إتفاق أمريكا - طالبان
HTM |
|
Wave |
الموضوع |
موضوع |
|
|
|
300340 |
|
|
|
|
300001 |
|
|
|
|
8 |
جرت اتصالات عديدة ومتقطعة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان طوال العقد الماضى،
وكان الهدف منها استطلاع مدى إمكانية التوصل إلى اتفاق للسلام بينهما على أرض أفغانستان أو
على الأقل تحقيق حالة من التهدئة النسبية للقتال بين القوات الأمريكية وقوات حكومة أفغانستان
من ناحية وطالبان من ناحية أخرى. وكانت هذه الاتصالات والمساعى من أطراف أخرى تنتهى
بلا نتيجة محددة ويعود الصراع إلى ما كان عليه، بل أشد، وتتوالى الخسائر على الجانبين.
وقد وعد الرئيس الأمريكى ترامب منذ توليه السلطة بإعادة الجنود الأمريكيين إلى بلدهم
وعدم الانغماس فى حروب لا طائل من ورائها، ومن ثم أخذت الاتصالات مع حركة طالبان
الأفغانية منحنى جديدا تحدوه رغبة حقيقية من الجانب الأمريكى فى التوصل إلى اتفاق سلام بينهما،
وقامت بعض الدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية بدور الوسيط ومن بينها قطر وباكستان
وغيرهما إلى أن تم التوصل إلى صياغة اتفاق سلام بين أمريكا وحركة طالبان جرى توقيعه
يوم 29 فبراير 2020 فى الدوحة ــ قطر بحضور وزير الخارجية الأمريكية بومبيو
وممثلى 18 دولة وبعض المنظمات الإقليمية والدولية، وقد وقع الاتفاق نيابة عن الولايات
المتحدة السفير/ زلماى خليل زاد، المبعوث الأمريكى الخاص لأفغانستان وسفيرها السابق فى كابول،
وعن طالبان الملا/ عبد الغنى بارادار.
*
وقد اشتمل الاتفاق على ثلاثة أجزاء: تناول الجزء الأول بصورة أساسية التزامات الولايات المتحدة الأمريكية
وحلفائها فى أفغانستان، وأول هذه الالتزامات سحب قواتها العسكرية وحلفائها، بما فى ذلك جميع
الموظفين المدنيين غير الدبلوماسيين، ومتعاقدى الأمن الخاص، والمدربين، والمستشارين، وموظفى
خدمات الدعم، على أن يتم ذلك خلال 14 شهرا، وعلى أن يتم خلال 135 يوما من توقيع الاتفاق
(أى أربعة أشهر ونصف الشهر) خفض عدد القوات الأمريكية فى أفغانستان من نحو 14 ألف
فرد إلى نحو 8600 فرد، مع تخفيض نسبى لقوات حلفائها الموجودة فى أفغانستان
والبالغ عددها نحو 8673 فردا.
هذا ويلاحظ على هذا البند من الاتفاق تحديد توقيتات لانسحاب القوات الأمريكية والتزام
واشنطن بالبدء فورا فى العمل مع جميع الأطراف ذات الصلة على خطة للإفراج بسرعة
عن المقاتلين والسجناء السياسيين فى أفغانستان لبناء الثقة بالتنسيق بين جميع الأطراف المعنية،
وإطلاق سراح نحو خمسة آلاف سجين من طالبان، ونحو ألف سجين من الجانب الآخر
بحلول 10 مارس 2020، وإطلاق سراح السجناء الباقين خلال الأشهر الثلاثة التالية لتوقيع الاتفاق.
وقد صرح رئيس جمهورية أفغانستان أشرف غنى، بأن حكومته لم تقدم أى تعهد بالإفراج
عن 5 آلاف معتقل من طالبان، وإن هذا الموضوع سيجرى تناوله فى المفاوضات التى ستجرى بين
الحكومة وحركة طالبان، ولن يكون شرطا مسبقا للمفاوضات. وتصر طالبان على أن يكون
الإفراج عن المعتقلين قبل بدء المفاوضات مع الحكومة التى لم تعترف بها وتتهمها بتزوير الانتخابات الأخيرة.
وقد نص الاتفاق على تعهد طالبان بأن يلتزم سجناؤها المفرج عنهم بالمسئوليات المنصوص
عليها فى الاتفاق، ولا يشكلون تهديدا لأمن الولايات المتحدة وحلفائها. وأن واشنطن بالتزامن مع بدء
المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان ستبدأ التواصل الدبلوماسى مع الأعضاء
الآخرين فى مجلس الأمن الدولى والحكومة الأفغانية لإزالة أسماء عناصر طالبان من لائحة العقوبات
على أن يتحقق ذلك بحلول 29 مايو 2020. كما أنه على الولايات المتحدة الامتناع هى وحلفاؤها
عن التهديد باستخدام القوة، أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية والاستقلال السياسى لأفغانستان،
أو التدخل فى شئونها الداخلية.
ويتضمن الجزء الثانى من الاتفاق التزام طالبان باتخاذ خطوات عقب توقيع الاتفاق لمنع أى جماعة أو فرد،
بما فى ذلك تنظيم القاعدة، من استخدام أراضى أفغانستان لتهديد أمن الولايات المتحدة وحلفائها،
وعدم السماح لأى من أفراد طالبان أو جماعات أخرى فى أفغانستان من تهديد أمن الولايات المتحدة
وحلفائها، ومنعهم من التجنيد، والتدريب، وجمع الأموال، ولن تستضيفهم وفقا للالتزامات الواردة فى الاتفاق.
كما تلتزم طالبان بالتعامل مع طالبى اللجوء أو الهجرة، أو الإقامة فى أفغانستان وفقا لقانون الهجرة الدولى،
والالتزامات الواردة فى الاتفاق، بحيث لا يشكل هؤلاء الأشخاص تهديدا لأمن الولايات المتحدة وحلفائها.
أما الجزء الثالث من الاتفاق فإنه بموجبه ستطلب واشنطن من مجلس الأمن الدولى الموافقة على الاتفاق
واعتماده. وأن تسعى الولايات المتحدة وطالبان لإقامة علاقات إيجابية مع بعضهما،
ويتوقعان أن تكون العلاقات بين واشنطن والحكومة الأفغانية الاسلامية الجديدة التى سيحددها
الحوار والمفاوضات بين الأفغان، وستسعى واشنطن إلى التعاون الاقتصادى من أجل إعادة الإعمار
مع الحكومة الجديدة، ولن تتدخل فى شئونها الداخلية.
*
هذا ويلاحظ على الاتفاق ما يلى:
• إنه بين طالبان والإدارة الأمريكية، وقد أشير فيه إلى نظام الحكم الأفغانى الحالى بالأطراف المعنية،
وهو ما يعنى أن دور الحكومة الأفغانية فى الاتفاق هامشى ومتضمن بحكم الضرورة فى الدور الأمريكى
ولعل هذا ما جعل الحكومة الأفغانية تشدد وترفض فرض شروط من جانب طالبان قبل بدء المفاوضات.
• إن ذكر الحكومة الأفغانية الإسلامية الجديدة تعنى أن تشكيلة النظام الأفغانى الحالى ستتغير
وستضطلع طالبان بدور رئيسى وفعال فى تحديد معالم هذا النظام الجديد ومن ثم كان الحرص على
تكرار عدم تدخل الولايات المتحدة فى الشئون الأفغانية الداخلية وترك توازنات القوى هى التى تحدد
نتائج المفاوضات فيما بين الأفغان أنفسهم.
وقد أيد حلف الناتو الاتفاق وكان سكرتيره العام حاضرا مرا |