إيجار ليموزين في مطار القاهرة  آخر رد: الياسمينا    <::>    ليموزين المطار في مصر الرفاهية والراحة في خدمة المسافرين  آخر رد: الياسمينا    <::>    حفل تكريم أوائل الثانوية العامة للعام الدراسي 2023.  آخر رد: الياسمينا    <::>    دورة البادل، كانت فكرة وبالجهد نجحت  آخر رد: الياسمينا    <::>    لاونج بموقع مميز ودخل ممتاز للتقبيل في جدة حي الخالدية  آخر رد: الياسمينا    <::>    تورست لايجار السيارات والليموزين في مصر  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    المحامية رباب المعبي تحاضر عن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإر...  آخر رد: الياسمينا    <::>    مساعدة عائلة محاصرة في قطاع غزة يواجهون مخاطر الموت  آخر رد: الياسمينا    <::>   
 
العودة   منتدى المسجد الأقصى المبارك > القرآن الكريم > آيات القرآن الكريم

 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
 
  #1  
قديم 05-23-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي الفاتحة 001 - آية 005 - إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مرحبا بكم معنا في المسجد الأقصى المبارك
سورة 001 - الفاتحة - آية رقم 005

إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
صدق الله العظيم
السابق التالي
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم

آخر تعديل بواسطة admin ، 12-05-2010 الساعة 10:17 AM
رد مع اقتباس
 
 
  #2  
قديم 12-02-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق 1-3

تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق 1-3

قال أبو جعفر: وتأويـل قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }: لك اللهم نـخشع، ونذلّ، ونستكين، إقراراً لك يا ربنا بـالربوبـية لا لغيرك. كما:

حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عبـاس، قال: قال جبريـل لـمـحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا مـحمد: إياك نعبد، إياك نوحد ونـخاف ونرجو يا ربَّنا لا غيرك.

وذلك من قول ابن عبـاس بـمعنى ما قلنا، وإنـما اخترنا البـيان عن تأويـله بأنه بـمعنى نـخشع، ونذل، ونستكين، دون البـيان عنه بأنه بـمعنى نرجو ونـخاف، وإن كان الرجاء والـخوف لا يكونان إلا مع ذلة لأن العبودية عند جميع العرب أصلها الذلّة، وأنها تسمي الطريقَ الـمُذَلَّل الذي قد وطئته الأقدام وذللته السابلة: مُعَبَّداً. ومن ذلك قول طَرَفة بن العبد:

تُبـارِي عِتَاقاً ناجياتٍ وأتْبَعَتْوَظِيفـاً وَظِيفـاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ


يعنـي بـالـمَوْر: الطريق، وبـالـمعبَّد: الـمذلّل الـموطوء. ومن ذلك قـيـل للبعير الـمذلل بـالركوب فـي الـحوائج: مُعَبَّد، ومنه سمي العبد عبدا لذلّته لـمولاه. والشواهد من أشعار العرب وكلامها علـى ذلك أكثر من أن تـحصى، وفـيـما ذكرناه كفـاية لـمن وفق لفهمه إن شاء الله تعالـى.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }.

قال أبو جعفر: ومعنى قوله: { وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وإيَّاك ربنا نستعين علـى عبـادتنا إياك وطاعتنا لك وفـي أمورنا كلها لا أحداً سواك، إذ كان من يكفر بك يستعين فـي أموره معبوده الذي يعبده من الأوثان دونك، ونـحن بك نستعين فـي جميع أمورنا مخـلصين لك العبـادة. كالذي:

حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنـي بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عبـاس: { وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } قال: إياك: نستعين علـى طاعتك وعلـى أمورنا كلها.

فإن قال قائل: وما معنى أمر الله عبـاده بأن يسألوه الـمعونة علـى طاعته؟ أوَ جائز وقد أمرهم بطاعته أن لا يعينهم علـيها؟ أم هل يقول قائل لربه: إياك نستعين علـى طاعتك، إلا وهو علـى قوله ذلك معان، وذلك هو الطاعة، فما وجه مسألة العبد ربه ما قد أعطاه إياه؟ قـيـل: إن تأويـل ذلك علـى غير الوجه الذي ذهبت إلـيه وإنـما الداعي ربه من الـمؤمنـين أن يعينه علـى طاعته إياه، داعٍ أن يعينه فـيـما بقـي من عمره علـى ما كلفه من طاعته، دون ما قد تَقَضَّى ومضى من أعماله الصالـحة فـيـما خلا من عمره. وجازت مسألة العبد ربَّه ذلك لأن إعطاء الله عبده ذلك مع تـمكينه جوارحه لأداء ما كلفه من طاعته وافترض علـيه من فرائضه، فضل منه جل ثناؤه تفضَّل به علـيه، ولطف منه لطف له فـيه ولـيس فـي تركه التفضل علـى بعض عبـيده بـالتوفـيق مع اشتغال عبده بـمعصيته وانصرافه عن مـحبته، ولا فـي بسطه فضله علـى بعضهم مع إجهاد العبد نفسه فـي مـحبته ومسارعته إلـى طاعته، فساد فـي تدبـير ولا جور فـي حكم، فـيجوز أن يجهل جاهل موضع حكم الله، وأمره عبده بـمسألته عونه علـى طاعته.
-1-

وفـي أمر الله جل ثناؤه عبـاده أن يقولوا: { إيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } بـمعنى مسألتهم إياه الـمعونة علـى العبـادة أدل الدلـيـل علـى فساد قول القائلـين بـالتفويض من أهل القدر، الذين أحلوا أن يأمر الله أحداً من عبـيده بأمر أو يكلفه فرض عمل إلا بعد إعطائه الـمعونة علـى فعله وعلـى تركه.

ولو كان الذي قالوا من ذلك كما قالوا لبطلت الرغبة إلـى الله فـي الـمعونة علـى طاعته، إذ كان علـى قولهم مع وجود الأمر والنهي والتكلـيف حقاً واجبـاً علـى الله للعبد إعطاؤه الـمعونة علـيه، سأله عبده ذلك أو ترك مسألة ذلك بل ترك إعطائه ذلك عندهم منه جور. ولو كان الأمر فـي ذلك علـى ما قالوا، لكن القائل: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعِينُ } إنـما يسأل ربه أن لا يجور. وفـي إجماع أهل الإسلام جميعاً علـى تصويب قول القائل: اللهم إنا نستعينك وتـخطئتهم قول القائل: اللهم لا تـجر علـينا، دلـيـل واضح علـى خطأ ما قال الذين وصفت قولهم، إذْ كان تأويـل قول القائل عندهم: اللهم إنا نستعينك، اللهم لا تترك معونتنا التـي تَرْكُهَا جور منك.

فإن قال قائل: وكيف قـيـل: { إيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فقدم الـخبر عن العبـادة، وأخرت مسألة الـمعونة علـيها بعدها؟ وإنـما تكون العبـادة بـالـمعونة، فمسألة الـمعونة كانت أحق بـالتقديـم قبل الـمعان علـيه من العمل والعبـادة بها. قـيـل: لـما كان معلوماً أن العبـادة لا سبـيـل للعبد إلـيها إلا بـمعونة من الله جل ثناؤه، وكان مـحالاً أن يكون العبد عابداً إلا وهو علـى العبـادة معانٌ، وأن يكون معاناً علـيها إلا وهو لها فـاعل كان سواء تقديـم ما قدم منهما علـى صاحبه، كما سواء قولك للرجل إذا قضى حاجتك فأحسن إلـيك فـي قضائها: قضيت حاجتـي فأحسنت إلـيَّ، فقدمت ذكر قضائه حاجتك. أو قلت: أحسنت إلـيّ فقضيت حاجتـي، فقدمت ذكر الإحسان علـى ذكر قضاء الـحاجة لأنه لا يكون قاضياً حاجتك إلا وهو إلـيك مـحسن، ولا مـحسناً إلـيك إلا وهو لـحاجتك قاض. فكذلك سواء قول القائل: اللهم إنا إياك نعبد فأعنّا علـى عبـادتك، وقوله: اللهم أعنا علـى عبـادتك فإنا إياك نعبد.

قال أبو جعفر: وقد ظن بعض أهل الغفلة أن ذلك من الـمقدَّم الذي معناه التأخير، كما قال امرؤ القـيس:

ولَوْ أَنَّ ما أسْعَى لأدنَى مَعِيشَةٍكَفـانِـي ولَـمْ أَطْلُبْ قَلِـيـلٌ مِنَ الـمَالِ


يريد بذلك: كفـانـي قلـيـل من الـمال ولـم أطلب كثـيراً. وذلك من معنى التقديـم والتأخير، ومن مشابهة بـيت امرىء القـيس بـمعزلٍ من أجل أنه قد يكفـيه القلـيـل من الـمال ويطلب الكثـير، فلـيس وجود ما يكفـيه منه بـموجب له ترك طلب الكثـير.
-2-

فـيكون نظير العبـادة التـي بوجودها وجود الـمعونة علـيها، وبوجود الـمعونة علـيها وجودها، ويكون ذكر أحدهما دالاًّ علـى الآخر، فـيعتدل فـي صحة الكلام تقديـم ما قدم منهما قبل صاحبه أن يكون موضوعاً فـي درجته ومرتبـاً فـي مرتبته. فإن قال: فما وجه تكراره: { إِيَّاكَ } مع قوله: { نَسْتَعِينُ } وقد تقدم ذلك قبل نعبد؟ وهلا قـيـل: إياك نعبد ونستعين، إذْ كان الـمخبر عنه أنه الـمعبود هو الـمخبر عنه أنه الـمستعان؟ قـيـل له: إن الكاف التـي مع «إيّا»، هي الكاف التـي كانت تتصل بـالفعل، أعنـي بقوله: { نَعْبُدُ } لو كانت مؤخرة بعد الفعل. وهي كناية اسم الـمخاطب الـمنصوب بـالفعل، فكثُرِّتْ ب«إيَّا» متقدمة، إذ كانت الأسماء إذا انفردت بأنفسها لا تكون فـي كلام العرب علـى حرف واحد، فلـما كانت الكاف من «إياك» هي كناية اسم الـمخاطب التـي كانت تكون كافـا وحدها متصلة بـالفعل إذا كانت بعد الفعل، ثم كان حظها أن تعاد مع كل فعل اتصلت به، فـيقال: اللهم إنا نعبدك ونستعينك ونـحمدك ونشكرك وكان ذلك أفصح فـي كلام العرب من أن يقال: اللهم إنا نعبدك ونستعين ونـحمد كان كذلك إذا قدمت كناية اسم الـمخاطب قبل الفعل موصولة ب«إيَّا»، كان الأفصح إعادتها مع كل فعل. كما كان الفصيح من الكلام إعادتها مع كل فعل، إذا كانت بعد الفعل متصلة به، وإن كان ترك إعادتها جائزاً. وقد ظن بعض من لـم يـمعن النظر أن إعادة «إياك» مع «نستعين» بعد تقدمها فـي قوله: { إياكَ نَعْبُدُ } بـمعنى قول عديّ بن زيد العبـادي:

وجاعلُ الشَّمْس مِصْراً لا خَفَـاءَ بهِبـينَ النَّهارِ وبـينَ اللَّـيْـل قَدْ فَصَلاَ


وكقول أعشى همدان:

بـينَ الأشَجِّ وبـينَ قَـيْسٍ بـاذِخٌبَخْ بَخْ لوَالدِه وللـمَوْلُودِ


وذلك جهل من قائله من أجل أن حظ «إياك» أن تكون مكرّرة مع كل فعل لـما وصفنا آنفـاً من العلة، ولـيس ذلك حكم «بـين» لأنها لا تكون إذا اقتضت اثنـين إلاّ تكريراً إذا أعيدت، إذ كانت لا تنفرد بـالواحد. وأنها لو أفردت بأحد الاسمين فـي حال اقتضائها اثنـين كان الكلام كالـمستـحيـل وذلك أن قائلاً لو قال: الشمس قد فصلت بـين النهار، لكان من الكلام خـلْفـاً لنقصان الكلام عما به الـحاجة إلـيه من تـمامه الذي يقتضيه «بـين». ولو قال القائل: «اللهم إياك نعبد» لكان ذلك كلاماً تاماً. فكان معلوماً بذلك أن حاجة كل كلـمة كانت نظيرة «إياك نعبد» إلـى «إياك» كحاجة «نعبد» إلـيها، وأن الصواب أن تكرّر معها «إياك»، إذ كانت كل كلـمة منها جملة خبر مبتدأ، وبـينا حكم مخالفة ذلك حكم «بـين» فـيـما وفق بـينهما الذي وصفنا قوله.

__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #3  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق

تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


«إيا» ضمير منفصل للمنصوب، واللواحق التي تلحقه من الكاف والهاء والياء في قولك: إياك، وإياه، وإياي، لبيان الخطاب والغيبة والتكلم، ولا محل لها من الإعراب، كما لا محل للكاف في أرأيتك، وليست بأسماء مضمرة، وهو مذهب الأخفش وعليه المحققون، وأما ما حكاه الخليل عن بعض العرب: «إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب» فشيء شاذ لا يعوّل عليه، وتقديم المفعول لقصد الاختصاص، كقوله تعالى:

{ قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ } [الزمر39: 64]،
{ قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِى رَبّا } [الأنعام6: 164].

والمعنى نخصك بالعبادة، ونخصك بطلب المعونة. وقرىء: " إياك " بتخفيف الياء، وأياك بفتح الهمزة والتشديد، وهياك بقلب الهمزة هاء. قال طفيل الغنوي:

فهَيَّاكَ والأَمْرَ الَّذِي إنّ تَرَاحَبَتْمَوَارِدُهُ ضاقَتْ عليْكَ مَصادِرُه


والعبادة أقصى غاية الخضوع والتذلل. ومنه: ثوب ذو عبدة إذا كان في غاية الصفاقة وقوّة النسج، ولذلك لم تستعمل إلا في الخضوع لله تعالى، لأنه مولى أعظم النعم فكان حقيقاً بأقصى غاية الخضوع. فإن قلت: لم عدل عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب؟ قلت: هذا يسمى الالتفات في علم البيان قد يكون من الغيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغيبة، ومن الغيبة إلى التكلم، كقوله تعالى:

{ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِى ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم } [يونس10: 22]. وقوله تعالى:
{ وَٱللَّهُ ٱلَّذِى أَرْسَلَ ٱلرّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَـٰباً فَسُقْنَاهُ } [فاطر35: 9].


وقد التفت امرؤ القيس ثلاث التفاتات في ثلاثة أبيات:

تَطَاوَلَ لَيْلُكَ بالأَثْمَدِونَامَ الخَلِيُّ ولَم تَرْقُد
ِ وبَاتَ وباتَتْ لَهُ لَيْلةٌكلَيْلَةِ ذِي العائرِ الأرْمَدِ
وذٰلِكَ مِنْ نَبَإ جَاءَنيوخبِّرْتُهُ عنْ أَبي الأَسوَدِ


وذلك على عادة افتتانهم في الكلام وتصرفهم فيه، ولأنّ الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب، كان ذلك أحسن تطرية لنشاط السامع، وإيقاظاً للإصغاء إليه من إجرائه على أسلوب واحد، وقد تختص مواقعه بفوائد. ومما اختص به هذا الموضع: أنه لما ذكر الحقيق بالحمد، وأجرى عليه تلك الصفات العظام، تعلق العلم بمعلوم عظيم الشأن حقيق بالثناء وغاية الخضوع والاستعانة في المهمات، فخوطب ذلك المعلوم المتميز بتلك الصفات، فقيل: إياك يا من هذه صفاته نخص بالعبادة والاستعانة، لا نعبد غيرك ولا نستعينه، ليكون الخطاب أدل على أنّ العبادة له لذلك التميز الذي لا تحق العبادة إلا به. فإن قلت: لم قرنت الاستعانة بالعبادة؟ قلت: ليجمع بين ما يتقرّب به العباد إلى ربهم وبين ما يطلبونه ويحتاجون إليه من جهته. فإن قلت: فلم قدّمت العبادة على الاستعانة؟ قلت: لأنّ تقديم الوسيلة قبل طلب الحاجة ليستوجبوا الإجابة إليها. فإن قلت: لم أطلقت الاستعانة؟ قلت: ليتناول كل مستعان فيه، والأحسن أن تراد الاستعانة به وبتوفيقه على أداء العبادة، ويكون قوله: { ٱهْدِنَا } بياناً للمطلوب من المعونة، كأنه قيل: كيف أعينكم؟ فقالوا: اهدنا الصراط المستقيم، وإنما كان أحسن لتلاؤم الكلام وأخذ بعضه بحجزة بعض. وقرأ ابن حبيش: " نستعين " ، بكسر النون.


__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #4  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق

تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


اللغة: العبادة في اللغة هي الذلة يقال: طريق معبّد أي: مذلل بكثرة الوطء قال طرفة:

تُبَارِي عِتَاقاً ناجِياتٍ وَأَتْبعَتوَظِيِفاً وظيِفاً فَوْقَ مَورٍ مُعبَّد


وبعير معبّد: إِذا كان مطلياً بالقطران وسمي العبد عبداً لذلته وانقياده لمولاه والاستعانة طلب المعونة يقال: استعنته واستعنت به.

الإعراب: قال أبو إِسحاق إِبراهيم بن السري الزجاج: موضع إِياك نصب بوقوع الفعل عليه وموضع الكاف في إِياك خفض بإِضافة إِيا إِليها اسم للضمير المنصوب إِلا أنه ظاهر يضاف إِلى سائر المضمرات نحو قولك: إِيّاك ضربت وإِيّاه ضربت وإِيّاي حدثت. ولو قلت: أيّا زيد حدثت كان قبيحاً لأنه خص به المضمر. وقد روى الخليل عن العرب: إِذا بلغ الرجل الستين فإِيّاه وإِيا الشوابّ وهذا كلام الزجاج ورد عليه الشيخ أبو علي الفارسي فقال: إن إيّا ليس بظاهر بل هو مضمر يدل على ذلك تغير ذاته وامتناع ثباته في حال الرفع والجر وليس كذلك الاسم الظاهر, ألا ترى أنه يعتقب عليه الحركات في آخره ويحكم له بها في موضعه من غير تغير نفسه فمخالفته للمظهر فيما وصفناه يدل على أنه مضمر ليس بمظهر. قال: وحكى السراج عن المبرد عن أبي الحسن الأخفش أنه اسم مفرد مضمر يتغير آخره كما تتغير أواخر المضمرات لاختلاف أعداد المضمرين والكاف في إياك كالتي في ذلك وهي دالة على الخطاب فقط مجردة عن كونها علامة للمضمر فلا محل لها من الإعراب.

وأقول: وهكذا الحكم في إِياي وإِيانا وإِياها في أنها حروف تلحق إيّا فالياء في إِياي دليل على التكلم والهاء في إِياه تدل على الغيبة لا على نفس الغائب ويجري التأكيد على إِيا منصوباً تقول: إِياك نفسك رأيت وإِياه نفسه ضربت وإِياهم كلهم عنيت فاعرفه ولا يجيز أبو الحسن إِياك وايّا زيد ويستقل روايتهم عن العرب إذا بلغ الرجل الستين فإِياه وإيّا الشواب ويحمله على الشذوذ لأن الغرض في الإِضافة التخصيص والمضمر على نهاية التخصيص فلا وجه لإضافته, والأصل في نستعين: نستعوِن لأنه من المعونة والعون لكن الواو قلبت ياء لثقل الكسرة عليها فنقلت كسرتها إلى العين قبلها فتصير الياء ساكنة لأن هذا من الإعلال الذي يتبع بعضه بعضاً نحو أعان يعين وقام يقوم وفي شرحه كلام, وربما يأتي مشروحاً فيما بعد إن شاء الله, وقولـه نعبد ونستعين مرفوع لوقوعه موقعاً يصلح للاسم ألا ترى أنك لو قلت أنا عابدك وأنا مستعينك لقام مقامه وهذا المعنى عمل فيه الرفع وأما الإعراب في الفعل المضارع فلمضارعته الاسم لأن الأصل في الفعل البناء وإِنما يعرب منه ما شابه الأسماء وهو ما لحقت أوله زيادة من هذه الزيادات الأربع التي هي: الهمزة والنون والتاء والياء.
-1-

المعنى: قولـه تعالى: { إِياك نعبد وإِياك نستعين } أدل على الاختصاص من أن نقول نعبدك ونستعينك لأن معناه نعبدك ولا نعبد سواك ونستعينك ولا نستعين غيرك كما إذا قال الرجل إِياك أعني فمعناه لا أعني غيرك ويكون أبلغ من أن يقول أعنيك والعبادة ضرب من الشكر وغاية فيه لأنها الخضوع بأعلى مراتب الخضوع مع التعظيم بأعلى مراتب التعظيم ولا يستحق إلا بأصول النعم التي هي خلق الحياة والقدرة والشهوة ولا يقدر عليه غير الله تعالى فلذلك اختص سبحانه بأن يعبد ولا يستحق بعضنا على بعض العبادة كما يستحق بعضنا على بعض الشكر وتحسن الطاعة لغير الله تعالى ولا تحسن العبادة لغيره وقول من قال: إن العبادة هي الطاعة للمعبود يفسد بأن الطاعة موافقة الأمر وقد يكون موافقاً لأمره ولا يكون عابداً له ألا ترى أن الإبن يوافق أمر الأب ولا يكون عابداً له وكذلك العبد يطيع مولاه ولا يكون عابداً له بطاعته إِياه والكفار يعبدون الأصنام ولا يكونون مطيعين لهم إِذ لا يتصور من جهتهم الأمر ومعنى قولـه إِياك نستعين إِياك نستوفق ونطلب المعونة على عبادتك وعلى أمورنا كلها والتوفيق هو أن يجمع بين جميع الأسباب التي يحتاج إِليها في حصول الفعل ولهذا لا يقال فيمن أعان غيره وفّقه لأنه لا يقدر أن يجمع بين جميع الأسباب التى يحتاج إليها في حصول الفعل, وأما تكرار قولـه إِياك فلأنه لو اقتصر على واحد ربما توهم متوهم أنه لا يتقرب إِلى الله تعالى إِلا بالجمع بينهما ولا يمكنه أن يفصل بينهما وهو إِذا تفكر في عظمة الله تعالى كان عبادة وإن لم يستعن به وقيل إنه جمع بينهما للتأكيد كما يقال الدار بين زيد وبين عمرو ولو اقتصر على واحد فقيل بين زيد وعمرو كان جائزاً قال عدي بن زيد:

وجَاعِلُ الشَّمْسَ مِصْراً لاَ خَفَاءَ بِهِبَيْنَ النَّهارِ وبَينَ اللَّيْلِ قَدْ فَصَلا


وقال أعشى همدان:

بَينَ الأَشَجِّ وبَينَ قَيْسٍ باذِخٌبَخ بَخْ لِوَالدِه وَلِلْمَوْلودِ


وهذا القول فيه نظر لأن التكرير إنما يكون تأكيداً إِذا لم يكن محمولاً على فعل ثان. وإِياك الثاني في الآية محمول على نستعين ومفعول له فكيف يكون تأكيداً وقيل أيضاً إنه تعليم لنا في تجديد ذكره تعالى عند كل حاجة فإِن قيل: إن عبادة الله تعالى لا تتأتى بغير إعانة منه فكان يجب أن يقدم الإستعانة على العبادة فالجواب: أنه قدم العبادة على الاستعانة لا على الإعانة وقد تأتي بغير استعانة وأيضاً فإِن أحدهما إِذا كان مرتبطاً بالآخر لم يختلف التقديم والتأخير كما يقال: قضيت حقي فأحسنت إِلي وأحسنت إِلي فقضيت حقي وقيل إن السؤال للمعونة إِنما يقع على عبادة مستأنفة لا على عبادة واقعة منهم وإِنما حسن طلب المعونة, وإِن كان لا بد منها مع التكليف على وجه الانقطاع إليه تعالى كقولـه
-2-

{ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ } [الأنبياء21: 112]

ولأنه ربما لا يكون اللطف في إِدامة التكليف ولا في فعل المعونة به إِلا بعد تقديم الدعاء من العبد, وقد أخطأ من استدل بهذه الآية على أن القدرة مع الفعل من حيث إن القدرة لو كانت متقدمة لما كان لطلب المعونة وجه لأن للرغبة إِلى الله تعالى في طلب المعونة وجهين: أحدهما: أن يسأل الله تعالى من ألطافه وما يقوي دواعيه ويسهل الفعل عليه ما ليس بحاصل ومتى لطف له بأن يعلمه أن له في فعله الثواب العظيم زاد ذلك في نشاطه ورغبته. والثاني: أن يطلب بقاء كونه قادراً على طاعته المستقبلة بأن تجدد له القدرة حالا بعد حال عند من لا يقول ببقائها وأن لا يقول ببقائها وأن لا يفعل ما يضادها, وينفيها عند من قال ببقائها. وأما العدول عن الخبر إلى الخطاب في قولـه إِياك نعبد إِلى آخر السورة فعلى عادة العرب المشهورة وأشعارهم من ذلك مملوءة قال لبيد:

بَاتَتْ تَشكَّى إِليَّ النَّفْسَ مُجْهِشَةًوقَدْ حَمَلْتُكِ سَبْعاً بَعْدَ سَبْعِينا


وقال أبو كثير الهذلي:

يَا لَهْفَ نَفْسِي كانَ جِدَّةُ خالِدِوبَياضُ وَجْهِكَ لِتُّرَابِ الأعْفَرِ


فرجع من الإخبار عن النفس إلى مخاطبتها في البيت الأول ومن الإخبار عن خالد إلى خطابه في البيت الثاني. وقال الكسائي: تقديره قولوا إِياك نعبد أو قل يا محمد هذا كما قال الله تعالى:

{ وَلَو تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِم عِندَ رَبِّهِم رَبَّنَا أَبْصَرْنَا } [السجدة32: 12]

أي يقولون ربنا أبصرنا وقال:

-3-
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #5  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق

تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


وأما قوله تعالى { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فاعلم أن العبادة عبارة عن الإتيان بالفعل المأمور به على سبيل التعظيم للآمر فما لم يثبت بالدليل أن لهذا العالم إلهاً واحداً. قادراً على مقدورات لا نهاية لها، عالماً بمعلومات لا نهاية لها، غنياً عن كل الحاجات، فإنه أمر عباده ببعض الأشياء، ونهاهم عن بعضها، وأنه يجب على الخلائق طاعته والانقياد لتكاليفه ـ فإنه لا يمكن القيام بلوازم قوله تعالى { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } ثم إن بعد الفراغ من المقام المذكور لا بدّ من تفصيل أقسام تلك التكاليف، وبيان أنواع تلك الأوامر والنواهي، وجميع ما صنف في الدين من «كتب الفقه» يدخل فيه تكاليف الله، ثم كما يدخل فيه تكاليف الله تعالى بحسب هذه الشريعة فكذلك يدخل فيه تكاليف الله تعالى بحسب الشرائع التي قد كان أنزلها الله تعالى على الأنبياء المتقدمين، وأيضاً يدخل فيه الشرائع التي كلف الله بها ملائكته في السموات منذ خلق الملائكة وأمرهم بالاشتغال بالعبادات والطاعات، وأيضاً «فكتب الفقه» مشتملة على شرح التكاليف المتوجهة في أعمال الجوارح، أما أقسام التكاليف الموجودة في أعمال القلوب فهي أكبر وأعظم وأجل، وهي التي تشتمل عليها «كتب الأخلاق»، و «كتب السياسات»، بحسب الملل المختلفة والأمم المتباينة، وإذا اعتبر الإنسان مجموع هذه المباحث وعلم أنها بأسرها داخلة تحت قوله تعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } علم حينئذٍ أن المسائل التي اشتملت هذه الآية عليها كالبحر المحيط الذي لا تصل العقول والأفكار إلا إلى القليل منها.


__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #6  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق 1-2

تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق 1-2


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


قرأ السبعة والجمهور بتشديد الياء من إياك، وقرأ عمرو بن فايد بتخفيفها مع الكسر، وهي قراءة شاذة مردودة؛ لأن إيا ضوء الشمس، وقرأ بعضهم: أياك، بفتح الهمزة وتشديد الياء، وقرأ بعضهم: هياك بالهاء بدل الهمزة؛ كما قال الشاعر:

فَهَيَّاكَ والأَمْرَ الذي إن تَراحَبَتْموارِدُهُ ضاقَتْ عليكَ مَصادِرُهْ


ونستعين بفتح النون أول الكلمة في قراءة الجميع، سوى يحيى بن وثاب والأعمش؛ فإنهما كسراها، وهي لغة بني أسد وربيعة وبني تميم، والعبادة في اللغة من الذلة، يقال: طريق معبد، وبعير معبد، أي: مذلل. وفي الشرع عبارة عما يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف. وقدم المفعول، وهو إياك، وكرر؛ للاهتمام والحصر، أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، وهذا هو كمال الطاعة، والدين كله يرجع إلى هذين المعنيين، وهذا كما قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فالأول تبرؤ من الشرك، والثاني تبرؤ من الحول والقوة، والتفويض إلى الله عز وجل، وهذا المعنى في غير آية من القرآن؛ كما قال تعالى:

{ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [هود11: 123]،
{ قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ءَامَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا } [الملك67: 29]،
{ رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } [المزمل73: 9]

وكذلك هذه الآية الكريمة: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وتحول الكلام من الغيبة إلى المواجهة بكاف الخطاب، وهو مناسب؛ لأنه لما أثنى على الله، فكأنه اقترب وحضر بين يدي الله تعالى، فلهذا قال: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وفي هذا دليل على أن أول السورة خبر من الله تعالى بالثناء على نفسه الكريمة بجميل صفاته الحسنى، وإرشاد لعباده بأن يثنوا عليه بذلك، ولهذا لا تصح صلاة من لم يقل ذلك، وهو قادر عليه؛ كما جاء في الصحيحين عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " وفي صحيح مسلم من حديث العلاء بن عبد الرحمن مولى الحرقة عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، إذا قال العبد: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: { ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيم } قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قال: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } قال الله: مجدني عبدي، وإذا قال: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ } قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل " وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } يعني: إياك نوحد ونخاف ونرجوك يا ربنا لا غيرك { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } على طاعتك، وعلى أمورنا كلها.

-1-

وقال قتادة: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } يأمركم أن تخلصوا له العبادة، وأن تستعينوه على أموركم. وإنما قدم: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } على: { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }؛ لأن العبادة له هي المقصودة، والاستعانة وسيلة إليها، والاهتمام والحزم تقديم ما هو الأهم فالأهم. والله أعلم. فإن قيل: فما معنى النون في قوله تعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فإن كانت للجمع فالداعي واحد، وإن كانت للتعظيم فلا يناسب هذا المقام؟ وقد أجيب بأن المراد من ذلك الإخبار عن جنس العباد، والمصلي فرد منهم، ولا سيما إن كان في جماعة، أو إمامهم، فأخبر عن نفسه وعن إخوانه المؤمنين بالعبادة التي خلقوا لأجلها، وتوسط لهم بخير، ومنهم من قال: يجوز أن تكون للتعظيم؛ كأن العبد قيل له: إذا كنت داخل العبادة، فأنت شريف، وجاهك عريض، فقل: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وإن كنت خارج العبادة، فلا تقل: نحن، ولا فعلنا، ولو كنت في مائة ألف أو ألف ألف؛ لاحتياج الجميع إلى الله عز وجل، وفقرهم إليه. ومنهم من قال: إياك نعبد ألطف في التواضع من إياك عبدنا؛ لما في الثاني من تعظيم نفسه من جعله نفسه وحده أهلاً لعبادة الله تعالى الذي لا يستطيع أحد أن يعبده حق عبادته، ولا يثني عليه كما يليق به، والعبادة مقام عظيم يشرف به العبد؛ لانتسابه إلى جناب الله تعالى؛ كما قال بعضهم:

لا تَدْعُنِي إِلاَّ بيا عَبْدَهافَإِنَّهُ أَشْرَفُ أَسْمائِي


وقد سمى الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعبده في أشرف مقاماته فقال:

{ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَـٰبَ } [الكهف18: 1]
{ وَأَنَّهُ لَّمَا قَامَ عَبْدُ ٱللَّهِ يَدْعُوهُ } [الجن72: 19]،
{ سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً } [الإسراء17: 1]

فسماه عبداً عند إنزاله عليه، وعند قيامه في الدعوة وإسرائه به، وأرشده إلى القيام بالعبادة في أوقات يضيق صدره من تكذيب المخالفين حيث يقول:

{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ *فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ *وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ } [الحجر15: 97 - 99]

وقد حكى الرازي في تفسيره عن بعضهم أن مقام العبودية أشرف من مقام الرسالة؛ لكون العبادة تصدر من الخلق إلى الحق، والرسالة من الحق إلى الخلق، قال: ولأن الله يتولى مصالح عبده، والرسول يتولى مصالح أمته، وهذا القول خطأ، والتوجيه أيضاً ضعيف لا حاصل له، ولم يتعرض له الرازي بتضعيف ولا رد. وقال بعض الصوفية: العبادة إما لتحصيل ثواب، أو درء عقاب، قالوا: وهذا ليس بطائل، إذ مقصوده تحصيل مقصوده، وإما للتشريف بتكاليف الله تعالى، وهذا أيضاً عندهم ضعيف، بل العالي أن يعبد الله لذاته المقدسة الموصوفة بالكمال، قالوا: ولهذا يقول المصلي: أصلي لله، ولو كان لتحصيل الثواب ودرء العقاب لبطلت الصلاة. وقد رد ذلك عليهم آخرون، وقالوا: كون العبادة لله عز وجل لا ينافي أن يطلب معها ثواباً، ولا أن يدفع عذاباً؛ كما قال ذلك الأعرابي: أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، إنما أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " حولها ندندن ".

-2-
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #7  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق 1-2

تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق 1-2


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ثم إنه لما ذكر الحقيق بالحمد، ووصف بصفات عظام تميز بها عن سائر الذوات وتعلق العلم بمعلوم معين خوطب بذلك، أي: يا من هذا شأنه نخصك بالعبادة والاستعانة، ليكون أدل على الاختصاص، وللترقي من البرهان إلى العيان والانتقال من الغيبة إلى الشهود، فكأن المعلوم صار عياناً والمعقول مشاهداً والغيبة حضوراً، بنى أول الكلام على ما هو مبادي حال العارف من الذكر والفكر والتأمل في أسمائه والنظر في آلائه والاستدلال بصنائعه على عظيم شأنه وباهر سلطانه، ثم قفى بما هو منتهى أمره وهو أن يخوض لجة الوصول ويصير من أهل المشاهدة فيراه عياناً ويناجيه شفاهاً.

اللهم اجعلنا من الواصلين للعين دون السامعين للأثر. ومن عادة العرب التفنن في الكلام والعدول من أسلوب إلى آخر تطرية له وتنشيطاً للسامع، فيعدل من الخطاب إلى الغيبة، ومن الغيبة إلى التكلم وبالعكس، كقوله تعالى:

تطاوَلَ ليلُكَ بالإِثمدِونامَ الخليُّ ولم تَرْقُدِ
وباتَ وباتَتْ له ليلةكَلَيْلَةِ ذي العائرِ الأرْمَدِ
وَذَلِكَ منْ نَبَأ جاءني
وَخبرْتهُ عَن أَبي الأَسْودِ


وإيا ضمير منصوب من فصل، وما يلحقه من الياء والكاف والهاء حروف زيدت لبيان التكلم والخطاب والغيبة لا محل لها من الإعراب، كالتاء في أنتَ والكاف في أرأيتك. وقال الخليل: إيا مضاف إليها، واحتج بما حكاه عن بعض العرب إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب، وهو شاذ لا يعتمد عليه. وقيل: هي الضمائر، وإيا عمدة فإنها لما فصلت عن العوامل تعذر النطق بها مفردة فضم إليها إيا لتستقل به، وقيل: الضمير هو المجموع. وقرىء { إِيَّاكَ } بفتح الهمزة و «هياك» بقلبها هاء.

والعبادة: أقصى غاية الخضوع والتذلل ومنه طريق معبَّد أي مذلل، وثوب ذو عبدة إذا كان في غاية الصفاقة، ولذلك لا تستعمل إلا في الخضوع لله تعالى.

والاستعانة: طلب المعونة وهي: إما ضرورية، أو غير ضرورية والضرورية ما لا يتأتى الفعل دونه كاقتدار الفاعل وتصوره وحصول آلة ومادة يفعل بها فيها وعند استجماعها يوصف الرجل بالاستطاعة ويصح أن يكلف بالفعل. وغير الضرورية تحصيل ما يتيسر به الفعل ويسهل كالراحلة في السفر للقادر على المشي، أو يقرب الفاعل إلى الفعل ويحثه عليه، وهذا القسم لا يتوقف عليه صحة التكليف والمراد طلب المعونة في المهمات كلها، أو في أداء العبادات، والضمير المستكن في الفعلين للقارىء ومن معه من الحفظة، وحاضري صلاة الجماعة. أو له ولسائر الموحدين. أدرج عبادته في تضاعيف عبادتهم وخلط حاجته بحاجتهم لعلها تقبل ببركتها ويجاب إليها ولهذا شرعت الجماعة وقدم المفعول للتعظيم والاهتمام به والدلالة على الحصر ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما (معناه نعبدك ولا نعبد غيرك) وتقديم ما هو مقدم في الوجود والتنبيه على أن العابد ينبغي أن يكون نظره إلى المعبود أولاً وبالذات، ومنه إلى العبادة لا من حيث إنها عبادة صدرت عنه بل من حيث إنها نسبة شريفة إليه ووصلة سنية بينه وبين الحق، فإن العارف إنما يحق وصوله إذا استغرق في ملاحظة جناب القدس وغاب عما عداه، حتى إنه لا يلاحظ نفسه ولا حالا من أحوالها إلا من حيث إنها ملاحظة له ومنتسبة إليه، ولذلك فضل ما حكى الله عن حبيبه حين قال:
-1-

{ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا } [التوبة9: 40]

على ما حكاه عن كليمه حين قال:

{ إِنَّ مَعِىَ رَبّى سَيَهْدِينِ } [الشعراء26: 62]

وكرر الضمير للتنصيص على أنه المستعان به لا غير، وقدمت العبادة على الاستعانة ليتوافق رؤوس الآي، ويعلم منه أن تقديم الوسيلة على طلب الحاجة أدعى إلى الإجابة


وأقول: لما نسب المتكلم العبادة إلى نفسه أوهم ذلك تبجحاً واعتداداً منه بما يصدر عنه، فعقبه بقوله: { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ليدل على أن العبادة أيضاً مما لا يتم ولا يستتب له إلا بمعونة منه وتوفيق، وقيل: الواو للحال والمعنى نعبدك مستعينين بك. وقرىء بكسر النون فيهما وهي لغة بني تميم فإنهم يكسرون حروف المضارعة سوى الياء إذا لم ينضم ما بعدها.
-2-
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #8  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير تفسير الجلالين/ المحلي و السيوطي (ت المحلي 864 هـ) مصنف و مدقق

تفسير تفسير الجلالين/ المحلي و السيوطي (ت المحلي 864 هـ) مصنف و مدقق

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } أي نخصك بالعبادة من توحيد وغيره ونطلب المعونة على العبادة وغيرها.


__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #9  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق

تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


قوله عز وجل: { إِيَاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }

قوله: { إِيَّاكَ } هو كناية عن اسم الله تعالى، وفيه قولان:

أحدهما: أن اسم الله تعالى مضاف إلى الكاف، وهذا قول الخليل.

والثاني: أنها كلمة واحدة كُنِّيَ بها عن اسم الله تعالى، وليس فيها إضافة لأن المضمر لا يضاف، وهذا قول الأخفش.

وقوله: { نَعْبُدُ } فيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: أن العبادة الخضوع، ولا يستحقها إلا الله تعالى، لأنها أعلى مراتب الخضوع، فلا يستحقها إلا المنعم بأعظم النعم، كالحياة والعقل والسمع والبصر.

والثاني: أن العبادة الطاعة.

والثالث: أنها التقرب بالطاعة.

والأول أظهرها، لأن النصارى عبدت عيسى عليه السلام، ولم تطعه بالعبادة، والنبي صلى الله عليه وسلم مطاع، وليس بمعبودٍ بالطاعة.

__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #10  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق

تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق



{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } * { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }


قوله تعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }

وقرأ الحسن، وأبو المتوكل، وأبو مجلز «يُعْبَدُ» بضم الياء وفتح الباء. قال ابن الأنباري: المعنى: قل يا محمد: إِياك يعبد، والعرب ترجع من الغيبة إِلى الخطاب، ومن الخطاب الى الغيبة، كقوله تعالى:

{ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم } [يونس10: 22] وقوله:
{ وَسَقَاهُم رَبُّهُم شَرَاباً طَهُوراً *إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُم جَزَاءً } [الدهر76: 21، 22]


وقال لبيد:

باتت تشكى إليَّ النفس مجهشةوقد حمتلك سبعاً بعد سبعينا


وفي المراد بهذه العبادة ثلاثة أقوال.

أحدهما: أنها بمعنى التوحيد. روي عن علي، وابن عباس في آخرين.

والثاني: أنها بمعنى الطاعة، كقوله:


والثالث: أنها بمعنى الدعاء، كقوله:

{ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَتِي } [غافر40: 60]


قوله تعالى: { إِهدنا } فيه أربعة أقوال:

أحدها: ثبتنا. قاله عليّ، وأبيّ. والثاني: أرشدنا. والثالث: وفقنا. والرابع: ألهمنا. رويت هذه الثلاثة عن ابن عباس.

و { الصراط } الطريق

ويقال: إِن أصله بالسين، لأنه من الاستراط وهو: الابتلاع، فالسراط كأنه يسترط المارّين عليه، فمن قرأَ السين، كمجاهد، وابن محيصن، ويعقوب، فعلى أصل الكلمة، ومن قرأ بالصاد، كأبي عمرو، والجمهور، فلأنها أَخف على اللسان، ومن قرأ بالزاي، كرواية الأصمعي عن أبي عمرو، واحتج بقول العرب: سقر وزقر. وروي عن حمزة: إِشمام السين زاياً، وروي عنه أنه تلفظ بالصراط بين الصاد والزاي.

قال الفراء: اللغة الجيدة بالصاد، وهي لغة قريش الأولى، وعامة العرب يجعلونها سيناً، وبعض قيس يشمُّون الصاد، فيقول: الصراط بين الصاد والسين، وكان حمزة يقرأ «الزراط» بالزاي، وهي لغة لعذرة وكلب وبني القين. يقولون في أصدق أزدق.

وفي المراد بالصراط هاهنا أربعة أقوال.

أحدها: أنه كتاب الله، رواه علي عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والثاني: أنه دين الاسلام. قاله ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، و أبوالعالية في آخرين.

والثالث: أنه الطريق الهادي إلى دين الله، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مجاهد.

والرابع: أنه طريق الجنة، نقل عن ابن عباس أيضاً. فان قيل: ما معنى سؤال المسلمين الهداية وهم مهتدون؟ ففيه ثلاثة أجوبة:

أحدها: أن المعنى: إِهدنا لزوم الصراط، فحذف اللزوم. قاله ابن الأنباري.

والثاني: أن المعنى ثبتنا على الهدى، تقول العرب للقائم: قم حتى آتيك، أي: اثبت على حالك.

والثالث: أن المعنى زدنا هدىً.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
إضافة رد
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 10:42 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.