفيان الجمحي، أنه سمع سالم بن عبد الله يحدث عن أبيه، أنه سمع عمر بن الخطاب يقرأ: (إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فامضوا إلى إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ). أخرجه ابن جرير الطبري في "الجامع" (28/100)، وسنده صحيح، وأخرجه الشافعي في "الأم" (1/196)، والبيهقي (3/227) عن سفيان بن عيينة به.
ونقل ابن كثير قول الحسن البصري: "أما والله ما هو بالسعي على الأقدام ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار، ولكن بالقلوب والنية والخشوع".
قال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/427): "وكان يعلِّمُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصحابه في خطبته قواعد الإسلام، وشرائعهم، ويأمرهم وينهاهم في خطبته إذا عرض له أمر أو نهي".
وإذا استنَّ خطيب الجمعة بسنة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ في خطبته فإنه يعمل على إحياء منهج النبوة في نفوس من أنصت له، لا سيما إن حرص في الخطبة على الثوابت الشرعية التي احتوتها سورة (ق) في زمان وصفه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: "كثير خطباؤه، قليل علماؤه، من استمسك بعشر ما يعرف فقد نجا". أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (100) وهو في "الصحيحة" (2510).
وفي رواية ـ لها حكم المرفوع ـ من قول عبد الله بن مسعود : "كثير قرَّاؤه، يحفظ فيه حروف القرآن، وتضَيَّع حدوده". رواها الإمام مالك في "الموطأ" (419).
قال العز بن عبد السلام ـ رحمه الله ـ: "ولو حدث في المسلمين حادث فلا بأس بالتحدث فيما يتعلق بذلك الحادث مما حث الشرع عليه، وندب إليه، كعدو يحضر، ويحث الخطيب على جهاده، والتأهب للقائه".
ولا شك أن معالجة ما يمر به المسلمون اليوم من تفرق الكلمة، يجب أن يكون من القرآن والسنة بفهم سلف الأمة، ويوم الجمعة يوم فضَّله الله على سائر الأيام وجعله عيداً لأمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد أن ضل عنه من قَبْلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، وكان من فضائله الاجتماع على الصلاة، والذكر، وقراءة القرآن، لتجتمع كلمة المسلمين على طاعة الله.
قال ابن كثير في "التفسير": إنما سميت الجمعة جمعة لأنها مشتقة من الجمع، فإن أهل الإسلام يجتمعون فيه في كل أسبوع مرة بالمساجد الكبار".
وقال: "وقد أمر الله المؤمنين بالاجتماع لعبادته يوم الجمعة .. .. وذكر الآية".
ولأهمية الذكر يوم الجمعة فقد سبق بمجموعة من الفروض والمستحبات لتحقيق أس مهم من أسس المنهج النبوي ألا وهو اجتماع الكلمة وعدم تفرقها وهي:
1- الاستعداد للجمعة بالتطهر البدني التابع للتطهر القلبي.
2- السعي بالتبكير للاجتهاد في المضي إلى الجمعة على نية صالحة وجوارح خاشعة.
3- الاستعداد السمعي التام لخطبة الإمام يوم الجمعة للحصول على الصفاء الذهني من أجل استيعاب الخطبة، ولخصت السنة هذا الاستعداد على النحو التالي:
أ - بالإضافة إلى ما سبق نهى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن التحلق للذكر قبل صلاة الجمعة.
ب - وأمر بالدنو من الإمام.
ج - وأمر بإقصار الخطب، ونهى عن إطالتها.
د - وأمر بالإنصات للخطيب والتفرغ الكامل لذلك.
ولما كانت الجمعة للاجتماع من أجل التزكية وتعلم الكتاب والحكمة للوصول إلى وحدة الكلمة بناء على الكتاب والسنة، كان من مقصودها بيان مسمى الصف إذ السورة تلت سورة الصف نزولاً ، وتلتها ترتيباً في المصحف.
فسورة الجمعة مقصودها بيان أول الصف واسمها الجمعة كما قال البقاعي ـ رحمه الله ـ:"أنسب شيء فيها لهذا المقصد بتدبر آياته وتأمل أوائله وغاياته الحاثة على قوة التواصل والاجتماع".
وبين السورتين من الارتباط ما يجعل المسلم عاجزاً عن دفع الحجة التي أقامها الله عن نفسه إذا هو أخل بالصف، أو أخلف بالكلمة، مع العلم أن السورتين تكرر النداء فيهما بـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا).
قال الإمام أبو جعفر بن الزبير: "لما ختمت سورة الصف بالثناء على الحواريين في حسن استجابتهم وجميل إيمانهم، وقد أمر المؤمنين بالتشبه بهم في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ..(14) كان ذلك مما يوهم فضل أتباع عيسى ـ عليه السلام ـ على أتباع محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاتبع ذلك بذكر هذه الأمة، والثناء عليها".
في"جامع الترمذي" كتاب الجمعة، باب ما جاء في القراءة في صلاة الجمعة: "استخلف مروان أبا هريرة على المدينة وخرج إلى مكة، فصلى بنا أبو هريرة يوم الجمعة فقرأ سورة الجمعة، وفي السجدة الثانية إذا جاءك المنافقون، قال عبيد الله: فأدركت أبا هريرة فقلت له: تقرأ بسورتين كان علي يقرأ بهما بالكوفة؟! قال أبو هريرة: أني سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقرأ بهما".
والحديث أخرجه مسلم، وأبوداود، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ومعلوم أن سورة "المنافقون" تتلو في ترتيب المصحف سورة الجمعة، مما يشعر أن مخالفة الفعل القول نفاق في الجملة. وقد جاء الزجر للمؤمنين في مطلع سورة الصف واضحاً بقوله ـ تعالى ـ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ(2).
الخطبة الثانية
فلا يفهم الباب الأول الذي أشرنا إليه في مقدمة المقال وهو باب التبليغ وأداء ما يلزمه من البيان القائم على الكتاب والسنة في جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفهم إلا بالإخلاص لله ـ تعالى ـ وسورة الصف نزلت بعد سورة التغابن، وفي سورة التغابن مقاصد مهمة تمهد لمعاني مهمة وردت في سورة الصف.
فكان من هذه المعاني قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(5)ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ(6).
وقوله ـ تعالى ـ: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(8).
وقوله ـ تعالى ـ (..وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(9)وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ(10).
وقوله ـ تعالى ـ: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ(12).
ويفهم الباب الثاني الذي أشرنا إليه في المقدمة وهو باب الإفصاح عن حرص الصحابة والسلف أن تكون كلمة الله هي العليا لأنها هي الفيصل في جمع الكلمة وتوحيد الصف، بعد الإخلاص لله ـ تعالى ـ لأن الباب الثاني يحتاج الإخلاص في المتابعة، وقد تابع الصحابة ـ رضوان الله عنهم ـ نبيهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ : فلما توحدوا في الطاعة، وكانوا صفاً واحداً، ناسب أن تكون سورة الفتح تالية لسورة الجمعة في النزول فصارت سورة الفتح في مقصودها بمثابة بيان غاية الظهور على أعداء الله وتحقق الانتصارات والفتوحات بسبب وحدة الصف وجمع الكلمة.
وقد افتتح الله تعالى سورة الفتح بقوله: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا(1). وختمها بقوله: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا(28)مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا(29).
ولذلك حذَّر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الافتراق، وحذَّر من اتباع الهوى، وحذَّر من الابتعاد عن منهج الفرقة الناجية، الطائفة المنصورة".
وهذا يفضي بدوره إلى فهم الباب الثالث الذي أشرنا له في المقدمة وهو باب العبرة مما وقعت فيه الأمم السابقة بعد أن اختلفت كلمتها وتفرق صفها.
فقد أخرج أحمد في مسنده ـ بإسناد صحيح ـ عَنْ أَبِي عَامِرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَامَ حِينَ صَلَّى صَلاةَ الظُّهْرِ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ:
"إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا فِي دِينِهِمْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الأمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً يَعْنِي الأهْوَاءَ، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلا وَاحِدَةً وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الأهْوَاءُ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلَبُ بِصَاحِبِهِ لا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلا مَفْصِلٌ إِلا دَخَلَهُ".
وَاللَّهِ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ لَئِنْ لَمْ تَقُومُوا بِمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّكُمْ ـ صلى الله عليه وسلم ـ لَغَيْرُكُمْ مِنَ النَّاسِ أَحْرَى أَنْ لا يَقُومَ بِهِ.
قال ابن قيم الجوزية - رحمه الله -: "وهذا يدلك على أن فيصل التفريق بين الحق والباطل إنما هو اتباع الصحابة فيما كانوا عليه، لأن كل الفرق المنحرفة تنتسب إلى السنة، ولا تجرؤ على التبرؤ منها.
وقال: ولا بد أن يكون الوصف المؤثر في هلاك تلك الفرق، والذي تعلق به وقوعهم تحت الوعيد هو مخالفة هدى الصحابة؛ ما دام أن الوصف الوحيد المؤثر في النجاة ـ كما ذكر الحديث ـ موافقة منهاج النبوة، وسبيل المؤمنين الذي كان عليه الصحابة.
وهذا يقتضي أن اتباع منهج الصحابة وما كانوا عليه، مما تلقوه من كتاب الله وسنة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ واجب يهلك بتركه الهالكون، ويسعد بأخذه الفائزون، وهو اتباع أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم في التدين كله.أ.هـ
رد مع اقتباس
 
 
  #2  
قديم 06-01-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: من كتابات هشام العارف


فتنة الهرج - 1
إعداد: هشام بن فهمي العارف
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد...؛
فتنة الهرج
أخرج الإمام أحمد ، والطبراني وهو في "صحيح الجامع" (2852) عن خالد بن الوليد عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
(1) "بين يدي الساعة أيام الهَرْج".
وعن معقل بن يسار ـ رضي الله عنه ـ؛ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
(2) "العبادة في الهَرَجِ كهجرةٍ إلي". رواه الإمام مسلم (2948)، والترمذي، وابن ماجه، والحديث أخرجه الإمام أحمد بلفظ: "العبادة في الفتنة كهجرةٍ إلي".
ومعنى الهرْج: قال في "النهاية": "أي: قتال واختلاط . وقد هرَجَ الناس يهرجون هرْجاً، إذا اختلطوا. وأصل الهَرْج: ـ بفتح الهاء وسكون الراء المهملة ـ الكثرة في الشيء والاتساع".
ويقع الهرج عند الاختلاف والفتن، وقد فسر في بعض الأحاديث بالقتل؛ لأن الفتن والاختلاف من أسبابه، فأقيم المسبَّب مكان السبب.
قال النووي في "شرح مسلم": "المراد بالهرْج هنا الفتنة، واختلاط أمور الناس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه: أن الناس يغفلون عنها، ويشتغلون عنها، ولا يتفرغ لها إلا أفراد"
ونقل المناوي في "فيض القدير" (4/373) قول ابن العربي: "وجه تمثيله بالهجرة: أن الزمن الأول كان الناس يفرُّون فيه من دار الكفر وأهله، إلى دار الإيمان وأهله، فإذا وقعت الفتن؛ تعيَّن على المرء أن يفر بدينه من الفتنة إلى العبادة، ويهجر أولئك القوم وتلك الحالة، وهو أحد أقسام الهجرة".
ونقل التويجري ـ رحمه الله ـ في كتابه "إتحاف الجماعة" (1/94) قول الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ: "وسبب ذلك أن الناس في زمن الفتن يتَّبعون أهواءهم ولا يرجعون إلى دين؛ فيكون حالهم شبيهاً بحال الجاهلية، فإذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينه، ويعبد ربه، ويتبع مراضيه، ويجتنب مساخطه، كان بمنزلة من هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مؤمناً به، متَّبعاً لأوامره، مجتنباً لنواهيه". انتهى كلام ابن رجب.
وقال الأُبّيُّ ـ رحمه الله ـ في كتابه "إكمال إكمال المعلم" (7/283): "الهرج: الفتنة والاختلاط، ووجه التشبيه: أن المهاجر فرَّ بدينه ممن يصدّه عنه إلى الاعتصام برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكذلك هذا المنقطع للعبادة في الفتنة فرَّ عن الناس بدينه إلى الاعتصام بعبادة ربه ـ عز وجل ـ فهو مهاجر إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ".أ.هـ
من أجل ذلك كان من المعاني المهمة لهذا الحديث: الترغيب في العمل الصالح عند فساد الزمان، ولأن الهجرة ـ في سبيل الله ـ من العمل الصالح، فالاشتغال بالطاعة والعبادة هجرة، لأن فيها ترك للخطايا والذنوب التي تجرّها الفتن، كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد وهو في "الصحيحة" (549):
(3) "ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب".
ومن معاني الهجرة: هجر ما نهى الله عنه، وهجر ما كرهه الله ـ عز وجل ـ وفي ذلك عبادة وطاعة؛ جاء في رواية أخرجها أحمد وهي في "الصحيحة" (553):
(4) "أفضل الهجرة: أن تهجر ما كره ربك ـ عز وجل ـ".
وقد بوَّب المنذري باباً بهذا المعنى في كتاب التوبة والزهد من كتابه المعروف المشهور "الترغيب والترهيب"، صدَّره بما رواه ابن ماجه، والترمذي، عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
(5) "فإن من ورائكم أيامَ الصبرِ، الصبرُ فيهن مثل القبضِ على الجمر، للعامل فيهن مثلُ أجرِ خمسين رجلاً يعملون مثلَ عمله".
وزاد أبو داود: "قيل: يا رسول الله! أجرُ خمسين رجلاً منا أو منهم؟ قال" "بل أجرُ خمسين منكم". وأخرج نحوه ابن نصر في "السنة" وهو في "الصحيحة" (494).
ومعلوم أن الصبر: خلق ودين، فيحتاج القائم على هذه العبادة إلى أمرين:
الأول: الفطنة في ضبط النفس عن التهور في اتخاذ القرار إذا ابتلي صاحبها بمصيبة ما من مصائب أيام الفتن. بحيث لا يغريه التهور الدخول في الفتنة والانشغال بها.
الثاني: عدم الغفلة عن الاستمرار في العبادة القائمة على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، والدعوة إلى الله على بصيرة. فعليه أن يشتغل بالذكر، والعلم، والتعليم، والعبادة لأن الأمور في فتنة الهرْج خاصةً تزداد اختلاطاً، وتتسع اختلافاً، بحيث لا ينجو من زحام تدافعها إلا القليل من القليل.
وقد روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" (15/40): عن حذيفة قال: "والله لا يأتيهم أمر يضجون منه، إلا أردفهم أمر يشغلهم عنه".
من أجل ذلك خصَّ الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ في "صحيحه" باباً في كتاب الفتن وأشراط الساعة سمَّاه "باب فضل العبادة في الهرج".
فالصبر والعبادة في الفتن لها أجر عظيم، كيف لا وقد حث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل دخول الفتن. فما بالك بالذي يعمل الصالح ـ متعبداً ربه عز وجل ـ أثناء حدوثها؟ أو على الأقل يكون في منأى عنها، جنَّبه الله إياها.
روى أبو داود في "سننه" وهو في "الصحيحة" (975) عن المقداد بن الأسود مرفوعاً:
(6) "إن السعيد لمن جُنِّب الفتن، ولمن ابتلي فصبر".
وأخرج الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً:
(7) "بادروا بالأعمال فتناً؛ كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل". وفي رواية: "يبيع أقوام دينهم بعرض الدنيا".
روى الترمذي "صحيح سنن الترمذي" (1789) عن الحسن: أنه كان يقول في هذا الحديث: "يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويصبح كافراً ويمسي مؤمناً" قال: " يصبح محرِّماً لدم أخيه وعرضه وماله، ويمسي مستحلاًّ له، ويمسي محرِّماً لدم أخيه وعرضه ماله، ويصبح مستحلاًّ له".
وعنه فيما أخرجه أحمد (4/272): "فوالله لقد رأيناهم صوراً ولا عقولاً، وأجساماً ولا أحلاماً، فراش نار وذباب طمع، يغدون بدرهمين ويروحون بدرهمين، يبيع أحدهم دينه بثمن العنز".
وأخرج ابن حبان "صحيح ابن حبان" (1583) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
(8) "لا تقوم الساعة؛ حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها".
المصدر وباقي الحلقات :http://www.aqsasalafi.com/aqsasalafimain/index.php
نظرت للرابط فهو لا يعمل وتركته للذكرى والتوثيق ، محطات في حياة الدعوة / بيت المقدس .
--------------------------------------------------------------------------------
التعديل الأخير تم بواسطة نائل سيد أحمد ; 14-02-2007 الساعة 02:16 PM
رد مع اقتباس
 
 
  #3  
قديم 07-22-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: من كتابات هشام العارف


فهرس مقالات فضيلة الشيخ
هشام بن فهمي العارف
المقدسي السلفي حفظه الله

ملحوظة / هذا الفهرس يتجدد لإضافة كل جديد من مقالات الشيخ حفظه الله
كتاب التفسير السلفي للقرآن الكريم

المقالات

نهاية معارضة علماء السوء جهاد الإمام محمد بن عبد الوهّاب جديد
عندما ظهر المسيح ـ عليه السلام ـ جديد
الصبر على الأذى في الحق لأهل العزائم جديد
السلفية حزب الله حقاً ولو كره الكارهون جديد
معاني الرجوليَّة عند السلفيين
قراطيس المبتدعة وأحكامهم
الدعوة السلفية أمام تحديات المنافقين الحلقة الثالثة
تعس عبد الدينار وعبد الدرهم
دعوة للوفاق وتحذير من أهل النفاق
المنافقون و خطر المداهة و واجب العلماء لإزالة هذا الداء
كشف أوراق منتدى النفاق
الدعوة السلفية أمام تحديات المنافقين الحلقة الثانية
الدعوة السلفية أمام تحديات المنافقين الحلقة الأولى
مأساتنا في بيت المقدس، كذبة والله !! لا يؤتمنون
ولنعم المصلّى هو
التقي يعتق و الشقي يوبق
الذي تجريه حماس على أرض غزة يخالف شرع الله تبارك و تعالى
التذكير بالقرآن على منهاج السلف من أجَّل النّعم
ذكِّر بالدعوة السلفية ولا تيأس
تقريظ كتاب "تنبيه الفطين إلى تهافت تأصيلات علي الحلبي المسكين" لأخينا الفاضل سعد بن فتحي الزعتري
إيش تقول خلاف هذا؟!!!! وأين تذهب خلاف هذا؟!!!!
السلفيون أهل النعمة المطلقة
لماذا المسجد الأقصى كثير البركة ؟!
من بركات بلاد الشام
حصار بيت المقدس
ولتكبّروا الله على ما هداكم
أسماء وفضائل سورة الفاتحة
روابط التذكرة
احذروا هذين المفتونَيْن
السلام من الإسلام والأمان من الإيمان
كتب سيد قطب فيها السموم الفتاكة والأسلحة المدمرة ـ للعلامة شيخنا ربيع المدخلي
الصبر على الأذى في الحق لأهل العزائم
وصف شياطين السلفي
لا تعرِّض نفسك لفتنة أكبر
الغرباء كما وصفهم ابن القيم ـ رحمه الله ـ
الدعوة السلفية أمر بالمعروف ونهي عن المنكر
نصيحتي الغالية إلى حيران
ليست بالتزكيات!! بل بالثبات
أذكياء الناس يحترسون ممن يخرج في زِيِّ مصلحٍ
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شرط في الفلاح والنصر
لحوم العلماء مسمومة للعلامة الشيخ عبيد الجابري
الخوارج ينعتون الرسل وأتباعهم بالعصبية والتشدد
الشجاعة في الحق خلق من الأخلاق الكريمة
من درر العلامة الشيخ محمد الخضر حسين
عواقب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
احذر متَّبعي المتشابه
خير ردٍّ على المجرمين
إفساد أهل الهوى والبدع
فاصبر لحكم ربك
أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حسنا
الفهم الصحيح نعمة
وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ
فضح تلبيسات فتوى انتخابات العراق للمركز العمّاني
وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لمّا صبروا
لزوم الحق وذم التعصب
أفضل رباطكم عسقلان
فضائل المسجد الأقصى في الكتاب العزيز و السنة الصحيحة
اتحاف الأبرار بترتيب خطوات الحج و العمرة باختصار
__________________

الأربعاء 30 رجب 1430هـ .
المصدر : http://vb.alaqsasalafi.com/showthread.php?t=572
رد مع اقتباس
 
 
  #4  
قديم 07-22-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: من كتابات هشام العارف

الأربعاء 30 رجب 1430هـ
الداعية والقراءة ..
الداعية يقرأ للجميع ..
المسلم يصبر ويتحلى بالصبر
المسلم صاحب صدر واسع ..
ـــــــــــــــ
الكلمات اعلاه لا علاقة لها بالموضوع هنا ..
ولكنها مقدمة لكل باحث
وهذا رابط للقراءة والمراجعة كتبه الشيخ هشام العارف :

http://vb.alaqsasalafi.com/showthread.php?t=1600

مرة أخرى ولكن عند التمايز والغربلة!!!

--------------------------------------------------------------------------------

مرة أخرى ولكن عند التمايز والغربلة !!!
الاتصال والتواصل عنوان مهم في حياة السلفي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد ،
في 23/صفر/1428 الموافق 13/3/2007 كتبت مقالة بعنوان "الاتصال والتواصل عنوان مهم في حياة السلفي" قلت فيها:
علماء الدين "السلفيون" أحوج الناس إلى التواصل والتعاون خصوصاً في العصر الذي تفشى فيه وباء الحزبية، وقلَّت الرغبة في العلوم الدينية القائمة على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، بل عمَّت النفرة عنها.
فلا يجوز للعالم السلفي أن يستغني برأيه عن رأي أخيه العالم السلفي، بل لا بد من المناظرة والمحاورة والتعاون.
قال الشيخ المعلمي اليماني ـ رحمه الله ـ في مطلع محاضرته التي ألقاها عام (1356) بعنوان "صفة الارتباط بين العلماء في القديم":
1- "كان العلماء في العصور الأولى متواصلين على بعد الأقطار وصعوبة الأسفار، فلا تكاد تطلع على ترجمة رجل منهم إلا وجدت فيها: ذكر ارتحاله في أوان الطلب إلى الأقطار النائية للقاء العلماء والأخذ عنهم، وسياحته بعد التحصيل، وكلما دخل بلدة سأل عمن بها من العلماء، واجتمع بهم واستفاد منهم وأفادهم، وبقي يواصلهم طول عمره بالمكاتبة والمراسلة، وكانت المكاتبات لا تنقطع بين علماء الأقطار لتبادل الأفكار في المسائل العلمية".
كم نحن بحاجة الآن في هذه الأيام إلى إحياء الاتصال والتواصل بين علماء الدعوة السلفية، من شتى بقاع الأرض والأقطار.
وقال الشيخ المعلمي اليماني في محاضرته:
2- "وهكذا يحج كل سنة جماعة من العلماء، ويرجع كل منهم ولم يجتمع بأحد من علماء الحرمين، أو العلماء الذين حجّوا من ذلك العام".
إننا بحاجة نحن الذين على الدعوة السلفية في أرجاء الأرض إلى توحيد الصف، لأننا نحن أولى الناس بقول نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
3- "أحسنوا إقامة الصفوف".["صحيح الجامع"(195)]
4- "سوّوا صفوفكم".["صحيح الجامع"(3647)]
5- "أقيموا صفوفكم".["صحيح الجامع"(1191)]
6- "رصّوا صفوفكم".["صحيح الجامع"(3505)]
إلى غير ذلك من النصوص. ومن الأفعال التي اقترنت بلام الأمر:
7- "لتقيمنَّ صفوفكم، أو ليخالفنَّ الله بين قلوبكم".["الصحيحة"(32)]
8- "لتسونَّ صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم".["صحيح الجامع"(3972)]
واستمراره ـ صلى الله عليه وسلم ـ على التحذير من عاقبة الاختلاف في الصف، وتأكيده على ضرورة تسوية الصف، مشعر أن هذه الشعيرة من الخطورة بمكان أن التفريط بها أو إهمالها، له عواقب سيئة.
إنها السنة النبوية النابعة من قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
9- "إنما أنا رحمة مِهداة".["الصحيحة"(490)]
لذلك جاء فهم السلف موافقاً العمل بهذه النصوص اتباعاً لسنة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وحباً في نيل محبة الله ـ تعالى ـ ومرضاته، ومراعاةً لعدم الوقوع في الخطيئة الكبيرة وهي: الفرقة والاختلاف. وانتصاراً للحق، وخذلاناً للباطل، وصوناً لوحدة الصف.
وقال الشيخ المعلمي اليماني ـ رحمه الله ـ:
10- "ولقد كان بعض العلماء يحج وأعظم البواعث له على الحج: الاجتماع بالعلماء، مع أن هذه العبادات ـ أعني الجماعة والجمعة والعيد والحج ـ من أعظم الحكم في شرعها: الاجتماع والتعارف، وتبادل الفوائد العلمية وغيرها".
إن مجتمعات العالم بأسره بحاجة إلى توجيهات وإرشادات علماء الدعوة السلفية، إن ما يشهده العالم من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، من فتن وويلات سببها معروف لدى علماء الدعوة السلفية وهو بعد الناس عن منهج النبوة، إن الناس جميعاً على الكرة الأرضية تنتظر تصرفكم بشأنها، هذا التصرف المبني على العلم النافع؛ القائم على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
فلماذا لا يعقد بين علماء الدعوة السلفية لقاء في مكة يتبادل فيه الجميع بصراحة؛ القصور الذي اعترى حملة الدعوة السلفية؟ وهم أولى الناس ببعضهم البعض فيعملون على إزالة هذا القصور الطاريء. في عالم انصاع كثير فيه إلى التكتلات والتجمعات والتحزبات البالية.
وقال الشيخ المعلمي اليماني:
11- "وكم من عالم تشكل عليه مسألة، أو يخشى أن يكون مخطئاً فيها، فلا يدعوه التوفيق إلى الاجتماع بغيره من العلماء والبحث معهم فيها، أو إلى مكاتبتهم في ذلك. هذا مع تيسر طرق المواصلات في هذه الأعصار، فأصبحت المسافة التي كانت لا تقطع إلا في أشهر أو سنين ـ مع المشاق والمخاوف والعوائق والقواطع ـ تقطع الآن في أيام ـ مع الأمن والراحة ـ وكذلك حال المكاتبات".
ألسنا نحن حملة الدعوة السلفية أحظى الناس بالاتفاق والاجتماع؟ لأننا نحن أولى الناس بنصوص الكتاب والسنة فهماً، لأننا قيَّدنا فهومنا بفهوم الصــحابة ـ رضوان الله عنهم ـ. وكيف تعامل الصحابة بالنص الوارد في سورة الصف
12- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ(4).
إن هذا النص في الكتاب العزيز من سورة الصف وهي مدنية، سبقه تزكية وتربية، فمن هذه التزكية والتربية ما فعله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ حيث علَّمهم إقامة الصف وتسويته في المسجد، لأن في الإقامة استقامة، والخلل في صف المسجد خلل في صف المجتمع كله، والمسجد مدرسة علم وتزكية، لذا تكرر مطالبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بتسوية الصف فيه والحرص على ترك الخلاف، فكان يقول:
13- "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم".["صحيح الجامع"(961)]
فيكون معنى الحديث: الاختلاف في تسوية الصفوف سبب في اختلاف القلوب.
وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:
14- "أقيموا صفوفكم، لا يتخللكم الشياطين كأنها أولاد الحذف" .["صحيح الجامع"(1192)]
والمراد بأولاد الحذف: أولاد الضأن الصغار.
وقال الشيخ المعلمي اليماني:
15- "وكم من عالم أخطأ في مسألة فلم يهتم إخوانه من العلماء بأن يزوروه ويذاكروه فيها، أو يكاتبوه في شأنها، بل الغاية ما يصنع أحدهم أن ينشر اعتراضه في مجلة أو رسالة يشنع على ذلك العالم ويجهله، أو يبدعه ويكفره، فتكون النتيجة عكس المطلوب.
وكم من مسائل يفتى فيها بمصر بشيء، وبالشام بخلافه، وفي الهند بخلاف ذلك، ولو كانت المواصلات جارية بين العلماء لما وقع هذا الحبط الشديد الذي يوسع خرق الافتراق ويؤول إلى النزاع والشقاق".
فيا حملة الدعوة السلفية المتبعون لسنة نبيكم أنظروا إلى أهمية الملاحظة التي أبدى بها أنس حين سئل:
16- "ما أنكرت منا"؟
فأجاب بقوله:
17- "ما أنكرت شيئاً إلا أنكم لا تقيمون الصفوف".
وهذا الخبر بوبه الإمام البخاري في "صحيحه" تحت مسمى:
18- "باب إثم من لم يتم الصفوف".
وقد بيّن أنس ـ رضي الله عنه ـ كيف كانت تسوية الصفوف على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيقول فيما أخرجه البخاري في صحيحه":
19- "وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه". ["الصحيحة"(31)]
وقال النعمان في رواية:
20- "وكعبه بكعبه".["تمام المنَّة"(ص:286)]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
21- "فإن صلاة الجماعة سميت جماعة؛ لاجتماع المصلين في الفعل مكاناً وزماناً، فإذا أخلّوا بالاجتماع المكاني أو الزماني، مثل أن يتقدموا أو بعضهم على الإمام، أو يتخلفوا عنه تخلفاً كثيراً لغير عذر، كان ذلك منهياً عنه باتفاق الأئمة، وكذلك لو كانوا متفرقين غير منتظمين، مثل أن هذا خلف هذا، وهذا خلف هذا، كان هذا من أعظم الأمور المنكرة، بل قد أمروا بالاصطفاف، ولو لم يكن الاصطفاف واجباً؛ لجاز أن يقف واحد خلف واحد، وهلم جرا، وهذا مما يعلم كل أحد علماً عاماً أن هذه ليست صلاة المسلمين".["مجموع الفتاوى" (23/393-394)]
وإذا كنا نتكلم عن الجماعة ووحدة الصف لأهمية الموقف الذي يجب أن يكون عليه المسلم في وقت زاد فيه زخم الفتن، فإننا نحن حملة الدعوة السلفية أولى الناس بالنظام والانتظام، ولا يكون هذا إلا بالاتصال والتواصل.
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسيره آية الصف: قال قتادة:
22- "ألم تر إلى صاحب البنيان كيف لا يحب أن يختلف بنيانه! فكذلك الله ـ عز وجل ـ لا يحب أن يختلف أمره، وإن الله صَفَّ المؤمنين في قتالهم، وصفهم في صلاتهم، فعليكم بأمر الله، فإنه عصمة لمن أخذ به".
إن اجتماع كلمة حملة الدعوة السلفية ووحدة صفهم في هذا الوقت فيه خير عظيم عليهم وعلى مجتمعاتهم، في الوقت الذي حار فيه الساسة عن المعالجة، وهم بانتظار كلمتكم الموحدة، فأنتم الآن الموقعون عن رب العالمين، فتعالوا إلى الاجتماع بعد الصف، وإياكم الغفلة عما حذَّر الله منه في مطلع سورة الصف:
23-(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ(2)
سورة الجمعة بعد سورة الصف في النزول، وبعدها في ترتيب المصحف، ومقصودها الاجتماع على الكلمة بعد وحدة الصف فبعد أن بينت سورة الصف أهمية الوحدة في الفعل، جاءت سورة الجمعة لتبين أهمية الوحدة في القول.وسورة الجمعة حثت على قوة التواصل والاجتماع وحثت على دوام الإقبال على ذكر الله ـ تعالى ـ.

قال الإمام أبو جعفر بن الزبير:
24- "لما ختمت سورة الصف بالثناء على الحواريين في حسن استجابتهم وجميل إيمانهم، وقد أمر المؤمنين بالتشبه بهم في قوله ـ تعالى ـ:
25-(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ..(14)
كان ذلك مما يوهم فضل أتباع عيسى ـ عليه السلام ـ على أتباع محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأتبع ذلك بذكر هذه الأمة، والثناء عليها".["البرهان في تناسب سور القرآن"(ص:187)]
قال الشنقيطي ـ رحمه الله ـ:
26- "لم يبين فيها هل كانوا أنصار الله كما كان الحواريون أنصار الله أم لا"؟
وقد جاء ما يدل على أنهم بالفعل أنصار الله فقد تقدم في سورة الحشر (101/نزول) قول الله ـ تعالى ـ:
27- (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ(8).
ولما توحد المؤمنون في الطاعة وكانوا صفاً واحداً، ناسب أن تكون سورة الجمعة (110/نزول)، ومن ثم سورة الفتح (111/نزول).
لأن مقصود سورة الجمعة بيان مسمى الصف وهو الجمعة المبين للمراد منها وهو فرضية الاجتماع والتوحد فيها وإيجاب الإقبال عليها، وهو التجرد عن غيرها والانقطاع لما وقع من التفرق حال الخطبة، عمن بعث للتزكية بالاجتماع عليه في الجهاد وغيره، في العسر واليسر، والمنشط والمكره.
ومقصود سورة الفتح بيان غاية الظهور على أعداء الله وتحقق الانتصارات والفتوحات بعد وحدة الصف بعد أن استفاد الصحابة من قول الله ـ تعالى ـ في سورة الصف (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ). ومن قوله ـ تعالى ـ في سورة الجمعة:
28- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ).
وقد افتتح الله ـ تعالى ـ سورة الفتح بقوله:
29- (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا(1).
وختمها بقوله:
30- (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا(28)مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا(29).
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ:
31- "فالصحابة ـ رضي الله عنهم ـ خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم، فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم".
ونقل عن مالك ـ رحمه الله ـ قوله:
32- "بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ الذين فتحوا الشام يقولون:
33- "والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا".
وصدقوا في ذلك فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد نوَّه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة، لذلك قال سبحانه وتعالى هنا (ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ).أ.هـ
ورضي الله عن السابقين الأولين رضاً مطلقاً، ورضي عن التابعين لهم بإحسان، وجعل التابعين لهم بإحسان مشاركين لهم فيما ذكر من الرضوان والجنة.
وقال ابن كثير ـ رحمه الله ـ:
34- "ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك ـ رحمة الله عليه ـ في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ قال:
35- "لأنهم يغيظونهم؛ ومن غاظ الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فهو كافر؛ لهذه الآية، ووافقه طائفة من العلماء ـ رضي الله عنهم ـ على ذلك، والأحاديث في فضل الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والنهي عن التعرض لهم بمساءة كثيرة ويكفيهم ثناء الله عليهم ورضاه عنهم".
وقال الله ـ تعالى ـ في سورة التوبة (113/نزول):
36- (وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(100).
قال ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ:
37- "فمن اتبع السابقين الأولين كان منهم، وهم خير الناس بعد الأنبياء، فإن أمة محمد خير أمة أخرجت للناس، وأولئك خير أمة محمد كما ثبت في الصحاح من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
38- "خَيْرُ هَذِهِ الأمَّةِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِمْ (قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ الَّذِينَ بُعِثْتُ فِيهِمْ) ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَنْشَأُ قَوْمٌ يَنْذُرُونَ وَلا يُوفُونَ وَيَخُونُونَ وَلا يُؤْتَمَنُونَ وَيَشْهَدُونَ وَلا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَنْشَأُ فِيهِمُ السِّمَنُ".
وقال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ:
39- "من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحيَّ لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد: أبرُّ هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم".
وما أحسن الذي قاله الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ في رسالته:
40- "هم فوقنا في كل علم وعقل ودين وفضل وكل سبب ينال به علمٌ أو يدرك به هدى، ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا".
وقال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:
41- "ولهذا كان معرفة أقوالهم في العلم والدين وأعمالهم خيراً وأنفع من معرفة أقوال المتأخرين وأعمالهم في جميع علوم الدين وأعماله: كالتفسير، وأصول الدين، وفروعه، والزهد، والعبادة والأخلاق، والجهاد، وغير ذلك، فإنهم أفضل ممن بعدهم كما دل عليه الكتاب والسنة، فالاقتداء بهم خير من الاقتداء بمن بعدهم، ومعرفة إجماعهم ونزاعهم في العلم والدين خير وأنفع من معرفة ما يذكر من إجماع غيرهم ونزاعهم..
وقال ـ رحمه الله ـ:
42- "وللصحابة فهم في القرآن يخفى على أكثر المتأخرين، كما أن لهم معرفة بأمور من السُّنَة وأحوال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يعرفها أكثر المتأخرين، فإنهم شهدوا الرسول والتنزيل، وعاينوا الرسول، وعرفوا من أقواله وأفعاله وأحواله مما يستدلون به على مرادهم ما لم يعرفه أكثر المتأخرين الذين لم يعرفوا ذلك فطلبوا الحكم مما اعتقدوه من إجماع أو قياس. وأيضاً: فلم يبق مسألة في الدين إلا وقد تكلم فيها السلف فلا بد أن يكون لهم قول يخالف ذلك القول أو يوافقه".
وإذا كان السلفيون حقاً هم أنصار الله فعليهم مراعاة أسباب الظهور والغلبة وأهمها الذي أشرنا إليه أعلاه: قال ـ تعالى ـ في سورة الصف:
43- (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14).
وفي الآية بيان للنتائج التي تحققت لكل طائفة من الطائفتين، والمقصود من هذا الخبر حض المؤمنين في كل زمان ومكان، على الإيمان والعمل الصالح، لأن سنة الله ـ تعالى ـ اقتضت أن يجعل العاقبة لهم، كما جعلها لأتباع عيسى المؤمنين.
ومعنى أنهم أصبحوا ظاهرين: أي: بالحجة والبرهان، أو أن التوحيد الذي هم عليه هو الذي أظهره الله بهذا الدين.
وقد أخرج الإمام أحمد، وأبو داود، والحاكم، والطبراني في "الكبير" ، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقاه الذهبي والألباني (الصحيحة:1959)، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
44- "لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ حَتَّى يُقَاتِلَ آخِرُهُمْ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ".
قال شيخنا الألباني ـ رحمه الله ـ ( يعلق على الحديث رقم:1529 في الصحيحة ):
45- "ووصَف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المهدي بصفات بارزة أهمها: أنه يحكم بالإسلام، وينشر العدل بين الأنام، فهو في الحقيقة من المجددين الذين يبعثهم الله على رأس كل مائة سنة، كما صح عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فكما أن ذلك لا يستلزم ترك السعي وراء طلب العلم والعمل به لتجديد الدين، فكذلك خروج المهدي لا يستلزم التواكل عليه وترك الاستعداد والعمل لإقامة حكم الله في الأرض، بل العكس هو الصواب، فإن المهدي لن يكون أعظم سعيا من نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي ظل ثلاثة وعشرين عاما وهو يعمل لتوطيد دعائم الإسلام، وإقامة دولته، فماذا عسى أن يفعل المهدي لو خرج اليوم فوجد المسلمين شيعاً وأحزاباً، وعلمـاءهم ـ إلا القليل ـ منهم اتخذهم الناس رؤوساً! لما استطاع أن يقيم دولة الإسلام إلا بعد أن يوحد كلمتهم ويجمعهم في صف واحد، وتحت راية واحدة، وهذا بلا شك يحتاج إلى زمن مديد الله أعلم به، فالشرع والعقل معا يقتضيان أن يقوم بهذا الواجب المخلصون من المسلمين، حتى إذا خرج المهدي، لم يكن بحاجة إلاَّ أن يقودهم إلى النصر، وإن لم يخرج فقد قاموا هم بواجبهم والله يقول:
46- (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)".
فأنا بانتظار من يأخذ من العلماء الأفاضل بفضيلة السبق إلى جمع كلمة السلفيين ووحدة صفهم من شتى الأقطار.

إعداد: هشام بن فهمي العارف
8/7/1430 الموافق 1/7/2009
رد مع اقتباس
 
 
  #5  
قديم 01-06-2010
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: من كتابات هشام العارف

الأربعاء 21 محرم 1431
رأيت من يقرأ الموضوع من على الشاشة الآن ...

قلت وكأني تذكرت لأن الإنسان ينسى ..
المواضيع كثيرة
فقمت برفع الموضوع ..
رد مع اقتباس
 
 
  #6  
قديم 02-19-2010
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: من كتابات هشام العارف

الجمعة 6 ربيع الأول 1431

يرفع للتذكير
رد مع اقتباس
 
 
  #7  
قديم 01-15-2011
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: من كتابات هشام العارف

السبت 10 صفر 1432

يرف للتذكير .
رد مع اقتباس
 
 
  #8  
قديم 03-31-2011
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: من كتابات هشام العارف

الخميس 26 ربيع الثاني 1432
رأيت من يقرأ الموضوع من على الشاشة الآن ...

قلت وكأني تذكرت لأن الإنسان ينسى ..
المواضيع كثيرة
فقمت برفع الموضوع ..
رد مع اقتباس
 
 
  #9  
قديم 03-01-2012
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: من كتابات هشام العارف

الخميس 8 ربيع الثاني 1433 اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
رد مع اقتباس
 
إضافة رد

أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:23 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.