وهو المصلى المسقوف الذي تعلوه قبّة رصاصية، والواقع في
جنوبيّ المسجد الأقصى في جهة القِبلة، ومن هنا جاءت تسميته بـ «القِبلي».
ويُعتبر هذا الجامع المصلّى الرئيس الذي يخطب فيه الخطيب في صلاة الجمعة،
كما أنّه يُعتبر المصلّى الرئيس للرجال داخل المسجد الأقصى حيث يقف الإمام،
وحيث يوجد المحراب والمنبر الرئيسان. والبناء الحالي يعود للعصر الأموي،
حيث بَدأ العمل على تجديد بناءه الخليفة عبد الملك بن مروان، وأتمّه ابنه
الخليفة الوليد بن عبد الملك بين عامي 86 هـ-96 هـ الموافق 705-714م، وكان
في الأصل مكونًا من 15 رواقًا، ثم أًعيد ترميمه بعد تعرّضه لزلازل أدّت
لتصدّعه، واختُصِرت أروقته في عصر الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله
إلى 7 أروقة، وفي وقتنا الحالي يتكوّن من رواق كبير في الوسط و3 أروقة في
كل جانب. وللجامع قبّة مرتفعة داخلية مصنوعة من الخشب، تعلوها القبّة
الرئيسة الخارجيّة والمُغطّاة بألواح الرصاص. وتبلغ مساحة الجامع حوالي 4
دونمات، طوله 80م وعرضه 55م، على اختلاف يسير بين طول ضلعه الشرقي والغربي،
وله 11 بابًا، ويتّسع إلى حوالي 5500 مصلّ.
وكان أوّل من بناه هو عمر بن الخطاب عند الفتح الإسلامي عام 15 هـ، وذلك
بعد أن استشار كعب الأحبار في مكان بناء المسجد، فأشار عليه في مكان
الصخرة، فرفض ذلك عمر وقال: «بل نجعل قبلته صدره كما جعل رسول الله صَلَّى
الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبلة مساجدنا صدورنا»، وكان بناؤه من الخشب، وكان
يتّسع حوالي 1000 مصلّ، ثمّ جدّده الخليفة معاوية بن أبي سفيان، فصار يتّسع
حوالي 3000 مصلّ. وعندما سيطر الصليبيون على القدس قسّموا الجامع القبلي
إلى ثلاثة أقسام: أحدها تحوّل إلى مكاتب، والآخر إلى سكن لفرسان المعبد،
والثالث إلى كنيسة، وبقي الأمر كذلك حتى عهد صلاح الدين الأيوبي فرمّم
المسجد عام 538 هـ الموافق 1187، ثم توالت الترميمات في عصر الدولة
المملوكية والدولة العثمانية لاحقًا. وفي العصر الحديث، وبعد احتلال اليهود
لفلسطين، بقي الجامع القبلي تحت تهديد اليهود، فعمدوا إلى أعمال حفر تحت
أغلب الجدار الجنوبي للمسجد وتحت أساسات الجامع القبلي كلها مما هدّدت
أساساته، كما تعرّض الجامع القبلي لحريق مفتعل وذلك يوم 21 أغسطس 1969 على
يد مايكل دينس روهن، فاحترق منبر نور الدين زنكي، وامتد الحريق ليشمل أغلب
الأروقة الثلاثة الشرقية، بالإضافة إلى سقفه الخشبي.
وفي يناير 2007، ذكر عدنان الحسيني – رئيس دائرة الأوقاف الإسلامية
أنه سيجري تركيب منبر جديد؛ وقد جرى تثبيته في
فبراير 2007. كما أن تصميم المنبر الجديد هو من تصميم جمال بدران استناداً
إلى نسخة طبق الأصل من منبر صلاح الدين الأيوبي، وقد عمل عليه بدران مدة
خمس سنوات. المنبر نفسه جرى بناؤه في الأردن في مدة أربع سنوات، واستخدم
الحرفيين أساليب النجارة القديمة لبنائه، واستعمل قطع من أوتاد بدلاً من
المسامير لتثبيته
|