*شهر آب وذكرى خراب الهيكل خلال عيد الأضحى*

كَلَّتْ مِنَ الدُّمُوعِ عَيْنَايَ. غَلَتْ أَحْشَائِي. انْسَكَبَتْ عَلَى الأَرْضِ كَبِدِي عَلَى سَحْقِ بِنْتِ شَعْبِي، لأَجْلِ غَشَيَانِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ فِي سَاحَاتِ الْقَرْيَةِ. ... مراثي أرميا 2..11

مع مساء يوم الخميس 1.8.2019 يبدأ شهر آب العبري لهذا العام، وقد ارتبط هذا الشهر في الموروث اليهودي بكوارث كبيرة وكثيرة حلّت على جماعة اسرائيل، كان أبرزها وأهمها يوم "التاسع من آب" كما ورد في سفر أرميا، ومراثيه. والذي يوافق يوم الأحد 11.8.2019

*يوم صوم وحداد كبير*

اكتسب التاسع من آب العبري صفته هذه كونه يوم حداد عام يغشى المجتمع اليهودي حزنا على أحداث كثيرة في تاريخ العبرانين بحسب نصوصهم. أهم هذه الأحداث هي " ذكرى خراب الهيكل الأول " الذي دمره الكلدانيون على يد نبوخذ نصر في 586 ق.م، وذلك بحسب نصوص التوراة في سفر أرميا إصحاح 52.

ذكرى خراب الهيكل للمرة الثانية، على يد القائد الروماني تيطس عام 70 ميلادي،

منع جماعة اسرائيل من دخول ارض اسرائيل، وحراثة القدس على يد هدريانوس.

موت باركوخبا الذي قاد الثورة اليهودية ضد الرومان عام 132ميلادي.

ومن بين الأحداث التي يرجعها اليهود إلى نفس تاريخ التاسع من آب؛ حادثة طردهم من انجلترا في 18.7.1290، وطردهم أيضا من اسبانيا في 31-7-1492.

لذلك يعد هذا اليوم من أكثر الأيام حزنا وألما عند اليهود بين كل أيام العام العبري على الإطلاق، وقد فرضت الحاخامية على اليهود في هذا اليوم "الصيام القاسي" كنوع من تعذيب النفس والشعور بالذنب العظيم، وذلك على الأرجح بعد عودتهم من السبي البابلي كما يذكر تاريخهم.

*عين على المسجد الأقصى خلال يوم التاسع من آب*

بما أن يوم التاسع من آب يرتبط ارتباطا مباشرا بالمسجد الأقصى وبذكرى خراب الهيكل كما يزعم اليهود، فإن هذا اليوم يعد من أخطر الأيام وأخطر المواسم التهويدية التي يتعرض لها المسجد الأقصى، فعادة ما تكثر الدعوات المنادية باقتحام الأقصى وإقامة الطقوس التوراتية داخله وأداء الصلوات التلمودية على أنقاض المعبد المزعوم، ولأجل هذا اليوم تعد جماعات الهيكل نفسها جيدا، فتقيم سنويا مؤتمرا خاصا قبيل هذا الحدث بأيام، تجتمع فيه كل جماعات الهيكل، وخلاله تقرر كيفية احياء ذكرى خراب الهيكل بتهويد الأقصى، ومحاولة اعادة امجاد الهيكل المزعوم.

وقد شهد الأقصى خلال الأعوام الماضية تركيزا صهيونيا كبيرا على هذا اليوم، وخاصة في عدد المقتحمين للأقصى، وشكل الاقتحامات، فقد سجّل عام 2017 اقتحام 1264 متطرفا يهوديا في يوم واحد، وارتفع العدد خلال عام 2018 ليصل إلى 1440 متطرف خلال ذكرى "خراب الهيكل". مقارنة بعام 2016 الذي لم يشهد سوى اقتحام 400 متطرف خلال نفس اليوم، هذه الزيادة كان لحكومة الاحتلال الصهيوني أكبر دور فيها وخاصة أن الحكومة الصهيونية باتت تتصدر مشهد الاقتحامات متمثلة ببعض وزراء الاحتلال وأعضاء الكنيست الصهيوني، وبسبب التعاون الكبير الذي بدأ من عامين بين شرطة الاحتلال الصهيونية وجماعات الهيكل المتطرفة، وفقدان الجماعات المتطرفة عنصر الخوف الشديد الذي كان يغشاهم سابقا مع كل اقتحام، خوفا من العمليات الانتقامية والردود الشعبية.

*التاسع من آب وعيد الأضحى خلال عام 2019*

لا يخفى على أحد أن "ذكرى خراب الهيكل" هذا العام توافق يوم الأحد 11.8.2019 أي خلال أول أيام عيد الأضحى، وهذا يعني أن الأقصى على موعد مع يوم مفصلي حاسم، إما لصالح جماعات الهيكل المتطرفة التي لا تتجاوز 4000 فردا أو لصالح الأمة الإسلامية التي تجاوزت مليار ونصف.

لاتزال جماعات الهيكل تعوّل كثيرا على حكومة الاحتلال بأن يتم فتح الأقصى للصهاينة خلال هذا اليوم، وهي تعمل على هذا الأساس متناسية تماما مرور ذكرى الخراب في يوم عيد الأضحى ، وكأن الأقصى أصبح لهم بكل المقاييس، جماعات الهيكل خاضت تجربة ناجحة خلال شهر رمضان الماضي في نفس هذا العام عندما توافقت ذكرى "يوم القدس" مع يوم 28 رمضان، وتم فتح الأقصى لاقتحاماتهم المتطرفة بمشهد ملحمي، بذلت فيه الشرطة الصهيونية كل الوسائل لتأمين واتمام الاقتحام، وقد تم بالفعل، واقتحم الأقصى أكثر من 1400 متطرف صهيوني في يوم واحد.

بعد اسبوع من الآن ستخوض الأمة الإسلامية امتحانا حرجا، وكل التعويل فيه سيكون على أعداد المرابطين الذين سيتوافدون على القدس والأقصى لحمايته في يوم مشهود كهذا!.

فالواجب على الجميع من الآن أن لا يدّخر أحد وقتا في الحشد والتعبئة لهذا اليوم، بكل الوسائل المتاحة، والواجب على الحركات والجمعيات والمنظمات أن تستغل هذا اليوم لإقامة البرامج والفعاليات التي من شأنها أن تجمع الناس في الأقصى وحوله لتفويت الفرصة على جماعات الهيكل، وليس معذور أحد من أن يتناسى الأقصى في يوم كهذا.

*ملاحظة* : للاستفادة من تجربة 28 رمضان أحيلكم إلى هذا المقال المهم... *اقتحام الأقصى 28 رمضان: وقفة لا بد منها*

#خراب_الهيكل

#عيد_الأضحى