أماكن شحن بطاقة ايوا  آخر رد: الياسمينا    <::>    مجموعة ديرتنتا لجميع أنواع التصاميم والطباعة والتعبئه لشركات...  آخر رد: الياسمينا    <::>    متخصصون في جميع أنواع التصميم والطباعة والتعبئه لشركات المست...  آخر رد: الياسمينا    <::>    كيف تحقق أكثر من 1000 دولار بالشهر بسعر وجبة عشاء  آخر رد: الياسمينا    <::>    سكاي فليكس يوفر لك كل احتياجاتك الخاصه في مكان واحد  آخر رد: الياسمينا    <::>    دعوة لحضور لقاء "القانون وريادة الأعمال" للتعريف بالإجراءات ...  آخر رد: الياسمينا    <::>    مكتب انجاز استخراج تصاريح الزواج  آخر رد: الياسمينا    <::>    المحامية رباب المعبي : حكم لصالح موكلنا بأحقيتة للمبالغ محل ...  آخر رد: الياسمينا    <::>    منتجات يوسيرين: رفع مستوى روتين العناية بالبشرة مع ويلنس سوق  آخر رد: الياسمينا    <::>    اكتشفي منتجات لاروش بوزيه الفريدة من نوعها في ويلنس سوق  آخر رد: الياسمينا    <::>   
 
العودة   منتدى المسجد الأقصى المبارك > المنتدى الفكري
التسجيل التعليمات الملحقات التقويم مشاركات اليوم البحث

 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
 
  #1  
قديم 03-03-2012
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: التغيير حتمية الدولة الإسلامية, كتاب للكاتب محمود عبد الكريم حسن

السبت 10 ربيع الثاني 1433
يتبع إن شاء الله
وبهذا وصلنا الى ص 70 وسطها ..
ولا زلنا في مسألة طلب النصرة .
رد مع اقتباس
 
 
  #2  
قديم 03-03-2012
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: التغيير حتمية الدولة الإسلامية, كتاب للكاتب محمود عبد الكريم حسن

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نائل أبو محمد مشاهدة المشاركة
السبت 10 ربيع الثاني 1433


كانت هذه البداية :
صدر الكتاب بـ رجب 1421هـ ـ تشرين الأول 2000م .

عدد صفحات الكتاب من الحجم الصغير : 80 صفحة .

الكتاب مطبوع موجود عندي الحمد لله وهو كتاب جيد وبعجالة قمت بالبحث عليه بالنت فوصلت لعرض لا يمكن إنزاله إلا للمشتركين وحتى أني رأيت هناك التزام مادي ..

الهدف المطلوب ممن يقدر محاولة عرض الكتاب هنا أو عرض الصفحة 59 لأهميتها وهذا جزء منها :

إن الدولة الإسلامية هي كيان تنفيذي للإسلام ولا يمكن تنفيذ شيءفي الدنيا إلا بقوة قادرة على ذلك . ولإيجاد هذه القوة قد تتعدد الآراء .



شكراً سلف لمن يقدر وأنتظر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وجاء الجواب من الأخ الفاضل :

إسماعيل بلال وكانت المشاركة في منتدى العقاب .







بسم الله الرحمن الرحيم
مقـدمة وإهـداء
التغيير المقصود هو تغيير الأوضاع الحالية السائدة في البلاد الإسلامية من أنظمة علمانية، وأفكار وأذواق غربية فاسدة، وحكام كفرة أو فسقة عملاء لدول الغرب الاستعمارية الكافرة.
التغيير المقصود هو إنقاذ الأمة الإسلامية من حال التمزيق والإذلال المفروض عليها من الدول الاستعمارية الكافرة، ومن حال الضياع والتيه والتبعية لتلك الدول المتكالبة على المسلمين.
التغيير المقصود هو إعادة ثروات المسلمين للمسلمين بدل أن تنهبها الدول الاستعمارية الكافرة التي تتمتع بهذه الخيرات وتترك المسلمين في الفقر المدقع يرزحون تحت مليارات الديون لهذه الدول الجشعة.
التغيير المقصود يكون بنهضة الأمة الإسلامية على أساس الإسلام، ونبذ كل فكر غير إسلامي، ويكون بإزالة أنظمة الكفر وإقامة الخلافة التي تحكم بما أنزل الله، وتوحد الأمة الإسلامية والبلاد الإسلامية بقيادة خليفة واحد تحت راية: (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وتحمل رسالة الإسلام للعالم.
الموضـوع الأول من هذه الرسـالة (العـقـيدة... أساس التغيير) يبين أهمية المفاهيم والقناعات في عملية التغيير، إذ إن تغيير المجتمعات من حال إلى حال أصعب من نقل الجبال من مكان إلى مكان، ولذلك لا يسـتطـيع أن يقـوم به إلا من كانت عنده القـناعة التامـة به، وكان مستنداً إلى العقيدة الإسلامية وما ينبثق منها من أحكام وما ينبني عليها من أفكار، بحيث إنه يبيع نفسه وماله لله سبحانه.
والموضوع الثاني (طريق التغيير والنهوض) يُبرز أهمية معرفة الحقائق والقبض عليها بيد من حديد، لأن الذي لا يميز الحقائق من التضليلات والأوهام لا يمكن أن ينجح في التغيير.
والموضوع الثالث (حقائق وأباطيل) هو استطراد للموضوع الثاني، وذلك بلفت النظر إلى بعض المسائل (الحقائق) الأساسية التي ركّزت عليها الدول الاستعمارية الكافرة لتضليل المسلمين وإبعادهم عنها، لأنها شديدة التأثير في عملية التغيير وعودة الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس. ومن هذه المسائل (الحقائق): (وجوب العمل السياسي) و(وحدة الأمة الإسلامية) و(إقامة الدولة الإسلامية).
وأما الموضوع الرابع (طلب النصرة) فإنه يبيّن الكيفية العملية الشرعية التي تؤدي بشكل حتمي إلى نقل السلطة من أيدي الحكام العملاء إلى يد الطائفة المنصورة التي تقيم الدولة الإسلامية (الخلافة). وهذا الموضوع هو من أهم الموضوعات وأكثرها خطراً ودقة.
إننا نهدي هذه الرسالة إلى الأمة الإسلامية في كل مكان، وبخاصة إلى حملة الدعوة الإسلامية العاملين لإقامة الدين الإسلامي في الأرض، وإلى المعتقلين والملاحقين من أجل ذلك، الصابرين على الحق دون تبديل أو تحريف، وإلى جيل الشباب المتشوق إلى عز الإسلام والمسلمين، وإلى الأهل والأقارب والأصحاب، عاملين ومنتظرين، نهديها إليكم من القلب آملين أن تتلقاها عقولكم وقلوبكم وجوارحكم.
والله معكم ولن يَتِرَكُمْ أعمالَكم.
السبت 10 ربيع الثاني 1433


الى هنا وصلنا الى نهاية الكتاب الطبعة الأولى
أي الى صفحة 80 .
تم بحمد الله
يتبع نشر الجزء الجديد المضاف في الطبعة الثانية
إن شاء الله
رد مع اقتباس
 
 
  #3  
قديم 03-03-2012
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: التغيير حتمية الدولة الإسلامية, كتاب للكاتب محمود عبد الكريم حسن

السبت 10 ربيع الثاني 1433
(5)
الأمـانـة والإيمـان
الأمانة ووجوب حملها:
خلق الله سبحانه وتعالى الناسَ لعبادته وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (الذاريات 56) هذا هو قصد الشارع من الخلق، فيجب أن يكون هو قصد المكلف في الحياة وغايته فيها. وعبادة الله تعالى لا تقتصر على أعمال المكلف في العبادات، أي فيما هو علاقة خاصة بينه وبين ربه، ولا على أعمال دون أعمال، وإنما هي في كل ما أمر الله تعالى به أو نهى عنه، فهي تتعلق بكل أعمال الناس، أفراداً وجماعات، وبكل علاقاتهم. ولذلك وجب على كل إنسانٍ عاقلٍ بالغٍ أن لا يرضى بحكمٍ غير حكم الله، فلا يَحكم إلا بما أنزل الله، ولا يُحكم إلا بما انزل الله، ولا يتحاكم إلا إلى ما أنزل الله سبحانه وتعالى، ووجب عليه أن يعمل لتحقيق هذا الأمر فهذا هو ما خُلِقَ لأجله، وهذه هي غايته في الحياة، وعليها سيحاسَب يوم القيامة. وهذا في كل مسألة، صغيرة أو كبيرة، سواء كانت من قضايا السياسة والحكم، أي من القضايا العامة، أو من القضايا الخاصة أو الجزئية. وقد جعل الله سبحانه الإيمان موقوفاً على الإيمان بهذا الواجب والقيام به. قال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (النساء 65)، وجعل إيمان الذين يريدون التحاكم إلى غير ما أنزل الله تعالى مجرد زعم تعارضه الحقيقة، قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّـيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا (النساء 60).
وقد كان هذا التكليف هو الأمانة التي عرضها سبحانه وتعالى على الإنسان، فقبِلَ حملها غير عالمٍ بعجزه وحده، بعد أن عجز عنها وأبى حملها غيرُه من المخلوقات. قال تعالى: إِنَّا عَرَضْـنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً (الأحزاب 72).
وتبين هذا العجز مع أول إنسانٍ خلقه الله تعالى، آدم عليه السلام، حيث أسكنه الله سبحانه وتعالى وزوجَه الجنة وأذن لهما أن يأكلا منها ويتمتعا بما فيها طولاً وعرضاً إلا شجرةً واحدةً نهاهما عنها. ولكنهما اتبعا ما وسوس لهما به الشيطان وأكلا منها، فخرجا من الجنة. وكان هذا هو شأن الإنسان دوماً، المعصية والضلال، والتفريط بالأمانة، إلا أن يعينه الله ويوفقه ويهديه ويرسل له رسالات الهدى والرحمة يهتدي بها ويرعى شؤونه ويقوّم أموره فيعبد الله وحده، ويرسل له الأنبياء والرسل، يحملون الأمانة حق الحمل فيأمرون بالمعروف وينْهَوْن عن المنكر، ويتحملون في سبيل ذلك ما شاء الله أن يتحمّلوا، ويحملون الناس على الصراط المستقيم، ويردونهم من التيه والضلال إلى الإيمان بالله وطاعته.
وقد تجلى هذا الأمر فيما قصه علينا القرآن الكريم من قَصص الأنبياء منذ أن أُهبِط آدم عليه السلام إلى الأرض إلى أن أُرسل خاتم النبيين محمد  برسالة الإسلام الخالدة والمحفوظة، حيث يتبيّن خلال ذلك كله، بشكل قاطع، أن قضية الخلق، القضية المصيرية دائماً، والتي لأجلها خلق الله تعالى ما خلق، هي قضية الحقيقة المطلقة: لا إله إلا الله، وأن يُعبَدَ اللهُ وحده، ولا يعبدَ أحدٌ سواه والتي لا يمكن أن تُفْهم على حقيقتها بعد بعثة النبي محمد ، واليوم، ولا يمكن أن تصبح واقعاً محققاً إلا بأن تقترن بحقيقة أن محمداً رسول الله.
قال تعالى في شأن آدم عليه السلام وزوجه: قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ ءَايَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (طه 123-126). وقال تعالى عن سيدنا نوح عليه السلام: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (المؤمنون 23) وقال تعالى: وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (الأعراف 65). وقال تعالى: وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ (الأعراف 73) وقال تعالى: وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (العنكبوت 16) وقال تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ  إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ  وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (الزخرف 26-28) وقال: أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ ءَابَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (البقرة 133). وقال تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (يوسف 40) وقال تعالى: وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ (الأعراف 85).
وهكذا تتابع الأنبياء والرسل لهداية الناس وردِّهم إلى عبادة الله وحده. قال تعالى: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ (فاطر 24)، وكانت دعوتهم جميعا: يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ. قال تعالى: وَمَا أَرْسَـلْـنَـا مِـنْ قَـبْـلِكَ مِنْ رَسُـولٍ إِلاَّ نُوحِـي إِلَيْهِ أَنَّـهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنـَا فَاعْـبُـدُونِ (الأنبياء 25) وكان كل نبي يأتي إلى قومه خاصة فيقول: إِنِّي لَكُمْ رَسُـولٌ أَمِينٌ  فَاتَّـقُـوا اللَّهَ وَأَطِـيعُـونِ  وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْـرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِـينَ (الشـعراء 143-145) ثم يكرر قوله: فَاتَّـقُـوا اللَّهَ وَأَطِيـعُـونِ (الشعراء)، إلى أن بعث الله تعالى خاتم النبيين محمداً  فكان رسولاً إلى الناس كافة. قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّـةً لِلنَّـاسِ بَشِـيـرًا وَنَذِيــرًا (سبأ 28). وقال: قُـلْ يَاأَيُّـهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُـولُ اللَّهِ إِلَيْكُـمْ جَمِيـعاً (الأعراف 158) وقـال: وَمَـا أَرْسَــلْنَـاكَ إِلاَّ رَحْمـَـةً لِلْعَالَمِيـنَ (الأنبياء 107).
حمل الأمانة لا ينقطع:
وإذا كان من شأن الأقوام والناس بعد هلاك أنبيائهم أن يتبعوا خطوات الشيطان، فيبدلوا الدين ويحرفوا الرسالة ويضيعوا الأمانة، فيضلوا ويعبدوا غير الله، فلا يكون لهم سبيل إلى الهدى والنجاة وإلى حمل الأمانة إلا بنبيٍّ جديد وبرسالة جديدة من عند الله تعالى، فما هو سبيل أمة النبي محمدٍ  إذا ضيَّعت الأمانة واتبعت سنن من كان قبلها في الغِواية والضلالة، وقد علمنا يقيناً أنه ليس بعد هذه الرسالة رسالة ولا بعد هذا النبي نبي .
إن الحصن الذي لا يزول في حفظ هذه الأمة ورسالتها وحملها للأمانة هو عون الله وتكفله بأنه لن تضيع هذه الرسالة ولن تندرس مهما ابتعد عنها المسلمون ومهما صرف الصارفون وحرَّف المحرِّفون. قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (الحجر 9). فالرسالة باقية، ولن يندثر سبيل الإيمان والهدى، وستظل الرسالة نوراً يبدِّد كل ظلام، وسيظل الطريق واضحاً إلى يوم القيامة.
وإذا كانت الرسالة باقيةً ومحفوظةً إلى يوم القيامة، فمن الذي سيحملها إذا تقاعس عنها الناس أو تنكروا لها، فقد كان شأن الأمم السابقة إذا ضلّت أن يرسل الله تعالى لهم رسالةً ورسولاً، فمن سيحمل رسالة الإسلام إذا ضل الناس ولم يكن هناك رسول؟
والجواب هو أنه كما تكفَّل الله بعصمة هذه الرسالة من الضياع والتحريف، فقد تكفَّل أيضاً -برحمته- بأن لا تضل الأمة، وأن لا تقعد كلها عن حمل الرسالة، مهما كثر الضالون والمحرِّفون والمنكرون، فكما ستظل الرسالة كلها محفوظة فسيظل في الأمة من يحملها كلَّها. قال : «لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ» (متفق عليه واللفظ لمسلم).
وهكذا فمهما ابتعدت الأمة عن الإسلام، ومهما غوت وشذَّت في اتباع خطوات الشيطان، ومهما غذَّت وشدَّت في سبل الظلام والعثار، فسيظل في الأمة طائفة متمسكة بالكتاب والسنة، تستنير بهما وتقتدي بهدي الأنبياء، وتقوم بعملهم الذي استخلفهم الله لأجله، وتحمل إرث الأنبياء فتكون الطائفة التي استخلفها الله في حفظ أمانته وحملها، وهي قضية لا إله إلا الله، حتى يأتي الله بأمره. قال تعالى: كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي (المجادلة 21) وقال: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (غافر 51).
وبهذا تكون الأمةُ الإسلامية، أمةُ المسلمين، مهما عصَوْا وغووا، أو ظلموا وبغَوْا، بما فيها من طائفةٍ تقوم بعمل الأنبياء، تكون خير أمة أخرجت للناس، لأنها أمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله. وستظل الأمة المستخلفة لتقوم بما استخلفها الله فيه، ولتقوم بمسؤوليتها عن البشرية. قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (آل عمران 110) وقال أيضاً عز من قائل: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (البقرة 143).
وعلى كل مكلَّف أن يسعى لأن يفهم هذه الأمانة ولأن يحملها ويسير بها في طريقها الواضح، فيسعى لأن يكون من هذه الطائفة، بإيمانه وعمله وسعيه معها لإقامة حكم الله في الأرض.
حفظ الأمانة لا يتم إلا بالدولة الإسلامية (الخلافة):
ولا يمكن أن تقوم الأمة الإسلامية بهذه الوظيفة التي استخلفها الله لأجلها، وكلَّفها بها ما لم تكن مدركةً لوظيفتها، ومجتمعةَ القوى لأجل القيام بها، فتَحكم وتُحكم بشرع الله، وتجاهد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا. لذلك وجب أن يكون لها كيانها التنفيذي الخاص بها، وأن تكون لها قيادتها وأميرها الذي يطبق عليها وبها شريعة الإسلام. فوجب لأجل حمل الأمانة والشهادة على الناس، أن تقوم دولة الإسلام؛ الخلافة. وأن يوجد أمير الأمة؛ الخليفة، أميراً واحداً، يبايع الأمة وتبايعه على الحكم بالإسلام. قال : «ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» (رواه مسلم) وقال: «ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» (رواه مسلم وغيره) وقال: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخَرَ منهما» (رواه مسلم). وبغير هذه الخلافة لن تستطيع الأمة حمل الأمانة وتطبيق الإسلام، ولن تستطيع ردّ أذىً عن نفسها. قال : «وإنما الإمام جُنَّة يقاتَل من ورائه ويُتَّقى به» (متفق عليه واللفظ للبخاري) ومن لم يعرف معنى الخلافة وأهمية الخليفة، فليخضع عقله وقلبه لمعنى هذا النص النبوي: «وإنما الإمام جُنَّة يُقاتَل من ورائه ويُتَّقى به».
بهذا تقوم الأمة بعمل النبي  بحمل الرسالة إلى الناس كافة، وتقوم الطائفة المؤمنة بعملها لإيجاد هذه الخلافة بعمل الأنبياء في دعوة أقوامهم إلى عبادة الله وحده. قال : «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ» (رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري).
وعلى ذلك فإن الواجب على كلِّ مكلف أن يعمل عملاً جاداً لأجل إقامة الدولة الإسلامية لأجل أن تكون الحاكمية لله، فتستأنف الحياة الإسلامية وتطبق الإسلام على المسلمين داخل كيان هذه الدولة، وهذه هي الغاية الأولى التي تمكن من تحقيق الغاية التالية وهي حمل الدعوة الإسلامية إلى العالم بالدعوة والبيان والجهاد هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (التوبة 33 والصف 9). قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (التوبة 29)، قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً (التوبة 123). وهذه الغاية، إقامة الخلافة، هي الطريقة الشرعية التي أمر بها تعالى لتحقيق الغاية من الخلق: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ (الذاريات 56)، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَـقَـكُـمْ وَالَّذِيـنَ مِنْ قَبْلِـكُـمْ لَعَـلَّـكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة 21)، قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُـولُ اللَّهِ إِلَـيْـكُـمْ جَمِيعًا (الأعراف 158).
الخط العريض في كيفية حمل الأمانة وشروطها:
إن تحقيق هذ الغاية التي خلق الله تعالى الناسَ لأجلها تقتضي القيام بأعمال من شأنها أن تؤدي إليها بحسب السنن الكونية وخصائص الأشياء والمجتمعات والعلاقات، وبحسب الأحكام الشرعية التي تعيِّن الحلال والحرام. وبهذا تكون خطوات السير أو مراحله عمليةً وشرعية، ويكون الساعون إلى تحقيق هذه الغاية صادقين جادِّين ملتزمين.
إن الغاية هي إيجاد كيان سياسي تنفيذي للإسلام، أي: دولة إسلامية، ولا يمكن أن يتحقق هذا الأمر بغير أسبابه أو بما هو ليس سبباً له، أي بما ليس من شأنه أن يؤدي إلى إقامة دولة فضلاً عن دولة إسلامية. فلا يصح مثلاً في ذهن مفكر أو جاد أن هذا يتحقق بأعمال تعليمية أو غيرها كإنشاء مدارس أو روضات، أو بناء معاهد أو مستشفيات، أو من خلال جمع أموال من الأغنياء لتوزيعها على الفقراء. فهذه وغيرها، وإن كانت بنيةٍ سليمة، ومن أعمال البر والخير المندوبة، فإنها لا تؤدي إلى إزالة الطواغيت ونظمهم ولا تؤدي إلى إقامةِ دولةٍ إسلامية أو غير إسلامية. وإنما هي، في أحسن الأحوال أعمال تقف عند حد ذاتها. فهي كمن يريد دفع عدو يهاجمه بإعانة الفقراء أو بإقامة مستشفى أو مدرسة، وكمن يريد أن يمنع الكفار من الاعتداء على دماء المسلمين وأعراضهم وثرواتهم بالجمعيات الخيرية. وهذا ليس عملياً ولا شرعياً، فوق أنه محكوم بنظم الكفر وقوانينه وشروطه.
رد مع اقتباس
 
 
  #4  
قديم 03-03-2012
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: التغيير حتمية الدولة الإسلامية, كتاب للكاتب محمود عبد الكريم حسن

السبت 10 ربيع الثاني 1433
فكما أن الصلاة والصيام لا يغني أحدهما عن الآخر، وكذلك الزكاة والحج والجهاد، لا يغني أيٌّ من هذه الثلاثة عن الآخر ولا يقوم مقامه، فكذلك أيضاً أعمال الجمعيات الخيرية والمؤسسات المالية والتعليمية فإنها لا تغني عن الطريق الشرعي العملي والجاد لإقامة الحكم بما أنزل الله، ولا تقوم مقامه. بل إنها إذا اتُّخذت طريقاً إلى إقامة شرع الله، أو إذا زُعِمَ ذلك، فإن في هذا خطراً على الأمة بما يؤدي إليه من تضليل وتنفيس، وما يلي ذلك من تيئيس وتحريف للدين. وفيه خطر بما يؤدي إليه من تضييع للجهود، ومن مزيدٍ من التردّي وتمكين الكفار وعملائهم من الأمة. والطريق العملي إلى ذلك، -بشكل إجمالي- هو تقصد أخذ السلطة من الذين يحكمون بغير ما أنزل الله عبر إيجاد جماعة تتخذ هذا الأمر هدفاً لها، فتعمل في الأمة لإقناعها بهذا الهدف، وتقوم بتغيير الأفكار المتعلقة بطريقة العيش، وبنظام الحياة وبنظام الحكم وبالحكام، وبإيجاد الرأي العام الصالح لصالح هذا الهدف، فتتهيأ الأمة لرفض النظم القائمة بتشريعاتها وقوانينها وبحكامها، ولإسقاطها وتغييرها، ولدعم الإسلام ودولته وحمايتهما.
وكما أن الطريقة يجب أن تكون عملية، فيجب كذلك أن تكون شرعية، لأن الهدف هو إقامة الحكم بما أنزل الله وليس أي حكم، فلا يجوز انتهاك حرمة الشريعة ومخالفة أمر الله بحجة إقامة أحكام الشريعة، ومثل هذا كذب متهافت وتبرير ممجوج. فلا يصح تحريف أحكام الإسلام والتضليل فيها أو العمالة للأجنبي بحجة تبادل المصالح أو حفظها، وبحجة الضرورات أو الضعف أو المحافظة على المكتسبات، فكل هذا محرَّم شرعاً، وتبريره بغاية خدمة المسلمين أو إقامة الدولة الإسلامية فرية على الدين وكذب على الأمة وخيانة بكل المقاييس. قال تعالى: وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (هود 113) وقال تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (النحل 116).
وقد علمنا من طريقة النبي  أنه أنشأ جماعة تؤمن بإقامة المجتمع الإسلامي وبإقامة شرع الله وتعمل لأجل ذلك، وأنه عمل لإزالة عقائد الكفر والأفكار الفاسدة والعادات البالية، وحمل على الكفر وزعمائه، وطلب النصرة مرات عديدة لأجل أخذ الحكم، وشاء الله تعالى أن يوفقه إليها في المدينة المنورة، وأقام الدولة الإسلامية، ورفض أثناء ذلك كله التنازلات والمساومات والمداهنات، رغم انسداد السبل وصعوبة الدعوة والتعرّض للمقاطعة والتعذيب، وكان أثناء ذلك كله واضحاً صريحاً صادقاً هادفاً جاداً ثابتاً. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة 21)، إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (الأعراف 54)، أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى  وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى  أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى  تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى  إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَءَابَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ (النجم 19-23) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَءَابَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (يوسف 40)، إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (الأنبياء 98)، قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ  لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ  وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ  وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ  وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ  لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (سورة الكافرون). «والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه». وقد كان هذا شأن الأنبياء قبله عليه وعليهم السلام أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ (الأنعام 90) قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ (الممتحنة 4).
نعم إنّ على مريدي التغيير وتطبيق فكرة أن الحاكمية لله وحده إدْراكَ أن ذلك لا يكون إلا بالدولة الإسلامية؛ دولة الخلافة، وأن الطريق إلى ذلك لا بد أن يكون شرعياً، وبذلك يكون عملياً، والتفكير في ذلك لا يكون إلا بالخطوات العملية الشرعية، وبذلك تكون الطريقة طريقة، وبهذه الطريقة تحمل الأمانة.
ضعف الإيمان أخطر عوامل التنكب عن حمل الأمانة:
وإن من موانع سلوك هذا الطريق وحمل الأمانة، ومن أسباب تبرير الانحراف والتحريف، ضعفَ الإيمان الذي يورث القلب زيغاً ومرضاً، ويجعل منطقة الإيمان غير آمنة فيؤدي إلى اتباع الهوى وإلى الضلال والعياذ بالله.
إنه ضعف الإيمان الذي يجعل الإيمان بأن الأمر كله بيد الله تعالى، وأنه هو تعالى الذي يحيي ويميت، وأنه هو تعالى الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وأنه هو تعالى وحده الذي يملك النفع والضر، وأنه هو تعالى وحده المعز والمذل، وأن النصر من عنده وحده، وأنه مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ  لِكَيْ لا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتاكُم (الحديد 22-23) يجعل هذا الإيمان مجرد كلماتٍ يرددها اللسان، وتنطلق على المنابر وفي الدروس، ولكنها لا تتجلى في الأعمال والمواقف في أوقات الضيق والشدائد وعند الامتحان والابتلاء.
وإنه الزيغ الذي يجعل هذا كله مباحث كلامية، مباحث في الصفات وتتبع للمتشابهات، وليس مفاهيم حقيقية صادقة ماثلة تتجلى مواقف إيمانية في أعمال، دالةً على حضور الإيمان بأن الله أكبر، وأنه قدير، وأنه مع الذين آمنوا. ولذلك ترى التساقط عند الابتلاء، بل قبل وقوعه، من متزعمي التنظير للعقيدة، والشرح لمعانيها، الذين حوَّلوا المفاهيم العقدية الإيمانية إلى أبحاث منطقية وتكفيرية. لذلك فهي وإن نطق بها اللسان، أو وقرت في القلب، فإنها لم يصدقها العمل. جاء في الأثر: «إن الإيمان ما وقر في القلب وصدَّقه العمل». لذلك نرى زعماء هذا المنهج في عصرنا يعتلون منابر السلاطين، وينتصبون للفتاوى التي ترضي الحكامَ وأسيادَهم وتغضب الله تعالى، يحرفون الأحكام الشرعية، ويؤولون النصوص خدمة لهم، ويبدلون مواقفهم بحسب متطلبات نظم الكفر ومَنْ خَلْفَها من شياطين الإنس والجن. وبذلك يضللون المسلمين ويفتنونهم عن العمل الصحيح الذي يؤدي إلى قلع الكفر وسلاطينه. قال تعالى هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ (آل عمران 7).
لذلك لا يستغرب على أصحاب هذا النهج أن لا يثبتوا على قول الحق وفعل الحق إذا اقتضى هذا الثبات صبراً على بلاء ومصادمةً للأهواء وتضحية بالمناصب والمنابر والشهوات.
وضعف الإيمان هو مرض في القلب يصرف عن الإيمان بأن الأمر كله بيد الله وحده، وأنه هو النافع وحده، وبيده الضر وحده، إنه ضعف في الإيمان بالقضاء والقدر، فيرى المريض أن عدوّه كبير وينسى أن الله أكبر، ويرى أن الطريق إلى الله فيه مخاطر، وينسى أنه مخلوق لكي يعبد الله تعالى، وأنه ممتحن ويجب أن ينجح في الامتحان بثباته في الموقف والعمل، وينسى أن الإيمان هو أن تتولى الله عز وجل فيتولاك، فتكون آيات القرآن الكريم وسنة النبي  وقصص الأنبياء وسِيَرُهم، عند هؤلاء المرضى، مجرد آيات تتلى وتحفظ من غير تدبر، وقصص تتلى وتُردَّد من غير اعتبار، وروايات يحاضر فيها من غير اتباع، فإذا داهم الخطر أو لاح الابتلاء، أو سرح الفكر في الرزق أو الأمن وفي شهوات الدنيا وحطامها، تزاحمت المبررات وتوالى النكوص، وتعاظمت المكتسبات التي ينبغي الحفاظ عليها، ولو كان الطريق إلى ذلك سعياً في إرضاء الكفار على حساب أوامر الله ونواهيه. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ  فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (المائدة 51-52).
لذلك لا يستغرب على هذا الفريق أن يتنكَّب عن الطريق العملي الصحيح، أي الشرعي، وأن يجترح السيئات ويخترع المبررات لتمرير زعمه. فليس غريباً على ضعاف الإيمان هؤلاء من الذين في قلوبهم زيغ أو مرض أن يزعموا أنهم إن يريدون إلا الإصلاح، وأن يؤكدوا أنهم من الناصحين، ثم بعد ذلك أن يقدموا لأجل هذا الإصلاح أو التغيير طرقاً أو مناهج يخجل من النطق بها من بقي عنده مسكة عقل أو رجح خيره على شره، أو مَن عرف قدرَ الله تعالى وصدق إيمانه به. لذلك نرى ونسمع من هؤلاء طروحات تافهة كالدعوة إلى مصالحة الحكام وكتجميل صورتهم وتبرير مواقفهم وإضفاء الشرعية على أعمالهم. أو كزعم الضعف والضرورة والحرص على الأمة، وليس الأمر كذلك وإنما هو الهوى والتمسك بحطام الدنيا وبالشهوات، ولذلك فإن هؤلاء يفضحون أنفسهم ولا يشعرون. قال تعالى: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً  أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (الفرقان 43-44) وقال أيضاً: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (الجاثية 23).
أخي القارئ، إن حمل الأمانة هو بسلوك طريق الأنبياء وأتباعهم المؤمنين، وهو طريق الابتلاء والامتحان وتمحيص المؤمنين وتمييز الخبيث من الطيب، وسلوك هذا الطريق يتطلب الإيمان الصادق بالله وبكل ما أخبر به تعالى. ويتطلب خشية الله تعالى والخوف منه وحده وعدم الخوف من أحد سواه. ويتطلب الإيمان بالقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تعالى وحده، وأن صاحب هذا الإيمان الذي يصدقه العمل هو من أولياء الله تعالى أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (يونس 62) وأن أصحاب هذا الإيمان منصورون ومستخلفون في الأرض إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (غافر 51)، وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا (النور 55).
وإن انخلاع القلب أمام المخوفـات، والخـوف من المصيـر في الدنيا، والرهبة والتحسب من سلوك الطريق إلى رضـا الله تعالى، هو من تخويف الشيطان وهو نتيجة لاتبـاع خطـواته وتوليه، وهذا بدوره نقص في الإيمان. قال تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّـيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (آل عمران 175) وقـال تعـالى: أَتَخْـشَـوْنَـهُمْ فَاللَّهُ أَحَـقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (التوبة 13).
وقد جعل تعالى النصر حليف المؤمنين الصابرين، والأمن والطمأنينة لهم ولقلوبهم في كل حال وفي كل حين. قال تعالى: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (الروم 47). وقال: الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (الأنعام 82) وقال: إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (الأنفال 29). وقال: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا (العنكبوت 69). وقال: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (المنافقون 8).
إن قلب المؤمن إن امتلأ بخوف الله فلن يبقى فيه مكان لخوف أحد سواه. وإن صدق إيمانه بأن كل شيء بأمر الله فسيظهر ذلك، ليس على اللسان وحسب، وإنما في السلوك وفي المواقف مهما كان شأنها وليس في حالات السعة والرخاء فقط، وحينذاك ينجح المؤمن في الامتحان، فيتولاه الله سبحانه وتعالى ويفيض عليه من نعم الدنيا والآخرة. قال تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (البقرة 214) وقال: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِـيـنَ عَلَى مَـا أَنْـتُـمْ عَلَـيْـهِ حَـتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ (آل عمران 179).وقال: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (آل عمران 186) وقال: الم  أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا ءَامَنَّا وَهُمْ لا يُفْـتَـنُـونَ  وَلَقَدْ فَـتَـنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبـْـلِـهِمْ فَلَـيَعْـلَمَـنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْـلَمَـنَّ الْكَاذِبِينَ (العنكبوت 1-3).
رد مع اقتباس
 
 
  #5  
قديم 03-03-2012
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: التغيير حتمية الدولة الإسلامية, كتاب للكاتب محمود عبد الكريم حسن

السبت 10 ربيع الثاني 1433

وإنما على الإنسان أن يعمل طائعاً لله متجنباً معصيته فاهماً لسنن الله في مخلوقاته، عازماً على إقامة حكم الله في نفسه وفي الأرض، وعازماً على الثبات في الشدة وفي الرخاء، عالماً بأن الله مبتليه ومراقبه، فعليه أن لا يُرِي اللهَ من نفسه إلا ما يحب، وإلا فسيضل ولو كان ذا علم، وستستهويه الشياطين. وما أكثر العبر فيما قصه علينا القرآن الكريم من قصص النبيين وأخبار السابقين وأن العاقبة للمتقين. لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ (يوسف 111).
قال تعالى: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ  وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ  وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (القصص 4-6).
وقال تعالى: وَلَقَدْ كَـتَـبْـنَـا فِي الزَّبـُـورِ مِنْ بَـعْـدِ الذِّكْـرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّـالِحُونَ (الأنبياء 105) وقال: وَاذْكُـرُوا إِذْ أَنْـتُـمْ قَـلِيــلٌ مُسْـتَـضْـعَـفُـونَ فِي الأَرْضِ تَخَـافُـونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْـرِهِ وَرَزَقَـكُـمْ مِنَ الطَّـيِّـبَـاتِ لَعَلَّـكُمْ تَشْـكُـرُونَ (الأنفال 26).
ولقد طمأن الله أولياءه المؤمنين ووعدهم وعد الحق: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آل عمران 26) قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (التوبة 51) وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ  وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِـبَـادِهِ وَهُـوَ الْغَـفُورُ الرَّحِـيـمُ (يونس 106-107) إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ ءَامَنُوا (الحج 38). وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا  وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْـبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (الطلاق 2-3).
أخي المؤمن، أخي المسلم، جدد إيمانك، وخلص قلبك من المرض والزيغ ومن نقص الإيمان، وأثبت إيمانك بالعمل الصالح والموقف الثابت المرضي لله عز وجل، والتحق بالمؤمنين العاملين لإقامة حكم الله في الأرض، وصبِّر نفسك عاملاً معهم، واعلم أن الأجل مكتوب والرزق مقسوم، وما كتب الله أن يصيبك أصابك، خيراً كان أو شراً، وما لم يكن في كتاب الله ليصيبك فلن يصيبك ولو اجتمع على ذلك الإنس والجن، وأن الذي لك أو عليك هو الذي عند الله، وأن أهل الأرض جميعاً لو اجتمعوا على أمر واحد ما كان لهم من الأمر شيء، وإنما هي أعمالك يحصيها الله فإما أن تكون لك وإما أن تكون عليك. وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (التوبة 105).
فأدرك نفسك والحق بالمؤمنين العاملين لإقامة الخلافة وللشهادة على الناس بحمل الدعوة إليهم، فإن النصر آت، ودينَ الله ظاهر، وأمرَ الله غالب. هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (التوبة 33 –الصف 9) كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي (المجادلة 21) وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (الأعراف 128- القصص 83)، أما أعداء دين الله من الذين كفروا ومن عملائهم وأذنابهم وجواسيسهم ومخابراتهم فهم موتورون مهزومون، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (الأنفال 36) الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (محمد 1) مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت 41).
واصبر أخي المسلم فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ (غافر 55) وقرر في نفسك موقفاً ثابتاً، تصدق فيه مع نفسك ومع الله سبحانه وتعالى: إِنَّ وَلِـيِّـيَ اللَّهُ الَّذِي نَـزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ  وَالَّذِيـنَ تَدْعُـونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيـعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْـفُسَهُمْ يَـنْـصُـرُونَ (الأعراف 196-197).



 أَلَـيْـسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَـبْـدَهُ وَيُـخَـوِّفُـونَـكَ بِالَّذِيــنَ مِـنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْـلِـلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِـنْ هَـادٍ  وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَـهُ مِــنْ مُضِــلٍّ أَلَـيْـسَ اللَّهُ بِعَـزِيـزٍ ذِي انــتِـقَـامٍ  وَلَــئِـنْ سَـأَلـتَـهُمْ مَـنْ خَـلَقَ السَّـمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَـيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيــْتُمْ مَا تَـدْعُـونَ مِـنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُـرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِـفَـاتُ ضُـرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْـمَـةٍ هَـلْ هُـنَّ مُـمْـسِــكَـاتُ رَحْـمَـتِهِ قُــلْ حَسْــبِـيَ اللَّهُ عَـلـَـيْـهِ يَـتَـوَكَّلُ الْمُــتَـوَكِّــلُـونَ 
(الزمر 36-38)
رد مع اقتباس
 
 
  #6  
قديم 03-03-2012
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: التغيير حتمية الدولة الإسلامية, كتاب للكاتب محمود عبد الكريم حسن

السبت 10 ربيع الثاني 1433
إقتباس(إسماعيل بلال @ Mar 3 2012, 03:48 PM)
انتهى

وتم بحمد لله


الأخ الطيب إسماعيل بلال ... من لا يشكر الناس لا يشكر الله

أشكرك شكر خاص وأجرك على الله الدال على الخير كفاعله ..

ونشر العلم الصالح صدقة ... الخ .

أشكرك مرة أخرى ولا شك أني سعيد على ردك السريع ونشر الكتاب و المختصر المفيد تأكد أن لك الأخر إن شاء الله بكل حرف وكلمة إن شاء الله

لأني قرأت الكتاب ( مطبوع محمول باليد ) من قبل وتمتعت به ويلزمه وقفات وبيان ونشر واسع وهذا ما سأفعله بأكثر من منتدى فلك الأجر إن شاء الله

ومعذرة للإطالة فأطباع الناس تختلف ، تقبل شكري .

والحمد لله وهكذا كان وتم ... لا ندري ما الجديد وما الردود وسيستمر التفاعل إن شاء الله .
رد مع اقتباس
 
 
  #7  
قديم 02-05-2013
ابو البراء الشامي ابو البراء الشامي غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 823
افتراضي رد: التغيير حتمية الدولة الإسلامية, كتاب للكاتب محمود عبد الكريم حسن

للرفع
رفع الله مقام العاملين لاعادة مجد الاسلام واقامة الخلافة
رد مع اقتباس
 
 
  #8  
قديم 08-16-2013
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: التغيير حتمية الدولة الإسلامية, كتاب للكاتب محمود عبد الكريم حسن

الجمعة 10 شوال 1434

للتذكير .
رد مع اقتباس
 
 
  #9  
قديم 05-07-2014
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: التغيير حتمية الدولة الإسلامية, كتاب للكاتب محمود عبد الكريم حسن

الأربعاء 8 رجب 1435

إن الدولة الإسلامية هي كيان تنفيذي للإسلام ولا يمكن تنفيذ شيءفي الدنيا إلا بقوة قادرة على ذلك . ولإيجاد هذه القوة قد تتعدد الآراء .
رد مع اقتباس
 
 
  #10  
قديم 10-03-2014
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: التغيير حتمية الدولة الإسلامية, كتاب للكاتب محمود عبد الكريم حسن

الجمعة 9 ذو الحجة 1435
ـــــــــــــــــ
التغيير حتمية الدولة الإسلامية ...
al-msjd-alaqsa.com:81/vb/showthread.php?t=13943 Cached
التغيير حتمية الدولة الإسلامية, كتاب للكاتب محمود عبد الكريم حسن المنتدى الفكري
رد مع اقتباس
 
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:45 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.